انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > القرآن الكريم

القرآن الكريم [أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوبٍ أقفالها] .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #61  
قديم 01-19-2009, 01:41 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي



يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208) فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (209)

يقول تعالى آمرًا عباده المؤمنين به المصدّقين برسوله: أنْ يأخذوا بجميع عُرَى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره ما استطاعوا من ذلك.
قال العوفي، عن ابن عباس، ومجاهد، وطاوس، والضحاك، وعكرمة، وقتادة، والسُّدّي، وابن زيد، في قوله: ( ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ ) يعني: الإسلام.وقيل : الطاعة..
وقوله: ( كَافَّةً ) قيل: جميعًا، وقيل: أي اعملوا بجميع الأعمال ووجوه البر
ومن المفسرين من يجعل قوله: ( كَافَّةً ) حالا من الداخلين، أي: ادخلوا في الإسلام كلكم. والصحيح الأول، وهو أنَّهم أمروا [كلهم]

وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ: أي: اعملوا الطاعات ، واجتنبوا ما يأمركم به الشيطان
ولهذا قال: ( إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) قال مُطَرِّف: أغش عباد الله لعَبِيد الله الشيطان



فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ: أي: عدلتم عن الحق بعد ما قامت عليكم الحُجَجُ، فاعلموا أن الله عزيز [أي] في انتقامه، لا يفوته هارب، ولا يَغلبه غالب. حكيم في أحكامه ونقضه وإبرامه؛ ولهذا ولهذا قالوا : عزيز في نقمته، حكيم في أمره



هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (210)
يقول تعالى مُهَدّدًا للكافرين بمحمد صلوات الله وسلامه عليه: ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ ) يعني: يوم القيامة، لفصل القضاء بين الأولين والآخرين، فيجزي كُلّ عامل بعمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، ولهذا قال: ( وَقُضِيَ الأمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ) كما قال: كَلا إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى [الفجر: 21 -23]،




يقول تعالى مُخْبرًا عن بني إسرائيل: كم قد شاهدوا مع موسى ( مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ) أي: حجة قاطعة على صدقه فيما جاءهم به، كَيَدهِ وعصاه وفَلْقه البحر وضَرْبه الحجر، وما كان من تظليل الغمام عليهم في شدة الحر، ومن إنـزال المَنّ والسلوى وغير ذلك من الآيات الدالات على وجود الفاعل المختار، وصدق من جرت هذه الخوارق على يَدَيه، ومع هذا أعرض كثير منهم عنها، وبَدلوا نعمة الله [كفرًا] أي: استبدلوا بالإيمان بها الكفر بها، والإعراض عنها. ( وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) كما قال إخبارًا عن كفار قريش: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ [إبراهيم: 28، 29].

ثم أخبر تعالى عن تزيينه الحياة الدنيا للكافرين الذين رُضُوا بها واطمأنّوا إليها، وجمعوا الأموال ومنعوها عَنْ مصارفها التي أمروا بها مما يُرْضِي الله عنهم، وسخروا من الذين آمنوا الذين أعرضوا عنها، وأنفقوا ما حصل لهم منها في طاعة ربهم، وبذلوا ابتغاء وجه الله؛ فلهذا فازوا بالمقام الأسعد والحظ الأوفر يوم معادهم، فكانوا فوق أولئك في محشرهم ومَنْشَرهم، ومسيرهم ومأواهم، فاستقروا في الدرجات في أعلى علّيين، وخلد أولئك في الدركات في أسفل السافلين؛ ولهذا قال تعالى: ( وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) أي: يرزق من يشاء من خَلْقه، ويعطيه عطاء كثيرًا جزيلا بلا حصر ولا تعداد في الدنيا والآخرة كما جاء في الحديث: "ابن آدم، أَنْفقْ أُنْفقْ عليك"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنفق بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا". وقال تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ [سبأ: 39]، وفي الصحيح أن مَلَكين ينـزلان من السماء صَبيحة كل يوم، يقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا. ويقول الآخر: اللهم أعط مُمْسكا تلفًا. وفي الصحيح "يقول < 1-569 > ابن آدم: مالي، مالي! وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، وما لَبسْتَ فأبليتَ، وما تصدقت فأمضيت ؟ وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس".



كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213)

عن ابن عباس، قال: كان بين نوح وآدم عشرة قرون، كلهم على شريعة من الحق. فاختلفوا، فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين. قال: وكذلك هي في قراءة عبد الله: ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا ) .
وقيل في قوله: ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ) قال: كانوا على الهدى جميعًا، "فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين منذرين لأن الناس كانوا على ملة آدم، عليه السلام، حتى عبدوا الأصنام، فبعث الله إليهم نوحًا، عليه السلام، فكان أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض.ولهذا قال تعالى : ( وَأَنـزلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ )

أي: من بعد ما قامت عليهم الحجج وما حملهم على ذلك إلا البغي من بعضهم على بعض، ( فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )

: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، نحن أوّلُ الناس دخولا الجنة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه، فهدانا له فالناس لنا فيه تبع، فغدًا لليهود، وبعد غد للنصارى".

