انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-24-2015, 10:29 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي من ردود الشيخ دمشقية على الاحباش في التوسل

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

التوسـل والوسيلـة

تسمية التوسل بغير اسمه
أنواع التوسل المشروع
كيف كان توسل الصحابة
توسل الأعمى بالنبي ïپ¥ وفيه أثر بطعن عثمان
موقف أبي حنيفة من التوسل
نماذج بضاعة الحبشي في التوسل






مسألة التوسل

يستخدم أهل البدع ألفاظاً شرعية يصطلحون لها على معان مخالفة للمعنى الذي أراده الشرع ، فيطلقون لفظ التوسل ويقصدون به الاستغاثة تارة والتوسل بذوات الصالحين أمواتاً تارة أخرى.
وبما أنه قد دخل في لفظ التوسل خلط ولبس ، وصار مفهومه عند المتأخرين مخالفاً لمفهومه في لغة الصحابة : حيث معناه عندهم : التوسل بدعاء المتوسَل به وأما عند المتأخرين : التوسل بذاته لا بدعائه : صار الكلام في التوسل داخلاً في العقائد لأنك لا تكاد تجد مدافعا عن التوسل إلا وهو يعني به الاستغاثة بغير الله ويحتج له بحديث الأعمى يسمونه حديث التوسل وفيه لفظ " يا محمد " .
فالكلام على التوسل وإغراء الناس به صار استدراجاً للعوام نحو الاستغاثة بغير الله فلهذا لم تعد مسألة التوسل داخلة في مسائل الفقه كما زعم من ظن أنه بلغ الاعتدال وهو إلى التساهل في الدين أقرب .

تعقيب على الشيخ فيصل مولوي
وفي ذلك رد على قول الشيخ فيصل مولوي أن كثيراً من المنتسبين للشيخ محمد بن عبد الوهاب قد بالغوا حتى اعتبروا موضوع التوسل من مسائل الشرك ، مع أنه من مسائل الفقه ( ) . وكيف يكون من مسائل الفقه وهؤلاء تركوا التوسل بأسماء الله الحسنى والتوسل بالعمل الصالح واستبدلوه بالتوسل بالصالحين ليقربوهم إلى الله زلفى ! وقد وقع الاختلاف فيه حين ضاع المفهوم الصحيح للتوسل وبعدما اتفق السلف على نمط واحد من التوسل هو التوسل بدعاء الرجل الحي الصالح . فالخلاف الذي وقع بعدهم لا اعتبار له .
ولقد ذكر التفتازاني أن شرك المشركين وقع حين " مات منهم من هو كامل المرتبة عند الله اتخذوا تمثالاً على صورته وعظمـوه تشفعـاً إلى الله تعالى وتوسلاً " ( ).
فليتنبه الشيخ إلى أن شرك المشركين كان شرك الوسيلة الذي يدعو إليه هؤلاء اليوم .

يسمونها بغير اسمها

وتذلل وخضوع المستغيثين عند أعتاب وأضرحة الأولياء وبين يدي مشايخهم هو الخشوع الذي لا يجوز أن يكون إلا لله . وقد أفلح الخاشع في صلاته بين يدي ربه . وهذا الشرك ( أعني التذلل والخضوع لغير الله ) قد ألبسوه لباس الدين بإعطائه أسماء مختلفة ، فبدل أن يسموه عبادة سموه توسلاً ، وبذلك ارتكبوا جناية على اللغة والدين ، فبدلوا اللغة كما بدلوا الدين .
فالاستغاثة : طلب الغوث ، كما أن الاستعانة طلب العون من المستعان به ، فإذا كانت بنداء من المستغيث للمستغاث كان ذلك سؤالاً منه وهو واضح وصريح أن ذلك ليس توسلاً به إلى غيره ، يسمونها بغير اسمها ، وذلك على غرار تسمية الربا ( فائدة ) والخمرة ( أم الأفراح ) حتى لا يقال لهم ( إنكم لمشركون ) !!!
فكما أن هناك من سمى الخمرة بغير اسمها فهناك من يسمى الشرك بغير اسمه يسميه توسلاً وتبركاً ويسمي التحريف تأويلاً ويسمي التعطيل تنزيها ويسمي الرقص ذكراً ويسمي التقديس محبة ! هكذا يزين الباطل .
• أن النبي ïپ¥ قد ندبنا أن نسأل الله كل شأن من شؤوننا فكيف نلتفت إلى غيره في أشد حوائجنا وشدائدنا ونلجأ إلى سواه .
التوسل بالذات أم بالدعاء ؟
وقد خالف الموحدون المشركين بتفريقهم بين التوسل بذوات الصالحين وبين التوسل بدعائهم ، فتركوا التوسل بذات أفضل الصالحين وسيد المرسلين محمد ïپ¥ بعد موته وتوسلوا بدعاء غيره من الأحياء ، ولهم في ذلك سلف كتوسل عمر بالعباس ، وتوسل معاوية بالأسود بن يزيد ( ) ، وحدث ذلك أمام جمع غفير من الصحابة فكان هذا إجماعاً منهم على صحة الفعل. وهذا الترك سنة ، وعدم الترك بدعة مخالفة لما تركه خير القرون ، وسلوك لغير سبيل المؤمنين . { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا } . فلابد من الرجوع إلى المعنى الشرعي للفظ التوسل من القرآن والسنة وفهم سلف الأمة .
ولا اعتبار للخلاف الذي وقع في التوسل بعدهم وبعد قول عمر ( كنا نتوسل بنبيك ) الذي قاله أمام جموع الصحابة . وقد جعل مؤلفو الحديث كالبخاري هذه الأحاديث تحت باب ( سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا ) ولم يجعلها تحت باب التبرك بقبور الصالحين . إذ لا يوجد ولله الحمد مثل هذا الباب في كتب الحديث المعتبرة .

التوسل في اللغة
قال في القاموس في مادة (وسل) وسل إلى الله تعالى توسلاً : أي عمل عملاً تقرب به إليه " . وفي المصباح ًالمنير " ووسل إلى الله تعالى توسيلاً : أي عمل عملاً تقرب به إليه " . و " توسل إلى ربه وسيـلة : أي تقرب إلى الله بعمل " .
وفي الصحاح للجوهري " توسل إليه بوسيلة : أي تقرب إليه بعمل ".
والتوسل إلي الله معناه اتخاذ سبب يزيد العبد قربة من الله . وفي ذلك آيتان من كتاب الله :
ïپ¶ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ } [ المائدة 35 ] ، عن ابن عباس والسدي وقتادة " أي تقرّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه " قال ابن كثير " وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف فيه بين المفسرين " وساق الطبري أقوالاً " حاصلها " أن الوسيلة هي التقرب إلى الله بطاعته والعمل بما يرضيه ( ) .
وقال أبو الليث السمرقندي (كبير مشائخ الحنفية) { وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ } " أي اطلبوا القربة والفضيلة بالأعمال الصالحة " ( ) .
ولم يقل أحد من المفسرين " المعتبرين " أن معنى { َابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ } أي سلوا الأموات من دون الله أو اتخذوا الأولياء وسيلة لكم إلي الله .

هل ابتغى الصحابة الوسيلة ؟

ونسأل : هل طبق الصحابة هذه الآية على الوجه الذي تفهمونه ؟ هل كانوا يتوسلون إلى الله بالنبي ïپ¥ أم أنكم فهمتم فهماً جديداً فات الصحابة فهمه حتى عدلوا عنه وتمسكتم به ؟
وقد ذكر النبي ïپ¥ لعمر ولياً من أولياء الله ، وأمره إذا لقيه أن يسأل الله له الاستغفار ، ولو كان التوسل بالذات هو المفهوم عند الصحابة لتوسل عمر بأويس قبل أن يلقاه كأن يقول : اللهم إني أسألك بأويس . . . . لكنه لم يفعل !
قال تعالى { قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً 56 أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } [ الإسراء 56 ] . قال ابن عباس ومجاهد " وهم : عيسى وأمه وعزير والملائكة والشمس والقمر والنجوم " ( ) ".
قال ابن مسعود " نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن ، فأسلم الجنيّون ، والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون " .
قال الحافظ " استمر الإنس الذين كانوا يعبدون الجن على عبادة الجن ، والجن لا يرضون بذلك لكونهم أسلموا وصاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة ، وهو المعتمد في التفسير" ( ) .
وقال بعض السلف : " كان أقوام يدعون المسيح وعزيراً والملائكة ، فبين الله لهم أن هؤلاء عبادي كما أنتم عبادي ، يرجون رحمتي كما ترجون رحمتي ، ويخافون عذابي كما تخافون عذابي ويتقربون إلي كما تتقربون إليّ " .
ومن هاتين الآيتين يتبين لنا نوعان من التوسل :
أحدهما توسل شرعي : وهو التقرب إلى الله بالوسائل التي شرعها ، كالتوسل بأسماء الله الحسنى والتوسل بالعمل الصالح .
وثانيهما : توسل شركي يعتمد التعلق بالذوات واللجوء إليها ، والتماسات شركية يظنونها وسائل شرعية تحقق المطلوب وتدفع المحذور .

أنواع التوسل المشروع

1) التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وهو أعظم أنواع التوسل ، قـال تعالى { وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأعراف 180 ] ، ومن أعظم أنواع التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى : ما رواه بريدة أن رجلاً جعل يدعو ، فجعل النبي ïپ¥ يستمع إلى دعائه فكان يقول اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ( أن تصر لي ذنوبي ) فقال النبي ïپ¥ " والذي نفسي بيده ، لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى " ( ) .
2) التوسل إلى الله بالإيمان والعمل الصالح : ودليله قصة الثلاثة نفر من بني إسرائيل الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار وحالت دون خروجهم فجعلوا يذكرون أخلص أعمالهم الصالحة ويسألون الله بها أن يفرج عنهم الصخرة ففرجها عنهم ( ) .
ومن ذلك التوسل بالإيمان بالنبي ïپ¥ ومحبته ، ولكن لم يعهد عن أحد من سلف الأمة أنه قال ( اللهم أسألك بإيماني بنبيك وبمحبتي له ) وإنما كانوا يقولون { رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا } { رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا } . ولا شك أن هؤلاء لم يكونوا يجهلون أسماء الأنبياء ، فلم يتوسلوا إلى الله بإبراهيم أو إسماعيل أو يعقوب ، وإنما اقتصروا في هذا الموقف العصيب على التوسل بأخلص أعمالهم ، ثم يقرهم الله على ذلك ويكافئهم بأن يفرج عنهم .
أو كانوا وهابيين لا يرون التوسل ؟ أين الأنبياء والأولياء الذين زعم الحبشي أنهم يخرجون من قبورهم فيغيثون الملهوف ثم يعودون إليها ؟
ومع مشروعية التوسل بالعمل الصالح فإن النووي رحمه الله كان يخاف أن يكون فيه نوع من ترك الافتقار المطلق إلى الله ، فكيف بمن يتوسل بالذوات غير المشروع ؟ !
ومن التوسل بالإيمان ما نجده في تلك الآية { رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } [ آل عمران 16 ] ، فيجوز للعبد أن يتوسل بإيمانه أن يغفر له ، ففي الصحيحين أن رجلاً سأل رسول الله ïپ¥ " أي العمل أفضل ؟ قال : إيمان بالله ورسوله ( )
3) التوسل إلى الله بدعاء الرجل الصالح وهذا مشروع . وقد كان الصحابة يتوسلون إلى الله بدعاء نبيهم ïپ¥ وكانوا يتوسلون بعد موته ïپ¥ بدعاء من يتوخون فيه العلم والصلاح ، كقول أم الدرداء لصفوان - وقد كان مسافراً " أدع لنا بخير ، فإن رسول الله ïپ¥ كان يقول " دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ، عند رأسه مَلَك موكل ، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل : آمين ، ولك بمثل " ( ) ، وهكذا توسلت أم الدرداء بدعاء صفوان في الحج .
















كيف كان توسل الصحابة ؟

وفي قضية التوسل بالنبي ïپ¥ نسأل الأسئلة التالية :
السؤال الأول : هل طرأ التوسل بالنبي ïپ¥ بعد موته أم كانوا يتوسلون به في حياته ؟ الجواب : لا شد أنهم كانوا يتوسلون به في حياته .
السؤال الثاني : إذا ثبت أنهم كانوا يتوسلون به في حياته فكيف كانت طريقة التوسل ؟ هل كان التوسل بذاته أم بدعائه ؟
السؤال الثالث : هل التوسل بالذات مجمع عليه أم مختلف فيه في عهدهم ؟ ومتى ابتدأ الخلاف ؟
إن الذين لا يجعلون فرقاً بين التوسل به ïپ¥ حياً وميتاً محجوجون بفهم الصحابة وفعلهم ، فإننا إذا اختلفنا في فهم سنته رجعنا إلى فهم السلف لها .
فقد ترك عمر التوسل بالنبي ïپ¥ بعد موته أمام جمع من الصحابة ، فكان المشروع ما فعلوه لا ما تركوه ، والترك الراتب سنة متبعة ، وفاعل ما تركوه سالك غير سبيلهم .
فلقد أصيب الناس في عهده بالقحط فخرج بالناس للاستسقاء ثم قال " اللهم كنا إذا أجدبنا سألناك بنبيك ïپ¥ فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا " ( ) . وفي رواية أنس " كانوا إذا قحطوا على عهد النبي ïپ¥ استسقوا به ، فيستسقي لهم فيسقون ، فلما كان في عهد عمر.. " ( ) .
وفي هذا أكبر تكذيب لقول الأحباش " لم يكن بين المسلمين إنكار للتوسل بالرسول في حياته أو بعد وفاته : المسلمون مجمعون على جواز ذلك " (منار الهدى 32: 27) . فقد كره أبو حنيفة التوسل بالنبي ïپ¥ على ما سترى . فأين هذا الإجماع المزعوم ؟ !
وقد ذكر الحافظ ابن حجر رواية تؤكد أن التوسل كان بدعاء العباس فقال عمر للعباس " قم واستسق لنا " فقال العباس " اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب ، ولم يُكشف إلا بتوبة ، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك ، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث " ( ) ". وهذا رد على من زعم أن توسل عمر بالعباس كان بالذات ، ولو كان بالذات لما كان ثمة حاجة ليأخذوا العباس معهم ولتوسلوا بمنزلته من النبي ïپ¥ ( ) . فهو توسل بفعل العباس لا بذاته .
ومالك لم يكن يرى فرقاً بين حياة النبي ïپ¥ وبين موته فيما يتعلق بتوقيره وحرمة رفع الصوت في مسجده ، ولكنه مع ذلك كان يفرق بين حياته ïپ¥ وبين موته فيما يتعلق بمسألة التوسل به ïپ¥ ومسألة زيارة قبره حتى قال " وأكره أن يقال زرت قبر النبي ïپ¥ " .












بطلان قاعدة جواز التوسل بالمفضول

وقد أجابوا عن ترك عمر التوسل بذات النبي ïپ¥ بأن توسل عمر بالعباس إنما كان لتعليم المسلمين جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل . لو ثبت بإسناد صحيح ولو مرة واحدة أن واحداً من الصحابة توسل إلى الله بميت لقلنا صدقتم ، بل الثابت توسلهم بدعاء العباس والأسود بن اليزيد مما يبطل زعمكم .
وهذا تعليل لا نسلم لكم به إلا بدليل يرد فيه هذا التعليل نصاً من كلام الصحابة . بل هذا اللتعليل ادعاء للغيب ، فإن عمر لم يقل شيئاً من ذلك ولا أحد من الصحابة ، فلم يبق إلا أن تدعوا أنكم تعلمون ما كان في قلب عمر ونيته .
ويلزمكم أن تبرهنوا على صحة هذا التعليل بأن تأتوا برواية صحيحة تثبت أن الصحابة استسقوا بالنبي ïپ¥ بعد موته ولو مرة واحدة حتى نوافقكم على هذه القاعدة ( التوسل بالمفضول مع جواز الفاضل ) .
• لأن تعليلكم ظن ، والظن لا يرفع الخلاف ، إذ الروايات تتضمن عبارة (كانوا) و (فلما) الدالان على عدول الصحابة عن الأمر الأول إلى الثاني ، والظنيات عند الأشاعرة لا يجوز دخولها في أمور العقائد التي تتطلب القطعيات ، وكان عليهم أن يحترموا عهودهم وأن لا يحتجوا في أمور العقائد بالمحتملات .
• أن الأمر { وَابْتَغُواْ } دليل على الوجوب ، لا ينصرف عنه إلى السنية إلا بدليل .
• أنه يمتنع في العادة أن يلجأ المضطر في حالة الشدة إلى الأدنى المشكوك فيه مع توافر الأعلى المضمون .
• أن ترك الصحابة التوسل بأنبياء آخرين يبطل قاعدة الخصم (جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل ) ، ويؤكد أن قول عمر ( كنا نتوسل بنبيك ) تفيد الماضي .
• أن أحداً من هؤلاء اليوم لا يرضى أن يقول ما قاله عمر ( كنا نتوسل بنبيك ) لأن الواقع أنهم ما يزالون اليوم يدعون الناس إلى التوسل الذي عدل عنه الصحابة . وهذه علامة الضلالة ومخالفة السلف : أنهم يقولون اليوم ( لماذا لا نتوسل بالنبي ïپ¥ ) بينما قال عمر ( كنا نتوسل بنبيك ) .

• شبهة : وزعموا أن قول عمر (كنا) لا يفيد الماضي وإنما هو نظير قوله تعالى { وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيما } والجواب :
أولاً : أنه لما قال عمر (كنا) لم يتوسل بالنبي ïپ¥ مما يدل على أنه استعمل (كان) التي تفيد الماضي ، ولا أظن أن هؤلاء يجهلون تلك الحقيقة ولكن علم الكلام يورث المجادلة بالباطل
ثانياً : ما حكاه الحافظ ابن حجر عن الراغب " أن (كان) عبارة عما مضى من الزمان . لكنها في كثير من وصف الله تعالى تنبئ عن معنى الأزلية كقوله تعالى { وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } قال : وما استعمل منه في وصف شيء متعلقاً بوصف له هو موجود فيه فللتنبيه على أن ذلك الوصف لازم له أو قليل الانفكاك عنه كقوله تعالى { وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا } " ( ) .
قلت : لاحظ أنه لا يأتي في هذه الآيات بعد (كان) فعل وإنما صفة ، وأما إذا جاء بعدها فعل فلابد أن تكون مفيدة للماضي .
• فالتوسل كان بدعاء النبي ïپ¥ وهذا ثابت بأدلة متوافرة أنهم كانوا يأتون النبي ïپ¥ فيقولون هلك الحرث فادع الله لنا يا رسول الله .
- ولم يثبت أنهم كانوا يتوسلون بذاته في الاستسقاء ، ولم يرد في حديث صحيح ولا ضعيف أنهم كانوا يستسقون برسول الله ïپ¥ من غير أن يفعل هو الاستسقاء من صلاة ودعاء ، فلما مات استسقوا بالعباس وكان هذا بجمع الصحابة كلهم وإقرارهم ، ولو كان بذات النبي ïپ¥ لما قال عمر (كنا) ولا قال أنس (كانوا) . وهذه الأنواع من التوسل قد أجمعت الأمة على مشروعيتها " .


وهنا تجاهل نقد الذهبي للرواية

• ويتمسك الأحباش بحديث باطل وهو " إذا سألتم الله فسلوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم " ولو كان هذا الحديث معلوماً عند الصحابة لصار عمر مخالفاً لقوله ïپ¥ " سلوا الله بجاهي " ولصار الذين جمعهم عمر وتوسل أمامهم بدعاء العباس موافقين له على خلاف ما أمر به ïپ¥ من التوسل بجاهه أو ذاته ، فهل جهل الصحابة - أو تجاهلوا - جاهه ïپ¥ فتركوا التوسل بجاهه ؟
وهل جهلوا جاه موسى الذي قال الله فيه { وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا } وعيسى الذي قال الله فيه { وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } فلم يسألوا الله بهذا الجاه ؟
• ويتمسكون برواية ضعيفة مفادها أن عمر قال " يا أيها الناس إن رسول الله ïپ¥ كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد فاقتدوا برسول الله واتخذوه (أي العباس) وسيلة إلى الله " ( ) . وهذه الرواية ضعيفة فيها داود بن عطاء المدني وهو ضعيف كما في التقريب للحافظ (1801) وقد تعقب الذهبي الحاكم (3/334) في هذه الرواية قائلاً " داود متروك " ، فلماذا لا تحتجون هنا بالذهبي كاحتجاجكم به في موقفه من أبي إسحاق السبيعي ؟
ثم على فرض صحة الرواية فإن منزلة العباس من النبي ïپ¥ لا تُنكر ، فاجتمع في كلا الروايتين منزلة العباس ودعاؤه .
فأي محاولة لإثبات أن التوسل كان بمنزلة العباس أو قرابته دون دعائه إنما هو طعن منهم في منزلة النبي ïپ¥ وفي فعل الصحابة .
وأما أن يقال : إن التوسل بالعباس كان لمجرد منزلته فيقال : أفيجوز أن يتوسلوا بمكانة العباس ولا يتوسلوا بمكانة النبي ïپ¥ التي لا تزول بموته ؟ أم أن التوسل كان بشيء ثان مقرون مع المكانة وهو التوسل بالدعاء ؟ وقد انتفى دعاء رسول الله ïپ¥ بموته فتوجه الصحابة إلى دعاء العباس وقالوا " قم يا عباس أدع الله لنا " .
وإذا كان توسل عمر بالعباس لقرابته ومنزلته فبماذا نفسر توسل معاوية بيزيد بن الأسود أمام جمع من الصحابة أيضاً ؟ ( ) . ولئن كان لكم مخرج في الطعن بمعاوية فأي مخرج لكم في إقرار جموع الصحابة لفعله ؟
• شبهة : وزعموا أن عمر لم يبلغه حديث الضرير ولو بلغه لتوسل به ، وهذا باطل فقد كان توسل عمر بدعاء العباس أمام جمع من الصحابة وتكرر هذا الجمع للاستسقاء بموجب قول أنس (كانوا) مما يدل على الاستمرار ( ) ، فهذا اتهام له وللمهاجرين والأنصار بجهل حديث الضرير أو اتهام لهم بالسكوت عليه .
• شبهة ( ) : واحتجوا بقوله تعالى { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا } مع مخالفتهم لما فهمه السلف منها حيث معناها المجيء إليه في حياته . فلا يجوز إحداث تأويل في آية أو حديث لم يكن على عهد السلف ولا عرفوه لأنه يلزم من ذلك الطعن بهم أنهم جهلوا الحق الذي اهتدى إليه الخلوف من بعدهم ، أو أنهم علموه ولكن كتموه عن الأمة .
• وقد ذم الله من تخلف عن هذا المجيء واعتبرهم منافقين مستكبرين غير مغفور لهم فقال { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ 5 سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } .
• ولم يثبت أن أحداً من الصحابة أتى قبر النبي ïپ¥ وسأله الاستغفار وهذا يقتضي دخول الصحابة في المنافقين المستكبرين وأن الله لن يغفر لهم لأنهم ما عملوا بهذه الآية ، بل ثبت تركهم للتوسل به بعد موته والتوسل بغيره .
ولا يعقل أن يعطل الصحابة تطبيق الآية ثم يأتي هؤلاء الخلوف ويفهمون منها ما لم يفهمه ولم يطبقه الصحابة .
• ثم إن إيجاب مجيء القبر على كل مذنب من أمة محمد ïپ¥ تكليف بما لا يطاق ، فإن الأمة لا تستطيع مجيء القبر عند ارتكاب كل ذنب .
• أن في هذا الفهم إلغاء لدور الحج والعمرة ، بل يصير القبر حَرَماً يحج إليه الناس . وحينئذ : فلماذا يحج الناس إلى مكة ؟ أليس ليعودوا من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم ؟ ولماذا يفعلون ذلك والآية تنص بزعمهم على وجوب حج المذنبين إلى قبره ïپ¥ ؟ وكأنهم يقولون : من حج إلى قبر النبي ïپ¥ رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه !!!
• ويلزم أن يصير القبر عيداً ، بل أعظم أعياد المذنبين ، وهذا مخالفة للنبي ïپ¥ فإنه نهى عن أن يُتخذ قبره عيداً .
• أن الآية خاصة بحياة النبي ïپ¥ حيث نزلت فيمن ترك الرسول ïپ¥ وتحاكم إلى الطاغوت فهو بذلك أساء إلى الرسول وترك حقا شرعياً لا تتحقق التوبة منه إلا بالمجيء إلى النبي ïپ¥ وإعلان التحاكم إليه . فوضح من ذلك أن هذه الآية نزلت في المنافقين { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ }

شبهة العبرة بعموم اللفظ
أما ما يدعيه القوم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فأخبرونا :
ألم يكن الصحابة من هذا العموم ؟
وإذا كان الجواب : نعم .
فمن عمل بمقتضى هذا المفهوم الذي تزعمونه ؟ لقد تركوا التوسل به كما عند البخاري ولم يأتوا قبره ولم يثبت عن واحد منهم أنه جاء إلى قبره ïپ¥ وطلب الاستغفار هناك بعد موته .
وهذا يؤكد أن هذا العموم قد انقطع بموته ولو كانت العبرة بالعموم لفعلوه بعد موته ïپ¥ .
وإن كانت الآية عامة لزم منه أن خير القرون قد عطلوا هذا الواجب وتجاهلوه حتى جاء المتأخرون وعملوا به أو أنهم جهلوه وضلوا عنه وفقهه الخلف !









التوسل بالذوات من خصال المشركين

فأما التوسل بالذوات فإنه من خصال المشركين الذين كانوا يتخذون الصالحين وسيلة لهم ليقرِّبوهم إلى الله { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } ( الزمر3 ) أمثال ود وسواع ويعوق ويغوث ونسر .
قال ابن عباس في تفسير قوله تعالى { وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا } (نوح 23) هذه أسماء رجال أولياء صالحين من قوم نوح عليه السلام فلما ماتوا بنَوْا لهم الصور والتماثيل (البخاري 4920) . هذا باعتراف الأحباش .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد مال حدثنا مهران عن سفيان عن بن محمد بن قيس : أن يغوث ويعوق ونسرا كانوا قوما من بنى آدم ، وكان لهم أتباع يقتدون بهم ، فلما ماتوا قال أصحابهم : لو صورنا صورهم كان أشوق لنا إلى العبادة ، فصوروهم : فلما ماتوا ، وجاء آخرون : دب إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم ، وبهم يسقون المطر ، فعبدوهم ( ).
فهؤلاء المشركون الذين قاتلهم رسول الله ïپ¥ كان منهم من يعبد المصورة على صور الصالحين : ود وسواع ويغوث فيستسقون .

قبور الصالحين مبتدأ عبادة الأصنام
قال الحافظ ابن حجر في الفتح " وقصة الصالحين كانت مبتدأ عبادة قوم نوح لهذه الأصنام ، ثم تبعهم من بعدهم على ذلك " ( ). وذكر أنهم كانوا يتبركون بدعاء سواع وغيره من الصالحين . فكلما مات منهم أحد مثلوا صورته وتمسحوا بها . فعبدوها بتدريج الشيطان لهم ( ).
قال القرطبي " فعلوا ذلك ليتأنّسوا برؤية تلك الصور ويتذكروا أحوالهم الصالحة فيجتهدون كاجتهادهم ويعبدون الله عز وجل عند قبورهم ، فمضت لهم بذلك أزمان ، ثم إنه خلف من بعدهم خلوف جهلوا أغراضهم ووسوس لهم الشيطان أن آباءكم وأجدادكم كانوا يعبدون هذه الصورة فعبدوها ، فحذر النبي ïپ¥ عن مثل ذلك .. وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال " اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ) ( ) .

موقف الرازي الأشعري من القبوريين
وذهب الرازي إلى أن المشركين " وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم ، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى . (أضاف) : ونظيره في هذا الزمان : اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر على اعتقادهم أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون لهم شفعاء عند الله " ( ). أهـ.

