انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 08-11-2008, 11:01 PM
أم الزبير محمد الحسين أم الزبير محمد الحسين غير متواجد حالياً
” ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب “
 




افتراضي

ما شاء الله بارك الله فيك يا حبيبة
جعله الله في ميزان حسناتك
التوقيع



عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 08-12-2008, 03:18 AM
أبو مصعب السلفي أبو مصعب السلفي غير متواجد حالياً
الراجي سِتْر وعفو ربه
 




افتراضي

ماشاء الله, جزاكم الله خيراً.
التوقيع

قال الشاطبي في "الموافقات":
المقصد الشرعي من وضع الشريعة إخراج المُكَلَّف عن داعية هواه, حتى يكون عبداً لله اختيارًا, كما هو عبد لله اضطراراً .
اللـــه !! .. كلام يعجز اللسان من التعقيب عليه ويُكتفى بنقله وحسب .
===
الذي لا شك فيه: أن محاولة مزاوجة الإسلام بالديموقراطية هى معركة يحارب الغرب من أجلها بلا هوادة، بعد أن تبين له أن النصر على الجهاديين أمر بعيد المنال.
د/ أحمد خضر
===
الطريقان مختلفان بلا شك، إسلام يسمونه بالمعتدل: يرضى عنه الغرب، محوره ديموقراطيته الليبرالية، ويُكتفى فيه بالشعائر التعبدية، والأخلاق الفاضلة،
وإسلام حقيقي: محوره كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأساسه شريعة الله عز وجل، وسنامه الجهاد في سبيل الله.
فأي الطريقين تختاره مصر بعد مبارك؟!
د/أحمد خضر

من مقال
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 08-19-2008, 12:59 AM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي

اللهم آمين
جزاكم الله خيراً
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 08-19-2008, 01:05 AM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي

قصة أم زرع:

قال الإمام البخاري -رحمه الله-: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ, قَلاَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ, حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ, عَنْ عُرْوَةَ, عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا, قَالَت الْأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ, لاَ سَهْل فَيُرْتَقَى وَلاَ سَمِين فَيُنْتَقَلُ, قَالَت الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ, إِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ, إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ, قَالَت الثَّالِثَةُ: زَوْجِي الْعَشَنَّقُ؛ إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ, وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ, قَالَت الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ؛ لاَ حَرٌّ وَلاَ قُرٌّ, وَلاَ مَخَافَةَ وَلاَ سَآمَةَ, قَالَت الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ, وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ, وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ, قَالَت السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ, وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ, وَإِن اضْطَجَعَ الْتَفَّ, وَلاَ يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ, قَالَت السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ, كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ, شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ, قَالَت الثَّامِنَةُ: زَوْجِي الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ, وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ, قَالَت التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ, طَوِيلُ النِّجَادِ, عَظِيمُ الرَّمَادِ, قَرِيبُ الْبَيْتِ مِن النَّادِ, قَالَت الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ! وَمَا مَالِكٌ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ, لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ, قَلِيلاَتُ الْمَسَارِحِ, وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ, قَالَت الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ! وَمَا أَبُو زَرْعٍ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ, وَمَلاَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ, وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي, وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ, فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ, وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ, وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ. أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؛ فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟ عُكُومُهَا رَدَاحٌ, وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ. ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؛ فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ, وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ. بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ؛ فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ؟ طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا, وَمِلْءُ كِسَائِهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا. جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؛ فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا, وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا, وَلاَ تَمْلاَ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا, قَالَت: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ؛ فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ, يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ, فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا, فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا, رَكِبَ شَرِيًّا, وَأَخَذَ خَطِّيًّا, وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا, وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا, وَقَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ, وَمِيرِي أَهْلَكِ, قَالَتْ: فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ! قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ: وَلاَ تُعَشِّشُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا, قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَأَتَقَمَّحُ بِالْمِيمِ وَهَذَا أَصَحُّ (1).




(1) صحيح البخاري، ح: (5189)، واللفظ له، وصحيح مسلم، ح: (2448).
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 08-19-2008, 01:08 AM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي

شرح المفردات(1):
(لَحْم جَمَل غَثّ): الْمُرَاد بِالْغَثِّ الْمَهْزُول.
(عَلَى رَأْس جَبَل وَعْر) أَي: صَعْب الْوُصُول إِلَيْهِ. فَالْمَعْنَى أَنَّهُ قَلِيلُ الْخَيْر مِنْ أَوْجُه: مِنْهَا كَوْنه كَلَحْمٍ لاَ كَلَحْمِ الضَّأْن, وَمِنْهَا أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ غَثٌّ مَهْزُولٌ رَدِيءٌ, وَمِنْهَا أَنَّهُ صَعْبُ التَّنَاوُل لاَ يُوصَل إِلَيْهِ لاَ بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ.
(عَلَى رَأْس جَبَل): أَي: يَتَرَفَّعُ, وَيَتَكَبَّرُ, وَيَسْمُو بِنَفْسِهِ فَوْق مَوْضِعهَا كَثِيرًا, أَي: أَنَّهُ يَجْمَعُ إِلَى قِلَّةِ خَيْرِهِ تَكَبُّره وَسُوء الْخُلُق.
(وَلاَ سَمِين فَيُنْتَقَل) أَي: تَنْقُلُهُ النَّاس إِلَى بُيُوتهمْ لِيَأْكُلُوهُ, بَلْ يَتْرُكُوهُ رَغْبَة عَنْهُ لِرَدَاءَتِهِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ يَحْتَمِلُ سُوءُ عِشْرَته بِسَبَبِهَا.
(لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ) أَي: لاَ أَنْشُرهُ وَأُشِيعُهُ.
(إِنِّي أَخَاف أَنْ لاَ أَذَرَهُ): فِيهِ تَأْوِيلاَنِ أَحَدهمَا لِابْنِ السِّكِّيت وَغَيْره: أَنَّ الْهَاء عَائِدَة عَلَى خَبَره, فَالْمَعْنَى أَنَّ خَبَره طَوِيل إِنْ شَرَعْت فِي تَفْصِيله لاَ أَقْدِرُ عَلَى إِتْمَامه لِكَثْرَتِهِ.
وَالثَّانِيَة أَنَّ الْهَاء عَائِدَة عَلَى الزَّوْج, وَتَكُون (لاَ) زَائِدَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: (مَا مَنَعَك أَنْ لاَ تَسْجُدَ) وَمَعْنَاهُ: إِنِّي أَخَاف أَنْ يُطَلِّقَنِي فَأَذَرَهُ.
(عُجَره وَبُجَره): فَالْمُرَاد بِهِمَا عُيُوبُهُ, وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْره: أَرَادَتْ بِهِمَا عُيُوبه الْبَاطِنَة, وَأَسْرَاره الْكَامِنَة.
وَأَصْلُ الْعُجَر: أَنْ يَعْتَقِدَ الْعَصَب أَو الْعُرُوق حَتَّى تَرَاهَا نَاتِئَة مِن الْجَسَد.
وَالْبُجَر: نَحْوهَا لاَ أَنَّهَا فِي الْبَطْن خَاصَّة, وَاحِدَتهَا بُجْرَة, وَمِنْهُ قِيلَ: رَجُل أَبْجَر إِذَا كَانَ نَاتِئ السُّرَّة عَظِيمهَا, وَيُقَالُ أَيْضًا: رَجُل أَنْجَر إِذَا كَانَ عَظِيمَ الْبَطْن, وَامْرَأَة بَجْرَاء وَالْجَمْع بُجَر. (فَالْعَشَنَّق): بِعَيْنٍ مُهْمَلَة مَفْتُوحَة ثُمَّ شِين مُعْجَمَة مَفْتُوحَة ثُمَّ نُون مُشَدَّدَة ثُمَّ قَاف, وَهُوَ الطَّوِيل, وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ فِيهِ أَكْثَر مِنْ طُول بِلاَ نَفْع, فَإِنْ ذَكَرْت عُيُوبه طَلَّقَنِي, وَإِنْ سَكَتّ عَنْهَا عَلَّقَنِي, فَتَرَكَنِي لاَ عَزْبَاء وَلاَ مُزَوَّجَة.
(زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَة لاَ حَرَّ وَلاَ قَرَّ, وَلاَ مَخَافَة وَلاَ سَآمَة): هَذَا مَدْح بَلِيغ, وَمَعْنَاهُ: لَيْسَ فِيهِ أَذَى, بَلْ هُوَ رَاحَة وَلَذَاذَة عَيْش, كَلَيْلِ تِهَامَة لَذِيذ مُعْتَدِل, لَيْسَ فِيهِ حَرّ, وَلاَ بَرْد مُفْرِط, وَلاَ أَخَافُ لَهُ غَائِلَة لِكَرمِ أَخْلاَقه, وَلاَ يَسْأَمُنِي وَيَمَلُّ صُحْبَتِي.
(زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِد, وَإِنْ خَرَجَ أَسِد, وَلاَ يَسْأَل عَمَّا عَهِدَ) هَذَا أَيْضًا مَدْح بَلِيغ , فَقَوْلهَا : فَهِد بِفَتْحِ الْفَاء وَكَسْر الْهَاء تَصِفُهُ إِذَا دَخَلَ الْبَيْت بِكَثْرَةِ النَّوْم وَالْغَفْلَة فِي مَنْزِله عَنْ تَعَهُّد مَا ذَهَبَ مِنْ مَتَاعه وَمَا بَقِيَ, وَشَبَّهَتْهُ بِالْفَهِدِ لِكَثْرَةِ نَوْمه, يُقَال: أَنْوَم مِنْ فَهِد.
(وَلاَ يَسْأَل عَمَّا عَهِدَ): أَي: لاَ يَسْأَلُ عَمَّا كَانَ عَهِدَهُ فِي الْبَيْت مِنْ مَاله وَمَتَاعه, وَإِذَا خَرَجَ أَسِد بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَكَسْر السِّين, وَهُوَ وَصْف لَهُ بِالشَّجَاعَةِ, وَمَعْنَاهُ: إِذَا صَارَ بَيْن النَّاس أَوْ خَالَطَ الْحَرْب كَانَ كَالْأَسَدِ, يُقَال: أَسِدَ وَاسْتَأْسَدَ.
قَالَ الْقَاضِي: وَقَال ابن أَبِي أُوَيْس: مَعْنَى فَهِد إِذَا دَخَلَ الْبَيْت وَثَبَ عَلَيَّ وُثُوب الْفَهد فَكَأَنَّهَا تُرِيدُ ضَرْبهَا, وَالْمُبَادَرَة بِجِمَاعِهَا, وَالصَّحِيح الْمَشْهُور التَّفْسِير الْأَوَّل.
