انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > الملتقى الشرعي العام

الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-24-2018, 09:41 AM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي تدريب الطالب لحل إشكال ما يظن به التعارض

 


سلسلة منهاج الوصول
إلى استخراج أحكام الشريعة من القرآن ومن صحيح سنن الرسول عليه السلام
تدريب الطالب لحل إشكال ما يظن به التعارض
وإن شئتَ قلتَ
قواعد الوصول لحل إشكال ما يظن به التعارض من النصوص
تأليف
دكتور كامل محمد محمد عامر
مقدمة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَنَا بِنُورِ الْعِلْمِ مِنْ ظُلُمَاتِ الْجَهَالَةِ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ.
أَمَّا بَعْدُ
فليس في الفقه الإسلامى قولان مختلفان لشيئ واحد بحيث يقول فقيه هذا حلال، ويقول فقيه آخر هذا حرام لنفس الشيئ، أو يقول أحدهما هذا فرض ويقول الآخر هذا ليس بفرض؛ والدليل على ذلك قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النِّسَاءِ: 82] ؛ وقوله تعالى ِ: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النِّسَاءِ: 59] ، والاختلاف لا يرتفع إلا بالرجوع إلى قولٍ وَاحِدٍ.إن التقصير فى الإجتهاد هو السبب فيما يخيل لنا أنه تعارض.
هذا وقد قسمتُ هذا البحث إلى فصول:
الفصل الأول: ذكرتُ فيه وجوب الطاعة المطلقة لله سبحانه وتعالى ورسوله عليه السلام.
الفصل الثانى: ذكرتُ فيه نبذة مختصرة عن أسباب التعارض فى النصوص.
الفصل الثالث: عبارة عن مختصر للبرنامج المتبع لقراءة النصوص المتعارضة وكيفية فهمها.
الفصل الرابع: أمثلة لنصين بينهما عموم وخصوص فنستثنى الأخص من الأعم.
الفصل الخامس: أمثلة لنصين بينهما تعارض تام وقد أمكن التمييز بين السابق والتالى منهما.
الفصل السادس: أمثلة لنصين بينهما تعارض تام ولا يمكن التمييز بين السابق والتالى منهما فنأخذ بالنص الذى ينقلنا عمَّا كنا عليه، أو بالنص الذى فيه حكم زائد عما كنا عليه فكأنه تشريع جديد.
الفصل السابع: ذكرتُ فيه أمثلة لنصوص غير متدافعة ولكن يظن البعض أنها متعارضة
الفصـــــــــــــــــــل الأول
وجوب الطاعة المطلقة لله سبحانه وتعالى ورسوله عليه السلام.
قال تعالى:{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } [آل عمران: 32]
ويقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد : 33]
لقد أمرنا ربي سبحانه وتعالى بطاعة الرسول فالطاعة هنا مطلقة ؛ فلا يجوز تقييد تلك الطاعة بأي قيد كأن يقول إنسان مثلاً: لا نطيع إلا إذا كان الحديث له أصل فى القرآن، أو لا نطيع إلا إذا كان الحديث متواتراً.
وعلى ذلك فيجب العمل بجميع نصوص القرآن والسنة ما لم يتعذر ذلك.
"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" [ البخاري: كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَاب الِاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
الفصــــــــــل الثانى
نبذة مختصرة عن اسباب التعارض فى النصوص.
أحكام الشريعة نزلت خلال 23 عاماً، وبالتالى لم تتغير عادات المسلمين وتعملاتهم فجأة، فالجميع ثابت على تقاليد المجتمع وأعرافه حتى يأتى حكم ينقله عمَّا كان عليه.
إن الرسول عليه السلام لم يجمع المسلمين كل يوم ليقص عليهم الأحكام، ولكنه عليه السلام كان يأمر بالشيئ، أو ينهى عن الشيئ، فيسمعه من كان حاضراً من الصحابة، ويغيب هذا الحكم عمَّن كان غائباً؛ وبالتالى يظل هذا الصحابى على ما كان قبل تشريع هذا الحكم الجديد.