الاستغناء بالمشروع عن المظنون
إن الله شرع لنا من التوسل المشروع ما يغنينا عن غيره مما لا دليل على مشروعيته اللهم إلا من خلال الروايات والمفاهيم الضعيفة ، فليس من الحكمة أن يُشغلنا الجدالُ حول أنواع التوسل غير المشروع وغير الثابت عن التوسل المشروع الثابت من الكتاب والسنة كالتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته ، وبالإيمان والعمل الصالح .
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-24-2015, 10:30 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

قالوا : قد توسل الأعمى بالنبي ïپ¥ فقال " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد " ثم نشأت الشبهة عندهم فقالوا : لو كان التوسل بالدعاء لما قال الأعمى " أسألك اللهم بنبيك " ولقال " أسألك اللهم بدعاء نبيك " فلماذا تضيفون ما لم ترد إضافته ؟
والجواب : أنه إذا كان الثابت توسلهم بدعاء النبي ïپ¥ حين كان حياً وتوقفهم عن التوسل به إلى التوسل بدعاء غيره من بعده : فلا يعود ثم حاجة إلى تقدير مضاف لأن معنى التوسل والاستشفاع في عرف الصحابة ولسانهم هو التوسل بالدعاء لا بالذات والجاه ، ومن كان عنده ما يثبت توسلهم بالذات فليأت به .
• أن النبي ïپ¥ هو الذي تعلمنا منه هذه الإضافة حين قال " إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها : بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم " ( ) وعلّمنا أن الدعاء هو المقصود حين قال له " إن شئت دعوتُ لك " فقال الرجل " بل أدعه " ولكن المصرين على التوسل بالذوات لا يتعلمون وإنما يتجاهلون .
وتوسل الأعمى بدعاء النبي ïپ¥ هو أمرٌ مشروع لتوافر الأدلة عليه . ولابد من الوقوف في قصة الأعمى على فوائد مهمة :
• أن الأعمى ذهب إلى النبي ïپ¥ ليطلب منه الدعاء ولو كان التوسل بالذات مشروعاً لم يكن ثمة حاجة للذهاب إليه إذ كان يكفيه أن يتوسل به من غير أن يذهب إليه . فيقول ( اللهم أسألك بنبيك " لكنه ذهب وطلب منه أن يدعو له .
• أن النبي ïپ¥ وعده بالدعاء له فقال " إن شئتَ دعوتُ لك " فألحّ عليه الأعمى بالدعاء قائلاً " بل أدعُه ". وهذا وعد من الرسول ïپ¥ بالدعاء للأعمى ، علّقه على مشيئته ، وقد شاءه الأعمى بقوله (بل أدعه) ويقتضي أنه دعا ïپ¥ له , وهو خير من وفّى بما وعد ، يؤكد ذلك أيضاً قول الأعمى في دعائه الذي علمه الرسول ïپ¥ أن يدعو به " اللهم فشفعه فِيّ " أي اقبل دعاءه فيّ . والشفاعة معناها الدعاء كما قال في لسان العرب " الشفاعة كلام الشفيع للملك في حاجة يسألها لغيره ، والشافع : الطالب لغيره ، يتشفع به إلى المطلوب ، يقال : تشفعتُ بفلان إلى فلان " . وبهذا يثبت أن الأمر كان يدور على دعائه ïپ¥ أو جاهه .
أن النبي ïپ¥ أمره أن يتقرب إلى الله بعدة وسائل منها التوسل إليه بالعمل الصالح وهو " إحسان الوضوء" " وإتيان ركعتين " يدعو الله عقبهما أن يستجيب دعاءه في أن يقبل دعاء النبي ïپ¥ له . وهذا هو معنى قوله " وشفعني فيه " أي أدعوك أن تتقبل دعاء النبي ïپ¥ لي .
• وهذه العبارة لا يفقهها الحبشي وأمثاله ، بل لا يريدون أن يفقهوها لأنها تنسف بنيانهم من القواعد وتكشف أن التوسل كان بدعاء النبي ïپ¥ وبالعمل الصالح لا بذات النبي ïپ¥ . فإن شفاعة النبي ïپ¥ للأعمى مفهومة عندهم ولكن ما معنى شفاعة الأعمى للنبي ïپ¥ كما قال " وشفعني فيه " ؟ علما بأن معنى الشفاعة في اللغة : الدعاء . إن معناها " اللهم اقبل دعائي في استجابة دعاء نبيك ïپ¥ لي . ولا يمكن لأحد بعد موت النبي ïپ¥ أن يقول " اللهم اقبل شفاعته في " فهذا مذهب باطل لا يزعم أحد أن دعاء النبي ïپ¥ حصل له وهو في قبره .
• فاللغة والشرع يشهدان بصحة ذلك . ولكن ماذا نفعل في أناس تجنوا على اللغة والشرع ؟
ولنتأمل هذين الحديثين : فعن أنس وعائشة عن النبي ïپ¥ قال " ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شُفّعوا فيه " وفي رواية ابن عباس "ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه) فمعنى شفعهم الله فيه أي قبل دعاءهم له . فيصير معنى " شفعني فيه " أي اقبل دعائي بأن تستجيب دعاءه .
• أن علماء الحديث كالبيهقي ذكروا هذه الحادثة ضمن معجزات النبي ïپ¥ وهو السر في حصول هذه المعجزة التي لم نسمع بعد موته ïپ¥ مثلها بين الصحابة ولا بعدهم إلى يومنا هذا . السر هو دعاءه ïپ¥ .
• أن من الصحابة من أصيبوا بالعمى بعد مماته ïپ¥ كابن عباس وابن عمر، ولم يُعهد أنهم استعملوا هذا الدعاء ، بل تركوا التوسل به ïپ¥ بعد موته وتوسلوا بدعاء العباس وغيره . وليس ثمة تفسير لذلك إلا افتقاد شرط دعائه ïپ¥ وإلا فجاهه عند الله عظيم حيا وميتا .
هكذا فهم الصحابة التوسل : تركوا التوسل به إجماعا كما في قصة عمر يوم أجدبوا وسألوا الله بدعاء عمه العباس . فالثابت المروي عن جماعتهم في ترك التوسل به ïپ¥ بعد موته أصح سندا مما نقل عن فعل أحد أفرادهم مما يعارض ذلك .
وكل هذه المعاني التي ذكرت دالة على وجود شفاعته بذلك ، وهو دعاؤه ïپ¥ له أن يكشف عاهته ، وليس ذلك بمحظور ، غاية الأمر أنه توسل من غير دعاء بل هو نداء ، والدعاء أخص من النداء ، إذ هو نداء عبادة شاملة للسؤال بما لا يقدر عليه إلا الله تعالى ، وإنما المحظور السؤال بالذوات لا مطلقا بل على معنى أنهم وسائل لله سبحانه بذواتهم ، وأما كونهم وسائل بدعائهم فغير محظور، وإذا اعتقد أنهم وسائل لله عز وجل بذواتهم فسأل منهم الشفاعة للتقريب إليهم ، فذلك عين ما كان عليه المشركون الأولون " ( ).
• أن قوله " يا محمد إني توجهت بك إلى ربي " أي أتوجه بدعائك الذي وعدتني به حين قلت " إن شئت دعوت لك ". وهذا ما فعله الرجل فإنه توجه إلى النبي ïپ¥ وطلب منه أن يدعو له .
• فهو يُشهِد الله أنه توجه إلى نبيه ïپ¥ ليسأل الله له وكأنه يقدم هذه الشهادةَ بين يدي سؤاله ربه ومثل هذا كثير في الدعاء كقوله تعالى { رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا } وتقديم أصحاب الغار عملهم الصالح بين يدي دعائهم لله
وهذا التوجه هو حكاية حال ، يحكي فيه أنه توجه وذهب إلى النبي ïپ¥ فطلب منه أن يدعو ربه . ولم يسأله في غيابه كما يفعل أهل البدع .
• وهؤلاء يفهمون من قوله ïپ¥ " ائت الميضأة " وكأن معناه عندهم ، اذهب إلى بيتك . ولم لا تكون الميضأة قريبة منه ïپ¥ كما يفهم من سياق الرواية ، وليس هناك دليل على أن الأعمى ذهب إلى مكان آخر وصلى ثم دعا بهذا الدعاء ؟!
• وبتقدير أن يكون كلامه من بعيد . فيكون التوجه خطاباً لحاضر في قلبه وليس استغاثة كما نقول في صلواتنا (السلام عليك أيها النبي) وكما يقول أحدنا اليوم (بأبي أنت وأمي يا رسول الله). وكما قالت فاطمة حـين مـات ( واأبتاه : أجاب رباً دعاه " . ودليل ذلك قوله في نهاية الدعاء (اللهم فشفّعه فِيّ ) أي اقبل دعاءه في .
• فأما التوجه الذي يفهمه الأحباش أي التوجه إلى النبي ïپ¥ إلى جهة قبره بعد موته كما علمهم محمد بن حسن الصيادي الرفاعي أن من أصابته ضراء فليتوجه نحو قبر الرفاعي ويخطو ثلاث خطوات ويسأله حاجته ( ). فهذا من سنن النصارى.
• أما سنة نبينا فقد كان ïپ¥ يستقبل القبلة في دعائه ويسأل الله وحده ، وكان يقول في دعاء الاستفتاح في الصلاة " وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي (والدعاء صلاة) ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين " . فالتوجه إلى الله بالدعاء هو الملة الحنيفية ، ودعوتكم الناس إلى التوجه إلى مقابر الأنبياء والأولياء هو ملة الشرك.
فإنه توجه بدعاء النبي ïپ¥ وهذا ما حدث حقاً فقد توجه إلى النبي ïپ¥ ليدعو له فوعده بذلك . ولذلك قال في آخر دعائه " اللهم فشفعه في " أي اللهم اقبل دعاءه فِيّ .
• والرجل يحكي ما فعله وليس في صيغة كلامه ما يستدل به على جواز قول المشركين ( شيء لله يا رسول الله ) وقول المالكي : فبالذي خصك بين الـورى برتبة عنها العــلا تنزل
عجل بإذهاب الذي أشتـكي فإن توقفت فمن ذا أسـأل
والدليل على ذلك أن ننظر : ماذا قال الأعمى بعد قوله ( يا محمد ) ؟ هل قال : أغثني أعد إلي بصري ؟
نعم , لقد قال (يا محمد) لكنه لم يسأله ، وأنتم إذا قلتم (يا محمد) تقولون : أغثنا أمدنا بإمدادك ، تعطف تكرم تحنن علينا بنظرة …
فإن كان سأله بعد قوله (يا محمد) فقد قامت حجتكم ، وإن كان لم يسأله فقد قامت الحجة عليكم . فالحديث حجة عليكم لا لكم .
وليس كل خطاب لغير الحاضر استغاثة به ، وإلا فقد خاطب عمر بن الخطاب الحجر الأسود قائلاً "والله إني لأعلم أنك حجرٌ لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله ïپ¥ يقبلك ما قبلتك " ( ) .

صوفي ضرير يحتج بحديث الضرير
ومن الطريف أن شيخاً صوفياً ضريراً (نقشبندياً) كان يحتج علي بحديث الأعمى ، فقلت له : وأنت ألست أعمى ؟ قال : بلى ، قلت له فهل دعوت بهذا الدعاء ؟ قال : دعوت ولم يستجب لي ، لأن إيماني ضعيف . فقلت له : ليس هذا هو السبب ، بل لأن الشرط الذي تتجاهلونه (وهو الدعاء من النبي ïپ¥ ) غير متحقق بعد موته . وقد خير الأعمى- حين كان حياً - بين أن يدعو له أو أن يصبر وله الجنة ولكن : كيف يمكن تخييرك ؟

قصة لا تليق بعثمان بن عفان

واحتجوا بما أخرجه الطبراني في معجميه عن عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته ( ) فلقي عثمان بن حنيف فشكى إليه ذلك فقال : ائت الميضأة ، فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتُقض لي ، ثم رح حتى أروح معك . ففعل ما قال ثم أتى باب عثمان فجاء البوَّابُ فأخذه بيده فأدخله على عثمان بن عفان ، فأجلسه فقال : ما حاجتك ؟ .. فقضاها له ثم قال له : إذا كانت لك حاجة فأْتنا . فخرج الرجل وأتى إلى عثمان بن حنيف وقال له جزاك الله خيراً ، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليَّ حتى كلَّمتَه في . فقال له عثمان بن حنيف : والله ما كلمتُه ، ولكن شهدت رسول الله ïپ¥ وأتاه ضرير ، فشكا إليه ذهاب بصره ، فقال له النبي ïپ¥ ائت الميضأة ، فتوضأ ثم ïپ¥ ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات " قال الطبراني والحديث صحيح . انتهى كلام الحبشي ( ). قلت : خصص الحديث بالصحة وليس الأثر أم أنكم لا تفرقون بين الحديث والأثر ؟

الجواب عن القصة المزعومة
ا) والحديث صحيح ولا ريب كما قال الطبراني . غير أن الأحباش يحتالون على الناس فيجعلون كلام الطبراني " الحديث صحيح " شاملاً للحديث وللقصة التي بعده ، مع أن الطبراني خص الحديث بالصحة فقط دون غيره لأن هذه القصة ضعيفة السند وألصقت ببعض طرق الحديث لا كلها ، وهذا احتيال لا يتفطن له عامة الناس .
* فإن قصة الرجل مع عثمان رضي الله عنه عند الطبراني ضعيفة السند ولم يتعرض لها الطبراني بتصحيح وإنما قال في الصغير (1/184) " لم يروه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد المكي- وهو ثقة - وهو الذي يحدث عنه ابنه أحمد بن شبيب عن يونس بن يزيد الأيلي . وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر الخطمي واسمه عمير بن يزيد - وهو ثقة - تفرد به عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة : والحديث صحيح " .
وقوله " لم يروه ... " مشعر بضعف القصة عنده ووقع التفرد فيها وهو الحق . فان آفة إسنادها رواية عبد الله بن وهب عن شبيب بن سعيد وهي منكرة عند جميع أهل الحديث كما أشار إليه ابن عدي ، وقال : حدث عنه ابن وهب بمناكير "حدّث عنه ابن وهب بأحاديث منكرة " وأقره الحافظ في (التقريب 2739) فقال في ترجمة شبيب " لا بأس بحديثه من روايات ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب ". وقال في مقدمة الفتح (ص 409) " ولذلك أخرج البخاري من رواية ابنه عن يونس أحاديث ولم يخرج عن يونس ولا من رواية ابن وهب عنه شيئاً " .
قال ابن عدي " ولعل شبيباً لما قدِم مصر في تجارته كتب عنه ابن وهب من حفظه فغلط ووهم وأرجو أن لا يتعمد الكذب " ( ).
ويؤكد نكارة تفرد ابن وهب عن شبيب أن أحمد بن شبيب وهو المختص بالرواية عن أبيه روى الحديث من غير زيادة هذه القصة كما عند الحاكم في (المستدرك 1/526) وابن السني في (عمل اليوم والليلة 170) من طريق أحمد بن شبيب بن سعيد قال : ثنا أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المدني وهو الخطمي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف قال : سمعت رسول الله ïپ¥ الخ ) .
وهذه الرواية أصح سنداً لأنها من روايات أحمد بن شبيب عن أبيه . وتقدم قول الحافظ في (التقريب 2739) في ترجمة شبيب " لا بأس بحديثه من روايات ابنه أحمد عنه لا من رواية ابن وهب ".
ثم في سند هذه الرواية طاهر بن عيسى شيخ الطبراني وهو غير معروف العدالة ذكره الذهبي ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً فهو مجهول الحال .
*شبهة : واحتجوا بزيادة وردت عند ابن أبي خيثمة ، في تاريخه في آخر الحديث وهي " وان كانت حاجة فافعل مثل ذلك " وهي زيادة لم ترد في رواية من رووا عن حماد فقد رواه النسائي في عمل اليوم والليلة (رقم 658) وأحمد في (المسند 4/138) وليس فيها " وإن كانت حاجة ... ) .
- أن رواية الأعمى جاءت من طريق شعبة وحبان بن هلال من غير هذه الزيادة .
- أنه على القول بأنها من طريق حماد بن سلمة ، فإنه وإن كان ثقة إلا أنه خالف بهذه الزيادة رواية من هو أوثق منه ممن لم تتضمن رواياتهم هذه الزيادة .
ولقد قال الحافظ عن حماد في (التقريب 1499) " ثقة عابد ، تغير حفظه بآخر حياته " وقال البيهقي في (السنن الكبرى 4/94) "حماد بن سلمة وإن كان من الثقات إلا أنه ساء حفظه في آخر عمره : فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه ويتجنبون ما يتفرد به عن قيس بن سعد خاصة وأمثاله " قال " فالاحتياط أن لا يحتج بما يخالف فيه الثقات " ( ).
والمسألة في أهم أصول العقيدة فإن القوم يريدون بها تجويز سؤال غير الله عز وجل . لكنهم هنا يخالفون أصولهم في الاقتصار في أمور العقائد على الصحيح المتواتر ، فلا يريدون التحقق من هذه الرواية لأنها تؤيد المذهب !
فالرواية إما مكذوبة أو منكرة . فكيف يجوز تقديمها على ما صح في البخاري من أن الصحابة تركوا التوسل به ïپ¥ بعد موته وتحولوا إلى التوسل بدعاء عمه العباس .
أنه على فرض صحة القصة , فإن فعل الصحابي الواحد إذا كان مخالفاً لما أجمع عليه الصحابة لا يكون حجة . وقد جاء توسل عمر بدعاء العباس أمام جمع من الصحابة مخالفاً لقصة عثمان بن حنيف مع عثمان بن عفان على افتراض ثبوت سندها .

تأدبوا مع من كانت تستحيي منه الملائكة
إن في هذا الأثر إساءة الأدب في حق الصحابي الجليل عثمان رضي الله عنه . يلاحظ ذلك كل من تأمل التركيبة الملفقة التي رُكّبتْ منها هذه الرواية التي ترضي أذواق الروافض وتروي حقدهم ضد الصحابة ، فلا تسارعوا إليها ، فإن مفادها أن عثمان كان يحتجب عن الناس ولا يلتفت إلى حوائجهم .
وكفى بذلك ذماً له ، فقد دعا رسول الله على من يحتجب عن حوائج الناس فقال " من ولاه الله شيئاً من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم : احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة " وفي رواية " ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته " ( ).
فلا يجوز التمسك بقصة ضعيفة تطعن في صهر رسول الله ïپ¥ لمجرد مناسبتها هوى دعاة الاستغاثة بالأموات .

وخُذُه حيث حافظٌ عليه نص أو من مصنف بجمعه يخص
بل تحقق منه حيث حافظ عليه نص
• وهذا تعصب وعمى ، ناهيك عن أنه يمنح الحافظ رتبه الأئمة المعصومين عند الشيعة ، فإن مشايخ الشيعة يقولون لأتباعهم من العوام " وخذه حيث سيدٌ ( أو إمام ) عليه نص " !
• ومخالف لما أجمع عليه جمهور الأمة وعلماؤها " كل منا يؤخذ منه ويردّ عليه إلا صاحب هذا القبر". فكم من حافظ أخطأ في تحسين حديث وتضعيفه حسب ما أدى إليه اجتهاده . فهذا الحافظ الدارقطني يتعقب الحافظ البخاري في العديد من أحاديث صحيحه كما بينه الحافظ ابن حجر في مقدمة صحيح البخاري . وهذا ابن حجر وهو حافظ يتعقب البيهقي فيصحح حديث الصوت الذي ضعفه .
وليس ذلك بقادح فيهم ، وإنما يقدح في أهل الكلام والجدل الذين ينهون عن التقليد ، وهم أول المقلدين كما قاله الحافظ ابن حجر .
فهذه القاعدة منقرضة بما هو معلوم بالاستقراء من حصول الخطأ والاختلاف بين الحفاظ في تحسين الأحاديث الضعيفة أو تضعيف الصحيحة خطأ وسهواً ، وإذا كان الحبشي يجوز عنده وقوع صغائر الخطأ عند الأنبياء فكيف لا يجوز لغير الأنبياء ! وإذا كنا نعتقد أن الأئمة يخطئون وكانوا يقولون " إذا وجدتم قولنا يخالف الحديث الصحيح فاضربوا بقولنا عرض الحائط " فكيف نعتقد احتمال الخطأ عند الشافعي وأحمد ولا نعتقده في الحافظ ؟ !
• فماذا نفعل إذا ضعف حافظ حديثاً صححه حافظ آخر ؟
• ونحتج عليهم بالقاعدة التي يحتجون بها فنقول : البخاري حافظ وقد صحح حديث الصوت فلماذا لم يزل الحبشي يرفضه ويحكم بضعفه ؟ لماذا لم يأخذه حيث البخاري عليه نص ؟
وابن حجر العسقلاني حافظ وقد نص على أن رواية ( وهو الآن على ما عليه كان ) مكذوبة لا وجود لها في شيء من كتب الحديث (فتح الباري 6 / 289 ) فلماذا لا يزال شيخكم متمسكاً بها وقد نص حافظ على وضعها وكذبها؟
والسبكي " عندكم " حافظ وقد حشا كتابه (شفاء السقام) بالأحاديث الموضوعه التي صرح جمع من الحفاظ بوضعها : فلو أننا أخذناها على عماها كما تريدون لوقعنا في الكذب على رسول الله ïپ¥ ووقع المسلمون في فساد عظيم ( ) .
بل أنتم لا تأخذونه ولو نص حافظ عليه فقد نص الحافظ الذهبي على صحة وتواتر حديث الجارية كما في كتاب العلو ( ص 16) ونص عليه الحافظ ابن حجر في الفتح ( 13 / 359) قال " هو حديث صحيح أخرجه مسلم " . فهل تأخذونه حيث حفاظ عليه نصوا ؟
• وإذا كانت شهادة الحافظ ابن حجر عندكم معتبرة فقد صرح . باستحقاق ابن تيمية رتبة (حافظ) كما في (التلخيص الحبير3 / 109) وكذلك شهد له السيوطي برتبة (حافظ ، مجتهد ، شيخ الإسلام ) ( ) : فهل تأخذون بنص شهادة الحافظ في ابن تيمية إن كنتم صادقين ؟ أم أنكم تأخذونا من قول الحافظ ما يناسب أهواءكم؟
قال تلميذه نبيل الشريف " وهذا الحديث شوكة في أعين الذين يحرمون التوسل برسول الله ïپ¥ وبغيره من الأنبياء والصالحين " ( ) .
• قلت : قد صح الحديث وليس بشوكة ، فإذا صح الحديث أخذنا به بلا حرج وأما القصة المتعلقة به فنحن لا نرضى مضغها أصلا لأنها لم تصح ، بخلاف ما أنتم عليه من مضغ الموضوع والضعيف والاحتجاج به في العقائد.
وليس بوسع من يزعم أنه مسلم أن يرد حديثاً صحيحاً لرسول الله ïپ¥ أو أن يقبله وهو له كاره { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } [ الأحزاب 36 ] بل هذا هو موقفكم من نصوص الصفات كالاستواء والنزول ، فأنتم تُثبتونها إثباتاً شكلياً وتبطلونها على الحقيقة بالتأويلات المستبعدة .
فأنتم تعرضون عن الصحيح وتتشبثون بالضعيف وتدفعون أسباب ضعفه بشتى الذرائع الواهية كقولكم : يكفي لقول الحافظ في الحديث ( صحيح ) أن نأخذ به .
عثمان بن حنيف قائد معركة الجمل عندكم من البغاة
وقد تمسكتم برواية عثمان بن حنيف وهو قائد معركة الجمل ضد علي رضي الله عنه ، وحكمه عندكم بأنه من الفسقة البغاة بل من أهل النار ، هذا تناقض .
وتجاهلتم ترك عمر التوسل بالنبي ïپ¥ بعد موته . والتوسل بالعباس بدلا من ذلك ، وتجاهلتم قوله " كنا إذا أجدبنا سألناك بنبيك " ولم يقل" ما زلنا " وقول أنس " كانوا يستسقون " فهذه شوكة أثبتها البخاري في أعينكم لا فرار لكم منها . وبالأمس كنتم تتمسكون بقول عمر " نعمت البدعة هذه " واليوم تتجاهلون تركه للتوسل بعد موت النبي ïپ¥ !!!
وتجاهلتم قول النبي ïپ¥ للضرير " إن شئت دعوت لك ، وإن شئت صبرت " وقول الضرير " بل أدعه " أليس لهذا الكلام عندكم من معنى .
ثم هناك فرق بين من دعا له النبي ïپ¥ وبين من لم يدع له ، وقد دل عمل الصحابة على هذا الفرق ، إذ لو كان كل أعمى توسل به وإن لم يدع له الرسول ïپ¥ لكان عميان الصحابة يفعلون مثل ما فعله الأعمى لكنهم لم يفعلوا .
ولو كان التوسل بشخصه وليس بدعائه ولا فرق بين التوسل به حياً وبين التوسل به ميتاً فما الذي حدا بالضرير إلى أن يذهب إليه ïپ¥ ويسأله الدعاء له ؟ ولماذا توقف عمر عن التوسل بالنبي ïپ¥ بعد موته ؟ إما أن يكون عمر عندكم وهابياً يفضل العباس على النبي ïپ¥ ثم إذا وافقه جميع الصحابة صاروا وهابيين مثله وإما أنكم مخالفون لما كانوا عليه .

جمعية الصداقة الصوفية الرافضية
ومن هنا نؤكد أنه لم يثبت في أثر أو حديث أن أحداً من الصحابة توسل بالنبي ïپ¥ بعد موته . وإنما حدث ذلك بعد عصر الصحابة والتابعين حين بذر الفاطميون الروافض بذرة أضرحة الأولياء والاستغاثة بالأموات ، فإنهم لما استولوا على بلاد المسلمين نشروا الأضرحة في مساجدهم ، وأشاعوا هذه البدعة .
ومن أدعيتهم التي توافقونهم عليها قولهم فيما يسمونه بالزيارة الجامعة عند قبر الحسين " إني مستجير بكم زائر لكم ، لائذ عائذ بقبوركم ، مستشفع إليه بكم ، ومتقرب إليه بكم ، بكم فتح الله وبكم يختم ، بكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، وبكم ينفّس الهمّ ويكشف الضر " ( )
وهاهم اليوم يصفون مخالفيهم بأنهم " وهابيون ". ويوافقونكم على الاستغاثة بالأضرحة وتأويل الصفات والابتداع في الدين .
كيف حصل هذا الاتفاق بينكم وبينهم على سب وتضليل من تسمونهم بالوهابية ؟
كيف جمع الشيطان بينكم وبين الشيعة في الدفاع عن الاستغاثة بغير الله وتقديس القبور والمزارات .
- ألم تتساءلوا كيف تقرر عندكم أن الاستغاثة بالمقبورين : عقيدة أهل السنة بينما هي عقيدة الرافضة الباطنيين ؟ بل وأبرز ضلالات اليهود والنصارى بالنص من كلام النبي ïپ¥ الذي لعنهم لأنهم " اتخذوا قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد " . أتجعلون ضلالات اليهود والنصارى والشيعة هي عقيدة أهل السنة ؟!
شبهة : واحتجوا بقوله تعالى { وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } فزعموا أن هذا توسل بالرحم .
والجواب : هذا سؤال بسبب صلته للرحم وهو عمل صالح . كما يدعو أحدنا ربه بصدقته وبره أن يبارك له في عمره . فهذا ليس توسلاً إلى الله بالصدقة وإنما بفعله للصدقة ، والصدقة عمل صالح ، ويجوز التوسل إلى الله بالعمل الصالح ، فكذلك صلة الرحم عمل صالح .
وقد عرض ابن جرير الأقوال ثم رجح ما يلي " اتقوا الله واتقوا الأرحام أن تقطعوها أو اتقوا الله في الأرحام" ( )

موقف أبى حنيفة من التوسل

• جاء في الدر المختار ( ) وهو من أشهر كتب الحنفية ما نصه " عن أبى حنيفة قال : لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به ، والدعاء المأذون فيه المأمور به : هو ما استفيد من قوله تعالى { وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } [ الأعراف 180 ] .
قال أبو حنيفة " وأكره أن يقول : بحق فلان أو بحق أنبيائك ورسلك " ( ) . وقال أبو يوسف " لا يدعى الله بغيره " .
واعترف الحبشي بقول أبي يوسف صاحب أبي حنيفة " لا يدعى الله بغيره " ( ).
قال المرتضى الزبيدي في شرح إحياء علوم الدين " وقد كره أبو حنيفة وصاحباه أن يقول الرجل : أسألك بحق فلان ، أو بحق أنبيائك ورسلك ، إذ ليس لأحد على الله حق " ( ) .
وهذا ما قاله البلدجي في شرح المختار. والقدوري في شرح الكرخي . ونقله العلائي في شرح التنوير عن التتارخانية عن أبي حنيفة . قال ابن عابدين في رد المحتار على الدر المختار" قوله: وكره بحق رسلك ... ) هذا لم يخالف فيه أبو يوسف ، بخلاف مسألة المتن السابقة كما أفاده الاتقاني . أ . هـ .
وقال تحت قوله ( لأنه لا حق للخلق على الخالق ) : ومجرد إيهام اللفظ ما لا يجوز كاف في المنع فلا يعارض خبر الآحاد ، فلذا والله أعلم أطلق أئمتنا المنع " أ. هـ.
" والمراد بالكراهة كراهة التحريم التي هي في مقابلة ترك الواجب ، وقد ذكروا من قواعدهم أن الكراهة حيث أطلقت فالمراد منها التحريم ، وممن نبه على ذلك : ابن نجيم في البحر الرائق وغيره ، حيث قال : وأفاد صحة إطلاق الحرمة على المكروه تحريماً " ( ) .
وقد اعترف الأحباش بأن الكراهة عند المذهب الحنفي تطلق على المحرم كما في مجلتهم ( ) .
ففي هذه النصوص عن أبي حنيفة أبلغ رد على ادعاء السبكي أنه لم ينكر التوسل أحد من السلف ولا من الخلف غير ابن تيمية ( ).
فأما السلف : فأبو حنيفة منهم ، وقد أنكر التوسل .
وأما الخلف فحدِّث ولا حرج فيما خالفوا فيه سلفهم .
هل حدثكم أبو حنيفة بمقصده ؟
وقد حرف الحبشي وأصحابه معنى كلام أبي حنيفة كما فعلوا في كلام ربه ، فزعموا أنه قصد كراهة من يظن أن لعباده حقوقاً عليه .
وكيف يستخرج هؤلاء مقاصد لألفاظ الناس : فارووا لنا هذا المقصد بسند صحيح ثابت عن أبي حنيفة.
إن هذا المقصد المزعوم شبيه بتحريف آيات الصفات ، ومن اعتاد التحريف ابتلى بالإدمان عليه كما يبتلى بالإدمان شارب الخمر .
- ولكن الله أثبت لعباده حقا عليه تكرماً كما في حديث معاذ " أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله " ولم ينص لنا على جواز التوسل بهذا الحق .