وقوله: ( بِإِذْنِهِ ) أي: بعلمه، بما هداهم له( وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ) أي: منْ خلقه ( إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) أي: وله الحكموالحجة البالغة

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)

يقول تعالى: ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ) قبل أن تُبتَلُوا وتختبروا وتمتحنوا، كما فعل بالذين من قبلكم من الأمم؛ ولهذا قال: ( وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ ) وهي: الأمراض؛ والأسقام، والآلام، والمصائب والنوائب.

( وَزُلْزِلُوا ) خَوْفًا من الأعداء زلْزالا شديدًا، وامتحنوا امتحانًا عظيمًا،
وقوله: ( مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ) أي: سنتهم. كما قال تعالى: فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ [الزخرف: 8] .
وقوله: ( وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ ) أي: يستفتحون على أعدائهم، ويَدْعون بقُرْب الفرج والمخرج، عند ضيق الحال والشدةولهذاقال الله تعالى: ( أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ )
رد مع اقتباس
  #62  
قديم 01-19-2009, 02:10 PM
أبو مصعب السلفي أبو مصعب السلفي غير متواجد حالياً
الراجي سِتْر وعفو ربه
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سترك ربى مشاهدة المشاركة
ياسألكم الدعاء بالستر والنصر وان يكفينا والمسلمين الظلم
اللهم آمين
واصلوا جزاكم الله خيراً
..
التوقيع

قال الشاطبي في "الموافقات":
المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبداً لله اختيارًا, كما هو عبد لله اضطراراً .
اللـــه !! .. كلام يعجز اللسان من التعقيب عليه ويُكتفى بنقله وحسب .
===
الذي لا شك فيه: أن محاولة مزاوجة الإسلام بالديموقراطية هى معركة يحارب الغرب من أجلها بلا هوادة، بعد أن تبين له أن النصر على الجهاديين أمر بعيد المنال.
د/ أحمد خضر
===
الطريقان مختلفان بلا شك، إسلام يسمونه بالمعتدل: يرضى عنه الغرب، محوره ديموقراطيته الليبرالية، ويُكتفى فيه بالشعائر التعبدية، والأخلاق الفاضلة،
وإسلام حقيقي: محوره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأساسه شريعة الله عز وجل، وسنامه الجهاد في سبيل الله.
فأي الطريقين تختاره مصر بعد مبارك؟!
د/أحمد خضر

من مقال
رد مع اقتباس
  #63  
قديم 01-22-2009, 05:39 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)
ومعنى الآية: يسألونك كيف ينفقون؟ فبين لهم تعالى ذلك فقال : ( قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) أي: اصرفُوها في هذه الوجوه وتلا ميمون بن مِهْرَان هذه الآية، ثم قال: هذه مواضع النفقة ما ذكر فيها طبلا ولا مزمارًا، ولا تصاوير الخشب، ولا كُسوة الحيطان.
ثم قال تعالى: ( وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) أي: مهما صَدَرَ منكم من فعل معروف، فإن الله يعلَمُه، وسيجزيكم على ذلك أوفرَ الجزاء؛ فإنه لا يظلم أحدًا مثقالَ ذَرّة
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (216)
هذا إيجاب من الله تعالى للجهاد على المسلمين: أن يكُفُّوا شرّ الأعداء عن حَوْزة الإسلام.
وقال الزهري: الجهادُ واجب على كلّ أحد، غزا أو قعد؛ فالقاعد عليه إذَا استعين أن يَعينَ، وإذا استُغيثَ أن يُغيثَ، وإذا استُنْفرَ أن ينفر، وإن لم يُحتَجْ إليه قعد.
قلت: ولهذا ثَبَت في الصحيح "من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بغزو مات ميتة جاهلية". وقال صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: "لا هجرة، ولكن جهاد ونيَّة، إذا استنفرتم فانفروا"
وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ: أي: شديد عليكم ومشقة. وهو كذلك، فإنه إما أن يُقْتَلَ أو يجرحَ مع مشقة السفر ومجالدَة الأعداء
ثم قال تعالى: ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) أي: لأنّ القتالَ يعقبه النصر والظفر على الأعداء، والاستيلاء على بلادهم، وأموالهم، وذرَاريهم، وأولادهم.
( وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ) وهذا عام في الأمور كلّها، قد يُحِبّ المرءُ شيئًا، وليس له فيه خيرة ولا مصلحة. ومن ذلك القُعُود عن القتال، قد يَعْقُبُه استيلاء العدو على البلاد والحكم.
ثم قال تعالى: ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) أي: هو أعلم بعواقب الأمور منكم، وأخبَرُ بما فيه صلاحكم في دنياكم وأخراكم؛ فاستجيبوا له، وانقادوا لأمره، لعلكم ترشدون.

