انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة

ملتقى نُصح المخالفين ، ونصرة السنة لرد الشبهات ، ونصح من خالف السنة ، ونصرة منهج السلف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-02-2017, 09:03 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي الرد على من نسب شيخ الاسلام إلى التشبيه

 

دعوى أن شيخ الإسلام مجسّم ومشبّه

د. عبد الله بن صالح بن عبد العزيز الغصن


المبحث الثاني
قول أهل السنة في مسألة التجسيم والتشبيه

في بداية عرض مذهب أهل السنة وقولهم في المشبهة - الذي حرصت أن يكون مستخلصاً من كلام السلف قبل ابن تيمية رحمه الله يحسن البدء بتعريف عام عن المشبهة، وأشهر الفرق التي تعرف بالتشبيه في تاريخ المسلمين، وبه يكون البدء بهذا المبحث.

المطلب الأول
التعريف بالمشبهة

التشبيه: قسمان: تشبيه المخلوق بالخالق، وتشبيه الخالق بالمخلوق.
القسم الأول: من شبه المخلوق بالخالق، ومن ذلك تشبيه النصارى حيث جعلوا عيسى ابن مريم ابن الله، ومن هذا الصنف السبئية الذين يزعمون أن علياً هو الله .
القسم الآخر: من شبه الخالق بالمخلوق: وهم صنفان:
الصنف الأول: شبهوا ذات البارئ بذات غيره.
الصنف الآخر: شبهوا صفات البارئ بصفات غيره.
يقول البغدادي رحمه الله عن هذين الصنفين: (وكل صنف من هذين الصنفين مفترقون على أصنافٍ شتى) .
وسأذكر باختصار أبرز الفرق التي عرفت بالتشبيه، ويأتي في مقدمتها طوائف متعددة من الشيعة، وهم أول من أظهر التشبيه عند المسلمين كما يقول الرازي رحمه الله عنهم .

وأبرز الفرق التي قالت بالتشبيه ما يلي:
الفرقة الأولى: الهشامية: وهم طائفتان:
الطائفة الأولى: أتباع هشام بن الحكم ، ومما زعمه ابن الحكم في معبوده أنه عريض طويل عميق، طوله مثل عرضه، وعرضه مثل عمقه، كالسبيكة الصافية يتلألأ كاللؤلؤة المستديرة من جميع جوانبها، وأنه ذو لون وطعم ورائحة وأنه سبعة أشبار بشبر نفسه...) .
الطائفة الأخرى: أتباع هشام بن سالم الجواليقي ، ومما زعمه أن معبوده على صورة الإنسان، وأن نصفه الأعلى مجوف، ونصفه الأسفل مصمت، وأن له شعرة سوداء، وقلباً ينبع منه الحكمة .
ويطلق على الطائفة الأولى: الهشامية الحكمية، ويطلق على الطائفة الثانية: الهشامية الجواليقية .
الفرقة الثانية: الجواربية:
أتباع داود الجواربي ، ومما زعمه في معبوده أنه جسم ولحم ودم، وله جوارح وأعضاء، ووصف معبوده بأن له جميع أعضاء الإنسان إلا الفرج واللحية .
الفرقة الثالثة: الكرامية: أتباع محمد بن كرام السجستاني ، وأثبتوا لله الجسمية، وأنه جوهر، وهم طوائف متعددة تختلف ببعض جزئيات التشبيه .

المطلب الثاني
اعتقاد السلف نفي التمثيل والتشبيه

تواترت عبارات سلف الأمة في نفي تمثيل وتشبيه الخالق بالمخلوق، فهم يثبتون ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلّى الله عليه وسلّم إثباتاً يليق بجلال الله وعظمته. وينفون ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلّى الله عليه وسلّم.
فقد سئل أبو حنيفة النعمان عن نزول الباري - جل وعلا - فقال:
(ينزل بلا كيف) .
وقال ابن أبي زمنين (ت - 399هـ) رحمه الله: (فهذه صفات ربنا التي وصف بها نفسه في كتابه ووصفه بها نبيه صلّى الله عليه وسلّم وليس في شيء منها تحديد ولا تشبيه ولا تقدير، فسبحان من ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، لم تره العيون فتحده كيف هو كينونيته) .
وقال الحافظ أبو بكر الإسماعيلي رحمه الله:
(ويداه مبسوطتان، ينفق كيف يشاء، بلا اعتقاد كيف، وأنه عزّ وجل استوى على العرش بلا كيف،... ولا يوصف بما فيه نقص، أو عيب، أو آفة، فإنه عزّ وجل تعالى عن ذلك) .