لو كان شرعياً ما تركه السلف

وبهذا يبطل زعم الحبشي أن الله جعلهم لنا أسباباً فنحن نتوسل . بهم إلى الله . فلو كان سببهم مشروعاً لما كرهه أبو حنيفة إلا أن يكون وهابياً قبل أن يولد محمد بن عبد الوهاب ؟
لو كان هذا سبباً مشروعاً لما عدل عنه الصحابة واتخذوا دعاء العباس سبباً مشروعاً لاستسقائهم كما كانوا يطلبون من الرسول ïپ¥ الدعاء لهم في حياته ، هكذا كانوا يفهمون التوسل .

موقف الحبشي من ذلك
وقد أجاب الحبشي عن هذه النصوص (الشوكية) ( ) بإجابات واهية جداً ثم انتهى إلى ردها لأنها تتعارض مع حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار حيث سألوا الله بصالح أعمالهم ( ). غير أن حديث الثلاثة يفيد جواز التوسل بالعمل الصالح ، وهذا متفق عليه . فماذا يفهم هو من الحديث ؟
هاهو الآن يتقمص شخصية المجتهد الذي يقدم النصوص على أقوال الرجال ، مع أنه لم ينف صحة نسبة هذه الأقوال إلى أبي حنيفة لكنه طعن فيمن ينكر التوسل بالأولياء والصالحين ونعتهم بالوهابية وبُكره النبي ïپ¥ والأولياء فماذا يقول في أبي حنيفة وصاحبيه وقد قالا ذلك قبل الوهابية . ألعلّه يعني أن هذه آثار ابن عبد الوهاب في أبي حنيفة ؟‍‍‍‍

نرد اختلافهم إلى الكتاب والسنة

وإنما الخلاف في التوسل بالذوات وقد منعه أبو حنيفة وأصحابه . وأجازه ابن عبد السلام بشخص رسول الله ïپ¥ دون غيره ( ) فقال " ينبغي كون هذا مقصوراً على النبي لأنه سيد ولد آدم وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته وأن يكون مما خص به تنبيهاً على علو رتبته وسمو مرتبته " . وهو جائز في إحدى الروايات عن أحمد. مع أن ابن تيمية يرويه عنه بصيغة التمريض ( رُوِيَ ) وتغافل الأحباش عن ذلك وألزموه بالتناقض ( ) .
فما موقفنا نحن من اختلافهم . هل نترك المسألة هكذا من غير تصويب وترجيح أحد أقوالهم ؟
قال ابن تيميه " إن كان في العلماء من سوغه فقد ثبت عن غير واحد من العلماء أنه نهى عنه ، فتكون مسألة نزاع ، فيُردّ ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله " ( ) ، كما قال تعالى { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } .
إننا نقول : قد توسل عمر بالعباس وترك التوسل برسول الله ïپ¥ بعد موته أمام جمهور الصحابة وأقروه بلا إنكار واحد منهم ، فنحن مع تقديرنا للعز بن عبد السلام رحمه الله نرغب عن فتواه تمسكاً بما أجمع عليه أصحاب محمد ïپ¥ . فإن عدولهم عن التوسل بالنبي ïپ¥ بعد موته إلى العباس (وكان آنذاك حياً) دليل واضح على أن المشروع ما سلكوه دون غيره .
لذا فمن لا يفرق بين التوسل بالحي وبين التوسل بالميت نحتج عليه بتوسل الصحابة بالنبي ïپ¥ وهو حي ، فلما مات تركوا التوسل به وعدلوا عن التوسل به إلى التوسل بالعباس .
ومن لا يفرق بين التوسل والاستغاثة نحتج عليه بما روى البخاري عن نعيم " لا يستعاذ بمخلوق" ( ) . وهذه حجة تبطل تلبيس أهل الباطل .
فقد وردت روايتان متعارضتان عن أحمد إحداها تجيز التوسل والأخرى تمنعه ولكن تحريمه للاستغاثة بغير الله ثابت ولم يرد عنه جواز الاستغاثة بغير الله لا من طريق صحيح ولا ضعيف. ولذا فإن من يحتج بأحمد في جواز التوسل بالنبي ïپ¥ لا يستطيع الاحتجاج به في مسألة الاستغاثة .
وأهل العلم إذا تنازعوا لا يكون قول واحد منهم حجة على الآخر ممن يرى قول معارضه. وإنما الرد إلى الله والرسول ، فكل يؤخذ من قوله ويرد عليه إلا رسول الله ïپ¥ فإنهم إذا أجمعوا فإجماعهم حجة لا يجمعون على ضلالة ، وإذا تنازعوا فعليهم أن يردوا ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول .
لكن هؤلاء يتخذون من التوسل برسول الله ïپ¥ ذريعة يستحلون بها الاستغاثة بالأموات. وهم لا يتفقون مع ابن عبد السلام ولا مع أبي حنيفة في ذلك. وقد خالفوا أبا حنيفة في كراهية التوسل بذات النبي أو غيره ، وخالفوا ابن عبد السلام فعمّموا التوسل بعد أن قيده هو برسول الله ïپ¥ فقط دون غيره .
فلا العز بن عبد السلام ولا أبو حنيفة يوافقان على استغاثتكم بالرفاعي ووصفه بـ " غوث الأغواث " وقولكم مدد يا مشايخ يا أموات مدد ياجيلاني ؟


دعواه مخالفة ابن كثير لابن تيميه في التوسل .
ïپ± وأما دعوى الحبشي أن ابن كثير خالف ابن تيميه في مسألة التوسل ( ) فأين نص ابن كثير على تلك المخالفة ؟ لماذا الكذب ؟ جل ما في الأمر أن ابن كثير روى روايات غير صحيحة وهذا لا يفيد المخالفة المزعومة فإن في تفسير ابن كثير وتاريخه الضعيف والمنكر من الروايات مما يصلح أن يكون حجة للرافضة ضد أهل السنة .
مثال ذلك روايته لقصة الملكين { هَارُوتَ وَمَارُوتَ } اللذين فتنتهما الزهرة حتى مسخها الله إلى كوكب... فالحبشي وأتباعه يحذرون من هذه القصة ومع ذلك فقد ذكرها ابن كثير ( ) .
ïپ¶ شبهة : وقد بتر لصوص النصوص كلاماً لابن تيميه فزعموا أنه تناقض حين روى قصة عن عبد الملك مفادها أن رجلا جاءه فجس بطنه فقال : بك داء لا يبرأ قال : ما هو ؟ قال : الدبَيْلة فتحول الرجل فقال: اللهم إني أتوجه إليك بمحمد ïپ¥ … " قال ابن تيميه " فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه قد دعا به السلف ، ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروذي التوسل بالنبي في الدعاء " .
إلى هنا توقف اللصوص مرتكبين عدة جنايات :
• أنهم تجاهلوا قول ابن تيميه " وفي الباب آثار عن السلف أكثرها ضعيفة وأنه قد ذكر هذه الحكايات من جَمَعها في كتب الأدعية أمثال ابن أبي الدنيا في كتاب مجابي الدعاء " .
• أنهم نقلوا قوله " فهذا الدعاء روي أنه قد دعا به السلف ، ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروذي التوسل بالنبي في الدعاء " . غير أنهم كتموا الكلمة التي تليها " ونهى عنه آخرون ، فإن كان مقصود المتوسلين التوسل بالإيمان به وبمحبته وموالاته وبطاعته فلا نزاع بين الطائفتين ، وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل نزاع ، وما تنازعوا فيه يُرَدّ إلى الله والرسول . وليس مجرد كون الدعاء حصل به المقصود يدل على أنه سائغ في الشريعة ، فإن كثيراً من الناس يدعون من دون الله من الكواكب والمخلوقين ويحصل ما يحصل من غرضه... " إلى أن قال " فحصول الغرض ببعض الأمور لا يستلزم إباحته " ( ) .
• أن ابن تيميه ذكر هذه الرواية بصيغة التمريض فقال (ويُروىَ) ومعلوم أن هذه الصيغة تعتبر إشارة إلى أنه مشكوك فيها . وهذا ما فعله الحبشي حين ذكر قول البخاري " ويروى عن ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش عن النبي ïپ¥ " الفخذ عورة " ثم قال " وقوله (ويروى) للتضعيف لأنه صيغة تمريض " ( ) .

رواية اللهم أسألك بحق السائلين

ïپ¶ شبهة : واحتجوا بحديث ( اللهم أسألك بحق السائلين عليك " وهو ضعيف فيه عطية العوفي في روايته وهن وقد ضعَّفوه وهو مشهور بضعفه وتشيعه وتدليسه عند المحدثين ( ) . قال الزبيدي " إنما ضعفوه من قبل التشيع ومن قبل التدليس " ( ) .
قال الذهبي " قال أحمد والنسائي وجماعة: ضعيف، وقال سالم المرادي كان عطية يتشيع " ( ) . وذكره النووي في (الأذكار ص 58 باب ما يقول إذا توجه إلى المسجد) من روايتين في سند الأولى وازع بن نافع العقيلي : قال النووي (متفق على ضعفه) وفي سند الثانية (عطية العوفي) قال النووي وعلية ضعيف " .
نعم هذا ما يليق بالعوفي وهو مدلس لا يؤمن تدليسه ، وإن حسّن له الترمذي بعض أحاديثه فالترمذي كما هو معروف متساهل في التحسين والتصحيح ولا يعتمد على تصحيحه كما صرح به الذهبي . ونبه عليه المنذري في الترغيب .
ومن بلايا العوفي حديث " يوم السبت يوم مكـر وخديعـة " وحديث " اليدان جناح والرجلان بريد " .
• وفيه أيضاً الفضيل بن مرزوق كان شديد التشيع ضعفه النسائي وابن حبان وكان يروي الموضوعات عن عطية العوفي ( ). وثّقه بعضهم وضعفه آخرون وهو ممن عيب على مسلم إخراج حديثهم في الصحيح كما قال الحاكم ؟ وقال ابن حبان " يروي عن بمطية الموضوعات " وكان شديد التشيع كما قال ابن معين والعجلي (تهذيب التهذيب 4 / 301 – 302 ) وانتهى الحافظ في التقريب ( 5437 ) إلى قوله "صدوق يهم ، ورمي بالتشيع " .
على أن الشيخ الألباني أعلّ هذه الرواية بعلة أخرى وهي اضطراب عطية أو ابن مرزوق في روايته ، فرواه تارة مرفوعاً وتارة موقوفاً على أبي سعيد كما رواه ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن مرزوق به موقوفا (السلسلة الضعيفة 1 / 37 )
• وفيه وازع بن نافع العقيلي قال البخاري " منكر الحديث " وقال النسائي " متروك " وقال أحمد " ليس بثقة " ( ) وقد حسّنه الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار حيث قال "حديث حسن... عن فضيل عن عطية قال حدثني أبو سعيد فذكره لكنه لم يرفعه: فقد أمِن بذلك تدليس عطية " . فأفاد الحافظ أن تحسينه للحديث لأجل انتفاء تدليس عطية وفي هذا نظر لما يلي :
• أن تدليس عطية ليس تدليس الإسناد المعروف حتى يؤمَن بقوله "حدثني " بل هو تدليس آخر فإن عطية يقول حدثني أبو سعيد ويعني به أبا سعيد الكلبي كما أفاد أحمد فيظن السامع أنه أبو سعيد الخدري .
• أن الحافظ ذكر أن الرواية التي فيها حدثنا أبو سعيد موقوفة فلم يعلها بالاضطراب ، وحقها ذلك .
• أن من الحفاظ من صرح بضعفها كالحافظ المنذري في الترغيب ( 3 / 459 ) والحافظ النووي في الأذكار (25) وهما من الحُفّاظ : فلماذا لا يأخذه الحبشي حيث نصّا عليه ؟ !
وأما رواية بلال " كان رسول الله إذا خرج قال : اللهم أسألك بحق السائلين .. " فقد زعم دحلان أن إسناده صحيح . وكيف يصح وقد قال النووي في (الأذكار 58) والحافظ في الأبكار "حديث ضعيف ، أحد رواته الوازع بن نافع العقيلي : متفق على ضعفه ، منكر الحديث ".
وجاء الحديث برواية أخرى " أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض وبكل حق هو لك وبحق السائلين عليك" رواه الطبراني في الكبير. قال الهيثمي في الزوائد "فيه فضالة بن جبير وهو ضعيف مجمع على ضعفه ". وهكذا فلم يصح هذا الحديث من طريق .
• شبهة : رواية " كانت يهود خيبر تقاتل غطفان ... فتقول اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي ... " فيه استدلال بفعل اليهود وركوب لسننهم . هذا إذا صح



نقد سند الرواية :
فيه عبد الملك بن هارون بن عنترة : كذاب . رواه الحاكم في المستدرك (2/ 263) وقال " أدت الضرورة إلى إخراجه " قال الذهبي " لا ضرورة في ذلك فعبد الملك متروك هالك " . مع أن الحاكم قد جرح عبد الملك في المدخل ( 1/170) فقال " روى عن أبيه أحاديث موضوعة " . وروي هذا الخبر من طرق أخرى لا تزيده إلا ضعفاً وآفتها : الضحاك بن مزاحم والكلبي وعطاء الخراساني ( ) .
• أن هذا الخبر معارض لما هو أصح منه وهو ما رواه محمد بن إسحاق صاحب السيرة قال : حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال : حدثني أشياخ منا قالوا : لم يكن أحد من العرب أعلم بشأن رسول الله ïپ¥ منا " كان معنا يهود ، وكانوا من أهل كتاب ، وكنا أصحاب وثن ، فكنا إذا بلغنا منهم ما يكرهون قالوا : إن نبياً مبعوثاً الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم ، فلما بعث الله رسوله اتبعناه وكفروا به ، ففينا والله وفيهم أنزل الله عز وجل { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ } . قال قتادة (يستفتحون على محمد) أي يقولون : إنه يخرج " ( ) .
وهذه الرواية مؤيدة بثلاث روايات أخرى بمراسيل عن التابعين .
نقد متن الرواية
• أن الصحابة لم يفهموا ما فهمه الحبشي وإلا لسارعوا إلى التوسل بالنبي ïپ¥ أثناء حروبهم ، غير أنهم لم يكونوا يسألون الله بحق نبيهم ïپ¥ وهم في الحروب ، فهل اليهود أحرص على الحق وأشد تمسكا به من الصحابة الذين تركوه ! فسحقا للمتعصبين المنحرفين الذين يتجاهلون سنة الخلفاء الراشدين ويتمسكون بفعل اليهود .
• أن هذا الخبر يخالف سنة الله وهي أن النصر مشروط بالطاعة { إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ } واليهود منذ كتب الله عليهم الذلة لم ينتصروا إلا مؤخراً بحبل من الناس .
• أن هذا الخبر يحكي لنا أن الآية كأنها نزلت في يهود خيبر ، وهذا يخالف ما اتفق عليه أهل التفسير والسِيَر أن الآية نزلت في يهود المدينة وهم بنو قينقاع وبنو النضير ، وهم الذين كانوا يخبرون الأوس والخزرج بقرب بعثة نبي جديد ، وهذه المخالفة دليل صريح على كذب هذه الرواية وهي من كذب جاهل لم يحسن تركيب هذه الكذبة .

قياس الحبشي الفاسد

وبهذا يتبين لنا فساد القياس الذي أتى به الحبشي إذ قال " فإذا كان التوسل بالعمل الصالح جائزاً فكيف لا يصح بالذوات الفاضلة كذوات الأنبياء " ( ) . وهذا باطل لما يلي :
• هذا قياس ، والقياس في أمور العبادات غير صحيح . فقد قال السلف منهم ابن سيرين فيما رواه عنه الطبري " ما عُبِدَت الشمس والقمر إلا بالمقاييس ، وأول من قاس إبليس " أي حين قال { خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } ( (.
• أن هذا القياس يُعدّ اعترافاً منهم بأن توسلهم غير منصوص عليه ، لأن وجود النص يسقط القياس ويغني عنه . ولأن القياس هو إلحاق شيء غير منصوص عليه بشيء منصوص عليه .
• أن علة التوسل بالعمل كونها من سبب الإنسان وكسبه أما التوسل المبتدع فهو تعلق بصلاح الآخرين واعتماد على أعمال الصالحين ينتج عنه تكاسل عن العمل الصالح وتشجيع على العمل الفاسد ، والاستعاضة عن العمل بالأماني والأمل ، وبمثل هذا ساد الفساد السلوكي بين الملل الأخرى ، وتجرءوا على ارتكاب الذنوب بدءاً من صغائرها إلى كبائرها وسادت الفواحش والجرائم ، وكلما تذكروا ذنوبهم ذكرهم الشيطان بمن مات بزعمهم كفارة عن خطاياهم .
• أنه قياس لغير المشروع على المشروع ، فإن التوسل بالعمل الصالح ثابت في الشرع فأين ثبوت التوسل بالذوات ؟ والقياس كما تقدم لا يجوز استعماله في أمور التوحيد ، فقد قال الحافظ ابن عبد البر " لا خلاف في نفي القياس في التوحيد وإثباته في الأحكام " ( ) .
• أن ترك الصحابة التوسل به بعد موته إلى التوسل بدعاء عمه العباس دليل على فساد هذا القياس .
ïپ¶ شبهة : وأتوا بقياس آخر فقالوا : النبي ïپ¥ من أشرف الوسائل إلى الله ، وهو ذو المقام المنيع الرفيع عند الله ، قال الألوسي " وهي كلمة حق أريد بها باطل ، إذ نحن أولى بهذا منكم لاتباعنا أقواله وأفعاله وقد أوجب سبحانه علينا أن نتبع سبيل المؤمنين ونهانا عن الغلو في الدين " ( ) .
- قلت : قد أمرنا أن نتوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا وليس أعظم ولا أشرف من التوسل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا .
وكيف يخفى على الصحابة شرف مقام نبينا : فلم يتوسلوا بمقامه ïپ¥ وإنما خرج بهم عمر إلى ضواحي المدينة وأعلن على مسمع منهم أنهم كانوا في عهد النبي ïپ¥ يسألون النبي ïپ¥ أن يدعو لهم فيسقيهم الله ، فلما مات تركوا التوسل به . فكيف يصرح عمر بترك التوسل بمقام النبي ïپ¥ ؟!

شبهات أخرى حول التوسل

ïپ¶ شبهة : أن الله أمرنا بالتوسل بالأولياء وأن عدم التوسل بهم مخالفة للأمر القرآني { وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ } وطعن بالأولياء .
- أما الاستدلال بالآية فهو استدلال باطل . فلا يوجد في شيء من التفاسير المعتبرة كالطبري والبغوي وابن كثير أن معنى الآية هو التوسل بالأنبياء والأولياء ، وإنما ثبت تفسير التوسل بالعمل :
فعن ابن عباس والسدي وقتادة { ابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ } " أي تقرّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه " .
قال ابن كثير " وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف فيه بين المفسرين " وساق الطبري أقوالاً مثل ذلك ( ) . وقال أبو الليـث السمرقنـدي (كبير مشائخ الحنفـية) { ابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ } " أي اطلبوا القربة والفضيلة بالأعمال الصالحة " ( ) .
ولم يقل أحد من المفسرين " المعتبرين " أن معنى { ابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ } أي سلوا الأموات من دون الله أو اتخذوا الأولياء وسيلة لكم إلى الله .
ولئن كان هذا هو معنى الآية لصار ابتغاء الوسيلة حينئذ واجبا فكيف ساغ لعمر أن يتخلى عنه فيتركه ويعلن لربه على الملأ أن التوسل بالنبي ïپ¥ كان شيئا في الماضي لا يفعلونه الآن فقال " اللهم كنا إذا أجدبنا سألناك بنبيك فتسقينا وإنا نسألك بعمه العباس " .
وهذا الوجوب يبطل قاعدة " التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل ".
- أما أنهم أولياء : فإن للولاية شرطين هما الإيمان والتقوى وهما في القلب لا يستطيع أحد أن يطلع على ما في القلوب من تقوى وإيمان إلا الله . فالشهادة بأنهم أولياء تقتضي الشهادة لهم بأنهم في الجنة وتزكيتهم ، وقد نهى الله الواحد منا أن يزكي نفسه فقال { فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى } فإذا كان لا يجوز أن تزكي نفسك فكيف تزكى من لا تعلم حقيقة ما في قلبه وما انتهى إليه ، فإن الرجل يكون من أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار .
شبهة : واحتجوا بقوله تعالى { وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى } . قالوا : دلت الآية على مشروعية التوسل بآثار الأنبياء .
الجواب : أن الآية دلت على أنهم أنكروا ملك طالوت لأنه ليس من سلالة الملوك ، فقال لهم نبيهم إن صحة ملكه أن يأتيكم التابوت تسكنون لصحة كونه آية ، وفيه بقية مما ترك آل موسى وأل هارون تستدلون بهذه البقية على الصحة أيضاً . فكان التابوت علامة على صحة ملك طالوت وليس تشريعا من الله بجواز التوسل بآثار الأنبياء . وقد عرض ابن جرير الأقوال في الآية ثم قال " وأولى الأقوال بالحق في معنى السكينة ما قاله عطاء بن أبي رباح من الشيء تسكن إليه النفوس من الآيات التي يعرفونها .
• أن هذا فهم فيه افتراء على الصحابة وطعن في فهمهم لكتاب الله ، فلماذا لم يفهم الصحابة من الآية ما فهمتم ؟ فإنهم أخذوا تفسير القرآن عن نبيهم ïپ¥ ، ومع ذلك لم يكونوا يبعثون شيئاً من آثاره ïپ¥ مع الجيش ليحصل لهم النصر به، وكانت آثاره من ثيابه وسيفه ما زالت بينهم . فإنه لا يوجد أثر صحيح صريح يحكي حمل الصحابة شيئا من آثار أنبيائهم في حروبهم يتوسلون به إلى ربهم . وهُم أعرف بدين الله وأحرص على تطبيق آياته .
وأين هذا من قول عمر بن الخطاب " إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا يتبعون آثار نبيهم فيتخذونها كنائس وبيعاً ". ورأى قوماً يتناوبون مكاناً يصلون فيه فقال : ما هذا ؟ قالوا مكان صلى فيه رسول الله ، قال : أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد، إنما هلك من كان قبلكم بهذا. من أدركته فيه الصلاة فليصل وإلا فليمضِ " ( ) ، وبلغه أن أناساً يأتون الشجرة التي بويع عندها النبي ïپ¥ فأمر بها فقطعت " ( ) .
ونحن إذا اختلفنا في نص عُدنا إلى فهم الصحابة له وعملهم به .
وعلى افتراض أن القصة تعنى ما زعم هؤلاء فأين يجزمون أن شرع من قبلنا شرع لنا ؟ وكيف يكون شرعاً لنا وقد جاء في شرعنا ما يخالفه ، فلم يكن الاستنصار بالآثار من هدي نبينا ïپ¥ ولا سلفنا الصالح . بل صرح عمر رضي الله عنه أن بني إسرائيل إنما هلكوا بسبب تتبعهم لآثار أنبيائهم .
ïپ¶ شبهة : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله ïپ¥ بثلاثة أيام فرمى نفسه فوق قبر النبي وحثا على رأسه من ترابه وقال " يا رسول الله : قلت فسمعنا قولك ووعيت من الله عز وجل ما وعينا عنك وكان فيما أنزل الله عليك { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا } وقد ظلمت نفسي وجئتك لتستغفر لي . فنودي من القبر : أنه غُفِر له " . ( وفي رواية أن العتبي كان جالساً فرأى أعرابياً ) قال الخطيب في ( تاريخ بغداد 2 / 326 ) وابن خلكان ( وفيات الأعيان 1 / 523 ) " مات العتبي سنة 228 هـ " . فكم كان عمره لما دخل الأعرابي قبر النبي ïپ¥ ؟ على أن رواية العتبي جاءت من طريق آخر فيه الحسن الزعفراني عن الأعرابي (أي العتبي) وهذا الزعفراني مات سنة (249) فكيف يمكن لكليهما أن يكونا معاصرين لعائشة رضى الله عنها ؟. فسند الرواية منقطع ضعيف وإن حكاه مصنفو كتب المناسك كما عول عليه السبكي في (شفاء السقام 82) .
ثم كيف تشتهر هذه الحادثة (المفترضة) لمجرد فعل أعرابي لها ولا يشتهر شيء مثلها عن أحد من الصحابة . وكيف تعيش عائشة طيلة حياتها مجاورة للقبر ولا يثبت تكليمه لها. وإنما يسارع إلى تكليم الأعرابي ؟ وكيف يفهم أعرابي هذه الآية ويطبقها على وجه لم يفهمه الصحابة ولم يطبقوه ؟ .
وهل اشتهار الرواية دليل على صحتها ؟ أليس حديث " اطلبوا العلم ولو في الصين " مشهوراً وهو مع ذلك لا أصل له. وحديث " أبغض الحلال إلى الله الطلاق " وهو ضعيف بالرغم من شهرته ؟ فالعبرة في صحة سند الرواية لا مجرد اشتهارها على ألسنة الناس وبطون كتب الفقه التي تفتقر افتقاراً شديداً إلى مراجعة أسانيد مروياتها ، وهذا أمر يعرفه من يطالع كتب الفقه .

رواية : حياتي خير لكم

واحتجوا بحديث " حياتي خير لكم تحدثون ويُحدَث لكم، ومماتي خير لكم تُعرَض علي أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله وما رأيت من شر استغفرت الله لكم " .
الحكم على الحديث
ا) الطعن في هذه الزيادة التي تفرد بها الراوي وهو عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رَوَّاد المرجئي على حديث "إن لله ملائكة سياحين ". فقد نقل الزبيدي حكم الحافظ العراقي على الحديث بأنه "ضعيف لأن فيه عبد المجيد بن عبد العزيز ، فهو وإن أخرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائي فقد ضعفه كثيرون . وفي رواية الحرث ابن أبي أسامة في مسنده من حديث أنس بنحوه بإسناد ضعيف " وقال فيه ابن حبان في المجروحين ( 2 / 205 ) " منكر الحديث جداً يقلب الأخبار، ويروي المناكير عن المشاهير: فاستحق الترك ". وقال الحافظ في التقريب (4160) " صدوق يخطئ وكان مرجئاً ".
وذكر الزبيدي طريقا أخرى عند ابن سعد في الطبقات عن بكر بن عبد الله المزني مرسلاً ( ) .
ولما قاله الحافظ البزار "لم نعرف آخره يروى عن عبد الله إلا من هذا الوجه " وإنما رواه النسائي (رقم 1282) من دون هذه الزيادة .
والحديث ذكره الهيثمي في (مجمع الزوائد 9/ 24) وقال " رواه البزار ورجاله رجال الصحيح " وهذه العبارة لا تفيد صحة الإسناد أو الحديث كما هو معروف عند أهل الحديث، فلا يجوز أن يقال " صححه الهيثمي " فهذه تمويه وتلبيس على العامة ، فان صحة الإسناد ليست لازمة لصحة الحديث ، بل بينهما مراتب ، فكم من سند صحيح رواته ثقات وهو شاذ أو معلل ، وشرط الحديث الصحيح أن يبرأ من الشذوذ والعلة .
2) الرواية غير متواترة أيها الأشاعرة المطالبون باشتراط المتواتر في العقائد . بل ضعيفة لا آحاداً فقط ، فانظر كيف تجاهلوا ترك عمر للتوسل بالنبي ïپ¥ بعد موته، وآثروا الضعيف على المتواتر .
3) أنها تحث على الإرجاء وراويها عبد المجيد بن عبد العزيز مبتدع متهم بالدعاية للإرجاء حتى أدخل أباه فيه . وهو الذي روى الرواية الموضوعة عن ابن عباس" وما نعلم الحق إلا في المرجئة " ( )
وقد شهد عليه أحمد والبخاري بأنه من غلاة المرجئة . قال " كان فيه غلو في الإرجاء " وقال أبو داود " كان داعية في الإرجاء " ( ) .
ومن المقرر عند العديد من علماء الحديث أن المبتدع إذا تفرد برواية تؤيد بدعته فإن روايته مردودة . وهذا جرح مفسر مقدم على التوثيق .
وهذا الحديث يؤيد مذهبه في الإرجاء . فإنه ما دام العمل معروضا على النبي ïپ¥ فيستغفر فلا تضر المعاصي حينئذ كبيرة كانت أو صغيرة إذ جاء الاستغفار في الحديث مطلقا من سائر الأعمال السيئة .

