انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > عقيدة أهل السنة

عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-10-2008, 08:07 AM
الشافعى الصغير الشافعى الصغير غير متواجد حالياً
لا تهاجم الناجح وتمتدح الضعيف .. لا تنتقد المجتهد الذي يعمل وتربت علي كتف الكسول
 




Tamayoz الدرس الثامن ـ شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى

 

شرح مقدمة ابن أبى زيد القيروانى
ـ لفضيلة الشيخ أحمد النقيب ـ
الدرس الثامن
لدرس الصوتى
للاستماع
الدرس مرئى
للمشاهدة

الإيمان بالرسل

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى, اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك على النبي محمد المجتبى وعلى آله وأصحابه وأحبابه ومن اهتدى ثم أما بعد.
فهذا لقاء متجدد, نسأل الله- تعالى- أن يجدد بالخير قلوبنا وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم, صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
وهذا اللقاء سيكون حول الإيمان بالرسل. والإيمان بالرسل أصل من أصول الدين قال المصنف - عليه رحمة الله-: ( الباعث الرسل إليهم لإقامة الحجة عليهم ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد نبيه -صلى الله عليه وسلم ) فهنا عدة أصول:
الأصل الأول: أن الإيمان بالرسل من أصول الإيمان، يدل على ذلك الحديث الصحيح الذي فيه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما أجاب جبريل فقال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره) فدل ذلك على أن الإيمان بالرسل أصل من أصول الإيمان وقال الله - تبارك وتعالى- أيضًا ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285]، فإيمان النبي -عليه الصلاة والسلام- وإيمان المؤمنين أنهم يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله ولا يفرقون بين رسل الله -عز وجل- وقال الله - تعالى- ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيد ﴾ [النساء: 136]، إذن: هذا بيان أيضًا أن الإيمان بالرسل أصل أصيل من أصول الإيمان.
إذن: الأصل الأول وهو العنصر الأول من عناصر لقاء اليوم المبارك: أن الإيمان بالرسل أصل من أصول الإيمان.
الأصل الثاني: الإيمان بالرسل يكون مجملاً ومفصلاً، يكون مجملاً أي: من غير تعيين، ومفصلاً أي بتعيين الأشخاص ومعرفة الأحوال، فالإيمان المجمل: أن تؤمن بأن الله - تعالى- أرسل رسلاً وهؤلاء الرسل أرسلهم إلى الإنس والجن وأمر الله - تعالى- رسله أن يبلغوا الناس دينهم وأن يوقفوهم على طريق الهداية والنجاة، إذن: أنت تؤمن بذلك إيمانًا جازمًا وتؤمن بأن الرسول ذكر, بالغ, عاقل, يُوحى إليه، ذكر: لابد أن يكون النبي رجلاً، النبي لابد أن يكون رجلاً، فلا يصح أن تتصور النبوة في حق امرأة فما أرسل الله - تعالى- نبية ولا رسولة، وإنما جعل المرسلين والأنبياء من الرجال.
الأمر الثاني: لا تُتَصور النبوة والرسالة إلا في بني آدم، فليس في الجن رسول ولا نبي وليس في البهائم رسول ولا نبي؛ لأن بعض الذين تدنت آرائهم في بعض مسائل الاعتقاد وبالتحديد رجل معتزلي يسمى أحمد بن حابط ذكر أن الرسالة جعلها الله - تعالى- في الأمم كلها فأمة النمل لها رسول وأمة النحل لها رسول وأمة الضفادع لها رسول وأمة البهائم لها رسول، وهكذا، واستدل على ذلك بقول الله - تعالى-: ﴿وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ [فاطر: 24]، فدلل بذلك على مقولته الفاسدة، وهذه مقولة حابطة، قالها أحمد بن حابط.
فالرسالة لا تكون إلا من بني البشر، فلابد أن يكون رجلاً, ذكرًا ولك أن تقول: هل الجن لا يُتصور أن يوجد لهم الرسل أو أن يوجد من بينهم رسل؟ لا.. الجن يوجد من بينهم النذر، الذين يُنذرون ويبينون ويوضحون فالنذر بين الجن كالعلماء بين الإنس، ويدل على ذلك قول الله -عز وجل-: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الجِنِّ يَسْتَمِعُونَ القُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ ﴾ [الأحقاف: 29]، إذن: النذارة كانت عندهم فالجني الذي سمع القرآن وآمن بالله -عز وجل- وآمن بالرسول -صلى الله عليه وسلم- ينقلب إلى قومه بعد إيمانه منذرًا فيبين لهم معالم الدين ويبين لهم الأمر والنهي كما يفعل العالم من بني الإنسان، ﴿قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً ﴿1 ﴾ يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ﴿2 ﴾ [الجن: 1، 2]، فهذا دلالة على أن الجن سمعوا القرآن وسمعوا النبي -عليه الصلاة والسلام- وتأثروا بالقرآن وآمن طائفة منهم بكتاب الله -عز وجل- وبالنبي -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- إذن: الإيمان المُجمل بأن تعلم بأن الله - تبارك وتعالى- أرسل رسلاً من بني الإنسان، بالغين عاقلين كلفهم بهذا الوحي ليبلغوه للناس، هذا الإيمان المجمل.
الإيمان المفصل: هناك أسماء ذكرها الله -عز وجل- كما قال- سبحانه-: ﴿وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ﴾ [النساء: 164]، إذن: هناك رسل كثر أرسلهم الله -عز وجل- إلى البشر، ولما أقول: البشر يدخل مع البشر الجن؛ لأن الجن مُكلفون أيضًا؛ لأن الجن أمة تكليف، فأرسل الله - تعالى- رسلاً كثراً منهم من قص الله - تعالى- علينا خبره من اسمه وحاله ومنهم من لم يقصص علينا شيئًا من ذكره، اجتهد بعض المفسرين في عدد الرسل. هناك من أبلغهم إلى عدة عشرات من الآلاف وهناك من أبلغهم إلى عدة مئات من الآلاف وهذه كلها أقوال مرسلة ليس عليها دليل ولا برهان، ولكن الثابت في كتاب الله -عز وجل- أن الله - تعالى- ذكر خمسة وعشرين رسولاً ونبياً خمسة وعشرين نبياً ورسولاً ذكرهم الله - تعالى- في كتابه- سبحانه- فالواجب علينا عندما نسمع اسم رسول أو نبي نؤمن به، كيف نؤمن به؟
أولاً: نعتقد أن الله - تعالى- أرسله ، أو أن الله - تعالى- أوحى إليه، هذا أولاً.
الأمر الثاني: أن نحب هذا الرسول.
