انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-29-2009, 03:12 AM
سائره الى الله سائره الى الله غير متواجد حالياً
عضو ماسي
 




افتراضي التزكيه

 














c مقدمة التزكيةd










إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده الله تعالي فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبد الله ورسوله
اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم انك حميد مجيد
أسئل الله تعالى أن يجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما وتفرقنا من بعد تفرقا معصوما
وان لا يجعل منا ولا بيننا ولا حولنا شقيا أو محروما .
اللهم اغفر وارحم واعفوا عما تعلم
واهدنا وتكرم سبحانك الأعز الأكرم
****************


هذه أول السلسة المباركة في التربية والتزكية سنحتاج في المقدمة أن نتكلم عن موضوع التزكية و أهميتها و الثمار التي يجنيها العبد إذا زكى نفسه ... وما هي الوسائل التي يزكي بها الأنسان نفسه
ونحن في زماننا هذا نحتاج لهذه التزكية ,, فإذا سألنا أحد المسئولين عن الإصلاح عن الخلل السائد في المجتمع ؟ سيجب أنه من عند أنفسنا ,, فالمشكلة ليست بسبب ضعف علمي أو أقتصادي أو سياسي أو أو فهذا كله ليس هو مكمن المشكلة إنما هي بسبب أنفسنا ,, فهي الخلل ........
فإذا أردنا أن نُقيم جيل يعرفُ ربه , جيل يُمكن له في الأرض ,, فإن أول لبنه في هذا الصرح هي التزكية.
فينبغي أن يكون شعارنا :

التزكية أولاً

فهي مُهمة من المهمات التي بعث الله عز وجل الرسل من أجلها ,,
فكانت دعوة سيدنا إبراهيم : ( رَبَّنَاوَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَوَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَوَالْحِكْمَةَوَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (129)) البقرة
وقد استجاب الله عز وجل له فبعث لنا حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ليقوم بهذه المهمة
ونجد أيضاً في القرآن ثلاث آيات في سورة البقرة قال الله تعالى:
( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَاوَيُزَكِّيكُمْوَيُعَلِّمُكُمُ الكِتَابَوَالْحِكْمَةَوَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ(151))
انظروا إلي الترتيب
ثم في سورة آل عمران قال الله تعالى :
( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِوَيُزَكِّيهِمْوَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَوَالْحِكْمَةَوَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (164))
ثم قال الله تعالى في سورة الجمعة :
( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِوَيُزَكِّيهِمْوَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَوَالْحِكْمَةَوَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ(2))
فهذه الآيات توضح أن الله تعالى يُبين أن التزكية تأتي قبل العلم .
و قال سيدنا موسى لفرعون :( هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى (18)وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى(19)) النازعات فهو إذا تزكي هُدى ,, فالتزكية تأتي بعلم والعلم يترتب عليه الخشية (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ(28)) فاطر
فثمرة العلم الخشية
فالتزكية تُطهر القلب حتى يكون مؤهلا لتقبل العلم و العمل به ثم تحرره من آفاته التي منها مثلاً التكبر ,,
و يأتي التكبر بسبب العجب من العلم الذي يتعلمه
فالعلم ثلاثة أشبار
فمن أخذ الشبر الأول تكبر
و من أخذ الشبر الثاني تواضع
و من أخذ الشبر الثالث علم انه جاهل