الآثار السلوكية والأخلاقية لهذه الرواية
وكيف يقول النبي ïپ¥ لابنته فاطمة " أنقذي نفسك من النار لا أغنى عنك [ لا أملك لك ] من الله شيئا " ثم يطمئن الزناة ومرتكبي الكبائر من أمته ويعدهم بأنه سيستغفر لهم ؟
فهذا الحديث خطير من الناحية السلوكية على المسلمين إذ يثبط المحسن ويشجع المسيء وينتهي الفريقان إلى نهاية واحدة وهي تطمين الفريقين بالمغفرة واستوائهما من حيث النتيجة ، أليس هذا التطمين بالمغفرة على ما يعملون شبيه بتطمين النصارى بالمغفرة على خطاياهم لمجرد إيمانهم بالمسيح ؟ !
ولماذا كان يأمر بإقامة الحد على المذنبين من أمته في حياته ولم يكتف بالاستغفار لهم وهم جزء من أمته ؟
وإذا كان يستغفر لأمته فلماذا يدخل أفواج من أمته النار ؟
4) أن الحديث إذا كان يفيد استغفار النبي ïپ¥ لنا فلا يفيد جواز سؤاله لعدم فعل الصحابة ذلك ولأن القران أثبت لنا أن الملائكة حملة العرش دائمة الاستغفار للمؤمنين { فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } ولم يقل أحد بجواز سؤالهم مع الله . والنبي ïپ¥ مات وسؤال الأنبياء بعد موتهم غير جائز . ولو جاز ، سؤال النبي بعد موته لاشتهر سؤال الصحابة للأنبياء السابقين ، مما يؤكد أنه شرك . وكفى بالشرك مانعاً من الشفاعة .
5) أن هذه الرواية تثبت آخر مع الله في عرض الأعمال عليه. فتصير الأعمال معروضة "عليهما" لا على الله وحده . وهذا شرك يعتقده الروافض ، فقد قالوا أن " قوله تعالى { فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ } أنهم الأئمة " ( ) . وقد وضع الكذابون من هذه الأمة الأحاديث المكذوبة في ذلك مثل حديث " تعرض علي أعمالكم يوم الخميس ". أولهم: حسين بن علي العدوي ، اتهمه ابن عدي والدارقطني وابن حبان بالكذب ( ). والثاني : أبو سلمة محمد بن عبد الملك الأنصاري وهو منكر الحديث جدا لا يجوز الاحتجاج بحديثه كما قال ابن حبان ( ) .
في حين ثبت في الصحيح أن الأعمال تعرض على الله . قال ïپ¥ " تعرض الأعمال في كل خميس واثنين فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئا إلا امرءا كانت بينه وبين أخيه شحناء " ( ) . فكيف (يغفر الله إلا ) بينما يكون استغفار النبي ïپ¥ مطلقا ؟
6) أنها تعارض أحاديث أصح منها تنفي معرفة النبي ïپ¥ بما يحدث لأمته من بعده . قال ïپ¥ " ليردنّ عليّ ناس من أصحابي الحوض حتى إذا رأيتهم وعرفتهم اختلجوا دوني ، فأقول يا رب أصيحابي أصيحابى ، فيقال لي : إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك . فأقول كما يقول العبد الصالح { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ } .
وحين كان ïپ¥ حيا لم يكن يعلم بأحوال من غاب من أمته ، من ذلك قصة ضياع عقد عائشة في الصحراء ، وقول أصحاب بئر معونة لما وقعوا في الغدر قالوا : اللهم بلغ نبينا " ولم يعتقدوا أنه يسمع كل واحد من أمته قريباً كان أو بعيداً .
شبهة : ودعموا الشبهة السابقة بشبهة أخرى فاستدلوا بقوله تعالى { وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } وقوله { وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا } وهذه إنما هي الشهادة بما جاء وأنه بلغهم .
• أنه لو سلّمنا أنهم يسمعون فأين الدليل على أنهم إذا سمعوا استجابوا ؟ القرآن نص على أنهم لو سمعوا ما استجابوا. { إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ } وقوله { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ } { وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ } . يؤكد أن المدعو هم الصالحون وليس الأصنام .
• أن من أفسد أنواع القياس قياس الحياة الدنيوية على أمور الآخرة . ألا ترى أن النبي ïپ¥ سمع قرع نعال بلال في الجنة وبلال كان يومئذ حياً .
• أننا إذا قلنا إنهم أحياء لا يعني ذلك جواز الاستغاثة بهم من دون الله . فإنه ما من آية ولا حديث صحيح ينصان على جواز دعاء غير الله . أو جواز دعاء من كان حياً الحياة البرزخية ، وإذا كانت حياة النبي ïپ¥ دليلا على جواز سؤاله من دون الحي الذي لا يموت فقد قال تعالى { هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } فهو الحي الوحيد الذي ندعوه .
• أن الحافظ أكد على اختلاف الحياة الأخروية عن الدنيوية اختلافاً كلياً فقال في قوله تعالى { قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ } " فلو كان يحيا في قبره للزم أن يحيا ثلاث مرات ويموت ثلاثاً وهو خلاف النص " . قال " والجواب بأن المراد بالحياة في القبر للمسألة ليست الحياة المستقرة المعهودة في الدنيا التي تقوم فيها الروح بالبدن وتصرفه وتحتاج إلى ما يحتاج إليه الأحياء ، بل هي مجرد إعادة لفائدة الامتحان الذي وردت به الأحاديث الصحيحة . فهي إعادة عارضة كما حي خلق لكثير من الأنبياء لمسألتهم لهم عن أشياء ثم عادوا موتى" ( ) .
لكن الصوفية يجهلون هذا الفارق ويزعمون أشياء يلزمهم منها الاعتقاد بأنهم صاروا صحابة . فقد قال الشيخ الشعراني " ومما من الله علي : شدة قربى من رسول الله وهي المسافة بيني وبين قبره الشريف في أكثر الأوقات ، حتى ربما أضع يدي على مقصورته وأنا جالس بمصر، وأكلمه كما يكلم الإنسان جليسه " ( ) .
• أن طريقة السجع التي ركب بها هذا الحديث تتعارض وطريقة كلام النبي ïپ¥ ، ولقد كان عروة بن الزبير رضي الله عنه إذا عرض عليه دعاء فيه سجع عن النبي ïپ¥ قال : كذبوا لم يكن رسول الله ïپ¥ ولا أصحابه سجاعين " ( ) .
ïپ¶ شبهة : واحتجوا بقول أبي جعفر المنصور لـمالك عند قبـر النبي ïپ¥ " ءأستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله ؟ قال مالك : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم بل استقبله واستشفع به . . . " .
ثم قلد الحبشي من قالوا بتصحيح الرواية ( ) .
وإسناد هذه الرواية مظلم ، فإن فيه محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف كثير المناكير ، قال البخاري : في حديثه نظر وقال الجوزجاني هو غير ثقة وقال النسائي ليس بثقة وقال الأسدي " ما رأيت أحدا أجرأ على الله منه وأحذق بالذنب منه " ( ) .
أن السند في هذه الرواية منقطع ، فإن محمد بن حميد الرازي لم يدرك مالكاً إذ توفي سنة 248 هـ ، بينما توفي مالك سنة 179. واعتماد الحبشي في العقائد على مثل هذه الرواية طعن في كونه من علماء الحديث ونكوص وارتداد عما اشترطه من قبل وهو أن لا يستدل في العقائد بالحديث الضعيف ، وطعنٌ في مدى نزاهته وتجرده للحديث وخدمته له ، فإن خادم الحديث لا يصحح الضعيف من الروايات لمجرد موافقتها مذهبه .
أضف إلى ذلك مخالفة الرواية لما هو معروف في مذهب مالك من كراهية استقبال القبر عند الدعاء ولكن يستقبله عند السلام فقط . وإنما يستقبل القبلة عند الدعاء .
وعجباً لأهل البدع : لقد حيّرونا : أنستقبل السماء عند الدعاء أم القبلة أم القبر ؟
ولم يكن مالك يرى فرقاً بين حياة النبي ïپ¥ وبين موته فيما يتعلق بتوقيره وحرمة رفع الصوت في مسجده حيا وميتا . ولكنه كان مع ذلك يفرق بين حياته ïپ¥ وبين موته فيما يتعلق بمسألة التوسل به ïپ¥ ومسألة زيارة قبره حتى قال "وأكره أن يقال زرت قبر النبي ïپ¥ " .
ïپ¶ شبهة : واحتجوا بحديث ( لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي . فقال الله : يا آدم كيف عرفت محمداً ولم أخلقه ؟ قال لأنك يا رب لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك . قال الله : صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي ، أدعني بحقه فقد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك " .
رواه الحاكم وقال "صحيح " 2 : 615 قال الذهبي " بل موضوع " وقال السبكي إن هذا لا ينزل عن درجة الحسن . وأخرجه الطبراني في الأوسط (عزاه له الهيثمي في المجمع 253:8) و (الصغير 355) ( ) .
ولنا على ذلك مآخذ منها :
أن هذا الحديث الموضوع المكذوب يضاهيء اعتقاد النصارى . قال الشهرستانى عن عقائد النصارى " والمسيح هو الابن الوحيد وهو الذي به غفرت زلة آدم عليه السلام " ( ) .
أن قوله "وصححه " غلط ، فإن الحاكم كتب " صحيح الإسناد " وأهل الحديث يفرّقون بين صحة الإسناد وصحة الحديث .
أن الحبشي احتج بكلام السبكي ، بيد أن السبكي اعترف بأنه قلد الحاكم في التصحيح فقال " وقد اعتمدنا في تصحيحه على الحاكم " ( ) .
مما يبين درجته في هذا الفن. فكيف يستدل مقلد بمقلد ؟
أنه قد تواتر عند أهل الحديث تساهل الحاكم في التصحيح وهذا مما يتجاهله الحبشي تارة ويقر به تارة أخرى حسب الحاجة . قال الشيخ محمد بن درويش الحوت في أسنى المطالب (ص 573) بأن الحاكم متساهل في التصحيح ونقل عن المناوي تعقب الذهبي لكثير من تصحيحات الحاكم .
• أن الحبشي سكت عن تعقب الذهبي على الحاكم قائلاً " بل موضوع " ففيه عبد الرحمن الفهري وهو واه ، وقد قال الحاكم نفسه في أول حديث عن عبد الرحمن " رواه عبد الله بن مسلم الفهري ولا أدري من ذا " .
ولقد سئل الحبشي " هل يُقبل تصحيح الحاكم وتضعيفه ؟ أجاب " لا يقبل منه ذلك من غير موافقة الذهبي عليه ". غير أنه تعمد هنا السكوت عن استدراك الذهبي واكتفى بتصحيح الحاكم .
• وحكى الحافظ ابن حجر أن بعضهم ذكر أن الحاكم حصل له تغير وغفلة في آخر عمره ، ويدل على ذلك أنه ذكر جماعة من الضعفاء وقطع بترك الرواية عنهم ومنع الاحتجاج بهم ثم أخرج أحاديث بعضهم في مستدركه وصححها ، من ذلك أنه أخرج حديثاً لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وكان قد ذكره في الضعفاء فقال انه روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا تخفى على من تأملها . . . " ( ) .
• بل قد وصف الحافظ ابن حجر هذا الحديث بأنه " خبر باطل " كما في اللسان ( 3 /442) ترجمة رقم (4815) وضعّفه البيهقي في دلائل النبوة ( 5 / 489 ) وصرح السيوطي بضعف الحديث في مناهل الصفا في تخريج أحاديث ( الشفا ) ( ) والزرقاني في شرح المواهب (1/ 76) وابن كثير في (البداية والنهاية ) ( 2 / 323 ) وملا علي القاري في شرح الشفا ( 1/215 ) والشهاب الخفاجي في شرح الشفا ( 2 / 242 ) وذكر الحافظ عن الحاكم وأبى نعيم أن عبد الرحمن بن زيد هذا كان يروي الأحاديث الموضوعة عن أبيه. وقال ابن الجوزي " أجمعوا على ضعفه " وقال ابن حبان ( كان يقلب الأخبار ) وقال ابن سعد "ضعيف جدا " ( ) . فخذه أيها الحبشي حيث حفاظ عليه نصوا .
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-24-2015, 10:32 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

• رواية : استسق لأمتك
• عن مالك الدار " أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي ïپ¥ فقال يا رسول الله ستسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل في المنام فقيل له : ائت عمر فأقرئه السلام وأخبره أنكم مسقون وقل له عليك الكيس الكيس " .
1) فيه اضطراب : مالك الدار مجهول الحال ، إذا شهدنا له بالثقة لم نشهد له بالضبط .
2) وأما ما جاء في رواية سيف بن عمر الضبي أن الرجل هو بلال بن الحارث فهذا مردود : فإن سيفاً هذا زنديق بشهادة نقاد الحديث وكان يضع الأحاديث . قال ابن أبي حاتم "ضعيف " (الجرح والتعديل 4/278) " ورماه ابن حبان والحاكم بالزندقة " (تهذيب التهذيب 4/295) .
3) أن الرواية ليست متواترة ، وقد عاهد الأشاعرة ألا يأخذوا بالآحاد في العقائد .
4) أن البخاري اقتصر على قول عمر (ما آلو إلا ما عجزت عنه) (التاريخ الكبير 7/304 رقم 1295) ، ولم يذكر مجيء الرجل إلى القبر ، وهذه الزيادة دخلت في القصة وهي زيادة منكرة ومعارضة لما هو أوثق منها مما رواه البخاري في صحيحه في ترك جمهور الصحابة التوسل بالنبي إلى التوسل بالعباس .
5) أوَ يرضى مسلم أن يقول : إن هذا الرجل المجهول كان أشد تعظيما ومحبة لرسول الله ïپ¥ ومعرفة بسنته من عمر الذي أخرج جمهور الصحابة إلى الصحراء ليشهدهم على ترك التوسل بالنبي ïپ¥ فيتوسل بدعاء العباس ويقرونه على ذلك .
6) أن الرواية لم تذكر أن الرجل رأى الرسول ïپ¥ في منامه ، فالرجل مجهول والذي أتاه في المنام مجهول ، وربما كان هاتفاً من الجن .
7) أن المنامات لا تقوم بها حجة في العقائد ، فما لهؤلاء القوم يرفضون الاستدلال بالآحاد في العقائد ولو كان في صحيح البخاري بينما يحتجون بالمنامات لإثبات عقائدهم ؟ !

• رواية الكوة إلى السماء
• أن أهل المدينة قحطوا قحطاً شديداً فشكوا إلى عائشة فقالت : انظروا قبر النبي ïپ¥ فاجعلوا منه كواً إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ، ففعلوا ، فمطروا مطراً حتى نبت العشب وسمنت الإبل حتى تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق .
هذه الرواية منكرة ، فيها :
ا) أبو النعمان محمد بن الفضل . اختلط ( ) .
2) عمرو بن مالك النكري قال فيه ابن عدي "حدث عنه عمرو بن مالك قدر عشرة أحاديث غير محفوظة " والنكري ضعيف عند البخاري ( )
3) أوس بن عبد الله (أبو الجوزاء) قال البخاري " في إسناده نظر " ( ) .
4) سعيد بن زيد ، فيه ضعف ،ضعفه الدارقطني وأبوحاتم والنسائي والجوزجاني والبزار وقال أحمد لا بأس به ، وقال ابن حبان : " كان صدوقاً حافظاً يخطئ في الإخبار ويهم حتى لا يحتج به إذا انفرد " ( ) .
وعلى فرض صحة سندها فإنها معارضة للروايات الأصح منها سنداً والتي أفادت ترك الصحابة التوسل بالنبي ïپ¥ بعد موته وخروج عمر إلى الصحراء وتوسله بدعاء العباس .
• حديث " إن الله وملائكته يصلون على أصحاب العمائم " ( ) موضوع قاله ابن الجوزي في (الموضوعات 2/27) وفيه أيوب بن مدرك . قال ابن معين (كذاب) وقال الحافظ في (التلخيص 2/ 70) ضعيف .
• حديث " انتظار الفرج عبادة " ( ) موضوع . فيه عمرو بن حميد ، قال الحافظ ابن حجر في ( لسان الميزان 1917) والذهبي في (ميزان الاعتدال 6356) " ذكره السليماني في عداد من يضع الحديث " وذكر أنموذجاً لموضوعاته وهو نفس الحديث " انتظار الفرج عبادة " .
• حديث " أوحى الله إلى عيسى : آمن بمحمد ، فلولاه ما خلقت آدم ولولاه ما خلقت الجنة والنار " ( ) صححه الحاكم (2/614) وتعقبه الذهبي فقال " أظنه موضوعاً " وفيه عمرو بن أوس الأنصاري قال الذهبي في الميزان 6330) " يُجهل حاله وأتى بخبر منكر" ثم ساق هذا الحديث . وأقر الحافظ الذهبي على ذلك في (اللسان4/408 ترجمة رقم 6248) .
• حديث " من زار قبري وجبت له شفاعتي " ( ) ، فإنه يحيلك إلى موضع الحديث لكنه لا يحكم عليه لأنه يعلم أنه لم يصح ، فهذا الحديث مروي من طريق موسى بن هلال العبدي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر . وهو ضعيف وتجتمع فيه علل عديدة منها جهالة موسى بن هلال هذا . قال النووي "رواه الدارقطني والبيهقي باسنادين ضعيفين المجموع 8/272. قال أبو حاتم : " مجهول " وقال العقيلي " لا يُتَابع على حديثه " وقال ابن عدي " أرجو أنه لا بأس به " . قال الذهبي : هو صويلح الحديث ، وأنكر ما عنده حديثه عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله ïپ¥ " من زار قبري وجبت له شفاعتي " كذا قاله الحافظ ( ) وأشارا كلاهما وابن خزيمة وغيرهم إلى الاضطراب في الرواية عن عبد الله بن عمر أو عن عبيد الله بن عمر . ونقل عنه الحافظ قوله " أن الثقة لا يروي هذا الخبر المنكر . ونقل عن العقيلي أنه لم يصح في هذا الباب شيء " ثم أكد الحافظ بنفسه أن طرق هذا الحديث كلها ضعيفة وأن أصح شيء في هذا الباب هو حديث " ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله روحي حتى أرد عليه السـلام " (التلخيص الحبير 2/267 ) ( ).
ومع ذلك يأبى الأحباش إلا تصحيح الحديث ولم يأخذوا بكلام الحافظ ابن حجر بل قدموا عليه هذه المرة السبكي الذي يدل كتابه (شفاء السقام) على مرتبته في الحديث ( ) .
• ومجرد تصحيح هذه الأحاديث الضعيفة إنما هو طعن في أئمة هذه الأمة ومنهم الإمام مالك ، فقد قال الحافظ في الفتح " أما مالك فقد كان رحمه الله يكره أن يقول الرجل : زرت قبر النبي ïپ¥ " . ونص عليه القرافي في الذخيرة والزبيدي في شرح الإحياء أن دليل مالك قوله ïپ¥ " اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ( ) .
وهذا أعظم دليل على أن مالكاً لم تصح عنده أحاديث الحث على زيارة قبر النبي ïپ¥ إذ لو صحت لما تجرأ أن يقول " أكره أن يقال زرت قبر النبي " .
• حديث " من حج ولم يزرني فقد جفاني " ( ) . قال الذهبي : موضوع (ميزان الاعتدال رقم9095) وذكره ابن الجوزي في الموضوعات (2/217) واعترف الحبشي بوضعه ومع ذلك احتج به .
• حديث " هي المانعة هي المنجية " أي سورة تبارك ( ) فيه يحيى بن عمرو النكري رماه حماد بن زيد بالكذب وضعّفه أبو داود وقال الحافظ في التقريب " ضعيف " (رقم 7614) وذكر الذهبي من مناكيره هذا الحديث (الميزان رقم 9595 ) .
• حديث " اقرأوا يس على موتاكم " ( ) واحتج بتصحيح ابن حبان تاركاً وراءه تضعيف الحفاظ الآخرين . وأنت تعلم تساهل ابن حبان في التصحيح .
وهذا الحديث قد اجتمعت فيه علل عديدة كما بيّنه الحافظ ابن حجر في التلخيص ، منها :
ا- جهالة أبي عثمان 2- جهالة أبيه 3- الاضطراب : فقد أعله ابن القطان بذلك . وقال الدارقطنى هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن ولا يصح حديث في الباب ( ).
فليس من خدمة الحديث تجاهل حقيقة ضعف الحديث لمجرد موافقته للهوى والمذهب . إذ من يفعل ذلك لا يجوز أن يشاع عنه بأنه خادم الحديث وسلطان العلماء ومحدث العصر !
• حديث " يس قلب القرآن ... " ( ) . وطرفه " البقرة سنام القرآن " (المسند 5/26) وهذا إسناد ظاهر الضعف ، وفي الإسناد ما يلي : " عن رجل عن أبيه " !! فمن هو هذا الرجل ومن هو أبوه ؟ لعله أبو عثمان غير النهدي وأبوه كما في الحديث السالف وكلاهما مجهول الحال .
• حديث " ليهبطن عيسى بن مريم حكماً ... " احتج به الحبشي ( ) وهو عند مسلم ، ولكن الجزء الأخير منه (وليأتينّ قبري) عند الحاكم (2 / 595 ) صححها ووافقه الذهبي . وفيها ثلاث علل :
الأولى : جهالة عطاء قال عنه الذهبي (لا يُعرَف تفرّد عنه المقبري) .
الثانية : عنعنة ابن إسحاق ، فإنه مدلس مشهور بذلك .
الثالثة : الاختلاف عليه في إسناده كما بين ابن أبي حاتم في العلل (2 / 413 ) حين سأل أبا زرعة عن سند الحديث فأشار عليه بالرواية الصحيحة التي ليس فيها الزيادة التي عند الحاكم (وليأتينّ قبري) ( ) ، وقد صدق ابن تيمية حين ضعّف رواية الحاكم .
• حديث " لا ينبغي للمطي أن تُعمَل" ( ) فيه شهر بن حوشب صدوق كثير الأوهام كما في التقريب (2830) خالف الروايات الأخرى الصحيحة.
• حديث " من صلى عليّ عند قبري سمعته " ( ). موضوع كما قال ابن الجوزي في (الموضوعات 1 / 303 ) . فيه محمد بن مروان : متهم بالكذب كما عند الحافظ في (التقريب 6284) وعند ابن أبي حاتم (الجرح والتعديل رقم 364) كذاب متروك الحديث لا يُكتَب حديثه ألبتة "
وأعجب من المتعصبين الضالين الذين يتجاهلون قوله تعالى { وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ } { إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ } ثم يميلون عن كلام الله إلى روايات مكذوبة لم يجهلوا قول أهل الجرح والتعديل في وصف راويها بأنه كذاب وضّاع ! يزعمون أنه لا يجوز في العقائد إلا خبر ما كان متواتراً ، بينما يتمسكون بروايات الكذابين ويطعنون في خبر الـواحد الذي رواه البخاري ومسلم !
• أن النبي أتي ببرد قطري فوضعه على يده . رواه أبو داود في مراسيله . والمراسيل لا تقوم بها حجة فضلاً عن أن يعارض بها ما هو أصح وأصرح منها كحديث عـائشة عند البخاري ( إني لا أصافح الناس ) .
• وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... وهو قول محكي عن أبي طالب يحتج به من لم يجدوا في الكتاب والسنة ما يدعمون به حجتهم ، ولذا يسلم عليكم أبو طالب ويقول : خذوا عني عقيدتكم .
وهل كان الصحابة يستسقون بوجهه ؟ أم أن ذلك قول لأبي طالب تذكره صحابي ولم يثبت عن أحد من الصحابة فعله . بل تركوا التوسل بالنبي ïپ¥ وتوسلوا بالعباس بعد موته ؟ لماذا لا تقولون الصحابة وهابيون ؟
وأختم بالإشارة إلى رواية طويلة حول مولد النبي ïپ¥ مليئة بالخرافات لا أستطيع سردها هاهنا خشية الإطالة ، فابحث عنها في فصل بدعة المولد ( ) وانظر إلى آثار القصاصين القدامى وناشري الخرافة وزخرف القول .


أما بعد يا خادم علم الحديث

فانظروا إلى خادم علم الحديث وهو يروي أنكر الأحاديث وأكذبها ، ويخالف بها ما ثبت في القرآن بأن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه هي { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } ( الأعراف 23 ).
ولو كان توسل آدم بنبينا ïپ¥ هو الكلمات التي تلقاها من الله فما معنى ترك الصحابة للتوسل كقول عمر " كنا إذا أجدبنا توسلنا بنبيك " ألم يكونوا يفقهون القرآن ؟
وقد ذكر علماء علوم الحديث أن من علامات وضع الحديث مخالفته للقطعي من النصوص . وهذا ما أشار إليه ابن كثير فذكر مخالفة هذه الرواية المكذوبة المنكرة للآية الكريمة ( ) . فأين قال آدم هذا الكلام المكذب لكلام الله ؟
ثم إن الحبشي يستدل بموافقة الذهبي لتصحيح الحاكم للحديث وإن كان ضعيفاً إن كان ذلك موافقاً لهواه ، ويسكت عن اعتراضه على تصحيح الحاكم للحديث إذا وافق ذلك هواه وإن كان الحديث ضعيفاً . ولذلك استدل بتصحيح الحاكم لحديث " ليهبطن ابن مريم .. " ثم قال : ووافقه الذهبي ، مع أن الحديث قد اجتمعت فيه ثلاث علل تكفي الواحدة منها لتوهينه وتضعيفه ( ).
أنه قال " وعزاه له الهيثمي " وسكت عن قول الهيثمي فى الحديث " وفيه من لا أعرفه ". وهذه ليست طريقة أهل الحديث ولا خدامه وإنما هي طريقة أهل الأهواء الذين تميل نفوسهم مع الروايات الضعيفة لمجرد موافقتها أهواءهم وعقائدهم الفاسدة . وإلا فكيف يشترط تعقب الذهبي على الحاكم ثم هو يسكت ههنا عن حديث موضوع مكذوب لمجرد أنه يوافق هواه في التوسل وهذا دليل على أنه ليس طالب حق . فإن من سمات أهل الحديث التجرد في تخريج الحديث بصدق ولو كان يخالف المذهب ، وهذا ما تحلى به الحافظ ابن حجر والنووي وغيرهما .


بضاعته في الحديث فاسدة

• كان يجدر بالحبشي أن يكون خادمة للحديث أميناً فلا يروي إلا الصحيح ، لقد انتقد الحبشي الحافظ الذهبي ( ) واتهمه بالتساهل في رواية الحديث وأنه يأتي بأحاديث غير ثابتة وآثار من كلام التابعين من غير تبيين من حيث الإسناد والمتن ( ) .
ولكن الذي أطلعتك عليه يكشف أنه هو الذي يجتهد في تصحيح الضعيف بالحيلة تارة وبالسكوت عن العلل والقوادح تارة أخرى ، ويتكتم على ضعف ما لم يستطع تصحيحه .
ويحتج بمن حسّنه مع علمه بضعفه ، ويكثر الرواية عن روايات الشيعة التي تطعن في الصحابة أمثال المسعودي صاحب كتاب مروج الذهب وسيف بن عمر وهشام الكلبي ولوط بن يحيى الكوفي وغيرهم ممن حذر أئمة الجرح والتعديل من الرواية عنهم لما فيهم من الكذب والغلو والتشيع كقول ابن عدي في لوط بن يحيى " شيعي محترق له من الأخبار ما لا أستحب ذكره " وقول الحافظ ابن حجر " إخباري تالف لا يوثق به " وقول الرازي " ليس بثقة ، متروك الحديث " ( ) .
لكن الحبشي تعلق بهؤلاء الرواة ووجد فى رواياتهم الكاذبة ما يشفي غليله من صهر رسول الله ïپ¥ معاوية ( ). وهذه ليست طريقة أهل السنة وإنما هي طريقة أهل الضلالة والزيغ
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-24-2015, 10:33 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الاختلاف بين التوسل والتبرك

التوسل يختلف اختلافاً بيناً عن التبرك . ومن سوى بينهما فقد ارتكب خطاً شنيعاً .
- فالتبرك : هو التماس ما يرجى به الخير الدنيوي فحسب .
- أما التوسل فإنه ما يرجى به الخير الدنيوي والأخروي معاً ويكون بدعاء المتوسل به لا بذاته .
- التوسل لا يكون إلا بدعاء .
- التوسل يجوز فيه دعاء الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا .
- أما التبرك فليس من العقل ولا من الدين أن يتوسل إلى الله بأثر أحد من الناس ، كأن يقول القائل : اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بشعرة نبيك أو ببصاقه أو بحذائه أو ببوله ... أن تغفر لي وترحمني. ومن يفعل ذلك فإنه يعرض نفسه ليشك الناس في عقله .
- أن الصحابة ما فهموا من التبرك التوسل . ولو كان التوسل والتبرك بمعنى واحد فنقول هذا فيه حجة عليكم إذ يصير معنى قول عمر في حادثة القحط " كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبيك " فهذا يفيد إذن أنهم تركوا التبرك به بعد موته وتبركوا بعمه العباس .







التوسل إلى الله ببركة الولي

إن لفظ البركة يطلقه أهل البدع ويريدون به شيئاً مخالفاً لما كان عليه السلف الصالح . فيعتقدون أن التبرك هو مس جسد الولي أو جدار قبره . وقد روى البخاري (5444) عن ابن عمر قال : قال رسول ïپ¥ " إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم ". وجاء بنحوه عند مسلم .
فمع أن المسلم بركة ما أمرنا أن نتبرك بكل مسلم بحجة أن رسول الله ïپ¥ وصفه بأنه بركة وإنما البركة هنا بركة عمله والخير الذي يثمر من عمله أينما كان .
وقد قال أسيد بن حضير لأبي بكر رضي الله عنه " ما هي أول بركتكم يا آل أبي بكر" وقالت عائشة رضي الله عنها لما تزوج النبي ïپ¥ جويرية بنت الحارث " فما رأيت امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها " ( ) فلم يفعل أسيد بأبي بكر ما كانوا يفعلونه برسول الله من الاحتفاظ بشعره .
وبركة الصالحين تكون بمجالستهم والاستفادة من علمهم كما في حديث الملائكة الذين يطوفون يلتمسون مجالس الذكر. وفيه قوله تعالى لهم : " أشهدكم أني قد غفرت لهم " فيقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة . فيقول الله " وله قد غفرت ، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم " فهذا العبد الخطاء شملته المغفرة ببركة مجالسة الصالحين .
وأما طلب بركة غير الذوات فيختلف باختلاف أنواعها : فطلب بركة السحور تكون بالتسحر ، وطلب بركة ماء زمزم تكون بشربه ، وطلب بركة المسجد الحرام تكون بالصلاة فيه .
وأما قول القائل : اللهم إني أسألك ببركة فلان فقد صرح أهل العلم أن هذا القول لا معنى له وهو من الألفاظ الموهمة ، ويحتمل أن يكون شركاً أو بدعة على أقل تقدير . وقد نهانا الله عن الألفاظ الموهمة بقوله { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا } وهو غير منقول عن السلف في ألفاظ الدعاء ، والدعاء عبادة ، ومبنى العبادات على النقل الشرعي .