الأمر الثالث: إذا ذكر الله - تعالى- لنا طرفًا من قصته، أو من حاله، تمثلنا هذا الحال، واستشعرنا أن لو أن الله - تعالى- جعلنا في هذا المقام لكنا من أنصاره وكنا من أعوانه وكنا من مؤيديه ومعزريه ومتبعي النور الذي أتى به، إذن: المعرفة والمحبة والنُصرة، هذا ما ينبغي أن يكون في حق كل نبي، ننصره علميًا وننصره قلبيًا وندفع عنه ولو أن إنساناً شكك فيه أو همزه أو لمزه فإنا نجتهد في الدفع عن هذا النبي. فالإيمان مُجمل ومفصل، الإيمان بالرسول مُجمل ومفصل، المجمل أن الله - تعالى- أرسل رسلاً وهؤلاء الرسل من بني البشر وأرسلهم إلى أقوامهم منهم من أرسل إلى قومه خاصة ومنهم من أرسل للناس كافة كالنبي -عليه الصلاة والسلام- هذا إيمان مجمل ومن الإيمان المجمل أيضًا: الإيمان بعدد الأنبياء الذين ذكر الله - تعالى- لنا أسماءهم، وهذه الحيثية من الإيمان المجمل قد يكون مفصلاً إذا فصل الله - تعالى- لنا أحوالهم فقد ذكر الله - تعالى- آدم وقصته وذكر الله - تعالى- نوحًا وقصته وذكر الله - تعالى- أيضًا إبراهيم وقصته، وذكر الله - تعالى- أيضًا لوطًا وقصته وموسى وقصته وعيسى وقصته ومحمد -صلى الله عليه وسلم- وطرفًا كثيراً مما حصل له ومعه، وكذلك عيسى- عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- وقص علينا طرفًا من قصة ذي النون، وهكذا في كل نظير فعندما يُفَصَّل الذكر مع نبي فلابد أن نؤمن بما ذكر الله -عز وجل.
لابد أن ننتبه إلى أن بعض المغرضين قالوا: بأن القرآن الكريم لا يُعد وثيقة تطمئن القلوب إلى الأحداث والأخبار التي حواها هذا الكتاب، بعضهم قال هذا الكلام وهذا كلام فاسد فالله - تبارك وتعالى- إذا قص طرفًا أو قص خبرًا، عن رسول أو نبي فقد وقع ذلك حقًا ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيل ﴾ [النساء: 122]، ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيث ﴾ [النساء: 78].
الأصل الثالث: وهو العنصر الثالث في لقاء اليوم: أن الإيمان برسول يستلزم الإيمان بكل الرسل، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (وكان الرسول يُبعث إلى القوم خاصة وبعثت إلى الناس عامة) فكل قوم أرسل الله - تعالى- إليهم رسولاً وهذا قوله - تعالى-: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُول ﴾ [الإسراء: 15]، فالله - تعالى- لا يُعذب قومًا إلا بعد أن يبين لهم ما يتقون، إلا بعد أن يبين لهم طريق الخير وطريق الشر، فهذا البيان وهذه النذارة، إنما يتأتى على يد من يُرسله الله -سبحانه وتعالى- فأرسل الله - تعالى- نوحًا إلى قومه وأرسل الله - تعالى- هودًا إلى قومه، وأرسل صالحًا إلى قومه وأرسل موسى إلى قومه وأرسل لوطًا إلى قومه، طيب عندما كذب قوم نوح نوحًا، هل كذبوا نوحًا فقط؟ لا.. قال الله -سبحانه وتعالى-: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المُرْسَلِينَ ﴾ [الشعراء: 105] -سبحان الله- مع أن نوح أول المرسلين، آدم أول الأنبياء ونوح أول المرسلين وما بين آدم ونوح عشرة قرون كما قال عبد الله بن عباس: (كلها على التوحيد) فلما ظهر الشرك على الأرض وانتشر أرسل الله - تعالى- عبده نوحًا ليدعو إلى الله -عز وجل- ومكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، ودعاهم ليلاً ونهارًا، فلم يزدهم دعاء هذا الرسول لهم إلا فرارًا، وقصة نوح مذكورة بتمامها في أكثر من موطن، ستجدها مثلاً مبسوطة في سورة هود، وتجدها أيضًا مبسوطة في سورة سميت باسمه وهي سورة نوح، قال الله -عز وجل- عندما بين أن قوم نوح كذبوه فقال: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ المُرْسَلِينَ ﴾ [الشعراء: 105]، فلأنهم كذبوا نوحًا فقد كذبوا بجميع المرسلين، فقد كذبوا بجميع المرسلين، وكذلك ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ المُرْسَلِينَ ﴾ [الشعراء: 123]، من الذي أرسل إلى عاد؟ هود -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- هم لم يكذبوا محمدًا ولم يكذبوا موسى ولا عيسى وإنما كذبوا هودًا فلما كذبوا هودًا كانوا مكذبين بكل الأنبياء السابقين واللاحقين، وكذلك- أيضًا- قال ربي- سبحانه-: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ المُرْسَلِينَ ﴾ [الشعراء: 141]، من الذي أرسل إلى ثمود؟ الذي أرسل إليهم صالح، ومع ذلك قال: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ المُرْسَلِينَ ﴾ فمن كذب برسول فقد كذب بجميع المرسلين وقال -سبحانه وتعالى- أيضًا: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ المُرْسَلِينَ ﴾ [الشعراء: 160]، فمن كذب برسول فقد كذب بجميع المرسلين وقال النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم: (والذي نفسي بيده ما من يهودي ولا نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن إلا أدخله الله النار)- سبحان الله- إذن: ينبغي أن نعلم أن كل إنسان بلغته دعوة رسول ينبغي أن يؤمن بهذا الرسول لاسيما إذا كان هذا الرسول هو الرسول الخاتم -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - فمن بلغته دعوة هذا الرسول يجب عليه أن يدخل في هذه الدعوة وأن يُسارع مُنقاداً محباً مختارًا الدخول في دين هذا الرسول فإن لم يفعل فقد كذب بموسى وكذب بعيسى وكذب بإبراهيم وكذب بداود وكذب بسليمان وكذب بالرسل جميعًا، لأن الذي يقول: أنا أؤمن بموسى ولكن لا أؤمن بمحمد فهو كاذب في دعواه، فمن كذب بمحمد فقد كذب بموسى حتى لو كان زاعمًا بأنه يؤمن بموسى، ومن قال: إني أؤمن بعيسى ولكن لا أؤمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم- فهو كاذب في دعواه لأن من آمن بعيسى يجب عليه أيضًا أن يؤمن بمحمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
الأصل الرابع: هو الفارق بين الرسول والنبي: هذه المسألة كثر كلام الناس فيها وكان التفريق تفريقًا هشًا كأن يقال: بأن الرسول أوحى الله - تعالى- إليه بشرع أُمر بإبلاغه, أما النبي فلم يؤمر بإبلاغ هذا الشرع -سبحان الله- نبي لم يؤمر بإبلاغ شرع الله -عز وجل- إذن: هذا شرع لهذا النبي، طيب إذا وجد أحدًا يخالف هذا الشرع الذي يعلمه هل يتركه؟ أم يأمره وينهاه؟ لو أمره ونهاه لكان بذلك مبلغًا هذا الشرع، هذه أو هذا تفريق ليس بالسديد.