وقال الإمام الآجري (ت - 360هـ) رحمه الله عن نزول الباري جل وعلا إلى السماء الدنيا:
(وأما أهل الحق فيقولون: الإيمان به واجب بلا كيف؛ لأن الأخبار قد صحت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة ) .

وقال الإمام الصابوني (ت - 449هـ) رحمه الله:
(قلت وبالله التوفيق: أصحاب الحديث - حفظ الله تعالى أحياءهم ورحم أمواتهم - يشهدون لله تعالى بالوحدانية، وللرسول صلّى الله عليه وسلّم بالرسالة والنبوة، ويعرفون ربهم عزّ وجل بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله، أو شهد له بها رسوله صلّى الله عليه وسلّم على ما وردت الأخبار الصحاح به، ونقلت العدول الثقات عنه، ويثبتون له جل جلاله ما أثبته لنفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ولا يعتقدون تشبيهاً لصفاته بصفات خلقه، فيقولون: إنه خلق آدم بيديه كما نص سبحانه عليه في قوله - عز من قائل -: { قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين، أو القوتين تحريف المعتزلة والجهمية - أهلكهم الله - ولا يكيفونهما بكيف أو شبهها بأيدي المخلوقين تشبيه المشبهة - خذلهم الله -. وقد أعاذ الله تعالى أهل السنة من التحريف والتشبيه والتكييف) .

وقال قوام السنة الأصبهاني رحمه الله:
(الكلام في صفات الله عزّ وجل ما جاء منها في كتاب الله، أو روي بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فمذهب السلف - رحمة الله عليهم أجمعين - إثباتها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها...) .
وقال - أيضاً - بعد ذكره بعض الصفات الثابتة لله عزّ وجل: (فهذا وأمثاله مما صح نقله عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإن مذهبنا فيه ومذهب السلف إثباته وإجراؤه على ظاهره ونفي الكيفية والتشبيه عنه... ونقول: إنما وجب إثباتها - أي الصفات -؛ لأن الشرع ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] .

وقال الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله ناقلاً اتفاق السلف على ترك التشبيه والتمثيل:
(اعلم وفقنا الله وإياك لما يرضيه من القول والعمل والنية، وأعاذنا وإياك من الزيغ والزلل: أن صالح السلف، وخيار الخلف، وسادات الأئمة، وعلماء الأمة اتفقت أقوالهم، وتطابقت آراؤهم على الإيمان بالله عزّ وجل وأنه واحد أحد، فرد صمد، حي قيوم، سميع بصير، لا شريك له ولا وزير، ولا شبيه ولا نظير، ولا عدل ولا مثيل) .
وقال - أيضاً -: (وتواترت الأخبار، وصحت الآثار بأن الله عزّ وجل ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، فيجب الإيمان والتسليم له، وترك الاعتراض عليه، وإمراره من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تأويل ولا تنزيه ينفي حقيقة النزول) .
وقال ابن قدامة المقدسي رحمه الله:
(وكل ما جاء في القرآن، أو صح عن المصطفى عليه السلام من صفات الرحمن وجب الإيمان به، وتلقيه بالتسليم والقبول، وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل) .
وقال العلامة الواسطي رحمه الله:
(وهو في ذاته وصفاته لا يشبهه شيء من مخلوقاته، ولا تمثل بشيء من جوارح مبتدعاته، بل هي صفات لائقة بجلاله وعظمته، لا تتخيل كيفيتها الظنون، ولا تراها في الدنيا العيون، بل نؤمن بحقائقها وثبوتها، ونصف الرب سبحانه وتعالى بها، وننفي عنها تأويل المتأولين، وتعطيل الجاحدين، وتمثيل المشبهين تبارك الله أحسن الخالقين) .
وضرب أمثلة لبيان اعتقاد السلف في الصفات وأنه الإثبات من غير طمع في إدراك الكيفية ببعض الصفات وهي: الحياة والفوقية والاستواء والنزول ثم قال:
(وصفاته معلومة من حيث الجملة والثبوت، غير معقولة من حيث التكييف والتحديد، فيكون المؤمن بها مبصراً من وجه، أعمى من وجه ، مبصراً من حيث الإثبات والوجود، أعمى من حيث التكييف والتحديد، وبهذا يحصل الجمع بين الإثبات لما وصف الله به نفسه، وبين نفي التحريف والتشبيه والوقف، وذلك هو مراد الله تعالى منا في إبراز صفاته لنا لنعرفه بها، ونؤمن بحقائقها، وننفي عنها التشبيه) .
وذكر الحافظ المقدسي (ت - 600هـ) رحمه الله موقف السلف من الألفاظ المجملة التي تطلق على الله عزّ وجل فقال:
(من السنن اللازمة السكوت عما لم يرد فيه نص عن رسوله صلّى الله عليه وسلّم أو يتفق المسلمون على إطلاقه، وترك التعرض له بنفي أو إثبات، وكما لا يثبت إلا بنص شرعي، كذلك لا ينفى إلا بدليل شرعي) .
ويرى سلف الأمة أن تشبيه الله بخلقه كفر، وهذا واضح من خلال نصوصهم الصريحة مثل قول نعيم بن حماد الخزاعي رحمه الله:
(من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ورسوله تشبيه) .
وقال إسحاق بن راهويه رحمه الله:
(من وصف الله فشبه صفاته بصفات أحد من خلق الله فهو كافر بالله العظيم) .
وحين ذكر بشر المريسي في مناظرة الإمام الدارمي (ت - 280هـ) رحمه الله له أن تشبيه الله بخلقه خطأ، تعقبه الإمام الدارمي (ت - 280هـ) بقوله:
(أما قولك: إن كيفية هذه الصفات وتشبيهها بما هو موجود في الخلق خطأ، فإنا لا نقول إنه خطأ، بل هو عندنا كفر، ونحن لتكييفها وتشبيهها بما هو موجود في الخلق أشد أنفاً منكم غير أنا كما لا نشبهها ولا نكيفها لا نكفر بها...) .

