Untitled-2
 

 
 
 
العودة   منتديات الحور العين > .:: المجتمع المسلم ::. > رَوْضَــــةُ الأَخَــــوَاتِ > دروس غـرفة الأخوات
 
 

دروس غـرفة الأخوات يُدرج فيه دروس " العقيدة - الحديث - التفسير - التجويد - اللغة العربية " كتابة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-09-2010, 09:38 PM
أم أيمن أم أيمن غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




Ramadhan05 تفريغ المحاضرة التاسعة / تفسير سورة الفاتحة

 


إنَّ الحمدَ للهِ نحمدهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيئَاتِ أَعْمالِنَا ، مَنْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لهُ , وَمَنْ يُضْلل فَلا هادي لهُ ، وأشْهَدُ أَنْ لاإله إِلا الله وَحَدهُ لا شَرِيكَ له , وأشْهَدُ أنَّ مُحَمداً عَبدُه وَرَسُولهُ .
اللهم صلِّ وسَلِمْ وبَارِكْ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ , ومَنْ تَبِعَهمْ بإحسان إلى يومِ الدينِ .
أمابعد...
فإنَ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله , وخيرَ الهديِّ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم , وشَرَّ الأمورِ مُحْدَثاتُهَا , وكُلَّ مُحدثةٍ بِدْعَة ,وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَة وكُلَّ ضلالةٍ فِي النَّار .
مَازِلنَا نَعِيشُ فِي رِحَابِ سورةِالفاتحةِ , السبعِ المثاني والقرآنِ العظيمِ الذّي أُوتِيَهُ النبيُ صلى الله عليه وسلم .
)اهدِنَـا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (
لما تقـدم الثناء على الله تبارك وتعالى بقوله الحمد لله رب العالمين ثم إخلاص العبادة له وتمام التفويض إليه بقوله إياك نعبد وإياك نستعين نَاسب أن يعقِّب الثناء بالسؤال،وهذا أكملُ أحوالِ السائل أن يمدح مسئولـه بـما هو أهلُه ثم يسأل حاجته. علم الله تبارك وتعالى أن حاجة العباد إلى الهداية أشد من حاجتهم إلى الماءوالهواء , ولهذا أرشدالعباد الى هذا الدعاء لأنه الأكمل ففرض عليهم فرضاً في كل ركعة من ركعات الصلاة أن يسألوه هذا السؤال)اهدِنَـا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ( أي: دلنا وأرشدنا, ووفقنا إلى الصراط المستقيم, وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله, وإلى جنته, وهو معرفة الحق والعمل به, فاهدنا إلى الصراط واهدنا في الصراط. فالهداية إلى الصراط, لزوم دين الإسلام, وترك ما سواه من الأديان. والهداية في الصراط, تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علما وعملا. فهذا الدعاء, من أجمع الأدعية, وأنفعها للعبد ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته, لضرورته إلى ذلك.
ما سر تأخير الدعاء بعد الحمد والثناء ؟
لما تقدم الثناء على المسؤول،تبارك وتعالى، ناسب أن يعقب بالسؤال؛ كما قال تعالى في الحديث القدسي : "فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ماسأل" وهذا أكمل أحوال السائل، أن يمدح مسؤوله، ثم يسأل حاجته وحاجة إخوانه المؤمنين بقوله: { اهدنا } ، لأنه أنجح للحاجة وأنجع للإجابة، ولهذا أرشدالله تعالى إليه لأنه الأكمل.
وقد يكون السؤال بالإخبار عن حال السائل واحتياجه،كما قال موسى عليه السلام: ) رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ( [القصص: 24]. وقد يتقدمه مع ذلك وصف المسؤول، كقول ذي النون: )لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ( [الأنبياء: 87
ما هو الصراط المستقيم ؟
( الصراط المستقيم ) اختلف في المراد بالصراط المستقيم: فقيل: هو الإسلام. وقيل : هوالإيمان وقيل : هو القرآن . وقيل : محمد e وصاحباه . وقيل : هو العمل الصالح وهو الحق الذي لا يقبل اللّه من عبادهِ غيره , ولا تعارض بين هذه الأقوال , فمَن هداه الله للإسلام ,حبَّب إليه الإيمان , وأعانه على العمل بالقرآن .
قال ابن كثير : وكل هذه الأقوال صحيحة وهي متلازمة .
وقال الشوكاني : وجميع ما روي في تفسير هذه الآية يصدق بعضه بعضاً ، فإن من اتبع الإسلام أو القرآن أو النبي فقد اتبع الحق ..
فالصراط المستقيم يتمثل في إفراد الله بالعبادة ,ولذلك يقول الله تعالى للذين عبدوا غيره , يقول لهم يومالقيامة )أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ 59 وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ(يس60 فمن عبد الله وحده لم يشرك به شيئا , فهوعلى صراط مستقيم.