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218)
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220)

عن عمر بن الخطاب أنَّه قال: لما نـزل تحريم الخمر قال: اللهم بَيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنـزلت هذه الآية التي في البقرة: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ]
فقوله: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) أما الخمر فكما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: إنه كل ما خامر العقل. كما سيأتي بيانُه في سورة المائدة، وكذا الميسر، وهو القمار
وقوله: ( قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) أما إثمهما فهو في الدين، وأما المنافع فدنيوية، من حيث إن فيها نفع البدن، وتهضيم الطعام، وإخراجَ الفضلات، وتشحيذ بعض الأذهان، ولذّة الشدّة المطربة التي فيها.وكذا بيعها والانتفاع بثمنها. وما كان يُقَمِّشه بعضهم من الميسر فينفقه على نفسه أو عياله. ولكن هذه المصالح لا توازي مضرّته ومفسدته الراجحة، لتعلقها بالعقل والدين ولهذا قال تعالى :
"وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا" ولهذا كانت هذه الآية ممهدة لتحريم الخمر على البتات، ولم تكن مصرحة بل معرضة؛ ولهذا قال عمر، رضي الله عنه، لما قرئت عليه: اللهم بَين لنا في الخمر بيانًا شافيًا، حتى نـزل التصريح بتحريمها في سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة: 90، 91]

وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْو: ما يفضل عن أهلك. ( قُلِ الْعَفْوَ ) يعني الفضل.
وقوله: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ * فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ أي: كما فصَّل لكم هذه الأحكام وبينَها وأوضحها، كذلك يبين لكم سائر الآيات في أحكامه ووعده، ووعيده، لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة يعني في زوال الدنيا وفنائها، وإقبال الآخرة وبقائهالمن تفكر فيها، ليعلم أن الدنيا دار بلاء، ثم دار فناء، وليعلم أن الآخرة دار جزاء، ثم دار بقاء
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ:
عن ابن عباس قال: لما نـزلت: وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الإسراء: 34] و إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء: 10] انطلق من كان عنده يتيم فعزَل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضُل له الشيء من طعامه فيُحبَس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنـزل الله: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ) فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهمفقوله " قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ" أي: على حدَة ( وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ) أي: وإن خلطتم طعامكم بطعامهم وشرابكم بشرابهم، فلا بأس عليكم؛ لأنهم إخوانكم في الدين؛ ولهذا قال"وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ": أي: يعلم مَنْ قَصْدُه ونيته الإفسادَ أو الإصلاح.
وقوله :" وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" أي: ولو شاء لضيّق عليكم وأحرجَكم ولكنه وَسَّع عليكم، وخفَّف عنكم، وأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن، كما قال: وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الأنعام: 152]، ، بل قد جوز الأكل منه للفقير بالمعروف، إما بشرط ضمان البدل لمن أيسر، أو مجانًا كما سيأتي بيانه في سورة النساء.
رد مع اقتباس
  #64  
قديم 01-27-2009, 05:19 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221)
هذا تحريم من الله عزّ وجل على المؤمنين أن يتزوّجوا المشركات من عبدة الأوثان. ثم إن كان عمومُها مرادًا، وأنَّه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية، فقد خَص من ذلك نساء أهل الكتاب
وقيل: بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان، ولم يُردْ أهل الكتاب بالكلية، والمعنى قريب من الأول، والله أعلم.
قال أبو جعفر بن جرير، رحمه الله، بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات: وإنما كره عمر ذلك، لئلا يزهد الناس في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني،
وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا: أي: لا تُزَوّجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات،
ثم قال تعالى: ( وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ) أي: ولرجل مؤمن -ولو كان عبدًا حبشيًا -خير من مشرك، وإن كان رئيسًا سَرِيًا ( أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) أي: معاشَرتهم ومخالطتهم تبعث على حب الدنيا واقتنائها وإيثارها على الدار الآخرة، وعاقبة ذلك وخيمة ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ) أي: بشرعه وما أمر به وما نهى عنه ( وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ )
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223)
عن أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يُؤَاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحابُ النبي [النبيَّ] صلى الله عليه وسلم فأنـزل الله عز وجل: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ) حتى فرغ من الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح". فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يَدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه! فجاء أسيد بن حُضَير وعبَّاد بن بشر فقالا يا رسول الله، إن اليهود قالت كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وَجَدَ عليهما، فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يَجدْ عليهما.
فقوله: ( فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) يعني الفَرْج، لقوله: "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" ؛ ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنه تجوز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج.
فقوله تعالى: ( وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) تفسير لقوله: ( فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) ونهي عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجودًا، ومفهومه حله إذا انقطع
فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ: فيه ندب وإرشاد إلى غشيانهن بعد الاغتسال
وقد اتفق العلماء على أن المرأة إذا انقطع حيضُها لا تحل حتى تغتسل بالماء أو تتيمم، إن تعذر ذلك عليها بشرطه،
( حَتَّى يَطْهُرْنَ ) أي: من الدم ( فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ) أي: بالماء وقوله: ( مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) يعني الفَرْج؛ وقيل: أي: أن تعتزلوهن. وفيه دلالة حينئذ على تحريم الوطء في الدبر
( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) أي: من الذنب وإن تكرر غشْيانه، ( وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) أي: المتنـزهين عن الأقذار والأذى، وهو ما نهوا عنه من إتيان الحائض، أو في غير المأتى.
وقوله: ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ) قال ابن عباس: الحرث موضع الولد ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) أي: كيف شئْتم مقبلة ومدبرة في صِمام واحد، كما ثبتت بذلك الأحاديث.
وقوله تعالى: ( وَقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ ) أي: من فعل الطاعات، مع امتثال ما نهاكم عنه من ترك المحرمات؛ ولهذا قال: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ ) أي: فيحاسبكم على أعمالكم جميعًا.
( وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) أي: المطيعين لله فيما أمرهم، التاركين ما عنه زجرهم.
، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جَنِّبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدًا"
وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)
يقول تعالى: لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها،
فالاستمرار على اليمين آثَمُ لصاحبها من الخروج منها بالتكفير. كما قال البخاري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لأن يلجَّ أحدكم بيمينه في أهله آثمُ له عند الله من أن يُعطي كفارته التي افترض الله عليه"
قوله تعالى : ( وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ ) عن بن عباس قال قال: لا تجعلن عرضة ليمينك ألا تصنع الخير، ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير.
لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)
وقوله: ( لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) أي: لا يعاقبكم ولا يلزمكم بما صدر منكم من الأيمان اللاغية، وهي التي لا يقصدها الحالف، بل تجري على لسانه عادة من غير تعقيد ولا تأكيد
ولهذا قال تعالى: ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) قيل ان يحلف على الشىء وهو يعلمةانه كاذب
رد مع اقتباس
  #65  
قديم 03-01-2009, 06:40 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)
الإيلاء: الحلف، فإذا حلف الرجل ألا يجامع زوجته مدة، فلا يخلو: إما أن يكون أقل من أربعة أشهر، أو أكثر منها، فإن كانت أقل، فله أن ينتظر انقضاء المدة ثم يجامع امرأته، وعليها أن تصبر، وليس لها مطالبته بالفيئة في هذه المدة، وهذا كما ثبت في الصحيحين عن عائشة: أن رسول الله آلى من نسائه شهرًا، فنـزل لتسع وعشرين، وقال: "الشهر تسع وعشرون" ولهما عن عمر بن الخطاب نحوه. فأما إن زادت المدة على أربعة أشهر، فللزوجة مطالبة الزوج عند انقضاء أربعة أشهر: إما أن يفيء -أي: يجامع -وإما أن يطلق، فيجبره الحاكم على هذا أو هذا لئلا يضر بها. ولهذا قال تعالى: ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ ) أي: يحلفون على ترك الجماع من نسائهم، فيه دلالة على أن الإيلاء يختص بالزوجات دون الإماء كما هو مذهب الجمهور. ( تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) أي: ينتظر الزوج أربعة أشهر من حين الحلف، ثم يوقف ويطالب بالفيئة أو الطلاق. ولهذا قال: ( فَإِنْ فَاءُوا ) أي: رجعوا إلى ما كانوا عليه، وهو كناية عن الجماع، قاله ابن عباس، ومسروق والشعبي، وسعيد بن جبير، وغير واحد، ومنهم ابن جرير رحمه الله ( فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) أي: لما سلف من التقصير في حقهن بسبب اليمين.
وقوله: ( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ ) فيه دلالة على أنه لا يقع الطلاق بمجرد مضي الأربعة أشهر كقول الجمهور ،وذهب آخرون إلى أنه يقع بمضي الأربعة أشهر تطليقة، ثم قيل إنها تطلق بمضي الأربعة أشهر طلقة رجعية؛ فكل من قال: إنها تطلق بمضي الأربعة أشهر أوجب عليها العدة ، والذي عليه الجمهور أنه يوقف فيطالب إما بهذا أو هذا ولا يقع عليها بمجرد مضيها طلاق.
وعن عبد الله بن عمر أنه قال: إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق وإن مضت أربعة أشهر، حتى يوقف، فإما أن يطلق، وإما أن يفيء.


وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)

هذا الأمر من الله سبحانه وتعالى للمطلقات المدخول بهن من ذوات الأقراء، بأن يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء، أي: بأن تمكث إحداهن بعد طلاق زوجها لها ثلاثة قروء؛ ثم تتزوج إن شاءت
وقد اختلف السلف والخلف والأئمة في المراد بالأقْرَاء ما هو ؟ على قولين:
أحدهما : أن المراد بها: الأطهار. والقول الثاني : أن المراد بالأقراء: الحيض، فلا تنقضي العدة حتى تطهر من الحيضة الثالثة، زاد اخرون وتغتسل منه
وقوله: ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ ) أي: من حَبَل أو حيض..
وقوله: ( إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) تهديد لهن على قول خلاف الحق. ودل هذا على أن المرجع في هذا إليهن؛ لأنه أمر لا يعلم إلا من جهتين، وتتعذر إقامة البينة غالبًا على ذلك، فردّ الأمر إليهن، وتُوُعِّدْنَ فيه، لئلا تخبر بغير الحق إما استعجالا منها لانقضاء العدة، أو رغبة منها في تطويلها، لما لها في ذلك من المقاصد. فأمرت أن تخبر بالحق في ذلك من غير زيادة ولا نقصان.

