انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > القرآن الكريم

القرآن الكريم [أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوبٍ أقفالها] .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #37  
قديم 05-23-2013, 11:05 PM
صابر عباس حسن صابر عباس حسن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

أنبياء الله في القرآن العظيم
(موسى عليه السلام)
وبعض آيات من سورة القصص
(4)

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (14)

********

مرحلة الشباب

وبلوغ الأشد اكتمال القوى الجسمية . والاستواء اكتمال النضوج العضوي والعقلي . وهو يكون عادة حوالي سن الثلاثين . فهل ظل موسى في قصر فرعون , ربيبا ومتبنى لفرعون وزوجه حتى بلغ هذه السن ? أم إنه افترق عنهما , واعتزل القصر ,

وترد آيات سورة الشعراء على هذا التسائل :

قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ -18 وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ – 19

قال فرعون لموسى ممتنًا عليه : ألم نُرَبِّك في منازلنا صغيرًا , ومكثت في رعايتنا سنين من عُمُرك وارتكبت جنايةً بقتلك رجلًا من قومي حين ضربته ودفعته , وأنت من الجاحدين نعمتي المنكرين ربوبيتي ؟

********

وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ, فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ ,فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ, قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ - 15

قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ - 16 قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ -17


********
جاء في تفسير الجلالين

﴿ودخل﴾ موسى ﴿ المدينة ﴾ مدينة فرعون وهي منف بعد أن غاب عنه مدة ﴿ على حين غفلة من أهلها ﴾ وقت القيلولة ﴿ فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته ﴾ أي من بني إسرائيل ﴿ وهذا من عدوه ﴾ أي قبطي يسخره ليحمل حطبا إلى مطبخ فرعون.
﴿ فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه ﴾ فقال له موسى خل سبيله..
فقيل إنه قال لموسى لقد هممت أن أحمله عليك..
﴿ فوكزه موسى ﴾ أي ضربه بجمع كفه وكان شديد القوة والبطش ﴿ فقضى عليه ﴾ أي قتله ولم يكن يقصد قتله ودفنه في الرمل..
﴿ قال هذا ﴾ أي القتل ﴿ من عمل الشيطان ﴾ المهيج غضبي ﴿ إنه عدو ﴾ لابن آدم ﴿ مضل ﴾ له ﴿ مبين ﴾ بين الإضلال..

********

ثم استطرد موسى عليه السلام في فزع مما دفعه إليه الغضب , يعترف بظلمه لنفسه أن حملها هذا الوزر , ويتوجه إلى ربه , طالبا مغفرته وعفوه:

( قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ ). .

واستجاب الله إلى ضراعته , وحساسيته , واستغفاره:

( فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ). .

وكأنما أحس موسى بقلبه المرهف وحسه المتوفز في حرارة توجهه إلى ربه , أن ربه غفر له .
والقلب المؤمن يحس بالاتصال والاستجابة للدعاء , فور الدعاء , حين يصل إرهافه وحساسيته إلى ذلك المستوى ; وحين تصل حرارة توجهه إلى هذا الحد . . وارتعش وجدان موسى - عليه السلام - وهو يستشعر الاستجابة من ربه , فإذا هو يقطع على نفسه عهدا , يعده من الوفاء بشكر النعمة التي أنعمها عليه ربه :

( قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِّلْمُجْرِمِينَ ). .

فهو عهد مطلق ألا يقف في صف المجرمين ظهيرا ومعينا . وهو براءة من الجريمة وأهلها في كل صورة من صورها . حتى ولو كانت اندفاعا تحت تأثير الغيظ , ومرارة الظلم والبغي . ذلك بحق نعمة الله عليه في قبول دعائه ; ثم نعمته في القوة والحكمة والعلم التي آتاه الله من قبل . وهذه الإرتعاشة العنيفة , وقبلها الإندفاع العنيف , تصور لنا شخصية موسى - عليه السلام - شخصية انفعالية , حارة الوجدان , قوية الاندفاع . وسنلتقي بهذه السمة البارزة في هذه الشخصية في مواضع أخرى كثيرة .

*******

اليوم التالي

فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ – 18

ومر يوم وأصبح في المدينة خائفا من انكشاف أمره , يترقب الافتضاح والأذى .
ولفظ ( يترقب ) يصور هيئة القلق الذي يتلفت ويتوجس , ويتوقع الشر في كل لحظة . . وهي سمة الشخصية الانفعالية تبدو في هذا الموقف كذلك . والتعبير يجسم هيئة الخوف والقلق بهذا اللفظ , كما أنه يضخمها بكلمتي ( في المدينة ) فالمدينة عادة موطن الأمن والطمأنينة , فإذا كان خائفا يترقب في المدينة , فأعظم الخوف ما كان في مأمن ومستقر !

