انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-23-2008, 03:19 PM
الشافعى الصغير الشافعى الصغير غير متواجد حالياً
لا تهاجم الناجح وتمتدح الضعيف .. لا تنتقد المجتهد الذي يعمل وتربت علي كتف الكسول
 




Tamayoz الدرس التاسع ـ شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى

 

شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى
ـ لفضيلة الشيخ أحمد النقيب ـ
الدرس التاسع
لدرس الصوتى
للاستماع
الدرس مرئى
للمشاهدة




إثبات الساعة والبعث والجزاء
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله وكفى, وصلاة وسلام على عباده الذين اصطفى، اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على النبي المجتبى, وعلى آله وأصحابه وأحبابه ومن اهتدى، ثم أما بعد.
نواصل شرح مقدمة الإمام القيرواني، وهي المقدمة التي جعلها في بيان العقيدة الأثرية السلفية شأنه في ذلك شأن بعض المصنفين لاسيما في بلاد المغرب، وموعدنا اليوم - بإذن الله تعالى- أن نتحدث في موضوع يختص بإثبات الساعة والبعث والجزاء وبالتالي ستكون عناصر أو أفكار هذا اللقاء ثلاثة:
العنصر الأول: إثبات الساعة ووجوب الإيمان بها.
والثاني: إثبات البعث ووجوب الإيمان به.
والثالث: إثبات الجزاء ووجوب الإيمان به.
فهيا بنا نسمع وننصت بإمعان وننظر ما قاله الإمام القدوة القيرواني - عليه رحمة الله تعالى-. تفضل أخي الحبيب.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من يموت كما بدأهم يعودون وأن الله- سبحانه- ضاعف لعباده المؤمنين الحسنات وصفح لهم بالتوبة عن كبائر السيئات وغفر لهم الصغائر باجتناب الكبائر، وجعل من لم يتب من الكبائر صائرًا إلى مشيئته قال الله – تعالى-: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]).
جزاكم الله خيرًا،
بسم الله الرحمن الرحيم، قال المصنف عليه رحمة الله: (وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من يموت) الساعة تطلق ويراد بها أحد معنيين:
المعنى الأول: الموت عند النفخ، كما في صحيح مسلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (لا تقوم الساعة إلا على شِرار الخلق عند الله –تعالى-) فلا تقوم الساعة أي: لا يُنفخ في الصور لتصعق الخلائق ويموتون، إلا وهم شر الخلق عند ذلك عند الله –تعالى- فالساعة يقصد بها الانتقال من دار التكليف, من دار العمل إلى دار البعث والجزاء والحساب، وبهذا المعنى أي معنى الانتقال من دار التكليف إلى دار الجزاء والحساب يسمى موت كل امرئ قيامة بل وساعة، فإذا مات الإنسان حانت ساعته وقامت قيامته بهذا المعنى وهذا المفهوم. المعنى الثاني للساعة: يقصد بالساعة البعث كما قال ربي -سبحانه وتعالى- في آل فرعون: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُواًّ وَعَشِياًّ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ ﴾ [غافر: 46]، وهذه الآية من الآيات العظيمة التي يُحتج بها على إثبات عذاب القبر، ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَ ﴾ آل فرعون والآل يُقصد بها عِلية الناس والأشراف، ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُواًّ وَعَشِي ﴾ في أول النهار وآخره ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ﴾ وهذا المقصود به البعث، أي: وعندما يبعثون فيحاسبون ويجازون يأمر الله –تعالى- بهم فيدخلون أشد العذاب- والعياذ بالله- والمعنى الثاني هو المقصود، يعني في قول المصنف: (وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من يموت) هذا شبيه بقول الله –تعالى-: ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي القُبُورِ ﴾ [الحج: 7]، فالمقصود بالساعة هنا: البعث؛ ولذلك ذكر الله –تعالى- عن الكفار في قوله -سبحانه وتعالى-: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ ﴾ [التغابن: 7]، إذن: شك الكفار إنما كان متوجهًا لا إلى الموت فإنهم كانوا يعرفون الموت، يعني كان الكفار يعلمون الموت ويؤمنون أن حياتهم تنتهي بالموت، فلم تكن قضية الموت فيها الإشكال وإنما كان الإشكال في ماذا؟ في البعث بعد الموت، وهذا قوله تعالى: ﴿زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُو ﴾إذن: المقصود بالساعة: البعث يقصد بالساعة: البعث.
الأمر الثاني: الذي ينبغي أن يعرف: أن الله –تعالى- أثبت الساعة نصًا في قوله تعالى: ﴿أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَ ﴾ [الحج: 7]، وقال- تعالى-: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَ ﴾ [الكهف: 21]، فالساعة لا ريب فيها، أي: لا شك فيها لا مرية فيها، فهذه نصوص تثبت أن الساعة حق، كذلك الساعة من جملة الغيب، فقال -سبحانه وتعالى-: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَ ﴾ [النازعات: 42]، يسألونك من الذين يسألون النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ قيل: هم اليهود، وقيل: هم كفار قريش، يسألونك يا محمد عن الساعة أيان مُرساها؟ أيان مُرساها يقصد بِمُرساها أي: وقت ثبوتها وحين قِيامتها فكان الجواب قل: ﴿إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَ ﴾ أي: لا يُظهرها ﴿لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً ﴾ [الأعراف: 187]، ثقلت في السماوات والأرض أي: ثَقُل وخفي علمها في أهل السماء كما خفي علمها في أهل الأرض، ﴿يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَ ﴾ [الأعراف: 187]، حفيٌّ أي: عالم مستقصٍ أخبارها وأحوالها، ﴿يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 187]، فالساعة من جملة الغيب وفي البخاري أن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- قال: (مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله ومن هذه الخمس وآخر هذه الخمس عِلم الساعة) إذن من جملة الغيب الذي استأثره الله –تعالى- في عمله عِلم الساعة أي متى يُبعث الناس من قبورهم؟ لا ندري، وإن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه في النص الصحيح أن يوم الجمعة هذا هو اليوم الذي تكون فيه الساعة، في قوله -عليه الصلاة والسلام-: (خير يوم طَلُعَت عليه الشمس يوم الجمعة ذلك يوم خلق الله –تعالى- فيه آدم وأنزله الله –تعالى- من الجنة، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة)، فمحاولة التكهن بمعرفة هذا اليوم، هذا أمر لا سبيل لأحد إليه ومحاولة بعض المنجمين وبعض الفلكيين عن طريق الحسابات والأرقام معرفة هذا الأمر، هذا الأمر لا يصح ولا يمكن أن يكون، إذن: هذا هو قول المصنف: (وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من يموت)، وهنا لفتة بسيطة قبل الانتقال إلى الجملة الثانية، وهو قوله: (وأن الله يبعث من يموت)، لماذا لم يقل: وأن الله يبعث من في القبور؟ لأن القبور هي التي تحوي أجداث الناس، وعندما قال ربنا -عز وجل-: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي القُبُورِ ﴾ [الحج: 7]، قال ذلك باعتبار أن غالب الموتى إنما يُدفنون في القبور باعتبار الغالب، إذن: خرج هذا الخطاب مَخرج الغالب، وإلا فإن ناسًا ربما لا توجد قبور تحوي أجداثهم ولا تشمل رُفاتِهم، شأنهم في ذلك شأن الرجل في صحيح البخاري ومسلم وفي غيرهما، الذي أسرف على نفسه: (فقال لأولاده عندما اقترب موته: انظروا يومًا عاصفًا مطيرًا فاحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروا نصفي في الهواء ونصفي في الماء لئن قَدَرَ الله علي ليُعذبنّي عذابًا ما عذبه أحدًا من خلقه، فأمر الله –تعالى- البر فأخرج ما به وأمر البحر فأخرج ما به، فسأله ربه لِمَ صنعت ذلك؟ قال: خشيتك يا رب)، فهذا الرجل لم يكن له قبر، وإنما ذُرِّيَ رماده في البحر كما ذُرِّيَ رماده في الهواء العاصف، فكل ذرة من ذراته انتقلت إلى مكان دون الآخر، ومع ذلك قَدَرَ الله –تعالى- عليه، وجمعه وسأله بعد أن بعثه فكل ذلك لا يغيب على ربنا ولا يعذب عن ربنا ولا يعجز عنه ربنا، ولذلك قال المصنف: (وأن الله يبعث من يموت) سواء كان مقبورًا أو لم يكن مقبورًا.