{ الصراط } فيه قراءتان: بالسين: {السراط} ، وبالصاد الخالصة: { الصراط }؛ والمراد بـ{ الصراط } الطريق؛ الطريق الواسع الذي يسير عليه الناس، ولكن الصراط هنا طريق معنوي؛ يعني أن الناس يسيرون عليه بأعمالهم؛ وُصف بأنه صراط يعني: طريق واضح يسيرالناس عليه فمن سار على هذا الطريق المستقيم نجا ومن أخطأه ضل.

ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- له مثلا فخط خطا طويلا مستطيلا، ثم خط عن يمينه خطوطا وعن شماله خطوطا صغيرة،وقال هذه السبل وعلى راس كل سبيل شيطان يدعو إليه. وقال عن الخط الوسطي المستطيل: هذا صراط الله؛ الطريق الذي يوصل إلى الجنة، لا يوجد إلا دين واحد، طريق واحد يوصل إلى مرضاة الله سبحانه وتعالى. خط مستقيم لا يحتمل التعدد. وهذه الطرق الملتوية هذه سبل الشيطان، الطرق التي يدعو إليها الشيطان؛ يعني هذا شيطان يدعو إلى التهود، وهذا يدعو إلى النصرانية، وهذا يدعو إلى الوثنية، وهذا يدعو إلى الشيوعية، وهذا مثلا يدعو إلى عقيدة الجهمية، وهذا يدعو إلى بدعة المعتزلة، وهذا يدعو إلى التصوف...ووو.. يعني: طرق ملتوية من هنا، ومن هنا؛ من سلك واحدا منها هلك، وإذا سار على الصراط المستقيم نجا، فإنه صراط مستقيم ليس فيه اعوجاج، وليس فيه ميلان، فالطريق كلما كان مستقيما ليس فيه انحراف ولا ميل؛ كان موصل لسالكه سريعا، وأما إذا صار فيه اعوجاجات فإنه يطول السير فيه؛ فالله وصف هذا الصراط بأنه مستقيم؛ أي: مستمر يوصل إلى الجنة. ونحن نقول في الهندسة أن الخط المستقيم هو أقصر بُعد بين نقطتين. فكأن المسلم يدعو الله سبحانه وتعالى أن يجعله في أقرب الطرق وهو (الصراط المستقيم) .

فمعنى)اهدِنَـا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ( أي يا رب دُلَّنـاعلى طريق الحق الطريق المستقيم الذي لا اعوجاج فيه..ووَفِّقْنا لِسُلوكه لنَنْجُوَ من عذابك ونفوز برضاك ,ثبتنا على ما هديتنا وزدنا هدى, لأن ما فات العبد من الهداية أضعاف أضعاف ما حصَّلهُ منها ؛ولذلك قال تعالى )وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى(مريم من الآية 76 وقال)وَالَّذِينَ اهْتَدَوْازَادَهُمْ هُدًى(محمد من الآية17 وقال)إِنَّالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ( يونس من الآية 9, والدعاء هنا المقصود به الثَّبات والمُدَاوَمَة على الحق .

والهداية معرفـة الحق والعمـل به ,فلا يكفي معرفة الحق دون العمل به, فالكثير من الناس يعرفون الحق ولا يعملون به، واليهود يعرفون صدق محمد e ولم يتبعوه.


تكتب إهنا بكسر الهمزة إهدِنَـا نرى ,بعض العوام قد يفتح الهمزة من إهدنا فيقول: أهدنا، أهدنا هذه خطأ؛ وذلك لأنه إذا قال أهدنا فمعناه أعطنا هدية؛ وهذا يغير المعنى، لأن إهدنا يعني: دلنا، وأرشدنا، ووفقنا إلى الصراط المستقيم، الاهتداء معناه بيان الحق يعني: بين لنا الحق، وأعنا، ووفقنا حتى نسير عليه، ونتمسك به.