وقوله: ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا ) أي: وزوجها الذي طلقها أحق بردها ما دامت في عدتها، إذا كان مراده بردها الإصلاح والخير. وهذا في الرجعيات. فأما المطلقات البوائن فلم يكنْ حالَ نـزول هذه الآية مطلقة بائن، وإنما صار ذلك لما حُصروا في الطلقات الثلاث، فأما حال نـزول هذه الآية فكان الرجل أحقّ برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة، فلما قصروا في الآية التي بعدها على ثلاث تطليقات صار للناس مطلقة بائن وغير بائن
وقوله: ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) أي: ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فلْيؤد كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف، كما ثبت في صحيح مسلم، عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته، في حجة الوداع:"فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهُنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مُبَرِّح، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف". وفي حديث بهز بن حكيم، عن معاوية بن حَيْدَة القُشَيري، عن أبيه، عن جده، أنه قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمْتَ، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تُقَبِّح، ولا تهجر إلا في البيت
وقوله: ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ) أي: في الفضيلة في الخُلُق، والمنـزلة، وطاعة الأمر، والإنفاق، والقيام بالمصالح، والفضل في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34] .
وقوله: ( وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) أي: عزيز في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره، حكيم في أمره وشرعه وقدره.
رد مع اقتباس
  #66  
قديم 03-04-2009, 05:21 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)
هذه الآية الكريمة رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام، من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته، وإن طلقها مائة مرة ما دامت في العدة، فلما كان هذا فيه ضرر على الزوجات قصرهم الله عز وجل إلى ثلاث طلقات، وأباح الرجعة في المرة والثنتين ، فقال: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) .

وقوله: ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) أي: إذا طلقتها واحدة أو اثنتين، فأنت مخير فيها ما دامت عدتها باقية، بين أن تردها إليك ناويًا الإصلاح بها والإحسان إليها، وبين أن تتركها حتى تنقضي عدتها، فتبين منك، وتطلق سراحها محسنًا إليها، لا تظلمها من حقها شيئًا، ولا تُضارّ بها.

وقوله: ( وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا) أي: لا يحل لكم أن تُضَاجِروهن وتضيّقوا عليهن، ليفتدين منكم بما أعطيتموهن من الأصدقة أو ببعضه، كما قال تعالى: وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] فأما إن وهبته المرأة شيئًا عن طيب نفس منها. فقد قال تعالى: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4]
وأما إذا تشاقق الزوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها، ولا عليه في قبول ذلك منها؛ ولهذا قال تعالى: ( وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) الآية.
فأما إذا لم يكن لها عذر وسألت الافتداء منه، فقد ورد عن عن ثوبان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة".
ثم قد قال طائفة كثيرة من السلف وأئمة الخلف: إنه لا يجوز الخلع إلا أن يكون الشقاق والنشوز من جانب المرأة، فيجوز للرجل حينئذ قبول الفدية، واحتجوا بقوله: ( وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا [إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ]) . قالوا: فلم يشرع الخلع إلا في هذه الحالة، فلا يجوز في غيرها إلا بدليل، والأصل عَدَمُه، وممن ذهب إلى هذا ابن عباس، وطاوس، وإبراهيم، وعطاء، [والحسن] والجمهور، حتى قال مالك والأوزاعي: لو أخذ منها شيئًا وهو مضارّ لها وجب ردّه إليها، وكان الطلاق رجعيًا.
وقوله: ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) أي: هذه الشرائع التي شرعها لكم هي حدوده، فلا تتجاوزوهاوقد يستدل بهذه الآية من ذهب إلى أن جمع الطلقات الثلاث بكلمة واحدة حرام، كما هو مذهب المالكية ومن وافقهم، وإنما السنة عندهم أن يطلق واحدة واحدة، لقوله: ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ ) ثم قال: ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )
وقوله تعالى: ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ) أي: أنه إذا طلق الرجل امرأته طلقة ثالثة بعد ما أرسل عليها الطلاق مرتين، فإنها تحرم عليه حتى تنكح زوجا غيره، أي: حتى يطأها زوج آخر في نكاح صحيح، فلو وطئها واطئ في غير نكاح، ولو في ملك اليمين لم تحل للأول؛ لأنه ليس بزوج، وهكذا لو تزوجت، ولكن لم يدخل بها الزوج لم تحل للأول
عن عائشة قالت: دخلت امرأة رفاعة القرظي -وأنا وأبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم -فقالت: إن رفاعة طلقني البتة، وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني، وإنما عنده مثل الهدبة، وأخذت هدبة من جلبابها، وخالد بن سعيد بن العاص بالباب لم يؤذن له، فقال: يا أبا بكر، ألا تنهي هذه عما تجهر به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم! فما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك".
وقوله: ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) أي: الزوج الثاني بعد الدخول بها ( فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا ) أي: المرأة والزوج الأول ( إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ) أي: يتعاشرا بالمعروف [وقال مجاهد: إن ظنا أن نكاحهما على غير دلسة] ( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ) أي: شرائعه وأحكامه ( يُبَيِّنُهَا ) أي: يوضحها ( لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )
وقد اختلف الأئمة، رحمهم الله، فيما إذا طلق الرجل امرأته طلقة أو طلقتين، وتركها حتى انقضت عدتها، ثم تزوجت بآخر فدخل بها، ثم طلقها فانقضت عدتها، ثم تزوجها الأول: هل تعود إليه بما بقي من الثلاث، كما هو مذهب مالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وهو قول طائفة من الصحابة، رضي الله عنهم؟ أو يكون الزوج الثاني قد هدم ما قبله من الطلاق، فإذا عادت إلى الأول تعود بمجموع الثلاث، كما هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله؟ وحجتهم أن الزوج الثاني إذا هدم الثلاث فلأن يهدم ما دونها بطريق الأولى والأحرى، والله أعلم.
رد مع اقتباس
  #67  
قديم 03-08-2009, 03:51 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)

