انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-19-2008, 01:17 AM
الشافعى الصغير الشافعى الصغير غير متواجد حالياً
لا تهاجم الناجح وتمتدح الضعيف .. لا تنتقد المجتهد الذي يعمل وتربت علي كتف الكسول
 




Tamayoz الدرس الرابع ـ شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى

 

شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى
ـ لفضيلة الشيخ أحمد النقيب ـ

الدرس الرابع
لدرس الصوتى
للاستماع
الدرس مرئى
للمشاهدة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه، بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى وصلاة وسلام على عباده الذين اصطفى اللهم صلى وسلم وزد وبارك على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ثم أما بعد:

قبل أن أبدأ حديثي مع حضراتك فإني أذكر بالدرس الفائت تذكيراً مجملاً ثم أجعل هذا التذكير مدخلاً للحديث عن هذا الدرس الذي نتناوله في هذه الحلقة والتي سأقدم بين يدي هذا الدرس بمقدمة أراها ضرورية، ثم بعد ذلك نختم بالأسئلة كما تعودنا ونسأل الله تعالى التوفيق والتيسير.
تكلمت معكم في الحلقة الماضية عن بعض الصفات الربانية لا سيما صفة العلم، كما تكلمت كلاماً مختصراً عن العرش والحديث عن الصفات ينبع من قيمة معينة هذه القيمة هي قيمة إيمانية محضة فالإنسان عندما يدرس باب الأسماء والصفات لا يدرس هذا الباب باعتباره ترفاً علمياً يتسع به عقله وإنما يدرس هذا الباب ليزداد معرفة بربه سبحانه، هذه المعرفة التي تزيد إيمانه، فالإيمان يزداد بكثرة النظر وتواتر الأدلة، ألا ترى أن المرء إذا كان جاهلاً شيئاً فإنه لا يتصوره أما إذا كان عالماً هذا الشيء فإنه يتصوره؟ وكذلك نحن نريد أن نعرف ربنا ونعرف كل ما يمكن أن يتصل بالعلم الذي أتاحه لنا ربنا، من باب الأسماء والصفات وما يتعلق بذلك؛ وليتثنى لنا بهذه المعرفة زيادة الإيمان ومحبة ربنا -سبحانه وتعالى- فإذا كنا تحدثنا عن العرش حديثاً مجملاً فإننا لا بد أن نتكلم عن هذا الخلق وهو العرش كلاماً مفصلاً في هذا اليوم، وعندما نتكلم عن العرش بالكلام المفصل فإننا نقصد بذلك أمرين:
الأمر الأول: الرد على المخالفين وهذا أمر مهم جداً في تثبيت العقيدة، أن الإنسان كي تثبت عقيدته فإنه يعرف أقوال المخالفين ويعرف بعضاً من شبههم ويعرف كيفية الخروج من هذه الشبه بعد أن يعرف الأصول التي قامت عليها هذه الشبه.
وقلت لكم من قبل: بأن من أوائل الكتب المصنفة في الاعتقاد كتب الردود.
الأمر الثاني: حتى نعرف هذا العرش الذي يستوي عليه ربنا هذه المعرفة التي تزيدنا إيماناً بالعرش وإيماناً باستواء ربنا -سبحانه وتعالى- عليه وبالتالي كانت هناك مقدمة ضرورية، هذه المقدمة الضرورية: لماذا رد كثير من المبتدعة مسألة الاستواء على العرش؟ فقالوا: بأن الاستواء بمعنى الاستيلاء أو قالوا: بأن الاستواء بمعنى الغلبة و الظفر والقهر ولم يثبتوا هذه الصفة لله -عز وجل- مع أن القرآن تكلم على الاستواء وعنه في أكثر من موضع في نحوٍ من سبع مواضع وكذلك أتت السنة لتثبت هذه الصفة، هذه الصفة أثبتها القرآن كما أثبتتها السنة لماذا نفوها؟ الإشكال أنهم نسوا هذه الصفة كما نسوا غيرها من الصفات كصفة النزول وصفة المجيء وصفة الضحك وصفة الغضب وصفة الرضا، لم يثبتوا هذه الصفات ظناً منهم أن إثبات هذه الصفات يقتضي عجزاً ونقصاً لا يليق بالله -عز وجل- وبالتالي أولوا هذه الصفات وصرفوها عن ظاهرها إلى معنى آخر، وهذا ما يسمى بالمجاز، فقالوا: هذا الاستواء استواء مجازي، وصار المجاز عند المتأخرين من الأشاعرة والكلابية والماتريدية وغيرهم باباً عظيماً يردون به النصوص ويحرفون النص عن ظاهره إلى معانٍ ربما لا تكون محتملةً أصلاً، لقد حكموا عقولهم في الأمور كلها.
وقال زعيم من زعمائهم وهو الرازي -عليه رحمة الله- «بأن دلالة العقل أشد من دلالة النقل»أي: ما دل عليه العقل أقوى مما دل عليه الشرع - سبحان الله- وقال:[ إن دلالة النص ربما تحتمل التخصيص وتحتمل التقييد، أما دلالة العقل فلا تحتمل ذلك ] يعني عندما أقول: قال الله -عز وجل- كذا أو قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كذا فهذا النص ربما يكون خاصاً، ربما يكون عاماً يحتاج إلى مخصص، ربما يكون مطلقاً يحتاج إلى مقيد أما دلالة العقل فهي دلالة قوية لا تحتاج إلى ذلك أصلاً فتقدم دلالة العقول على دلالة النقول. وهذا كلام فاسد. لماذا؟ لأن العقل له مداخل بها يهتدي ومن أعظم مداخل العقل الحس، فإذا كانت الحواس التي هي مداخل العقل في المعرفة ربما تفسد وبالتالي تفسد أحكام العقول فإن فساد حكم العقل أعظم مما يتصورونه، فربما يكون الماء زلالاً عذباً طيباً مباركاً، ولكن لمرض أصاب الإنسان إذا تذوقه وجده مراً فحكم العقل؛ لأن اللسان لا يحكم وإنما يتذوق، فحكم العقل على الماء بأنه مرٌّ . حكْم العقل هنا حكم صحيح أم حكم باطل؟
ماء طيب زلال - ما شاء الله- أتى به صديقك من بلاد الحجاز، من السعودية، ماء زمزم -ما شاء الله لا قوة إلا بالله- ولكن شرب منه وجده مراً، الآفة في الماء أم في حاسة التذوق؟ في حاسة التذوق فلما كانت الآفة في حاسة التذوق كان حكم العقل حكما قاصراً باطلاً هذا هو حكم العقل.
أيضاً البصر ربما ترى إنساناً من بعيد، ولكن لضعف بصرك أو لبعد المسافة بينك وبين ما رأيت ربما تقول: هذا الشخص هو زيد بينما الآخر لأن بصره أشد منك أو أفضل منك قال: إنه عمرو فعندما يقترب تجدونه عمراً.
إذن ما حكم به فلان على أن المرئي هو زيد كان هذا الحكم باطلاً لماذا؟ لأن الآفة كانت في العين فكان الحكم للعقل حكماً باطلاً فقولهم: بأن دلالة العقل أشد وأقوى من دلالة النقل هذا كلام غير صحيح- واضح يا إخوانيمن هذه الأمثلة- هذا كلام غير صحيح لا يمكن أن نسلم لهم بذلك أبداً، كيف يقدم العقل على النقل؟ فلما قدموا العقل على النقل أبطلوا كثيراً من النصوص لأن عقولهم لم تتحمل هذه النصوص فمثلاً يقولون: لا يوجد هناك ما يسمى بالوزن يوم القيامة قوله تعالى ﴿ وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ ﴾[الأنبياء:47] يقولون: هذا ميزان معنوي، المقصود به تقريب المعاني فكيف توزن الحسنات والسيئات فإن الوزن لا يكون إلا لماذا؟ للمحسوسات- الأشياء المحسوسة طماطم بطاطس خيار هذه أشياء محسوسة ملموسة- أما الأشياء المعنوية كيف توزن؟ حسنات سيئات حب بغض توكل استعانة فهذه الأمور المعنوية كيف توزن؟ فأبطلوا الوزن لهذه الأمور وكل النصوص الواردة في إثبات الميزان حرفوها عن ظاهرها، مثل حديث البطاقة عند الترمذي وغيره وهو حديث صحيح (الرجل الذي تمد له صحائفه تسعة وتسعين صحيفة كل صحيفة مد البصر يقال له: هل لك من حسنة عندنا؟ فيقول: لا. كل هذه الصحف ليس فيها حسنة فيقال له: إن لك عندنا بطاقة وإنه لا ظلم اليوم فتوضع البطاقة في كفة وتوضع هذه الصحائف في كفة أخرى فترجح كفة لا إله إلا الله لتطيش بهذه الصحائف فيؤمر به فيدخل الجنة).