المطلب الثالث
رد السلف دعوى أن الإثبات يستلزم التشبيه

أكثرَ نفاة الصفات من إطلاق لفظ (التشبيه) على مخالفيهم من مثبتة الصفات، حتى صار من علامة الجهمية تسمية أهل السنة مشبهة كما قال ذلك الإمام إسحاق بن راهويه (ت - 238هـ) رحمه الله:
(علامة جهم وأصحابه دعواهم على أهل السنة والجماعة وما أولعوا به من الكذب أنهم مشبهة، بل هم المعطلة، ولو جاز أن يقال لهم هم المشبهة لاحتمل ذلك) .
وقال أبو زرعة الرازي رحمه الله:
(المعطلة النافية الذين ينكرون صفات الله عزّ وجل التي وصف الله بها نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه صلّى الله عليه وسلّم، ويكذبون بالأخبار الصحاح التي جاءت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الصفات، ويتأولونها بآرائهم المنكوسة على موافقة ما اعتقدوا من الضلالة وينسبون رواتها إلى التشبيه، فمن نسب الواصفين ربهم - تبارك وتعالى - بما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان نبيه صلّى الله عليه وسلّم من غير تمثيل ولا تشبيه إلى التشبيه فهو معطل نافٍ، ويستدل عليهم بنسبتهم إياهم إلى التشبيه أنهم معطلة نافية) .
وقال أبو حاتم الرازي رحمه الله:
(علامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة) .
وقال ابن خزيمة (ت - 311هـ) رحمه الله:
(وزعمت الجهمية - عليهم لعائن الله - أن أهل السنة ومتبعي الآثار، القائلين بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلّى الله عليه وسلّم، المثبتين لله عزّ وجل من صفاته ما وصف الله به نفسه في محكم تنزيله، المثبت بين الدفتين، وعلى لسان نبيه المصطفى صلّى الله عليه وسلّم بنقل العدل عن العدل موصولاً إليه مشبهةٌ، جهلاً منهم بكتاب ربنا وسنة نبينا صلّى الله عليه وسلّم، وقلة معرفتهم بلغة العرب الذين بلغتهم خوطبنا) .
وقد نبه الإمام إسحاق بن راهويه (ت - 238هـ) رحمه الله في النص السابق على أن المعطلة هم الذين يستحقون وصف التشبيه؛ لأنهم شبهوا أولاً، ثم عطلوا ثانياً ، وقد نبه إلى هذا - أيضاً - الإمام الدارمي (ت - 280هـ) رحمه الله، فبعد نص طويل في رده على المريسي (ت - 218هـ) وأنه نفى ما وصف الله به نفسه، ووصفه بخلاف ما وصف به نفسه، ثم ضرب أمثلة لتعطيل الصفات عن طريق التأويل الفاسد قال: (تضرب له الأمثال تشبيهاً بغير شكلها، وتمثيلاً بغير مثلها، فأي تكييف أوحش من هذا، إذ نفيت هذه الصفات وغيرها عن الله بهذه الأمثال والضلالات المضلات؟) .
وقد ناقش الإمام الواسطي (ت711هـ) رحمه الله الأشاعرة الذين يثبتون بعض الصفات، وينفون بعض الصفات، وحجتهم في نفي ما نفوه من الصفات أنه يستلزم التشبيه فقال:
(لا فرق بين الاستواء والسمع، ولا بين النزول والبصر؛ لأن الكل ورد في النص فإن قالوا لنا: في الاستواء شَبَّهتم، نقول لهم: في السمع شبهتم، ووصفتم ربكم بالعرض ، وإن قالوا: لا عرض، بل كما يليق به، قلنا: في الاستواء والفوقية لا حصر، بل كما يليق به، فجميع ما يلزموننا في الاستواء، والنزول، واليد، والوجه، والقدم، والضحك، والتعجب من التشبيه: نلزمهم به في الحياة، والسمع، والبصر، والعلم، فكما لا يجعلونها أعراضاً، كذلك نحن لا نجعلها جوارح، ولا مما يوصف به المخلوق) .