ما الحكمة من إجازته ïپ¥ للتبرك ؟

ولقد رأى النبي ïپ¥ أصحابه وهم يقتتلون على وضوئه ويتبركون بآثاره وكان ذلك كما أشار الألبانى لغرض مهم حيث هال قريشاً ما رأته من شدة حب الصحابة لنبيهم ïپ¥ مما لم تكن تراه من قبل أبداً ، ومما يقطع بأنه نبي .
غير أنه ïپ¥ عمد بعد ذلك إلى صرف أصحابه بحكمة ولين عن هذا التبرك وأرشدهم إلى أعمال صالحة هي خير لهم من ذلك .
فعن عبد الرحمن بن أبي قراد أن النبي ïپ¥ توضأ يوماً ، فجعل أصحابه يتمسحون بوضوئه ، فقال لهم " ما يحملكم على هذا ؟ " قالوا : حب الله ورسوله.
فقال " من سره أن يحب الله ورسوله – أو يحبه الله ورسوله – فليصدُق حديثه إذا حدث ، ولْيؤدّ أمانته إذا اؤتمن ، ولْيُحسن جوار من جاوره " ( ).

التبرك بذات الأنواط تأليه لها

وكان الصحابة في حداثة عهدهم بالإسلام رأوا المشركين يعلقون سيوفهم عند شجرة يظنون البركة تحل بها، فقالوا للنبي ïپ¥ اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال " قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى { اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ } الأعراف 138، إنها السنن لتركبُنّ سنن من كان قبلكم " ( ).
والصحابة ما أرادوا من اتخاذ الشجرة عبادتها : وإنما أرادوا حصول البركة لسيوفهم ، ومع ذلك اعتبر النبي صلى ïپ¥ هذا النوع من التبرك تأليهاً لغير الله ومشابهة لبني اسرائيل { اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } وإن كانوا يقولون لا إله إلا الله . وأقسم النبي على أن مقالتهم كمقالتهم سواء بسواء . فالصحابة لم يسموا ذلك عبادة ولكن الرسول سماه عبادة وتأليهاً ، ولم يقل لهم لا بأس لا يضركم ذلك ما دمتم تقولون لا إله إلا الله !!
فإذا كان اتخاذ الشجرة لتعليق الأسلحة تبركاً : اعتبره رسول الله ïپ¥ تأليهاً لغير الله مشابهاً لقول بني إسرائيل ، مع أن الصحابة ما طلبوا ذات الأنواط ليعبدوها ولا ليسألوها مع الله ، أليس تحريم شرك القبور من باب أولى حين يعتقد الأحياء أن الأموات متصرفون في قبورهم وأن قبورهم هي الترياق المجرب ؟ وإذا كانت الفتنة تحصل في شجرة فما بالك في قبر يعتقد الجهال أن صاحبه يأكل ويشرب فيه بل يخرج منه ليغيث البشر ويقضي حوائجهم ؟
وكان النبي ïپ¥ ينهى عن اتخاذ القبور مساجد ويصف الذين اتخذوا قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد بأنهم شرار الخلق عند الله ، قاله إنذاراً لأمته لا لمجرد الحكاية عن قوم هلكوا وكفروا ، وجاء الإنذار الثاني مباشرة لهذه الأمة أنه سيكون فيها من يلتحق بشرار أولئك فقال " لا تقوم الساعة حتى يلحق أقوام من أمتي بالمشركين ويعبدون الأوثان " لا سيما وأن أصل الأوثان القبور.
قال الحافظ " وقصة الصالحين كانت مبتدأ عبادة قوم نوح لهذه الأصنام ، ثم تبعهم مَن بعدهم على ذلك " وذكر أنهم كانوا يتبركون بدعاء سواع وغيره من الصالحين . فلما مات منهم أحد مثَّلوا صورته وتمسحوا بها . فعبدوها بتدريج الشيطان لهم ( ) .
فهل يُعقل أن ينهى نبينا ïپ¥ عن التبرك بالشجرة ويشبّه قول من قال (اجعل لنا ذات أنواط) بقول اليهود ( اجعل لنا إلهاً ) ثم يجيز التبرك بالقبور ؟
وبناء على هذا الحديث فنحن نسمي استغاثتكم بأصحاب القبور عبادة وتأليهاً لها من دون الله . قلتم والذي نفسي بيده ما كان يقوله قوم نوح لأصنامهم : مدد يا ودّ ، مدد يا سواع ، مدد يا يغوث ، مدد يا يعوق ، مدد يا نسر .


الإسلام يهتم بسد ذرائع الشرك

وبهذا تعلم أن أصل الشرك سببه التبرك بالقبور، ولهذا كان ïپ¥ ينهى عن أن يُجصّص القبر وأن يقعد عليه ( وفي رواية) " وأن يكتب عليه " ( ) .
وكان قد نهى أول الأمر عن زيارة القبر ، ثم أذن بعدما بيّن أصل سبب الزيارة " ألا فزوروها فإنها تذكّر الآخرة " ولم يقل فإن بها قضاء الحوائج ، ولا قال بأن منها ما هو الترياق المجرّب ؟ وإنما منعت أولاً ليبرأ الناس من مرض اعتقاد الترياق في القبور .
وإنما صحت الأحاديث على مشروعية زيارة القبور عامة لفائدة تذكر الآخرة والدعاء للميت . وإذا كنا في جنازة دعونا للميت - وليس دعونا الميت - وشفعنا له - ولم نستشفع به - وهذا نفعله بعد دفنه من باب أولى .
فبدل أهل البدع قولاً غير الذي قيل لهم فبدلوا الدعاء له بطلب الدعاء منه لأنفسهم والترحم عليه بطلب الترحم منه ، وصاروا يطلبون أمور الدنيا ممن خرجوا من الدنيا وحال الموت بينهم وبين ما يشتهون .
وكان ينهى عن الصلاة في المقبرة ، وينهى عن الصلاة بعد الفجر وبعد العصر سداً لذريعة الشرك ، وحتى لا يحصل التشبه بعبّاد الشمس ولو من دون قصد :
فالنهي عن اتخاذ القبور مساجد أولى بالنهي لأن النبي ïپ¥ أخبر أن هذا حال اليهود والنصارى استحقوا به اللعنة . ولهذا قال الشيخ محمد يحيى الكاندهلوي الحنفي " وأما اتخاذ المساجد فلما فيه من التشبه باليهود واتخاذهم مساجد على قبور أنبيائهم وكبرائهم ، ولما فيه من تعظيم الميت وشبه بعبدة الأصنام " ( ).
وقال ابن قدامة المقدسي " لأن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها ، وقد روينا أن ابتداء عبادة الأصنام : تعظيم الأموات باتخاذ صُوَرهم ومسحها والصلاة عندها " ( ) .
ولذلك كانوا من بعده ïپ¥ يقطعون ذرائع الشرك ووسائله . ويتمثل ذلك حين رأى عمر قوماً يتناوبون مكاناً يصلون فيه فقال : ما هذا ؟ قالوا مكاناً صلى فيه رسول الله قال : أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد ، إنما هلك من كان قبلكم بهذا . من أدركته فيه الصلاة فليصل وإلا فليمض ( ) وبلغه أن أناساً يأتون الشجرة التي بويع عندها النبي ïپ¥ فأمر بها فقُطِعتْ " ( ) .
* وعن ابن عمر قال " رجعنا من العام المقبل فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها ، كانت رحمة من الله " ( ) وقد بحث عنها أناس في زمن سعيد بن المسيب أثناء ذهابهم للحج فقال لهم سعيد " حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله ïپ¥ تحت الشجرة قال : فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها " وفي رواية " فعميت علينا "وفي رواية " ثم أنسيتُها بعد فلم أعرفها ". قال سعيد للحجيج الباحثين عنها : " إن أصحاب محمد ïپ¥ لم يعلموها وعلمتموها أنتم ؟ " ( ) .
قال الحافظ في الفتح " وبيان الحكمة في ذلك وهو أن لا يحصل بها افتتان ، فلو بقيت لما أمن تعظيم بعض الجهال لها حتى ربما أفضى بهم إلى اعتقاد أن لها قوة نفع أو ضر كما نراه الآن مشاهداً فيما دونها ، وإلى ذلك أشار ابن عمر بقوله " كانت رحمة من الله " ( )
وكيف لا يفعل عمر ذلك وقد غضب النبي ïپ¥ ممن طلبوا منه أن يتخذ لهم ذات أنواط وهي شجرة كان يعلق المشركون سيوفهم عليها للتبرك فقال " قلتم والذي نفسي بيده كما قال بنو إسرائيل لموسى { اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ }.
وهكذا لا زال الصحابة يسدون ذرائع الشرك ويقطعون على الخلق وسائله.
فهذا فعل الخليفة الراشد ممن أوصى الرسول ïپ¥ باتباع سنتهم ، وهو الذي قال فيه الرسول ïپ¥ " إن الله عز وجل جعل الحق على لسان عمر" ( ).
قال يحيى بن معين : حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكره مس قبر النبي ïپ¥ . رواه أبو الحسن علي بن عمر القزوينى في أماليه والحافظ الذهبي أن ابن عمر كان يكره مس قبر النبي ïپ¥ ( ) .
استحباب زيارة قبر النبي ïپ¥

ومع اعتقادنا بأن زيارة قبر النبي ïپ¥ مشروعة ومستحبة خلافاً لما يشيعه الآخرون فإننا نؤكد بأنه لم يصح عنه ïپ¥ حديث في الحث على زيارة قبره ، ومن شاء فليرجع إلى (التلخيص الحبير2/266) للحافظ ابن حجر وتخريج الحافظ العراقي على (الإحياء 1/258) وغيرهم ممن لم يصححوا هذه الأحاديث المحرضة على زيارة قبر النبي ïپ¥ مثل حديث " من زار قبري وجبت له شفاعتي " الذي يكثر الأحباش من الاحتجاج به ( ) . وذكر الشيخ محمد بن درويش الحوت ضعف الحديث في (أسنى المطالب ص 434) .
وهذا الحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى درجة الكذب عليه ïپ¥ فإنه لم يصح منها شيء . ولا يجوز العمل بها مع الإعراض عن الحديث الصحيح عن رسول الله ïپ¥ أنه قال " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا " ولم يقل : وقبري هذا " . والحديث نص في تحريم شد الرحال إلى القبور ( ) .
هل حرم ابن تيمية زيارة القبور؟
• وقد اتهم السبكي ابن تيمية بأنه يحرم زيارة قبر النبي ïپ¥ مع علمه أنه يحرم شد الرحال إليه ولا يحرم مجرد الزيارة ، فقد أكد أن زيارة المسجد النبوي الشريف ( ثم ) زيارة القبر النبوي عمـل صالح ومستحب ( ) .
جل ما في الأمر أنه يفرّق بين الزيارة الشرعية وبين الزيارة البدعية التي تتضمن إما السفر من أجل القبر وإما المخالفات التي يرتكبها الناس عند القبر من تقبيل الجدران والاستغاثة به ïپ¥ أو طلب أن يكشف لهم ضراً أو يقضي لهم حاجة . وحصول الخشوع والإقبال على الدعاء لمجرد الوقوف عند القبر بما لا يحصل لهم عادة في المسجد أو أثناء الصلاة ، واعتقاد حياة وسمع وبصر المقبور فيأتون القبر لنيل ما عند صاحبه من بر وإحسان ، وهو أعظم فتح لباب الشرك . وهو أصل عبادة الأصنام .
قال ابن تيمية ( ) " فالزيارة الشرعية مقصودها السلام على الميت والدعاء له ، سواء أكان نبياً أو غير نبي ، ولهذا كان الصحابة إذا زاروا قبر النبي ïپ¥ يسلمون عليه ، ويدعون له ثم ينصرفون ، ولم يكن أحد منهم يقف عند قبره ليدعو لنفسه " .
وقال " وقد اتفق العلماء على أن من زار قبر النبي ïپ¥ أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين من الصحابة وأهل البيت أنه لا يتمسح به ولا يقبله ، بل ليس في الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيلها إلا الحجر الأسود ، وقد ثبت في الصحيحين أن عمر رضي الله عنه قال " والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله ïپ¥ يقبلك ما قبلتك " ولهذا لا يسن باتفاق الأئمة أن يقبل الرجل أو يستلم ركني البيت ولا مقام إبراهيم ولا صخرة بيت المقدس ولا قبر أحد من الأنبياء والصالحين " فهذه هي الزيارة البدعية وهي من جنس دين النصارى وهو أن يكون قصد الزائر أن يستجاب دعاؤه عند القبر أو أن يدعو الميت أو يقسم به على الله في طلب حاجاته وتفريج كرباته ، فهذه من البدع التي لم يشرعها النبي ïپ¥ ولا فعلها أصحابه " .
قال " وأما زيارة القبور المشروعة فهو أن يسلم على الميت ويدعو له بمنزلة الصلاة على جنازته كما كان النبي ïپ¥ يعلّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا سلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين ... " ( ) .
لم يكن أحد من السلف يأتي إلى قبر النبي ïپ¥ لقصد الدعاء ، وإنما كانوا يسلمون على النبي ïپ¥ وصاحبيه ويمضون . وهذا المحفوظ عن مالك فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في " المبسوط " قال " لا أرى أن يقف عند قبر النبي ïپ¥ ولكن يسلم ويمضى " ( ) .
وهذا لا يعني تحريم زيارة قبر النبي ïپ¥ وإنما تحريم السفر من أجله تمسكاً بالحديث . ويجب التفريق بين مجرد زيارة القبر وبين شد الرحال خصيصاً إليه كما يفعله الشيعة .
وأما أن يُقصد بالزيارة سؤال الميت أو الاستمداد الروحاني من سلسلة المشايخ كما يزعم الصوفيون من نقشبنديين وغيرهم كأن يتلقوا البيعة من مشايخهم الأموات عند قبورهم ويحدث الاتصال الروحاني بين قلب الزائر وبين قلب الميت فهذا لم يكن فعل السلف . وإنما الثابت عنهم ترك ذلك والزجر عنه. فقد توسل عمر بدعاء العباس لما مات رسول الله صلىïپ¥ . ثم ما يدريهم صلاح الميت وولايته فقد قال إمام الصوفية في زمانه عبد الوهاب الشعراني " كم من قبر يزار وصاحبه في النار " .




منهجية السبكي في رد ابن تيمية

غير أن السبكي لم يلتفت إلى تفريق ابن تيمية وكتب كتاب " شفاء السقام في زيارة خير الأنام " مع أنه نقل فيه عنه التفريق بين الزيارة البدعية والزيارة الشرعية ( ) .
ويا ليت السبكي يكتب هذا الكتاب ، فقد ملأه بالموضوع والمكذوب من الروايات ، فكشف بكتابه هذا عن مدى علاقته بفن الحديث . ودافع الحبشي بدوره عن هذه الروايات بتعصب وانحراف بالغين ( ) .
وقد اقترح السبكي أن يسمي كتابه " شن الغارة على من أنكر الزيارة " لكن سلاحه لا يصلح لشن الغارة لأنه ضعيف لم يزد خصمه إلا رسوخاً وثباتاً فضلاً عن أن زعمه أن خصمه أنكر الزيارة هو ظلم كبير لا سيما إذا علم أن لابن تيمية كتاباً اسمه " الرد على البكري واستحباب زيارة قبر خير البرية ".
وقد رد الحافظ ابن عبد الهادي على كتاب السبكي المذكور قائلا " أما بعد فإني وقفت على هذا الكتاب فوجدته كتاباً مشتملاً على تصحيح الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، وتقوية الآثار الواهية والمكذوبة ، وعلى تضعيف الأحاديث الصحيحة الثابتة " ( ) .
ويكفي اليوم في الرد على السبكي : مجرد تخريج الأحاديث التي حشاها في كتابه ليتعرّف المنصف على صدق كلام ابن عبد الهادي وعلى ضعف السبكى في علم الحديث ، وعلى تعصبه وعدم إنصافه لابن تيمية ، ولنذكر بعضاً من هذه الأحاديث من غير توسع في تخريجها :
- " من زار قبري وجبت له شفاعتي " ( ) .
- " من جاءني زائراً لا يعمله حاجة إلا زيارتي كان حقاً على الله أن أكون له شفيعاً " ( ) .
- " ما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر" ( ).
- " من لم يزر قبري فقد جفاني " ( ).
- " من حج فزار قبري بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي " ( )
قال الشيخ محمد بن درويش الحوت في (أسنى المطالب ص 429) " رواه البيهقي وفيه حفص القارئ رمي بالكذب "
- " من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني " ( ). قال الشيخ محمد بن درويش الحوت في (أسنى المطالب ص 467) " لا يصح " .
وتعجب كيف يمكن أن يقول الرسول ïپ¥ هذا وهو الذي صح عنه أنه قـال " لا تجعلوا قبري عيداً وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم " . وكيف يسأل ربه أن لا يجعل قبره وثناً ثم يأمر بشد الرحال إليه بل يوبخ من لا يفعل ذلك ويصفه بالمجافاة ؟!
" من زارني إلى المدينة كنت له شفيعاً وشهيداً " ( ).
" من زارني متعمداً كان في جواري يوم القيامة " ( ).
" من زارني بعد موتي فكأنما زارني وأنا حي " ( ). قال الشيخ محمد بن درويش الحوت في (أسنى المطالب ص 435) (رواه الدارقطني وفي سنده مجهول " . فهذا اعتراف من واحد من المشايخ المعتبرين عند الأحباش فاعتبروا يا أولي الأبصار .
فهذه الروايات الضعيفة التي تحث على اتخاذ القبور مساجد تتعارض مع الروايات الصحيحة الناهية عن اتخاذ القبور مساجد كحديث " لا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " .
وليس شيء من هذه الأحاديث صحيحاً حتى تكون شفاء للسقام وإنما هي بين موضوع وضعيف جداً فكيف تكون شفاء للسقام ، بل هذا السقم نفسه كان رأس مال السبكي في رده على صحاح البراهين التي احتج بها ابن تيمية ، ولم يستطع مناقضته ولا بحديث واحد صريح صحيح ، لأنه لا يوجد .
فالسبكي يعلم أن أسانيد هذه الروايات على كثرتها لا تنهض بحجة فلذلك يعمد إلى تدعيمها بالحكايات والمنامات التي هي من مصادر التشريع الصوفي فيزعم مثلاً أن رجلاً رأى رسول الله ïپ¥ في منامه فقال له : يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك ويسلمون عليك أتعلم سلامهم ؟ قال : نعم وأردّ عليهم " . هكذا يجد السبكي في المنامات فقط ما يتلاءم ومذهبه .
فائدة مهمة : استعرض الحافظ ابن حجر أحاديث الحث على زيارة قبر النبي ïپ¥ وضعفّها كلها وقال " طرق هذا الحديث كلها ضعيفة " ونقل عن ابن خزيمة أنه لم يصح شيء في هذا الباب . فخذه أيها الحبشي حيث حافظ عليه نص .
هكذا يشاء الله أن يفضح أهل الباطل الذين اتهموا ابن تيمية بأنه حرّم زيارة قبر النبي ïپ¥ وأنه حرّف أحاديث رسول الله ïپ¥ فزعم أن أحاديث الزيارة كلها كذب " (منار الهدى 20/28) . فماذا يقولون في تضعيف الحافظ ابن حجر لكل روايات الزيارة ؟
رواية (( لا ينبغي للمطي))

قد عارض الحبشي تحريم شد الرحال المستفاد من هذا الحديث برواية أخرى ونصها " لا ينبغي للمطي أن تُعمل...) ليحمل به النهي عن شد الرحال على الكراهة لا التحريم . وهذا باطل لما يلي :
* أن لفظ (لا ينبغي) اصطلح عليه المتأخرون من أهل الأصول بأنه يُطلق ويراد به الكراهة دون التحريم ولكنه في كلام الله ورسوله ïپ¥ يراد به التحريم أيضاً، ومعناه : لا يكون هذا أبداً .
قال تعالى { وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا } { قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء } فلفظ (ينبغي) يدل أيضاً على التحريم ولو حملناه على الكراهية : لصار اتخاذ ولد مع الله جائزا مع الكراهة . فما جوابكم ؟
وقال صلى ïپ¥ " لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار " . " لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس " " لا ينبغي لصدّيق أن يكون لعاناً ".
* أن هذه الرواية التي احتج بها الحبشي منكرة تفرد بها شهر بن حوشب وهي من أوهامه خالف بها الروايات الصحيحة. قال الحافظ عنه ( صدوق كثير الأوهام ) (التقريب رقم 2830) وقد تساهل الحافظ في تحسين الحديث ، نقول ذلك بناء على ما قرره هو في النخبة من أن من كان كثير الأوهام فحديثه ضعيف لا يحتج به . وقد تقرر في الأصول أن حديث كثير الأوهام لا يحتج به. فليس عجباً بعد هذا أن يحكم صاحب (مجمع الزوائد 4/ 3) على هذه الرواية بالغرابة .
* أنها لو صحت لكانت شاذة لمخالفتها الروايات العديدة الأوثق منها والتي لم يرد في شيء منها هذا اللفظ . وهو حجة على وقوع الوهم في هذه الرواية.
* أنها مخالفة لعمل الصحابة حيث ردوا من أراد شد الرحال لغير المساجد الثلاثة وزجروه عن ذلك .

فقد نهى ابن عمر الذاهب إلى الطور وقال له : [ دع الطور لا تأته ] ، أما علمت أن النبي ïپ¥ قال " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة . . . " ( ).

ولقي أبو هريرة بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال له " من أين أقبلت؟ قال: من الطور حيث كلم الله موسى. فقال أبو هريرة: أما لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجتَ إليه ، سمعت رسول الله ïپ¥ يقول " لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد… " ( ) .

- وهذا يبطل الفهم المبتدع عند الأحباش للحديث زعموا أن معناه " لا فضيلة زائدة في السفر لأجل الصلاة في مسجد إلا السفر إلى هذه المساجد الثلاثة " ( ) .

الجويني سبق ابن تيمية بهذه الفتوى
وممن ذهب إلى تحريمه من أئمة الكلام الأشاعرة الإمام الجويني كما حكاه عنه النووي وابن حجر العسقلاني والزبيدي ( ) . وذكر السبكي أن الجويني كان ينقل عن شيخه الفتوى بمنع شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة وأنه حرام ، وهو الذي أشار إليه القاضي حسين والقاضي عياض في اختياره ( ) .
ونقل السبكي قول القاضي بأن وفاء النذر يلزم لمن نذر شد الرحال إلى المساجد الثلاثة " بخلاف غيرها مما لا يلزم، ولا يلزم شد الرحال إليها لا لناذر ولا لمتطوع بهذا النهي إلا ما ألحقه محمد بن مسلمة من مسجد قباء " ( ) .


الرافضة يمتازون ببدعة الاستغاثة بالأضرحة

وقد بيّن ابن تيمية أمراً مهماً وهو أن أول من وضع الأحاديث المكذوبة في السفر لزيارة المشاهد (أضرحة الأئمة والأولياء) هم أهل البدع الرافضة الذين يعطلون المساجد ويعظمون المشاهد : يتركون بيوت الله التي أمر أن يذكر فيها اسمه ، ويعظمون المشاهد التي يشرك عندها به ، والكتاب والسنة جاءا بتعظيم المساجد لا المشاهد . قال تعالى { وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ } [الأعراف 29] وليس عند كل ضريح أو مقام .
وقال في اقتضاء الصراط المستقيم " وأهل التوحيد يعبدون الله في بيوته التي أذن أن ترفع ويُذكر فيها اسمه : إياه يعبدون ، وبه يستغيثون ويستعينون ، وله يدعون ويسألون . . . وقد زين الشيطان لكثير من الناس سوء عملهم واستذلهم عن إخلاص الدين لله إلى نوع من الشرك ، فيقصدون إلى قبر نبي أو صالح ، داعين له راغبين إليه ، يسألون المقبور الميت كما يسأل الحي الذي لا يموت " .
إجماع شيعي صوفي ومخلفات رافضية
وصدق رحمه الله فإليكم مقالات الروافض الموافقة لعقيدة الأحباش :
قال أحد الروافض " وأما الإجماع عند أصحابنا الإمامية من صدر الإسلام إلى هذا العصر فانهم لم يزالوا مطبقين على استحسان مشاهد الأئمة وتعظيمها.. وأن تقبيل القبر بعد الموت كتقبيل اليد في الحياة " ( ).
وانتقد الطباطبائي الوهابيين لقولهم : لا يجوز بناء القبور وتشييدها فقال " وقالت الإمامية : يجوز بناء القبور للأنبياء والأولياء وتشييدها لأنه من باب تعظيم شعائر الله " ( ) .
وقال محسن الأمين العاملي الشيعي " ومنع الوهابية تعظيم القبور وأصحابها والتبرك بها من لمس وتقبيل لها ولأعتاب مشاهدها وتمسح بها وطواف حولها " ( ) .
وهكذا ترى ابن تيمية مصلحاً بحق ، يرى آثار التشيع بين أوساط أهل السنة في عصره من البكاء عند القبور والتضرع إلى الموتى والاستغاثة بهم وإلقاء الأموال والنذور عند أضرحة الأولياء جعله يقف موقفاًً غيوراً للحد من هذه الوراثة الشيعية ، ومستنده قوي وصحيح وهو حديث ( لا تشد الرحال...) فما هو مستند المخالفين له سوى الأحاديث الضعيفة والموضوعة .
إن قصد القبور للدعاء عندها رجاء الإجابة وكشف الضر أمر لم يشرعه الله ورسوله ، وهو أول شرك وقع فيه البشر .
وما يؤكد ذلك ما تقرأه فى كتب متصوفة الأشاعرة أن فلاناً يُتمرغ ويكتحل بتراب قبره ، وفلان يبتلع شيئاً من تراب قبر الولي على الريق ليحصل له الشفاء ( ) . وفلان يقدس تراب القبور كما قال الحبشي " وأما أخذ شيء من تراب ، لقبر ثم يقرأ عليه سورة القدر سبع مرات ثم يوضع في الكفن أو في القبر خارج الكفن فلا بأس بذلك " ( ) . إنه لا يستطيع أن يقول " مشروع " لأنه لا دليل عليه فالمخرج الأنسب أن يقول " لا بأس به ".

الرفاعية يفضلون قبر النبي على عرشي الرحمن
وذكر الصيادي أن قبر النبي صلى ïپ¥ أفضل من الجنة بل ومن العرش والكرسي ( ) .
• بل ونقل السبكي عن العبدي المالكي أن المسير لزيارة قبرالنبي ïپ¥ أفضل من الكعبة ومن بيت المقدس ( ) . قال الألوسي " وممن نقل ذلك الشهاب الخفاجي في : كتابه طراز المجالس " ( ) أن المتصوفة قد اشتهر عنهم دعاء مخاطبة الموتى والتلقي عنهم وكتبهم مشحونة بذلك . مثاله :
* أن أبا المظفر المنصور أنشد قصيدة عند قبر الشيخ الرفاعي فظهر صوت الرفاعي من القبر يقول له : وعليك السلام ( ) . وأن السيدة نفيسة - صاحبة الضريح - كانت كثيراً ما تكلم أحد المشايخ المتصوفة وهي في قبرها ( ) .
* وأن السيد أحمد البدوي أخرج يده من القبر ووضعها بيد الشعراني ليبايعه ، وكان من شروط المبايعة أن يكون تحت رقابة البدوي أينما ذهب فأقره البدوي وقال وهو في قبره " نعم " ( ) وينقل عن محمد نور أفندي قوله ( ) :
يا ابن الرفاعي الرفيع مقامه يا سيد الأقطـاب والسادات
شرفت قيعان العراق جميعها فغدت بقبرك مهبط البركات

وقد جاء فيه وصف قبر الشيخ أحمد الصياد بأنه " زيتونة لا شرقية ولا غربية " بتولية فاطمية سبطية محمدية عابدية باقرية جعفرية كاظمية مرتضوية أحمدية " ( ) .
وأنا أقول: كان أحرى أن يقول : " شيعية باطنية قرمطية " .
• ودفع الغلو بالصيادي إلى اعتبار قبر النبي ïپ¥ أفضل من الجنة بل من عرش الرحمن ومن كرسيه ( ) وهذا يعارض ما جاء في الخبر أن " أحب البقاع إلى الله عز وجل المساجد " (رواه مسلم) .
- وزعم الصيادي أن السلف الصالح (سلفه من الشيعة) اتخذو مقابر أهل البيت والتوجه " إليهم والتوسل بجاههم إلى الله ذريعة لقضاء حوائجهم . وأن الناس قد جربوا في المشرق والمغرب مقابر أهل البيت فوجدوها بابا لدفع الأكدار وسلما لبلوغ الأوطار ( ) . فالمشروع عندهم مشروع بالتجربة !