إذن الميزان حق بهذا النص وله كفتان عبد الله بن مسعود والحديث صحيح (لما صعد شجرة من شجر الأراك ليأتي بعود من السواك فهبت ريح فتكفأته وكان دقيق الساقين فضحك الصحابة فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- لمَ تضحكون؟ فقالوا: يا رسول الله نضحك لدقة ساقه فقال: والذي نفسي بيده إنها أثقل عند الله من جبل أحد) سبحان الله ﴿ وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ ﴾ وقال تعالى ﴿ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْناً (105) ﴾[الكهف: 105]، وقال ﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَراًّ يَرَهُ (8) ﴾ [الزلزلة 7، 8]، نفوا كل هذه النصوص لأن عقولهم القاصرة لم تتحمل هذه الدلالات الشرعية الربانية التي أتت بها النصوص، أيضاً كمثال آخر: عندما أخبرناهم بحديث الدجال حديث الجساس المشهور في مسلم وأحمد، أن الدجال في جزيرة في بحر المشرق وأنه أخبر بعلامات لا يخرج إلا بظهورها قالوا: كيف يكون ذلك الأمر؟ ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الخُلْدَ ﴾ [الأنبياء: 34]، كيف يتثنى لرجل أن يعيش هذه الآماد؟ هذا أمر لا يعقل ولا يتصور فنفوا هذا الحديث، أحاديث كثيرة حديث الموت (يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح أقرن يرفع بين الجنة والنار ليعرفه أهل الجنة وأهل النار، فيقال لأهل الجنة: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيقولون: إنه الموت ويا أهل النار هل تعرفون هذا؟ فيقولون: إنه الموت فيذبح بين الجنة والنار ويقال: يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت ) سبحان الله يقولون: لا، لا نصدق هذا ولا نثبت هذا وإنما يقصد بذلك التقريب، فليس الأمر على حقيقته. وانظر على هذه الوتيرة أخباراً كثيرة تم صرفها عن ظاهرها إلى معان أخرى محتملة، هذه مسألة خطيرة جداً وهنا عدة قواعد لا بد من التنبيه عليها:
القاعدة الأولى: الأصل في الكلام الحقيقة: هذه قاعدة مهمة جداً عندما تقول: رأيت أسداً إذن رأيت أسداً والمقصود بالحقيقة ما يتبادر إلى الذهن معرفته، وتعريف الحقيقة عند العلماء تعريفات كثيرة وشيخ الإسلام ابن تيمية كرَّ على كل تعريفات الحقيقة والمجاز فأفسدها جميعاً في كتابه الرائع الإيمان والمقصود بالإيمان هنا هو الإيمان الكبير، مطبوع بمفرده وهذا المجلد وهو الإيمان الكبير موجود في المجلد السابع من مجموع الفتاوى كتاب رائع جيد لابد لطالب العلم أن يقرأ هذا الكتاب- كتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية -عليه رحمة الله- أتى بكل تعريفات الحقيقة التي حدها البلاغيون واللغويون فأبطلها جميعاً، لأن مسألة الحقيقة والمجاز لها تعلق بمسألة أصل اللغة وهذه المسائل التي هي أصل اللغة والحقيقة والمجاز داخلة في علوم كثيرة داخلة في علوم اللغة، داخلة في علم البلاغة، في أصول الفقه، في علوم القرآن داخلة في علوم كثيرة وتكلم العلماء عنها كثيراً ولكن دعونا نختار تعريفاً من هذه التعريفات دون أن نقول: بأنه أسد أو ليس بأسد من غيره فما تبادر إلى ذهنك من معنى اللفظ هذا هو حقيقة اللفظ، عندما تقول: أسد إذن أسد الذي يمشى على أربع، له لبد، له أظفار، له أنياب، له زئير، حيوان متوحش، من أكلة اللحوم، يهابه الإنسان، وله أخلاق هي الأخلاق السبعية، هذا الأسد عندما أقول: رأيت أسداً لأننا إذا لم نحمل الكلام على الحقيقة، أي إنسان يتكلم أي كلام ستشعر أن كلامه هذا أنت تريد أن تجعل فيه احترازات، عندما تقول: قابلته هل قابلت زيداً؟ نعم قابلته. احترز إذن: هل قابلته اليوم؟ نعم. الساعة السادسة؟ نعم. في القاهرة؟ نعم. هذه كلها احترازات حتى يتأكد أنك قد قابلته. تصور لو أنك تعاملت مع كل كلام أن هذا الكلام ليس على الحقيقة لكن إذن هناك احتمالات أخر، لو أنك تعاملت مع الخلق بأن الكلام لا يحمل على حقيقته فيمكن أن تجن، لن تقبل أي كلام ولكن كل كلام ستسمعه لا بد أن تورد عليه احترازات وما إلى ذلك تجن لا يمكن أبداً ولذلك القاعدة المهمة جداً أن الأصل في الكلام الحقيقة. وكلام البلاغيين أن أفضل الكلام وأعذب الكلام أكذبه ليس المقصود بالكذب هنا الكذب القيمي الذي نعرفه ولكن المقصود بالكذب الذي هو خلاف الظاهر وهذا أمر له وجوه بلاغية يعرفها البلاغيون.
القاعدة الثانية: أن كل ما أمكن حمله على الحقيقة لا يجوز صرفه عن هذه الحقيقة إلا بقرينة: تأمل معي هاتين الجملتين عندما أقول: قابلت أسداً الجملة الثانية: رأيت أسداً يصافح الناس، رأيت أسداً في الجملة الأولى قولاً واحداً هوالأسد الحيوان السبع إذن الأسد في الجملة الثانية؟ هل هو الأسد الحيوان السبعي يعني هل ممكن مثلاً أن نذهب إلى حديقة الحيوان في الجيزة ونصافح الأسد؟ هل يمكن؟ لا يمكن. إذن هذه قرينة جملة يصافح الناس هذه جملة حالية بينت حال هذا الأسد فصرفت المعنى المتبادر الذي قد يتبادر إلى المعنى الآخر إذن هذه القرينة بها تم صرف اللفظ إلى المعنى الآخر وهو معنى صحيح، بل إن المجاز في هذا الوقت يكون حقيقة،كما قال بعض العلماء ويسمى ذلك من سنن العربية من سنن أي من طرائق العرب في الكلام من عادات العرب في الكلام، إذن هذه القاعدة: كل ما أمكن حمله على الحقيقة لايجوز حمله على المجاز إلا بقرينة.
مسألة المجاز مسألة خاضَ فيها الناس خوضاً عظيماً ويقصد بالمجاز: هو صرف اللفظ عن ظاهره، والمجاز نوع من التأويل وباصطلاح علماء اللغة المعاصرين أن التأويل محاولة لجبر الانكسار الدلالي في الجملة. يعني الجملة لها نسق دلالي فعندما ينكسر هذا النسق الدلالي لا بد من محاولة جبر هذا الانكسار عندما أقول: ذبح نفسه ذبح لو قلنا: ذبح العصفورَ جملة صحيحة تماماً ليس فيها أي إشكال لما أقول: ذبح الكرسي هي جملة صحيحة نحوياً ولكن غير صحيحة دلالياً لأنه لا يعقل أن يذبح الكرسي لما نقول: ذبح نفسه هي صحيحة تركيبياً على مستوى النحو لكن من جهة الدلالة يمكن أن نقول: ذبح نفسه فانتحر ويقول ذبح نفسه من كثرة الهم أي حمل نفسه هماً عظيماً فشبه كثرة الهم الذي ركبه بمن ذبح نفسه، إذن هذه محاولة للتأويل إذن هناك علاقة بين صرف اللفظ عن ظاهره وبين التأويل وكل هذه المحاولات محاولات لجبر الكسر الدلالي على مستوى الجملة. الجماعة أهل السنة -ما أعظمهم وما أفضلهم- عندما يسمعون القرآن ويسمعون الحديث يضعون النصوص على العين والرأس ويجعلوها في القلب ويقولون: سمعنا وأطعنا يأتوا بنص القرآن ونص الحديث ويضعونهما على العين والرأس ويجعلونهما في داخل القلب ويقولون: سمعنا وأطعنا ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾[النور: 51]، أما كثير من الذين ابتلوا بأن خلطت عقيدتهم بمسالك المتكلمين هؤلاء الناس لا يقبلون إلا ما مرروه على فلاتر عقولهم، هذه العقول القاصرة الناقصة فردوا كثيراً من نصوص الكتاب والسنة، وما ردوه ردوه من باب ماذا؟ من باب المجاز مثلاً قالوا: دخول الأعمال في الإيمان هذا دخول مجازي. رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة رؤية مجازية، ذبح الموت ذبح مجازي، نعيم القبر وعذابه إنما هو أمر معنوي ليس بالحسي من باب المجاز.
إذن عذاب مجازي ونعيم مجازي، يقولون: بأن الدجال هذا أمر مجازي يقصد به التخويف كما نخوف الأطفال بالسلعوة وما إلى ذلك فهذا من باب التخويف وهكذا على طول الخط.
إذن نفوا الصفات ونفوا الرؤية ونفوا عذاب القبر ونعيمه ونفوا كثيراً من المثبتات في باب الأسماء والصفات وفي باب الأسماء والأحكام، عندنا بابان:
- عندما أقول الأسماء والصفات هذا متعلق بالله -عز وجل- إذن ما يتعلق بدارسة الأسماء والصفات هذا أمر تعلقه بالله -عز وجل-
- عندما نقول الأسماء والأحكام فهذا تعلقه بالعباد مؤمن منافق زنديق مبتدع فاسق إذن هذه كلها متعلقة بالعباد إذن الأسماء والأحكام متعلقة بالخلق والأسماء والصفات متعلقة بالحق.
فكثير من مسائل الأسماء والصفات ومسائل الأسماء والأحكام تم إخراجها عن حقيقتها بدعوى المجاز، بل إن كثيراً من النصوص الشريعة في باب التفسير تم صرفها أيضاً عن ظاهرها مع احتماليتها للظاهر دون تكلف، تم صرفها من باب المجاز، أضرب مثالاً واحداً على ذلك وأقول: بأن كتب التفسير تحتاج إلى تنقيح وليس كل ما يسطر في الكتب يكون صحيحاً بالضرورة.
في قول الله -عز وجل- ﴿ وَاسْأَلِ القَرْيَةَ الَتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (82) ﴾[يوسف: 82] قصة يوسف، لما يوسف جعل صواع الملك في رحل أخيه ثم بعد ذلك قال له اشتالوا الرحل وانطلقوا فلما انطلقوا أتت الرسل تقول: إنا نبحث عن صواع الملك ولا بد أن نبحث في متاعكم وفي رواحلكم فقالوا لهم: ما جئنا لنسرق وليس هذا بخلقنا بل نحن قوم تجار جئنا من بلاد الشام إلى مصر ليس للسرقة، نحن تجار شرفاء لنا اسم تجاري وغير ذلك فكيف نأتي، نضرب كل هذه المسافة البعيدة لكي نسرق هذا لا يعقل- وكانت مصر قديماً هي سلة الغذاء العالمي، كنا نصدر للعالم القمح ليس كما يحدث في بعض الأعاصير- الذي حدث أنهم بدءوا بالتفتيش وأخرجوا الصواع من رحل أخي يوسف وعند ذلك تم القبض على أخي يوسف وتم رفعه إلى يوسف وكان الحكم آنذاك أن تضرب عليه العبودية. أخوهم الكبير تلمس العطف من يوسف وبدلاً من أن يرقق قلبه يعني اعتذر باعتذار سييء فقال له: ﴿ قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ﴾ لا إله إلا الله ﴿ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77) ﴾ [يوسف: 77، 78] استمرت القصة إلى أن قال أخوهم: ﴿ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِينَ (80) ﴾ [يوسف: 80] اذهبوا بعد ذلك إلى أبيكم فقولوا له: إن هذا الأخ الذي خرج معنا إن ابنك هذا سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين ولو كنا نعرف أنه يسرق ما أخرجناه معنا وإذا لم تصدقنا يا أبانا أبوهم من؟ يعقوب من يعقوب هذا؟ نبي من أنبياء الله -عز وجل- إذا لم تصدقنا فاسأل القرية التي كنا فيها البلاغيون والمفسرون واللغويون يكاد إجماعهم أن ينعقد أن هذا من باب المجاز مجاز الحذف، وهنا حذف مضاف ﴿وَاسْأَلِ القَرْيَةَ ﴾أي واسأل أهل القرية ﴿وَالْعِيرَ ﴾ أي أصحاب العير أي إذا لم تصدقنا يا أبانا فاسأل أهل القرية واسأل أصحاب العير فإنا لسنا بكاذبين، بل نحن في هذه المرة صادقون لسنا كالمرة الأولى عندما قلنا: بأن الذئب أكل يوسف كنا كاذبين آنذاك لكننا هنا صادقون، هذا قول المفسرين على حذف مضاف إذن ما رأيكم لو قلنا: بأن المسألة على ظاهرها هذه ليست ظاهرية مفرطة كظاهرية ابن حزم وداود بن علي أبداً ولكن هذا تعظيم للنص وإيمان بالنبوة. يعقوب هذا نبي من أنبياء الله -عز وجل- والأنبياء يحدث الله تعالى لهم ما لا يحدثه لغيرهم أليس كذلك؟ بلى.. يحدث الله تعالى لأنبيائه مالا يحدثه لغيرهم، لقد أنطق الله تعالى الحجر لنبيه محمد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- (لقد كنت أعرف حجراً بمكة كان يسلِّم علىّ) حجر يسلِّم على النبي -صلى الله عليه وسلم- والجزع حنَّ للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصل الحديث في البخاري ورواية البيهقي (حتى سمعنا له أنيناً كبكاء الصبي فنزل النبي -صلى الله عليه وسلم- فوضع يده عليه فسكن أو فسكت) عندما جعل المنبر للنبي -صلى الله عليه وسلم- وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جرت له معجزات كثيرات من باب الخوارق- العظيمات- للعادات وبعض المصنفين جمعها في كتب كبيرة: كدلائل النبوة للحافظ البيهقي، ودلائل النبوة لأبي نعيم فهذه كتب مفردة وهناك كتب كثيرة تكلمت عن هذا الباب فالله تعالى يحدث لأوليائه من الأنبياء والصالحين من خوارق العادات ما به يزدادون إيماناً وما به تكون الحاجة ماسةً إلى ذلك، فما الضير؟.
يا أبانا أنت نبي وإذا لم تصدقنا في هذه الدعوة فاسأل القرية، القرية تطلق على أمرين: تطلق على القرية التي هي البنيان كما تطلق علي القرية أي أهل القرية هذا في اللغة مثل النهر يطلق النهر على المجرى كما يطلق النهر أيضاً على الماء الذي يجري في المجرى وإنما يتوجه اللفظ بالسياق الذي ورد فيه لو قلت: حفرت النهر إذن النهر هو المجرى ولو قلت: شربت من النهر إذن النهر هو الماء الذي يجري إذن هذا اللفظ يحتمل الحالّ كما يحتمل المحلّ يحتمل الشيء ويحتمل الشيء الذي يسكن فيه وأصل القرية المكان الذي يجتمع فيه الناس.
إذن يطلق لفظ القرية على المكان كما يطلق لفظ القرية على أهل المكان كقول الله -عز وجل- ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) ﴾[النحل: 112] إذن القرية هنا المقصود بها ماذا؟ المقصود بها الأهل- أهل القرية- دون تكلف ودون تأويل ودون مجاز لأن اللغة هي التي دلت على ذلك فالقرية تطلق على المكان كما تطلق على ساكني المكان، فقوله سبحانه تعالى ﴿ وَاسْأَلِ القَرْيَةَ ﴾ ليس هنا مجاز وليس هنا حذف فالقرية هنا أهل القرية ويكون هذا توجيه قول لغوياً لا مجاز فيه ولا حذف، ولو قلنا بالمعنى الآخر الذي فيه البعد العقائدي أي المكان لا ضير في ذلك لأن هذا نبي ولو أتى نبي إلى حجر وقال: يا حجر هل حدث كذا؟ لأمكن أن ينطق الله تعالى هذا الحجر لنبيه أليس كذلك؟ بلى هذا نبي فلابد أن نعظم الأنبياء لا تكون المسألة متعلقة بالعقول القاصرة، كيف نقول نؤمن بالأنبياء ولا نؤمن أن الله تعالى ينطق حجراً لنبي وتقول بعد ذلك: أنا أؤمن بالأنبياء؟ كيف ذلك؟ أنت تقول بأن الأنبياء عجزة وأن الأنبياء قاصرون لابد من تعديل بعض الأمور عندما نتناول النصوص. وكثير من أقوال التفسير تحتاج إلى نظر ولا ينبغي التسليم لكل ما ورد في الكتب بل لابد أن ينظر في الأمر نظرة متقنة.
إذن المجاز دخل في باب الأسماء والأحكام ودخل في باب الأسماء والصفات ودخل في تفسير النصوص ولذلك كان لابد من سدِّ هذا الباب، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا المجاز الذي به تصرف النصوص بدعة، قال ذلك من المتقدمين أبو عبدالله بن خوارزمنداد المالكي قال ذلك من المتقدمين، ومن المتأخرين شيخ الإسلام ابن تيمية وكتابه الإيمان من أخطر الكتب في هذا الباب، بل إن شيخ الإسلام ابن القيم في كتابه: الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة عقد الباب الثالث في كسر طاغوت المجاز جعله طاغوتاً يعني يجب أن يكسر وما قالوا بأن الإمام أحمد وكذلك صاحب مجاز القرآن كانا يثبتان المجاز وهذان متقدمان من علماء القرن الثالث الهجري. الإمام أحمد وصاحب مجاز القرآن لا يقصدون بالمجاز ما يذهب إليه المتأخرون ولكن يقصد بالمجاز ما يجوز في اللغة فكتاب مجاز القرآن هو كتاب من كتب التفسير ويتلمس الوجوه اللغوية التي أجازتها العرب عند تفسير القرآن وهناك بعض من أثبت المجاز مطلقاً وهذا هو جمهور الأصوليين والبلاغيين واللغويين والمفسرين.
وهناك من فصل فقال: يمكن أن يقع المجاز في اللغة ولكن يحترز من وقوع المجاز في القرآن وأصَّل لذلك الشيخ العلامة محمد بن الأمين المختار الشنقيطي وله رسالة مفردة في ذلك ولعل هذا القول قول جيد بأن المجاز يتصور وقوعه في اللغة نعم وقد يتصور وقوعه في القرآن والسنة ولكن بضوابط.

