انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟!

كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-08-2010, 10:58 PM
الشمعة المتفائلة الشمعة المتفائلة غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي خواطر إيمانية - عظمة الله ..۞

 

بسم الله الرحمن الرحيم

خواطر إيمانية ..
وفيها :
معنى سبحان الله العظيم ..
لماذا نصِف الله تعالى بالعظمة ؟
ما حكمة تولي الملائكة بعض شئون البشر والله أعلم بها ؟


سبحان الله العظيم .. أو .. سبحان ربي العظيم ..
كلمتان يقولهما كل مسلم في اليوم الواحد عشرات المرات ..
ويزيد هذا العدد أو ينقص بحسب التزامه بالصلاة والذكر ..
ولكن ..
هل تفكرت لبعض الوقت في مدى عظمة الله فعلا ؟!!
إذا لم تفعلها ولو لمرةٍ واحدة في حياتك .. فأنا أدعوك الآن ..
وإذا كنت فعلتها قبلا .. فعسى ما تقرأه اليوم يكون فيه التذكرة ..
وعسى أن يكون فيه الزيادة ..
إذا كنت ممن يخاف الناس أكثر مما يخاف الله ..
إذا كنت ممن لا يعرفون لله قدرا ..
إذا كنت ممن يفقدون الثقة في نصر الله أو توفيقه أحيانا ..
إذا كنت ممن لا يتقون الله حق التقوى ..
إذا كنت ممن لا يُعظِمون الله حق التعظيم ..
فاقرأ معي هذه الرسالة ..

معنى سبحان الله العظيم ..


س : يا شيخ .. أريد أن أسأل عن شيء .. ولكن لا تسخر مني !!
ج : تفضل يا أخي الكريم .. وأرجو منك ألا تعيد هذه الكلمة مرة أخرى .. فالإنسان لا يولد أبدا عالما .. بل أنت في خير دوما طالما تسأل وتتعلم .. فلا تشعر بأي حرج في السؤال أبدا .. بل الحرج كل الحرج في أن تبقى جاهلا .. لا لشيءٍ سوى أنك تستحي أن تسأل !!
فاسأل ما بدا لك ..

س : فتح الله عليك وبارك لك في أخلاقك وفي علمك .. وأعدك أني – ومن الآن – لن أستحيي أبدا في أن أسأل في أي أمرٍ أجهله من أمور الدين .. والسؤال الذي دار بعقلي هذا الصباح هو :
ما معنى كلمة : سبحان ربي العظيم ، أو سبحان الله العظيم بالضبط ؟ فإني أقولها يوميا في ركوعي وفي أذكاري .. ولكن للحق .. فإني لا أعرف معناها على وجه التفصيل .. فما هو جزاك الله خيرا ؟
ج : والله يا أخي لقد سألت سؤالا هاما فعلا .. وإنه لشرفٌ لي أن أتكلم في هذا الموضوع .. ووالله لو علم المسلمون واستشعروا معنى الكلمة التي يرددونها صباح مساء .. ما كان هذا حالنا أبدا في يوم من الأيام إذا عملنا بمقتضاها ..
فأبدأ أولا وأقول :

1 – كلمة ( سُبحان ) هي كلمة للتقديس والتعظيم .. بل هي النهاية في التقديس والتعظيم .. ومن عجائب هذه الكلمة أنها لم ولن تقال أبدا إلا إلى الله تعالى !!
فمع ضلال الكثير من الأمم والشعوب والمذاهب من قبل .. ومع كل ما ومن عبدوه من دون الله تعالى .. فلم تقال أبدا في يوم من الأيام لا لشخص أو ملِك أو رسول .. ولم تقال لجني ولا لملاك .. ولم تقال لحيوان أو جماد .. ولم تقال للشمس ولا للقمر ولا لغيرهما من النجوم والكواكب !! فسبحان الله العظيم ..

