انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات العامة ::. > التاريخ والسير والتراجم

التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-20-2013, 04:47 PM
نور الماجد نور الماجد غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 7 ) : الشيخ زيد البحري

 

لمعرفة ذلك :
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 7 )
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
أما بعد ، فيا عباد الله :
مازلنا نشنف الأسماع بذكر السيرة المعطرة الطيبة الطاهرة لسيد الخلق والبشر محمد عليه الصلاة والسلام .
فيما مضى من حديث ، فبعد هجرته عليه الصلاة والسلام قام ببعض الغزوات :
كغزوة العشيرة
وغزوة بواط
وغزوة بدر الصغرى
وبعث بعض السرايا كما سمعتم في الجمعة الماضية ، لكن تلك الغزوات وتلك السرايا لم يوقع الله عز وجل بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش قتالا .
فما كان من قريش إلا أن أمضت قوافلها متجهة إلى الشام ، ومتجهة إلى اليمن ، لكنها زادت من الحراسة ؛ وذلك بعد المناورات اليسيرة التي جرت بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم .
في المقابل كان عليه الصلاة والسلام يستطلع أخبار قوافل وعير قريش
وفي ذات يوم من السنة الثانية من الهجرة إذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يسمع عن قافلة كبيرة قادمة من الشام لقريش عليها أبو سفيان .
فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن أرسل رجلا من الصحابة – كما جاء عند مسلم – واسمه " بسبس بن عمرو " ليستطلع الخبر، فانطلق رضي الله عنه ، ثم عاد ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة القافلة ، وما فيها ، وما تحتويه .
فما كان عليه عليه الصلاة والسلام إلا أن ندب أصحابه المستعدين للخروج ، ولم ينتظر أحدا ليصطاد بغيته من قريش .
فانطلق عليه الصلاة والسلام ، وفي انطلاقه أراد أن يستوثق من الخبر مرة أخرى ، فأرسل طليعة فيها " علي بن الزغباء ، وبسبس بن عمرو الذي أرسله قبل انطلاقه عليه الصلاة والسلام من المدينة ."
فعادا رضي الله عنهما وأخبرا النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر .
وكان عليه الصلاة والسلام قد عيَّن على الصلاة إماما " هو ابن أم مكتوم "
وعيَّن أميرا على المدينة : " أبا لبابة " رضي الله عنه .
فانطلق عليه الصلاة والسلام .
وقد جاء في صحيح البخاري أن عدد من كان معه عليه الصلاة والسلام ثلاثمائة وبضعة عشر( والبضع كما جاء في الحديث من الثلاثة إلى التسعة )
وجاء في رواية مسلم ومعه : " ثلاثمائة وتسعة عشر "
فلعل رواية مسلم تبين ما أُبهم في رواية البخاري.
ولذا جاء عند ابن هشام في السيرة بسند صحيح لابن عباس رضي الله عنهما : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : هذه عير لقريش قد أتت ، وفيها أموالهم ، فلعل الله عز وجل أن ينفلكموها ))
وكان عدد كفار قريش : كما جاء في صحيح مسلم : كان عددهم ألفا ، وكان معهم مئة فارس .
بينما النبي صلى الله عليه وسلم ليس معه إلا فرسان ، ومعه سبعون بعيرا يتعاقب الصحابة رضي الله عنهم عليها : فمرة يمشي بعضهم ، ومرة يركب بعضهم .
فبلغ أبا سفيان ما يريده النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو سفيان خبيرا بالطرق ، فما كان منه إلا أن غيَّر مساره وطريقه ، فغدا بالقافلة إلى الساحل عن طريق البحر.
وندب في قريش يستغيث بهم أن ينقذوا قافلتهم .
فوصل الخبر إلى قريش فقامت صناديدها بأنفة وحمية واستكبار وخرجوا ، وكان عددهم كما سبق ألفا .