و في طريق الهداية تقف آفات النفوس حائل دون أن يستطيع أن يستمر في الطريق فيكون ذلك سبب أساسي في إعوجاجه ,,
فيُمكن أن توصله آفاته أن يكون مُعجب بعمله ,, فيتوقف .
علامة الإعجاب أن يتوقف
فالأنسان في البداية يمشي خطوات كثيرة في وقت قصير وبعد ذلك يعجب بنفسه أنه لا أحد فعل مثل ما هو فعل فيقف ويكون ذلك دليل على أنه أُعجب بعمله فيُحبط العمل..... انظروا ماذا تفعل النفس وهكذا النفس فيها شح ولا تريد أن تعمل فهما يقال له أو يسمع لا يفعل يتكاسل فكل هذه معوقات في الطريق
فلذلك إذا لم تزكوا النفس و لم يطهر القلب لم ينتفع بالعلم الذي سيتعلمه ,,
لذلك كانت هذه المراحل ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَاوَيُزَكِّيكُمْوَيُعَلِّمُكُمُ الكِتَابَوَالْحِكْمَةَوَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ(151)) البقرة
فأولاً العلم بكتاب الله و الحكمة و هي " سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " ثم يتزكى ثم يتعلم
فهذه هي مهمة الأنبياء و ورثة الأنبياء ألا و هي مهمات ثلاث :
الدعوة أولاً و ثانياً تبليغ رسالات الله تعالى ثم ثالثاً تبليغ مقامات التربية و التزكية .
فإذا كان مثلاً أحد العاملين بالدعوة يُوصل و يُبلغ الدعوة و في ذات الوقت هو متوقف عن العلم فيكون هو بذلك قد أصاب ثلث الأمر ,, فهو يُعلم الآخرين و مهمل نفسه ,,
فالمفترض أن يُحقق المعادلة و هي " أن يتعلم و يُزكي نفسه و في ذات الوقت يقوم بواجب الدعوة "
و ذلك كله ما دعت إليه سورة العصر :
( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُواوَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِوَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّوَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) العصر
فهم آمنوا "وهي خطوة العلم "و عملوا الصالحات " وهي خطوة تزكية النفس " ثم تواصوا " وهي الدعوة "
* وفي التربية الإيمانية الأولي ,, كيفية تربية الله عز وجل للصحابة رضوان الله عليهم
- ففي البداية كانت سورة إقرأ :
( اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْوَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)) العلق فهي تعرفهم مَن هو الله ؟ و تسمى وثيقة التعارف الأولى بين النبي والله عز وجل
- ثم ثانياً نزول سورة المدثر و هي تضع أصول الدعوة ,, وفيها كل شئ يحتاجه الداعية :
( قُمْ فَأَنذِرْ (2)وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3)وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5)وَلاَتَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6)وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7))
قم فأنذر و ربك فكبر : أي عظم الله ولا تخشى أحداً ,, وثيابك فطهر أي أجعل نظافتك ظاهراً في ثيابك و باطناً في قلبك ,, و الرجز فاهجر أي لا بد أن تهجر هذه المعاصي ,, و لا تمنن تستكثر أي لا تمن على ربك بما تصنعه من أعمال خيره ,,
- ثم تأتي سورةالمزمل :
( يَا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِوَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً(5))
فتبدأ منها التربية الإيمانية و هي :
قيام الليل إلا قليلا نصفه أو أنقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا ثم قال بعد ذلك إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلا ,, فجاء قبلها طلب قيام الليل و هو التزكية ,,
فقبل أن يتعلم و يلقى عليه القول الثقيل كان يجب أولاً أن يُزكي نفسه ,,
فلا ينبغي أن تقدم عليها شيئا... لابد أن تبدء بنفسك وتنظر في آفة نفسك وتمحص عيوبك وتشرع في إصلاحها
**حقيقة التزكية :
هي في اللغة من الزكاة ,, و أصل الزكاة يعود على معنى الطهر و النمو و البركة و المدح ,,
و معنى التزكية في الإصطلاح : هي نوع من التطهير و النماء و الصلاح ...
و التزكية تقوم على دعامتان و هما :
1/ التخلية أو التصفية عن العيوب و الآفات .
2/ التحلية ,, وهي تحقق أخلاق و هي أن نستبدل أخلاق غير صالحه بأخرى صالحه .
و يترتب على تلك الدعامتان التطهير و النماء و الصلاح ,,
والتزكية هي : تطهر و تحقق و تخلق ,,
فالتطهر : يكون من الأمراض و الآفات ,, و التحقق : هو بالمقامات ,, و التخلق : بأسماء و صفات ..