ثم قال: (فما يلزموننا في تلك الصفات من التشبيه والجسمية نلزمهم في هذه الصفات من العرضية.
وما ينزهون ربهم به في الصفات السبع، وينفون عنه من عوارض الجسم فيها، فكذلك نحن نعمل في تلك الصفات التي ينسبوننا فيها إلى التشبيه سواء بسواء) .
وينبه الإمام ابن قدامة المقدسي (ت - 620هـ) رحمه الله إلى أمر مهم ألا وهو سبب نفي المتكلمين صفات الباري - جل وعلا - فظاهر الأمر عندهم هو التنزيه ونفي التشبيه، ولكن حقيقة الأمر هو: إبطال السنن والآثار الواردة فيقول:
(وأما ما يموه به من نفي التشبيه والتجسيم فإنما هو شيء وضعه المتكلمون وأهل البدع توسلاً به إلى إبطال السنن ورد الآثار والأخبار، والتمويه على الجهال والأغمار ليوهموهم: إنما قصدنا التنزيه ونفي التشبيه) .
وأما دعوى أن إثبات الصفات يستلزم الجوارح والأعضاء لله عزّ وجل فقد أجاب عن هذه الشبهة الإمام الدارمي (ت - 280هـ) رحمه الله في رده على المريسي (ت - 218هـ) فقال: (وأما تشنيعك على هؤلاء المقرين بصفات الله، المؤمنين بما قال الله: أنهم يتوهمون فيها جوارح وأعضاء، فقد ادعيت عليهم في ذلك زوراً وباطلاً، وأنت من أعلم الناس بما يريدون بها، إنما يثبتون منها ما أنت معطل، وبه مكذب، ولا يتوهمون فيها إلا ما عنى الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، ولا يدعون جوارح وأعضاء كما تقولت عليهم...) .
ومما أجاب به سلف الأمة على من ألصق بهم تهمة التشبيه والتجسيم، بيانهم لأمر غفل عنه النفاة ألا وهو أن اتفاق الأسماء لا يلزم منه اتفاق المسميات، وكذلك اتفاق الصفات لا يلزم منه اتفاق الموصوفين بها فقد سمى الله عزّ وجل نفسه سميعاً بصيراً بقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء: 58] .
وسمى بعض خلقه سميعاً بصيراً بقوله عزّ وجل: {إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً } [الإنسان: 2] .
وقد ذكر ذلك الإمام الدارمي (ت - 280هـ) رحمه الله بقوله:
(إنما نصفه بالأسماء لا بالتكييف ولا بالتشبيه، كما يقال: إنه ملك كريم، عليم حكيم، حليم رحيم، لطيف مؤمن، عزيز جبار متكبر، وقد يجوز أن يدعى البشر ببعض هذه الأسماء) .
وقد أطال الإمام ابن خزيمة (ت - 311هـ) رحمه الله في بيان هذه القاعدة، وضرب لها أمثلة عدة منها تسمية الله نفسه عزيزاً ، وسمى بعض الملوك عزيزاً فقال: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ } [يوسف: 30] .
ومنها تسمية الله عزّ وجل نفسه الجبار المتكبر بقوله: { السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ } [الحشر: 23] ، وسمى بعض الكفار متكبراً جباراً فقال: { كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } [غافر: 35] ، وغيرها من الأمثلة .
وأختم بما قاله الفخر الرازي (ت - 606هـ) رحمه الله حين قال كلمة حق في معتقد السلف، وأنه بعيد عن التشبيه وهي قوله:
(اعلم أن جماعة من المعتزلة ينسبون التشبيه إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين وهذا خطأ، فإنهم منزهون في اعتقادهم عن التشبيه، والتعطيل، لكنهم كانوا لا يتكلمون في المتشابهات بل كانوا يقولون: آمنا وصدقنا، مع أنهم كانوا يجزمون بأن الله تعالى لا شبيه له، وليس كمثله شيء، ومعلوم أن هذا الاعتقاد بعيد جداً عن التشبيه) .