(اللَّفّ): فِي الطَّعَام الْإِكْثَار مِنْهُ مَعَ التَّخْلِيط مِنْ صُنُوفه حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهَا شَيْء.
(وَالاِشْتِفَاف): فِي الشُّرْب أَنْ يَسْتَوْعِبَ جَمِيع مَا فِي الْإِنَاء, مَأْخُوذ مِن الشُّفَافَة بِضَمِّ الشِّين, وَهِيَ مَا بَقِيَ فِي الْإِنَاء مِن الشَّرَاب, فَإِذَا شَرِبَهَا قِيلَ: اِشْتَفَّهَا, وَتَشَافَهَا.
(وَلاَ يُولِجُ الْكَفّ لِيَعْلَم الْبَثّ): قَالَ أَبُو عُبَيْد: أَحْسِبُهُ كَانَ بِجَسَدِهَا عَيْبٌ أَوْ دَاءٌ كنت بِهِ, لِأَنَّ الْبَثَّ الْحُزْنُ, فَكَانَ لاَ يُدْخِلُ يَده فِي ثَوْبِهَا لِيَمَسّ ذَلِكَ فَيَشُقّ عَلَيْهَا, فَوَصَفَتْهُ بِالْمُرُوءَةِ وَكَرَم الْخُلُق.
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: قَالَ ابن الْأَعْرَابِيّ: هَذَا ذَمّ لَهُ, أَرَادَت: وَإِن اضْطَجَعَ وَرَقَدَ اِلْتَفَّ فِي ثِيَابه فِي نَاحِيَةٍ, وَلَمْ يُضَاجِعْنِي لِيَعْلَمَ مَا عِنْدِي مِنْ مَحَبَّتِهِ. قَالَ: وَلاَ بَثَّ هُنَاكَ لاَ مَحَبَّتهَا الدُّنُوّ مِنْ زَوْجهَا.
وَقَالَ آخَرُونَ: أَرَادَتْ أَنَّهُ لاَ يَفْتَقِد أُمُورِي وَمَصَالِحِي.
(عَيَايَاء) بِالْمُهْمَلَةِ, وَفِي أَكْثَر الرِّوَايَات بِالْمُعْجَمَةِ, وَأَنْكَرَ أَبُو عُبَيْد وَغَيْره الْمُعْجَمَة, وَقَالُوا: الصَّوَاب الْمُهْمَلَة, وَهُوَ الَّذِي لاَ يُلْقِح.
وَقِيلَ: هُوَ الْعِنِّين الَّذِي تَعِيبُهُ مُبَاضَعَة النِّسَاء, وَيَعْجِز عَنْهَا.
(غَيَايَاء) بالغَيْنِ الْمُعْجَمَة؛ مِن الْغَيّ, وَهُوَ الِانْهِمَاك فِي الشَّرّ, أَوْ مِن الْغَيّ الَّذِي هُوَ الْخَيْبَة. قَالَ اللَّه تَعَالَى : (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا).
(طَبَاقَاء) فَمَعْنَاهُ: الْمُطْبَقَة عَلَيْهِ أُمُوره حُمْقًا.
وَقِيلَ: الَّذِي يَعْجِز عَن الْكَلاَم, فَتَنْطَبِق شَفَتَاهُ.
وَقِيلَ: هُوَ الْعِيّ الْأَحْمَق الْفَدْم.
(شَجَّك) أَي: جَرَحَك فِي الرَّأْس, فَالشِّجَاج جِرَاحَات الرَّأْس, وَالْجِرَاح فِيهِ وَفِي الْجَسَد.
(فَلَّك) الْفَلُّ الْكَسْر وَالضَّرْب.
وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا مَعَهُ بَيْن شَجّ رَأْس, وَضَرْب, وَكَسْر عُضْو, أَوْ جَمْع بَيْنهمَا. وَقِيلَ: الْمُرَاد بِالْفَلِّ هُنَا الْخُصُومَة.
(كُلّ دَاء لَهُ دَاء) أي: جَمِيع أَدْوَاء النَّاس مُجْتَمِعَة فِيهِ.
(الزَّرْنَب): نَوْع مِن الطِّيب مَعْرُوف. قِيلَ: أَرَادَتْ طِيب رِيح جَسَده.
وَقِيلَ: طِيب ثِيَابه فِي النَّاس.
وَقِيلَ: لِين خُلُقه وَحُسْن عِشْرَته.
(وَالْمَسّ مَسّ أَرْنَب) صَرِيح فِي لِين الْجَانِب, وَكَرَم الْخُلُق.
(رَفِيع الْعِمَاد): وَصْفه بِالشَّرَفِ, وَسَنَاء الذِّكْر. وَأَصْل الْعِمَاد عِمَاد الْبَيْت, وَجَمْعه عُمُد, وَهِيَ الْعِيدَانِ الَّتِي تُعْمَدُ بِهَا الْبُيُوت, أَي: بَيْته فِي الْحَسَب رَفِيع فِي قَوْمه.
وَقِيلَ: إِنَّ بَيْته الَّذِي يَسْكُنُهُ رَفِيع الْعِمَاد لِيَرَاهُ الضِّيفَان وَأَصْحَاب الْحَوَائِج فَيَقْصِدُوهُ, وَهَكَذَا بُيُوت الْأَجْوَاد.
(طَوِيل النِّجَاد): بِكَسْرِ النُّون تَصِفُهُ بِطُولِ الْقَامَة, وَالنِّجَاد حَمَائِل السَّيْف, فَالطَّوِيل يَحْتَاجُ إِلَى طُول حَمَائِل سَيْفه, وَالْعَرَب تَمْدَح بِذَلِكَ.
(عَظِيم الرَّمَاد): تَصِفُهُ بِالْجُودِ وَكَثْرَة الضِّيَافَة مِن اللُّحُوم وَالْخُبْز, فَيَكْثُرُ وَقُوده, فَيَكْثُر رَمَاده. وَقِيلَ: لِأَنَّ نَاره لاَ تُطْفَأُ بِاللَّيْلِ لِتَهْتَدِي بِهَا الضِّيفَان, وَالْأَجْوَاد يُعَظِّمُونَ النِّيرَان فِي ظَلاَم اللَّيْل, وَيُوقِدُونَهَا عَلَى التِّلاَل وَمَشَارِف الْأَرْض, وَيَرْفَعُونَ الْأَقْبَاس عَلَى الْأَيْدِي لِتَهْتَدِي بِهَا الضِّيفَان.
(قَرِيب الْبَيْت مِن النَّادِي) قَالَ أَهْل اللُّغَة: النَّادِي وَالنَّاد وَالنَّدَى وَالْمُنْتَدَى مَجْلِس الْقَوْم, وَصَفَتْهُ بِالْكَرَمِ وَالسُّؤْدُد, لِأَنَّهُ لاَ يَقْرُب الْبَيْت مِن النَّادِي لاَ مَنْ هَذِهِ صِفَته; لِأَنَّ الضِّيفَان يَقْصِدُونَ النَّادِي, وَلِأَنَّ أَصْحَاب النَّادِي يَأْخُذُونَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي مَجْلِسهمْ مِنْ بَيْت قَرِيب النَّادِي, وَاللِّئَام يَتَبَاعَدُونَ مِن النَّادِي.