ـــــ فالصحابى قد يروى ما شاهده من فعل الرسول عليه السلام قبل التشريع، وقد يروى صحابى آخر حكم الرسول عليه السلام بعد التشريع.
فابن عباس يقول أنه شاهد الرسول عليه السلام يشرب واقفاً، وكذلك علىّ رضى الله عنه؛ وأَنَسٍ يروى عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا.
وعَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يقول أنه رأىرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ"،وأبو أيوب يروى قول النبى عليه السلام " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا".
ـــــ وقد يذكر الصحابى حديث فيه حكم معين، ويذكر صحابى آخر حديث فيه حكم زائد عمّا رواه الصحابى الأول.
فقد روى أبو سعيد الْخُدْرِيِّ حديث " إِنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" وهذا الحديث لم يذكر حكم الإكسال، فتروى السيدة عائشة حديث أعمّ من ذلك وهو" إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ"
ـــــ وقد يروى الصحابى حديث منسوخ؛ لأنه لم يبلغه الناسخ، ويروى صحابى آخر الحديث المتأخر، والذى فيه نسخ الحكم المتقدم.
فأبو هريرة يقول: من أصبح جنباً أفطر، والسيدة عائشة رضى الله عنها تقول: "أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَانَ لَيُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يَصُومُهُ"
الفصـــــــل الثالث
مختصر للبرنامج المتبع لقراءة النصوص المتعارضة وكيفية فهمها.
إن وجدنا نصَّين ظاهرهما التعارض:
إِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بينهما فلا إشكال.
وَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ الْجَمْعُ و أحد النصين ينهى و الآخر يبيح أو يأمر:
(1) فإما أن يكون أحد النصين أعمُّ من الآخر؛ فنستثنى الأخص من الأعم.
(2) وإما أن يكون فى أحد النصين نهىٌ لما أبيح أو أُمِرَ به في النص الآخر بأسره.
فإن أمكن التَّمْيِيزُ بَيْنَ السَّابِقِ وَالتَّالِي أخذنا بالْآخَرِ وهذا نسخ
وَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ التَّمْيِيزُ أخذنا بالحكم الزائد أو بالناقل لنا عمّا كنا عليه
نخلص من هذا أننا:
(1) نحاول أولاً الجمع بين النصوص المتعارضة.
(2) إن لم نستطع ووجدنا بين النصين عموم وخصوص؛ استثنينا الأخص من الأعم.
(3) إن لم نجد بينهما عموم وخصوص وتيقينا من تاريخ النصين؛ أخذنا بالآخر منهما وهذا نسخ.
(4) إن لم نتيقن من التاريخ؛ أخذنا بالنص الذى ينقلنا عمَّا كنا عليه، أو بالنص الذى فيه حكم زائد عما كنا عليه فكأنه تشريع جديد.