العنصر الثاني: إثبات البعث ووجوب الإيمان به:
في ذلك يقول المصنف- عليه رحمة الله-: (وأن الله يبعث من يموت، كما بدأهم يعودون) فالله -سبحانه وتعالى- بدأ الخلق ثم أنهى الخلق فكما بدأ الخلق يُعيد الخلق قال- تعالى-: ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ ﴾ [ق: 15]، هل -سبحانه وتعالى- وهو قادر على كل شيء يكون عاجزًا أو يكون عييًا أن يعيد الخلق الذي بدأه أول مرة؟!- سبحان الله- هذا أمر عجيب وربنا -سبحانه وتعالى- بين مسألة البعث نصًا واعتبارًا أثبت الله –تعالى- بالبعث وبينه في القرآن نصًا واعتبارًا: نصًا واضحًا قاطعًا لا شبهة فيه ولا مرية، واعتبارًا لما فيه من النظر والتفكر والتأمل والتنبيه، وجدنا ذلك عندما نبه الله –تعالى- على قدرته في إعادة الخلق بماذا؟ بإحياء الأرض، وكذلك بخلق السماوات والأرض، فهذا كله موجود وكذلك بخلق الإنسان أول مرة، إذن: الاعتبار بخلق الإنسان أول مرة, الاعتبار بخلق السماوات والأرض, الاعتبار بإحياء الأرض وهي ميتة، بين ربنا -سبحانه وتعالى- البعث ودل عليه نصًا، وذلك في قول الله –تعالى- ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي المَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿6 ﴾ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي القُبُورِ﴿7 ﴾ [الحج: 6، 7]، إذن: هذا نص واضح أن الله –تعالى- يبعث من في القبور، ومَنْ هنا هي الموصولية، بمعنى: الذين. وأن الله يبعث الذين في القبور أي: حوتهم القبور، أما الذين لم تحوهم قبورهم فإن الله –تعالى- قادر عليهم.
أيضًا بيَّن ربنا -سبحانه وتعالى- البعث بالتنبيه والتأمل والاعتبار وذلك في عدة مشاهد في عدة مواقف في عدة سياقات:
السياق الأول: سياق خَلْق الإنسان الأول، قال الله –تعالى-: ﴿أَوَ لَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴿77 ﴾ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴿78 ﴾ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴿79 ﴾ [يس: 77- 79]، ﴿الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾، أتى المشركون بعظام رميم نخرة وتعجبوا: إن محمدًا يزعم أن ربه يبعث الموتى بعد موتهم وأنه يجمع أشلاءهم وأشتاتهم فتعجبوا من هذه العظام النخرة التي إذا قبضوا عليها فركت بين أصابعهم، وسحقت بين أيديهم، هل الله الذي تزعم يا محمد قادر على إحيائنا بعد أن صرنا عظاماً نخرة؟ فقال ربي -سبحانه وتعالى-: ﴿أَوَ لَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴿77 ﴾ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ ﴾ نسي خلقه أي الخلق الأول ﴿قَالَ مَن يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴿78 ﴾ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴿79 ﴾ [يس: 77- 79]، -سبحانه وتعالى- وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ البَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ﴾ [الحج: 5]، فبين الله -تعالى- هنا أصل الإنسان الطينيّ والرحميّ، فأصل الإنسان الطينيّ أنه خلق من تراب، وأصل الإنسان الرحمي أن أصله ماء مهين ثم بعد ذلك صار نطفة، أي ماءً متجمدًا أو قطعة دم متجمدة ثم هذه النطفة المتجمدة علقت بعد ذلك بجدار الرحم فصارت علقة، فهذا أصل الإنسان فالذي خلقك أيها الإنسان من تراب والذي خلقك أيها الإنسان من ماء مهين، أليس بقادر على أن يبعثك بعد أن يجعلك ترابًا؟! لقد خلقك من تراب ثم بعد ذلك يميتك ويجعلك ترابًا أليس الذي خلقك من تراب أليس بقادر على أن يخلقك مرة ثانية من تراب؟! وأن يبعثك بعد أن أماتك؟! إنه قادر على كل شيء، ولذلك قال الله -عز وجل-: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى ﴾ [القيامة: 36]، سدى أي: هملاً لا يجازى ولا يحاسب، يقول: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ ﴾ [الجاثية: 24]، فإذا ما متنا انتهى الأمر ليس هناك من حساب ولا جزاء ولا بعث ولا نشور، كيف يكون ذلك الأمر؟ فقال الله -عز وجل-: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ ﴾ الهمزة هنا للاستفهام الذي يقصد به الإنكار والتعجب، أيها الإنسان أتحسب أن تترك سدى؟!! -سبحان الله- ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى ﴿37 ﴾ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى ﴿38 ﴾ اسمع الكلام الجميل: ﴿فَخَلَقَ فَسَوَّى ﴿38 ﴾ فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى ﴿39 ﴾ أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أن يُحْيِيَ المَوْتَى ﴿40 ﴾ [القيامة: 37- 40]، -سبحانه وتعالى- إنه قادر على كل شيء، طبعًا لا نقول: نعم، أو نقول: بلى، إنه قادر على كل شيء في الصلاة، فهذه الآيات بَيَّنت أن الله -تعالى- كما خلق الإنسان أول مرة من تراب من ماء مهين ثم يميته فيصيره ترابًا قادر أيضًا على أن يعيده مرة ثانية، وأن يبعثه مرة ثانية.