بداية ما معنى النبي؟ النبي والنبيء هو المخبر عن الله -عز وجل- ولذلك عندما نبحث في المعاجم كي نعرف معنى كلمة "نبي" نبحث عن هذه الكلمة في مادة ماذا ؟ من الذي يعلم؟
في مادة نب
في مادة نبأ، النون والباء والهمزة، إذن: النبي مُخبِر؛ لأنه من الفعل أنبأ، فهو مخبِر عن الله -عز وجل- فكل من أوحى إليه الله -عز وجل- فهو نبي، والنبي هو المُخبِر عن الله، لكن ما الفارق بين النبي والرسول؟ باختصار شديد جدًا:
- أن الرسول من بعثه الله -عز وجل- إلى المخالفين ليبين لهم ما يتقون، إذن: التفريق بين النبي والرسول سيكون باعتبار المرسَل أو المُبعَث إليهم، ليس باعتبار المُبعَث ولكن باعتبار المُبعَث إليهم, فلو كان المُبعَث إليهم من المخالفين المكذبين إذن: المبعث يسمى رسولاً، وإذا كان المبعث إليهم من الموافقين أهلَ الدين فالمُبعث إليهم نبي، أهل الدين لو حرفوا الدين وغيروا الدين وتركوا الدين فإنهم يحتاجون إلى من؟ إلى رسول، انتبه، إذن: طالما أهل الدين هم مقيمون على الدين مطيعون فيحتاجون إلى نبي، فيكون النبي بينهم كالعالم بين المسلمين، يأمرهم وينهاهم ويعظهم ويذكرهم، ولذلك قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (العلماء ورثة الأنبياء) لم يقل: العلماء ورثة الرسل، لماذا؟ لأن الرسل إنما تبعث إلى المخالفين، قال الله -عز وجل-: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُو ﴾ انتبه وظنوا أنهم ماذا؟ قد كذبوا ﴿جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ﴾ [يوسف: 110]، إذن: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُو ﴾ فالرسول إنما يبعث إلى المخالف ليبين له الدين, ليقيم عليه الحجة ليبين له طريق الهداية، ليزيل عنه الغِشاوة والضلالة فهذا كله أمر واضح.
أما القول: بأن الرسول من كان معه شرع جديد والنبي من ليس معه شرع جديد، هذا كلام غير دقيق أرأيتم قول مؤمن آل فرعون عندما قال لقومه: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُول ﴾؟ [غافر: 34]، إذن: يوسف رسول وقال الله -عز وجل- عنه: ﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي ﴾ [يوسف: 38]، إذن: هو على ملة آبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب، فهو على ملة آبائه وعلى شرعة آبائه ومع ذلك سماه الله - تعالى- رسولاً، سماه الله - تعالى- رسولاً لماذا؟ لأنه كان مع المخالفين في الدين، فلما كان مع المخالفين في الدين كان بينهم ماذا؟ كان بينهم رسولاً، إذن: هذا فارق دقيق بين الرسول وبين النبي.
وهذا الفارق بينه ربنا -سبحانه وتعالى- في قوله- سبحانه-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ﴾ [الحج: 52]، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ ﴾ العطف- كما يقول الأصوليون- يقتضي المغايرة، عندما يقول: أكلت خبزا ولحما، فالخبز غير اللحم ضرورة، أقول: كتبت بالقلم الأسود والأزرق، إذن: الأسود غير الأزرق، قولاً واحداً، فكذلك في قول الله -عز وجل-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ ﴾ فهذا يقتضي أن الرسول غير النبي لو قلنا: من جهة التكليف بالوحي فإن النبوة أوسع، فالرسول نبي لأنه يُوحى إليه وأن الله - تعالى- ينبئه وأن الله - تعالى- يخبره فهو نبي من هذه الحيثية ولكن من حيثية أنه أرسل إلى المخالفين المكذبين المعاندين فهو رسول.
أيضًا عندما ننظر إلى داود وسليمان ذكر الله - تعالى- أنهم أنبياء، وأنهم أيضًا رسل وكانوا على شريعة موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-، إذن: هذا تفريق باعتبار المبعث إليهم، وهذا الكلام أفاده- بعناية- شيخ الإسلام ابن تيمية وله في ذلك كتاب رائق يسمى النبوات فليراجعه من شاء.
الأصل الخامس أو النقطة الخامسة: وهي أن الأنبياء معصومون:
وعصمة الأنبياء مجمع عليها، والصحيح أن الأنبياء معصومون من الوقوع في الشرك والكبائر لا يُتصور أن يقع نبي في شرك لا قبل البعثة ولا بعدها، فالله - تبارك وتعالى- عصمهم من الوقوع في الشرك قبل وبعد البعثة، وكذلك الكبائر فالأنبياء لا يأتون الكبائر، أما بالنسبة إلى الصغائر فهذه مسألة فيها كلام والصحيح أن النبي قد يقع في الصغيرة ولكن هنا قيدان:
- القيد الأول: يقع فيها دون قصد تأويلاً.
- الأمر الثاني: أنه يتوب إلى الله -عز وجل- مما صنع فيكون مقامُه بعد الذنب أفضل من مقامه قبل الذنب. إذن: عندنا ثلاث جمل، الجملة الأولى: أن الأنبياء معصومون من الشرك قبل وبعد البعثة الجملة الثانية: أن الأنبياء معصومون من الكبائر.
الجملة الثالثة: أن الأنبياء يتصور أن يقع بعضهم في الصغائر، وإذا وقعوا في الصغائر لا يقعون فيها عمدًا ولكن يقعون فيها خطأً بالتأويل ونحوه ثم لا يقرون على ذلك الذنب، بل يتوبون منه فيكون مقامهم وحالهم بعد الذنب أفضل من حالهم ومقامهم قبل الذنب، تفصيل ذلك ما يلي:
الأنبياء معصومون من الوقوع في الشرك، لا يُتصور أن يقع نبي في الشرك لكن بعض الناس توهم ذلك، بعض الناس توهم إمكانية وقوع الأنبياء في الشرك قبل البعث، واستدل على ذلك بقول الله -عز وجل-: ﴿قَالَ المَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ ﴾ انتبهوا معي وتأملوا: ﴿قَالَ المَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ ﴾ اسمع هذا: ﴿يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَ ﴾ أو لتعودن: اسمع، أو لتعودن في ملتنا، ﴿قَالَ ﴾: أي قال شعيب: ﴿أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ﴾ [الأعراف: 88]، أي: كنا كارهين أن نعود في ملتكم، إذن:﴿قَالَ المَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ﴿88 ﴾ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا ﴿89 ﴾ [الأعراف: 88، 89]، فقالوا: هذا نص في أن شعيب كان على ملة قومه ولذلك قال: ﴿وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَ ﴾ فهذا نص في هذه المسألة. هذه شبهة، ليست دليلاً لأن الدليل ما يستضاء به أو ما يتوصل به للوصول إلى المطلوب الذي هو الحق، لكن عندما تتلبس عليك الأمور ببعض المسائل العلمية فهذا الأمر الذي لُبِّس عليك بسببه هذا السبب يسمى شبهة، يمكن أن يُسَّلك هذا الأمر على نحوين، النحو الأول: أن يقال: بأن عاد بمعنى صار، إذن: قال: الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتصيرن في ملتنا، وتحمل معنى العود إلى معنى الصيرورة في تمام الآية هذا قول، القول الثاني: أوجه من هذ القول وأنا أميل إليه، القول الثاني: أن يقال: إن هذا الخطاب وإن كان موجهًا لشعيب وإن كان شعيب هو الذي باشر هذا الخطاب إلا أن المقصود غير شعيب ولكن لما كان هذا النبي مخالطاً أصحابه وأتباعه، فكان هو المتكلم بلسانهم فلم يشأ أن يخرج عن جملتهم إذن: هو ليس معنياً ليس هو بالمعني في هذا الخطاب، وهذا له نظائر في كتاب الله -عز وجل- كقوله الله - تعالى-: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65]، هل يتصور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يشرك بالله وبالتالي يهدده الله -عز وجل- ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ ﴾؟ كيف يكون ذلك؟ أبدًا، فهذا خطاب للنبي -عليه الصلاة والسلام- والمقصود به غير النبي -عليه الصلاة والسلام- كذلك قول الله -عز وجل-: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ﴾ [يونس: 94]، هل يُتصور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون في شك مما أنزله الله - تعالى- عليه؟ كلا وحاشا، كيف ذلك؟ لا يمكن أبدًا لا يتصور أبداً، إذن: هذا الخطاب لمن؟ للنبي؟ أبدًا، وإنما هو لغير النبي -صلى الله عليه وسلم- إذن: عندما قال شعيب: ﴿وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَ ﴾ هذا الخطاب ليس معنيًا به وإنما يقصد به غيره.