2 – وهنا يأتي الدور في التعريف للتفريق سريعا بين كلمات : (رب – إله – الله) .. أما كلمة (رب) .. فتعني المُرَبي .. وهو الذي يعتني بتربية وإعانة وإعاشة من يعول .. فالله تعالى بربوبيته يتولى رعاية جميع مخلوقاته .. بما فيهم الكافر .. فلقد جعل له الله تعالى حقا في ربوبيتة أيضا !!.. ومنها جاءت كلمة (رب المنزل) أو (ربة المنزل) ..
أما كلمة (إله) .. فتعني المخصوص بالعبادة .. وللأسف فإن البشر يُشركون فيها دوما ما هو دون الله تعالى .. فهناك من اتخذ آلهة من البشر .. كزيوس أو فرعون .. أو من الرُسل .. كعُزير أو عيسى بن مريم عليهما السلام .. أو من الملائكة .. كجبريل عليه السلام .. أو من الحيوانات أو الجمادات أو الكواكب .. بل ومنهم من اتخذ إلهه هواه كما أخبر بذلك الله تعالى في غير ما آية من القرآن ..
وأخيرا كلمة (الله) .. وهي اسم الله نفسه .. أو كما يقولون هي اسم العَلم الدال على ذات الله تعالى .. وأيضا من عجائبها أنها لم ولن تُطلق إلا على الله وحده كما أخبر بذلك في قرآنه فقال : " ربُ السماواتِ والأرض وما بينهما .. فاعبده واصطبر لعبادته .. هل تعلم له سميا ( أي هل تعلم أحدا تسمى باسمه من قبل ؟) " مريم – 65 ..
وكما تقول مثلا عن إبراهيم أنه له صفات مثل الذكاء والكرم والشجاعة .. فإننا نصف الله تعالى أيضا بصفات وأسماء مثل الرحمن والرحيم والكريم والعليم والعظيم .. فيكون بذلك اسم الله تعالى شاملا لكل صفاته وأسمائه الأخرى ..

3 – والآن نأتي لمعنى كلمة (العظيم) .. وهي أصل موضوع السؤال .. فكلمة العظيم تعني : الكبير الشأن .. أو ذو المكانة الرفيعة العالية التي توجب لمن هو دونه : التبجيل والاحترام والمهابة والطاعة .. وهو ما نسميه مُجملا ب (التعظيم) ..
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو :

لماذا نصف الله تعالى بالعظمة ؟
وفي الإجابة عن هذا السؤال .. أُريد أن أذكر لك شيئا حدث لي بالفعل منذ أن كنت صغيرا لم أتجاوز العشر سنين ..
فقد كنت أحب الاستماع للقرآن الكريم دوما .. وكان مما سمعته من الآيات وعلق في ذهني هذه الآية :
" وعنده مفاتيح الغيب .. لا يعلمها إلا هو .. ويعلم ما في البر والبحر .. وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمُها .. ولا حبةٍ في ظلمات الأرض .. ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبين " الأنعام – 59 ..

وبما أن الله تعالى قد حبب إلي التفكير منذ الصغر .. فلم تقف علاقتي مع هذه الآية أبدا عند السماع فقط .. ولكني بدأت أتفكر فيها أيضا .. فماذا حدث ؟
أولا .. كنت مُشتركا في نادي للألعاب الرياضية .. وكان الطريق المؤدي إلى النادي مليئا بالأشجار .. وحدث أني لأول مرة أنتبه لأوراق هذه الأشجار .. فالله تعالى قال " وما تسقط من ورقة إلا يعلمها " !! .. فأخذت أحسبُ بعقلي الصغير وقتها عدد الأوراق على الأشجار بالتقريب .. فكانت النتائج مُذهلة !!
فالغصن الواحد يحتوي على كم ورقة ؟ .. هممم .. (20) .. لا .. بل هم لل (30) أقرب .. !! ثم كم غصنا في الفرع أو الجذع الواحد تقريبا ؟.. قل في المتوسط (10) .. هذا يجعل العدد حتى الآن (300) ورقة تقريبا !! ..
بعد ذلك قابلتني المشكلة الأكبر .. ألا وهي هذا السؤال :
والشجرة بها كم جذع تقريبا ؟ ... بالطبع كانت الشجرة كثيفة الأغصان والفروع .. ولكني – بعقلي وقتها – قمت بتقدير المتوسط حوالي تقريبا (100) – والحقيقة أن المتوسط أكبر من هذا الرقم بالطبع - .. فخرجت بهذه النتيجة : أن الشجرة الواحدة بها تقريبا : (000 10 ) ورقة !! .. ثم نظرت أمامي في الطريق إلى النادي فوجدت على جانبي الطريق أشجارا متقاربة الحجم والشكل .. فحسبتها بسرعة فوجدتها تقريبا (50) .. وبما أنني كنت صغيرا وقتها .. فلم أعرف كيف أضرب هذين الرقمين .. بل ولم أتأكد أني سأتمكن من قراءة الرقم الناتج !! – وبالطبع كان هذا الرقم هو (000 500) ورقة - .. ولكني أدركت أن العدد كبير فعلا !! ..
فقلت : سبحان الله .. كل ورقة من هذه الأوراق الله تعالى يعرف إذا كانت في مكانها أم سقطت .. وياليت السقوط هو النهاية .. بل ويعرف أيضا إلى أين ذهبت بعدما سقطت .. وهل صارت إلى التراب أم استقرت في معدة حيوان من الحيوانات أم حملتها الريح إلى الماء !!