التنبيه الثاني: التنبيه بإحياء الأرض على بعث الناس، الأرض جامدة هامدة لا ترى فيها نبتًا ولا شجرة ولا شيئًا متحركًا, أرض -سبحان الله- ما الذي يحدث؟ يأمر الله -تعالى- الريح أن تحمل الماء لتسقط على هذه الأرض فيسقط الماء بأمر الله -عز وجل- على هذه الأرض اليابسة الجامدة الهامدة ما الذي يحدث؟ الذي يحدث جزيئات هذه الأرض تهتز بأمر الله -عز وجل- ثم بعد ذلك تخرج ما بها من خير ونماء وعشب وخضرة ونبت بأمر الله -عز وجل- من الذي أذن لهذا النبت أن يخرج من هذه الأرض اليابسة؟ أرض يابسة، وهذا نبت حي من الذي أمر هذا النبت أن يخرج من هذه الأرض؟ إنه الله -عز وجل- إذن: هذا أمر يحتاج إلى تأمل فقال الله -تعالى-: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾، إذن: هناك آيات كثيرة لله -عز وجل- آيات كثيرة ومن آيات الله -عز وجل- التي تستحق أن تتدبر وأن تنظر وأن تفهم وأن تتأثر بها أيها العبد: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ﴾ [فصلت: 39]، فانظر كيف أن الله -تعالى- صوَّر الأرض الساكنة الخاملة غير المتحركة بالخشوع ﴿فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي المُوتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فصلت: 39] إذن: الذي أحيا الأرض يحيي الإنسان ويبعثه مرة ثانية إذن: هذا هو التدبر الثاني والتنبيه الثاني: التنبيه بإحياء الأرض على بعث الإنسان مرة ثانية.
التنبيه بخلق السماوات والأرض على بعث الإنسان: بعد موته قال الله -تعالى-: ﴿لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ﴾ [غافر: 57] أيهما أعظم خلقك أنت أيها الإنسان أم خلق السماء؟ خلقك أنت أيها الإنسان أم خلق الأرض؟ فالذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم، -سبحانه وتعالى- قال الله -تعالى-: ﴿أَوَ لَمْ يَرَوْ ﴾ أو لم يرَ المشركون أو لم يرَ المكذبون ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ الـسَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ قَادرٌ ﴾ [الإسراء: 99]، خلق السماوات من غير عمد وبسط الأرض ومهدها قادر على أن يخلق مثلهم، ألا يرون ذلك؟! ألا ينظرون في ذلك الأمر ألا يعتبرون؟ وقال- تعالى-: ﴿أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا ﴿27 ﴾ -سبحانه وتعالى- ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ﴿28 ﴾ وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ﴿29 ﴾ [النازعات: 37- 39]، ودلت النصوص على أن البعث بعد الموت إنما يكون بعثًا لأجساد الناس التي كانت في الحياة إذن: هذا الجسد الذي كان في الحياة نفسه هو الذي يبعث بعد الموت، انتبه لهذه المسألة، يعني هذا الجسد جسدك هذا بيديك برجليك بأذنيك بعينيك بسمعك ببصرك بأنفك بشعرك بجلدك هذا الجسد هو الذي تبعث عليه عندما تنشر من قبرك، فليست هناك أجسادًا جديدة تبعث عليها وإنما هو جسدك الذي متَّ عليه يبعثك الله -تعالى- عليه -سبحانه وتعالى- ولذلك عَجِب المشركون فقالوا: ﴿بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾ [ق: 2]، عندما ذَكّرَهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالبعث ﴿أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ﴾ [ق: 3]، قال الله -تعالى-: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ﴾ [ق: 4]، ﴿مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ ﴾ أي: ما تأخذ من أجسادهم، فإن الناس عندما يُقبرون ينتفخون ثم ينفجرون ثم تأكلهم الأكلة ثم تأكلهم الأرض فلا يبقى منهم إلا ما أذن الله -تعالى- فيه، فالإنسان تأكله الأرض شيئًا بعد شيء ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ ﴾ -سبحانه وتعالى- فالمشركون تعجبوا عندما يصيرون ترابًا وعظاماً يُبعثون مرة ثانية، أي هذا العظام وهذا التراب يجعل الله -تعالى- منه خلقًا آخر على نفس الخلق الذي كانوا عليه هذا أمر عجيب ﴿بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ ﴾ [ق: 2] وذكر ربنا -سبحانه وتعالى- أنهم يُحشرون يوم القيامة فقال: ﴿وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴿19 ﴾ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا ﴾ بما كانوا ماذا؟ ﴿بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿20 ﴾ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿21 ﴾ [فصلت: 19- 21]، إذن: لجلودهم، لجلودهم التي يعرفونها، يا أيتها الجلود كيف تَشهدِين علينا؟ فتنطق هذه الجلود فتقول: ﴿أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿21 ﴾ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ ﴿22 ﴾ [فصلت: 21، 22]، إذن: هذا نص قوي أن هذه الأبصار وأن هذه الأرجل وأن هذه الأيدي وأن هذه الجلود التي كانوا يعرفونها في الدنيا هي التي تشهد عليهم يوم القيامة، فنسأل الله -تعالى- العافية.
وكذلك الحديث الذي قلته لكم منذ قريب حديث أبي هريرة في البخاري ومسلم في شأن الرجل الذي أسرف على نفسه ولم يعمل حسنة قط: (وقال لأولاده: انظروا يومًا مطيرًا عاصفًا ثم أحرقوني واسحقوني وذروا نصفي في الماء ونصفي في الهواء) الحديث، فيه أن الله -عز وجل- أمر البر والبحر بأن يخرج ما فيه وأن الجسد عاد كما كان، إذن: هذا دليل على أن الله -تعالى- عندما يبعث الناس فإنما يبعثهم على أجسامهم التي كانوا عليها في الدنيا وهذا بخلاف عندما يدخلون الجنة ويتنعمون فيها، فإنهم يدخلون فيها على أطوال كثيرة وردت في الحديث وهذا سيأتي عندما نتكلم عن الجنة وعن أهلها.
إذن: الفكرة الثانية والعنصر الثاني: هو أن الله يبعث من يموت كما بدأهم يعودون، كما بدأهم في خلقهم ثم بعد ذلك يتوفاهم يعودون مرة ثانية بأجسادهم التي كانوا عليها في الدنيا.
الفكرة الثالثة: إثبات الجزاء ووجوب الإيمان به:
قال المصنف -عليه رحمة الله-: (وأن الله -سبحانه وتعالى- ضاعف لعباده المؤمنين الحسنات وصفح لهم بالتوبة عن كبائر السيئات) إلى آخر ما قال، قوله: (وأن الله -سبحانه وتعالى- ضاعف لعباده المؤمنين الحسنات) هذا قيد لعباده من؟ المؤمنين، والصفة قيد، لعباده المؤمنين فالمؤمنين صفة لعباد منصوبة أم ماذا؟ لعباده المؤمنين صفة منصوبة أم مرفوعة أم مجرورة؟ من يعرف؟ تفضل؟
صفة مجرورة
والموصوف وأن الله -تعالى- ضاعف لعباده المؤمنين؟
اللام حرف جر، وعباد اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة والهاء مضاف إليه والمؤمنين صفة لعباد مجرور وعلامة الجر الياء
أحسنت، ما شاء الله ولا قوة إلا بالله، الصفة- كما يقول الأصوليون- قيد، فيها تخصيص فالله -تبارك وتعالى- لا يُضاعف لعباده الحسنات إلا بقيد الإسلام، وهنا قال: المؤمنين فليس معنى ذلك أن المسلمين لا يدخلون تحت هذا الخطاب ولكنهم يدخلون أيضًا تحت هذا الخطاب وسيأتي الحديث في مسألة الإسلام والإيمان في حينه -إن شاء الله-.