فلما بلغ أبو سفيان الجحفة – وهي بين المدينة ومكة – أرسل إلى قريش : أن القافلة قد نجت ، ويطلب منهم أن يعودوا ، وكان يؤكد عليهم أن يعودوا ولا يلتقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، لكن صناديد قريش أبت إلا أن تواجه النبي صلى الله عليه وسلم ـــــــــــ من أجل ماذا ؟
من أجل أن يؤمِّنوا قوافلهم في المستقبل ، ومن أن يبينوا لقبائل العرب أن هيبتهم وقوتهم مازالت موجودة فخرجوا يريدون المواجهة .
فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بخروج قريش.
فإذا بطائفة من المسلمين تحاول أن تثني النبي صلى الله عليه وسلم عن القتال ، فهي لم تخرج لذات القتال ، وإنما خرجت للعير.
فصور الله عز وجل هذا المشهد الحاصل والحوار الدائر بين النبي صلى الله عليه وسلم ، وبين هذه الطائفة المؤمنة في آيات عن غزوة بدر :
قال عز وجل : ((كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ{5} يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ))
وأما رغبة المهاجرين- كما جاء في صحيح البخاري – فكانوا مصرين على أن يواجهوا قريشا ـــــــــــــــ من أجل ماذا ؟
من أجل أن يشفوا غليلهم ، وان يستردوا شيئا من أموالهم التي أخذتها قريش .
فما كان منه عليه الصلاة والسلام إلا أن قال للصحابة : " أشيروا عليّ "
وكان عليه الصلاة والسلام لا يريد المهاجرين ؛ لأنه يعرف رأي المهاجرين .
لكنه يريد الأنصار ـــــــــــــ ولماذا بالذات الأنصار ؟
لأنهم هم الغالبية الكبرى في الجيش هذا أولا .
ثانيا : أن بيعة العقبة التي تحدثت عنها في جمع سالفة قد جرى في محاورها أن الأنصار ينصرون النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقفون معه ، لكن النص الحاصل في بيعة العقبة : أن النصرة إنما تكون داخل المدينة ، وليس خارج المدينة ، وهم الآن خارج المدينة .
ففهمها سعد بن معاذ رضي الله عنه ، وكان لواء الأنصار معه :
فقال رضي الله عنه : كأنك تريدنا يا رسول الله ؟
فقال عليه الصلاة والسلام : أجل .
فما كان من سعد رضي الله عنه إلا أن تحدث بهذه الجمل التي سطرها له التاريخ ، فقال رضي الله عنه : " لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا بأنك على الحق ، وأعطيناك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فوالله لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك وما تخلف رجل منا ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، إننا لصُبرٌ على الحرب ، صُدقٌ عند اللقاء ، فامض لما أمرك الله ، فلعل الله عز وجل أن يريك منا ما تقربه عينك "
فسُر عليه الصلاة والسلام بمقولة سعد بن معاذ – كما أخرجها مسلم في صحيحه .
فقال النبي عليه الصلاة والسلام – كما جاء عند البخاري والنسائي ومسند الإمام أحمد - وصححها ابن كثير رحمه الله :
قال عليه الصلاة والسلام : (( سيروا وأبشروا ، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، فلكأني أنظر إلى مصارع القوم))
وكان عليه الصلاة والسلام قبل أن يلتقي الجيشان قال : (( هذا مصرع فلان -حدد بالاسم- هذا مصرع فلان ، هذا مصرع فلان ))
وهل صُرعوا في هذه الأماكن ؟
سيأتي الحديث عنه إن شاء الله لاحقا
فلما التقى الجيشان وزّعهم النبي عليه الصلاة والسلام ، ووزع أصحابه .
جاء في صحيح مسلم قوله عليه الصلاة والسلام ، قال : (( هذه مكة ، قد ألقت بأفلاذ كبدها إليكم ))
فهذا تأنيس منه عليه الصلاة والسلام لأن العاقبة المحمودة لهم فقال هذه المقولة .
فما كان من قريش إلا أن تنازعوا فيما بينهم ، فقام أحد زعمائهم ، وهو عتبة بن ربيعة ، فأراد أن يثني الجيش عن مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأن بينهم أرحاما موصولة .