وفجأة تذكرت شيئين .. أولهما هو أن ما قمت بحسابه هو (شارع) واحد فقط !! فكم من الشوارع حول بيتي .. أو عند المدرسة أو المسجد أو النادي .. بل وقل ما عدد أشجار مدينتي بأكملها ؟ ..
بل وأضف إليها المزارع والمراعي في الريف حولنا !! .. بل قل ما العدد في مصر بأكملها ؟!! .. وللحق كانت هذه اللحظات من اللحظات الجوهرية في حياتي والتي بدأت فيها التفكر في الله والكون منذ الصغر .. فالعدد إلى الآن أكبر بكثير جدا مما يمكن أن يستوعبه أو يتخيله عقلي ... فضلا عن أن أنطقه أو أكتبه !! .. فإذا أضفنا لذلك العدد كل ما في كوكبنا الأرض من أشجار .. لكانت النتيجة مذهلة حقا .. بل إني أخذت أفكر في كيفية كتابة الرقم الناتج .. فهو بالتأكيد يحتاج ورقا بطول عشرات الأمتار لكتابته !!

الشيء الثاني الذي تذكرته هو أن الله تعالى يعلم أيضا حياة كل ورقة بالتأكيد منذ كانت بذرة .. ثم يعلم بتفاصيل حياتها من نمو وغذاء وغيره !!
وعندها تنهدت بالفعل تنهيدةً عميقةً جدا جدا .. شعرت أنها خرجت من كل صدري .. وخرج معها لأول مرة هذا التسبيح :
سبحان الله العظيم .. ولكن هذه المرة ليست ككل مرة .. بل ومنذ ساعتها لم أقل هذه الكلمة أبدا إلا وأنا مستشعرٌ لها ولمعناها الكبير الذي وقر في قلبي .. بل وإن شئت أن تقول أنها غيرت مجرى حياتي فلن أكذبك !! فلك أن تتخيل إنسانا يؤمن بإلهٍ مثل الله له مثل هذه العظمة المطلقة !! لقد صرت مُفتخرا أني عبدٌ لله .. وإذا تتبعت حياتي لوجدتني لم أنكسر لأحدٍ أبدا وأنا على حق وهو على باطل ..
والله لقد أصبحت من ساعتها لا أخشى في الله والحق لومة لائم .. فكيف أخاف على نفسي أو على رزقي وأنا عبدٌ لمثل الله تعالى العظيم ..
والعجيب أني بعد هذا الموقف ببضعة شهور فقط .. تعرضت لموقفٍ مُشابهٍ لم أزداد معه إلا إيمانا وتبجيلا وتعظيما وحبا لله تعالى .. أتدري ما هو هذا الموقف المشابه ..
إنها أيضا بضع كلمات في نفس هذه الآية السابقة .. حيث قال الله تعالى فيها : " ويعلم ما في البر والبحر " !! ..
وكنت ساعتها في رحلةٍ مدرسيةٍ إلى أحد الشواطيء .. وكعادة كل الأطفال في مثل هذا الوضع .. فقد ذهبت لألعب بالرمال وأصنع منها بُيوتا وأشكالا على الشاطيء .. وساعة تذكري لهذه الآية كانت ساعة أن ملأت كفي الصغيرتين بالرمال أنقلها من مكان بعيد إلى مكاني .. ساعتها تذكرت الآية فجأة .. لا أعرف لماذا تذكرتها ساعتها بالذات .. ولكني متأكد من أنه توفيق الله عز وجل ..
فالله تعالى يقول : " ويعلم ما في البر والبحر " !! .. وذلك يعني أنه يعرف كل شيء عن الرمال .. فالرمال تقع فعلا في البر والبحر .. لم أحاول بالطبع عد حُبيبات الرمال في الكومة التي في يدي .. فإن شكلها الخارجي يُنبأني بأن نصف عمري سينتهي قبل أن أحصيها عددا !! فسبحان الله تعالى القائل في كتابه الكريم : " ليعلمَ أن قد أبلغوا رسالات ربهم .. وأحاط بما لديهم .. وأحصى كل شيءٍ عددا " الجن – 28 ..
وبالطبع لن تتخيلوا مدى انشغال عقلي ساعتها في التفكير بباقي كميات الرمال التي تملأ شواطيء الأرض بأكملها ..!! وتساءلت :
سبحان الله .. هذه المرة العدد بلا شك يفوق كثيرا جدا عدد الأوراق !! فسبحان من يعرف – ليس فقط العدد – ولكن كل شيء عن كل حبة رمل !!.. وطوال طريق العودة من الرحلة وأنا مُستغرق في التفكير وأقول لنفسي :
" إذا كانت هذه النتيجة اللانهائية هي فقط لعدد رمال الشواطيء .. فما بال الرمال التي في الماء وفي قاع البحار والمحيطات ؟!!" .. ثم قفز إلى عقلي فجأة شيئا آخر لم يكن في الحسبان .. أتعلم ما هو ؟.. إنها رمال الصحاري !!!..
ولن أطيل عليك .. فقد توقفت ساعتها عن التفكير خوفا على عقلي من الضياع !!.. ولكن شيئا واحدا استقر في عقلي ووجداني حتى الآن .. هو : ( عظمة الله تعالى ) ..