كانت هذه المقدمة مهمة جداً لماذا؟ لأننا سنتكلم عن العرش واستواء ربنا -سبحانه وتعالى- على العرش وبعد هذه المقدمة نبدأ في شرح الجملة المناسبة من قول العلامة الإمام ابن أبي زيد القيرواني -عليه رحمة الله-.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-(على العرش استوى وعلى الملك احتوى ) نعم الاستواء من صفات الله تعالى الفعلية، وصفات الله تعالى الفعلية هي المتعلقة بمشيئته، فهناك صفات ذاتية، وهناك صفات فعلية وهذه القسمة هي قسمة علمية للبيان والتوضيح، وصفة ذاتية أي لا تنفك عن الله -عز وجل- أما الصفة الفعلية فهي المتعلقة -كما قلت- بمشيئة الله -سبحانه وتعالى-.
فالله -تبارك وتعالى- رحيم ومن صفاته الرحمة، فالرحمة متعلقة بذاته في كل وقت، في كل حين، وكذلك من صفات الله -تبارك وتعالى- الملك والحكمة والقوة والحياة والسمع والبصر واليد كل هذه من الصفات الذاتية التي لا تنفك عن الله -عز وجل- ومن صفات الفعل أي المتعلقة بمشيئته أي يحدثها ربنا -سبحانه وتعالى- كيف شاء إذا شاء، دون أن ندري كيف هذه، من ذلك الضحك ومن ذلك الحب فالله -تبارك وتعالى- إذا أطعته أحبك، وإذا عصيته أبغضك، فالحب والكره هاتان صفتان لله -عز وجل- ولكن متعلقتان بماذا؟ بفعله -سبحانه وتعالى- وإن شاء الله عز وجل- هناك حديث موسع عن الصفات فنذكر ذلك بالبيان و التوضيح في حينه.
قوله (على العرش استوى) الاستواء يأتي مطلقاً كما يأتي مقيداً، الاستواء عند العرب وفي لغة القرآن وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتي مطلقاً ما معنى مطلقاً؟ أي ليس مقيداً عندما تقول: أرسلني أي لا تقيدني بقيد، أطلقني أرسلني بمعنى أطلقني أي لا تقيدني بقيد لا تمسكني عندما تمسك يدي إذن أنت قيدتني لا استطيع الحركة إلا بمقدار ما تسمح أنت به فإذا قلت لك: أرسلني أي أطلقني أي اجعلني خارج هذا القيد إذن الإطلاق ما ليس به قيد.
إذن الاستواء يأتي أحيانا، مطلقا، ويأتي أحيانا، مقيدا،، يأتي مقيداً، بأن يتعدى بالأداة: إلى أو على أو الواو إذن استوى إذا أتى بعده الأداة: على أو الأداة إلى أو الأداة الواو إذن هذا قيد لـ"استوى" إذن هذا اللفظ لفظ مقيد، ومن ذلك إذا قيد الاستواء بالأداة إلى والأداة بمعنى الحرف ولكن كلمة الأداة لعلها أدق من كلمة الحرف، قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ﴾[البقرة: 29] استوى إلى بمعنى قصد، وأيضاً عندما يقول ربنا -سبحانه وتعالى- انظر إلى هذا القيد ﴿ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ ﴾[هود: 44]، في سفينة نوح ﴿ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ ﴾أي استقرت على صفيحة الأرض، استوت على الأرض استوت على الجودي استوت بمعنى: علت واستقرت، وكذلك القيد بالواو مثل استوى الفضيل بن عياض وسفيان الثوري فاستوى زائد واو فيها معنى التماثل، إذن استوى الفضيل وسفيان بمعنى ماثل هذا هذا شابه هذا هذا ساوى هذا هذا.
أذن استوى يمكن أن تقيد بالأداة إلى تتقيد بالأداة على تتقيد بالواو.
وأيضاً قد يأتي الاستواء مطلقاً غير مقيد وذلك كقول الله -عز وجل- في موسى ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً ﴾[القصص: 14]، استوى بمعنى ماذا؟ بلغ وتم﴿آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً ﴾ إذن هذه الكلمة التي هي الاستواء تتنوع معانيها بتنوع الإطلاق والتقييد فإذا أطلقت، لها معنى، وإذا قيدت لها معنى فقوله -سبحانه وتعالى- ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى (5) ﴾[طه: 5] إذن على العرش استوى أي استوى على العرش وقلنا: استوى أي علا وارتفع وهذا ثابت عن أبي العالية وهو من كبار التابعين -عليه رحمة الله- قلت: بأن الإشكال عند المتكلمين أنهم يمررون الكلام عبر فلاتر العقل وأي عقل هذا العقل؟ أهو عقل نبي؟ هل هو عقل ولي؟ أم هو عقل رجل خطؤه أكثر من صوابه إن كان له صواب؟ لأن كثيراً من المتكلمين هؤلاء عاشوا طوال حياتهم في التيه، بل منهم من لم يرجع إلى طريقة الإسلام وطريقة أهل السنة والجماعة إلا عند وفاته- سبحان الله- فهؤلاء عندما يقرءون مثل قول الله تعالى ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى (5) ﴾ يقولون: المقصود بـ"استوى" هنا استولى. لماذا؟ يقولون: لأن من لوازم استوى -بمعنى علا وارتفع- أن العرش صاراً له حيز فصار هو متحيزاً في العرش سبحان الله.
هناك قاعدة في باب الصفات -وإن شاء الله سأذكرها لكم بعد ذلك- الكلام عن الصفات فرع عن الكلام في الذات، هذه القاعدة مهمة جداً، فإذا كنت تجهل الذات فبالضرورة أنت تجهل الصفة كيفاً ليس معنى.
الإشكال أننا قلنا لهم: عندما تقولون: إن استوى بمعنى استولى هذا لفظ وهذا تأويل لم تعرفه العرب ولم يأتِ به نص حاججونا بقول رجل نصراني مولد أي ليس عربي قحاً ليس من العرب الأقحاح، من هو؟ الأخطل يقولون: قال الأخطل- رجل مولد شاعر نصراني كان كثير الهمز واللمز بالإسلام هذا رجل كان يهمز بالصلاة والزكاة والصيام والحج وكان يقرض الشعر في ذم الإسلام هذا الرجل حلا لهم أن يأخذوا منه بيتاً وهو قوله:
لما استوى بشر على العراق من غير سيف أو دم مهراق
قالوا: استوى بشر على العراق أي استولى بشر على العراق. بالله عليكم أيها المسلمون هل نترك كلام رب العالمين وكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- الأمين لكلام رجل عدو للإسلام، عدو للمسلمين، يلمز ويهمز فيهم- سبحان الله-
أولاً: كلامه ليس بحجة حتى على مستوى اللغة، لأن الاحتجاج بالشعر له ضوابط فلا بد أن يكون قائل هذا الشعر من الأعراب أو من العرب الأقحاح وهذا ليس صليبياً في العروبة أو العربية فكيف نقبل احتجاجه بهذا البيت؟
الأمر الثاني: أنه إذا كان المقصود باستوى بمعنى الاستيلاء أو القدرة فإن الله تعالى قادر على كل شيء، لا يعجزه شيء فلو قلنا: إن الاستواء بمعنى الاستيلاء أو القدرة فإن الله تعالى قادر على كل شيء، قادر على البهائم وعلى البهائم وعلى الحشوش -دورات المياه- فهل نقول: بأن الله تعالى مستوٍ على الإنسان مستوٍ على البهائم مستوٍ على الحشوش هذا كلام لا يمكن ولا يتصور، فالله تعالى منزه عن هذه المعاني الناقصة، ولكن لا بد من إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه لقد رد شيخ الإسلام ابن القيم في كتابه: الصواعق المرسلة وهذا موجود في مختصر الصواعق للعلامة الموصلي، مختصر الصواعق ليس لابن القيم ولكنه للعلامة الموصلي رد على هذه الفرية في أكثر من أربعين وجهاً فليراجع هذا الكتاب من شاء.
أيضاً قالوا: بأن لفظ الاستواء من الألفاظ المتشابهة، أي لا يعلم معناه إلا الله. هذا كلام فاسد؛ لأن اللفظ المتشابه هو ليس المحكم لفظ ليس محكماً أي لا يدرى معناه عندما نقول: طس ما معنى طس؟ الله أعلم لا ندري إذن نترك هذا لمن؟ لله -عز وجل- الكلام عن كيفيات الصفات وكيفيات الذات من المشابه الذي لا يعلمه إلا الله -عز وجل- أما معاني الأسماء ومعاني الصفات ليست من المتشابه، بل هي من المحكم وقلت لكم من قبل إن آيات وأحاديث الصفات والأسماء قرأها النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قرأها الصحابة وسمعوها فلا يعقل ان يسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- وأن يسمع الصحابة وأن يقرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقرأ الصحابة القرآن والحديث ويجهلون معاني ما يقرءوه هذا لا يمكن أبداً.
الأمر الذي بعد ذلك: أن السلف مازالوا يثبتون الصفات لله -عز وجل- وقلت لكم: بأن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- عندما سئل عن الاستواء والسؤال عن كيفية الاستواء قال: الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة والإيمان به واجب وإني لأراك مبتدعاً. وثبت هذا عن غير واحد من السلف عندما قالوا: بأن الاستواء غير مجهول أي غير مجهول المعنى. والكيف غير معقول، لا يمكن تصوره عقلاً ومن الله رسالة وعلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- البلاغ وعلينا التسليم.
إذن لا بد أن نسلم الله -سبحانه وتعالى- أرسل رسالته وبين فيها الأسماء والصفات والرسول -عليه الصلاة والسلام- بلغ ذلك وما يجب علينا إلا أن نسلم.
وقلت لكم من قبل: بأن إثبات هذا الأمر الذي هو إثبات معنى الاستواء أن الله تعالى فوق عرشه وعلمه في كل مكان هذا: عقيدة الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والسفيانين- سفيان الثوري وسفيان بن عيينة- وعندما نقول: السفيانان نقدم سفيان الثوري لأنه أسد وأعلم وأسن وأكثر إمامة من سفيان بن عيينة وهكذا وورد ذلك أيضاً عن غير واحد من أهل العلم والأئمة كأبي حنيفة والشافعي وماللك والترمذي قالوا جميعاً بأن الاستواء معلوم أي معلوم المعنى ونقل ذلك اللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة كما نقله ابن تيمية في فتواه الحموية.