والمراد بـ "الهداية" هداية الإرشاد، وهداية التوفيق؛ فالعبد بقوله: { اهدنا الصراط المستقيم } يسأل الله تعالى علماً نافعاً، وعملاً صالحاً.
أنواع الهداية
1- أولها : الهداية العامة المذكورة في قوله تعالى )سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى{1} الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى( الأعلى .
والمذكورة في قوله تعالى)قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى{49} قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى(50 طه
هذه الهداية سماها العلماء الهداية العامة , " الهداية بالفطرة " ؛ الهداية العامة التي هدى الله بها كل خلقه, هذا الطفل الوليد ساعة ولادته يبحث عن ثدي أمه , فإذا وجده التقمه , لماذا لايلتقم يدها مثلا, وهذه النملة , من هداها إلى هذا النظام الدقيق في حياتها ؟وهذه النحلة , من هداها إلى هذا النظام الدقيق في حياتها ؟ إنها الهداية العامة التي هدى الله بها كل خلقه .
2- النوع الثاني من الهداية : هداية البيان والإرشاد والتعليم .وهذه وظيفة الأنبياء والمرسلين وأتباعهم ,كما قال تعالى لنبيه عليه الصلاةوالسلام )إِنَّمَاأَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ(الرعد7وقال تعالى )وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى(فصلت17
هذه الهداية , هداية البيان والإرشاد , وهي التي قال الله تبارك و تعالى فيها للنبي عليه الصلاة و السلام)وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ( الشورى من الآية 52 . في حين أنه نفى عنه هداية فقال)إِنَّكَ لَاتَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ( القصص من الآية 56 .
فلا شك أنالهداية المثبتة غيرالهداية المنفية ؛الهداية المثبتة : هي هداية البيان والإرشاد والدلالة والتعليم )وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ فتهدي يعني: لتدل وترشد إلى صراط مستقيم بأبلغ أنواع الدلالة، وأبلغ أنواع الإرشاد، الدلالة والإرشاد المؤيدان بالمعجزات والبراهين،(هذه هداية الدعوة ,كماقال الله تعالى)وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (المؤمنون 73
أما الهدايةالمنفية )إِنَّكَ لَاتَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وََلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ( فهي هداية التوفيق .
وسبب نزول هذهالآية في نفي الهداية عنه , صلى الله عليه وسلم ؛أنه دخل على عمه أبي طالب وهو في آخر حياته وعنده أبو جهل وعبد الله بن أمية , فعرض عليه "لا إله إلا الله" قال : يا عمي قل لا إله إلا الله ,كلمة أحاجُّ لك بها عند الله ,فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فأبى أن يقول لا إله إلا الله , وكان آخر كلامه بل على ملة عبد المطلب ؛ أي : مات على الشرك . فحزن النبي صلى الله عليه وسلم لذلك وقال : والله يا عمي لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنذلك , فنهاه الله عن الاستغفار فقال)مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْكَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ(التوبة113

3 - هداية التوفيق ؛ وهي : خلق قدرة الطاعة , وهذه إلى الله تبارك وتعالى كما قال ) لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ( البقرة 272


4- والهداية الرابعة : تكون في الآخرة , وهي هداية أهل الجنة إلى الجنة , وهداية أهل النار إلى النار,قال الله تعالى )وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُم ْ4 سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ{5} وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ{6} (( محمد( يهديم بعد ما قتلوا ؛ أي في الآخرة . يهديهم الله تعالى إلى منازلهم في الجنة , فَلَهُمْ بمنازلهم في الجنة أعرف منهم بمنازلهم في الدنيا . إذا انصرفوا من صلاة الجمعة ؛ ( عندما يجتمع الناس لصلاة الجمعة , ثم ينصرفون كلٌّ إلى بيته ,لايضلُّ أحد عن بيته ) ,كذلك يوم القيامة , يوم يؤذن لأهل الجنة بدخولها ,كلٌّ منهم يدخل داره , الله يهديهم إليها.


وقال تعالى ) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (لصافات23


فالهداية أربعة أنواع . والهداية المسئولة المنشودة بهذا السؤال ) اهدِنَـا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ( المراد بها هداية التوفيق .