س : يااااااه .. سبحان الله العظيم يا أخي .. والله لم أفكر بأي مما قلته أنت الآن من قبل .. ولا عجب الآن فيما أجده فيك من صلاح واستقامة .. فوالله لقد شعرت وتذوقت لأول مرة ( مهابة ) و ( قدر ) الله تعالى .. وعرفت الآن لماذا قلت لي في أول كلامك أنه لو عرف المسلمون واستشعروا معنى الكلمة التي يرددونها ليل نهار لما صار حالنا إلى ما صار إليه الآن للأسف ..
ج : والله ما كذبت عليك يا أخي .. فلو استشعر أحدٌ فعلا عظمة الله تعالى في قلبه .. لما رأيته مُفرطا في أوامر الله ونواهيه .. ولا رأيته يوما يشك في شرع الله أو يتردد في قبول شيء منه .. ولا رأيته يُحابي الناس على حساب الله .. ولم تسمعه قط يهزأ بالدين ولا يسبه ولا يقول النكات عليه .. ولا رأيته خائفا على فوات الرزق .. ولا رأيته خائفا من قول الحق أمام الباطل ..
ولو انتبهت جيدا لكلامي معك لوجدتني لم أذكر لك إلا مثالين اثنين فقط – ومختصرين !! – عن عظمة الله تعالى ..!!
فلم أخبرك مثلا عن تقسيمه للأرزاق .. ولا تصريفه لشئون الحياة بالحكمة الكاملة والتي قدرها لكل مخلوق في الكون من الذرة الصغيرة .. ومرورا حتى بالنملة الصغيرة .. وطبعا للإنسان .. وانتهاءا بالكون المحيط بنا بجميع مجراته ونجومه وكواكبه والتي تماثل عدد الرمال على الأرض !! فهو الذي قال :
" وما يعزُبُ عن ربك من مثقال ذرةٍ في الأرض ولا في السماء .. ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتابٍ مبين " يونس – 61 ..
وهو الذي قال أيضا : " ما من دابةٍ إلا وهو آخذٌ بناصيتها " هود – 56 .. والناصية هي مُقدمة الرأس .. والتعبير كناية عن قيادة الله لكل مخلوقٍ في كونه وهدايته لما يريد من رزقٍ وغيره والسيطرة عليه .. " وما من دابةٍ في الأرض إلا على الله رزقها .. ويعلمُ مُستقرها ومستودعها .. كلٌ في كتابٍ مُبين " هود – 6 ..