أيضًا قالوا: في قصة إبراهيم عندما نظر إلى الكوكب ﴿قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لاَ أُحِبُّ الآفِلِينَ ﴿76 ﴾ فَلَمَّا رَأَى القَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ القَوْمِ الضَّالِّينَ ﴿77 ﴾ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً ﴾ يعني: انظر: الشمس بارغة لم يقل في القمر: بازغًا لكن في الشمس: بازغة ﴿قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ ﴾ أكبر من الكوكب وأكبر من القمر ﴿فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿78 ﴾ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ ﴿79 ﴾ [الأنعام: 76- 79]. فقالوا: هذا سياق فيه دلالة على أنه لم يكن مناظرًا وإنما كان ناظرًا، هذا كلام- وإن قاله بعض أهل العلم- لكن هذا الكلام يحتاج إلى تأمل. ما الفارق بين كون إبراهيم ناظرًا وبين كونه مناظرًا؟ الفارق بين الاثنين أن ناظرًا كان تائهًا، حائرًا، غير مهتد يريد أن يهتدي يريد أن يعرف الحقيقة، فأراد أن ينظر وكان قومه يعبدون الكواكب من دون الله فأراد أن ينظر إلى هذه المعبودات التي تعبد من دون الله فعندما نظر وجد الكوكب قال: هذا رب، ثم بعد ذلك قال على القمر عندما أفل الكوكب: هذا رب، ثم بعد ذلك قال للشمس: هذا رب، هذا كلام لا يمكن أن يكون مقبولاً، لماذا؟ لأن لو قلنا: بأن إبراهيم كان تائهًا حائرًا غير مهتد، هذا طعن في عصمة الأنبياء. الأمر الثاني: أن الله - تعالى- قال: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 51]، والصحيح أن إبراهيم كان مناظرًا- سياق الآيات يدل على أنه كان مناظرًا- كان يناظر قومه، فكأنه يقول: أنتم تعبدون الكواكب من دون الله، تعبدون الكوكب وتعبدون القمر وتعبدون الشمس، فهيا أتنازل معكم إذا كنتم تعبدون الكوكب فإنه يأفل فكيف يكون رب قيوم قائم على هذا الكون يغيب عن كونه؟ كيف يكون ذلك؟ إذن: لا يصح أن يكون هذا بالإله، لا يصلح، ﴿فَلَمَّا رَأَى القَمَرَ ﴾، قال: هذا هو ربكم بزعمكم ؟ ﴿ فَلَمَّا أَفَلَ ﴾ قال: لا يصح أن يكون ذلك إلهًا رباً تصرف إليه القلوب وتتجه إليه الخلائق بأعمالها ﴿ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً ﴾ قال: هذا ربي، ليقيم الحجة عليهم ويبين لهم فساد ما يعبدون، إذن: ليس في ذلك دلالة أبدًا على أنه كان ناظرًا يريد أن يهتدي كان ضالاً كان حائرًا يريد أن يعرف. حاشا وكلا بدليل الكلمات التي أتت بعد ذلك كلمات لا يقولها من كان تائهًا منذ لحظة، ﴿قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴿78 ﴾ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ ﴿79 ﴾ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ﴿80 ﴾ [الأنعام: 78- 80]، أي: هدانِ إلى الحق وجعلني عليه وصيرني إليه فهذا سياق لا يدل على ما زعموا أن إبراهيم كان تائهٍاً كان ضالاً قبل البعثة والله - تبارك وتعالى- هداه بعدها، هذا كلام لا يصح، فإجماع أهل السنة على أن الأنبياء معصومون من الوقوع في الشرك والصحيح أن هذه العصمة عصمة مطلقة متصلة من الصغر إلى الممات.
نأتي بعد ذلك إلى مسألة الأنبياء والكبائر:
بعض الناس يظن أن النبي قد يقع في الكبيرة ويمثلون على ذلك بقصة ذي النون: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، نقول لهم: رويدًا حسبكم، ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِب ﴾ مغاضب: على وزن مُفاعل من الفعل غَاضب فالفعل غَاضب فيه معنى المُفاعلة غاضبت فلانًا إذن: هو غاضبني وأنا غاضبته, فحصلت بيننا مُغاضبة، هذا دلالة اللغة، يا ترى يونس بن متى غاضب من؟ غاضب ربه أم غاضب قومه؟ قومه. إذن: ليس في الآية ما يدل على ما ذهبوا، ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِب ﴾ أي: ذهب مغاضبًا لقومه، فليس في ذلك ما يُشار إليه من جنس ما يظنون.
نأتي إلى مسألة النبي والذنب:
أولاً: ليس هناك من نبي يقع في الذنب اختيارًا، قصدًا, عمدًا, وإنما يقع النبي في الذنب- الصغيرة- ظنًا أنه ليس بذنب، إذن: وقوعه في الذنب بالتأويل بدون قصد خطأً، يقع في الذنب خطأً دون تأويل، يقع في الذنب خطأً بتأويل دون قصد.