الفصل الرابع
أمثلة لنصين بينهما عموم وخصوص
فواجب أن نعمل بالنصين ولن يكون هذا إلا بأن يُستثنى الأخص من الأعم فيستعمل الأخص كما هو ويستعمل الأعم فى ما عدا ما أخرجنا منه بالاستثناء يدل على ذلك قول النبى عليه السلام لأَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عندما دعاه النبى عليه السلام وهو يصلى ولم يستجب أبو سعيد لعموم النهى عن الكلام فى الصلاة: "مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}" فَهَذَا مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِشَارَةٌ إِلَى العمل بجميع النصوص واستثناء الأخصّ من الأعمّ ‏فآية سورة الأنفال أخصّ من آية سورة البقرة. ‏
وأيضا عندما أخذ ابو السنابل فى قصة سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ بعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } [البقرة : 234] لم يقره عليه السلام على ذلك واستثنى عليه السلام أُولَاتُ الْأَحْمَالِ من عموم النساء المتوفى عنهن أزواجهن {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق : 4]
أمثـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــلة
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـال الأول
(الأمر بِالسُّكُوتِ" فى الصلاة، الاسْتَجِابةُ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ)
(1) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ:"كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا أَخَاهُ فِي حَاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:{‏حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ‏}‏ [البقرة:238] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ" [البخاري:كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ؛ بَاب { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }]
(2) قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الْأَنْفَالِ: 24]
فى حديث زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ فى الصلاة وفى الآية أمرٌ بإجابة الرسول مطلقاً فى كل وقت [تفسير القرطبي: اسْتَجِيبُوا" أَجِيبُوا]
(3) عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كُنْتُ أُصَلِّي فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَانِي فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الْأَنْفَالِ: 24]"[البخارى: كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ]
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـال الثانى
"عن عبد الله بن مسعود أن سبيعة بنت الحارث وضعتحملها بعد وفاة زوجها بخمس عشرة ليلة، فدخل عليها أبو السنابل، فقال: كأنك تحدِّثين نفسك بالباءة؟ ما لك ذلك حتى ينقضي أبعد الأجلين، فانطلقت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته بما قال أبو السنابل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم "كذب أبو السنابل، إذا أتاك أحد ترضينه؛ فأتيني به، أو قال: فأنبئيني " فأخبرها أن عدتها قد انقضت. [سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (7/ 810) قال الالبانى وأخرجه أحمد أيضاً، وإسناده صحيح، قال الهيثمي (5/3) :"ورجاله رجال الصحيح "]
"عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قال حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ وَهُوَ فِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَقَالَ لَهَا مَا لِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً لَعَلَّكِ تَرْجِينَ النِّكَاحَ إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَالَتْ سُبَيْعَةُ فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ وَإِنْ كَانَتْ فِي دَمِهَا غَيْرَ أَنْ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَطْهُرَ" [مسلم:كِتَاب الطَّلَاقِ؛ بَاب انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَغَيْرِهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ]
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـال الثالث
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا، لا قَطْعَ إِلاَّ فِي رُبُعِ دِينارٍ فَصَاعِداً)
أمر الله عز وجل بقطع يد السارق والسارقة جملة قال الله عز وجل: { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]
وقال عليه السلام : «لا قَطْعَ إِلاَّ فِي رُبُعِ دِينارٍ فَصَاعِداً»[مسلم: كتاب الحدود؛ باب حد السرقة] فوجب استثناء سارق أقل من ربع دينار من القطع، وبقي سارق ما عدا ذلك على وجوب القطع عليه.
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـال الرابع
(النهى عن نكاح المشركات، اباحة زواج الكتابيات)
قال تعالى: {وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ } [البقرة:221] وقال تعالى:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5]
فأباح الله سبحانه وتعالى المحصنات من نساء أهل الكتاب بالزواج فكن بذلك مستثنيات من جملة المشركاتوبقي سائر المشركات على التحريم.
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـال الخامس
( تحريم الدماء والأموال والأعراض، القصاص والحدود والزكاة)
(1) قال عليه السلام:«....... دِماؤُكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ وَأَعْرَاضُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ.......» [البخارى: كتاب الحج؛ باب الخطبة أيام منى]
(2) وأمر الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه صلى الله عليه و سلم بقتل من ارتد بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفساً، "عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ أَوْ قَتَلَ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ أَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ إِسْلَامِهِ فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ" [سنن النسائي: كِتَاب تَحْرِيمِ الدَّمِ؛ الْحُكْمُ فِي الْمُرْتَدِّ][ صحيح وضعيف سنن النسائي: تحقيق الألباني :صحيح]
وأمر عليه السلام بأخذ أموال معينة في الزكاة والنفقات والكفارات، فكان هذا وغيره مما هو مذكور فى الأحاديث الصحيحة مستثنى من جملة تحريم الدماء والأموال والأعراض، وبقي سائرها على التحريم.