وهذا فيه بيان على كرم الله -عز وجل- وجوده وإحسانه وسعة عطاياه فالعبد يأتي بالشيء الحسن يجازيه الله -تبارك وتعالى- به بالحسنة يجازيه بها عشرة أمثالها إلى أضعاف كثيرة كما قال الله -سبحانه وتعالى-: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ ﴾ [البقرة: 261] معنى ذلك: أن الحسنة تصل إلى سبعمائة حسنة تصل إلى أضعاف كثيرة والله يضاعف لمن يشاء، إذن: ليس هناك حد أعلى أو سقف أعلى، لجُود الله -عز وجل- مكافأة الله -عز وجل- لعباده الصالحين أو لعباده المؤمنين أو لعباده المسلمين ليس لها حد وليس لها سقف، بل هي واسعة عظيمة، قال الله -عز وجل-: ﴿مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 160] وهذا من جوده- سبحانه- أن السيئة بمثلها والحسنة بعشرة أمثالها إلى أضعاف مضاعفة إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة والله يضاعف لمن يشاء، وقال الله -عز وجل-: ﴿مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾ [البقرة: 245]، اسمع ﴿أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾ إذن: ائتِ بالخير وافعل الخير وستجد العاقبة عظيمة عند الله -سبحانه وتعالى- ﴿مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً ﴾ [البقرة: 245].
لو أننا حاولنا أن نقرأ القرآن ونأتي بالألفاظ التي تبين علاقة المكلف بربه ولكن بصيغ التجارة: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ﴾ [التوبة: 111]، قال الله -تبارك وتعالى- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم ﴾ [الصف: 10]، ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29]، ﴿مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَن ﴾ [الحديد: 11]، -سبحان الله- إذن: هذه الآيات وأمثالها تبين أن الله -تعالى- واسع العطاء.
وكذلك في البخاري ومسلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يروي عن ربه: (إن الله كتب الحسنات وكتب السيئات، فمن هَمَّ بحسنة فلم يفعلها كتبت له حسنة، وإن فعلها كُتبت له عشرُ حسنات، إلى أضعاف كثيرة، فإن هَمَّ بسيئة فلم يَعملها كتبت له حسنة، فإن علمها كُتبت له سيئة واحدة) هذا جوده وهذا كرمه -سبحانه وتعالى-.
قال المصنف -عليه رحمة الله-: (وصفح لهم بالتوبة عن كبائر السيئات) ما المقصود بالكبائر؟ الكبائر: جمع كبيرة والكبيرة كل ذنب جُعِل له حد في الدنيا، أو وعيد يسمى كبيرة، الوعيد أي: توعد صاحبه باللعنة بالغضب بالسَخَط بالمقت بالنار بعدم دخول الجنة، فهذا كله يسمى كبيرة، حد كالزنى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾ [النور: 2]، إذن: هذا حد ﴿السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَ ﴾ [المائدة: 38]، القتل: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، ومنها: قاتل النفس) فقاتل النفس هذا يقتل؛ لأن الشريعة أتت للمحافظة على كليات اعتبرتها, من هذه الكليات: الدم، فالأصل أن دم المسلم معصوم لا يجوز سفكه إلا ببرهان ونص، لكن أن يقتل المسلمون بالظنة والتخمين فهذا كله لا يجوز، إذن: قتل القاتل وقطع السارق وجلد الزاني هذه كلها حدود, فمعنى ذلك أن الزنى والقتل والسرقة ونحوًا من ذلك تسمى ماذا؟ تسمى كبائر، أو كان عليها وعيد كعدم دخول الجنة: (لا يدخل الجنة ديوث) ديوث الذي يرى العيب في أهله ثم لا ينكر، لا يدخل الجنة، إذن: هذا وعيد، هذا تهديد، فهذا يدل على أن الدياثة كبيرة من الكبائر، الكذب قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار) فهذا دليل على أن الكذب من الكبائر وهكذا، وهناك من الأئمة من جمع الكبائر وصنف فيها مثل الإمام الذهبي فأوصلها عدة عشرات من الكبائر.
قال المصنف: (وصفح لهم بالتوبة عن كبائر السيئات) التوبة: يُكفِّر الله -تعالى- بها عن السيئات، كبيرها وصغيرها، قال الله -تعالى- ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيع ﴾ [الزمر: 53]، كلمة جميعًا تأكيد للذنوب، والألف واللام في الذنوب هي الألف واللام الجنسية، فجنس الذنوب يغفره الله -عز وجل- كبر أو صغر، عظم أو دق، فالله -تبارك وتعالى- ﴿ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، وذكر الله -تعالى- في شأن المتقين أنهم: ﴿ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿135 ﴾ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴿136 ﴾ [آل عمران: 135، 136]، وأمر الله -تعالى- بالتوبة فقال: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، فالله -تبارك وتعالى- أمر بالتوبة, فالتوبة مما يكفر الله -تعالى- بها عن كبائر الذنوب، والتوبة لها أركان يعني حتى تكون التوبة توبة نافعة لصاحبها ويكون حاله كحال التائب من الذنب الذي لا ذنب له بل يكون حاله بعد التوبة أفضل من حاله قبل التوبة لابد من عدة أمور:
الأمر الأول: الإقلاع عن الذنب دون تسويف، يعني عندما يعلم أن الخمر حرام، لا يقول: أمكث الليلة في شرب الخمر وأبدأ التوبة من غدٍ، أو هو يوم الثلاثاء أو يوم الأربعاء، يقول: أبدأ التوبة من يوم السبت، من أول الأسبوع، هذا كله لا يجوز، ولكن لا بد من الفور عند التوبة، فلابد أن يقلع عن الذنب فورًا دون تسويف هذا أول أمر.
الأمر الثاني: لابد من الندم على الذنب، فلا تنظر إلى الذنب سواء كان صغيرًا أو كبيرًا، ولكن انظر إلى ربك، كيف أنك عاديت ربك، وكيف أنك بفعلك لهذا الذنب تجرأت عليه -سبحانه- فلابد أن تراعي هذا المعنى وأن ترجع إلى ربك وألا تكون من هؤلاء الذين لا يوقرون الله -تعالى- ولا يعظمونه - نسأل الله تعالى العافية وأن يغفر لنا ذنوبنا كلها، عظيمها وقليها-.
الأمر الثالث: النية الصادقة ألا يعود إلى الذنب مرة ثانية، نية صادقة عزيمة وإرادة جازمة ألا يعود إلى ذلك الذنب مرة ثانية.
الأمر الرابع: إن كان هناك حق من حقوق الآدميين فيجب عليه أن يستوفي هذا الحق، برده إلى صاحبه أو أن يُعفى عنه، فهذا كله من الأمور التي تكون نافعة في مسألة التوبة، فحتى تكون توبتك توبة صادقة صالحة لابد أن تراعي هذه الأمور.