هذا أمر من الله عز وجل للرجال إذا طلق أحدهم المرأة طلاقا له عليها فيه رجعة، أن يحسن في أمرها إذا انقضت عدتها، ولم يبق منها إلا مقدار ما يمكنه فيه رجعتها، فإما أن يمسكها، أي: يرتجعها إلى عصمة نكاحه بمعروف، وهو أن يشهد على رجعتها، وينوي عشرتها بالمعروف، أو يسرحها، أي: يتركها حتى تنقضي عدتها، ويخرجها من منـزله بالتي هي أحسن، من غير شقاق ولا مخاصمة ولا تقابح، قال الله تعالى: ( وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا )
قال غير واحد: كان الرجل يطلق المرأة، فإذا قاربت انقضاء العدة راجعها ضرارًا، لئلا تذهب إلى غيره، ثم يطلقها فتعتد، فإذا شارفت على انقضاء العدة طلق لتطول عليها العدة، فنهاهم الله عن ذلك، وتوعدهم عليه فقال: ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) أي: بمخالفته أمر الله تعالى.
وقوله: ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) أي: في إرساله الرسول بالهدى والبينات إليكم ( وَمَا أَنـزلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ ) أي: السنة ( يَعِظُكُمْ بِهِ ) أي: يأمركم وينهاكم ويتوعدكم على ارتكاب المحارم ( وَاتَّقُوا اللَّهَ ) أي: فيما تأتون وفيما تذرون ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) أي: فلا يخفى عليه شيء من أموركم السرية والجهرية، وسيجازيكم على ذلك.

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (232)

قال عدد من اهل العلم نـزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين، فتنقضي عدتها، ثم يبدو له أن يتزوجها وأن يراجعها، وتريد المرأة ذلك، فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى الله أن يمنعوها.
وهذا الذي قالوه ظاهر من الآية، وفيها دلالة على أن المرأة لا تملك أن تزوج نفسها، وأنه لا بد في تزويجها من ولي،
وقد روي أن هذه الآية نـزلت في معقل بن يسار المزني وأخته، فقد اخرج البخاري من حديث معقل بن يسار أنه زوج أخته رجلا من المسلمين، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عنده ما كانت، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت العدة، فهويها وهويته، ثم خطبها مع الخطاب، فقال له: يا لكع أكرمتك بها وزوجتكها، فطلقتها! والله لا ترجع إليك أبدًا، آخر ما عليك قال: فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها، فأنـزل الله: ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) إلى قوله: ( وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فلما سمعها معقل قال: سَمْعٌ لربي وطاعة ثم دعاه، فقال: أزوجك وأكرمك.

وقوله: ( ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) أي: هذا الذي نهيناكم عنه من منع الولايا أن يتزوجن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف، يأتمر به ويتعظ به وينفعل له ( مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ) أيها الناس ( يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) أي: يؤمن بشرع الله، ويخاف وعيد الله وعذابه في الدار الآخرة وما فيها من الجزاء ( ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ ) أي: اتباعكم شرع الله في رد الموليات إلى أزواجهن، وترك الحمية في ذلك، أزكى لكم وأطهر لقلوبكم ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ ) أي: من المصالح فيما يأمر به وينهى عنه ( وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) أي: الخيرة فيما تأتون ولا فيما تذرون.


وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233)

هذا إرشاد من الله تعالى للوالدات: أن يرضعن أولادهن كمال الرضاعة، وهي سنتان، فلا اعتبار بالرضاعة بعد ذلك؛ ولهذا قال: ( لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ) وذهب أكثر الأئمة إلى أنه لا يحرم من الرضاعة إلا ما كان دون الحولين، فلو ارتضع المولود وعمره فوقهما لم يحرم.
عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام".والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئًا
ومعنى قوله: إلا ما كان في الثدي، أي: في محل الرضاعة قبل الحولين.