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـال السادس
(1) قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ" [البخاري: كِتَاب الْجُمُعَةِ؛ بَاب الْإِنْصَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَإِذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا وَقَالَ سَلْمَانُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ]
(2) قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }[النساء:86]
المعهود والأصل فى الخطبة إباحة الكلام، كما كان الكلام مباحاً فى الصلاة؛ ثم جاء النهي عن الكلام في الخطبة، فكان هذا النهي زيادة على معهود الأصل، وما كنا عليه قبل النهى، فحرم علينا الكلام في الخطبة. ثم جاء الأمر بِرَدِّ السلام وإفشائه،فكان ردُّ السلام وإفشاؤهأخصَّ من النهي عن الكلام، فبين النصين عموم وخصوص، فوجب استثناء الأخص من الأعم، فننتهى عن الكلام إلا رد السلام.
وأما رد السلام فى الصلاة ففيه نصٌّ؛ فلا نرد السلام فى الصلاة. " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ وَنَأْمُرُ بِحَاجَتِنَا فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ قَدْ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ"[سنن أبي داود: كِتَاب الصَّلَاةِ؛ بَاب رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ][صحيح وضعيف سنن أبي داود؛ تحقيق الألباني : حسن صحيح]
" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ أُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَيَرُدُّ عَلَيَّ فَلَمَّا رَجَعْنَا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ وَقَالَ إِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا" [البخاري: كِتَاب الْجُمُعَةِ؛ بَاب لَا يَرُدُّ السَّلَامَ فِي الصَّلَاةِ]
فأشبهت هذه القضية قضية أبى سعيد وأبى بن كعب
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـال السابع
من رَقَدَ عَنْ الصَّلَاةِ يُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا
النَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ و بَعْدَ الصُّبْحِ
(1) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} " [مسلم: كتاب المساجد؛ باب قضاء الصلاة الفائتة]
(2) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَعَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ" [مسلم كتاب صلاة المسافرين باب الاوقات المنهى عن الصلاة فيها]
أَيْ بَعْدَ صَلَاة الصُّبْح لحديث البخارى" ..... وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ...."[البخاري: كِتَاب الْحَجِّ؛ بَاب حَجِّ النِّسَاءِ]
ـــــ هناك نهى عام لجميع المسلمين فى جميع الأزمنة أن لا يصلون أى صلاة بعد أداء صلاة العصر والصبح.
ـــــ وهناك أمرٌ خاص لمن نام عن صلاة أو نسيها أن َيُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا فى أى وقت فأشبهت أيضا قضية أبى سعيد
ـــــ فنستثنى الأمر الخاص من النهى العام.
ـــــ وأيضاً فقد انتقل الوقت بالنسبة إليه؛ فهى شريعة زائدة عن معهود الأصل الذى كنا عليه.
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـال الثامن
(لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا أَفَاضَتْ)
(1) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ" [مسلم كتاب: الحج؛ بَاب وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَسُقُوطِهِ عَنْ الْحَائِضِ]
(2) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:" رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا أَفَاضَتْ" [البخارى: كتاب الحج؛ بَاب إِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ]
ــــ فالحديث الأول ينهى جميع الحجاج أن لا ينصرفوا من مكة حتى يطوفوا طواف الوداع؛ والحديث الثانى يبيح للحائض أن تنصرف بعد الإفاضة ولا تطوف طواف الوداع.