وحالة موسى هذه تلهم أنه لم يكن في هذا الوقت من رجال القصر . وإلا فما أرخص أن يزهق أحد رجال القصر نفسا في عهود الظلم والطغيان ! وما كان ليخشى شيئا فضلا على أن يصبح ( خائفا يترقب ) لو أنه كان ما يزال في مكانه من قلب فرعون وقصره .

وبينما هو في هذا القلق والتوجس إذا هو يطلع : ( فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه ) !

إنه صاحبه من بني إسرائيل الذي طلب بالأمس نصرته على القبطي . إنه هو مشتبكا مع قبطي آخر ; وهو يستصرخ موسى لينصره ; ولعله يريد منه أن يقضي على عدوهما المشترك بوكزة أخرى !

ولكن صورة قتيل الأمس كانت ما تزال تخايل لموسى . وإلى جوارها ندمه واستغفاره وعهده مع ربه . ثم هذا التوجس الذي يتوقع معه في كل لحظة أن يلحقه الأذى . فإذا هو ينفعل على هذا الذي يستصرخه , ويصفه بالغواية والضلال:

قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ.

غوي بعراكه هذا الذي لا ينتهي واشتباكاته التي لا تثمر إلا أن تثير الثائرة على بني إسرائيل . وهم عن الثورة الكاملة عاجزون , وعن الحركة المثمرة ضعفاء . فلا قيمة لمثل هذه الاشتباكات التي تضر ولا تفيد .
ولكن الذي حدث أن موسى - بعد ذلك - انفعلت نفسه بالغيظ من القبطي , فاندفع يريد أن يقضي عليه كما قضى على الأول بالأمس !
ولهذا الاندفاع دلالته على تلك السمة الانفعالية التي أشرنا إليها , ولكن له دلالته من جانب آخر على مدى امتلاء نفس موسى - عليه السلام - بالغيظ من الظلم , والنقمة على البغي , والضيق بالأذى الواقع على بني إسرائيل .

فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ – 19

لقد طال الظلم ببني إسرائيل , فضاقت به نفس موسى - عليه السلام - حتى رأيناه يندفع في المرة الأولى

ويندم , ثم يندفع في المرة الثانية لما ندم عليه حتى ليكاد يفعله , ويهم أن يبطش بالذي هو عدو له ولقومه .
لذلك لم يتخل الله عنه , بل رعاه , واستجاب له , فالله العليم بالنفوس يعلم أن للطاقة البشرية حدا في الاحتمال . وأن الظلم حين يشتد , وتغلق أبواب النصفة , يندفع المضطهد إلى الهجوم والاقتحام . فلم يهول في وصف الفعلة التي فعلها موسى , كما تهول الجماعات البشرية التي مسخ الظلم فطرتها بإزاء مثل هذا العمل الفطري مهما تجاوز الحدود تحت الضغط والكظم والضيق .

ويبدو أن رائحة فاحت عن قتيل الأمس , وأن شبهات تطايرت حول موسى . لما عرف عن كراهيته من قبل لطغيان فرعون وملئه , إلى جانب ما يكون قد باح به صاحبه الإسرائيلي سرا بين قومه , ثم تفشى بعد ذلك خارج بني إسرائيل .

فلما أراد موسى أن يبطش بالقبطي الثاني واجهه هذا بالتهمة , لأنها عندئذ تجسمت له حقيقة , وهو يراه يهم أن يبطش به , وقال له تلك المقالة : ( أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ? ).
أما بقية عبارته: ( إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين ). . فتلهم أن موسى كان قد اتخذ له في الحياة مسلكا يعرف به أنه رجل صالح مصلح , لا يحب البغي والتجبر . فهذا القبطي يذكره بهذا ويوري به ; ويتهمه بأنه يخالف عما عرف عنه . يريد أن يكون جبارا لا مصلحا , يقتل الناس بدلا من إصلاح ذات البين , وتهدئة ثائرة الشر . وطريقة خطابه له وموضوع خطابه , كلاهما يلهم أن موسى لم يكن إذ ذاك محسوبا من رجال فرعون . وإلا ما جرؤ المصري على خطابه بهذه اللهجة ,

والظاهر أن موسى لم يقدم على ضربه بعد إذ ذكره الرجل بفعلة الأمس , وأن الرجل أفلت لينهي إلى الملأ من قوم فرعون أن موسى هو الذي قتل القبطي بالأمس..

*******
كانت مصادر تفسير هذا اللقاء :
(في ظلال القرآن) (التفسير الميسر) (تفسير السعدي) (تفسير الجلالين)


*******
وإلى الملتقى إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 06:13 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.