** الوسائل التي نستخدمها في التزكية :
هي جميعها عبادات " صلاة إنفاق الحج الصوم الذكر و تلاوة القرآن و التأمل و المحاسبة و تذكر الموت "
و العبادات نوعين : عبادات قلوب و عبادات جوارح ,, وكلاهما يؤثر في النفس
** الآثار التي تترتب على التزكية :
1/ أن يتحقق القلب بالتوحيد و الإخلاص " ويصل لهذه المنازل : من الصبر و الشكر و الخوف و الرجاء و المحبة لله سبحانه و تعالى و الصدق مع الله ,, و يتخلى عن الرياء و العجب و الغرور و الغضب ,, "
* كان عبد الرحمن بن القاسم " فقيه مالكي تتلمذ على يد الإمام مالك ,, وكان يقول :
خدمت الإمام مالك عشرين سنه ,, كان منها 18 سنه في تعليم الأدب ... و أخذت منه العلم في سنتين ...
* و كان الإمام مالك يقول : " ليس العلم بكثرة الرواية ,, وإنما العلم ما نفع وعمل به صاحبه "
و إن أهم ما في العلم العمل به ,, و لكن الذي لا يقوم بما تعلمه فهو مصاب بمرض العجز أو الكسل ,,
فالعجز : أن يكون الشخص عنده نية للفعل لكن إرادته لا تواتيه ,, فهو يريد ولكن غير قادر
الكسل : و هو مَن ليس عنده الرغبة في القيام بالعمل ,,
و العاجز يُمكن تقويته بشحنه إيمانية عالية .
* كان الإمام الشافعي " محمد بن إدريس " يقول : قال لي الأمام مالك :
" يا محمد إجعل عملك دقيقا و علمك ملحَ "
فماذا يصنع الدقيق من الملح إنما هي قطرات من الملح علىأكوام من الدقيق فأعمل
* وكان عبد الله بن المبارك يقول : مَن حمل القرآن ثم مال بقلبه إلى الدنيا فقد إتخذ آيات الله هذوا ,,
و إذا عصى حامل القرآن ربه ناده القرآن في جوفه قائلاً :
" و الله ما لهذا حملت ,, أين مواعظي و زواجري ؟؟ و كل حرفٍ مني يناديك و يقول لا تعصي ربك .. "
* كان الإمام أحمد إذا رأى طالب علم لا يقوم من الليل يكف عن تعليمه و بات عنده أبو عصمة أحد تلاميذه ليلة من الليالي فوضع عنده الإمام أحمد ماء للوضوء ثم جاءه قبل أن يؤذن للصبح فوجده نائم و الماء على حاله فأيقظه ,, و قال له : " لما جئت يا أبا عصمة ؟؟ " ,, قال جئت أطلب الحديث ,,
قال : " كيف لك تطلب الحديث و ليس لك تهجد في الليل إذهب من حيث شئت "
* كان الإمام الشافعي يقول :" ينبغي للعالم أن يكون له خبيئة من عمل صالح فيما بينه و بين الله فإن كل ما ظهر للناس من علم أو عمل قليل النفع في الآخرة ,, و ما رأُي أحدٌ في منامه فقال غفر الله لي بعلمي إلا قليل من الناس .... "
إذا التزكية مطلوبة قبل العلم ,,
فقال تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى(15)) الأعلى
فخذها إذاً شعارك : الفلاح في التزكية قبل العلم ,,
و الله سبحانه و تعالى في سورة الشمس أقسم بسبعة آيات فقال :
" وَالشَّمْسِوَضُحَاهَا (1)وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا (2)وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا (3)وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4)وَالسَّمَاءِوَمَابَنَاهَا (5)وَالأَرْضِوَمَاطَحَاهَا (6)وَنَفْسٍوَمَاسَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَاوَتَقْوَاهَا (8)
ثم كان جواب القسم على كل ما سبق :" قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) "
و كأن النفس بها الوصف الذي أقسم الله به و الله تعالى أعلا و أعلم
حيث في النفس ما يلي :
وَالشَّمْسِوَضُحَاهَا : فوقت الضحى هو الوقت الذي تشتد فيه الشمس حرارة و ضوء ...
وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا : ففي النفس واعظ من داخلها ينير لها طريقها ...
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا: فكأن هذه الظلمة التي تأتي على النفس فهكذا ظلمات النفس ظلمات بعضها فوق بعض .
و تؤكد أيضا سورة البلد على هذا المعنى ,, فهناك رابط بين سورة الشمس و سورة البلد ,,
فقال تعالى :( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ(4)) فهذا الكبد هو مجاهدة بنفسه و التزكية لا تكون إلا بذلك ,,
(لَا أُقْسِمُبِهَذَا الْبَلَدِ(1)) وهذا شرف المكان (مكة )
(وَأَنتَ حِلٌّبِهَذَا الْبَلَدِ(2)) النبي صلى الله عليه وسلم وهذا شرف الناس أشرف خلق الله
(وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ(3)) ادم عليه السلام أصل الناس
ثم بعد ذلك قال :( لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ(4)) فهذا يدل على أن هذه هي الثمرة ...ونأخذ منها ملمح اخر أن التزكية تحتاج إلى جهاد
لذلك قال تعالى : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَاوَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ(69)) العنكبوت
و إن جهاد النفس هذا مستعصي و أصعب بكثير من جهاد العدو الخارجي ,, فجهاد العدو يكون مره و تكون الغالب ,, أما جهاد النفس فمرة تستطيع أن تغلبها و أخرى تتفلت منك .. !!
و باقي آيات سورة البلد تتحدث عن ذلك فقال الله تعالى :
(فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ (11)وَمَاأَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13))
و العقبة هي جبل عالي صعب لا يستطيع أحد يتسلقه ,, إلا المُخف " وهو الرجل المتسلق الذي يتبع نظاما لنفسه كي تكون خفيفة الحركة ...
فهكذا أنت تجعل نفسك خفيفة الحركة بالبعد عن كل ما تتعلق به من ذنوب ...
و قال صلى الله عليه وسلم : " إن أمامكم عقبة كئودا ,, لا يجوزها المثقلون ,, أنا أتخفف لها " صححه الألباني