بعض الناس يذكر بأن مذهب السلف التفويض وينقل ذلك عن الإمام الشافعي ومالك وعبد الله بن المبارك قالوا: بأنهم قالوا: عندما سئلوا عن بعض أحاديث الصفات كأحاديث (إن الله تعالى يقبل صدقة أحدكم ويأخذها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم فلوه) الفلو الذي هو المهر الصغير الخيل الصغير أرأيت كيف أن الإنسان يربي حصانه الصغير؟ فإن الله تعالى يربي لك صدقتك ويقبلها منك ويأخذها بيمينه وكانت عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- تطيب ما تتصدق به بالطيب من أجل هذا الحديث، فلما سئل بعض الأئمة عن هذا الحديث كالشافعي ومالك وعبد الله بن المبارك قال: «أمروها كما جاءت» أي اجعلوا هذا الحديث كما جاءت فقالوا هذا تفويض، وهذا الأمر ليس بالتفويض ولكن هذه العبارة بها نقص «أمروها كما جاءت بلا كيف» أي مالك والشافعي وعبد الله بن المبارك قالوا «أمروها كما جاءت بلا كيف» إذن لا بد من إثباتها في الأمر.
هناك أوصاف لعرش الرحمن أقولها سريعاً:
- فعرش الرحمن من أول المخلوقات
- وأيضاً عرش الرحمن على الماء
- أيضاً عرش الرحمن له قوائم.
- وصف الله تعالى عرشه بأنه مجيد وأنه عظيم.
- عرش الرحمن يتأثر ويشعر انظروا هذا المعنى الجميل عرش الرحمن يتأثر ويشعر فقد اهتز العرش لموت سعد بن معاذ -رضي الله عنه-
- عرش الرحمن فوق جنة الفردوس.
- عرش الرحمن استوى عليه الرب –سبحانه- فشرفه باستوائه عليه، فهذه بعض أوصاف عرش الرحمن.
- وهناك أوصاف أخرى كظل عرش الرحمن هذه أيضاً من صفات عرش ربنا -سبحانه وتعالى-
- وأيضاً أن هذا العرش له حملة. هذا من صفات عرش ربنا سبحانه.