(1) ينظر: شرح صحيح مسلم للنووي، 15/ 213-221.
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 08-19-2008, 01:09 AM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي

الحلقة التاسعة - قصة أم زرع (3-3)


(قَالَت الْعَاشِرَة: زَوْجِي مَالِك, فَمَا مَالِك مَالِك خَيْر مِنْ ذَلِكَ, لَهُ إِبِل كَثِيرَات الْمَبَارِك, قَلِيلاَت الْمَسَارِح, إِذَا سَمِعْنَ صَوْت الْمِزْهَر أَيْقَنَ أَنَّهُنَّ هَوَالِك): مَعْنَاهُ: أَنَّ لَهُ إِبِلاً كَثِيرًا فَهِيَ بَارِكَة بِفِنَائِهِ, لاَ يُوَجِّهُهَا تَسْرَح لاَ قَلِيلاً قَدْر الضَّرُورَة, وَمُعْظَم أَوْقَاتهَا تَكُون بَارِكَة بِفِنَائِهِ, فَإِذَا نَزَلَ بِهِ الضِّيفَان كَانَت لأَبِل حَاضِرَة; فَيَقْرِيهِمْ مِنْ أَلْبَانهَا وَلُحُومهَا.
َالْمِزْهَر): بِكَسْرِ الْمِيم الْعُودُ الَّذِي يَضْرِبُ, أَرَادَتْ أَنَّ زَوْجهَا عَوَّدَ إِبِله إِذَا نَزَلَ بِهِ الضِّيفَان نَحَرَ لَهُمْ مِنْهَا, وَأَتَاهُمْ بِالْعِيدَانِ وَالْمَعَازِف وَالشَّرَاب, فَإِذَا سَمِعَت لأَبِل صَوْت الْمِزْهَر عَلِمْنَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَهُ الضِّيفَان, وَأَنَّهُنَّ مَنْحُورَات هَوَالِك. هَذَا تَفْسِير أَبِي عُبَيْد وَالْجُمْهُور.
وَقِيلَ: مَبَارِكهَا كَثِيرَة لِكَثْرَةِ مَا يُنْحَرُ مِنْهَا لِلأَضْيَافِ, قَالَ هَؤُلاَءِ: وَلَوْ كَانَتْ كَمَا قَالَ لأَوَّلُونَ لَمَاتَتْ هُزَلاً, وَهَذَا لَيْسَ بِلاَزِمٍ; فَإِنَّهَا تَسْرَحُ وَقْتًا تَأْخُذُ فِيهِ حَاجَتهَا, ثُمَّ تَبْرُك بِالْفِنَاءِ.
وَقِيلَ: كَثِيرَات الْمَبَارِك أَيْ مَبَارِكهَا فِي الْحُقُوق وَالْعَطَايَا وَالْحِمَلاَت وَالضِّيفَان كَثِيرَة, مَرَاعِيهَا قَلِيلَة; لأَنَّهَا تُصْرَف فِي هَذِهِ الْوُجُوه. قَالَهُ اِبْن السِّكِّيت.
(أنَاس مِنْ حُلِيّ أُذُنَيّ) هُوَ بِتَشْدِيدِ الْيَاء مِنْ (أُذُنَيّ) عَلَى التَّثْنِيَة, وَالْحُلِيّ بِضَمِّ الْحَاء وَكَسْرهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ.
(وَالنَّوْس) بِالنُّونِ وَالسِّين المهْمَلَة الْحَرَكَة مِنْ كُلّ شَيْء مُتَدَلٍّ, يُقَالُ مِنْهُ: نَاسَ يَنُوسُ نَوْسًا, وَأَنَاسَهُ غَيْره أَنَاسَةً, وَمَعْنَاهُ حَلاَنِي قِرَطَة وَشُنُوفًا فَهُوَ تَنَوَّس أَيْ تَتَحَرَّك لِكَثْرَتِهَا.
(وَمَلاَ مِنْ شَحْم عَضُدِي) قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ أَسْمَنَنِي, وَمَلاَ بَدَنِي شَحْمًا, وَلَمْ تُرِدْ اخْتِصَاص الْعَضُدَيْنِ, لَكِنْ إِذَا سَمِنَتَا سَمِنَ غَيْرهمَا.
(وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي) هُوَ بِتَشْدِيدِ جِيم (بَجَّحَنِي), فَبَجِحَتْ بِكَسْرِ الْجِيم وَفَتْحهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ, أَفْصَحُهُمَا الْكَسْر, قَالَ الْجَوْهَرِيّ: الْفَتْح ضَعِيفَة, وَمَعْنَاهُ فَرَّحَنِي فَفَرِحْت, وَقَالَ ابن لأَنْبَارِيّ: وَعَظَّمَنِي فَعَظُمْت عِنْد نَفْسِي. يُقَالُ: فُلاَنٌ يَتَبَجَّحُ بِكَذَا أَي: يَتَعَظَّمُ وَيَفْتَخِرُ.
(فِي غُنَيْمَة) فَبِضَمِّ الْغَيْن تَصْغِير الْغَنَم, أَرَادَتْ أَنَّ أَهْلهَا كَانُوا أَصْحَاب غَنَم لاَ أَصْحَاب خَيْل وَإِبِل; لأَنَّ الصَّهِيل أَصْوَات الْخَيْل, وَلأَطِيط أَصْوَات لأَبِل وَحَنِينهَا, وَالْعَرَب لاَ تَعْتَدُّ بِأَصْحَابِ الْغَنَم, وَإِنَّمَا يَعْتَدُّونَ بِأَهْلِ الْخَيْل وَلأَبِل.
(بِشِقِّ) أَي: بِشَظَفٍ مِن الْعَيْش وَجَهْدٍ.
(وَدَائِس) هُوَ الَّذِي يَدُوسُ الزَّرْع فِي بَيْدَرِهِ.
(وَمُنَقٍّ) هُوَ بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْح النُّون وَتَشْدِيد الْقَاف, وَالْمُرَاد بِهِ الَّذِي يُنَقِّي الطَّعَام أَي: يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْته وَقُشُوره, وَالْمَقْصُود أَنَّهُ صَاحِب زَرْع, وَيَدُوسُهُ وَيُنَقِّيهِ.
(فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّح) مَعْنَاهُ لاَ يُقَبِّح قَوْلِي فَيَرُدُّ, بَلْ يَقْبَلُ مِنِّي.
(أَتَصَبَّحُ) معناه: أَنَام الصُّبْحَة, وَهِيَ بَعْد الصَّبَاح, أَيْ أَنَّهَا مَكْفِيَّة بِمَنْ يَخْدُمُهَا فَتَنَام.
(فَأَتَقَنَّح) بِالنُّونِ بَعْد الْقَاف, مَعْنَاهُ أُرْوَى حَتَّى أَدَعَ الشَّرَاب مِن الشِّدَّة الرِّي, وَمِنْهُ قَمَحَ الْبَعِير يَقْمَحُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الْمَاء بَعْد الرِّي, قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَلاَ أَرَاهَا قَالَتْ هَذِهِ لاَ لِعِزَّةِ الْمَاء عِنْدهمْ.
(عُكُومُهَا): الْعُكُوم لأَعْدَال وَلأَوْعِيَة الَّتِي فِيهَا الطَّعَام وَلأَمْتِعَة, وَاحِدُهَا عِكْم بِكَسْرِ الْعَيْن.
(وَرَدَاح) أَي: عِظَام كَبِيرَة, وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَرْأَةِ: رَدَاح إِذَا كَانَتْ عَظِيمَة لأَكْفَال. فَإِنْ قِيلَ: رَدَاح مُفْرَدَة, فَكَيْف وَصَفَ بِهَا الْعُكُوم, وَالْجَمْعُ لاَ يَجُوزُ وَصْفه بِالْمُفْرَدِ: قَالَ الْقَاضِي: جَوَابه أَنَّهُ أَرَادَ كُلّ عِكْم مِنْهَا رَدَاح, أَوْ يَكُون رَدَاح هُنَا مَصْدَرًا كَالذَّهَابِ.
(وَبَيْتهَا فَسَاح) بِفَتْحِ الْفَاء وَتَخْفِيف السِّين الْمُهْمَلَة, أَي: وَاسِع, وَالْفَسِيح مِثْله, هَكَذَا فَسَّرَهُ الْجُمْهُور. قَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا أَرَادَتْ كَثْرَة الْخَيْر وَالنِّعْمَة.
(مَضْجَعه كَمَسَلِّ شَطْبَة) الْمَسَلّ بِفَتْحِ الْمِيم وَالسِّين الْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد اللاَم.
(شَطْبَة) بِشِينٍ مُعْجَمَة ثُمَّ طَاء مُهْمَلَة سَاكِنَة ثُمَّ مُوَحَّدَة ثُمَّ هَاء, وَهِيَ مَا شُطِبَ مِنْ جَرِيد النَّخْل, أَيْ شُقَّ, وَهِيَ السَّعَفَة لأَنَّ الْجَرِيدَة تُشَقَّقُ مِنْهَا قُضْبَان رِقَاق, مُرَادهَا: أَنَّهُ مُهَفْهَف خَفِيف اللَّحْم كَالشَّطْبَةِ, وَهُوَ مِمَّا يُمْدَحُ بِهِ الرَّجُل.