- وأمر الصيادي من كانت له حاجة أن يولي وجهه شطر قبر الرفاعي من أي مكان في العالم ويخطو ثلاث خطوات ويقسم على الرفاعي أن يقضي له حاجته ( ) .
- وزعم أن الرفاعي مجيب الدواعي وأن إليه الملجأ والملاذ وهو ولي النعمة وأن الله به يدفع البلاء وبه يمطر السماء وبه تخضر الأرض وبه يدر الضرع ( ) .
- وأن قبر النبي أفضل من عرش الرحمن ومن جنته ( ) .
النتيجة : فهذا يدلك على أن القوم لا يكتفون بالاستغاثة بأصحاب القبور وسؤال الله بأصحابها وإنما يخاطبونها كما تخاطب الحجر والصنم ويزعمون التلقي عنها والاستفادة منها، وهي طريقة الشيعة والباطنيين عموماً ولهذا كان السلف يعلمون هذه الخديعة الشيطانية ويحذرون منها .

فإن الشياطين تلازم هذه القبور وتضل بها من تضل عن سبيل الله ، ومنهم من يرى في المنام شخصاً يظن أنه هو المقبور ويكون شيطاناً تصور بصورته، ويقول له إذا عرضت لك حاجة فاستغث بي. وهذا النوع من المكر الشيطاني موجود :
ففي صحيح مسلم أن ابن مسعود قال ( إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب فيتفرقون فيقول الرجل منهم : سمعت رجلا أعرف وجهه ولا أدري ما اسمه يحدث " ( ).
ومن هؤلاء من تحملهم الجن وتطير بهم من مكان إلى مكان أكثرهم لا يدري كيف حُمِلْ ، بل يحمل الرجل إلى عرفات ويرجع وما يدري كيف حملته الشياطين . . أو يوقعونه بذنب ويغرونه بأن هذا من كرامات الصالحين ، وليس هو مما يكرم الله به وليه بل هو مما أضلت به الشياطين وأوهمته أن ما فعله قربة وطاعة ( ) .
وكثير من أهل العبادة والزهد من يأتيه في اليقظة من يقول انه رسول الله ويظن ذلك حقا . . . وكذلك يأتي كثيرا من الناس في مواضع ويزعم أمامهم أنه الخضر، فيعتقد أنه الخضر وإنما كان شيطاناً من شياطين الجن .
• ولهذا لم يجترئ الشيطان على أن يقول لأحد من الصحابة أنه الخضر ولا قال أحد من الصحابة أنى رأيت الخضر ، وإنما وقع هذا بعد الصحابة حتى انه أتى اليهود والنصارى وقال إنه الخضر، ولليهود كنيسة معروفة بكنيسة الخضر ، وكثير من كنائس النصارى يقصد هذا الخضر" ( ). وقد أخطأ من ظن حياته، قال الشيخ محمد بن درويش الحوت " حياة الخضر: لم يرد في حياته شيء يعتمد عليه " (أسنى المطالب 616) .
ولذلك يزعم بعض المتصوفة أنهم تلقوا مبادئ طريقتهم عن الخضر الذي أخبر شيخهم بكيفية الذكر كالنقشبندية الذين يزعمون أن الخضر علمهم كيفية الذكر الخفي وهو الانغماس في الماء وذكر الله فيها ( ) وقد كان المعلم في الحقيقة شيطاناً .

وساعدتهم الجن والشياطين على ذلك ففعلوا بالناس ما كانوا يفعلونه في السابق بأصنام المشركين حين كانوا يتكلمون من خلالها فيظن الناس أن الكلام صادر من أصنامهم ليزداد اعتقادهم وإيمانهم بألوهية أصنامهم . حتى صار من الناس اليوم من يعتقد أن من أولياء الله من يطوي الله لهم الأرض والزمن ( ) ويظهر في الأماكن المتعددة في الوقت الواحد. وأن منهم من يصلي الصلوات الخمس في اليوم الواحد في خمس بقاع مختلفة من العالم . وأن بعد المسافات لا يحول دون اطلاعه على أحوال تلاميذه ورعايته لهم ولو من بعيد . وأن أولياء الله يتفاوتون في المراتب .
ويذكر السيوطي أن منهم من تعظم جثته بحيث يملأ الكون فيشاهد في كل مكان . ومنهم من يتعدد جسده فيكون له جسدان كل واحد منهما في مكان، وتظهر روحانيته في وقت واحد في جهات متعددة ونقل عن السبكي أن هذا التطور بالأشكال المختلفة تسميه الصوفية بعالم المثال ( ) . وهو عالم لا يمكن الوصول إليه إلا بعد تعاطي القات والحشيش .

________________
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-24-2015, 10:34 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

شبهات التبرك بالقبور

شبهة : واحتج بما رواه أحمد والحاكم ( ) أن أبا أيوب الأنصاري وضع رأسه على قبر النبي ïپ¥ .. " الحديث . وقد احتج به الحبشي وسكت عن تخريجه واكتفى بأن قال " رواه أحمد " ( ) .
وهذا ليس بتخريج فإن الحديث ضعيف ، وقد رواه أحمد وقال الحاكم صحيح ووافقه الذهبي ، وهو من أوهامهما ، فإن فيه داود بن أبي صالح وقد قال عنه الذهبي نفسه في الميزان " حجازي لا يعرف " ووافقه الحافظ في التهذيب ( ) فأنى له الصحة ؟ زد على ذلك الاختلاف حول كثير بن زيد نفسه فقد قال الحافظ فيه "صدوق يخطئ " وضعفه النسائي وقال ابن معين " ليس بذاك " (تهذيب التهذيب 8 / 414 ) .
وقد أوقف السبكي في (شفاء السقام ص 152) جواز مس قبر النبي ïپ¥ على صحة هذا الحديث . وهذا دليل على أنه ليس متيقناً من المسألة. واذا كان الحديث ضعيفاً فلا نترك إجماعاً حكاه عامة أهل العلم أبرزهم النووي على المنع من مس القبر .
• والحديث مع ضعفه فيه إشكال كبير يبطل الاستدلال به وهو : كيف يجعل أبو أيوب رأسه على القبر وقد كان القبر مسوى بالأرض غير مرتفع : إذ لو فعل ذلك لاضطر أن يصير على هيئة الساجد . هل يقول عاقل أن الصحابة كانوا يسجدون لقبر النبي ïپ¥ ؟ فإن قبره لم يكن بارزاً.
يؤكد ذلك حديث عائشة " أن النبي ïپ¥ قال في مرض موته " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجداً . قالت : ولولا ذلك لأبرزوا قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً " ( ) .
فقولها " لأبرزوا قبره " يتعارض مع الرواية الضعيفة عن أبي أيوب .
شبهة : عن زيد بن الحباب عن أبي مودودة عن يزيد بن عبد الملك بن قسيط قال (رأيت نفراً من أصحاب النبي ïپ¥ إذا خلا لهم المسجد قاموا إلى رمانة المنبر القرعا فمسحوها " ( ) .
فيه زيد بن الحباب : صدوق كثير الخطأ ( ) لكنه مقبول في غير الرواية عن الثوري . والاضطراب من جهة يزيد بن عبد الملك ابن قسيط حيث لا يوجد راوٍ بهذا الاسم . وفيه أبو مودودة (عبد العزيز بن أبي سليمان) قال فيه ابن حجر مقبول (التقريب 4099) والمقبول عنده يكون ليّناً إذا لم يُتابعه أحد. وهو لم يتابعه أحد في هذه الرواية .
والرواية التي جاءت بعدها عند مصنف ابن أبي شيبة أوثق منها وهي مناقضة لها : حدثنا أبو بكر قال نا الفضيل بن دكين عن سفيان عن عبد الله بن يزيد الليثي عن سعيد بن المسيب أنه كره أن يضع يده على المنبر: صحيحة وعليها عمل السلف .
وتتعارض مع ما ثبت عن عمر رضي الله عنه شدة التحذير من تتبع آثار الأنبياء :
رأى عمر قوماً يتناوبون مكاناً يصلون فيه فقال : ما هذا؟ قالوا مكانٌ صلى فيه رسول الله قال : أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد ، إنما هلك من كان قبلكم بهذا. من أدركته فيه الصلاة فليصلّ وإلا فليمض ِ" ( )
" وبلغه أن أناساً يأتون الشجرة التي بويع عندها النبي ïپ¥ فأمر بها فقُطعَتْ " ( )
وعن ابن عمر قال " رجعنا من العام المقبل فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها ، كانت رحمة من الله "( ) وقد بحث عنها أناس في زمن سعيد بن المسيب أثناء ذهابهم للحج فقال لهم سعيد " حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله ïپ¥ تحت الشجرة . قال: فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها " وفي رواية فعميت علينا "وفي رواية " ثم أنسيتها بعد فلم أعرفها ". قال سعيد للحجيج الباحثين عنها : " إن أصحاب محمد ïپ¥ لم يعلموها وعلمتموها أنتم ؟ " ( ) .
فمثل هذه الأحاديث لا يجوز ترجيحها وتقديمها على رواية عمر عند البخاري في ترك التوسل بدعاء النبي ïپ¥ بعد موته والتوسل بدعاء عمه العباس ، فكيف وأن القوم يقدمون حديثاً ضعيفاً ويهربون به من رواية عمر القطعية السند ، الدالة على ترك السلف التوسل به ïپ¥ بعد موته ، وهذا ليس سبيل الصادقين المتجردين للحديث . والمتجرد لعلم الكلام لا يمكن أن يتجرد لعلم الحديث . كيف لا وكثير من الحديث يتعارض وأصول علم الكلام .
نعم . روي عن أحمد في مس المنبر والرمانة لكنه لم يرو في مس القبر فأما الرمانة والمنبر فقد احترقا وأما القبر فلم يثبت عن أحد من الصحابة أنه كان يمسه بل الثابت عنهم النهي عن مسه كما ثبت عن ابن عمر .
قال ابن وضاح محدث الأندلس في (البدع والنهي عنها ص 43) " وكان مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد ، وتلك الآثار للنبي ïپ¥ ما عدا قباءً وأحدا ". وهذا من علامات إعراض الحبشي عن الحق حيث أعرض عن الرواية الثانية ومال إلى الأولى الملائمة لمذهبه الشركي ليعلق الناس بالقبور والجدران .
شبهة: عن مالك الدار أنه أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي ïپ¥ فقال : استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا ( ) فقيل للرجل في المنام أقرئ عمر السلام وأخبره أنهم يسقون " .
- قال الألباني :
أولاً : " عدم التسليم بصحة هذا الحديث لأن فيه مالك الدار وهو مجهول الضبط . والعدالة والضبط شرطان أساسيان في كل سند صحيح كما تقرر في علم المصطلح . قال المنذري في الترغيب (41:2) " لا أعرفه " وكذا قال الهيثمي في الزوائد (3: 125) . وقد تفرد مالك (المجهول) به مع عظم الحادثة وإمكان انتشارها وتواترها بين الصحابة لو كانت صحيحة، فإذا لم ينقلوها وتفرد بها المجهول فكيف توثق وتعتمد " ؟!

معاوية خازن عمر قبل مالك الدار

- وأما احتجاج الأحباش بأنه ثقة لأنه كان خازن عمر فهذا توثيق في العدالة إن سلمنا به ، ولكن : أين الوفاء بشرط الضبط وقد علم من شرط الراوي : العدالة والضبط وليس العدالة فقط ؟
وحتى لو كان مالك ثقة فإن روايته تكون شاذة لمخالفتها رواية خروج عمر بالصحابة عام الرمادة وتصريحه على لسان جميع الصحابة بأنهم تركوا التوسل بالنبي ïپ¥ وطفق يتوسل بغيره ïپ¥ هذه سنة عمر ، فان خالفها خازن عمر خالفناه وتمسكنا بفعل عمر . فكيف وأن السند لم يثبت !!!
- وأما قولهم أنه يكفيه توثيقاً أن عمر ائتمنه على خزائنه . فنقول : ألا يكفيكم توثيقاً لمعاوية أن النبي ïپ¥ قد ائتمنه على وحيه ، وأن أبا بكر وعمر وعثمان قد ائتمنوه على ولاية الشام فكان أميناً وفيا وما زلتم إلى اليوم تحكمون بفسقه تريدون بذلك تبييض وجوهكم عند أعداء معاوية وأبي بكر وعمر: سود الله وجوه أعداء صحابة رسول الله ïپ¥ .
- وأما محاولة الأحباش توثيق مالك الدار محتجين بقول الحافظ عنه " له إدراك " أي معدود من الصحابة :
فقد تعقبهم شيخنا علي حسن عبد الحميد في كتابه القيم (كشف المتواري من تلبيسات الغماري ص 8) بأن " إيراد الحافظ لمالك الدار إنما هو في القسم الثالث من كتابه " الإصابة" وهو القسم الخاص في ذكر المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ولم يرد في خبر . قط أنهم اجتمعوا بالنبي ïپ¥ ولا رأوه ، سواء أسلموا في حياته أم لا ، وهؤلاء ليسوا صحابة باتفاق من أهل العلم بالحديث كما قال الحافظ نفسه في مقدمة (الإصابة 1 / 4) ومع ذلك فقد كتم هذا الجهول هذا كله ليسلم له مراده ، إمعانا في التضليل والتلبيس والتغرير : فقد دمج هذا الخسّاف بيانه وشرحه لكلمة الحافظ ابن حجر بها دونما فصل أو إظهار ، بل إنه- عامله الله بعدله- جعل علامة (انتهاء النقل أ. هـ) بعد ذلك البيان والشرح كله !! " .
وقد ساق الحافظ ابن كثير هذه الرواية من رواية البيهقي في دلائل النبوة وهي معلولة بعلل منها :
عنعنة الأعمش وهو مدلس ، والمدلس لا يقبل من حديثه الا ما قال فيه : حدثنا أو أخبرنا ونحوها دون قال أو عن . إذ احتمال أنه أخذه عن ضعيف يوهي الحديث بذكره كما هو معلوم في " مصطلح الحديث " ، مع أن الأعمش في الطبقة الثانية من المدلسين عند الحافظ و غيره .
وقد صحح ابن كثير الإسناد على طريقته في توثيق مجاهيل كبار التابعين كما هو معروف عنه في التفسير وغيره . وإذا كان مجهولاً فلا علم لنا بتاريخ وفاته .
ثانياً : أن أبا صالح وهو ذكوان - الراوي عن مالك لا يعلم سماعه منه ولا إدراكه لمالك ، إذ لم نتبين وفاة مالك . سيما وأنه رواه بالعنعنة فهو مظنة انقطاع لا تدليس " ( ) .
ثالثاً : أنها مخالفة لما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء لاستنزال الغيث من السماء . كما ورد في أحاديث كثيرة . ومخالفة لقوله تعالى { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا 10 يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا } ( نوح 10 ) ولم ينقل عن أحد منهم أنه التجأ إلى قبر النبي ïپ¥ ( )، بل المنقول الثابت عنهم عكس ذلك كما في قصة عمير المشهورة فإنه كان بمجمع من الصحابة ولم يذهب إلى قبر النبي ïپ¥ ليستسق به . بل طلب من العباس أن يستسقي كما مر معنا.
رابعاً : أنها جعلت عمر يضل عن شيء يهتدي إليه رجل من العامة .
• شبهة : واحتج الحبشي برواية سيف بن عمر التميمي الضبي وفيها تسمية صاحب القصة أنه الصحابي بلال بن الحارث .
أولاً : أن سيفاً هذا منكر الحديث فقد قالوا عنه إنه كان يضع الأحاديث، قال ابن عدي وأبو حاتم متروك الحديث وقال أبو داود ليس بشيء وقال ابن حبان يروي الموضوعات ( ) .
ثانياً : فيه الضحاك بن يربوع والسحيمي . قال الأزدي في الضحاك : حديثه ليس بقائم . وهو والسحيمي من المجهولين اللذين تفرد بالرواية عنهما سيف .
• وهذا يُبطل تمسك الحبشي بهذه الرواية التي توهم أن الصحابة كانوا يلجأون عند النوازل والشدائد بقبر النبي ïپ¥ .
ثالثاً : أن إيراد ابن جرير لها وغيرها من الروايات الضعيفة والموضوعة إنما جرى فيه على جمع شتات الروايات من غير تمحيص لها . فقد قال في مقدمة تاريخه (1 / 8 ) " فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه ، من أجل أنه لم يعرف له وجهاً في الصحة : فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا، وإنما أتي من قتل بعض ناقليه إلينا ، وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا ) .
• فاعجب كيف يردّ الحبشي (والأشاعرة) أخبار الآحاد التي في الصحيحين ثم يتمسك بروايات ضعيفة مخالفة للصحيح ليقرر للناس عقيدته الشاذة ناكثاً ما تعهد به من الاقتصار على الصحيح في العقائد .
وهذه طريقة أهل الأهواء : لا يتجردون للحديث ولا يلتزمون فيه بالقواعد العلمية في التصحيح والتضعيف ، بل ما كان عليهم ضعفوه ولو كان في نفسه صحيحاً ، وما كان لهم صححوه أو " أستأنسوا به " ولو كان ضعيفاً .
ألم يتمسك من قبل ( ) بقول السيوطي :
وخذه حيث حافظٌ عليه نص ومن مصنف بجمعه يُخَصّ


أكذوبة تبرك الشافعي بقبر أبى حنيفة

وقد ادعى الأحباش القبوريون أن التبرك بمس القبر من عقيدة الفرقة الناجية، وتمسكوا بما رواه الخطيب البغدادي عن الشافعي أنه قال " إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم - يعني زائراً- فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده ، فما تبعد عني حتى تقضى " ( ) .
هذه الرواية سندها إلى الشافعي فيه مجاهيل كما حكى العلامة المعلمي.
قال الشيخ الألباني في (سلسلة الضعيفة 1 / 31 ) " هذه رواية ضعيفة بل باطلة ، فإن عمر بن إسحاق بن إبراهيم غير معروف وليس له ذكر في شيء من كتب الرجال ، ويحتمل أن يكون هو (عمرو) بن إسحاق بن إبراهيم بن حميد بن السكن أبو محمد التونسي . وقد ترجمه الخطيب ( 12 / 226 ) وذكر أنه بخاري قدم حاجا سنة ( 341 ) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال ، ويبعد أن يكون هو هذا ، إذ أن وفاة شيخه علي بن ميمون سنة (247) على أكثر الأقوال ، فبين وفاتهما نحو مائة سنة، فيبعد أن يكون قد أدركه " .
أنتم مطالبون بتبيين صحة سند هذه الرواية. وإلا فأنتم محجوجون بقول الشافعي " مثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه أفعى وهو لا يدري " ( ) . فأنتم حُطاب ليل إن لم تأتوا بالسند صحيحا. هذا من مذهب الشافعي .
• ومعلوم أن الأحباش أشاعرة ، والأشاعرة يشترطون في العقاند تواتر السند ولا يكفيهم مجرد صحته . فهل هذه الرواية متواترة ؟
أما نحن فنأتيكم بسند قوي عن الشافعي من كتبه ، فقد قال " وأكره أن يعظَم مخلوق حتى يُجعل قبره مسجداً مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس " ( ) . وهذا تناقض بين القول والفعل ينزه عنه الشافعي. ولو كان هذا التبرك صحيحا لقال له الناس كيف تخشى على الناس فتنة لا تخشاها على نفسك!
ولو كان الشافعي محبذا للتبرك بالقبور لما نهى عن البناء عليها وأنتم لا توافقون على ذلك وتعتبرون ما فعله أهل اليمن من هدم للبناء على القبور هدماً للقبر نفسه فاسمعوا فتوى الشافعي الموافقة لما فعله أهل اليمن :
• ففي عصر الشافعي لم يكن ببغداد قبر لأبي حنيفة ينتاب الناس للدعاء عنده ألبته . وكان المعروف عند أهل العلم هدم ما يبنى على القبور وذلك باعتراف الشافعي نفسه . فقد روى عنه النووي قوله فيما يبنى على القبر " رأيت من الولاة من يهدم ما بني فيها ولم أر الفقهاء يعيبون عليه ذلك " ( ) . والله لو جاءكم الشافعي لرفضتموه ولقلتم له " أصابتك عدوى الوهابية ".
وصرح البيضاوي بأن اليهود والنصارى كانوا يتوجهون إلى قبور صلحائهم بالصلاة والدعاء ( )
وجاء في (مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر 1 / 313 ) النهي عن الدعاء عند القبور ( ) . فالشافعي لا يمكن أن يشابه اليهود والنصارى .
روى عبد الرزاق في مصنفه وابن أبي شيبة أن علي بن الحسين رضي الله عنه رأى رجلا يأتي فرجة كانت عند قبر النبي ïپ¥ فيدخل فيها فيدعو، فنهاه وقال : " ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي - يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله ïپ¥ قال : لا تتخذوا قبري عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً وسلموا على فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم " قال السخاوي " وهو حديث حسن " ( )
ولقد كان أبرز من تمسك بهذه الرواية الواهية شيخكم الكوثري في مقالاته (381) . وهو هو الذي كتب كتاباً اسمه " التأنيب في رد أكاذيب الخطيب " حذر فيه من الروايات المختلقة على أبي حنيفة الطاعنة فيه والتي حواها الخطيب في كتابه . وقد تلقف الرواية عنه رجال متهمون بالوضع والكذب كأبي مقاتل السمرقندي وأبي محمد الحارثي وأبي مطيع البلخي ( ) وأبي المنذر البجلي وإبان بن جعفر النجيرمي . لكنه لا يعتبر هذه الرواية من الأكاذيب لأنها ترفع من شأن مذهبه ولو على حساب الشافعي .
وكم في تاريخ الخطيب من الأسانيد الواهية . فإذا كنتم مصرين على الأخذ بهذه الرواية من غير تحقق من سندها فخذوا بما ذكره الخطيب من الروايات وسكت عليه :
• وخذوا برواية " الكرسي الذي يجلس عليه الرب عز وجل ، وما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع ، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد " قال الخطيب : قال أبو بكر المروذي قال لي أبو علي الحسين بن شبيب قال لي أبو بكر بن العابد - حين قدمنا بغداد- أخرج ذلك الحديث الذني كتبناه عن أبي حمزة ، فكتبه أبو بكر بن سلم بخطه وسمعناه جميعاً ، وقال أبو بكر بن سلم " إن الموضع الذي يفضل لمحمد ïپ¥ ليجلسه عليه ، قال أبو بكر الصيدلاني : من رد هذا فإنما أراد الطعن على أبي بكر المروذي وعلى أبي بكر بن سلم العابد " (تاريخ بغداد 8 / 52). ونحن لا نقول بهذا ولا نصححه ولكن ذكرناه للحجة .
وأما رواية ابن عباس التي أوردها الخطيب في تاريخه (9/ 251) والتي تقشعر منها أبدانكم حيث فسر قوله تعالى { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ } قال " كرسيه موضع قدميه ". فهي رواية صحيحة يثبتها الخطيب وتستنكرها قلوبكم.
• وخذوا برواية " رأيت ربي في صورة شاب أمرد" (تاريخ بغداد 11/ 214) .
• وخذوا بحديث أن الله استوى على العرش حتى يُسمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد " (تاريخ بغداد 1 / 295 ) .
• وخذوا بحديث " أنا مدينة العلم وعلي بابها " (تاريخ بغداد 2 / 377)
• وخذوا بحديث " من لم يقل : عليٌّ خير الناس فقد كفر" (تاريخ بغداد 3/ 192) .
فكتب التاريخ لا تلتزم صحة ما تنقله من الأخبار ، وقليل منهم من يمحص ما ينقله . مثال ذلك تاريخ الطبري الذي هو أفضل كتاب في التاريخ ، ومع ذلك فقد قال في مقدمة تاريخه ( 1 / 8 ) " فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه ، من أجل أنه لم يعرف له وجهاً في الصحة : فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا ، وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا ، وأنا إنما أدّينا ذلك على نحو ما أُدِّيَ إلينا " .
وهذا الشأن ليس في كتب التاريخ فحسب : بل في كتب الحديث ، وهو في كتب الفقه أكثر .
فلا حجة تقوم لكم قبل تصحيح السند . قال الإمام المازري " عادة المتورعين أن لا يقولوا : قال مالك قال الشافعي فيما لم يثبت " ( )
ولا يخفاك أيها المنصف أنه لم يُكذب على الرسول ïپ¥ فقط وإنما كذب كثيرون على الأئمة لترويج ضلالاتهم باسم أئمة المذاهب . اتخذوا مذهب الشافعي جُنةً فصدوا عن سبيل الله . ويا ليتهم كانوا على مذهب الشافعي ونهجه السني .
وقد جرى كثير من الفقهاء على العناية بسند الحديث فقط . ويتساهلون في الرواية عن أئمة المذاهب من غير توثيق ، فإن النهي عن الاستدلال بالضعيف ليس مقصوراً على الحديث النبوي دون غيره !
ألعلهم يظنون أن كل ما ورد عن الشافعي أو أحمد يجب أن يكون صحيحاً تقوم به الحجة ؟ إذا كان الأمر كذلك فليأخذوا بما رواه حنبل بن إسحاق عن أحمد أنه كان يقول " وإذا رأيت رجلاً يذكر أحداً من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام " ( ) . وهم يطعنون صباح مساء في معاوية وعمرو بن العاص وجملة من الصحابة رضي الله عنهم .
• ثم أين كان يعيش الشافعي ليأتي قبر أبي حنيفة (كل يوم) وقد كان في أول أمره بالحجاز ثم انتقل إلى مصر.
وقد كان الشافعي بالحجاز بمكة والمدينة وفيها قبر من هو خير من أبي حنيفة : وهو قبر رسول الله ïپ¥ وقبور أصحابه ، فلم يعرف عنه أنه كان يأتيه ليدعو عنده ويتبرك به . . فما له يفضل قبر أبي حنيفة على قبر سيد ولد آدم وصحابته ؟ !
• أأنتم أعلم بمذهب الشافعي أم النووي الذي حكى إجماع الأمة على النهي عن الاقتراب من القبر ولمسه باليد وتقبيله ، ونقل مثله عن الحليمي والزعفراني وأبي موسى الأصبهاني ؟ فمن المخالف لإجماع الأمة !
• قد نهى أبو حنيفة عن التوسل إلى الله بأنبيائه - ولا يمكن أن يكون ذلك خافياً على الشافعي - فهل يرضى أبو حنيفة أن يتخذ أحد قبره للصلاة والعبادة ؟ نعم الصلاة معناها الدعاء قال تعالى { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } والدعاء هو كما قال النبي ïپ¥ " الدعاء هو العبادة " فمن اتخذ قبراً للدعاء عنده فقد اتخذه للصلاة والعبادة . فأبو حنيفة والشافعي يكرهان ما يكرهه الله .
• ولم يكن أحد من أصحاب أبي حنيفة وطبقته كمحمد وأبي يوسف يتحرون الدعاء عند قبره بعد موته . ولا يزالون ينكرون على من يمس القبر ويقولون كما في الفتاوى البزازية والتتارخانية ورد المحتار أن مس الرجل القبر للتبرك من عادة النصارى .
والحمد لله الذي عصمنا من التقليد الأعمى ، فلقد علمنا الشافعي أن ندور مع الكتاب والسنة مهما عظم الرجال قائلا " إذا رأيتم قولي يعارض قول الرسول ïپ¥ فاضربوا بقولي عرض الحائط " . وقال ابن عباس " ما من أحد إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر" وبناء على تعاليم الشافعي نضرب بفعله المزعوم (إن صح) عرض الحائط ونتمسك بقول النبي ïپ¥ " ألا لا تتخذوا قبور أنبيائكم وصلحائكم مساجد فإني أنهاكم عن هذا " .
وهذا أصل يعلم الله كم خالفتم فيه الشافعي وسائر الأئمة الأفاضل .
فالحق والشافعي حبيبان إلى قلوبنا : فان افترقا فالحق أحب إلى قلوبنا من الشافعي .
• وعلى افتراض صحة سندها فإنكم لا تزالون مخالفين للشافعي ، فالرواية تفيد بأن الشافعي كان يدعو الله عند القبر وأما أنتم فتدعون القبر نفسه فتقولون المدد يا رفاعي مدد يا أولياء وتمسحون وجوهكم وأيديكم بالقبر، وتتوجهون إلى قبر الرفاعي من أي مكان في العالم وتخطون نحوه ثلاث خطوات وهيهات أن يفعل الشافعي ذلك .