ما حكمة تولي الملائكة بعض شئون البشر والله أعلم بها ؟
س : والله يا أخي إن هذا الحديث جليلٌ ومفيدٌ جدا لي .. ولا تعلم كم سيترك من أثارٍ في نفسي وفي علاقتي بالله تعالى منذ الآن وصاعدا بإذن الله .. ولكن يبقى سؤالٌ واحدٌ أخير .. لقد كنت قبل حديثك معي الآن – وللأسف – أفكر أحيانا بأنه ( مستحيل أن يعلم الله تفاصيل كل شيء في الكون ) .. بل هو يعلم الأشياء الرئيسية الكبيرة .. ويترك الصغيرة للملائكة يعلمونها ويتعاملون معها ثم يُخبروه بها !!
فهل هذا التفكير مني سوف أحاسب عليه أمام الله تعالى ..؟
ثم هل يمكن أن تفسر لي قيام بعض الملائكة ببعض وظائف المراقبة والتسجيل على الإنسان ما دام الله تعالى يعلم بكل شيء ؟
س : سامحك الله يا أخي العزيز .. وزادك علما وفهما إن شاء الله ..
فإن من عقيدة المُسلم الصحيحة : أن يؤمن بالله تعالى إلها قادرا مهيمنا عالما ومحيطا بكل شيء كما وضحتُ لك بالآيات السابقة وبكلامي .. فكان لزاما عليك الإيمان بتلك الحقائق بمجرد ذكرها في الكتاب والسنة ..
وسوف أخبرك بشيء ترُد به هذه الوساوس والأفكار عنك إذا جاءتك مرة أخرى .. هذا الشيء هو أن تفكر دوما في الكون الواسع الضخم من حولك .. وتفكر كيف يحفظه الله تعالى وكيف يتولى متابعته وسيره بإحكام شديد .. فلا ترى أي عيب أو زيغ في هذا الكون الفسيح .. حيث يقول الله تعالى : " إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا .. ولئن زالتا إن ( أي ما ) أمسكهما من أحدٍ من بعده " فاطر – 41 .. وهذا يدل على اعتماد الكون كله بما فيه على الله تعالى في تدبير جميع شئونه صغيرها وكبيرها .. من أصغر ألكترون يتحرك في الذرة .. إلى أكبر نجم يتحرك في الكون !!

فإذا جاءتك مثل هذه الوساوس مرةً أخرى .. فتذكر ما هو أكبر منها وهو ما ذكرته لك الآن .. فيهدأ قلبك .. ويقتنع عقلك ..
أما بالنسبة لما ذكرته من شبهة أن الله تعالى ترك فعل بعض الأعمال للملائكة .. ومنها مراقبة العباد وحفظهم وتسجيل أعمالهم عليهم ...إلخ .. فإليك الإجابة الشافية إن شاء الله تعالى في نقاط :