و الفعل المقابل للتزكية هو التدسيه ,, فقال تعالى ( وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)) الشمس
و معنى دس : أي خبأ ,, و كان من المتوقع أن يكون عكس زكي " بمعنى طهر" أن يكون عكسها نجس ,,
و قال العلماء : " دساها " أي خبأ نفسه وسط الصالحين ..
فالنفس توصل صاحبها إلى الخداع و الوهم لأنه وسط الصالحين ,,
** الأُسس التي تقوم عليها تزكية النفس و تربيتها :
و هم نوعين من الأسس : 1/ أسس عقدية . 2/ أسس علمية .
أولاً: الأساس العقدي :
وهو أن تُربي نفسك على هذه الأمور ,,
1/ التوحيد:
عندما نتكلم عن مفسدات القلب وعن أخطر آفات النفوس توصل النفس إلى الشرك لا شك التعلق بغير الله ..
ومفسدات القلب خمس "التعلق بغير الله – فضول الطعام – فضول الكلام – فضول المنام – فضول المخالطة " ........ أخطرهم التعلق بغير الله
وله صور مختلفة أن شخص يحب امرأة من دون الله حتى لو كانت زوجته لا نقول حب محرم ولكنه متعلق بها تعلق شديد قاطع أو يحب أولاده جدا فيبخل ان ينفق في سبيل الله في سبيل أن يعيش الولد في المستوى الذي يريده له .... وهكذا تعلق مذموم لانه يقطع أبواب الطاعة
وايضا من صور التعلق بغير الله أنه مهتم بالناس جدا فإن قالت الناس انه كويس يطمئن ويغضب أن الناس لا ترى أعماله ويريد ثنائهم ..وهكذا تعلق بغير الله ويبدء يفتح ابواب الشرك الأصغر من رياء ....إلا أن يصل الي الشرك الأكبر عياذا بالله
فلابد أن نربي أنفسنا على التوحيد بأنواعه الثلاثة :" ربوبية و ألوهية و أسماء و صفات "
توحيد الربوبية معناه :أن يتيقن يقر العبد أن الله وحده رب كل شي ومليكه وانه الخالق وحده والمدبر للكون كله وحده وهو الرازق المحي المميت
فإن لم يزكي نفسه يحفظ هذا الكلام فقط وفي أول موقف مثلا خلص الكلية وبدء يسعى للشغل فلم يجد إلا ما به مخالفات فلا يقول من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ولا أن الله هو الرزاق ... فأين هذا الكلام ؟!!
فهذا الكلام في العقل فقط ولم يصل إلى القلب ... اين التطبيق العملي ؟؟ فعندما يبتلى يمرض مثلا يقول رضيـــــت بالله ربـــــــا "توحيد ربوبية" .....
توحيد الألوهية معناه : لاإله إلا الله انه سبحانه المستحق للعبادة وحده وان كل معبود سواه فهو باطل . والعبادة هي الذل التام والحب التام فيأتي الشخص لكي يعلو في عمله يتملق للمدير ويخضع ويذل ليأخذ الزيادة في المرتب اخر العام .... هذا ما ربى نفسه على توحيد الربوبية لأنه يخضع ويذل لغير الله وكذلك مسألة الحب (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْكَحُبِّ اللّهِوَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّالِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّالْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ(165)) البقرة
توحيد الأسماء و الصفات معناه : انه سبحانه متصف بصفات الكمال و منزه عن كل نقص .
فماذا تعرف عن اسماء الله الحسنى فمثلا ماذا تعرف عن اسم الله المقيت
(وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍمُّقِيتًا(85)) النساء
المقيت من القوت هو الذي يقوتك قوت البدن وقوت القلوب فلو قلبك شارد ولا تملأه بمحبة الله فليس لك حظ في اسم الله المقيت أما إن كنت تسعى دائما لتقوت قلبك بحب الله ومعرفته فأنت تعرف انه يوجد رب مقيت وكذلك من يخرج للسعى إلى الرزق يعلم ان الله هو المقيت
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا " صحيح
والقوت غير الرزق فالقوت هو للأشياء الضرورية الأساسية أنما الرزق اوسع
فأين حق هذه الأسماء في حياتك ؟؟
2/الإعتصام بالكتاب و السنة : قال الله تعالى (وَاعْتَصِمُواْبِحَبْلِ اللّهِجَمِيعًاوَلاَ تَفَرَّقُواْ(103))آل عمران وحبل الله هو الكتاب والسنة
قال تعالى : ( فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِوَالرَّسُولِ (59)) النساء
فحين نختلف نرد الأمر إلى الكتاب والسنة مهما كان هواك
3/ الإيمان بالقضاء و القدر . قال تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِوَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ(70)) الحج