قال ابن أبي زيد (وعلى الملك احتوى ) قال:( على العرش استوى وعلى الملك احتوى) فالله- تبارك وتعالى- مالك كل شيء وملكه نافذ في كل شيء، لا يعزب عنه شيء ولا يغيب عنه شيء فسبحانه وتعالى قال: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) ﴾[الملك: 1]، وقال سبحانه ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) ﴾[المائدة: 120]، فتأمل ملك ربك وانظر إلى ملك غيره لتعظم ربك وتزداد له حباً أسأل الله –تعالى- أن يجعلنا من المعظمين له، المحبين له، المقدرين قدره، المتبعين له ولهدي نبيه -صلى الله عليه وسلم- وصلِّ اللهم على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


إجابات الأسئلة:
إجابة السؤال الأول قال الله تعالى في سورة الشورى ﴿ فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ المَصِيرُ (15) ﴾[الشورى: 15]، وحكمة هذا كما قال ابن كثير -رحمه الله تعالى- اشتملت هذه الآية الكريم على عشر كلمات مستقلات كل منها منفصلة عن التي قبلها قالوا: ولا نظير لها إلا آية الكرسي فإنها أيضاً عشر فصول كهذه ومن ذلك أيضاً أن آية الكرسي اشتملت على معالم الإيمان والتوحيد وآية الشوري اشتملت على معالم الشرائع فمن وعاهما فقد وعى معالم دين الإسلام.
ما شاء الله، عظيم إجابى السؤال الثاني: قال القيرواني في عقيدته: وسع كرسيه السماوات والأرض ومعناها: أنه على الرغم من أن السماوات سبع وأن الأراضين سبع بكل ما فيهما فإذا كان كرسيه -عز وجل- قد وسع كل ذلك فدل ذلك على عظيم قدر هذا الكرسي ودل ذلك على أن الكرسي حق.
إجابة السؤال الثالث: دلالة اقتران اسم الله العلي بأسمائه العظيم والكبير والحكيم:
أن العلي اسم متعلق بربوبيته -سبحانه وتعالى- فهو دال على ربوبيته والرب هو القائم على خلقه فقوامته على خلقه تقضي كونه عظيماً كبيراً حكيم

إجابة السؤال الرابع: نرد على من نقم على ابن أبي زيد بقوله: ذاته:
أولاً: أن ابن أبي زيد استخدم هذا اللفظ مضطراً للرد على المؤولة من أهل زمانه الذين ادعوا أن استواء الله على عرشه بمعنى: أنه استولى عليه أو تمكن منه، فأراد إثبات أن الاستواء كان بالذات دون تكييف لذلك، كما اضطر الإمام أحمد في عصره إلى قوله: إن القرآن ليس مخلوقاً رغم أن أحداً من الصحابة لم يكن قد قال ذلك من قبل.
ثانياً: أن هذه الكلمة ذكرها بعض المتقدمين مثل الإمام أحمد وسفيان الثوري والفضيل بن عياض.
ثالثاً: قول الإمام الذهبي عن ابن أبي زيد القيرواني في سير أعلام النبلاء كان على طريقة السلف في الأصول مما دل على صحة معتقده.
إجابة السؤال الخامس: بعض المعاني المستفادة:
أولاً: إثبات أن الله بكل شيء عليم وأن الإنسان مهما بلغ من العلم فهو فقير إلى الله تعالى قال الله تعالى: ﴿ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ﴾[طه: 110] وأن كل العلوم موصولة بالله -عز وجل- فمن حصل علماً فليتصاغر لله فعلمه في جنب الله لا شيء
ثانياً: أن الله مستوٍ على عرشه بذاته.
ثالثاً: أن الله سميع بصير قد أحاط بكل شيء علماً وسمعاً وبصراً.
رابعاً: المدبر ليس اسماً من أسماء الله ولكنه إخبار عن صفة فعلية لله -عز وجل- أن الله يدبر أمر كل شيء في هذا الكون.
خامساً: علم الله بخلقه علمين: سابق وهو علم الأول متعلق بقدر الله، ولاحق وهو العلم الثاني وهو متعلق بالجزاء الذي يجازى به العبد وأبلغها لغيري بمحاولة إعطاء المتلقي أمثلة تقرب له المعنى مع التأكيد على أن الله ليس كمثله شيء وهو كما بين فضيلتكم كيفية المعية بمثال القمر فالآن أصبح كثير من الناس -ولا حول ولا قوة إلا بالله- لا يقتنعون إلا بالدليل العقلي الذي يقرب المعنى إلى أذهانهم


هناك سؤال: يقول: هل ردنا- على من يؤول استواء الله تعالى على العرش وأن الله تعالى معنا في كل مكان: بأن الله خلق المكان والزمان وهو لا يخضع لقوانينهما كما يخضع البشر لهما- جائز؟
الأوفق في باب الأسماء والصفات ألا نتكلم بكلام لم يتكلم به السلف، فالإمساك أولى فمسألة لم يخضع أو يخضع أو ما إلى ذلك لا داعي له، إلا إذا كانت هناك ضرورة ملحة من استخدام بعض الألفاظ التي لم يتكلم بها السلف مثل لفظ البائن أو لفظ التغير أو ما إلى ذلك الغيرية والبينية وما إلى ذلك هذه الألفاظ استخدمها المتقدمون أو بعض المتقدمين للضرورة فكلما كانت ألفاظنا سلفية أثرية كلما كان ذلك أولى، ولا نستخدم غيرها إلا عند الضرورة وبقدر الحاجة. والله تعالى أعلى وأعلم.


السؤال الثاني: لقد قلت يا شيخ: إن الله تعالى أثبت لنفسه العين فما هو الدليل؟ وهل إثبات الرؤية أفضل كدليل من دون إثبات العين؟
سأرجيء الكلام عن الصفات مطلقاً لدرس الصفات لأنه درس طويل سنتكلم فيه عن الصفات كما أرجأت الحديث عن العرش لمجلس اليوم. وكنت أتمنى أن يفسح لي المجال ساعة أخرى لأكمل الحديث عن العرش، ولكن قدر الله وما شاء فعل.