1-أولا : لا تقيس أفعال الله تعالى ولا قدراته بأفعالك وقدراتك .. فالله تعالى لا يشترك معنا إلا في الأسماء .. فقد أخبر مثلا عن نفسه بأنه (سميع) و (بصير) و (حي) .. والإنسان أيضا يمكن وصفه بالسمع والبصر والحياة .. ولكن شتان .. فالله تعالى يقول عن نفسه : " ليس كمثله شيء " الشورى – 11 .. وأقول لك هذا لكي لا تهلك فكريا وتضل بعقلك بسبب قياس قدرات الله تعالى بقدراتنا المحدودة .. فكم من مذهبٍ انحرف عن الطريق قديما وحديثا بسبب هذا القياس الفاسد ..
2-ثانيا : الله تعالى من اسمائه الحسنى اسم : (المَلِك) .. ومن مظاهر المُلك أن يجعل الملِك بينه وبين رعاياه درجات ووظائف .. وخصوصا إذا كان هذا الملك عظيم القدر .. فما بالك بالله تعالى وقدره وعظمته .. ولكي تفهم ما أقول فسوف أضرب لك مثالا بسيطا .. لو افترضنا أن مُدير المدرسة أراد أن يستدعي تلميذا إلى مكتبه .. أو أن يُبلِغه شيئا ما .. فهل يُعقل أن يذهب هذا المدير إلى التلميذ لهذا السبب ؟!! أم أنه هناك من هو تحت أمرته لفعل مثل هذه الأمور .. ومع ذلك فالله تعالى أخبرنا في القرآن في غير ما آية أو رسوله صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث بأنه قريب منا .. ينزل إلى الدنيا – نزولا يليق به مُنزها عن إنكار صفة النزول أو تشبيهها بغيرها - ليتقبل توبة التائبين .. وغيرها من النصوص الكثيرة التي تؤكد على قربه في وقت الدعاء والبلاء والجهاد ...الخ .. والذي نخرج منه بأن أول سبب لجعله بينه وبين تصريف شئون عباده ملائكةً هو : مقام المُلك والعظمة المطلقة ..
3-ثالثا : (شهادة الملائكة) .. فلقد أخبر الله تعالى عن الكفار والعصاة بأنهم سوف يُنكرون ما قاموا به من كفر ومعاصٍ في الدنيا يوم القيامة في الحساب أمام الله !! .. لذلك – ولأن من صفات الله تعالى وأسمائه (العدل) و (الحق) – فلقد أعد الله تعالى لهم شهودا من الملائكة .. وشهودا من أجسامهم وأنفسهم على ما عملوا .. وذلك لكي لا يكون لهم على الله حُجة .. ومعلوم أن الله يعلم كل شيء .. وبصير وسميع بما عملوا .. ولكنه – لكمال العدل – لا يرضى بديلا إلا أن تشهد الملائكة التي لا تكذب ومن أجسام الكافرين العصاة أنفسهم ..
4-رابعا وأخيرا : (أن يباهي الله تعالى بالإنسان الملائكة) !! .. نعم .. فلقد تعجبت الملائكة عند خلق الله تعالى للإنسان كما حكى ذلك الله فقال : " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعلٌ في الأرض خليفة .. قالوا أتجعلُ فيها من يفسدُ فيها ويسفك الدماء .. ونحن نسبح بحمدك ونقدسُ لك .. قال إني أعلمُ مالا تعلمون " البقرة – 30 .. فالملائكة علمت أن هذا المخلوق (الحر الإرادة) سيكون به شرا حتما – وذلك لما رأوه من الجن بالفعل عند نزولهم للأرض قبل الإنسان - .. ومن هنا جاء تعجبهم من خلق الله تعالى لهذا الخلق .. ولم يروا به أي خير .. لذلك فقد جعل الله تعالى للملائكة الكثير من الوظائف والأحوال التي يراقبون فيها الإنسان – وخصوصا المسلم – ثم يصعدوا إليه ليخبروه بها – وهو أعلم - .. ولذلك لا تجد حديثا نبويا تكلم عن إخبار الملائكة أو أحد البشر لله تعالى عن شيء ما إلا وتجد فيه أمثال هذه العبارات : " فسألهم الله – وهو أعلم – " أو : " يا جبريل .. اذهب إلى محمد واسأله – وهو أعلم – ما يُبكيك ؟ " وهكذا .. ومن هنا ترى الملائكة أن الإنسان الضعيف المُحمل بالأعباء الجسدية والنفسية من نوم وأكل وسعي على الرزق والأهل والشهوة ووساوس الشيطان ...الخ .. ترى أنه وسط هذه الابتلاءات والمحن ، يذهب ليعبد الله فيُصلي .. أو يحج .. أو يتقي الله ما استطاع في حياته .. ومن هذا النوع وهذه الحكمة البليغة مِن الله تعالى لعباده فسوف أختم بهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " تتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار .. ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر .. ثم يعرج (أي يصعد) الذين باتوا فيكم .. فيسألهم ربهم وهو اعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟.. فيقولون : تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون

صحيح الجامع الصغير للألباني



منقول

التعديل الأخير تم بواسطة *زهرة الفردوس* ; 01-09-2010 الساعة 01:48 AM
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-09-2010, 01:47 AM
*زهرة الفردوس* *زهرة الفردوس* غير متواجد حالياً
{قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}
 




افتراضي



جزاكم الله بأحسن مايجزي به عباده الصالحين ...

التوقيع

أنت مهموم بالقرش والفرش والكرش وسعد يهتز لموته العرش !

جعفر تق...طعت بالسيوف أوصاله وارتفع بالفرح تهليله وابتهاله !


تهاب الوضوء إذا برد الماء و حنظلة غسل قتيلا في السماء !


تعصي حي على الفلاح ومصعب بن عمير قدم صدره للرماح !


ما تهتز فيك ذرة والموت يناديك في كل يوم مائة مرة !


والله لو أن في الخشب قلوب لصاحت ولو أن للحجارة أرواح لناحت !


يحن المنبر للرسول الأزهر والنبي الأطهر وأنت لا تحن ولاتئن ولا يضج بكاؤك ولا يرن !


ويحك خف ربك وراجع قلبك واذكر ذنبك

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
-, ..۞, الله, خواطر, عظمة, إيمانية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 05:24 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.