حديث (وا رأساه)واستدل به البخاري على الترخيص بذلك دون كراهة

[أم عبد الله]

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحديث‏:‏
(حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَبُو زَكَرِيَّاءَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ وَا رَأْسَاهْ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرَ لَكِ وَأَدْعُوَ لَكِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ وَا ثُكْلِيَاهْ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي وَلَوْ كَانَ ذَاكَ لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّساً بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ لَقَدْ هَمَمْتُ أَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ ثُمَّ قُلْتُ يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ)رواه البخاري


المعنى العام للحديث :

رجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من جنازة من البقيع ،فوجد أمنا عائشة

(رضى الله عنها )تمسك برأسها من الصداع وهي تقول : (وا رأساه) كأني

سأموت من هذا الألم فقال (صلى الله عليه وسلم ): ما يضرك شيء لو مت

قبلي فأكفنك واصلي عليك وأدفنك ،وأستغفر لك وأدعو لك ،وفهمت أمنا عائشة

بدافع الغيرة أن الرسول (صلى الله عليه وسلم)يحب موتها قبله فقالت :

والله إني بعد كلامك هذا لأظن أنك تتعجل موتي ،وأتصور أنك ترجع من دفني

إلى بيتي متزوجا بغيري وتنساني في نفس اليوم ،فتبسم رسول الله

(صلى الله عليه وسلم)وقال :(بل أنا وا رأساه):أي دعي ما تحسين من ألم.

واشتغلي بي ،فإنك -يعلم الله- لن تموتي في هذه الأيام ،أما أن فموتي قريب

قربا جعلني أفكر في خليفتي فهممت أن أرسل إلى أبي بكر لأعهد إليه بالخلافة

خشية أن يتقاتل عليها المسلمون ويطمع فيها المتمنون ، ولكني رجعت فيما

هممت به ،وقلت : لا داعي لهذا العهد ، فإن الله قضى لأبي بكر

(رضى الله عنه)بالخلافة وسيرد المسلمون من يتقدم لها غيره ، عهدت أو

لم أعهد فآثرت أن يختار المسلمون خليفتهم ليؤجروا .


فقه الحديث :

ذكر البخاري هذا الحديث تحت عنوان (باب قول المريض وا رأساه) واستدل

به على الترخيص للمريض بأن يقول ذلك دون كراهة وأشار بذلك إلى الرد

على من كره أنين المريض وتأوهه ، والتحقيق في الموضوع أن المذموم من

ذلك ذكره للناس تضجرا أو تسخطا ،وأما من أخبر به إخوانه ليدعوا له بالشفاء

والعافية ،أو كان أنينه وتأوهه للاستراحه فليس ذلك من قبيل الشكوى المذمومة .


وسبب تراجع الرسول (صلى الله عليه وسلم)عما هم به من العهد سيدنا

أبي بكر (رضى الله عنه) بالخلافة مع أن هذا العهد قاطعا للنزاع لأنه علم

بطريق الوحي حصول الخلافة لأبي بكر (رضى الله عنه)،وتشريعا لمبدأ

المشورة بينهم ،وترغيبا في جعل الخلافة عن طريق الانتخابات لا عن طريق

التعيين ،وليحصل المسلمون أجر اجتهادهم ،واختيارهم لمن يعهد بالخلافة وترك

الأمر لهم ،ويروى الحديث بلفظ (لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر أو آتيه)

من الإتيان بمعنى المجيء فلا ذكر لابن أبي بكر .

من كتاب المنهل الحديث :للدكتور موسى شاهين لاشين رحمه الله

والحمد لله رب العالمين .