ــــ فنستثنى الحديث الثانى من الحديث الأول فلا ينفر أحد حتى يطوف بالبيت، إلا الحائض فتنصرف بدون طواف الوداع. ولهذا عنون مسلم فى صحيحه الباب بقوله [بَاب وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَسُقُوطِهِ عَنْ الْحَائِضِ]
الفصل الخامس
أمثلة لنصين بينهما تعارض تام وقد أمكن التمييز بين السابق والتالى منهما فنأخذ بالنص الأخير؛ وهذا نسخ
المثال الأول(تعارض قول وقول وقد تيقينا بالآخر منهما؛ وهذا نسخ إِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا؛ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وأمر بالجلوس)
(1) " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ" [مسلم: كِتَاب الْجَنَائِزِ؛ بَاب الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ]
(2) " عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: شَهِدْتُ جَنَازَةً فِي بَنِي سَلِمَةَ فَقُمْتُ فَقَالَ لِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ: اجْلِسْ فَإِنِّي سَأُخْبِرُكَ فِي هَذَا بثبتٍ: حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا بِرَحْبَةِ الْكُوفَةِ يَقُولُ لِلنَّاسِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجَنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وأمر بالجلوس"[صحيح ابن حبان:كتاب الجنائز وما يتعلق بها مقدما أو مؤخرا؛فصل في القيام للجنازة] [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان:تعليق الشيخ الألباني: صحيح - ((أحكام الجنائز)) (100 ـ 101)].
المثال الثانى (نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضْحَى بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا)
" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا فَقَالَ انْظُرُوا أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ لُحُومِ الْأَضْحَى فَقَالُوا هُوَ مِنْهَا فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا فَقَالُوا إِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَكَ أَمْرٌ فَخَرَجَ أَبُو سَعِيدٍ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَأُخْبِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضْحَى بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ الِانْتِبَاذِ فَانْتَبِذُوا وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا يَعْنِي لَا تَقُولُوا سُوءًا" [موطأ مالك: كِتَاب الضَّحَايَا؛بَاب ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ]
المثال الثالث (كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَا يَغْتَسِلُ وَذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ثُمَّ اغْتَسَلَ بعد ذلك وأمر الناس بالغسل)
(1) "عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ عُرْوَةَ عَنِ الَّذِي يُجَامِعُ وَلَا يُنزل؟ قَالَ: عَلَى النَّاسِ أَنْ يأخذوا بالآخِرِ فالآخر مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَا يَغْتَسِلُ وَذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ثُمَّ اغْتَسَلَ بعد ذلك وأمر الناس بالغسل" [صحيح ابن حبان: كتاب الطهارة؛ باب الغسل] [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: تعليق الشيخ الألباني؛ صحيح لغيره]
(2) "عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَفْتُونَ أَنَّ الْمَاءَ مِنْ الْمَاءِ كَانَتْ رُخْصَةً رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ [سنن أبي داود: كِتَاب الطَّهَارَةِ؛بَاب فِي الْإِكْسَالِ][تعليق الشيخ الألباني: صحيح ـ ((صحيح أبي داود)) (209)].
(3) " عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ رَهْطٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّونَ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إِلَّا مِنْ الدَّفْقِ أَوْ مِنْ الْمَاءِ وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ بَلْ إِذَا خَالَطَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى فَأَنَا أَشْفِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ فَقُمْتُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأُذِنَ لِي فَقُلْتُ لَهَا يَا أُمَّاهْ أَوْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ وَإِنِّي أَسْتَحْيِيكِ فَقَالَتْ لَا تَسْتَحْيِي أَنْ تَسْأَلَنِي عَمَّا كُنْتَ سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ قُلْتُ فَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ قَالَتْ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ" [مسلم: كِتَاب الْحَيْضِ؛ بَاب نَسْخِ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ]