المبحث الثاني
دعوى أن شيخ الإسلام مجسم ومشبه، ومناقشتها

المطلب الأول
دعوى أن شيخ الإسلام مجسم ومشبه

ركز المناوئون لابن تيمية رحمه الله على إلصاق تهمة التجسيم والتشبيه به - وذلك بناء على معتقد نفاة الصفات الذين يرمون مثبتة الصفات بالتشبيه - وتنوعت وسائلهم في تقرير هذه الشبهة في نفوس الضعفة:
فمنها: رميه بأنه مجسم كما قال الحصني (ت - 829هـ) : (والحاصل أنه وأتباعه من الغلاة في التشبيه والتجسيم) .
وقال ابن حجر الهيتمي متحدثاً عن موقف ابن تيمية رحمه الله من الباري - جلَّ وعلا -:
(نسب إليه العظائم والكبائر، وخرق سياج عظمته، وكبرياء جلالته بما أظهر للعامة على المنابر من دعوى الجهة والتجسيم) .
وأنه أول من قال بالتجسيم ، وأنه يقول: إن الله جسم كالأجسام .
ومنها: رميه بالتشبيه والتمثيل ، والحشو .
ومن فروع هذه القاعدة: محبته للمشبهة، وعدم ذمهم .
ومنها: أن ابن تيمية رحمه الله يثبت الاستواء، وإثبات الاستواء - عندهم - يلزم منه الجسمية، كما قال ابن جهبل في رده على ابن تيمية رحمه الله:
(نقول لهم: ما هو الاستواء في كلام العرب؟ فإن قالوا: الجلوس والاستقرار).
قلنا: هذا ما تعرفه العرب إلا في الجسم فقولوا: يستوي جسم على العرش...) .
وقالوا بأنه يشبّه استواء الله على عرشه باستواء المخلوق على الكرسي كما ذكر ذلك التقي الحصني (ت - 829هـ) عن أبي الحسن علي الدمشقي عن أبيه.
قال: (كنا جلوساً في صحن الجامع الأموي في مجلس ابن تيمية فذكّر ووعظ، وتعرض لآيات الاستواء، ثم قال: (واستوى الله على عرشه كاستوائي هذا) قال: فوثب الناس عليه وثبة واحدة، وأنزلوه عن الكرسي، وبادروا إليه ضرباً باللكم والنعال وغير ذلك...) .
ومنها: أن ابن تيمية رحمه الله أثبت النزول للباري عزّ وجل كل ليلة، كما هو ظاهر حديث النزول، فأنكروا عليه إثبات النزول .
وقالوا بأن ابن تيمية رحمه الله يثبت نزولاً للخالق يشبه نزول المخلوقين، كما ذكر ذلك ابن بطوطة (ت - 779هـ) في رحلته المشهورة فقال:
(حضرته يوم الجمعة وهو يعظ الناس على منبر الجامع ويذكرهم، فكان من جملة كلامه أن قال: (إن الله ينزل كنزولي هذا) ونزل درجة من درج المنبر) .
وقد اشتهرت هذه المقولة عن ابن بطوطة (ت - 779هـ) ، وهي تنسب - أيضاً - إلى أبي علي السكوني وأنه نسبها إلى ابن تيمية رحمه الله قبل ابن بطوطة (ت - 779هـ) .
ومرد ذلك إلى الاختلاف الكبير الحاصل في تحديد سنة وفاة أبي علي السكوني، فالقول الذي رجحه بعض الباحثين هو أن وفاة السكوني كانت سنة (717هـ) ، وبهذا تكون القصة قد اشتهرت ونسبت إلى ابن تيمية رحمه الله قبل مجيء ابن بطوطة إلى دمشق، فقد كان مجيئه إليها سنة (726هـ) في شهر رمضان .
وقيل: إن السكوني قد توفي سنة (747هـ) وقيل: سنة (816هـ)، لكنها أقوال مرجوحة، والله أعلم.