(الْمَسَلّ) هُنَا مَصْدَر بِمَعْنَى الْمَسْلُول, أَي: مَا سُلَّ مِنْ قِشْره, وَقَالَ اِبْن لأَعْرَابِيّ وَغَيْره: أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا: ( كَمَسَلِّ شَطْبَة ) أَنَّهُ كَالسَّيْفِ سُلَّ مِنْ غِمْده.
(وَتُشْبِعُهُ ذِرَاع الْجَفْرَة) الذِّرَاع مُؤَنَّثَة, وَقَدْ تُذَكَّرُ, وَالْجَفْرَة بِفَتْحِ الْجِيم وَهِيَ لأَنْثَى مِنْ أَوْلاَد الْمَعْزِ, وَقِيلَ: مِن الضَّأْن, وَهِيَ مَا بَلَغَتْ أَرْبَعَة أَشْهُر وَفُصِلَتْ عَنْ أُمِّهَا, وَالذَّكَر جَفْر; لأَنَّهُ جَفَرَ جَنْبَاهُ, أي: عَظُمَا.
وَالْمُرَاد أَنَّهُ قَلِيل لأَكْل, وَالْعَرَب تَمْدَحُ بِهِ.
(طَوْع أَبِيهَا وَطَوْع أُمّهَا) أي: مُطِيعَة لَهُمَا مُنْقَادَة لأَمْرِهِمَا.
(وَمِلْء كِسَائِهَا) أي: مُمْتَلِئَة الْجِسْم سَمِينَة. وَقَالَتْ فِي الرِّوَايَة لأَخْرَى: ( صِفْر رِدَائِهَا ) بِكَسْرِ الصَّاد , وَالصِّفْر الْخَالِي, قَالَ الْهَرَوِيُّ: أَي: ضَامِرَة الْبَطْن, وَالرِّدَاء يَنْتَهِي إِلَى الْبَطْن. وَقَالَ غَيْره: مَعْنَاهُ أَنَّهَا خَفِيفَة أَعْلَى الْبَدَن, وَهُوَ مَوْضِع الرِّدَاء, مُمْتَلِئَة أَسْفَله, وَهُوَ مَوْضِع الْكِسَاء, وَيُؤَيِّد هَذَا أَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَة: ( وَمِلْء إِزَارهَا ). قَالَ الْقَاضِي: وَلأَوْلَى أَنَّ الْمُرَاد اِمْتِلاَء مَنْكِبَيْهَا, وَقِيَام نَهْدَيْهَا بِحَيْثُ يَرْفَعَانِ الرِّدَاء عَنْ أَعْلَى جَسَدهَا, فَلاَ يَمَسّهُ فَيَصِير خَالِيًا بِخِلاَفِ أَسْفَلهَا.
(وَغَيْظ جَارَتهَا) قَالُوا: الْمُرَاد بِجَارَتِهَا ضَرَّتهَا, يَغِيظهَا مَا تَرَى مِنْ حَسَنهَا وَجَمَالهَا وَعِفَّتهَا وَأَدَبهَا.
(لاَ تَبُثُّ حَدِيثنَا تَبْثِيثًا) هُوَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة بَيْن الْمُثَنَّاة وَالْمُثَلَّثَة أَيْ لاَ تُشِيعُهُ وَتُظْهِرُهُ, بَلْ تَكْتُمُ سِرَّنَا وَحَدِيثنَا كُلّه.
(وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتنَا تَنْقِيثًا) الْمِيرَة الطَّعَام الْمَجْلُوب, وَمَعْنَاهُ لاَ تُفْسِدُ, وَلاَ تَذْهَب بِهِ وَمَعْنَاهُ وَصْفُهَا بِلأَمَانَةِ.
(وَلاَ تَمْلاَ بَيْتنَا تَعْشِيشًا) هُوَ بِالْعَيْنِ بِالْمُهْمَلَةِ, أَيْ لاَ تَتْرُكُ الْكُنَاسَة وَالْقُمَامَة فِيهِ مُفَرَّقَة كَعُشِّ الطَّائِر, بَلْ هِيَ مُصْلِحَة لِلْبَيْتِ, مُعْتَنِيَة بِتَنْظِيفِهِ.
(وَلأَوْطَاب تُمْخَض) هُوَ جَمْع وَطْب بِفَتْحِ الْوَاو وَإِسْكَان الطَّاء, وَهُوَ جَمْعٌ قَلِيلُ النَّظِير. وَفِي رِوَايَة فِي غَيْر مُسْلِم: ( وَالْوِطَاب ), وَهُوَ الْجَمْعُ لأَصْلِيُّ, وَهِيَ سَقِيَّة اللَّبَن الَّتِي يُمْخَض فِيهَا.
( يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْت خَصْرهَا بِرُمَّانَتَيْنِ) قَالَ أَبُو عُبَيْد: مَعْنَاهُ أَنَّهَا ذَات كِفْل عَظِيم, فَإِذَا اسْتَلْقَتْ عَلَى قَفَاهَا نَتَأَ الْكِفْل بِهَا مِن لأَرْض حَتَّى تَصِيرَ تَحْتَهَا فَجْوَةً يَجْرِي فِيهَا الرُّمَّان.
قَالَ الْقَاضِي: قَالَ بَعْضهم: المرَاد بِالرُّمَّانَتَيْنِ هُنَا ثَدْيَاهَا, وَمَعْنَاهُ أَنَّ لَهَا نَهْدَيْنِ حَسَنَيْنِ صَغِيرَيْنِ كَالرُّمَّانَتَيْنِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا أَرْجَحُ لاَ سِيَّمَا وَقَدْ رُوِيَ: مِنْ تَحْت صَدْرهَا, وَمَنْ تَحْت دِرْعهَا, وَلأَنَّ الْعَادَة لَمْ تَجْرِ بِرَمْيِ الصِّبْيَان الرُّمَّان تَحْت ظُهُور أُمَّهَاتهمْ, وَلاَ جَرَت الْعَادَة أَيْضًا بِاسْتِلْقَاءِ النِّسَاء كَذَلِكَ حَتَّى يُشَاهِدَهُ مِنْهُنَّ الرِّجَال.
(سِرِّيًّا) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَة عَلَى الْمَشْهُور, مَعْنَاهُ سَيِّدًا شَرِيفًا. وَقِيلَ: سَخِيًّا.
(شَرِيًّا) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة بِلاَ خِلاَف, هُوَ الْفَرَس الَّذِي يَسْتَشْرِي فِي سَيْره أَيْ يُلِحُّ وَيَمْضِي بِلاَ فُتُور, وَلاَ اِنْكِسَار.
(وَأَخَذَ خَطِّيًّا) هُوَ بِفَتْحِ الْخَاء وَكَسْرهَا, وَالْفَتْح أَشْهَر, وَالْخَطِّيّ الرُّمْح؛ مَنْسُوب إِلَى الْخَطّ قَرْيَة مِنْ سَيْف الْبَحْر أَيْ سَاحِله عِنْد عَمَّان وَالْبَحْرَيْنِ.
(وَأَرَاحَ عَلَيَّ نعَمًا ثَرِيًّا) أي: أَتَى بِهَا إِلَى مُرَاحهَا بِضَمِّ الْمِيم هُوَ مَوْضِع مَبِيتهَا. وَالنَّعَم لأَبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم, وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَاد هُنَا بَعْضهَا وَهِيَ لأَبِل.
(وَالثَّرِيّ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيد الْيَاء الْكَثِير مِن الْمَال وَغَيْره, وَمِنْهُ الثَّرْوَة فِي الْمَال وَهِيَ كَثْرَته.
(مِنْ كُلّ رَائِحَة) أي: مِمَّا يَرُوح مِن لأَبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم وَالْعَبِيد.
(زَوْجًا) أي: اِثْنَيْنِ, وَيَحْتَمِل أَنَّهَا أَرَادَتْ صِنْفًا.
(ذَابِحَة) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة أي: مِنْ كُلّ مَا يَجُوزُ ذَبْحه مِن لأَبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم وَغَيْرهَا, وَهِيَ فَاعِلَة بِمَعْنَى مَفْعُولَة.
(مِيرِي أَهْلك) بِكَسْرِ الْمِيم مِن الْمِيرَة, أي: أَعْطِيهِمْ وَافْضُلِي عَلَيْهِمْ وَصِلِيهِمْ.
(تَنْقُث) بِفَتْحِ التَّاء وَإِسْكَان النُّون وَضَمّ الْقَاف, وَجَاءَ قَوْلهَا (تَنْقِيثًا) عَلَى غَيْر الْمَصْدَر, وَهُوَ جَائِز.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: (كُنْت لَك كَأَبِي زَرْع لأَمِّ زَرْع) قَالَ الْعُلَمَاء: هُوَ تَطْيِيبٌ لِنَفْسِهَا, وَإِيضَاحٌ لِحُسْنِ عِشْرَته إِيَّاهَا, وَمَعْنَاهُ أَنَا لَك كَأَبِي زَرْع, (وَكَانَ) زَائِدَة, أَوْ لِلدَّوَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) أي: كَانَ فِيمَا مَضَى, وَهُوَ بَاقٍ كَذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