ثانيًا: أن النبي إذا وقع في ذلك يُحدث من التوبة والإنابة والإخبات والرجوع ما به ينفتح عليه أبواب كثيرة من الخيرات فيكون حاله بعد التوبة وبعد التوب والرشاد خير من حاله قبل ذلك، نضرب عدة أمثلة على ذلك:
المثال الأول: آدم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- آدم أخبر ربنا -سبحانه وتعالى- عنه: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ﴿121 ﴾ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ﴿122 ﴾ [طه: 121، 122]، -سبحان الله- وأشرت قبل ذلك إلى هذه المسألة في اللقاء الفائت، كيف وقع آدم في الذنب؟ الذي حدث أن الله - تبارك وتعالى- أطلق له الجنة يأكل منها حيث شاء، وكيف شاء ولكن حذره أن يأكل من شجرة بعينها، كما حذره من إبليس، فأتى إليه إبليس وقال يا آدم: ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى ﴾ [طه: 120] إذن: عندما أكل آدم من الشجرة كان يريد الخير لنفسه، وجد الجنة وجد فيها النعيم والنَعْمة والسِتر والخير والكرم والجود وما إلى ذلك، فوسوس إليه إبليس وأغراه إبليس فظن آدم أنه لو أكل من هذه الشجرة سيتأبد خلوده في هذه الجنة فكانت هذه معصية من آدم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- وبيَّن ربنا -سبحانه وتعالى- في سورة طه، أنه عندما أكل من الشجرة أكل منها نسيانًا في قوله - تعالى-: ﴿فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْم ﴾ [طه: 115]، أليس كذلك في القرآن؟ إذن: النسيان ﴿وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْم ﴾ إذن: قلبه لم يقصد الوقوع في الذنب قلبه لم يلتفت إلى الذنب فإن التفات القلب إلى الذنب أعظم من الوقوع في الذنب، لماذا؟ لأن القلب إذا التفت إلى الذنب تحجب عنه التوبة وتتأخر عنه، إذا لم تُحجب عنه تتأخر عنه فيترد ويتردى ويتردى، أما إذا وقع في الذنب فقد يتوب سريعًا ويؤوب ويفيء سريعًا ويحدث من التوبة والإنابة والاستعاذة والاستغفار والإخبات والعمل الصالح ما يرفعه الله - تعالى- فيكون ذلك الذنب خيراً له، ولذلك قالوا: «رب طاعة أدخلت صاحبها النار ورب معصية أدخلت صاحبها الجنة، فقيل: كيف ذلك؟ قال: رب طاعة أورثت صاحبها عزًا واستكبارًا يستكبر في طاعة الله -عز وجل- ورب معصية أورثت صاحبها ذلاً وانكسارًا»، إذن: يمكن للإنسان إذا فعل الذنب ينكسر قلبه وينذل فيفتح الله - تعالى- عليه أبوابًا كثيرة من الخيرات، طيب إذا عاد إلى الذنب مرة ثانية يعود إلى التوبة وثالثة يعود إلى التوبة، ورابعة وخامسة وسادسة، إلى متى؟ إلى أن ييأس الشيطان منه، قال رجل للحسن البصري: «أبا سعيد: الرجل يذنب ويتوب، فإلى متى؟ قال: إلى أن ييأس الشيطان منه»، ومصداق ذلك ودليله حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إن العبد يذنب الذنب فيقول: أي رب، أذنبت ذنبًا فاغفر لي) إذن: أذنب ذنبًا فقال: أي رب اغفر لي، فيقول الرب الجليل: (علم عبدي أن له ربًا يأخذ بالذنب ويجازي به قد غفرت لعبدي، ثم يذنب ذنبًا، أي ربي قد أذنبت ذنبًا فاغفر لي، فيقول الرب الكريم الجليل: علم عبدي أن له ربًا يأخذ بالذنب ويجازي به قد غفرت لعبدي، في الثالثة أو ما بعدها قال: قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء)، قوله: (قد غفرت لعبدي فليفعل ما شاء) ليس معناها أن يذهب إلى حيث شاء ويعربد ولكن معناها طالما أنه يحدث توبة بعد الذنب فهو في بحبوحة من الخير. آدم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- أذنب؟ نعم، ولكن الله - تبارك وتعالى- فتح عليه باب التوبة ﴿قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، فقبل الله - تعالى- توبته، وهداه وسدده وفتح عليه من الخير ما فتح وجعله أبا للبشرية جميعًا، أما ما يقال بأن آدم توبته أنه توسل إلى الله -عز وجل- بالنبي محمد فهذا لا يصح وما يستدلون به بما أخرجه الإمام الحاكم أن آدم -عليه السلام- لما أخطأ قال يا رب: «إني أتوسل إليك بنبيك محمد أن تغفر لي، فقال الله -سبحانه وتعالى-: يا آدم، وكيف عرفت أن لي نبياً اسمه محمد؟ فقال: يا رب نظرت إلى قوائم عرشك فوجدت لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعرفت أنك لا تقرن اسمك إلا بأحب الناس إليك، فقال الله - تعالى- له: يا آدم قد غفرت لك»، إذن: غفر الله - تعالى- لآدم ببركة من؟ ببركة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- طبعًا القوم، الله أكبر! نعم، هذا الحديث لا يصح وإسناده ظلمات بعضها فوق بعض والإنسان لا ينبغي له أن يستدل في أمور الشريعة والاعتقاد إلا بما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
مثال آخر: النبي -عليه الصلاة والسلام- في قصة الأعمى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴿1 ﴾ أَن جَاءَهُ الأَعْمَى ﴿2 ﴾ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ﴿3 ﴾ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ﴿4 ﴾ [عبس: 1- 4 ] عاتبه ربه -عز وجل- في قصة الأعمى، طيب لماذا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ما فعل؟ لماذا أشاح عن الأعمى، وانصرف إلى علية القوم؟ لماذا؟ هل لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يكره رائحة العرق التي فاحت من هذا الأعمى هل لأنه يتأفف منه ويتقزز؟ هل لأنه من سقط القوم؟ هل لأنه من أراذل القوم؟ أبداً، الذي حصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تأول هذا يعني ما معنى تأول هذا؟ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الأعمى هذا مؤمن بي وبرسالتي فإذا تركته في هذا المقام ولم أجبه في هذا المقام وانصرفت إلى المكذبين الضالين المنحرفين المستكبرين فهذا أولى لعل الله - تعالى- أن يهديهم فانصرف النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم متأولاً، فعاتبه ربه وكان من جملة ما قال: ﴿وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ﴿74 ﴾ إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ ﴿75 ﴾ [الإسراء: 74، 75]، وتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك ولم يكن ليقصد أن يؤذي هذا الصحابي الجليل.
نأتي بعد ذلك إلى الكلام المجمل المبارك الذي قاله الشيخ العلامة الإمام القيرواني في عقيدته:
قال المصنف -رحمه الله - تعالى-: (الباعث الرسل إليهم لإقامة الحجة عليهم ثم ختم الرسالة والنذارة والنبوة بمحمد نبيه -صلى الله عليه وسلم- فجعله آخر المرسلين بشيًرا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، وأنزل عليه كتابه الحكيم وشرح به دينه القويم وهدى به الصراط المستقيم).