المطلب الثاني
مـنـاقـشـة الـدعـوى

تحدث شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله باستفاضة عن مصطلحات: التجسيم، والتشبيه، والتمثيل، والحشو، ورد على من قال: بأن مذهب أهل السنة والجماعة هو التشبيه في مواضع متعددة من كتبه، وأوضح رحمه الله مذهبه في استواء الباري عزّ وجل على عرشه، وفي نزوله إلى السماء الدنيا.
فمصطلح التجسيم درسه شيخ الإسلام رحمه الله باستيعاب من حيث نشأته التاريخية في الإسلام وقبل الإسلام، وبيّن أقوال الناس في معنى الجسم، ثم ناقش هذه الأقوال مبيناً وجه الخطأ والصواب فيها، وفصّل في مناقشة لفظة الجسم من حيث اللغة، والشرع، والعقل، وبين موقف السلف من إطلاق لفظ الجسم على الله.
فذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن اليهود من غلاة المجسمة ، وأنهم سلف المجسمة، وأما في الإسلام فإن بداية ظهور التجسيم كان من قِبل بعض الشيعة كهشام بن الحكم (ت - 190هـ) وهشام الجواليقي يقول ابن تيمية رحمه الله:
(وأول ما ظهر إطلاق لفظ الجسم من متكلمة الشيعة كهشام بن الحكم) .
وفصل رحمه الله في معنى الجسم من حيث اللغة، مبيناً أن معناه هو: البدن والجسد ناقلاً عن أئمة اللغة إثبات ذلك، مثل قول أبي زيد الأنصاري : (الجسم: الجسد وكذلك الجسمان والجثمان) .
وقال الأصمعي : (الجسم والجثمان: الجسد، والجثمان: الشخص، والأجسم: الأضخم بالبدن) .
وقال ابن السكيت : (تجسمت الأمر: أي ركبت أجسمه، وجسيمه أي: معظمه، وكذلك تجسمت الرمل والجبل: أي ركبت أجسمه) .
قال عامر بن الطفيل :
وقد علم الحي بن عامر *** بأن لنا ذروة الأجسم
وبين ابن تيمية رحمه الله: أن (الجسم قد يراد به الغلظ نفسه، وهو عرض قائم بغيره، وقد يراد به الشيء الغليظ، وهو القائم بنفسه، فنقول: هذا الثوب له جسم أي: غلظ، وقوله؛ {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ } [البقرة: 247] قد يحتج به على هذا، فإنه قرن الجسم بالعلم الذي هو مصدر، فنقول المعنى: زاده بسطة: في قدره فجعل قدر بدنه أكبر من بدن غيره، فيكون الجسم هو القدر نفسه لا نفس المقدر.
وكذلك قوله: { تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ } [المنافقون: 4] ، أي صورهم القائمة بأبدانهم كما تقول: أعجبني حسنه وجماله ولونه وبهاؤه، فقد يراد صفة الأبدان، وقد يراد نفس الأبدان،وهم إذا قالوا: هذا أجسم من هذا أرادوا أنه أغلظ وأعظم منه، أما كونهم يريدون بذلك أن ذلك العظم والغلظ كان لزيادة الأجزاء، فهذا مما يعلم قطعاً بأنه لم يخطر ببال أهل اللغة) .
وأما من حيث الشرع فقد بين أنه لم يُنقل في الشرع ولا عن الأنبياء السابقين ولا عن الصحابة، ولا عن التابعين ومن تبعهم من سلف الأمة إثبات هذا اللفظ أو نفيه.
قال رحمه الله: (وأما الشرع فالرسل وأتباعهم الذين من أمة موسى وعيسى ومحمد صلّى الله عليه وسلّم لم يقولوا: إن الله جسم، ولا إنه ليس بجسم، ولا إنه جوهر ولا إنه ليس بجوهر، لكن النزاع اللغوي والعقلي والشرعي في هذه الأسماء هو بما أحدث في الملل الثلاث بعد انقراض الصدر الأول من هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء) .
ثم قال: (والذي اتفقت عليه الرسل وأتباعهم، ما جاء به القرآن والتوراة: من أن الله موصوف بصفات الكمال، وأنه ليس كمثله شيء، فلا تمثل صفاته بصفات المخلوقين، مع إثبات ما أثبته لنفسه من الصفات) .