لكن أبا جهل خرج بأنفة ، قال تعالى : ((وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ))
هذه في سورة " الأنفال " يصور حقيقة أبي جهل ، ومن معه لما خرجوا يريدون أن يرهبوا النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يبينوا للعرب أنهم على قوة .
فما كان من أبي جهل إلا أن اتَّهم عتبة بأنه جبان يخشى من القتل فأثنى أبو جهل عزيمة ورأي عتبة .
فلما جاء اليوم السابع عشر من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة يصور لنا علي رضي الله عنه ما جرى في تلك الليلة التي تعقب المعركة
فيقول رضي الله عنه : " فأنزل الله عز وجل مطرا ، وأنزل النعاس ، فما من رجل إلا وهو نائم إلا النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي إلى شجرة ويدعو ربه عز وجل قائلا : " اللهم إن تُهلِك هذه العصابة لا تُعبد في الأرض "
والقرآن يصور لنا هذا الأمر :
قال عز وجل – كما في سورة الأنفال - : {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ }
فلما طلع الفجر صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وحرضهم على القتال .
وما جاء في كتب السيرة من قصة الحباب بن المنذر وأنه أشار إلى النبي عليه الصلاة والسلام بأن هذا المكان ليس مكانا للحرب إلا إن كان هناك وحي قد أوحاه الله عز وجل إليه ــــــــــــــ فهذه عند الحاكم ، وحكم عليها الذهبي بالنكارة وضعّف إسنادها ابن كثير رحمه الله بأنها منقطعة
الشاهد من هذا :
أنه لما جاء الصباح نظَّمهم النبي صلى الله عليه وسلم ووزعهم ، وهذا أسلوب جديد لم تعتد عليه العرب.
فبُني عريش للنبي عليه الصلاة والسلام بمشورة " سعد بن معاذ " لكي يتمكن النبي صلى الله عليه وسلم من إدارة الحرب ، هو في هذا المكان وهو مطمئن دون أن يناله سوء .
فكان النبي عليه الصلاة والسلام يهتف بربه حتى سقط رداؤه ، فأتى إليه أبو بكر من الخلف والتزمه ليهون على النبي عليه الصلاة والسلام ، وقال : " كفاك مناشدتك لربك "
فقال عز وجل مصورا الحالة والحقيقة كما في سورة الأنفال :
قال عز وجل : ((إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ))
فأغاثه الله عز وجل بالملائكة : {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ } ( يعني يتبع بعضهم بعضا )
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم لما بُشر كما جاء في صحيح البخاري – خرج إلى ساحة القتال وهو يقرأ قول الله عز وجل : {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ }
وجاء في المسند أن النبي صلى اله عليه وسلم كان مشاركا بل كان من أشدهم بأسا .
ولذا قال علي رضي الله عنه ويصور لنا الحال يقول : " اتقينا به عليه الصلاة والسلام ، فما كان أحد منا أقرب إلى العدو منه"
ولذا جاء في صحيح مسلم في صبيحة المعركة :
قال : (( لا يتقدمنَّ أحد منكم حتى أكون أنا دونه ))
فكان في مقدمة الجيش عليه الصلاة والسلام ، وهذا يدل على شجاعته .
فلما دنا منهم قال عليه الصلاة والسلام : (( قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض ))
فالتقى الجيشان :
فجعل أبو جهل يستفتح بالله عز وجل ويقول : اللهم أينا كان أقطع للرحم وأتى بما لم نعرفه فأحنه الغداة ( يعني اقضِ عيه الغداة الآن في الصباح )
فصوّر الله عز وجل هذا القول – كما في سورة الأنفال – فقال عز وجل : ((إِن تَسْتَفْتِحُواْ – ( يعني يا كفار قريش وعلى رأسهم ) – إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ))
فخرج عتبة بن ربيعة خرج ؛ لأنه في أول الأمر لما أراد أن يثني قريشا من اللقيا فاتهمه أبو جهل بالجبن خرج هو وولداه ، خرج عتبة بن ربيعة وولداه : " الوليد و شيبة " خرجوا للمبارزة .
فخرج لهم ثلاثة من الأنصار فأبوا قالوا : لابد أن نلتقي بأحد من عشائرنا .
فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم عمه " حمزة بن عبد المطلب " و " علي بن أبي طالب " و " عبيدة بن الحارث "
فتبارز الثلاثة فقتل هؤلاء الثلاثة أولئك الثلاثة من كفار قريش .
وفي هؤلاء الستة أنزل الله عز وجل قوله تعالى في سورة " الحج " : {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ }
الآيات المذكورة إلى قوله عز وجل : ((الْحَمِيدُ)) .
فحرضهم النبي صلى الله عليه وسلم على القتال ، فقال كما في صحيح البخاري : (( والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيُقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة ))
وهذا تشجيع منه عليه الصلاة والسلام لهم .
فقام عليه الصلاة والسلام ، وهذه معجزة ،فأخذ حفنة من التراب ، فنثرها في وجوه القوم ، فما تركت أحدا من أفراد قريش إلا ووقعت ذرات التراب في عينيه .
حفنة هذه معجزة :
ولذا قال عز وجل – كما في سورة الأنفال - : ((وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى))
وكان شعار المسلمين آنذاك كان شعارهم " التوحيد " كانوا يقولون : " أحد أحد " .
فقتل المسلمون : " فرعون هذه الأمة " وهو " أبو جهل "
وقتلوا " أمية بن خلف وابنه "
كما جاء ذلك في صحيحي البخاري ومسلم
فبلغ صرعاهم كما جاء في صحيح مسلم أن قُتل منهم " سبعون " وأُسر منهم " سبعون "
ولذا النبي عليه الصلاة والسلام – كما أخبر قبل حدوث المعركة بأن هذا هو مصرع فلان ، ومصرع فلان ، فما تجاوز أحدهم موضع إشارته عليه الصلاة والسلام ، فأصبح هؤلاء صرعى في تلك المواطن التي أشار النبي صلى الله عليه وسلم إليها .
وفرّ البقية تاركين أموالهم ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة وعشرين من صناديدهم فسُحبوا ثم قُذفوا في بئر من آبار بدر- كما جاء في الصحيحين .
انظروا إلى العجب :
وحينما أذكر سيرة النبي عليه الصلاة والسلام أنا أسردها لكم سردا ، وإلا لو جلس الإنسان على كل فقرة ، وعلى كل حادثة لاستنبط منها فوائد جمة
لكن المقصود من عرض هذه الأحداث أن يكون المسلم على إطلاع وثيق بما جرى في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام.
والفوائد كثيرة : فمن أمعن نظره وفكره كثيرا سواء مما نذكره أو مما لم نذكره وجدها
الشاهد من هذا :
أن الله عز وجل – كما في سورة آل عمران - ذكر فضله على هذه الأمة :
فقال عز وجل : (( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ( يعني قلة ) ))
فنصركم الله عز وجل
ولهذا قال تعالى : ((كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ))
فلما جرى ما جرى - وكما قلت لكم : الملائكة شاركوا في القتال

فماذا جرى ؟
من سلم من كفار قريش هرب
ومن قُتل من الصناديد وهم " أربعة وعشرون" قُذفوا في البئر
بقي ماذا ؟
بقيت الغنائم والأسرى
فأما الغنائم فحصل نزاع بين الصحابة في هذه الغنائم ــــــــــ لمن تكون ؟
للشباب ، للشيوخ ؟
ولم يكن فيها حكم شرعي قبل ذلك
فأنزل الله عز وجل قوله تعالى : ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ))
يعني يحكمان فيها بما يشاءان
فحكم الله عز وجل في هذه الغنائم بأن أربعة أخماس منها للمقاتلين ، وأما الخمس فهو يؤخذ من الغنائم ويُعد فيئا.
فأنزل الله عز وجل : ((وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ....... )) الآيات
وقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم لتسعة ممن لم يحضر القتال ؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كلفهم بأشياء فأشركهم كأنهم قد قاتلوا.
وكذلك أشرك من ضمن هؤلاء التسعة أشرك عثمان بن عفان ؛ لأنه تخلف في المدينة لعذر إذ كانت بنت النبي صلى الله عليه وسلم " رقية " وهي تحت عثمان يعني أنه زوجها كانت مريضة في مرض موتها فأبقاه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة حتى يقوم على شئونها فماتت في مرضها ذلك ، فقسم له النبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة كأنه حاضر – كما جاء في مسند الإمام أحمد.