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، هذه الفقرة كثير منها مأخوذ من قول الله -عز وجل-: ﴿ أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً ﴿45 ﴾ وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ﴿46 ﴾ [الأحزاب: 45، 46]، شاهدًا قيل: شاهدًا على أمته بإبلاغهم دين الله -عز وجل- وشاهدًا على الأمم بأن الأنبياء قد أبلغت أممها وجعله -سبحانه وتعالى- آخر المرسلين وذلك قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى دارًا فكملها وأجملها إلا موضع لبنة، فجعل الناس يدخلون ويقولون: لولا موضع هذه اللبنة. فكنت أنا هذه اللبنة فأنا خاتم الأنبياء) -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- وأيضًا تأتي الخلائق في حديث الشفاعة الطويل في البخاري ومسلم يأتون إلى آدم فيوجههم إلى نوح ثم بعد ذلك إلى إبراهيم ثم بعد ذلك إلى موسى ثم بعد ذلك إلى عيسى إلى أن يصيروا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فالنبي -صلى الله عليه وسلم- سيد الناس يوم القيامة، فيقول الناس له: أنت محمد -صلى الله عليه وسلم- سيد ولد آدم وآخر الأنبياء، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- آخر الأنبياء، ودعا إلى الله - تعالى- بإذنه وكان -صلى الله عليه وسلم- سراجًا والسراج هو المصباح، ووجه الدلالة أن المصباح كما يُضيء للناس طريقهم فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- يُضيء للناس طريقهم إلى الله -عز وجل- فنسأل الله - تعالى- أن يوفقنا إلى طريقه -صلى الله عليه وسلم- وهو الطريق الموصولة إلى الله- سبحانه- كما نسأله- سبحانه- أن يُطهر قلوبنا وأن يوفقنا إلى محابه ومراضيه وصلى اللهم على النبي محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
الأخ الكريم من السودان يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نسأل فضيلة الشيخ في قصة يوسف -عليه السلام- ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَ ﴾ [يوسف: 24]، فقد أشكلت على كثير من الناس؟
الأخت الكريمة من مصر تقول: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، ممكن أسأل سؤالاً بالنسبة للقدر: ألم يقل النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي ربنا) يعني هل يكون الإنسان غير راضٍ عن القدر وهو صابر؟ أليس الصبر هو الواجب والرضا مندوب إليه؟ يعني: لا يأثم؟
ما الفرق بين النبي والرسول؟
الأخ الكريم من مصر يقول: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، هل يمكن الرد على شبهة أن شعيب -عليه السلام- كان على ملة قومه، استدلالاً بقوله - تعالى-: ﴿أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَ ﴾ بأن يقال: إن شعيبًا وجميع الأنبياء كانوا موحدين قبل أن يبعثهم الله ولكنهم كانوا يكتمون هذا التوحيد، وبمعنى أصح لا يصدعون به على رؤوس الأشهاد كما أمرهم الله أن يفعلوا فلذلك ظن المشركون أنهم- عليهم السلام- كانوا على ملتهم قبل البعث ولم يكونوا على التوحيد؟
فضيلة الشيخ الأخت الكريمة من مصر تسأل عن قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما مات ولده إبراهيم (إن القلب ليحزن) إلى آخر الحديث هل هذا عدم رضا بالقدر؟

بسم الله الرحمن الرحيم. حزن القلب هو عدم فرحته أو ذهاب فرحته إما لحصول مكروه أو فوات محبوب ومعلوم أن الولد بالنسبة لوالده محبوب فعندما يموت هذا المحبوب فمن الأمور الجبلية أن يحزن القلب على فراقه ولذلك جاز الدمع ولم يجز الهجر، الهجر: أن يتكلم الإنسان بما لا يجوز شرعًا، فالأمر واضح والله - تعالى- أعلى وأعلم.
فضيلة الشيخ الأخ الكريم من السودان كان يسأل عن قول الله -عز وجل-: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَ ﴾ من ناحية العصمة؟
بالنسبة لقول الله - تعالى-: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَ ﴾ هناك كلام كثير للمفسرين في هذه الآية وسؤال الأخ سؤال في موضوعنا- جزاه الله خيرًا- لأنه قد يفهم أن يوسف -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- همّ بها فيكون ذلك من جنس الذنوب ويكون ذلك دلالة لمن قال بأن الأنبياء ليسوا بمعصومين، ولكن هذا كلام ليس بالصحيح، لعدة أمور:
الأمر الأول: أننا لو قلنا في قول الله - تعالى-: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ﴾ ووقفنا، ثم ابتدأنا ﴿وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾ [يوسف: 24]، إذن: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ﴾ ونقف، ثم لنبتدئ نقول: ﴿وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾ إذن: نحن نثبت هما وننفي آخر نُثبت هما وننفي آخر الهم المثبت هو هَم امرأة العزيز والهَم المنفي هو هَم من؟ هو هَم يوسف فلم يهِم يوسف أصلاً، مثل عندما أقول: لولا محمد -صلى الله عليه وسلم- ما عرفنا الله، وأوضح من ذلك لولا مذاكرتك لرسبت، هل الرسوب وقع؟ أنت لم ترسب، ولكن"لولا" يسمونها أداة امتناع لوجود فقوله - تعالى-: ﴿وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ﴾ فلأن البرهان موجود فلم يَهِم بها، والبرهان هو العلم الذي جعله الله - تعالى- في قلبه، البرهان يأتي في القرآن بمعنى العلم فقد جعل الله - تعالى- في قلبه علمًا وفي فؤاده علمًا حجزه عن الوقوع في مثل ذلك، هذا قول وهذا قول طيب لا بأس به.
القول الثاني: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَ ﴾ [يوسف: 24]، وترى هنا الأعاجيب، يقول نعم، ولقد همت به هم معصية وهم بها أي: هم أن يضربها، أو هم أن يدفعها، فهذا إثبات للهم ولكن هم مخالف للهَم الأول، وهذا القول فائدة أن صاحبه يريد أن يحافظ على مقام الرسالة، من أن يلوث بشائب تصور أن يقع الرسول في الذنب فقال ما قال.
الوجه الثالث: أن يقال ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَ ﴾ [يوسف: 24]، ويكون هذا هَم عزيمة وقصد وإرادة وهذا هم خاطرة، فهم العزيمة والإرادة هو الهَم الذي قصد الإنسان فيه شيئًا ما، وجمع أسبابه وتوافر عليه ليفعله، فهذا حتى ولو لم يواقع مقصوده فإنه يُثاب أو يأثم، ودليله في ذلك قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله هذا هو القاتل، فما بال المقتول؟ قال: كان حريصًا على قتل صاحبه)، حريصًا، إذن: نية وإرادة جازمة وعزيمة صادقة أن يقتل صاحبه، فكان بذلك في النار، فَهَمُ امرأة العزيز كان من هذا الجنس, هم العزيمة والإرادة، ولذلك غَلَقت الأبواب وغلق على وزن فعَّل التي تدل على التكثير والتشديد الاثنين مع بعض إذن: هناك أبواب كثيرة وغلقتها بإحكام، ﴿وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ ﴾ [يوسف: 23]، فلما أقول: كَسَّرت الأطباق وأقول كَسَرت الأطباق، لما أقول كَسَرت الأطباق يمكن أن يكون فيها خدش أو كَسر بسيط، لكن عندما آتي بها وأجعلها دكًا، يبقى هنا تَكْثير التكسير كذلك ﴿وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ ﴾ إذن: هناك أبواب كثيرة عندما غلقتها غلقتها بإحكام وأوصدتها بإتقان ثم بعد ذلك قالت: ﴿وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ﴾ تهيأت لك، وتزينت فاقضِ ما أنت تريد، ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ﴾ معاذ الله، الذي هو الله، معاذ الله، قوله: ﴿إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾ ربي هنا تعود على الزوج، وهذا من أسلوب القرآن أن تجد الشيء والالتفات الذي بعده، كقصة ملكة سبأ: ﴿قَالَتْ إِنَّ المُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ﴾ [النمل: 34]، انتهى كلامها، ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ وكذلك يفعلون ليس من كلامها ولكنه كلام الله -عز وجل- يذيل كلامها تأييدًا وتقريرًا لمقولة هذه المرأة الكافرة وهذا من باب الإنصاف، أرأيت أن الله - تعالى- ينصف هذه الملكة الكافرة فيوافقها على ما تقول، فالإنصاف أن توافق الحق وأن تثبته حتى ولو كان على لسان المخالف، فليست هذه الآية مما يُستدل بها، ويستفاد، أن هم يوسف كان ذنبًا وكان معصيًا بل هذا مجرد خاطرة والخاطرة إذا دفعها الإنسان لله كانت من جملة حسناته لا من جملة سيئاته، ومنها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به).