من فوائد الحديث:

قَالَ الْعُلَمَاء: فِي حَدِيث أُمّ زَرْع هَذَا فَوَائِد مِنْهَا:
1- اسْتِحْبَاب حُسْن الْمُعَاشَرَة لِلأَهْلِ.
2- َجَوَاز لأَخْبَار عَن لأَمَم الْخَالِيَة.
3- َأَنَّ الْمُشَبَّه بِالشَّيْءِ لاَ يَلْزَمُ كَوْنُهُ مِثْله فِي كُلّ شَيْء.
4- وَمِنْهَا أَنَّ كِنَايَات الطَّلاَق لاَ يَقَعُ بِهَا طَلاَقٌ لاَ بِالنِّيَّةِ لأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَة: كُنْت لَك كَأَبِي زَرْع لأَمِّ زَرْع وَمِنْ جُمْلَة أَفْعَال أَبِي زَرْع أَنَّهُ طَلَّقَ اِمْرَأَته أُمّ زَرْع كَمَا سَبَقَ, وَلَمْ يَقَع عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلاَق بِتَشْبِيهِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَنْوِ الطَّلاَق.
5- قَالَ الْمَازِرِيّ: قَالَ بَعْضهمْ: وَفِيهِ أَنَّ هَؤُلاَءِ النِّسْوَة ذَكَرَ بَعْضهنَّ أَزْوَاجهنَّ بِمَا يَكْرَه, وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ غِيبَة لِكَوْنِهِمْ لاَ يُعْرَفُونَ بِأَعْيَانِهِمْ أَوْ أَسْمَائِهِمْ, وَإِنَّمَا الْغِيبَة الْمُحَرَّمَة أَنْ يَذْكُر إِنْسَانًا بِعَيْنِهِ, أَوْ جَمَاعَة بِأَعْيَانِهِمْ.
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 09-01-2008, 12:00 AM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي

قصة رجل أوصى بنيه: إذا أنا مت فاحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في البحر:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ, فَلَمَّا حَضَرَهُ لمَوْتُ أَوْصَى بَنِيهِ فَقَالَ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ اذْرُونِي فِي الرِّيحِ فِي البَحْرِ؛ فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي لَيُعَذِّبُنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ بِهِ أَحَدًا, قَالَ: فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ, فَقَالَ: لِلأَرْضِ أَدِّي مَا أَخَذْتِ, فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ, فَقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ. أَوْ قَالَ: مَخَافَتُكَ, فغفر لَهُ بِذَلِكَ(1).

شرح المفردات(2):

(أسرف على نفسه): أي: ظلم على نفسه، وأسرف الرجل: إذا جاوز الحد، وإذا أخطأ.
(اذروني): طيِّروني. مِنْ قَوْله أَذْرَت الرِّيح الشَّيْء إِذَا فَرَّقَتْهُ بِهُبُوبِهَا.
(اسحقوني): سحق الشيء أي: سهكه. وبابه قطع، وَهُوَ الدَّقُّ وَالطَّحْنُ, أي: اجعلوني سحيقًا.
(أَدِّي): أَمْر مِن لأَدَاء.