(4) وفى حديث أبى هريرة أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَفِي حَدِيثِ مَطَرٍ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ" [مسلم: كِتَاب الْحَيْضِ؛ بَاب نَسْخِ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ]
الفصل السادس
أمثلة لِنصَّيْنِ بينهما تعارض تام ولا يمكن التمييز بين السابق والتالى منهما
فنأخذ بالنص الذى ينقلنا عمَّا كنا عليه، أو بالنص الذى فيه حكم زائد عما كنا عليه فكأنه تشريع جديد؛فلا شك أن أى تشريع سواء كان نهياً أو أمراً فهو ناقلٌ لنا عمَّا كنا عليه؛ فإذا جاء نصٌ ينقلنا عن الحالة التى كنا عليها، و جاء نصٌّ آخر موافق لما كنا عليه، أخذنا بالناقل لنا فنحن على يقين بالتشريع الجديد وعلى شكٍ هل نسخ وعدنا للحالة الأولى أم لا. فإن كان هذا النهى قد نسخ مرة أخرى وعدنا للإباحة الأولى لكان بينه لنا رسولنا عليه السلام كما فى قوله عليه السلام "....نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضْحَى بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا ......." [موطأ مالك: كِتَاب الضَّحَايَا؛بَاب ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ]
المثال الأول (تعارض قول وفعل ولا ندرى أيهما كان أولاً؛ أخذنا بالنص الذى ينقلنا عمَّا كنا عليه)
(1)عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا [مسلم : كتاب الاشربة؛ بَاب كَرَاهِيَةِ الشُّرْبِ قَائِمًا]
(2)عَنْ النَّزَّالِ قَالَ أَتَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى بَابِ الرَّحَبَةِ فَشَرِبَ قَائِمًا فَقَالَ إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهُوَ قَائِمٌ وَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ [ مسلم:كتاب الاشربة؛ بَاب كَرَاهِيَةِ الشُّرْبِ قَائِمًا]
ــــ إن الأصل أن يشرب كل أحد كما شاء، ثم جاء النهي عن الشرب قائماً، فكان هذا النهى ناقلا لنا عما كنا عليه من الإباحة السابقة.
المثال الثانى (تعارض قول وفعل ولا ندرى أيهما كان أولاً؛ أخذنا بالنص الذى ينقلنا عمَّا كنا عليه)
(1) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا [البخاري: كِتَاب الْوُضُوءِ؛ بَاب لَا تُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ]
(2) "عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا"[مسلم: كِتَاب الطَّهَارَةِ؛بَاب الِاسْتِطَابَةِ]
(3) "عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ حَفْصَةَ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ" [البخاري: كِتَاب الْوُضُوءِ؛ بَاب التَّبَرُّزِ فِي الْبُيُوتِ]
الأصل أن يجلس كل أحد لحاجته كما يشاء، فحديث ابن عمر موافق لما كان الناس عليه قبل ورود النهي، ثم صار ذلك النهي بحديث أبى أيوب رافعاً لتلك الإباحة بيقين.
المثال الثالث (وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ الْوُضُوءُ، هل هو الا بضعة منك)(تعارض قول وقول ولا ندرى بيقين أيهما كان أولاً؛ أخذنا بالنص الذى ينقلنا عمَّا كنا عليه)
(1) (............. عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ مَرْوَانُ وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ الْوُضُوءُ فَقَالَ عُرْوَةُ مَا عَلِمْتُ هَذَا فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ") [موطأ مالك: كِتَاب الطَّهَارَةِ؛بَاب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ]
(2) (....... وَعَن طلق بن عَليّ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَمَا يَتَوَضَّأُ. قَالَ: «وَهَلْ هُوَ إِلَّا بَضْعَةٌ مِنْهُ» تحقيق الالبانى: صحيح [مشكاة المصابيح:كتاب الطَّهَارَة؛بَاب مَا يُوجب الْوضُوء,الْفَصْل الثَّانِي])
(3) " عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ فَقَالَ هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ أَوْ قَالَ بَضْعَةٌ مِنْهُ" [سنن أبي داود: كِتَاب الطَّهَارَةِ؛ بَاب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ][ صحيح وضعيف سنن أبي داود: تحقيق الألباني:صحيح]
ــــ حديث طلق موافق لما كان الناس عليه قبل ورود الامر بالوضوء من مس الفرج، هذا لا شك فيه، فهو منسوخ يقينا حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوضوء من مس الفرج.