هناك سؤال: يقول: ما معنى معلوم من الدين الإسلامي بالضرورة؟
المعلوم من الدين بالضرورة معناه: ما لا يسع المسلم أن يجهله. والمعلوم من الدين بالضرورة يختلف ويتفاوت باختلاف الأزمنة والأمكنة والطوائف، فقد يكون الشيء معلوماً من الدين بالضرورة في وقت دون وقت وفي عصر دون عصر وفي مصر دون آخر وعند طائفة دون أخرى والدليل على هذا مثلاً أن أبا بكر -رضي الله عنه- عندما قاتل مانعي الزكاة ولكم أن تراجعوا هذا في شرح مسلم للإمام النووي، ونقل الإمام النووي عن سابقيه قولهم: بأنه قاتل مانعي الزكاة قتال المتأولين ولو أن غيرهم في هذه الأعصار منعوا الزكاة وقوتلوا لقوتلوا قتال المرتدين أو كلاماً شبيهاً بذلك لماذا؟ لأنهم كانوا حديثي عهد بجاهلية، حديثي عهد بإسلام فكانوا متأولين فلم تكن الزكاة معلومة عندهم بالضرورة أما الآن فصارت الزكاة معلومة عندنا بالضرورة عندما تأتي بطفل صغير تقول له: قل لي أركان الإسلام. سيقول لك: بني الإسلام على خمس ومنها إيتاء الزكاة أرأيت كيف أن هذا الطفل الصغير يعلم فرضية الزكاة وأنها فرضية مطلقة غير مقيدة بشخص أوبزمن؟ وكيف أن الأناسي الكبار من هؤلاء القوم في عصر الصحابة منعوا الزكاة فصار المعلوم من الدين بالضرورة في باب الزكاة مختلفاً باختلاف الأعصار.
أيضاً المعلوم من الدين بالضرورة قد يختلف باختلاف الأمصار فالمعلوم من الدين بالضرورة مثلاً في بلاد الحجاز حيث فشا فيها العلم والأثر والحديث وكثر فيها الفقهاء ليس كالمعلوم من الدين بالضرورة في بيئة كثرت فيها البدعة وقلَّ فيها العلم واندرس فيها الفقه وليس فيها من يعلم الناس الدين فالأمر يكون مختلفاً باختلاف البيئات.
أيضاً المعلوم من الدين بالضرورة قد يختلف باختلاف الأشخاص فالمعلوم من الدين بالضرورة عند العالم ليس كالمعلوم من الدين بالضرورة عند من؟ عند الجاهل، فقد يتصور- وهذا الأمر سمعته ورأيته -في بعض القرى، في بعض البلاد النساء لا تصلى لأنهن يَرَيْنَ أن الصلاة إنما هي فريضة على الرجال دون النساء، هذا رأيته بنفسي هناك بعض النساء لا يصلين ظناً منهم أن الصلاة فريضة على من؟ على الرجال دون النساء -سبحان الله- هذا جهل. في بيئة أخرى يرون أن الصلاة فريضة على الرجال والنساء وهذا غالب بيئات المسلمين. فلأنهن جاهلات فجهلن هذا المعلوم من الدين بالضرورة ولو أن شخصاً رُبيَ في بيئة مسلمة إسلاماً بسيطاً لا إسلاماً جاهلاً لرأى أن ذلك الأمر أمراً معلوم من الدين بالضرورة.
إذن المعلوم من الدين بالضرورة هو ما لا يسع المسلم أن يجهله وهذا متفاوت بتفاوت الأعصار الأمصار الأشخاص. والله تعالى أعلى وأعلم .


ذكرتم أقوال العلماء في المجاز وقلتم: إن منهم من أثبت المجاز ومنهم من فصل في المجاز ومنهم الإمام الشنقيطي وقلتم: ذهب البعض في التفصيل بأن المجاز يتصور وقوعه في اللغة وقد يتصور وقوعه في القرآن والسنة ولكن بضوابط فما هي الضوابط؟
هذه الضوابط باختصار شديد جداً:
أن تدل القرينة عليه.
الضابط الثاني: ألا يكون داخلا في باب من أبواب الاعتقاد، سواء باب الإيمان أو باب الأسماء والصفات أو باب الأسماء والأحكام. وهذا ضابط مهم جداً لأن الذين ردوا المجاز ردوه من أجل سيطرته على المتكلمين في هذه الأبواب. المتكلمون جعلوا هذه الأبواب مرتعاً خصباً لمسألة المجاز، فسدوا عليهم الباب كما يقولون: الباب الذي يأتي لك منه الريح عليك أن تغلقه وتستريح، فهذا الباب دخل منه المتكلمون في أبواب الاعتقاد في الأسماء والأحكام والأسماء والصفات وباب الإيمان وباب القدر وكذا وكذا فأغلقوه عليهم فلو روعي هذان الضابطان لكان ذلك خيراً.