قبر معروف الكرخي الشرك المجرب
وليس الترياق المجرب

وأما زعم الحبشي أن " قبر معروف الكرخي هو الترياق المجرب لقضاء الحوائج " ( ) : فما أظلم أسانيدها وما أكذبها، وقد نقض بها ما كان تعهد به من أنه لا تجوز الرواية في أمور العقائد إلا بما صح سنده بل بما تواتر إن كنتم للعقيدة الأشعرية تتبعون .
والجواب :
قد جرب قبلكم عمرو بن لحي الخزاعي أصنام بلاد الشام حين نزل بركة مياه محاطة بالأصنام فشفي من مرض البرص فقال : لولا بركة هذه الأصنام ما شفيت من مرض الجذام حتى أتى بها إلى جزيرة العرب وعبدها الناس حينئذ.
فالأصنام عند عمرو بن لحي هي الترياق المجرب ، وأما أنتم فقبر معروف الكرخي عندكم هو الترياق المجرب ولكن نسألكم :
هل جرّبتم ترياق الحي الذي لا يموت حتى فضلتـم عليه من لا حياة له ؟! { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } ؟
ولماذا لم يجرب النبي ïپ¥ قبور الأنبياء من قبله ؟ وكأن التجربة هي الميزان في معرفة المشروع من الممنوع .
ولو كان قبر الكرخي كما تزعمون لكان قبر نبينا ترياقاً أولى بالتجربة من قبر معروف الكرخي :
فما بال الصحابة لم يجربوا هذا الترياق ، ولم يعكفوا على قبر نبيهم كما هو حال من لا يقتدي بهم ويرى الاقتداء بالشيعة وبالنصارى أولى من الاقتداء بسلف هذه الأمة ؟ ما جربوا هذا الترياق المزعوم ، ولم يعكفوا على قبر نبيهم بالرغم مما وقعوا فيه من المِحَن والفتن والحروب .
وهؤلاء لا يقولون " قبر رسول الله هو الترياق المجرب " لأنهم اذا قالوا ذلك سألهم الناس : فلماذا لم يجرب صحابته ترياق قبر نبيهم ïپ¥ ؟
ثم هل تبحثون عن " صمد " آخر غير الله ، وقد فسرتم الصمد بمعنى المقصود بقضاء الحوائج ( ) . فصار الكرخي بمقتضى تفسيركم هو الصمد.
• لو كان الله أمر بدعاء المقبورين أو رسوله ïپ¥ لكان لقولك يا حبشي مسوغ ، لكن ليس عندك : قال الله قال رسوله فما لم يأمر الله به ولا رسوله ïپ¥ لا يكون ترياقاً وإن زعم أصحاب الخيالات تجربته كالصوفية النقشبندية الذين يزعمون تلقي العلم وأخذ العهد والبيعة عن مشايخ الطريقة الأموات وهم في قبورهم على النحو الذي يدعيه الشيعة في المهدي صاحب السرداب والذين يصفون قبور الحسين والمهدي والأئمة بالترياق المجرب ، فما أشبهك يا حبشي بهم ، وقد جرب النصارى قبور القديسين ومقام السيدة مريم فوجدوها : الترياق المجرب فلماذا تدافعون عن شيء هلك به المشركون وبنوا لأجله الأصنام ؟
إنكم لن تجدوا في أفعال الصحابة ما يوافق ذلك اللهم إلا الشيعة ومن قبلهم اليهود والنصارى ومن قبلهم قوم نوح الذين كانوا يعتبرون قبور ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر : هي الترياق المجرب أعني الشرك المجرب : هم سلفكم: يا خلفهم !
• أن الموحد مؤمن موقن أن رفع الأيدي إلى الله هو الترياق المجرب لقضاء الحوائج وكشف الكروب وتفريج الهموم ، مؤمن بما قاله صالح عليه السلام { إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ } أما أنتم فالقبر عندكم أقرب إلى الإجابة من الله القائل { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ } فالله أقرب إلينا من قبوركم ، هذا هو ترياقنا فجربوه لعلكم تعودوا إلى رشدكم أو اصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين .
وقال الأحباش " قبر السيدة نفيسة معروف بالإجابة" ( ) . يعني إن قبرها لسميع الدعاء لسريع الإجابة !



قضاء الحوائج استدراج

قال تعالى { سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } . فهذا ترياق بدني استدرجكم الله إليه ، لكن المرض انتقل إلى قلوبكم حيث دخلها اعتقاد الاستشفاء بالأضرحة والقبور وهو مرض أشد من الأمراض البدنية التي طلبتم العلاج لها عند قبر الكرخي .
هل الاستجابة دليل على صحة العقيدة
فلا يغرنك أن المستغيث بمخلوق قد تقضى حاجته فهذا ابتلاء واستدراج وهذا يحصل للبوذيين ممن يستغيثون بالصنم فيتمثل لهم الشيطان بصورة من يستغيثون به كما كان يتكلم في جوف الأصنام ليزيد يقين المشركين بشركهم.
بل إن الله لرحمته وفضله يستجيب حتى للمشركين إذا توجهوا إليه في ضرهم { فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } { قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } .

والشيطان يضل الناس بما يظن أنهم يطيعونه فيه
فيتمثل للنصارى بصورة المسيح أو مريم أو بصورة جرجس أو بولس ، وفي كل مرة تخرج صرخة من إحدى كنائس العالم من قسيس أو راهبة تزعم أن مريم ظهرت عليها وخاطبتها ، وهذا ليس إلا شيطاناً فإن الشياطين تظهر للناس بصورة الولي الميت وتقضي لهم حوائجهم باسم الولي كما كانت تفعل عند الأصنام فتخاطب من يدعو الأصنام تحتال على الجهال لتزيدهم تمسكاً بشركهم وتخدعهم بهذه الحيل .
كما يتمثل الشيطان لجهال المسلمين في صورة عبد القادر الجيلاني أو البدوي أو الرفاعي .
وما من أحد دعا غير الله واستغاث به إلا وكله الله إلى نفسه ، وحينئذ يتمكن الشيطان منه ويظهر له بصورة من يستغيث به زاعماً أنه الرفاعي أو الجيلاني أو نحو ذلك . وقد يقضي له حاجة دنيوية فيها خسارة أخروية ؟
ورؤية الأموات في المنام تحتمل الصدق والكذب : وأما رؤية ميت في اليقظة فلا شك أنها كذب قطعاً .
• أن الله قد أغنانا عن التجارب في الدين فقـال { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } فدعاء الله وحده أعظم وأفضل ترياق بشهادة الله وليس بالتجربة. نحن جربنا دعاء الله فوجدناه ترياقاً يغنينا عن ترياقكم المسموم . ومجرد عدم أمر الله به يجعله سماً وإن شربه أكثر الناس، وكيف نسميه ترياقاً ولم يأمر الله به بل قد نهى عنه أكثر من نهيه عن الزنا والربا وشرب الخمر!
• وقد أخبرنا الرسول ïپ¥ أين ومتى ترجى الإجابة فترجى في الثلث الأخير من الليل وفي دبر الصلوات المكتوبات وبين الأذان والإقامة ، وفي حلقات الذكر ولم يذكر منها قبر نبي ولا غيره. فترياقنا المساجد وترياقكم القبور التي اتخذتموها مساجد .
• فأنتم - كما عهدناكم - تقدمون بين يدي الله ورسوله ، فيصير قول إبراهيم الحربي (الترياق المجرب) أولى عندكم بالأخذ من قول النبي ïپ¥ " لعن الله اليهود والنصارى : اتخذوا قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد " . تعارضون ما صح سنده عن النبي ïپ¥ بهذه الأكاذيب المروية عن غير المعصومين !
وكم كنا نتمنى أن تذكروا الناس أن توحيد الله في الدعاء والتضرع هو الترياق المجرب قبل أن تحدثوهم عن تجربة قبر معروف الكرخي .
• أن عبارة (الترياق المجرب) عبارة شركية تناقلها الخرافيون من كتب سلفهم وأضرابهم لم يجربوها بأنفسهم وهي تجربة من نسج الخيال ، وإلا: فليدع الحبشي معروف الكرخي أو ليعتكف هو وأضرابه عند قبره لعله يجد عنده ترياقاً لمصائب الأمة كأحوال المسلمين في البوسنة والصومال وفلسطين (ولن يجد) { فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } .
فأين أولياؤكم أين أقطابكم وأبدالكم وأنجابكم وأغواثكم : أين أبو العلمين "غوث الثقلين " الذي زعمتم أنه حتى النعجة تستغيث به إذا هاجمها الذئب وتناديه بلسان عربي مبين : أغثني يا سيدي أحمد ؟ كلا والله لا تقع هذه النعجة في الشرك فإنها أكثر توحيداً منكم ، هي على ملة هدهد سليمان .
لقد جرب الموحدون دعاء الله وحده فوجدوه هو الترياق المجرب : جربه رسول الله ïپ¥ يوم بدر فنصره الله وجربه البراء بن مالك وسعد بن أبي وقاص وغيرهما فأجابهم الله . بل جربوا رفع الأيدي بالدعاء إلى الله فوجدوه هو الترياق .
• وأما احتجاج نبيل الحبشي (مجلة منار الهدى19/30) بابن الملقن من حفاظ الحديث والفقهاء الشافعيين ، وأنه ذهب بنفسه إلى قبر معروف الكرخى فأجيب دعاؤه فهو احتجاج بصوفي والاحتجاج بصوفي منهم ليس حسماً للنزاع ولا هو حجة الله على خلقه فان الصوفية يختلط عليهم الليل والنهار وأحوال النوم واليقظة فقد حكى ابن الجوزي أن شاة صاحت فشهق أحد الصوفية لبيك سيدي (تلبيس إبليس170) ! .
ولا ننسى أن ابن الملقن الصوفي حشا كتابه (طبقات الأولياء) بالأخبار الباطلة التي تنسب إلى الأولياء الإحياء والإماتة ، فقد جاء في كتابه أن الرفاعى أكل سمكاً مع تلاميذه ثم قال لعظام السمك : كوني سمكاً كما كنت أولاً . فما استتم كلامه حتى قامت وتناثرت سمكاًَ حياً : شاهدة لله بالوحدانية وللنبي بالرسالة وللسيد الرفاعي بالولاية العظمى ، وأنها كانت تسأل الرفاعي بحق الله أن يأكلها ، وأنه دخل رجل على الرفاعى مكتوب على جبهته سطر الشقاوة فمحاه " أي بدّل ما قدره الله فصار مكتوباً سعيداً ( ) .
ومثل هذا لا يؤخذ بشهادته ولا نستفيد من تجربته ، فقد شهد لمخلوق بأنه يحيي العظام وهي رميم ويغير ما سطره الله في اللوح المحفوظ .
ïپ± ويجدر بك أن تعلم أن ما يفعله هؤلاء عند القبور ليس مجرد استغاثة بأصحابها وإنما بلغ الأمر إلى درجة الطواف حولها كما يطاف بالكعبة وإن أردت التأكد فما عليك إلا أن تنظر إلى قبر الحسين في مصر وغيره من الطواف حول قبره قال الشيخ محمد بن درويش الحوت في (أسنى المطالب ص 609) " ومنها المكان المشهور بالمشهد الحسيني بالقاهرة ، إذ ليس الحسين رضي الله عنه مدفوناً به بالاتفاق ، لأن القاهرة بناها عبد القاهر الفاطمي العبيدي ، ودولتهم كانت في القرن الرابع ، فلعل الفاطميين هم الذين عمّروا المشهد الحسيني لأنهم عظّموا أهل البيت ونسبوا أنفسهم إلى الحسين وهم كاذبون " .

تقديس القبور والتوجه إليها
من سنن اليهود والنصارى

وقد جاءت الشريعة بالنهي عن هذه البدع والشركيات التي انحرف بسببها اليهود والنصارى عن ملة إبراهيم إلى ما كان عليه قوم نوح :
قال رسول الله ïپ¥ " لا تتخذوا قبري عيداً ، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر" فقبر رسول الله ïپ¥ أفضل قبر على وجه الأرض ومع ذلك نهى عن اتخاذه عيداً ، فقبر غيره أولى بهذا النهي والعيد اسم للوقت والمكان الذي يعتاد الاجتماع فيه .
وعن ثابت بن الضحاك أن رجلاً نذر أن ينحر إبلاً بـ " بوانة " فأخبر النبي ïپ¥ بذلك فقال له " هل كان فيها وثن من أوثانهم ؟ فقالوا : لا ، فقال : هل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قالوا : لا ، قال ïپ¥ : أوف بنذرك " ( ) .
وفي الحديث فائدة : وهي أن : أعياد المسلمين لابد أن يكون لها أصل شرعي منصوص عليه .
ثم قال " ولا تتخذوا بيوتكم قبوراً " أي لا تعطلوها عن الصلاة والدعاء والقراءة فتكون بمنزلة القبر الذي يجب أن يخلو من ذلك فأمر بتحري العبادة في البيوت ونهى عن ذلك في القبور، والمشركون يفعلون عكس ذلك : بيوتهم خالية من العبادة وهم ينحرونها عند قبر الولي الفلاني .
وعن عائشة أن النبي ïپ¥ قال في مرض موته " لعن الله اليهود والنصارى ( ) اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد . قالت : ولولا ذلك لأبرزوا قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً " ( ) .
قال الحافظ " وكأنه ïپ¥ علم أنه مرتحل من ذلك المرض ، فخاف أن يعظم قبره كما فعل من مضى ، فلعن اليهود والنصارى إشـارة إلى ذم من يفعل فعلهم " ( ) .
وقول عائشة يدل على السبب الذي من أجله دفنوا النبي ïپ¥ في بيته : وهو يسد الطريق على من عسى أن يبني عليه مسجداً يؤكد ذلك قولها في رواية أخرى " يحذر مثل الذي صنعوا ".
وقد حذر ïپ¥ من ذلك فقال " ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " (مسلم) فما خشي الصحابة قد وقع حيث تم إدخال قبره ïپ¥ في المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك لضرورة توسعة المسجد ( ) من غير أن يكون هناك صحابي واحد وإنما أنكر هذا الفعل التابعي الجليل سعيد بن المسيب كما حكاه العلامة ابن كثير في (البداية والنهاية9/75) .
قال ابن الجوزي " وكان الوليد بن عبد الملك قد أمر عمر بن عبد العزيز بهدم حجر رسول الله ïپ¥ بعد أن اشتراها من أهلها ليدخلها في المسجد" ( ) .
وعن عروة قال " نازلت عمر بن عبد العزيز في قبر النبي ïپ¥ أن لا يجعل في المسجد أشد المنازلة فأبى وقال: كتاب أمير المؤمنين لا بد من إنفاذه " ( ) .
وقد وسّع عمر بن الخطاب المسجد من الجهات الأخرى من غير أن يتعرض للحجرة أو يدخلها المسجد وقال " لا سبيل إليها " ( ) ومن هنا يظهر خطأ النووي رحمه الله حينا قال في (شرح مسلم 5 / 14) بأن الصحابة أدخلوا بيوت أمهات المؤمنين إلى المسجد .
قال الحافظ ابن حجر " وقول عائشة ( لأبرزوا قبره ) أي لكُشف ولم يُتخذ عليه الحائل ، والمراد الدفن خارج بيته ، وهذا ما قالته عائشة قبل أن يوسع المسجد ، ولهذا لما وسع المسجد جعلت حجرتها مثلثة الشكل محددة حتى لا يتأتى لأحد أن يصلي إلى جهة القبر مع استقبال القبلة قال الكرماني : مفاد الحديث منع اتخاذ القبر مسجدا " ( ) .
- وقال الحافظ " والمنع من ذلك إنما هو حال خشية أن يصنع بالقبر كما صنع أولئك الذين عنوا ، وأما إذا أمن ذلك فلا امتناع " قال " وقد يقول بالمنع مطلقاً من يرى سد الذريعة وهو هنا متجه قوي " ( ). وقد أخبر ïپ¥ أنهم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ، أولئك شرار الخلق عند الله" .
- وقال الحافظ العراقي " فلو بنى مسجداً يقصد أن يدفن في بعضه دخل في اللعنة ، بل يحرم الدفن في المسجد ، وإن شرط أن يدفن فيه لم يصح الشرط : لمخالفة وقفه مسجداً " ( )
واعتبر العلامة ملا علي القاري الحنفي أن سبب لعنهم إما لأنهم كانوا يسجدون لقبور أنبيائهم : وذلك هو الشرك الجلي، وإما لأنهم كانوا يتخذون الصلاة لله تعالى في مدافن الأنبياء وذلك هو الشرك الخفي " ( )
- وقوله " إذا مات فيهم الرجل الصالح " واضح التحذير مما يفعله الناس اليوم عند قبور الأولياء وواضح التشابه بين ما فعله اليهود في صالحيهم وبين ما يفعله جاهليوا هذه الأمة في أوليائهم . ولذلك علم النبي ïپ¥ أصحابه أن يهدموا القبور المرتفعة ويطمسوا الصور :
• فعن أبي الهياج الأسدي أن علياً رضي الله عنه قال له " ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ïپ¥ ؟ أمرني أن لا أدع قبراً مشرفاً (أي مرتفعاً) إلا سويته (بالأرض) ولا تمثالاً إلا طمسته " ( ).
وعن ثمامة بن شفي قال " كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم بِرُودُس فتوفى صاحب لنا ، فأمر فضالة بقبر فسُوّي ، ثم قال : سمعت رسول الله ïپ¥ يأمر بتسويتها " ( ) .
• وعن عبد الله بن شرحبيل بن حسنة قال : رأيت عثمان بن عفان يأمر بتسوية القبور فقيل له هذا قبر أم عمرو بنت عثمان فأمر به فسوي " ( ) .
ولهذا روي عن عمرو بن شرحبيل أنه قال عند موته " لا ترفعوا جدثي- يعني القبر- فإني رأيت المهاجرين يكرهون ذلك " ( ) .
• وعن أبي بردة قال " أوصى أبو موسى حين حضره الموت فقال : إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا المشي... ولا تجعلوا على قبري بناء ( ).
وهذا كان سبب عبادة اللات . فقد روى ابن جرير بإسناده عن مجاهد { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى } [ النجم 19 ] ، قال : كان رجل صالح يلتُ السويق للحجاج فلما مات عكفوا على قبره ( ) .
ولأجل هذه العلة نهى الله عز وجل عن اتخاذ القبور مساجد لأن أصل صناعة صنم اللات نتجت عن تعظيم قبر اللات . ولهذا لعن رسول ïپ¥ من اتخذوا قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد ووصفهم بأنهم شرار الخلق عند الله ونهى أمته عن أن تتخذ قبره عيداً وأمرهم أن يصلوا عليه حيث كانوا .
فالأصنام نماذج تعريفية لصور أصحاب القبور التي افتتن بها الناس أيضاً حتى صاروا يرجون من بركة العكوف عندها والنذر لها ما يرجون من المساجد ويحصل لهم عندها من الخشوع والبكاء ما لا يحصل لهم في الصلاة أثناء وقوفهم بين يدي الله عز وجل .
وممن زين الشيطان لهم الشرك وأضلهم الله على علم : ذاك الغماري (أبو الفيض أحمد الصديق) فإن من فيوضاته الشركية كتاب (إحياء المقبور من أدلة استحباب بناء المساجد على القبور) . والذي يخالف في عنوانه ومضمونه الصحيح المتواتر من تحذير النبي ïپ¥ اتخاذ القبور مساجد . وهذا الغماري ثقة معتمد عند أشباهه الأحباش .

أئمة المذاهب الفقهية ينهون عن شرك التبرك

الاحتجاج عليهم بعبد الباسط فاخوري
ونبدؤهم بالشيخ الفاخوري مفتي لبنان الراحل حيث ذكر أصنافاً من المحرمات منها " اتخاذ القبور مطافاً واستلام القبور باليد " ( )
الاحتجاج عليهم بصاحبهم البوطي
قال محمد سعيد رمضان البوطي " فإذا دنوت من القبر الشريف فإياك أن تلتصق بالشبابيك أو تتمسح بها كما يفعل كثير من الجهال فتلك بدعة . . . ثم استقبل القبلة ولا تتوهم أن في هذا سوء أدب مع رسول الله ïپ¥ وأن الدعاء ينبغي أن يكون مع استقبال القبر . فإن الدعاء خطاب لله عز وجل لا يجوز أن يشرك فيه غيره ... " ( ) قال : " ولا تلتفت إلى كثرة من قد تراهم من الجهال والمبتدعين " ( ) .
المفاجأة الكبرى : السبكي ينهى عن مس قبر النبي ïپ¥ :
قال (وإنما التمسح بالقبر وتقبيله والسجود عليه ونحو ذلك فإنما يفعله بعض الجهال ومن فعل ذلك ينكر عليه فعله ذلك ويعلَم آداب الزيارة " ( ) وقال " ولا يمس القبر ولا يقرب منه ولا يطوف به " ( )
ونقل قول ابن تيميه بأن الصحابة لم يكونوا يأتون قبره ïپ¥ للصلاة عنده ولا لمسح القبر ثم قال " ونحن نقول إن من أدب الزيارة ذلك ننهى عن التمسح بالقبر والصلاة عنده " ( ) . ونقل السبكي قول مالك " ولا يمس القبر بيده " ( ) . فخذه يا حبشي حيث نص عليه حافظك السبكي محتجاً بالحافظ ابن تيميه في العقيدة .
مفاجأة من أبي حامد الغزالى
وقال الغزالى " ولا يمس قبراً ولا حجراً فإن ذلك من عادة النصارى " وقال أيضاً " فإن المس والتقبيل للمشاهد من عادة اليهود والنصارى " ( )

الشـافعيـة

نهى الإمام الشافعي وأتباعه رحمهم الله عن تجصيص القبور ورفعها والبناء والكتابة عليها وإضاءتها واتخاذها مساجد واستقبالها للدعاء والطواف بها وتقبيلها ومسحها باليد .
وذكر النووي أن هذا مذهب الشافعي وجمهور العلماء ( )
ونقل النووي عن الشافعي أنه قال فيما يبنى على القبر " رأيت من الولاة من يهدم ما بني فيها ولم أر الفقهاء يعيبون عليه ذلك " ( )
وحتى قال ابن حجر الهيتمي " وتجب المبادرة إلى هدم القبور المبني عليها المتخذة مساجد ، وهدم القباب التي على القبور إذ هي أضر من مسجد الضرار لأنها أسست على معصية رسول الله ïپ¥ " ( )
* ولم يفرق بين المقبرة المسبلة وغير المسبلة وبين قبور العلماء وغيرهم حتى قال في (شرح المنهاج 33) " وقد أفتى جمع بهدم كل ما بقرافة مصر من الأبنية حتى قبة الإمام الشافعي عليه الرحمة التي بناها بعض الملوك ، وينبغي لكل أحد هدم ذلك ما لم يخش منه مفسدة " ( ) .
- وحكى الشيخ علاء الدين بن العطار- تلميذ النووي الملقب بـ "مختصر النووي " لكثرة ملازمته إياه- أنه لما توفى النووي أراد أهله أن يبنوا على ضريحه قبة ، فرأته عمته في المنام وهو يقول لها : قولي لهم لا يفعلوا ذلك وأن يهدموا كل شيء بنوه " فأنفذوا وصيته ( ) .

قياس مس القبر بمس الحجر الأسود
وفي نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج لشمس الدين الرملي " يكره تقبيل القبر ومسحه " ( ) غير أنه استثنى ما إذا كان للتبرك بقبور الأولياء ودليله الشرعي " ما قاله الوالد" على حد قوله . وتعقب ابن حجر الهيتمي هذا الاستثناء وتعقب استنباط السيوطي تقبيل قبور الصالحين بتقبيل الحجر الأسود ولم يسلم له هذا لأنه يؤدي إلى تعظيم القبور ( ) .
وهذا الاستنباط عين الجهل فإن ما كان عبادة وقربة إلى الله لا مدخل للقياس فيه. وقد تقدم بأن القياس لا يجوز استعماله في أمور التوحيد ، قال الحافظ ابن عبد البر " لا خلاف في نفي القياس في التوحيد وإثباته في الأحكام " ( ) .
وقد كان بإمكان عمر أن يقيس الحجر على مثيله من الأصنام فيمتنع من تقبيل الحجر الأسود لكنه ترك القياس وفعل ما رأى النبي ïپ¥ يفعله .
وقد أذن الله لنا في مس الحجر الأسود وتقبيله ، ولم يأذن بتعليق السيوف على الشجرة ذات الأنواط مع أن الصحابة لم يطلبوا التبرك بمسها وإنما بمجرد تعليق السيوف فشبه النبي ïپ¥ قولهم بقول بني إسرائيل لموسى { اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } .
- ولكن إذا جاز مس القبر قياساً على مس الحجر الأسود ، فماذا نقول فيمن قاس الطواف حول قبور الصالحين بالطواف حول الكعبة أو نجيز لهم مثل هذا القياس ؟!
واحتج في المهذب في النهي عن البناء على القبور بحديث " لا تتخذوا قبري وثناً فإنما هلك بنو إسرائيل لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ( ) واحتج بقول الشافعي " وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجداً مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس " ( ) . وقال " وأكره أن يبنى على القبر مسجد أو يصلى عليه… وإن صلى أجزأه وقد أساء " ( ) .
• وقال أبو شامة الشافعي " لا يجوز أن يطاف بالقبر وحكى الحليمي عن بعض أهل العلم أنه نهى عن إلصاق البطن والظهر بجدار القبر ومسحه باليد وذكر أن ذلك من البدع " ( ) .
وجاء في المجموع للنووي والحاشية للبيجوري " وكانوا يكرهون أن يضرب الرجل على القبر مظلة " واستدلاً بما رواه البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى مظلة على قبر فأمر برفعها وقال " دعوه ؟ يظله عمله " ( ) .
وجاء في حاشية البيجوري على ابن قاسم " ويكره تقبيل القبر واستلامه ( ) ونقله عنه الإمام عبد الله بن محمد الجرداني الشافعي عن شرح البيجوري ( ) .
• وروى البخاري في باب (ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور) : ولما مات الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنه ضربت امرأته القبة على قبره سنة ثم رفعت فسمعوا صائح يقول " ألا هل وجدوا ما فقدوا ؟ فأجابه الآخر: بل يئسوا فانقلبوا " قال الحافظ ( ) مناسبة هذا الأثر لحديث الباب أن المقيم في الفسطاط لا يخلو من الصلاة هناك فيلزم اتخاذ المسجد عند القبر. وقال ابن المنير: فجاءتهم الموعظة على لسان الهاتفين بتقبيح ما صنعوا " .

موقف النووي من مس القبر

قال النووي " ويكره مسحه - قبر النبي ïپ¥ - باليد وتقبيله ، بل الأدب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضر في حياته ïپ¥ ، هذا هو الصواب وهو الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه ( ) وهذا تصريح من النووي بالإجماع على ذلك . وبه تثبت مخالفة الحبشي للإجماع وموافقة ابن تيميه له .
قال " وينبغي ألا يُغترّ بكثير من العوام في مخالفتهم ذلك ، فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بأقوال العلماء ، ولا يلتفت إلى محدثات العوام وجهالاتهم .
و قال " ولقد أحسن الشيخ الفضيل بن عياض رحمه الله في قوله : اتبع طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين ، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين. ومن ظن أن المسح باليد ونحوه أبلغ في البركة فهو من جهالته وغفلته ، لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع . وكيف يبتغى الفضل في مخالفة الصواب ؟! " ( ) .
وقال في المجموع " وقال الإمام محمد بن مرزوق الزعفراني- وكان من الفقهاء المحققين- في كتابه (في الجنائز) : ولا يستلم القبر بيده ولا يقبله . قال: وعلى هذا مضت السنة. قال أبو الحسن: واستلام القبور وتقبيلها الذي يفعله العوام الآن من المبتدعات المنكرة شرعا ينبغي تجنب فعله ويُنهى فاعله .
قال : فمن قصد السلام على ميت سلم عليه من قبل وجهه ، وإذا أراد الدعاء تحول عن موضعه واستقبل القبلة ( ) . قال الزبيدي " ويستدبر القبر الشريف " ( ) أي قبر النبي ïپ¥ عند زيارته .
وقال أبو موسى الأصفهاني في كتاب آداب الزيارة : وقال الفقهاء المتبحرون الخراسانيون : المستحب في زيارة القبور أن يقف مستدبر القبلة مستقبلا وجه الميت يسلم ولا يمسح القبر ولا يقبله ولا يمسه فان ذلك من عادة النصارى . قال : وما ذكروه صحيح لأنه قد صح النهي عن تعظيم القبور ولأنه إذا لم يستحب " استلام الركنين الشاميين من أركان الكعبة لكونه لم يسن مع استحباب استـلام الركنين الآخرين : فلأنْ لا يستحب مس القبور أولى والله أعلم " ( ) .
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 08-24-2015, 10:35 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

يستقبل القبلة أم القبر؟

لو سألت نفاة علو الله لماذا نرفع أبصارنا وأيدينا إلى السماء عند دعاء الله ، لقالوا لك : لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة .
ولو سألتهم هل نستقبل قبر النبي ïپ¥ عند الدعاء أم نستقبل القبلة ونستدبر القبر لقالوا : ليس من الأدب استدبار القبر بل تستقبل القبر عند الدعاء !!!
ففي كل مسألة لهم فيها قبلة .