ــــ وأيضاً كلامه عليه السلام (هل هو الا بضعة منك) دليل بين على أنه كان قبل الامر بالوضوء منه، لانه لو كان بعده لم يقل عليه السلام هذا الكلام، بل كان يبين أن الامر بذلك قد نسخ، كما فعل عليه السلام فى لحوم الأضاحى ونكاح المتعة وترك الوضوء مما مست النار فقوله هذا يدل على أنه لم يكن سلف فيه حكم أصلا وأنه كسائر الاعضاء.
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــال الرابع
(1) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" [مسلم: كتاب الحيض؛ باب الماء من الماء]
(2) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى حديث طويل رواه مسلم عن عائشة رضى الله عنها "....إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ...." [مسلم كتاب الحيض باب نسخ الماء من الماء]صحيح مسلم (2/ 257)
ـــــ الحديث الأول يقول لا غسل على من أكسل، والحديث الثانى يوجب الغسل عليه؛ فحديث عائشة رضى الله عنها فيه حكم زائد على حديث أبى سعيد وهو حكم من جامع ولم ينزل ــــ ولك أن تقول: إن ترك الغسل موافق لما كان الصحابة رضى الله عنهم عليه قبل التشريع ، فالأصل أن لا غسل على أحد إلا أن يأتى أمر تشريعى بذلك.
فلما جاء الأمر بالغسل وإن لم ينزل، علمنا يقيناً أن هذا الأمر قد لزمنا، وأنه ناقل لنا عما كنا عليه من عدم الغسل بلا شك.
ثم لا ندري، أنسخ بالحديث الذي فيه أن لا غسل على من أكسل أم لا، فلا يجوز ترك ما أُمِرْنَا به إلا بيقين.
ــــ وإن قلنا بالقاعدة العامة من العمل بجميع النصوص؛ فإن أخذنا بحديث السيدة عائشة رضى الله عنها نكون قد عملنا بالحديثين؛ وإن أخذنا بحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ نكون قد تركنا العمل بحديث السيدة عائشة.
ــــ وأيضاً حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ذكر أن الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" ولم يذكر حكم الإكسال؛ فيجب أن نطلبه من نص آخر؛ فكان حديث السيدة عائشة رضى الله عنها يوجب الغسل من الإكسال.
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــال الخامس
(1) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ" [البخاري: كِتَاب الزَّكَاةِ؛ بَاب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ]
(2) عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَيْسَ فِي الْعَبْدِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ" [مسلم: كِتَاب الزَّكَاةِ؛ بَاب لَا زَكَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَفَرَسِهِ]
ـــ حديث ابن عمر يوجب زكاة الفطر على العبد المسلم ولم يذكر حكم العبد الغير مسلم.
ـــ ثم جاء حديث أبى هريرة فيوجب زكاة الفطر على مطلق العبد المسلم وغير المسلم.
ــــ فكأن حديث أبى هريرة به حكم زائد على حَدِيثِ ابن عمر فيجب العمل به.
ــــ وأيضاً إن أخذنا بحديث أبى هريرة نكون قد أخذنا بالحديثين وإن أخذنا بحَدِيثِ ابن عمر نكون قد خالفنا حديث أبى هريرة.
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــال السادس
النص الأول: ".... حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ..." (مطلق)
النص الثانى:".. إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا.... " (مقيد)
إذا أخذنا بالآية الأولى كنا قد أطعنا الآيتين وإذا أخذنا بالآية الثانية نكون قد خالفنا الآية الأولى.
ولك أن تقول إن الآية الأولى بها حكم زائد عن الآية الثانية فيجب العمل بهذه الزيادة وهى تحريم الدم غير المسفوح.
ففى قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا........ } [الأنعام : 145] السورة مكية
هذه الآية لم تذكر حكم الدم غير المسفوح؛ فلو لم تكن غير هذه الآية ما حُرِّم غير الدم المسفوح، ولكن ربي جلَّ وعلا فى ثلاث سور من القرآن حرَّم مطلق الدم: المسفوح وغير المسفوح. فحتى نخرج من عهدة التكليف يجب علينا أن ننتهى عن جميع ما نهى الله عنه ونحرم مطلق الدم.