هناك أسباب أخر للتوبة في قول الشيخ: (وصفح لهم بالتوبة عن كبائر السيئات)
1- التوبة:
لا.. كبائر السيئات لا يُصفح عنها بالتوبة فقط، ولكن هناك أسباب أُخر، غير ما ذكر الشيخ -عليه رحمة الله- من ذلك:
2- الاستغفار: كقول الله -عز وجل-: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ﴿10 ﴾ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراً ﴿11 ﴾ [نوح: 10، 11]، وفي البخاري ومسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا أذنب العبد ذنبًا، قال: أي ربي أذنبت ذنبًا فاغفر لي، فيقول ربي: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويجازي به، قد غفرت لعبدي، ففي الثالثة أو الرابعة يقول الرب الجليل -سبحانه-: قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء) وسبق أن علقت على هذا الحديث، إذن: الاستغفار، لابد من الاستغفار،إذن: الاستغفار من الأسباب التي بها تُكفر الكبائر
3- الحسنات الماحية: في قول الله -تعالى-: ﴿إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾ [هود: 114]، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في قصة حاطب بن أبي بلتعة هذه القصة موجودة في الصحيح عندما نقل خبر المسلمين إلى نفر من قريش، فعندما أُوتي بالكتاب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (والله يا رسول الله ما فعلت ذلك ردة عن ديني ولا رضىً بالكفر بعد الإسلام) إلى آخر ما قال، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قَبِل عذره وقال: (إنه قد شهد بدرًا وإن الله اطلع على أهل بدر فقال: افعلوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم) فحاطب بن أبي بلتعة فعل ذنبًا عظيمًا وهو ذنب التجسس ونقل أخبار المسلمين إلى الكفار، هذا ذنب أعظم من القتل وأعظم من الزنى وأعظم من السرقة؛ لأنه بنقل هذا الخبر، قد تحدث مقتلة عظيمة للمسلمين ومع ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر أنه قد غُفر له لماذا؟ لأنه شهد بدراً، فمشاهدة بدر حسنة ونقله لهذا الخبر كبيرة فهذا دليل على أن الحسنات العظيمة تُمحى بها السيئات، وهل من الشرط أن تكون الحسنة عظيمة لتمحى بها السيئة العظيمة؟ ليس شرطًا أن تكون الحسنة عظيمة لتمحى بها السيئة العظيمة فقد ثبت في الصحيح أن امرأة بغيًا سقت كلبًا فغفر الله لها بسقيا هذا الكلب، وبغي على وزن فعيل صفة مشبهة أي كثيرة البغاء ومع ذلك سقي الكلب كان حسنة بسبب هذه الحسنة كفر الله -تعالى- عن هذه الكبائر التي فعلتها، الحسنات الماحية.
4- كذلك من هذه الأسباب دون استقصاء، المصائب التي تحل بالمرء، وهذا قول النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصحيحين: ( ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا غم ولا حزن) هذا كله (حتى الشوكة يشاكها إلا كَفَّر الله بها من خطاياه).
قال المصنف: يعني بعد أن ذكر المصنف أن الله -تبارك وتعالى- يصفح لهم بالتوبة عن كبائر السيئات وأن هناك أسباب أُخر غير التوبة كالاستغفار كالحسنات الماحية كالمصائب كشفاعة المؤمنين بالصلاة عليه في الجنازة كشفاعة النبي -عليه الصلاة والسلام-، كأعمال البر التي تصنع له، كضغطة القبر وهوله كل هذه من الأسباب التي يكفر الله -تعالى- بها كبائر المسلم، قال المصنف: (وغفر لهم الصغار باجتناب الكبائر) فإذا ما اجتنب المسلم الكبائر غفر الله -تعالى- له الصغائر، والصغائر ما دون الكبيرة، قال الله -تعالى-: ﴿إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيم ﴾ [النساء: 31]، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- والحديث مُخرج في صحيح مسلم: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مُكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر).
قال المصنف -عليه رحمة الله-: (وجعل من لم يتب من الكبائر صائرًا إلى مشيئته) التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ومن كانت له حسنات ماحية أو كانت له مصائب أو ما إلى ذلك من الأسباب نفعته هذه الأسباب، فمن لم يكن له مُكفر يكفر عن كبيرته، أو من مات ولم يتب في علمنا ولم يتب من ذنبه كما نعلم، فهذا الرجل نجعل أمره إلى الله -عز وجل- فأهل الكبائر نرد أمرهم إلى الله -عز وجل- إن شاء عفا عنهم ابتداءً فأدخلهم الجنة، وإن شاء حاسبهم فعاقبهم بقدر ما فعلوا من ذنب أو خطيئة أو كبيرة أو جُرم، وهذا كله متعلق بمشيئته- سبحانه- ولكن لا نتوعدهم بنار، لا نقول: بأن أهل الكبائر الذين ماتوا دون توبة متوعدون بالنار فالذين يقولون بذلك هم الوعيدية، ولكن نقول: هم صائرون إلى الله -تعالى- إن شاء عفا عنهم برحمته وجوده وإحسانه, وإن شاء عاقبهم وذلك بعدله وفضله، نسأل الله -تعالى- أن يعاملنا بجوده وإحسانه وأن ييسر أمورنا وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وحتى يكون الأمر واضحًا فإن هذا دل عليه النص قال الله -تعالى-: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]، إذن: كل الذنوب دون الشرك موكول أمرها إلى الله -عز وجل- إن شاء ربي -سبحانه وتعالى- أن يغفر لأصحابها وإن شاء عذبهم كما شاء، قال- تعالى-: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ﴾ [التوبة: 106]، فنرجو من الله -عز وجل- أن يتغمدنا بفضله وأن يرحمنا وأن يتوب علينا وأن يتجاوز عن سيئاتنا وأن يجعل عاقبتنا خيرًا وبركة، وصلي اللهم على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
فضيلة الشيخ وردتنا إجابات لأسئلة الحلقة الماضية:
كان السؤال الأول: كيف تؤمن بالرسل مجملاً؟
وكانت الإجابة: الإيمان بالرسل أصل من أصول الإيمان فالإيمان بالرسل يكون مجملاً ومفصلاً، ومجملاً من غير تعيين، يجب أن نؤمن بأن الله -سبحانه وتعالى- أرسل رسلاً إلى الجن وإلى الإنس ليبلغوا الناس دينهم، فقد ذكر الله –تعالى- في القرآن الكريم خمسة وعشرين نبيًا ورسولاً يجب أن نؤمن بهم جميعًا مجملاً ومفصلاً أما فيما يخص" مجملاً": أرسل الله -سبحانه وتعالى- رسلاً وأرسلهم إلى أقوامهم ومن المجمل أيضًا: الإيمان بعدد الأنبياء الذين ذكر الله لنا أسماءهم فمن كذب برسول فقد كذب بجميع الرسل، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يستلزم الإيمان بكل الرسل

هذا جيد- ما شاء الله لا قوة إلا بالله- لكن الإيمان بأعيان الرسل الخمسة والعشرين الذين ذكروا هذا يدخل في المجمل من جانب كما يدخل في المفصل من جانب آخر.