كيف نحصَّل على هداية التوفيق ؟

1.إن الله تبارك وتعالى جعل قبول هداية الإرشاد والتعليم , سببا لهداية التوفيق؛ أي جعل طاعة الرسول واتِّباعه , سببا للزيادة من الهداية ؛ ولذلك قال الله تعالى ) وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( من الآية 158 الأعراف .
وقال ) وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ( النور 54 فمِن أعظم أسباب الهداية ( هداية التوفيق) طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه .ويتضح من ذلك أن الضلالة سببها مخالفة أمر الرسول وعصيانه ولذلك قال الله تعالى ) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ( الأحزاب من الآية 36 وقال لنبيه عليه الصلاة والسلام )فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(القصص50
فالهداية سببها طاعة الرسول واتباعه , والضلالة سببها الإعراض عن الرسول ومخالفة أمره ,ولذلك روى مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال" من سرَّه أن يلقى الله تعالى غدا مسلما , فليحافظ على هؤلاء الصلوات( أي في المساجد ) حيث يُنادى بهن فإن الله تعالى شرع لنبيكم سنن الهدى , وإنهن ( أي الصلوات في الجماعة ) من سنن الهدى ,ولو أنكم صلَّيتم في بيوتكم ,كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم" وماذا يحدث لو تركنا السنة ؟ مفهومُ الخلَفِ غيرُ مفهومِ السلف ؛ مفهوم الخلف أن ترك السنَّة أمر سهل جدا , ولا يوجد مشكلة في تركها , أما مفهوم السلف فهو أن ترك السُّنَّة مصيبة .وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف .


يقول ابن مسعود : ولو أنكم صليتم في بيوتكم ,كما يصلي هذا المتخلف في بيته, لتركتم سنة نبيكم , ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم .


ومصداق ذلك قوله عز وجل )فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (


كما أن من أسباب التوفيق : الجهاد في سبيل الله ؛ قال الله تعالى ) َالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ( من الآية 69 العنكبوت , وليس المراد جهاد السيف وحده , فإن الآية مكية , وهي آخر آية من سورة العنكبوت , فالمراد بذلك : جهاد النفس والشيطان . من جاهد نفسه على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في الدنيا ولا في الآخرة إلا بتعلمه , ثم جاهدها على العمل بهذا العلم , ثم جاهدها على تعليم من يحتاج إلى هذا العلم ثم جاهدها على الصبر على مشاق التعلم والعمل وجاهد الشيطان بإلقاء ما يُلقي من الشبهات والشهوات هداه الله تبارك وتعالى فإن الله تعالى قال )وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (السجدة


ومن أعظم أسباب الهداية الدعاء ) اهدِنَـا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ ( فإن الله تعالى قال في الحديث القدسي "يا عبادي كلكم ضالٌّ إلامن هديته فاستهدونِ أهدكم " . ولذلك علَّم النبي ,صلى الله عليه وسلم ابنه الحسن بن علي أن يقول في دعاء القنوت في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت "وكان عليه الصلاة السلام يقول : اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف الغنى ".