هذا شان الغنائم
أما شأن الأسرى :
فبعد جلسة الاستراحة إن شاء الله تعالى
أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ، وتوبوا إليه أن ربي كان غفورا رحيما


الخطبة الثانية

أما بعد ، فيا عباد الله :
شأن الأسرى الذين هم أسرى بدر :
استشار النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر واستشار عمر في شأن الأسرى:
ماذا يصنع بهم ؟
إذ لم ينزل الله عز وجل حكما في هذه الأسرى ؛ لأنها أول غزوة جرت بين النبي عليه الصلاة والسلام وبين المشركين .
فما كان من عمر رضي الله عنه إلا أن قال :" لا تدع ولا تذر منهم أحدا لأنهم أئمة كفر ، وسيسلطون عشائرهم على المسلمين فيما يُستقبل ، ثم قال عمر رضي الله عنه : " من أجل أن تكون لنا قوة وهيبة "
فما كان من أبي بكر رضي الله عنه إلا أن قال : " يا رسول الله بل نبقي عليهم ، ولنأخذ منهم الفداء ، فأخذ الفداء يكون لنا قوة ، وإبقاؤهم لعل الله عز وجل أن يهديهم ويدخلهم في الإسلام "
فاطمأن النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر رضي الله عنه .
فماذا صنع عليه الصلاة والسلام ؟
قام عليه الصلاة والسلام بأخذ الفداء
وهذا الفداء يختلف باختلاف شخصية كل شخص منهم :
فكان العباس بن عبد المطلب ذا شخصية كبرى ، فأخذ منه النبي صلى الله عليه وسلم مئة أوقية من الذهب
وأخذ من عقيل بن أبي طالب ثمانين أوقية
وأخذ من غيرهم أربعين
ومن عجز عن إتمام فدائه أسقطه النبي صلى الله عليه وسلم أي أسقط عنه هذا الفاضل .
ومن كان متعلما يعرف القراءة والكتابة - كما جاء في مسند الإمام أحمد ألزمه النبي لى الله عليه وسلم حتى تُفكَّ رقبته ألزمه أن يعلم صبيان أهل الأنصار أن يعلمهم القراءة والكتابة حتى يطلقه .
لكنه عليه الصلاة والسلام لما رجع إلى المدينة أمر بقتل اثنين :
أمر بقتل اثنين من صناديد قريش ، وذلك لأن هذين الاثنين كانا يؤذيانه عليه الصلاة والسلام :
ـــــــ عقبة بن أبي مُعَيْط
ـــــــ والنضر بن الحارث .
فقتلهما النبي صلى الله عليه وسلم ليكون درسا للطغاة في المستقبل
أما بقية الأسرى ممن عجز فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم – كما في معجم الطبراني وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد – أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالأسرى أن يعاملوهم معاملة حسنة .
فما كان من هؤلاء الأسرى إلا أن توالى إسلامهم بين فترات متقطعة .
لكن رجوع النبي صلى الله عليه وسلم في رأي أبي بكر عوتب في ذلك من ربه عز وجل :
فجاء القرآن – كما في سورة الأنفال – جاء القرآن مؤيدا لرأي عمر ، فقال عز وجل : {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم " زيد بن حارثة " و" عبد الله بن رواحة " ليبشرا من في المدينة بخبر النصر ، ففرحوا بذلك .
لكن أسامة رضي الله عنه يقول : " ما صدَّقت بالخبرحتى رأيت – ( يعني ما استوثقت وإلا هو سيصدق لأنهم رسل من النبي عليه الصلاة والسلام ) لكنه يقول لم يطمئن قلبي حتى رأيت الأسرى مقرنين في السلاسل."
وسُمِّي هذا اليوم – كما في سورة الأنفال – بيوم الفرقان ، لأن الله عز وجل فرق به بين الحق والباطل .