فضيلة الشيخ الأخت الكريمة كانت ترجو من فضيلتكم توضيح الفرق بين الرسول والنبي؟
باختصار شديد الرسول من بعثه الله - تعالى- إلى أمة مخالفة، حادت عن الكتاب أو كفرت بالكتاب، والنبي من أرسله الله -عز وجل- أو بعثه الله -عز وجل- إلى أمة الموافقة ليذكرهم وليعظهم وليجدد عهدهم بالأمر والنهي الشرعي، فمقام النبي في أمة الموافقة كمقام العالم بين المسلمين، والله - تعالى- أعلى وأعلم.
الأخ الكريم من مصر كان يسأل عن سيدنا شعيب وهل كان على ملة قومه؟ وهل يمكن الاستدلال بقوله: أن الأنبياء كانوا موحدين ويكتمون هذا التوحيد قبل البعثة؟
هذه المسألة غير مقررة بمعنى، أنا لا أستطيع أن أوافق على ذلك، أو أنفي ذلك، وربما يكون ذلك قائمًا وربما يكون ذلك غير قائم، ولكن الثابت حتى من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن حال النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قبل البعثة كان على الحنيفية، وكان قومه يعلمون ذلك منه -صلى الله عليه وسلم-، كان قومه يعلمون ذلك منه -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- فتحنثه في الغار كان على مرأى ومَسمع من أهله وقومه لم يكن بالأمر السر وما جرى للنبي -عليه الصلاة والسلام- من إرهاصات وما إلى ذلك كان على مرأى ومسمع من قومه، فلم يكن ذلك بالأمر السر، ولكن الإشكال أن النبي طالما أنه لم يمارس دعوته فإنه لا يمثل خطرًا على الكفار، الخطورة على الكفار أو على المخالفين تكون عند ممارسة الدعوة هناك فارق بين المعرفة والممارسة، فارق بين أن تعرف العقيدة وأن تمارس العقيدة، فارق بين أن تعرف دين الله وأن تدعو بدين الله وإلى دين الله -عز وجل- فإذا كنت على الحق وحدك فلا بأس لا تثريب عليك، لا ضير في ذلك الأمر أما إذا تحركت بالحق الذي أنت عليه لتوصله إلى غيرك يكون هنا الإشكال، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- لو كان في نفسه، يصلي ويعبد ويوحد وإلى غير ذلك، ما أنكر عليه المشركون، المشركون قالوا: إن هذا الرجل ساحر يفرق بين الرجل وولده وبين السيد وعبده، هذا رجل عجيب فالمشكلة عندهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتهد في إيصال دين الله -عز وجل- إلى الناس ومن هنا كانت المصادمة وكان الإشكال. وعندما تنظر أيضًا إلى قصة الراهب والغلام، الراهب قال للغلام: إنك أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل علي. لماذا قال: أنت أفضل مني؟ لماذا؟ لأنه يعبد الله -عز وجل- ويعرفه ويوحده ويعتقد الاعتقاد الصحيح بمفرده أما الغلام فإنه حمل هذا الاعتقاد ونشره بين الناس ولذلك عندما أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد أن فاجأه الوحي إلى ورقة بن نوفل، فقال: يا ليتني كنت جذعًا إذ يخرجني قومك، فقال: (أو مُخرجي هم)، قال: لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عود وأوذي وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤذرًا، إذن: أي نبي سيأتي بما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام- من التوحيد الخالص ومحاربة الشركيات وإقامة الدين والدعوة إلى الله -عز وجل- بذلك لابد أن يُحارب وأن يُعادى، فيمكن أن يكون المشركون على عِلم بشعيب، يعرفون أنه ليس على دينهم, على ملتهم ولكن يرتضونه على هذه الحال، فعندما اجتهدت الدعوة وعندما بدأ الناس يدخلون في دينه بدت هنا المشاكسة وبدأ هنا الحرب ولذلك الخطاب ﴿قَالَ المَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ ﴾ فهذا دلالة على أن المصادمة كانت بعد دخول المؤمنين دين الله -عز وجل- أما قبل ذلك هل كانوا يعلمون أن شعيبًا كان على الحق؟ ربما، هل كانوا لا يعلمون؟ ربما، فهذا أمر لا أستطيع أن أجزم فيه بقول والله - تعالى- أعلى وأعلم.
إجابات الحلقة الماضية
فضيل الشيخ وردتنا إجابات سؤال الحلقة الماضية:
وكان السؤال تصور مناظرة بين مؤمن بالقدر ومنكر له أو مشكك فيه؟
استأذنكم في طرق إجابة تكون أدبية إلى حد ما:
الإجابة:
كان أحمد وسامي يدرسان في جامعة واحدة وخرجت نتائج الفصل الدراسي لكن كانت نتيجة أحمد لا تسر، الرسوب- لا حول ولا قوة إلا بالله- وسامي نجح بتوفيق الله له فسخط أحمد وقال: لماذا يا ربي فعلت بي هكذا؟ ألم أدرس ألم أجتهد؟ لماذا من سواي نجح وأنا لم أنجح؟ هذا مستحيل، قال سامي: هون عليك يا أحمد إن ما تقوله حرام، حرام في حق الله - تعالى- فالله يفعل ما يريد والله لا يسأل عما يفعل قال سامي: قل: إن لله وإنا إليه راجعون، وقَدَّرَ الله وما شاء فعل، قال أحمد: ماذا قَدَّرَ علي؟ ما هذا القدر الذي تقوله؟ أنا درست جيدًا ويجب أن أنجح ما هذا الهراء الذي تتكلم به؟ قال سامي: حرام عليك يا أحمد ولا يجوز ذلك فالله خلق كل شيء بقدر فحركاتك وسكناتك كلها بقدر الله فهو النظام الحكيم والقانون الذي وضعه الله أحكم الحاكمين بعلمه وإرادته وحكمته ليسير على أحكامه كل شيء في هذا الوجود من السماء وما فيها وما عليها فلا راد لقضاء الله وقدره قال الله - تعالى-: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49]، وقال - تعالى-: ﴿وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُور ﴾ [الأحزاب: 38]، فنظراتك وأنفاسك وكل ما فيك بقدر من الله، فقدر الله هو القانون الأذلي الذي لا يعتريه تغير ولا تحول ولو اجتمعت قوى العالم كله السماوية والأرضية على أن تغير مثقال ذرة من قدر الله ما وجدت إلى ذلك سبلاً، قال سامي: يا أحمد قال - تعالى-: ﴿وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ﴾ [البقرة: 216]، فالله يُقدر على الإنسان أمور حياته كلها بحكمته -سبحانه - وبإرادته ويجب عليك يا أحمد أن تؤمن بالقضاء والقدر، فلا يجوز لك أن تنكره لأنه من أركان الإيمان التي لا يصح إيمان فرد إلا باكتمالها وتصديقها في قلبه والعمل بذلك فأرجوك يا أحمد استغفر الله قال -صلى الله عليه وسلم-: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فإن حصل شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل) فلعل الخير كله في رسوبك يا أحمد ويجب على الإنسان أن يدعو الله ويقول: اللهم ارزقنا الرضا بعد القضاء اللهم واجعل عاقبة أمرنا رشدًا، قال أحمد: جزاك الله خيرًا يا سامي لقد طرقت كلماتك قلبي وسكنت جوارحي، نعم يا سامي لن أقول من بعد اليوم إلا قدر الله وما شاء فعل، وأسأل الله أن يتوب علي. جزاك الله خيراً يا سامي
ما شاء الله.