شرح الحديث:

قال ابن حجر: قَالَ لخَطَّابِيُّ: قَدْ يُسْتَشْكَل هَذَا فَيُقَال كَيْف يُغْفَر لَهُ وَهُوَ مُنْكِر لِلبَعْثِ وَلقُدْرَة عَلَى إِحْيَاء لمَوْتَى ؟ وَلجَوَاب أَنَّهُ لَمْ يُنْكِر لبَعْث وَإِنَّمَا جَهِلَ فَظَنَّ أَنَّهُ إِذَا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ لاَ يُعَاد فَلاَ يُعَذَّب , وَقَدْ ظَهَرَ إِيمَانه بِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ خَشْيَة اللَّه (3).
وقال النووي: اخْتَلَفَ لعُلَمَاء فِي تَأْوِيل هَذَا لحَدِيث, فَقَالَتْ طَائِفَة: لاَ يَصِحّ حَمْل هَذَا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ نَفْيَ قُدْرَة اللَّه, فَإِنَّ الشَّاكّ فِي قُدْرَة اللَّه تَعَالَى كَافِر, وَقَدْ قَالَ فِي آخِر لحَدِيث: إِنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ هَذَا مِنْ خَشْيَة اللَّه تَعَالَى, وَلكَافِر لاَ يَخْشَى اللَّه تَعَالَى, وَلاَ يُغْفَر لَهُ, قَالَ هَؤُلاَءِ: فَيَكُون لَهُ تَأْوِيلاَنِ أَحَدهمَا أَنَّ مَعْنَاهُ: لَئِنْ قَدَّرَ عَلَيَّ لعَذَاب, أَيْ: قَضَاهُ, يُقَال مِنْهُ قَدَرَ بِالتَّخْفِيفِ, وَقَدَّرَ بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنًى وَاحِد. وَالثَّانِي: إِنْ قَدَرَ هُنَا بِمَعْنَى ضَيَّقَ عَلَيَّ, قَالَ اللَّه تَعَالَى: (فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَه) وَهُوَ أَحَد لأَقْوَال فِي قَوْله تَعَالَى: (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) وَقَالَتْ طَائِفَة: اللَّفْظ عَلَى ظَاهِره, وَلَكِنْ قَالَهُ هَذَا الرَّجُل وَهُوَ غَيْر ضَابِط لِكَلاَمِهِ, وَلاَ قَاصِد لِحَقِيقَةِ مَعْنَاهُ, وَمُعْتَقِد لَهَا, بَل قَالَهُ فِي حَالَة غَلَبَ عَلَيْهِ فِيهَا الدَّهْش وَلخَوْف وَشِدَّة لجَزَع, بِحَيْثُ ذَهَبَ تَيَقُّظه وَتَدَبُّر مَا يَقُولهُ, فَصَارَ فِي مَعْنَى لغَافِل وَالنَّاسِي, وَهَذِهِ لحَالَة لاَ يُؤَاخَذ فِيهَا, وَهُوَ نَحْو قَوْل لقَائِل لآخَر الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ لفَرَح حِين وَجَدَ رَاحِلَته: "أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبّك", فَلَمْ يَكْفُر بِذَلِكَ الدَّهْش وَلغَلَبَة وَالسَّهْو.
وَقَالَتْ طَائِفَة: هَذَا مِنْ مَجَاز كَلاَم لعَرَب, وَبَدِيع اِسْتِعْمَالهَا, يُسَمُّونَهُ مَزْج الشَّكّ بِليَقِينِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً) فَصُورَته صُورَة شَكّ وَلمُرَاد بِهِ ليَقِين. وَقِيلَ: إِنَّمَا وَصَّى بِذَلِكَ تَحْقِيرًا لِنَفْسِهِ, وَعُقُوبَة لَهَا لِعِصْيَانِهَا, وَإِسْرَافهَا, رَجَاء أَنْ يَرْحَمهُ اللَّه تَعَالَى(4).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فهذا رجل شك فى قدرة الله وفى إعادته إذا ذري بل اعتقد أنه لا يعاد وهذا كفر باتفاق المسلمين لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك وكان مؤمنا يخاف الله أن يعاقبه فغفر له بذلك)(5).

من فوائد الحديث:

1-سعة رحمة الله عز وجل بعباده، وتجاوزه عما صدر عنهم بسبب الجهل أو النسيان أو الإكراه، كما يدل عليه هذا الحديث وغيره.
2-الحذر من المسارعة إلى الحكم على الناس بمجرد صدور ما يستحقون اللوم عليه قبل النظر في أحوالهم وأعذارهم، وقبل إقامة الحجة عليهم.
3-أن القول قد يكون كفراً، أو فسقاً ولكن لا يلزم من ذلك الحكم على قائله بذلك حتى تقام عليه الحجة.
---------------
(1) صحيح البخاري، ح: (3478)، وصحيح مسلم، ح: (2756)، واللفظ له.
(2) ينظر: فتح الباري لابن حجر, 6/ 522، وحاشية السندي على النسائي, 4/ 112- 113.
(3) فتح الباري لابن حجر, 6 / 522.
(4) شرح النووي على صحيح مسلم, 17/ 71 .
(5) مجموع الفتاوى (3/231).
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 09-01-2008, 12:05 AM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي

قصة الرجل الذي وجد الكنز من العقار الذي اشتراه:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ؛ فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلامٌ. وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ. قَالَ: أَنْكِحُوا الْغُلامَ الْجَارِيَةَ, وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ, وَتَصَدَّقَا(1).

شرح المفردات(2):

(عَقَارًا): الْعَقَار فِي اللُّغَة الْمَنْزِل وَالضَّيْعَة وَخَصَّهُ بَعْضهمْ بِالنَّخْلِ, وَيُقَال لِلْمَتَاعِ النَّفِيس الَّذِي لِلْمَنْزِلِ عَقَار أَيْضًا.
(جَرَّة): أي: قدر.
(أَلَكُمَا وَلَد؟): بِفَتْحِ الْوَاو وَاللاَم, وَالْمُرَاد الْجِنْس, لأَنَّهُ يَسْتَحِيل أَنْ يَكُون لِلرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا وَلَد وَاحِد, وَالْمَعْنَى أَلِكُلِّ مِنْكُمَا وَلَد؟
(فَقَالَ أَحَدهمْ لِي غُلام): بَيَّنَ فِي رِوَايَة إِسْحَاق بْن بِشْر أَنَّ الَّذِي قَالَ لِي غُلاَم هُوَ الَّذِي اِشْتَرَى الْعَقَار.