__________________
قال صلىاللهعليه وسلم :
" يا غلام إني أعلمك كلمات , أحفظالله ...يحفظك.أحفظالله.... تجده تجاهك.إذا سالت ...فأسأل الله .وإذا استعنت ...فاستعن بالله .واعلم لو أن الأمة اجتمعت على أ ن ينفعوك بشئ..... لم ينفعوك إلا بشي قد كتبهاللهلكوإن اجتمعوا على أن يضروك بشي... لم يضروكإلا بشي قد كتبهاللهعليك..رفعت الأقلام وجفتالصحف "صححه الألباني
و الإيمان بالقضاء و القدر لا يتم إلا بالإيمان بالخمسة أمور التي قبلها " الإيمان بالله و ملائكته و كتبه ورسله و اليوم الآخر ,,و الذي يرضى بقضاء الله يعيش في جو هادئ يعيش في جنة الرضا ,, و العكس في التسخط ,,
ومن صور الغضب : الغضب على الله ,, فيكون متسخطاً تسخط خفي أي تتكلم عن الرضا لكن قلبك لا يرضي ,,
قال ابن القيم : إذا كانت المصلحة فثَم شرع الله ..
و الصحابة كانوا يربون أبنائهم على ذلك و كانوا يوصون أبنائهم بذلك ,,
قال بلال بن رباح : سألت الوليد بن عبادة بن الصامت كيف كانت وصية أبيك حين حضره الموت قال:قال لي يا بني اتق الله وأعلم أنك لن تتقي الله ولن تبلغ العلم حتى تعبد الله وحده وتؤمن بالقدر خيره وشره قال: قلت يا أبتي كيف لي أن اؤمن بالقدر خيره وشره ؟ قال: تعلم أم ما اصابك لم يكن ليخطئك وما اخطأك لم يكن ليصيبك إن مت على ذلك دخلت الجنة
وايضا إن حقق هذا الإيمان يتحقق منه سلامة الصدر من الحقد والحسد ويكون عنده نوع من الشجاعة وتخفف الجزع عند المصيبة ومن ثمارها ايضا بذل الجهد وطرد اليأس في العمل
4/ الإيمان باليوم الآخر .
فقال تعالي ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاًوَأَنَّكُمْ إِلَيْنَالاَتُرْجَعُونَ (115)) المؤمنون فذكر الله عباده باليوم الآخر ,,
وأن من أهم شئ يرجعك عن المعاصي هو تذكر ذلك اليوم الآخر وأيضا تذكر الموت والقبر والحساب....
و لذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب كل يوم يجمع الوعاظ كي يذكر نفسه ,,,
ثانياً: الأساس العلمي :
العلم النافع هو كل علم يقربك إلى الله و يزيدُ خشيتك له و يدفعك إلى العمل الصالح ,,
أما إذا لم تجد في العلم الذي تتعلمه ما سبق فاعلم أنه علم غير نافع ,,
و العلم يكون نافعا بما يلي :
1/ أن يعرف عقيدته ,,
2/ أن يتعلم أحكام الحلال و الحرام " الفقه " ,,
3/ أن يثمر الخشية من الله ,,
العبادات العملية :
1/ الزكاة تطهر النفس من آفة الشح
2/ الصيام لتقوية الإرادة و الصبر النفس
3/ الحج تدريب عملي على الإمتثال لأوامر الله عز وجل و جهاد للنفس
4/ النوافل ,, فقال تعالي في الحديث القدسي :" إن الله تعالى قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته " صحيح
5/ المحاسبة و التوبة فقال تعالى : ( وَلاَأُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)) القيامة
و هذا من خلال محاسبه ومشارطه ومراقبه و معاقبه ومعاتبه للنفس.......
و الكيس مَن دان نفسه و عمل لما بعد الموت ,, و العاجز مَن أتبع نفسهُ هواها و تمنى على الله الأماني ..
قال الحسن : إن العبد مَن كان له واعظ و كانت المحاسبة من همته ,, و العكس صحيح ...
* من الأمور التي تُعين على هذه المحاسبة :
- إستشعار أن الله يراك و تذكر الحساب و يوم القيامة و متابعة سير الصالحين ,,
- التوبة و هي من خلال العزف عن الذنب و الندم و العزم على عدم العودة لهذه الذنوب أبدا ,,,
- الصحبة الصالحة
............................................
الآفات
المهلكات العشر
1-الشرك,, 2-حب الجاه,, 3-الحسد,, 4-العجب,, 5-الكبر,, 6-الشح,, 7-الغرور,, 8-الغضب,, 9-حب الدنيا,, 10-إتباع الهوى ,,
روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاث منجيات، وثلاث مهلكات، فأما المنجيات فالعدل في الرضا والغضب، وخشية الله في السر والعلانية، والقصد في الغنى والفقر، وأما المهلكات فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه"حسنه الألباني
و هذه الآفات لا يمكن ملاحظتها أو تشخيصها إلا من خلال التطبيق ,,
لذلك سيكون مع كل درس من دروس التربية واجبات
فتبدأ أن تطبق هذه الواجبات ثم ترى هل أنت بك هذه الآفة أم لا ,, و إذا كانت فيك فنساعدك على التخلص منه