لها ثلاثة أسئلة: السؤال الأول: قلتم: إن علم الله علمان: سابق ولاحق فما معنى علم الله اللاحق هل معناه الحدوث والتجدد ؟
لا نريد -كما قلت لكم- أن نتكلم بألفاظ لها مدلولات كلامية كثيرة وأفضل الألفاظ هي الألفاظ الشرعية فمسألة الحدوث ومسألة التجدد ومسألة التحيز ومسألة البينونة أو الإبانة وما إلا ذلك كل هذه ألفاظ تحاشيها أفضل وأسد. والله تعالى أعلى وأعلم.
سؤالها الثاني: هل يمكن أن نقول في قوله تعالى ﴿ وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ..... ﴾[البقرة: 143]، أي ليظهر علم الله للعباد أم هذا التفسير غير صحيح؟
قال: ﴿إِلاَّ لِنَعْلَمَ ﴾ لو قال: إلا لنُعلم لكان هذا متجهاً.
سؤالها الثالث: ما معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (إن الله تعالى خلق آدم على صورته؟
أترك هذا أيضاً في الحديث عن الصفات لأن هذا سيجرنا إلى باب واسع والله.
بالنسبة إلى بعض الناس يقولون كلمة: يا ساتر يا ستير يا ستار أيهما أصح في أسماء الله وصفاته؟
الصحيح هو الستير(إن الله حيي ستير) والأصل في أسماء الله تعالى التوقيف.
السلام عليكم ورحمة الله: ذكرتم أن القول المختار بالنسبة لمسألة المجاز أنه قد يكون في الكتاب والسنة مجاز فنريد من فضيلتكم توضيح ذلك بأمثلة حتى يتبين لنا الأمر متى يصلح في القرآن ومتى لا يصلح؟
مثلا في قول الله تعالى ﴿ وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ﴾[مريم: 4]، فهذه من الأمثلة التي عندما تكلم فيها بعض الذين منعوا المجاز حاموا فيها حوماً كثيراً وفي النهاية قالوا: بأن الاشتعال حتى وإن كان ليس على حقيقته فهذه من سنن العربية فهذا مثال بسيط ولك أن تراجع هذا المثال وكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في الإيمان حول هذا المثال وتُقارن شرح شيخ الإسلام حول هذه الآية بما قاله الشنقيطي في الأضواء وبما قال غيره كابن كثير والقرطبي.
تقول: نعلم أهمية شروط لا إله إلا الله ومكانتها من التوحيد، لكن ما صحت أن تدرس هذا الشروط العامة كمادة لمدة ستة شهور وذلك اقتداء بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما دعا قومه إلى التوحيد ثلاثة عشر عاماً تدرس هذه المادة مع الإسهاب بشرح أعمال القلوب وربطها بالواقع كثيراً وأيضاً أسأل عن تدريس العقيدة الواسطية لمدة ثلاث سنوات مع التعمق أيضاً في شرح الأسماء والصفات حيث كل اسم يأخذ حلقة كاملة هذا مع وجود كتب أخرى جديرة بالتدريس للعوام مثل كتاب التوحيد. ما صحة هذا الفعل؟ وما الحد الذي يصل إليه الداعية في الكلام في أعمال القلوب وواقع الناس وذلك بقصد معرفة الناس بالتعامل مع مشاكل الحياة ؟
السؤال صاحبه كأنه يحمل الجواب عنه حقيقة ينبغي أن يكون تدريس الشيء مرتبطاً بالقصد، وعندما تدرس العلوم بعيدة عن الغاية والقصد يؤدي ذلك إلى الإشكال فما يدرس للعامي غير ما يدرس لطالب العلم غير ما يدرس للطالب المتقدم غير ما يدرس للطالب المحقق والمحرر غير ما يكون بين العلماء في بحوثاتهم وتحريراتهم فالأمر متنوع ومختلف وأنا مع السائلة في أنه لابد من مراعاة الأنفع لعموم قلباً وعملاً.
السلام عليكم ورحمة الله بماذا نرد على من يقول بحديث: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة باختلاف الليل في دنيانا بماذا نرد عليه؟
هناك اتصال آخر: أريد أن أعرف عندنا قول نقول يا ساتر أو يا ستار فهل هذا من أسماء الله الحسنى؟
الأخ كان يسأل عن الرد في حديث النزول باختلاف الليل والنهار
سأرجيء الحديث في مسائل الصفات للمرة القادمة -وإن شاء الله- هناك بعض الأسئلة سأراعي في الدرس المتعلق بالصفات أن أجيب عن كل هذه الأسئلة عند الحديث عليه إن شاء الله.
مسألة السؤال الآخر ولن أعلق عن الملاحظة لأن هذه أيضاً فيها كلام، السؤال الأخر ساتر وستار وستير عندنا في مصر العادة يا ساتر ياستار وهاتان كلمتان لم تثبتا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بل الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الستير (إن الله حيي ستير) وإذا نظرنا إلى اللغة نجد أن ستير صفة مشبهة ويعجبني في باب الأسماء أن أقول عما كان من باب المبالغة لا أقول: مبالغة لأن المبالغة لها حد ولكن أقول: صفة مشبهة
يعني يعجبي ذلك وأحب ذلك في باب الأسماء أن أقول: صفة مشبهة؛ لأن الصفة المشبهة تكون لازمة أليس كذلك؟ تكون لازمة، أما صيغة المبالغة نقول مثلاً: تم القبض على سفاح الجيزة وقتل امرأتين فقط ويسمونه سفاحاً وسفاح على وزن فعَّال ولم يقتل إلا امرأتين فقط، لكن أولى أن نقول: إنها صفة مشبهة فأخي الحبيب الصحيح أن تقول: يا ستير.
السؤال الأول: هل يصح حديث( ما الأرض في السماء الأولى إلا كحلقة في فلاة) إلى أخر الحديث (وما الأراضين السبع والسماوات السبع في عرش الرحمن إلا كحلقة في فلاة
نعم صحيح.
السؤال الثاني: النساء اللاتي تركن الصلاة لعدم علمهن بالوجوب هل يعذرن بالجهل؟
نعم صحيح، يعذرن بالجهل فالعذر واسع: عذر بالجهل، وعذر بالتأويل، وعذر بعدم القصد الذي هو الخطأ، وعذر بالنسيان، وعذر بعدم الإدراك برفع العقل كالجنون أو الصغر أو النوم فهذه كلها أبواب فتحها الله –تعالى- رحمةً على لخلق وعذراً لهم.
تقول السلام عليكم ورحمة الله: هل نحكم على كل من أوَّل في باب الأسماء والصفات بأنه مبتدع دون التمييز بين المجتهد والمعاند؟ وهل يدخل في هذا الحكم العامي الذي مذهبه مذهب من يفتيه؟ وبارك الله فيكم؟
بالنسبة للعامي قلت من قبل: بأن المقلد لابد له أن يجتهد في التقليد لأن الأصل في الدين هو الاجتهاد فالعالم يجتهد في معرفة الأحكام الشرعية واستخراجها من أدلتها التفصيلية والمقلد يجتهد في تقليد من يقلد. أرأيت لو أن رجلاً عامياً أصابه داء في بطنه سيذهب إلى الأطباء هل هو طبيب حتى يميز بين الأطباء أم يجتهد في السؤال عن الطبيب الحاذق الماهر؟ يجتهد ، ثم كيف يجتهد العامي في معرفة الطبيب الحاذق الماهر ولا يجتهد في معرفة العالم الحاذق الماهر؟ إذن لا بد لهذا العامي أن يجتهد في معرفة من يقلد فإذا اجتهد في معرفة من يقلد سيهديه الله تعالى للحاذق الذي يبين له معالم الدين فإذا اجتهد العامي وبذل جهده في تقليد من يقلد فلم يجد إلا هذا الرجل الذي يصرف الكلام عن ظاهره ويضله في هذه الأبواب فهذا المقلد معذور. والله تعالى أعلى وأعلم.
يقول: بعض الدعاة عندما يتكلم عن حديث (القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء) ويشير بإصبعيه هل هذا تشبيه منهي عنه؟
هذا الحديث مع جملة الأحاديث كحديث الصورة وحديث المجيء وحديث النزول كل هذه كلها سنتكلم عنها في حينها إن شاء الله.


السلام عليكم ورحمة الله شيخنا: هل تكون الصفات ذاتية وفعلية في نفس الوقت كالرحمة مثلاً إذا وجد المرحوم وجدت الرحمة أي أنها متعلقة بالمشيئة أي أن الله -تبارك وتعالى- يرحم إلا من يشاء؟ أفيدونا يرحمنا ويرحمكم الله؟
كلمة مجملة والتفصيل في حينه: أن بعض الصفات قد تكون ذاتيه من وجه فعلية من وجه آخر كصفة الكلام. فالله -تبارك وتعالى- من صفته الذاتية الكلام وباعتبار أن الله تعالى يتكلم وقتما شاء إذا شاء تكون صفة فعلية، الصفة قد يكون لها تعلق بالذات فتكون صفة ذاتية وقد يكون لها تعلق أحياناً بالفعل فتكون صفة فعلية. وبسط ذلك في باب الصفات.
هل يصح القول بأن الله لا يحويه مكان؟
لا نثبت هذا ولا ننفي والأوثق أن نكون متبعين للألفاظ السلفية الأثرية لأن فيها النجاة «عليكم بالعتيق»كما قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-.
هل يصح أن يقال أن الله -جل وعلا- ليس لديه يد محسوسة فهل يصح مثل هذا القول؟ فقد سمعت أحد الدعاة يقولها في محاضرة في بلاد الغرب والناس تجهل العلم بالأسماء والصفات فصار في نفسي شيء من هذا التشبيه؟
نمسك عن الخوض في مسائل مثل هذه المسائل يعني إجابتي في هذا كالإجابة الأولى.
هلا تفضلتم بإلقاء أسئلة هذه المحاضرة؟
بداية أنا لم أستطع أن أتفاعل معكم هذه المحاضرة وأسألكم لأنه كان عندي كمٌّ كبير أريد أن أخرجه وكنت أخشى أن تضيع الدقائق وتتفلت من بين أصابعي، ولكن قدر الله وما شاء فعل.
هناك أسئلة بسيطة:
السؤال الأول: ماذا تعرف عن العرش؟
السؤال الثاني: اذكر بعض القواعد في مسألة الحقيقة والمجاز؟
السؤال الثالث: من أسماء الله تعالى الملك استدل على ذلك؟ وأكتفي بهذه الأسئلة وأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 08-25-2008, 10:26 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الحبيب .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-26-2008, 02:59 AM
سقف العالم سقف العالم غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

جزيت خيرا وبارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-27-2008, 11:16 PM
دلوعة وكلمتي مسموعة دلوعة وكلمتي مسموعة غير متواجد حالياً
عضو جديد
 



افتراضي

جزيت خيرا وبارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-05-2008, 09:09 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

ماشاء الله
جزاك الله خيرا
ونفع الله بك
وبشيخنا الفاضل
امين
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10-06-2008, 11:56 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي


يُرفع
بارك الله فيك .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 06:48 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.