لماذا اختار كلمة الصراط بدلا من الطريق او السبيل؟
الصراط يدل على انه واسع رحب يتسع لكل السالكين (قال الزمخشري في كتابه الكشاف الصراط من صرط كانه يبتلع السبل كلما سلك فيه السالكون وكانه يبتلعهم من سعته). فكلمة الصراط تدل على الاشتمال والوسع هذا في اصل البناء اللغوي .
اما كلمة طريق فهي على وزن فعيل بمعنى مطروق اي مسلوك والسبيل على وزن فعيل ونقول اسبلت الطريق اذا كثرالسالكين فيها لكن ليس في صيغتها ما يدل على الاشتمال.
وردت كلمة الصراط في القرآن مفردة ولم ترد مجتمعة ابداً بخلاف السبيل فقد وردت مفردة ووردت جمعا (سبل) لان الصراط هو الاوسع وهو الذي تفضي اليه كل السبل )فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله( (الانعام 153) ) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ( (المائدة 16) ) والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ( (العنكبوت 69) ) قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة ( (يوسف آية 108) الصراط هو صراط واحد مفرد لانه هو طريق الاسلام الرحب الواسع الذي تفضي اليه كل السبل واتباع غير هذا الصراط ينأى بنا عن المقصود.
قال ابن القيم : وذكر الصراط المستقيم منفرداً ، لأنه صراط واحد ، وأما طرق أهل الغضب والضلال فإنه سبحانه يجمعها ويفردها كقوله ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه . ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) فوحد لفظ الصراط وسبيله ، وجمع السبل المخالفة له .
وقال ابن مسعود ( خط لنا رسول الله e خطاً ، وقال : هذا سبيل الله ، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن يساره، وقال: هذه سبل ، وعلى كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله تعالى (وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)
.
عن أبي بكر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : شيبتني هود و أخواتها قبل المشيب. لأنه فيها (فاستقم كما أُمرت ومن تاب معك) هذه الإستقامة أن يكون الإنسان على الطريق,.
وقال ابن عباس: ما نزل على النبي صلى اللّه عليه وسلم آية كانت أشق ولا أشد من قوله تعالى {فاستقم كما أمرت} ولذلك قال صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه حين قالوا أسرع إليك الشيب قال: شيبتني هود.
فقال المناوي في فيض القدير: "يعني أن اهتمامي بما فيها من أهوال القيامة ، والحوادث النازلة بالأمم الماضية ، أخذ مني مأخذه حتى شبت قبل أوان المشيب خوفاً على أمتي".
والله أعلم.
فوائد ) اهدِنَـا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ (
1- استحباب سؤال الله الهداية دائماً وأبداً ، فإن المسلم محتاج لها .وكان رسول الله e يقول ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) رواه مسلم .
وكان يقول في صلاة الليل ( ... اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) رواه مسلم
وعلم الحسن أن يقول في دعاء قنوت الوتر ( اللهم اهدني فيمن هديت ) رواه أبو داود .وعن علي . قال : قال لي رسول الله e ( قل اللهم اهدني وسددني ) .رواه مسلم
2- يجب على المسلم أن يحذر من أي أمر يعوقـه عن الهداية .
قال ابن القيم : ” ولينظر إلى الشبهات والشهوات التي تعوقه عن سيره على هذا الصراط ، فإنها الكلاليب التي بجنبتي ذاك الصراط ، تخطفه وتعوقه عن المرور عليه “ .
3- نستفيد أن من أسباب الهداية دعاء الله بذلك ، لأن الله أمرنا بذلك بقوله : ( اهدنا الصراط ).
وكان e يقول ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على طاعتك ) ، وهو الرسول e الذي قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر .
4- يستحب للداعي أن يقدم بين دعائه ثناء على الله بالتوحيد والثناء .
قال ابن القيم : ولما كان طلب الهداية إلى الصراط المستقيم أجل المطالب، ونيله أشرف المواهب، علم الله عباده كيفية سؤاله ، وأمرهم أن يقدموا بين يديه حمده والثناء عليه وتمجيده ، ثم ذكر عـبوديتهم وتوحيدهم ، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم ، توسلٌ إليه بأسمائه وصفاته ، وتوسل إليه بعبوديته ، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد معهما الدعاء .
5- أن الطريق الحق المستقيم واحد لا غير كما قال تعالى ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعـوه ) .
.
قال ابن القيم : فمن هدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم ، الذي أرسل به رسله ، وأنزل به كتبه ، هدي هناك إلى الصراط المستقيم ، الموصل إلى جنته ودار ثوابه ، وعلى قدر ثبوت العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار ، يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم ، وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على ذاك الصراط .
6- يجب على المسلم أن يفعل الأسباب التي تعينه على السير على الصراط المستقيم .


وإلى هنانكتفي بهذا القدر , سائلين الله العظيم ,رب العرش العظيم , أنيجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا, ونور صدورنا, وجلاء أحزاننا , وذهاب همومنا وغمومنا . اللهم ذكِّرنا منه ما نُسِّينا , وعلِّمنا منه ما جهلنا, وشفِّعه فينا, واجعله حجة لنا لا علينا, وارزقنا تلاوته آناء الليل , وأطراف النهار لعلك ترضى عنا .
والحمد لله ربِّ العالمين ,وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لااله إلاأنت نستغفرك ونتوب اليك
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-12-2010, 06:36 PM
ليااال ليااال غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي

جزاك الله خيرا

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-22-2010, 08:52 PM
ام عبد القدوس ام عبد القدوس غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

جزاك الله خيرا معلمتنا الفاضلة على هذا التفسير الرائع ووفقنا سبحانه وتعالى لما يحبه ويرضاه وهدانا إلى صراطه المستقيم إنه ولي ذلك والقادر عليه
اللهم إهدينا فيمن هاديت وعافينا فيمن عافيت وقنا واصرف عنا شر ما قضيت

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
/, المحاضرة, التاسعة, الفاتحة, تفريغ, تفسير, سورة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator


الساعة الآن 09:18 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.