وقال رحمه الله: (وأما الشرع: فمعلوم أنه لم ينقل عن أحد من الأنبياء ولا الصحابة ولا التابعين ولا سلف الأمة أن الله جسم، أو أن الله ليس بجسم، بل النفي والإثبات بدعة في الشرع) .
وقال - أيضاً -: (وأما من لا يطلق على الله اسم الجسم كأئمة الحديث، والتفسير، والتصوف، والفقه، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم، وشيوخ المسلمين المشهورين في الأمة، ومن قبلهم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فهؤلاء ليس فيهم من يقول: إن الله جسم، وإن كان أيضاً: ليس من السلف والأئمة من قال: إن الله ليس بجسم) .
وبين رحمه الله سبب عدم إطلاق السلف لفظ الجسم لا نفياً ولا إثباتاً أنه لوجهين:
( أحدهما: أنه ليس مأثوراً لا في كتاب ولا سنة، ولا أثر عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا غيرهم من أئمة المسلمين، فصار من البدع المذمومة.
الثاني: أن معناه يدخل فيه حق وباطل، فالذين أثبتوه أدخلوا فيه من النقص والتمثيل ما هو باطل، والذين نفوه أدخلوا فيه من التعطيل والتحريف ما هو باطل) .
وعن سؤال افترضه هل جوابه موجود في الكتاب والسنة أم لا؟ وهو: هل الله جسم أم ليس بجسم؟ قال:
(فإذا قال السائل: هل الله جسم أم ليس بجسم؟ لم نقل: إن جواب هذا السؤال ليس في الكتاب والسنة، مع قول القائل: إن هذا السؤال موجود في فطر الناس بالطبع، والله تعالى يقول: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً } [المائدة: 3] ، وقال: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ } [التوبة: 115] .
وقال: { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [النحل: 89] .
وقال: { مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [يوسف: 111] .
وقال: { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [طه: 123 - 126] .
وقال: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: 3] ) .
ثم ذكر آيات كثيرة وقال: (ومثل هذا في القرآن كثير، مما يبين الله فيه أن كتابه مبيِّن للدين كله، موضح لسبيل الهدى، كافٍ لمن اتبعه، لا يحتاج معه إلى غيره يجب اتباعه دون اتباع غيره من السبل) .
ثم شرع في ذكر بعض الأحاديث الدالة على أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم بين الحق، وترك الأمة على المحجة البيضاء، ومنها قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في خطبته: (إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) .
وكان يقول: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة) .
وكان يقول: (تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك) .
ثم قال: (فكيف يكون هذا - مع هذا البيان والهدى - ليس فيما جاء به جواب عن هذه المسألة، ولا بيان الحق فيها من الباطل، والهدى من الضلال؟ بل كيف يمكن أن يسكت عن بيان الأمر ولو لم يسأله الناس؟) .
وبين وجوب اعتقاد الحق فيها، ثم شنع على الذين يقولون: إن جواب هذا السؤال وأمثاله ليس في الكتاب والسنة، ووصفهم بأنهم (الذين يُعرضون عن طلب الهدى من الكتاب والسنة، ثم يتكلم كل منهم برأيه ما يخالف الكتاب والسنة، ثم يتأول آيات الكتاب على مقتضى رأيه، فيجعل أحدهم ما وصفه برأيه هو أصول الدين الذي يجب اتباعه، ويتأول القرآن والسنة على وفق ذلك، فيتفرقون ويختلفون) .