الأخ الكريم من فلسطين يقول: هل اليهود والنصارى الذين لم يؤمنوا برسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- يكونون غير مؤمنين بموسى وعيسى؟
في الحقيقة نعم، لأنهم لو آمنوا بموسى وعيسى حقيقة لأفضى بهم ذلك الإيمان أن يؤمنوا بالنبي محمد -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- ولابد أن يكون إيمان أهل الكتاب بالنبي -عليه الصلاة والسلام- هو الإيمان الحق بمعنى: لا يقولون بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نبي ولكنه نبي إلى الأعراب خاصة، يعني لو قال رجل بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نبي إلى العرب فقط أو هو نبي الجزيرة العربية فقط، لم يكن بذلك مؤمناً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وكان النبي يرسل إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة) وقال الله - تعالى-: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ ﴾ [سبأ: 28]، فالله - تعالى- أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- للناس كافة، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [الأعراف: 158]، فهذه النصوص تدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أُرسل إلى الناس كافة إلى أبيضهم وأحمرهم وأسودهم وإلى العرب منهم وإلى الأعجام أو الأعاجم، فينبغي للناس أن يؤمنوا بذلك فمن قال بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- هو نبي الجزيرة العربية فقط، وحصر الجزيرة فيما بين الخليج العربي والبحر الأحمر وبلاد الشام شمالاً، وبلاد اليمن جنوباً، فيكون النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه المنطقة فقط، هذا كفر بالله وكفر برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا يُقبل منه شهادة لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حتى يقر بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رسول إلى الناس كافة.
الأخ الكريم من الإمارات يقول: السلام عليكم، سؤاله الأول: ما معنى قوله - تعالى-: ﴿لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ ﴾ [آل عمران: 84]؟
أي: لا نفرق بين رسول ورسول فلا نؤمن بعيسى ونكفر بموسى أو نؤمن بموسى ونكفر بعيسى.
كان سؤاله الثاني: ما معنى كفر التكذيب والجهل وما الفرق بين وبين كفر الجحود؟
كفر التكذيب وكفر الجهل وكفر الجُحود، هذه الأنواع من أنواع الكفر المُخرجة من الملة، لو قلنا بأن إنسانًا وصَلَه علم عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني علم أن هناك نبيًا اسمه محمد -صلى الله عليه وسلم- وتكلم بالقرآن وهذا القرآن يزعم أنه وحي من عند الله، وأن هذا النبي أتى بأوامر وبنواهِ من جملة ما أمر به أمر بصلة الأرحام ومساعدة الفقراء والمساكين وكما نهى عن شرب الخمر والقتل وقطع الأرحام سمع ذلك، ثم بعد ذلك قال: إن هذا لا يلزمني، لكان بذلك جاحدًا لما وصله، فالجحود بمعنى تغطية، فجحد الشيء إذا غطاه، قال الله - تعالى-: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُو ﴾ [النمل: 14]، وصله العلم وصله اليقين وصله الخير ومع ذلك رده، رده من باب الظلم والعلو والكبر- والعياذ بالله- إذن: هذا كفر الجحود. إذا واقع الشك، فهذا كفر التكذيب ومنه كفر فرعون، ففرعون كذب موسى، فرعون كذب موسى وتكذيبه كان تكذيب مُدعى بدليل أنه لما ألجمه الغرق قال: ﴿آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ﴾ [يونس: 90]، وكذلك قوم شعيب عندما قالوا لنبيهم: ﴿مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ﴾ [هود: 91]، فهم في ذلك هم كذبة لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي يبين عن ربه وقال الله - تعالى- ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4]،إذن: أفضل من يبين عن الله -عز وجل- هو الرسول الذي أرسله الله فكونهم قالوا للرسول: لا نفقه كثيرًا مما تقول كانوا كاذبين وكان كفرهم في هذا الباب كفر تكذيب- والعياذ بالله- كفر الجهل: مثل ما وقع فيه كفار قريش، عندما جَهِلُوا النبي -عليه الصلاة والسلام- جهلوا أنه رسول إذن: وصل لهم الحق، ووصل لهم الخير وسمعوا القرآن وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ﴿أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ﴾ [الأعراف: 158]، ولكن لأنهم لم يتصوروه رسولاً، واستعظموا أن يكون رسولاً جهلوا رسالته فكذبوه وحاربوه وكفروا به والله - تعالى- أعلى وأعلم.
الأخ الكريم من المغرب يقول: هل من سمع بالنبي دون أن تبلغه الدعوة تكون الحجة قد قامت عليه؟
تكون الحجة قد قامت عليه إجمالاً، يعني من سمع أن هناك رسولاً يسمى محمدًا وهذا الرسول أتى بدين يسمى الإسلام وجب عليه أن يجتهد في البحث عن الحق ليصل إليه- بإذن الله تعالى- ولو مات قبل الوصول إلى الحق وفي طريقه لهذا الحق فهو معذور عند الله -عز وجل- والإمام ابن القيم له كلام جيد في هذه المسألة في طريق الهجرتين عندما ذكر أن من طبقات المقلدين أن إنسان يقول: «يا ربي أنا على هذا الطريق ولو أعلم خيرًا هو أحب إليك مما أنا عليه لصرت إليه فهذا معذور عند الله -عز وجل-» فهذا الرجل الذي سمع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتى بالقرآن ليقرأه وجهز التجهيز وأخذ العدة لكي يسافر إلى ديار المسلمين أو لكي يذهب إلى المركز الإسلامي في بلدته لكي يسمع عن الإسلام ويؤمن به وقال: يا رب اشرح صدري لهذا الدين وإني مقبل على هذا الدين ثم مات دون ذلك أرجو أن يكون معذورًا، والله - تعالى- أعلى وأعلم.
فضيلة الشيخ هلا تفضلتم بطرح أسئلة هذه المحاضرة؟
هناك ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: كيف نؤمن بالرسل مجملاً؟
السؤال الثاني: فرِّق بين الرسول والنبي؟
السؤال الثالث: تكلم عن عِصمة الأنبياء؟ والحمد لله.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-06-2008, 11:58 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي


يُرفع
بارك الله فيك .
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 03:05 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.