شرح الحديث:

قال ابن حجر: وَالْحُكْم فِي شرعنا فِي مِثْل ذَلِكَ أَنَّ الْقَوْل قَوْل الْمُشْتَرِي وَأَنَّ الذَّهَب بَاقٍ عَلَى مِلْك الْبَائِع, وَيَحْتَمِل أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي صُورَة الْعَقْد بِأَنْ يَقُول الْمُشْتَرِي لَمْ يَقَع تَصْرِيح بِبَيْعِ الأَرْض وَمَا فِيهَا بَلْ يَبِيع الأَرْض خَاصَّة, وَالْبَائِع يَقُول وَقَعَ التَّصْرِيح بِذَلِكَ, وَالْحُكْم فِي هَذِهِ الصُّورَة أَنْ يَتَحَالَفَا وَيَسْتَرِدَّا الْمَبِيع وَهَذَا كُلّه بِنَاء عَلَى ظَاهِر اللَّفْظ أَنَّهُ وَجَدَ فِيهِ جَرَّة مِنْ ذَهَب, لَكِنْ فِي رِوَايَة إِسْحَاق بْن بِشْر أَنَّ الْمُشْتَرِي قَالَ إِنَّهُ اِشْتَرَى دَارًا فَعَمَّرَهَا فَوَجَدَ فِيهَا كَنْزًا, وَأَنَّ الْبَائِع قَالَ لَهُ لَمَّا دَعَاهُ إِلَى أَخْذه مَا دَفَنْت وَلاَ عَلِمْت , وَأَنَّهُمَا قَلاَ لِلْقَاضِي: اِبْعَثْ مَنْ يَقْبِضهُ وَتَضَعهُ حَيْثُ رَأَيْت, فَامْتَنَعَ, وَعَلَى هَذَا فَحُكْم هَذَا الْمَال حُكْم الرِّكَاز فِي هَذِهِ الشَّرِيعَة إِنْ عُرِفَ أَنَّهُ مِنْ دَفِين الْجَاهِلِيَّة, وَلاَ فَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ مِنْ دَفِين الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لُقَطَة, وَإِنْ جُهِلَ فَحُكْمه حُكْم الْمَال الضَّائِع يُوضَع فِي بَيْت الْمَال, وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْعهمْ هَذَا التَّفْصِيل فَلِهَذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِمَا حَكَمَ بِهِ(3).

من فوائد الحديث:

1-فضل الاستعفاف والقناعة والزهد فيما يشتبه فيه.
2-مشروعية الصلح والتسامح بين المتنازعين، وفضل ذلك، كما يظهر من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها.
----------------
(1) صحيح البخاري، ح: (3472)، وصحيح مسلم، ح: (1721).
(2) فتح الباري لابن حجر, 6/ 519.
(3) المرجع السابق.
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 09-11-2008, 02:38 PM
حسن البياتي حسن البياتي غير متواجد حالياً
عضو ماسي
 




افتراضي

جزاك الله الجنة اختي الكريمة واثابك الله
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 10-08-2008, 12:29 AM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي


اللهم آمين وإياكم
..
كيفية الطهارة في شريعة بني إسرائيل

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ, قَالَ: انطَلَقْتُ أَنَا وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَخَرَجَ وَمَعَهُ دَرَقَةٌ ثُمَّ اسْتَتَرَ بِهَا ثُمَّ بَالَ, فَقُلْنَا: انْظُرُوا إِلَيْهِ يَبُولُ كَمَا تَبُولُ الْمَرْأَةُ, فَسَمِعَ ذَلِكَ فَقَالَ: أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا لَقِيَ صَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ, كَانُوا إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَوْلُ قَطَعُوا مَا أَصَابَهُ الْبَوْلُ مِنْهُمْ, فَنَهَاهُمْ فَعُذِّبَ فِي قَبْرِهِ(1).

شرح المفردات(2):
(دَرَقَة): بِفَتْحَتَيْنِ : التُّرْس مِنْ جُلُود لَيْسَ فِيهِ خَشَب وَلَا عَصَب.
(انظُرُوا إِلَيْهِ): تَعَجُّب وَإِنْكَار, وَهَذَا لَا يَقَع مِن الصَّحَابِيّ, فَلَعَلَّهُ كَانَ قَلِيل الْعِلْم.
(ذَلِكَ): الْكَلَام.
(فَقَالَ): النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(مَا لَقِيَ): مَا مَوْصُولَة وَالْمُرَاد بِهِ الْعَذَاب.
(صَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيل): بِالرَّفْعِ وَيَجُوز نَصْبه, أي: وَاحِد مِنْهُمْ بِسَبَبِ تَرْك التَّنَزُّه مِن الْبَوْل حَال الْبَوْل.
(كَانُوا): أي: بَنُو إِسْرَائِيل.
(إِذَا أَصَابَهُم الْبَوْل): مِنْ عَدَم الْمُرَاعَاة وَاهْتِمَام التَّنَزُّه.
(قَطَعُوا مَا): أي: الثَّوْب الَّذِي.
(مِنْهُمْ): أي: مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَكَانَ هَذَا الْقَطْع مَأْمُورًا بِهِ فِي دِينهمْ.
(فَنَهَاهُمْ): أي: نَهَى الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ سَائِرَ بَنِي إِسْرَائِيل.
(فَعُذِّبَ): بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ, أي: الرَّجُل الْمَذْكُور بِسَبَبِ هَذِهِ الْمُخَالَفَة وَعِصْيَان حُكْم شَرْعه وَهُوَ تَرْك الْقَطْع.

شرح الحديث:
حَذَّرَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنْكَار الِاحْتِرَاز مِن الْبَوْل لِئَلَّا يُصِيب مَا أَصَابَ الإِسْرَائِيلِيّ بِنَهْيِهِ عَن الْوَاجِب, وَشَبَّهَ نَهْي هَذَا الرَّجُل عَن الْمَعْرُوف عِنْد الْمُسْلِمِينَ بِنَهْيِ صَاحِب بَنِي إِسْرَائِيل عَنْ مَعْرُوف دِينهمْ, وَقَصْده فِيهِ تَوْبِيخه وَتَهْدِيده وَأَنَّهُ مِنْ أَصْحَاب النَّار, فَلَمَّا عَيَّرَ بِالْحَيَاءِ وَفِعْلِ النِّسَاء وَبَّخَهُ وَأَنَّهُ يُنْكِر مَا هُوَ مَعْرُوف بَيْن النَّاس مِن الْأُمَم السَّابِقَة وَاللَّاحِقَة (3).

من فوائد الحديث:
1-وجوب التنزه من البول، وقد جاء فيه الوعيد الشديد لمن تساهل في ذلك.
2-أنه لا يلزم من أراد البول الإبعاد إذا أمن انكشاف عورته، بخلاف الغائط الذي كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه أنه يبعد ويستتر.
3-وجوب حفظ العورة وسترها عن نظر الناس.
4-مشروعية توبيخ من نهى عن معروف أو أمر بمنكر.
5-التحذير من مشابهة أهل الضلال، والتنفير من أفعالهم.


(1) سنن أبي داود، ح: (12). وصححه الألباني، ينظر: صحيح أبي داود, 1/ 7، برقم: 16.

(2) ينظر: عون المعبود شرح سنن أبي داود، 1/ 27.

(3) ينظر: عون المعبود للعظيم آبادي، 1/ 28.


رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 06:30 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.