وبين شيخ الإسلام أن لفظ الجسم مجمل يحتاج إلى استفصال.
فإن أُريد بالجسم: الموجود القائم بنفسه، المتصف بالصفات، فهذا المعنى حق، لكن الخطأ إنما هو في اللفظ.
وإن أريد غير ذلك من المعاني في معنى الجسم كأن يقال: هو ما يشار إليه، أو المركب، أو غير ذلك فإنه معنى باطل ولفظ مردود .
وأما دعوى أن ابن تيمية رحمه الله يقول بأن الله جسم لا كالأجسام، فغير صحيحة، وهذه نصوص ابن تيمية الصريحة في رد هذه المقولة، وتخطئة من قالها، ومنها:
قوله حين قال له أحد كبار مخالفيه بجواز أن يقال: هو جسم لا كالأجسام:
(إنما قيل: إنه يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وليس في الكتاب والسنة أن الله جسم حتى يلزم هذا السؤال) .
وحكم على القائل بهذا القول أنه مشبه، بقوله: (فمن قال هو جسم لا كالأجسام كان مشبهاً، بخلاف من قال: حي لا كالأحياء) .
وذكر أن القائلين بهذه المقولة هم طوائف من أهل الكلام المتقدمين والمتأخرين فقال عن إثباتهم صفات الله عزّ وجل: (يثبتون هذه الصفات، ويثبتون ما ينفيه النفاة لها، ويقولون: هو جسم لا كالأجسام، ويثبتون المعاني التي ينفيها أولئك بلفظ الجسم) .
وذكر أن القائل بهذه المقولة هم علماء المجسمة .
وقال رحمه الله: (وأما المعنى الخاص الذي يعنيه النفاة والمثبتة، الذين يقولون: هو جسم لا كالأجسام، فهذا مورد النزاع بين أئمة الكلام وغيرهم، وهو الذي يتناقض سائر الطوائف من نفاته لإثبات ما يستلزمه، كما يتناقض مثبتوه مع نفي لوازمه.
ولهذا كان الذي عليه أئمة الإسلام أنهم لا يطلقون الألفاظ المبتدعة المتنازع فيها لا نفياً، ولا إثباتاً، إلا بعد الاستفسار والتفصيل: فيثبت ما أثبته الكتاب والسنة من المعاني، وينفي ما نفاه الكتاب والسنة من المعاني) .
وبين رحمه الله في مقولة: (إن الله ذو جسم وأعضاء وجوارح) أنها كلام باطل .
وأما ألفاظ (التشبيه والتمثيل) فقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - أقوال الناس في الفرق بينها: هل هي بمعنى واحد أو معنيين؟، وأنها قولان:
( أحدهما: أنهما بمعنى واحد، وأن ما دل عليه لفظ المثل مطلقاً ومقيداً يدل عليه لفظ الشبه، وهذا قول طائفة من النظار.
والثاني: أن معناها مختلف عند الإطلاق لغة، وشرعاً، وعقلاً، وإن كان مع التقييد والقرينة يراد بأحدهما ما يراد بالآخر، وهذا قول أكثر الناس) .
وبين سبب الاختلاف، وأنه مبني على مسألة عقلية وهي: أنه هل يجوز أن يشبه الشيءُ الشيءَ من وجه دون وجه، وذكر رحمه الله أن للناس في ذلك قولين: (فمن منع أن يشبهه من وجه دون وجه قال: المثل والشبه واحد.
ومن قال: إنه قد يشبه الشيء الشيء من وجه دون وجه، فرّق بينهما عند الإطلاق وهذا قول جمهور الناس) .
وبين قول المخالفين في عدم التفريق بين التشبيه والتمثيل وهو: امتناع كون الشيء يشبه غيره من وجه ويخالفه من وجه، بل عندهم كل مختلفين كالسواد والبياض فإنهما لم يشتبها من وجه، وكل مشتبيهن كالأجسام عندهم، يقولون بتماثلها، فإنها متماثلة عندهم من كل وجه لا اختلاف بينها إلا في أمور عارضة لها .
صيد صيدالفوائد
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 03:36 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.