وجاءت السنة صريحة بذكر فضائل " البدريين " الذين شاركوا في معركة " بدر " .
قريش ـــــــــــ ما حالها بعد رجوعها ؟
قام الزعماء ، وأبو أن تنزل قطرة دمع من أعينهم لا من الرجال ، ولا من النساء ، ولا من الأطفال ، وألا يقيموا عزاء حتى لا تحصل بهم شماتة ، وحتى لا يفرح المسلمون بهذا النصر.
بل إنهم فعلوا أشياء عجيبة تخالف المألوف الذي اعتيد عليه في قبائل العرب .
أتوا إلى رجل وهو صحابي وهو " سعد بن النعمان بن أتَّال "وهو يعتمر يلبي – معروف أن من دخل الحرم فهو آمن هذا معروف حتى فيما مضى قبل الإسلام – وأخذوه وأسروه لكي يشفوا غليلهم ، فما خلصه النبي صلى الله عليه وسلم من أيديهم إلا بفداء عمرو بن أبي سفيان الذي وقع أسيرا في أيدي الصحابة رضي الله عنهم .
لكنهم لم يستقروا على هذا ، ـــــــــــــ ماذا صنعوا ؟
قاموا – كما جاء في صحيح البخاري في غزوة الرجيع – كما سياتي معنا- قاموا إلى رجلين :
وهما "خبيب بن عدي "
" وابن الدِّثنة "
وكانا مسلمين ، فاشتروا هذين الرجلين حتى قاموا بقتلهما من اجل أن يشفوا غليلهم من النبي عليه الصلاة والسلام.
بل إن زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم أرادت ان تلحق بأبيها عليه الصلاة والسلام فتعرض أناس لقافلتها بل كادوا أن يؤذوها ، فكادوا أن يؤذوها لكن الله عز وجل سلمها فعادت إلى مكة ومُنعت رضي الله عنها من أن تلحق بأبيها النبي عليه الصلاة والسلام .
ولا أدل من غيظهم الذي حملوه أنه جاء عن عمير بن وهب الجمحي أنه جلس مع صفوان بن أمية في الحجر فتذاكرا أمر القليب :
وقال عمير : لولا عيال لدي وأموال عليّ لذهبت إلى محمد وقتلته
فاننتهزها صفوان ، وقال : عيالك مع عيالي ، ودينك عليّ ، فاذهب
فانطلق عمير بن وهب ، فلما أتى إلى المدينة ، ودخل فيها رآه عمر رضي الله عنه ، فقال عمر رضي الله عنه لبعض الصحابة الذين كانوا معه، :
قال : هذا الكلب ما جاء إلا لشر
فربط ناقته فأمسكه عمر رضي الله عنه بتلابيب ثيابه ،فأدخله على النبي عليه الصلاة والسلام :
فقال عليه الصلاة والسلام : أطلقه يا عمر .
قال : ما الذي أتى بك يا عمير ؟
فقال : من أجل هذا الأسير؛ لأن ابنه وقع أسيرا في يد النبي صلى الله عليه وسلم
قال : إذاً ما بال هذا السيف في عنقك ؟
قال : قبحها الله من سيوف ، وهل أغنت عنا شيئا ؟
فقال : أصدقني الحديث
قال : هو هذا الحديث
فقال عليه الصلاة والسلام : بل جلست أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فتذاكرتما أمر القليب ، وقلت : لولا دين عليّ وعيال عندي لذهبت إلى محمد وقتلته ، والله مانعك من ذلك
فقال عمير : والله ما سمع بهذا الكلام أحد غيرنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله .
فعاد عمير وقد أسلم ، ودعا إلى الإسلام في مكة .
وبهذا انتهت غزوة " بدر " فكان من " حسان بن ثابت رضي الله عنه " أن أنشد فيها أشعارا يعبر عن مدى فرحته بما جرى من هذا النصر العظيم ، وقصائده مشهورة في كتب السير ،لا أذكرها حتى لا أطيل عليكم .
ثم بعد ذلك توالت أحداث في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، نأتي على شيء منها في الجمعة القادمة إن تيسر ذلك إن شاء الله تعالى .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 07:15 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.