قال تعالى:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ } [البقرة : 173]
و قال تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ } [المائدة : 3]
و قال تعالى:{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } [النحل : 115]
ولك أن تقول أن آية تحريم الدم المسفوح مكية، وآيات تحريم مطلق الدم مدنية فهى بعدها باتفاق.
الفصل السابع
أمثلة لنصوص غير متدافعة ولكن يظن البعض أنها متعارضة
وهنا يوجد إحتمالين
الإحتمال الأول:
أحد النصين يأمر أو ينهى عن بعض الأشياء الموجودة فى النص الآخر؛ فلا تعارض هنا فننفذ جميع النصوص.
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال الأول
(1) قال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى }[الإسراء 32]
(2) وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ" [مسلم كتاب الإيمان باب كون الشرك أقبح الذنوب]
فليس ذكر امرأة الجار معارضاً لعموم النهي عن الزنى، بل هو بعضه.
المثـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال الثانى
(1) فى البخارى فى حديث أبى بكر رضى الله عنه".... وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ..." [البخاري: كِتَاب الزَّكَاةِ؛بَاب زَكَاةِ الْغَنَمِ]
(2) وفى سنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنه "... وَفِي الْغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ...." [سنن أبي داود: كِتَاب الزَّكَاةِ؛ بَاب فِي زَكَاةِ السَّائِمَةِ][صحيح وضعيف سنن أبي داود - (4 / 68)حقيق الألباني :صحيح]
فالغنم السائمة هى بعض الغنم ففى هذه زكاة وفى تلك زكاة، فليس في حديث السائمة نهي عن أن يزكي غير السائمة، ولا أمر بها فحكمها مطلوب من غير حديث السائمة فنذكى السائمة وغير السائمة.
المثـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال الثالث
(1) قال تعالى: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:236]
(2) وقال تعالى:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ }[البقرة:241]
فالمطلقة غير الممسوسة فى الآية الأولى داخلة في جملة المطلقات فى الآية الثانية فليس فى الأمر بتمتيع المطلقة غير الممسوسة نهي عن تمتيع الممسوسة، ولا أمر به فحكمها فحكمها موجود فى الآية الثانية.
الإحتمال الثانى:
النص الأول جاء بحكم مَّا في قضية معيَّنة والنص الثانى جاء بحكم آخر في تلك القضية بعينها. فليس فى ذلك تعارض ولكنهما جميعاً مقبولان ومأخوذ بهما
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال الأول
(1) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا [مسلم: كتاب النكاح بَاب تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فِي النِّكَاحِ]
قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } [النساء:24]
فكان نهي النبيِّ عليه السلام مضافاً إلى ما نهى الله عنه في هذه الآية؛ فليس بين النصين تعارض ولكنهما جميعاً مأخوذ بهما.
المثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال الثانى
اغتساله صلى الله عليه وسلم بين وطئه المرأتين من نسائه رضي الله عنهنَّ، وتركه الاغتسال بينهما حتى يغتسل من آخرهن غسلاً واحداً.
" عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يَطُوفُ عَلَى جَمِيعِ نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ ثُمَّ يغتسل غسلاً واحداً" [صحيح ابن حبان: كتاب الطهارة؛ باب أحكام الجنب][ التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان؛ تعليق الشيخ الألباني: صحيح]
"عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ قَالَ قُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا قَالَ هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ"[ سنن أبي داود: كِتَاب الطَّهَارَةِ؛ بَاب الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ]
التوقيع


يقول إلهنا رُدُّوا إِلَىّ إذا اختلفتم
وقائلُهم يقولُ:أنا أختارُ إن كثر المقــول
فأىُّ الفريقين أشــــــــــــــــــــــــدُّ قرباً
من البيضـــــــــــــــــاءِ يترُكهـــا الرســـــــولُ
دكتور كامل محمد
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 01:52 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.