وقد روي في الصحيح عن عائشة، رضي الله عنها: أنها كانت ترى رضاع الكبير يؤثر في التحريم، وهو قول عطاء بن أبي رباح، والليث بن سعد، وكانت عائشة تأمر بمن تختار أن يدخل عليها من الرجال لبعض نسائها فترضعه، وتحتج في ذلك بحديث سالم مولى أبي حذيفة حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم امرأة أبي حذيفة أن ترضعه، وكان كبيرًا، فكان يدخل عليها بتلك الرضاعة، وأبى ذلك سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ورأين ذلك من الخصائص، وهو قول الجمهور. وحجة الجمهور -منهم الأئمة الأربعة، والفقهاء السبعة، والأكابر من الصحابة، وسائر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى عائشة -ما ثبت في الصحيحين، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "انظرْنَ من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة".
وقوله: ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) أي: وعلى والد الطفل نفقة الوالدات وكسوتهن بالمعروف، أي: بما جرت به عادة أمثالهن في بلدهنّ من غير إسراف ولا إقتار، بحسب قدرته في يساره وتوسطه وإقتاره، كما قال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطلاق:7]
وقوله: ( لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا ) أي: لا تدفعه عنها لتضر أباه بتربيته، ولكن ليس لها دفعُه إذا ولدته حتى تسقيه اللّبأ الذي لا يعيش بدون تناوله غالبًا، ثم بعد هذا لها رفعه عنها إن شاءت، ولكن إن كانت مضارة لأبيه فلا يحل لها ذلك، كما لا يحل له انتزاعه منها لمجرد الضّرار لها. ولهذا قال: ( وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ) أي: بأن يريد أن ينتزع الولد منها إضرارًا بها.
وقوله: ( وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ) قيل: في عدم الضرار وقيل: عليه مثل ما على والد الطفل من الإنفاق على والدة الطفل، والقيام بحقوقها وعدم الإضرار بها، وهو قول الجمهور.
وقوله: ( فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ) أي: فإن اتفق والدا الطفل على فطامه قبل الحولين، ورأيا في ذلك مصلحة له، وتشاورا في ذلك، وأجمعا عليه، فلا جناح عليهما في ذلك، فيؤْخَذُ منه: أن انفراد أحدهما بذلك دون الآخر لا يكفي، ولا يجوز لواحد منهما أن يستبد بذلك من غير مشاورة الآخر، قاله الثوري وغيره، وهذا فيه احتياط للطفل، وإلزام للنظر في أمره، وهو من رحمة الله بعباده، حيث حجر على الوالدين في تربية طفلهما وأرشدهما إلى ما يصلحه ويصلحهما كما قال في سورة الطلاق: فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى [الطلاق:6].
وقوله: ( وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ ) أي: إذا اتفقت الوالدة والوالد على أن يتسلم منها الولد إما لعذر منها، أو عذر له، فلا جناح عليهما في بذله، ولا عليه في قبوله منها إذا سلمها أجرتها الماضية بالتي هي أحسن، واسترضع لولده غيرها بالأجرة بالمعروف. قاله غير واحد.
وقوله: ( وَاتَّقُوا اللَّهَ ) أي: في جميع أحوالكم ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) أي: فلا يخفى عليه شيء من أحوالكم وأقوالكم.


رد مع اقتباس
  #68  
قديم 04-04-2009, 02:26 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)

هذا أمر من الله للنساء اللاتي يُتَوَفَّى عنهن أزواجهن: أن يعتددن أربعة أشهر وعشر ليال وهذا الحكم يشمل الزوجات المدخول بهن وغير المدخول بهن بالإجماع، ومستنده في غير المدخول بها عُمُوم الآية الكريمة،
وحديث أن ابن مسعود سُئِل عن رجل تزوّج امرأة فمات ولم يدخل بها، ولم يفرض لها؟ فترددوا إليه مرارًا في ذلك فقال: أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكُن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه: [أرى] لها الصداق كاملا. وفي لفظ: لها صداق مثلها، لا وكس، ولا شَطَط، وعليها العدّة، ولها الميراث. فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قَضى به في بَرْوَع بنت واشق. ففرح عبد الله بذلك فرحًا شديدًا. وفي رواية: فقام رجال من أشجع، فقالوا: نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به في بَرْوَع بنت وَاشِق


ولا يخرج من ذلك إلا المتوفى عنها زوجها، وهي حامل، فإن عدّتها بوضع الحمل، ولو لم تمكث بعده سوى لحظة؛ لعموم قوله: وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق: 4] . وكان ابن عباس يرى: أن عليها أن تتربص بأبعد الأجلين من الوضع، أو أربعة أشهر وعشر، للجمع بين الآيتين، وهذا مأخذ جيد ومسلك قوي، لولا ما ثبتت به السنة في حديث سبيعة الأسلمية،أنه توفي عنها زوجها سعد بن خولة، وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، وفي رواية: فوضعت حملها بعده بليال، فلما تَعَلَّتْ من نفاسها تجملت للخُطَّاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بَعْكَك، فقال لها: ما لي أراك مُتَجَمِّلة؟ لعلك ترجين النكاح. والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة أشهر وعَشْر. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حلَلَتُ حين وضعتُ، وأمرني بالتزويج إن بدا لي.