كان السؤال الثاني فضيلة الشيخ: فرق بين الرسول والنبي؟
وكانت الإجابة: الرسول: هو من بعثه الله -عز وجل- إلى المخالفين ليبين لهم الدين والنبي: هو المخبر عن الله -عز وجل- فكل من أوحى إليه الله، فهو نبي بُعث إلى أهل الدين يحتاجون إلى النبي يأمرهم وينهاهم ويذكرهم لذا قال -سبحانه وتعالى-، وذكرت الأخت مقولة النبي -صلى الله عليه وسلم-: قالت: قال الله -سبحانه وتعالى-: (العلماء وثة الأنيباء) وهذا خطأ من عندها

هذا طبعًا ليس هذه آية ولكن قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العلماء ورثة الأنبياء).
السؤال الثالث: تكلم عن عصمة الأنيباء؟
كانت الإجابة: الأنبياء معصومون مجمع عليها والصحيح أن الأنيباء معصومون من الوقوع في الشرك والكبائر لا قبل البعث ولا بعد البعث، قد يقع النبي في الصغيرة لكن دون تأويل بمعنى: لا يقعون فيها عمدًا ثم يتوبون ويكون حالهم أفضل بعد التوبة، الناس يظنون أن الأنبياء لهم كبائر مثل نبي الله شعيب -عليه السلام-، وقصة إبراهيم -عليه السلام- وقصة نبي الله ذي النون -عليه السلام- وقصة آدم -عليه السلام- وقصة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- محمد مع الأعمى لكن ليس هناك نبي يقع في الذنب قصدًا وعمدًا لكن يقع فيه ظنًا أنه ليس بذنب، وإذا وقع فيه يتوب إلى الله –تعالى-.
هذا جيد، لكن هناك جملة مضت قبل التي متعلقة بالتأويل فتحتاج إلى ضبط فقط، الجملة.
قد يقع النبي في الصغيرة لكن دون تأويل بمعنى لا يقعون فيها عمدً.
لا.. كيف ذلك يعني يقعون في الصغيرة دون تأويل أم بتأويل؟ لا.. بتأويل، نعم فلو تُصور وقوع النبي في الصغيرة فإنه يقع فيها متأولاً، أي لا يقصدها كقول الله -عز وجل-: ﴿فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْم ﴾ [طه: 115]، ولكنه لا يقصدها قصدًا، ثم إذا فعلها لا يُقَّر عليها بل إنه يسارع في التوبة ويكون حاله بعدها أفضل من حاله قبلها والله تعالى أعلى وأعلم.
الأخت الكريم من المغرب يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل يستنبط من قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيب ﴾ [النساء: 1]، اطلاعه- تعالى- وعلمه وفوقيته واستوائه وجزاكم الله خيرًا؟
الآية واضحة، وأسأل الله –تعالى- أن يزيدك توفيقًا وهداية ورشادًا.
الأخت الكريمة من الأردن تقول: آكل الربا الذي يتخبطه الشيطان من المس في الدنيا، ماذا نسميه؟ هل هو عذاب في الدنيا فيُخفف عن صاحبه في الآخرة؟
هذا من عاجل عقوبة الله -عز وجل- أن يأخذ المرابي ليعاقبه: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ﴾ [البقرة: 275] ذلك بأن الله أحل لهم شيئًا وهو البيع وحرم عليهم شيئًا وهو الربا فأبوا إلا أن يحاربوا الله -عز وجل- فهؤلاء القوم الذين يتقلبون في المصائب بسبب الربا إنما هذا جراء ما صنعوا وأزعم أن ليس هذا من تكفير الذنب ولكن هذا من عاجل عقوبة ثم هناك الذي ينتظرهم يوم القيامة فنسأل الله –تعالى- أن يأخذ بأيدينا إلى محابه ومراضيه.
الأخ الكريم من مصر يقول: بعض الناس ينكر عذاب القبر فكيف نرد عليه؟
هذه المسألة خاض فيها بعض الذين ينبغي لهم أن يتعلموا دين الله -عز وجل- فقالوا: بأن عذاب القبر ليس عذابًا حقيقيًا ولكنه أمر نفساني، وقالوا: بأنه لا يوجد من النصوص ما يدل استقلالاً على عذاب القبر وهذا كلام في قمة الفساد فقد ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث عائشة كان يتعوذ بالله -عز وجل- في كل صلاة في نهايتها من عذاب القبر: (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال، ومن المغرم والمأثم)، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- من جملة ما يتعوذ به عذاب القبر، ودخل النبي -صلى الله عليه وسلم- يومًا فوجد امرأة يهودية تذكر عائشة بعذاب القبر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تعوذوا بالله من عذاب القبر)، والنبي -عليه الصلاة والسلام- النصوص الثابتة عنه في إثبات عذاب القبر ونعيمه كحديث البراء وهو حديث طويل نصوص كثيرة بحيث صار هذا الأمر أي: إثبات عذاب القبر من جملة اعتقاد أهل السنة والجماعة وقال الله -عز وجل-: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُواًّ وَعَشِياًّ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ ﴾ [غافر: 46]، فصار هناك عدة أمور، ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُواًّ وَعَشِي ﴾ آل فرعون أغرقوا فماتوا، فيا تُرى ما هي الحال التي يكون فيها الغدو والعشي؟ هل يكون ذلك في الدنيا أم يكون ذلك بعد البعث ويوم الساعة، وعند الفصل بين الناس ثم بعد ذلك الجنة والنار؟ الجنة والنار ليس هناك زمن انتهى الزمن في هذه الدور ليس هناك نهار ولا ليل ليس هناك قيظ ولا شتاء، هناك الأمور مختلفة تمامًا ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُواًّ وَعَشِي ﴾ هذا متعلق بالقبر، فهم يعذبون ليلَ نهار في القبر، والقول ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُواًّ وَعَشِي ﴾ أي يعرضون عليها دائمًا في كل وقت فإن هذا يسمى من الظروف المركبة، والظروف المركبة تدل على العموم، كأن تقول: قابلته ليلَ نهار، صبح مساء، أي: قابلته في كل وقت، وكذلك ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُواًّ وَعَشِي ﴾ أي: النار يعرضون عليها في كل وقت لا يكون ذلك إلا في القبر، فإثبات القبر ثابت- وإن شاء الله- لنا حديث في مسألة القبر وإثباته وبيان بعض الشبهات في هذه المسألة والرد عليها - بإذن الله سبحانه وتعالى-.