والجواب :
ا) أن الصحابة كانوا أكثر تعظيما للنبي ïپ¥ من السبكي غير أنهم لم يحرضوا الناس على السفر إلى قبره ، كما علمت من الرواية التي في مصنف عبد الرزاق .
وتقدم قول النووي " وقد صح النهي عن تعظيم القبور" (المجموع 5/ 31) وقول الشافعي " أكره أن يعظم قبر حتى يجعل مسجداً " (الأم 1 / 278 ) .
فقد روى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن أيوب عن نافع قال " كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي ïپ¥ فقال : السلام عليك يا رسول الله . . قال معمر: ما نعلم أحدا من أصحاب النبي ïپ¥ فعل ذلك إلا ابن عمر" ( ) .
ولو كان السبكي معظماً حقيقة للنبي ïپ¥ لما سارع إلى رواية الموضوع والضعيف من الروايات والتعويل عليها، فلا تغتر بما زين له الشيطان .
وفي ذلك الرد على السبكي الذي أوجب السفر لزيارة قبر النبي ïپ¥ قال : " لأن المبالغة في تعظيم النبي ïپ¥ واجب " (شفاء السقام 83) مع أنه اعترف بأن المانع من البناء على القبور أن الجاهلية كانت تفعله وتقصد به تعظيم القبور" ( )
ولا تنس أن الشيعة يحرضون الناس على الحج إلى قبور أئمة أهل البيت بنفس الحجة وهو أن تعظيمهم واجب .
2) وهل هلكت المجوس إلا من جهة التعظيم ؟ قالوا : يتنزه الله عن خلق الشر وهل هلك المعتزلة إلا من جهة التعظيم ؟ قالوا : يتنزه الله "عن هذه الصفات المشابهة لخلقه ، ينزه الله عن أن يكون خالقاً للشر . وهل هلك النصارى إلا من جهة تعظيم المسيح ؟!
نص فتوى الغزالي في تحريم مس القبر
• وإليك نص فتوى الغزالى " ولا يمس قبراً ولا حجراً فإن ذلك من عادة النصارى" وقال أيضاً (فإن المس والتقبيل للمشاهد من عادة اليهود والنصارى" ( ) . علق المرتضى الزبيدي على ذلك في شرح الإحياء قائلاً "ولا تنظر ما أكب عليه العامة الآن وقبل الآن من رفع أصواتهم عند دخولهم للزيارة وتراميهم على شباك الحجرة الشريفة وتقبيلهم إياه " . أضاف " وقد ورد النهي عن ذلك فليحذر منه ". وكان قد علق على قول الغزالي (وليس من السنة أن يمسح الجدار ولا يمسه ولا أن يقبله) قال الزبيدي " كما تقوله العامة " وفي موضع آخر قال " وكل ذلك بدعة منكرة إنما يفعلها الجهال " قاله السبكي ( ) .
فماذا يقول المحتجون بالغزالي والزبيدي بعد ذلك ؟!
وكذلك قول ابن حجر الهيتمى في الزواجر: (الكبيرة الثالثة والتسعون : اتخاذ القبور مساجد وإيقاد السرج عليها واتخاذها أوثاناً والطواف بها واستلامها " ( )
وقال السمهودي في وفاء الوفا " ويجتنب لمس الجدار وتقبيله " ونقل عن الغزالي أن هذا من عادة اليهود والنصارى ( ) . ومثل هذا يتحاشى الأحباش ذكره إذا احتجوا بالسمهودي وكتابه الذي يحوي الشيء ونقيضه ، ويأتي بروايات لا تحقيق لأسانيدها ، ويلزم من اقتصر في مرويات العقائد على المتواتر دون الآحاد أن يسند هذه الروايات عن أحمد وغيره متواترة .

هل لفظ الكراهية يفيد التنزيه أو التحريم؟

قد أجاب الشيخ ابن حجر عن هذا السؤال قائلاً " والقول بالكراهة التنزيهية غير صحيح إذ لا يظن بالعلماء تجويز فعل تواتر عن النبي ïپ¥ لعن فاعله " ( ) ،. قلت: زد عليه أن النبي ïپ¥ وصفهم بأنهم شرار الخلق عند الله وأنهم أشد الناس عذاباً .
والظن بأئمة أهل العلم كالشافعي وغيره أن يعلوا بالكراهة ما يكرهه الله ورسوله من المحرمات كقوله تعالى { وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ } وقوله بعد نهيه عن القتل والزنا وأكل مال اليتيم { كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا } . وقول النبي ïپ¥ " إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال " وليست إضاعة المال جائزة مع الكراهة .
• وقد صرح الشافعي بكراهة تزوج الرجل ابنته من الزنى فهل يعني ذلك جواز ذلك مع الكراهة ؟ حاشاه أن يبيح ذلك . بل إن هذه الكراهة منه على وجه التحريم لأن الحرام يكرهه الله ورسوله .
• فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه في كلام الله ورسوله كما تبين لك . وإنما اصطلح المتأخرون على تخصيص الكراهة بما ليس محرماً ومن هنا وقع الالتباس .

الهيتمي يتعقب السبكي

وقد اعترض السبكي على حكاية النووي الإجماع على منع مس القبر النبوي وتقبيله ظنا منه صحة حديث أبي أيوب الأنصاري أنه وضع رأسه على قبر النبي ïپ¥ فقيل له أتدري ما تصنع ؟ قال نعم . إني لم آت الحجر إنما جئت إلى رسول الله … " فقال السبكي " فإن- صح هذا الإسناد لم يكره مس جدار القبر" وهذا دليل على انه غير جازم بثبوت هذه القصة. بل دليل على تناقضه فإنه اعتبره من عمل الجهال وأن من فعل ذلك ينهى عنه ( ) .
ولقد تعقبه الهيتمي ورد عليه قائلاً : " الحديث المذكور (يعني حديث أبي أيوب) " ضعيف " . فما قاله النووي- أي حكايته الإجماع على النهي عن مس القبر- صحيح لا مطعن فيه " ( ) .
• وتقدم أن الحديث مع ضعفه فيه إشكال كبير يبطل الاستدلال به إذ : كيف يجعل أبو أيوب رأسه على القبر وقد كان القبر مسنماً كما عند البخاري معلقا (1390) مسوى بالأرض غير مرتفع : إذ لو فعل أبو أيوب لاضطر أن يصير على هيئة الساجد . وهل يقول عاقل أن الصحابة كانوا يسجدون لقبر النبي ïپ¥ ؟ وكيف يتوقع ارتفاع قبر النبي ïپ¥ وقد نهى أن يبنى على القبر وبعث ïپ¥ علياً أن لا يدع قبراً مرتفعاً إلا سواه بالأرض كما عند مسلم ( ) .
وليس وضع رأس أبي أيوب على القبر- على افتراض صحته- يصلح دليلاً على التمسح بالقبر وتقبيله . فالمسح والتقبيل لم يكن من عادة أحد من الصحابة ومن ادعى العكس فعليه الدليل ولكن بشرط : أن يأتي في ذلك بسند صحيح .
• وقد حكى النووي إجماع العلماء على خلاف ما تزعمونه وبالغ في النهي عن مس القبر وتقبيله والتمسح به حتى قال (هذا ما قاله العلماء وأطبقوا عليه) فكيف تنسبون إلى الشافعى شيئاً حكى النووي الإجماع على خلافه ؟
• وكيف ينهى ابن حجر الهيتمي والحليمي وسلطان العلماء العز بن عبد السلام عن هذا العمل ؟ وكيف يجعل الغزالي والهيتمي التمسح بالقبور من عادات النصارى ؟ وهل كانا جاهلين بما تزعمون أنه من عقيدة أهل السنة ؟ أم أن هذا من عمل الذين قال فيهم نبينا ïپ¥ " لعن الله اليهود والنصارى : اتخذوا قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد " " ألا لا تتخذوا قبور أنبيائكم مساجد : ألا فإني أنهاكم عن ذلك " .
ولكن الحبشي يدعونا إلى العمل بعادات النصارى ، فقد أجاز للناس التمسح بجدران قبور الصالحين واستدل لذلك بتجربة رجل مسح يده بقبر الإمام أحمد فتعافت بعد ذلك ( ) وكأن التجارب أصل في معرفة ما يحسن فعله أو يقبح . ألم يقل من قبل أنه لا حسن ولا قبح إلا بالشرع . فما بال الحسن والقبيح صار يثبت الآن بالتجارب ؟ !
وقال البغوي " يكره أن يضرب على القبر مظلة لأن عمر رضي الله عنه رأى مظلة على قبر فأمر برفعها وقال دعوه : يظله عمله ( ).
وصرح البيضاوي بأن اليهود والنصارى كانوا يتوجهون إلى قبور صلحائهم بالصلاة والدعاء ( ) .






الحـنـفـــية

و أما الأحناف فقد نهوا عن تجصيص القبر وتطيينه واتخاذه مسجداً . نص عليه محمد صاحب أبي حنيفة في كتابه الآثار قائلاً " ونكره أن يجصص القبر أو يطين أو يجعل عنده مسجداً أو يكتب عليه ونكره الآجر أن يُبنى به أو يدخل القبر وهو قول أبي حنيفة " ( )
قال الكاساني في بدائع الصنائع (1/ 320) " وكره أبو حنيفة البناء على القبر ، والكراهة إذا أطلقت فهي للتحريم . وقد صرح بالتحريم ابن الملك من الأحناف .
وجاء في (مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر1/313) النهي عن الدعاء عند القبور ( ) .
وقد علق الشيخ ملا علي القاري الحنفي على قول مالك في رواية ابن وهب " ويدنو ويسلم ولا يمس القبر" فقال " لأن ذلك من عادة ا لنصارى ( ) .
وفي الفتاوى الهندية (1/265 )" ولا يضع يده على جدار التربة " أي عند زيارة قبر النبي ïپ¥ .
وذكر محمد علاء الدين الحصكفي أن الذي يفعله العوام من تقديم النذور إلى ضرائح الأولياء باطل وحرام بالإجماع ( ) وشرح ابن عابدين قوله هذا فقال " كأن يقول : يا سيدي فلان إن رد غائبي أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي فلك كذا . وعلل سبب بطلان ذلك أن هذا المنذور لميت . قال " والميت لا يملك ( ) ولم يقل لا يخلق يا أصحاب الحجا والعقول !
وقد أخذ شاه ولي الله الدهلوي الهندي الحنفي يستنكر ما وقع فيه أهل زمانه من مشابهة المشركين حيث " يذهبون إلى القبور والآثار، ويرتكبون أنواعاُ من الشرك وفي الحديث " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل " ( ) ووافقه على هذا الاستنكار الإمام إسماعيل الدهلوي ( ) .
وقال الطحطاوي الحنفى ( ) في حاشيته على مراقي الفلاح ما نصه ( ) " ولا يستلم القبر ولا يقبله ، فإنه من عادة أهل الكتاب ، ولم يعهد الاستلام إلا للحجر الأسود والركن اليماني خاصة " .

الحنـابلـة

قال ابن قدامة في المغنى " ولا يستحب التمسح بحائط قبر النبي ïپ¥ ولا تقبيله قال أحمد : ما أعرف هذا . قال ابن الأثرم : رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون قبر النبي ïپ¥ يقومون من ناحية فيسلمون " ( ) .
الأمر بهدم القباب والقبور
والتبرك بمسح جدران القبور ومصافحتها جاهلية مخالفة لما ثبت تخصيصه وهو الحجر الأسود فقد علمنا النبي ïپ¥ أن نمسه وأن نقبله ولم يندبنا إلى فعل ذلك فيما سواه . فدل على التخصيص ومع ذلك فقد قال عمر " والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت رسول الله ïپ¥ يقبلك ما قبلتك " ( ) ، وهذا خاص ببيت الخالق ولا يقاس بيت المخلوق على بيت الخالق .
وأوصى أبو هريرة أن لا يوضع على قبره فسطاطاً فقال " لا تضعوا على قبري فسطاطا " ( ) وقال علي رضي الله عنه لأبي الهياج الأسدي " ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ïپ¥ ؟ ألا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفاً (أي مرتفعا) إلا سويته (بالأرض) " ( ). وأوصى سعيد بن المسيب الوصية نفسها ( ). فإيراد التمثال مع القبر في جملة يبين أن كليهما (القبر والصنم) سببان من أهم أسباب وقوع الشرك بين الناس.
وكان أحمد ينهى عن البناء على القبور ويقول " رأيت الأئمة يأمرون بهدم ما يبنى " ( ). وكان احمد يرى بطلان الصلاة في المساجد المبنية على القبور.
وفي غاية المنتهى ( ) لمرعي بن يوسف الحنبلى " كره رفع قبر فوق شبر وتجصيصه وتقبيله... وكره أحمد الفسطاط والخيمة على القبر. ونقل عن ابن القيم : يجب هدم القباب التي على القبور لأنها أسست على معصية الرسول.. قال : وحرم إسراج القبور وكذا الطواف بها وجعل مسجد عليها وبينها وتتعين إزالته " .
• ونص السيوطي في حسن المحاضرة على أنه لما عزم الظاهر بيبرس على هدم ما في القرافة من البناء استشار العلماء فكتبوا إليه أنه يجب على ولي الأمر أن يهدم ذلك كله ولم يختلف في ذلك أحد منهم..
قال " فهذا إجماع من هؤلاء العلماء المتأخرين فكيف يجوز البناء فيها ؟ فعلى هذا فكل من فعل هذا فقد خالفهم " ( ) .
• وروي القاضي أبو يعلى عن أحمد بن حنبل أنه قيل له " قبر النبي ïپ¥ يمس ويتمسح به ؟ قال: ما أعرف هذا .
قيل له : فالمنبر ؟ قال : نعم قد جاء فيه .
وقيل له : إن من أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون ويقومون ناحية فيسلمون .
قال : نعم ، وهكذا كان ابن عمر يفعل .
• علق القاضي قائلاً " وهذه الرواية تدل على أنه ليس بسنة وضع اليد على القبر " . وذكر القاضي بأن طريقة التقرب إلى الله تقف على التوقيف ، واحتج لقول عمر للحجر الأسود " ولولا أنى رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك " ( ) .
• وذكر الحافظ ابن رجب في ترجمة أبى محمد التميمي أحد مشاهير علماء الحنابلة أن الخليفة المطيع لله آنذاك أنفذ بمال عظيم ليبني قبة على قبر أحمد بن حنبل فقال له جدي وأبو بكر بن عبد العزيز : أليس تريد أن تتقرب إلى الله تعالى بذلك ؟ فقال: بلى. فقالا له : إن مذهبه أن لا يبنى عليه شيء . فقال : تصدقوا بالمال على من ترونه . فقالا له : بل تصدق به على من تريد أنت . فتصدق به " ( ) .
وأما ما يروى عن أحمد من أنه كان لا يرى بأساً بتقبيل القبر النبوي فهذه الروايات ليست من المتواتر القطعي الذي اشترطه الحبشي وأضرابه بل تحتاج إلى التحقق من سندها مثلما هو الحال في الروايات النبوية . لأن الوضاعين لم يكذبوا على النبي ïپ¥ فحسب وإنما كذبوا على الأئمة أيضاً .
- ثم إن الحافظ ابن حجر العسقلاني ذكر أن بعض أصحاب أحمد قد استبعدوا ذلك ( ) .
- وشك ابن حجر الهيتمي في هذه الرواية عن أحمد أيضاً، وذكر أن بعض أصحاب أحمد استبعدوا ذلك . وقرينة ذلك ما رواه عنه الأثرم من أنه سئل عن جواز لمس قبر النبي ïپ¥ والتمسح به فقال: ما أعرف هذا ( ) .
قال : ويؤيد ذلك ما جاء في مغني الحنابلة : من أنه لا يستحب التمسح بحائط القبر ولا تقبيله " وجاء سبب هذا النهى في المغني " لأن فيه إفراطاً في تعظيم القبور أشبه بتعظيم الأصنام ولأن الصلاة عند القبور أشبه بتعظيم الأصنام بالسجود ولأن ابتداء عبادة الأصنام كان في تعظيم الأموات باتخاذ صورهم ومسحها والصلاة عندها " ( ) . قال ابن حجر الهيتمي : فتعارضت الروايتان عن أحمد .
• قلت : قال صاحب كشاف القناع الذي هو موضع احتجاج الأحباش " ويكره تقبيله والطواف به لأن ذلك كله من البدع والاستشفاء بالتربة من الأسقام ، ويحرم إسراجها واتخاذ المساجد عليها لأنه يشبه تعظيم الأصنام " ( ) ( ).
وفي الإنصاف للمرداوي الحنبلي قال " قال أحمد : أهل العلم كانوا لا يمسونه " قال المرداري : ولا يستحب التمسح بالقـبر على الصحيح من المذهب " ( ) .
• وجاء في (المبدع) ( ) " ولا يتمسح بالقبر. وقيل يجوز، وقيل يكره لأن القُرَبَ تتلقى من التوقيف ولم ترد به سنة وقال ابن عقيل : أبرأ إلى الله تعالى منه " .
وجاء في (المغني 2 / 506) " ويكره رفع القبر والبناء عليه وتجصيصه . وجاء النص بتحريم اتخاذ القبور مساجد في (شرح المنتهى 1/353 ) .
• وفي كتاب الفروع ( ) يكره تقبيل القبور والطواف بها... ولا يكنيهم ذلك (أي العوام والجهال) حتى يقولوا للميت: بالسر الذي بينك وبين الله... وأي شيء من الله يسمى سراً بينه وبين خلقه... واستشفوا بالتربة من الأسقام : فهذا يقول جمالي قد جربت. وهذا يقول : أرضي قد أجدبت . كأنهم يخاطبون حياً ويدعون إلهاً " .
• وصرح السمهودي بأن الشافعي ومالك وأحمد قد أنكروا وضع اليد على القبر أشد الإنكار .
وروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه رأى رجلاً وضع يده على قبر النبي ïپ¥ فنهاه وقال : ما كنا نعرف هذا على عهد النبي ïپ¥ . قال " وفي تحفة ابن عساكر: ليس من السنة أن يمس جدار القبر المقدس ، ولا أن يقبله ولا يطوف به كما يفعله الجهال بل يكره ذلك ولا يجوز . قال : والوقوف من بعد أقرب إلى الاحترام .
وقال ابن جماعة في منسكه : ورأيت حاشية على كلام المجد بخط الحافظ جمالي الدين بن خياط اليمني : ومما أحدث في دولة الملك الأشرف سُمّرَت أبواب الدرابزين... قصدوا (أي العلماء) تنزيه المشهد الشريف عن كثرة اللامسين بالأيدي ، فإن كثيراً من جُهّال العرب وغيرهم يلصقون ظهورهم بصندوق القبر الشريف وجداره قاصدين بذلك التبرك : والخير كله في استعمال الأدب ( ) .
قال ابن جماعة : وقال السروجي الحنفي : لا يلصق بطنه بالجدار ولا يمسه بيده .
وقال الزعفرانى في كتابه : وضع اليد على القبر ومسه وتقبيله من البدع التي تنكر شرعاً .
وحكى الجزيري في (الفقه على المذاهب الأربعة 1 / 552 ) قول عامة أهل الفقه (ولا يطوف بالقبر ولا يقبل حجراً ولا عتبة ولا خشباً ولا يطلب من المزور شيئاً " .
ومن الملاحظ إطناب مؤلفي الفقه في أبواب الردة من ذكر تفاصيل المكفرات ، ما وقع منه وما لم يقع ، وإعراضهم عن تفصيل المشركات ( ) .

المالكيــة

قال الحافظ في الفتح " أما مالك فقد كان رحمه الله يكره أن يقول الرجل : زرت قبر النبي ïپ¥ ". ونص عليه القرافي في الذخيرة ( ) . وسئل عن رجل نذر أن يأتي قبر النبي ïپ¥ فقال مالك "إن كان أراد القبر فلا يأته ، وإن أراد المسجد فليأته " ثم احتج بحديث " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث " ( ) .
وهذا أعظم دليل على أن مالكاً لم تصح عنده أحاديث الحث على زيارة قبر النبي ïپ¥ إذ لو صحت لما تجرأ أن يقول " أكره أن يقال زرت قبر النبي " .
وقد اعترف الحبشي بقول مالك وعلله بأنه قال هذا القول تأدباً مع النبي ïپ¥ وحرّف تلميذه نبيل الشريف قول النبي " لا تجعلوا قبري عيداً " بمعنى لا تجعلوا زيارتكم لقبري مرة واحدة في السنة فتجعلوه عيداً ولكن زوروني دائماً " .
وكأنه ïپ¥ بزعمهم يقول (اجعلوا قبري أعياداً كثيرة ولا تجعلوه عيداً واحداً فقط " وهذا قلب للحقائق وتلاعب بكلام النبي ïپ¥ :
ويبطل هذا التحريف ما قاله المرتضى الزبيدي إن سبب قول النبي ïپ¥ " لا تجعلوا قبري عيداً "هو قول النبي ïپ¥ " اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ( ) . فهذه حجة بالغة .
وقول النووي أن مالكاً كره لأهل المدينة كلما دخل أحدهم المسجد وخرج ، الوقوف عند قبر النبي ïپ¥ محتجاً بقول النبي ïپ¥ " اللهم لا تجعل قبري عيداً " ( ) فخذوه حيث مالك عليه نص .
وكيف يكون هذا التعليل صحيحاً وقد جاء في تتمة الحديث " وصلوا على حيث كنتم " ؟
وكيف لم يفهم الصحابة هذا الذي فهمتموه ؟
وإذا فهموه فكيف لم يعملوا بهذه الوصية ولم يثبت عن الصحابة المداومة على التردد إلى قبر النبي ïپ¥ . فقد روى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن أيوب عن نافع قال " كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي ïپ¥ فقال : السلام عليك يا رسول الله .. قال معمر: ما نعلم أحداً من أصحاب النبي ïپ¥ فعل ذلك إلا ابن عمر( ) .
وكيف يقول مالك " أكره أن يقول الرجل: زرت قبر النبي ïپ¥ "
فيما حكاه عنه الحافظ في الفتح والقرافي بل حكى النووي عنه أنه كان يكره الوقوف عند قبر النبي كلما دخل وخرج مستنبطاً ذلك من حديث يحتج به الأحباش " اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد" ( ) ؟
فإما أن يكون الصحابة ومالك مخطئين يكرهون التعرض لنفحات القبور وإما أن تكونوا قد حرفتم وبدلتم كلام النبي ïپ¥ بتأويلاتكم .
وفى الشفاء للقاضي عياض عن مالك قال " لا أرى أن يقف عند قبر النبي ïپ¥ ولكن يسلم ويمضى " وروى ابنا وهب عنه أنه قال " ويدنو ويسلم ولا يمس القبر" قال الشيخ ملا على القاري الحنفي معلقاً " لأن ذلك من عادة النصارى " ( )
وقال ابن الحاج المالكي في كتابه المدخل " قال مالك في رواية ابن وهب : اذا سلم على النبي ïپ¥ ... لا يمس القبر بيده ( ) . ووصف من يطوفون بالقبر الشريف كما يطوف بالكعبة ويتمسح به ويقبله بالجهال الذين لا علم عندهم وصرح بان ذلك كله من البدع : " لأن التبرك إنما يكون بالاتباع له " ( )
ونص القرافي في الذخيرة (3/381) على أن التقبيل والاستلام خاصان بالكعبة .
وقال القاضي عياض ( ) في الشفاء ما نصه " ومن كتاب أحمد بن سعيد الهندي فيمن وقف بالقبر : لا يلصق به ولا يمسه ولا يقف طويلا عنده ( ) ". انتهى مما نقله السمهودي . وقال نحوه الشهاب الخفاجي في نسيم الرياض واصفاً من يقبلون قبور الأولياء بالعوام ( ) .
وصرح محمد ابن وضاح المالكي بأن مالك بن أنس وغيره من علماء المدينة كانوا يكرهون إتيان تلك المساجد وتلك الآثار بالمدينة ما عدا قباءً وأحداً قال: لأن ذلك يشبه الصلاة عند المقابر ، إذ هو ذريعة إلى اتخاذها أعياداً وإلى التشبه بأهل الكتاب " .
وقال العلامة زروق المالكي في شرح رسالة القيرواني " من البدع اتخاذ المساجد على قبور الصالحين... والتمسح بالقبر عند الزيارة وهو من فعل النصارى وحمل تراب القبر تبركاً به : وكل ذلك ممنوع بل يحرم " ( ) . كذا قال في حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر سيدي خليل ( )
وقال مالك " وليس يلزم من دخل المسجد وخرج منه من أهل المدينة الوقوف بالقبر وإنما ذلك للغرباء ، فقيل له إن أناساً من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه إلا يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر فيسلمون ويدعون ساعة . فقال : لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا ، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ، ويكره ذلك إلا لمن أتى من سفر أو أراده " ( )
وقال ابن الحاج " ومن كتاب أحمد بن سعيد الهندي : ومن وقف بالقبر لا يلتصق به ولا يمسه ولا يقف عنده طويلا " ( ) .
قال ابن الحاج المالكي " فترى من لا علم عنده يطوف بالقبر الشريف كما يطوف بالكعبة الحرام ويتمسح به ويقبله ذلك كله من البدع لأن التبرك إنما يكون بالاتباع له ïپ¥ . وما كان سبب عبادة الجاهلية للأصنام إلا من هذا الباب. ولأجل هذا كره علماؤنا التمسح بجدار الكعبة أو بجدار المسجد إلى غير ذلك مما يتبرك به سداً لهذا الباب لأن صفة التعظيم موقوفة عليه ïپ¥ : فكل ما عظمه رسول الله ïپ¥ نعظمه ونتبعه .
فتعظيم المسجد : الصلاة فيه لا تقبيله والتمسح بجدرانه... وتعظيم الولي : اتباعه لا تقبيل يده وقدمه ولا التمسح به... وقد قال عليه الصلاة والسلام " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ( ) .
وجاء في المدونة ما نصه " قال مالك : أكره تجصيص القبور والبناء عليها( ) . قال سحنون " فهذه آثار في تسويتها فكيف بمن يريد أن يبني عليها " . وفي حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ( 1 / 425 ) ما نصه " ويجب هدم القباب . . ويحرم البناء على القبر " .
وبالجملة فقد نهى المالكية عن جملة من وسائل الشرك كتجصيص القبور ورفعها واتخاذها مساجد واستقبالها للدعاء والصلاة عليها وشد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة ( ) .
قال القرطبي المالكي ما نصه " فاتخاذ المساجد على القبور ممنوع لا يجوز... قال علماؤنا- أي المالكية- يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد... " قال " وأما تعلية البناء الكثير على نحو ما كانت الجاهلية تفعله تفخيماً وتعظيماً فذلك يُهدم ويُزال فإن فيه تشبها بمن كان يعظم القبور ويعبدها . وهو حرام " ( ) .
• وقال " التمسك بسد الذرائع وحمايتها وهو مذهب مالك وأصحابه ودل على هذا الأصل الكتاب والسنة " ثم ذكر حديث عائشة " أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا للرسول الله ïپ¥ ، كنيسة بالحبشة فيها تصاوير فقال رسول الله ïپ¥ " إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله " .
• قال " قال علماؤنا : ففعل ذلك أوائلهم ليتأنسوا برؤية تلك الصور ويتذكروا أحوالهم الصالحة فيجتهدوا كاجتهادهم ويعبدوا الله عز وجل عند قبورهم فمضت لهم بذلك أزمان ، ثم انهم خلف من بعدهم خلوف جهلوا أغراضهم ووسوس لهم الشيطان أن آباءكم وأجدادكم كانوا يعبدون هذه الصورة فعبدوها فحذر النبي ïپ¥ من مثل ذلك وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال " اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد" وقال " اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد " ( ) .

وفي هذا الحديث فوائد مهمة :

ا) أن المشركين اتخذوا القبور أوثاناً وأن القبور كانت أصل فتنتهم .
2) أن نبينا ïپ¥ أطلق صفة الوثن على القبور التي يدعوها الناس من دون الله والوثن هو : اسم جامع لكل ما عُبد من دون الله لا فرق بين الأشجار والأحجار " . وقد علمت أن الدعاء عبادة كما أن الصلاة والزكاة عبادة .
3) أن نبينا كان يخشى قبيل موته أن تدب وثنية القبور في أمته كما دبت في الأمم قبلها .

موقف أهل البيت من هذا التبرك

روى عبد الرزاق في مصنفه وابن أبي شيبة أن على بن الحسين رضي الله عنه رأى رجلاً يأتي فرجة كانت عند قبر النبي ïپ¥ فيدخل فيها فيدعو ، فنهاه وقال : " ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبى عن جدي - يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله ïپ¥ قال : لا تتخذوا قبري عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وسلموا علي فإن تسليمكم يبلغني أينما كنتم " قال السخاوي " وهو حديث حسن " ( ) .

فتوى معاصرة لعلماء المدينة المنورة
وقد صدرت فتوى لعلماء المدينة المنورة نشرت في جريدة أم القرى (عدد 69 تاريخ 17 شوال 1344 هـ) ومما جاء فيها :
" وأما البناء على القبور فهو ممنوع إجماعا لصحة الأحاديث الواردة في منعه ، ولهذا أفتى كثير من العلماء بوجوب هدمه مستندين على ذلك بحديث علي رضي الله أنه قال لأبي الهياج الأسدي / ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ïپ¥ أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبراً مشرفاً إلا سويته "… وأما ما يفعله الجهال عند الضرائح من التمسح بها والتقرب لهم بالذبح والنذر ودعاء أهلها مع الله فهو حرام ممنوع شرعاً لا يجوز فعله أصلاً ، وأما التوجه إلى حجرة النبي ïپ¥ عند الدعاء فالأولى منعه كما هو معروف من معتبرات كتب المذهب ، ولأن أفضل الجهات جهة القبلة، وأما الطواف بها والتمسح وتقبيلها فهو ممنوع مطلقاً " انتهت فتوى علماء أهل المدينة المنورة .
وهذه الفتوى وجدت معارضة من قبل الروافض وبالتحديد من صدر الدين الكاظمي فكتب رسالة بعنوان " رسالة الرد على فتاوى الوهابيين " .
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 01:14 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.