سبحانـك اللـــهم ربــــــنا وبحمــدك نشــهد ان لا الـــه الا أنت نستغــــفرك ونتـــوب الــــيـــك اللهم صلى على النبي محمد وعلى اله وصحبه وسلم
الشيخ/هـــــــــــاني حلمــــــــــي
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-29-2009, 03:59 AM
أم الزبير محمد الحسين أم الزبير محمد الحسين غير متواجد حالياً
” ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب “
 




افتراضي

جزاكِ الله خيراً أختي الفاضلة
وبارك الله فيكِ
التوقيع



عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-29-2009, 10:50 PM
نصرة مسلمة نصرة مسلمة غير متواجد حالياً
" مزجت مرارة العذاب بحلاوة الإيمان فطغت حلاوة الإيمان "
 




افتراضي

جزاكم الله خيراً موضوع مهم و يحتاجه كل واحد مناَّ
بارك الله فيكِ
التوقيع

ياليتني سحابة تمر فوق بيتك أمطرك بالورود والرياحين
ياليتني كنت يمامة تحلق حولك ولاتتركك أبدا

هجرة







رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-07-2009, 01:21 AM
*الغميصاء* *الغميصاء* غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي

جزاكِ الله خيراً يا حبيبة

وبارك الله فيكِ

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التزكيه


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 12:58 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.