فضيلتكم ذكرتم المقصود بالكبائر: كل ذنب جعل له حد في الدنيا أو وعيد، ثم ذكرتم في نهاية الحديث: لا ينبغي علينا أن نكون من الوعيدية، أن نتوعد أحد بالنار؟ فكيف نفرق في ذلك؟
الوعيدية عندما تطلق يقصد بها طائفتان: الطائفة الأولى: الخوارج، والطائفة الثانية: المعتزلة، الخوارج الذين توعدوا العصاة من أهل القبلة بالخلود في النار على أنهم كفروا بهذه الذنوب، إذن: الخوارج كفروا عصاة المسلمين وتوعدوهم بالخلود في النار، المعتزلة قالوا: بأن مرتكب الكبيرة ليس مؤمنًا وليس بكافر وسموه فاسقًا، ولكنهم توعدوه بالخلود في النار، الفارق بين المعتزلة والخوراج أن الخوارج كفروا مرتكب الكبيرة والمعتزلة لم يكفروه وإنما فسقوه، ووجه الاتفاق أن الخوارج جعلت مآل مرتكب الكبيرة الخلود في النار وكذلك المعتزلة، فاختلفوا في الاسم واتفقوا في المآل، فكلاهما توعد مرتكب الكبيرة بالخلود في النار، مع اختلافهم في الاسم يا ترى كافر أم فاسق؟ وهاتان الفرقتان، فرقتان ضالتان خارجتان عن منهج أهل السنة والجماعة، فعندما نقول: بأن هناك بعض الذنوب كان الوعيد لأصحابها فالوعيد ليس معناه التخليد في النار، ولكن الوعيد معناه هنا التهديد كاللعن كالغضب كالسخط كالمقت كالخروج من الجنة كدخول النار من غير خلود، وما إلى ذلك، فهذا كله من جملة الأشياء التي نقصدها.
الأمر الثاني: أن الكبائر تتفاوت بتفاوت الكبيرة نفسها، كما تتفاوت بتفاوت فاعلها، فالشرك بالله كبيرة والقتل كبيرة وقطع الرحم كبيرة, ولكن ما هي أشد هذه الكبائر؟ الشرك بالله، أليس كذلك؟ إذن كلهم كبائر ولكن تتفاوت الكبائر من حيث الأعيان، من حيث عينها، أيضًا تتفاوت الكبائر من حيث فاعلها، فلو أن رجلاً عالمًا شرب الخمر، ورجلاً جاهلاً سفيهًا شرب الخمر، لكان كلاهما شارباً الخمر، وكان كلاهما فاعلاً كبيرة ولكن الكبيرة فيها عند هذا تغلظ وتعظم وتشتد ليكون إثمها عليه أعظم من هذا الآخر فالكبيرة تتفاوت بتفاوت فاعليها كما تتفاوت بتفاوت أفرادها، فهذه مسألة مهمة جدًا وأرجو أن تكون واضحة.
الأمر الثالث: أن الصغيرة قد تنقلب إلى كبيرة، وذلك بالإصرار، الصغائر تنقلب إلى كبائر بالإصرار والإصرار غير الاستحلال، الإصرار كأن يقول: نعم أعلم أني مذنب ولكن سآتي الذنب مرة ثانية، إذن: هذا إصرار لكن لو قال: إن هذا الذنب حلال وأنا سأفعله؛ لأني لا أقتنع بأنه حرام إذن: هذا كفر- والعياذ بالله- فالمصر على الذنب هذا عاصٍ أما مستحل الذنب كافر- نسأل الله تعالى العافية- يعني لو واحد قال: بأن الزنا حلال ولا بأس بأن الناس تستحل فروج بعض، هذا كافر، كما حدثت مع طائفة القرامطة, فالقرامطة كانوا يستبيحون فروج بعضهم البعض، فكان الرجل يستبيح فرج ابنته فيقول: كيف لي أن أُربي ابنتي حتى يستبيحها رجل أجنبي، فأنا أولى بابنتي من غيري، -انتبه لهذا- فهذا كفر بالله العظيم؛ لأنه يستحل ما حرم الله ليس هذا من جنس الذنب هذا كفر، لكن الذي يأتي بالذنب- الزنا أو القتل أو شرب الخمر- ويعلم أنه ذنب ويعلم أنه مخالف ويعلم أنه عاصٍ فإنه بذلك يكون مذنبًا يكون عاصيًا والخير فيه مأمول، قال الله –تعالى-: ﴿وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135].
واضح يا أخي هذا الحديث؟
نعم
لو سألتكم ماذا فهمتم تجيبوني؟
إن شاء الله.
الأخ الكريم من مصر يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عندي سؤالان لو سمحت:
السؤال الأول: ذكرتم فضيلة الشيخ، أن أدلة إمكان البعث ثلاثة: أولاً: الاعتبار بخلق الإنسان أول مرة، ثانيًا: الاعتبار بخلق السماوات والأرض، ثالثًا: الاعتبار بإحياء الأرض وهي ميتة فهل يمكن الاستدلال بآية النوم والاستيقاظ في قوله- تعالى-: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَ ﴾ [الزمر: 42]، الآية، وفي الحديث ما معناه: (إنكم ستموتون كما تنامون وتبعثون كما تستيقظون
السؤال الثاني: ذكرتم فضيلة الشيخ أن للتوبة شروطاً، ومنها: إذا كان هناك حق من حقوق الآدميين يستوفي الحق برده لصاحبه أو يعفو عنه فإذا كان الحق غِيبة لمسلم والوقوع في عِرضه، فهل الأفضل أن يستسمحه في ذلك أو يدعو له خاصة إذا ترتب على إعلامه بذلك زيادة عداوة أو حقد أو غير ذلك؟
فضيلة الشيخ الأخ الكريم كان له سؤلان:
سؤاله الأول: عن قولكم في أدلة إمكان البعث هل يمكن الاستدلال بآية النوم: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾؟

هذا جيد، والإشكال أننا عندما تكلمنا عن البعث تكلمنا عن بعث أنكره المشركون ولم يستوعبوا صورته، وبعث التراب والعظام الرميم فكلام الأخ جيد ومعتبر- جزاه الله خيرًا-.
سؤاله الثاني فضيلة الشيخ: عن شروط التوبة في استيفاء الحق للغير ومثل بالغيبة الاستسماح أو الدعاء له وأن الاستسماح قد يورث الحقد في قلب المستسمح؟
-والله- إن كنت تعلم إن هذا الرجل عنده من سعة القلب وسعة الصدر والمعروف والبر والإحسان ما به ينفسح لقبول توبتك، والعفو عنك، فلابد أن تصارحه وأن تقص عليه تقول له: والله صنعت كذا وكذا وكذا وإني أستسمحك فيما صنعت معك أو فيك، وإن كنت تعلم أنه ضنين بذلك، وأنه قد يترتب على ذلك ما لا يحمد عقباه فالأولى أن تستر ذلك الأمر وأن تكثر من الدعاء له لعل الله –تعالى- أن يغفر لك بذلك، والله تعالى أعلى وأعلم.
الأخ الكريم من السعودية يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عندي إضافة بسيطة بخصوص شروط التوبة وعندي سؤالان: أولاً الإضافة يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: «ينسى الناس شرطًا هامًا من شروط التوبة وهو الإخلاص»، وإن كان في كل عمل، لكن يقول ينساه كثير من الناس ومثل بشارب الدخان الذي يمرض ثم يتوب من أجل المرض لا من أجل الله،
السؤالان: السؤال الأول: حديث الرجل الذي قال لأولاده: (لئن قدر الله علي) أريد توجيهاً لقوله: (لئن قدر)، هل معناه التضيق أم هناك توجيه آخر؟
السؤال الثاني: ما معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: (وإن الله كتب الحسنات والسيئات)؟ .