قال أبو عمر بن عبد البر: وقد روي أن ابن عباس رجع إلى حديث سُبَيعة، يعني لما احتج عليه به. قال: ويصحح ذلك عنه: أن أصحابه أفتوا بحديث سبيعة، كما هو قول أهل العلم قاطبة.
وكذلك يستثنى من ذلك الزوجة إذا كانت أمة، فإن عدتها على النصف من عدة الحرة، شهران وخمس ليال، على قول الجمهور؛ لأنها لما كانت على النصف من الحرة في الحَدّ، فكذلك فلتكن على النصف منها في العدة. ومن العلماء -كمحمد بن سيرين وبعض الظاهرية -من يسوي بين الزوجات الحرائر والإماء في هذا المقام؛ لعموم الآية، ولأن العدة من باب الأمور الجبلية التي تستوي فيها الخليقة.
وقد ذكر سعيدُ بن المسيب، وأبو العالية وغيرهما: أن الحكمة في جعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرًا؛ لاحتمال اشتمال الرحم على حمل، فإذا انتظر به هذه المدة ظهر إن كان موجودًا، كما جاء في حديث ابن مسعود الذي في الصحيحين وغيرهما: "إن خلق أحدكم يُجمع في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح". فهذه ثلاث أربعينات بأربعة أشهر، والاحتياط بعشر بعدها لما قد ينقص بعض الشهور، ثم لظهور الحركة بعد نفخ الروح فيه، والله أعلم.

وقوله: ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) يستفاد من هذا وجوب الإحداد على المتوفى عنها زوجها مدة عدتها، لما ثبت في الصحيحين، عن أم حبيبة وزينب بنت جحش أمي المؤمنين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة بالله واليوم الآخر أن تُحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا". وفي الصحيحين أيضا، عن أم سلمة: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن ابنتي تُوفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينُها، أفنكْحُلُها؟ فقال: "لا ". كل ذلك يقول: "لا" مرتين أو ثلاثًا. ثم قال: "إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية تمكث سنة"
قالت زينب بنت أم سلمة: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفْشًا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبًا ولا شيئًا، حتى تمر بها سنة، ثم تخرج فتعطى بَعْرة فترمي بها، ثم تؤتى بدابة -حمار أو شاة أو طير -فَتَفْتَضَّ به فقلما تفتض بشيء إلا مات

ومن هاهنا ذهب كثير من العلماء إلى أن هذه الآية ناسخة للآية التي بعدها، وهي قوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة: 240]، كما قاله ابن عباس وغيره، وفي هذا نظر كما سيأتي تقريره.
والغرض أن الإحداد هو عبارة عن ترك الزينة من الطيب، ولبس ما يدعوها إلى الأزواج من ثياب وحُلِيٍّ وغير ذلك وهو واجب في عدة الوفاة قولا واحدًا، ولا يجب في عدة الرجعية قولا واحدًا، وهل يجب في عدة البائن؟ فيه قولان.
ويجب الإحداد على جميع الزوجات المتوفى عنهن أزواجهن، سواء في ذلك الصغيرة والآيسة والحرة والأمة، والمسلمة والكافرة، لعموم الآية. وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: لا إحداد على الكافرة. وبه يقول أشهبُ، وابنُ نافع من أصحاب مالك. وحجة قائل هذه المقالة قولهُ صلى الله عليه وسلم:"لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدّ على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا": قالوا: فجعله تعبدًا. وألحق أبو حنيفة وأصحابه والثوري الصغيرة بها، لعدم التكليف. وألحق أبو حنيفة وأصحابه الأمة المسلمة لنقصها. ومحل تقرير ذلك كله في كتب الأحكام والفروع، والله الموفق للصواب.
وقوله: ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) أي: انقضت عدتهن. قاله الضحاك والربيع بن أنس، ( فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) قال الزهري: أي: على أوليائها ( فِيمَا فَعَلْنَ ) يعني: النساء اللاتي انقضت عدتهن وقيل: ( فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) قال: هو النكاح الحلال الطيب.
رد مع اقتباس
  #69  
قديم 06-03-2009, 02:43 PM
سترك ربى سترك ربى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

http://www.qurancomplex.com/Quran/ta...l=arb&nAya=196


هذا اللينك

فيه كل القرأن ان شاء الله مفسر

وجزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
  #70  
قديم 06-04-2009, 11:30 PM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

بارك الله فيكِ أختنا الكريمة وجزاكِ الله خيرا على هذا المجهود جعله الله فى ميزان حسناتك
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 03:35 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.