فضيلة الشيخ الأخ الكريم سؤاله الثاني: عن حديث الرجل الذي قال لابنيه:( لئن قدر الله علي) إلى نهاية الحديث، يريد توجيهاً في قوله: (لئن قدر

هذا الحديث من الأحاديث التي كثر الخوض فيها، هل المقصود (لئن قدر الله علي) من التقدير بمعنى التضييق، ومنه قوله -سبحانه وتعالى- ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ﴾ [سبأ: 11]، أي ضيق في السر حتى يكون بقدر أجساد من يلبسون هذا الحديد؟ هذا الوجه ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى وأفسده من وجوه عديدة، وقال: «إن السياق يدل على فساد هذا القول؛ لأن الرجل كان مسرفًا على نفسه وهذا الرجل ظن أنه إن فعل ذلك أن الله –تعالى- لن يقدر عليه»، فالمسألة ليست متعلقة بالتضييق ولكنها متعلقة بالقدرة فهذا الرجل كان جاهلاً قدرة الله -عز وجل- على البعث، كان جاهلاً ليس منكرًا وفارق بين الجهل والإنكار فهذا الرجل كان جاهلاً قدرة الله –تعالى- على البعث، وكان يتصور أن الله –تعالى- لو قدر عليه، يعني هو كان جاهلاً هذه القدرة، ويتصور أنها لو حدثت فإن الله –تعالى- سيعذبه عذابًا شديدًا فكان مشفقًا على نفسه أن لو حصلت هذه القدرة أن يعذبه الله -عز وجل- فلما قدر الله عليه، فجمع جسده وسأله: ما حملك على هذا؟ قال: (خشيتك يا رب) وفيه دليل لأهل السنة أن الرجل قد تجتمع فيه شُعَب الإيمان كما تجتمع فيه شعب الكفر، أيضًا فيه دليل على من ذهب إلى مسألة الإعذار بالجهل فهذا رجل كان جاهلاً قدرة الله -عز وجل- ومع ذلك كان عنده من قوة الإيمان ومن الخوف من الله -عز وجل- وهذه أعمال قلبية ما جعل الله –تعالى- يغفر له ذلك الجهل ويأمر به فيدخل الجنة وتمام ذلك يراجع مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية -عليه رحمة الله-.
كان سؤاله الثاني فضيلة الشيخ: ما معنى (إن الله كتب الحسنات وكتب السيئات
الكتابة هنا هي الكتابة التي عند ربي -عز وجل- في كتاب فهي عنده على العرش فوق السماء ﴿لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى ﴾ [طه: 52].
فضيلة الشيخ الأخت الكريمة من السعودية تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الربا من الكبائر فهل المرابي وآكل الربا وموكله حد أم أن عليه وعيدًا فقط؟
اللعن في صحيح مسلم وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لعن الله آكل الربا ومؤكله وكاتبيه وشاهديه، وقال: هم سواء)، فهذا لعن شديد واللعن معناه: الطرد من رحمة الله -عز وجل- وإمام المسلمين إذا وجد الرجل يرابي ولا يقلع عن الربا جاز له أن يعاقبه العقوبة البالغة التي يكون فيها ردع له ولأمثاله من المخالفين لشرع الله -عز وجل- والعقوبة تكون من باب التعزير لا من باب الحدود- والله تعالى أعلى وأعلم-.
قال الله –تعالى-: ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي القُبُورِ ﴾ [الحج: 7]، وقال المصنف -رحمه الله-: (وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من يموت)، فهنا عن عدم اقتدائه بقول الله -سبحانه وتعالى- حينما قلت فضيلتكم:( إن قوله أراد به أن الله -سبحانه وتعالى- يبعث جميع الأموات وليس الذين لهم قبور فقط، فهل قصد الله -سبحانه وتعالى- معنى غير ذلك؟
أنا ذكرت في سياق التعليق على كلام المصنف، أن عبارة المصنف عبارة تفسيرية، وأن نص الآية نص تقريبي؛ لأن معظم الموتى إنما يقبرون- والله تعالى أعلى وأعلم-.
الأخت الكريمة من السعودية تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ذكرت في كلامك أن قتل النفس يترتب عليه حد، والديوث يترتب عليه وعيد أليس يترتب على قتل النفس حد ووعيد في الآخرة أيضًا؟
نعم، نعم.
ما الحكم فيمن أنكر عذاب القبر جهلاً وليس تأويلاً؟
الجهل كالتأويل، كلاهما مانع من إيقاع الحكم بالتكفير، فلا ينسب الحكم بالتكفير لا إلى جاهل ولا إلا مؤول، وأسأل الله –تعالى- أن يمد لنا وقتًا بحيث نتكلم في بعض هذه المسائل عندما نتعرض لها - بإذن الله تعالى-.
الأخت الكريمة من الأردن تقول: يقول بعضهم: إن استغفارنا يحتاج إلى استغفار؟ ما مدى صحة هذا القول؟ مع شعورنا دائمًا بالتقصير؟
أي والله هذا قول سديد، قول صحيح؛ لأن الاستغفار يحتاج كي يُقبل إلى قلب، وقلوبنا تحتاج إلى طهارة، حتى يقبل الله –تعالى- منها هذا الاستغفار فنسأل الله –تعالى- أن يطهر قلوبنا، وألا يجعلنا من الذين قال فيهم: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ﴾ [المائدة: 41]- نسأل الله تعالى العافية-.
ذكرتم في الإيمان بالرسل أنه يجب أن يكون الإيمان بالرسول أنه ذكرًا عاقلاً بالغًا مكلفًا ولا يتصور أن تكون النبوة في أنثى، ولكن قرأت في كتاب التذكرة في أحوال الموتى، للإمام القرطبي أنه ذكر أنه هناك خلاف بين العلماء: هل السيدة مريم نبية أم لا؟ وبعض العلماء استدلوا بقول الله –تعالى-: ﴿وَإِذْ قَالَتِ المَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ ﴾ [آل عمران: 42]، وذكر أيضًا قول الله –تعالى-: ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَ ﴾ [مريم: 17]، فما وجه استدلال العلماء بهذه الأدلة وكيف ردوا عليها؟
باختصار شديد لم يذهب على- ما أعلم- هذا المذهب إلا القرطبي وابن حزم، وكلاهما من أهل المغرب، يعني: هذا الأمر إنما كان له رواج أو له أرضية في بلاد المغرب والأندلس، واستدلالهم في ذلك ليس بسديد، فكون أن الملائكة كلمت مريم ليس هذا نصًا بأنها نبية ويوحى إليها، فإن الملائكة ربما تؤثر في بعض الأشياء في الكون بمعطيات وبأمور- وبإذن الله تعالى- أحاول أن أجيب على هذا السؤال بشيء من التفصيل، بعد هذا المجلس لانتهاء الوقت- والله تعالى أعلى وأعلم-.
هلا تفضلتم بإلقاء أسئلة هذه المحاضرة
هناك سؤالان صغيران:
السؤال الأول: اذكر أدلة إثبات الساعة والبعث؟
السؤال الثاني: أسباب تكفير الذنوب؟ وجزاكم الله خيرًا
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-06-2008, 11:51 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي


جزاك الله خيراً ياحبيب
للرفع
رفع الله قدرك وقدر الشيخ .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 10:00 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.