انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > الملتقى الشرعي العام

الملتقى الشرعي العام ما لا يندرج تحت الأقسام الشرعية الأخرى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-04-2019, 09:25 PM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي منهاج الوصول إلى استخراج أحكام الشريعة من القرآن ومن صحيح سنن الرسول

 

سلسلة
منهاج الوصول
إلى استخراج أحكام الشريعة من القرآن ومن صحيح سنن الرسول عليه السلام

تأليف
دكتور كامل محمد محمد عامر

مقدمة السلسلة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله الذى قال فى كتابه: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } [البقرة: 159] وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [البقرة: 174] وقال عليه السلام: مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ(1)
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
أما بعد:
فهذه ليست سلسلة فى أصول الفقه، وليست كتاباً فى فروع الفقه، ولكنها برامج فى كيفية استخراج الأحكام من القرآن ومن صحيح سنة الرسول عليه السلام، أردتُ بها البحث عن بيان الرسول عليه السلام؛ والذى وعدنا ربنا به إذ يقول: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: 44] ويقول تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النحل: 64]
فقد بين لنا عليه السلام كيفية التخلص من الإختلاف بأوضح بيان؛ وتركنا عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا(2)
هذا؛ وقد قسمتُ تلك السلسلة إلى عدة حلقات، وقدمتُ لها بعدة مقدمات، وعدة مقالات.
وحتى تكون كل حلقة وحدة مستقلة؛ فكنتُ أكرر بعض البنود فى أكثر من حلقة إذا استدعى الأمر ذلك.
وقد جعلتُ البرنامج الأساسى لاستخراج الأحكام فى الحلقة الأخيرة من السلسلة لارتباطه بجميع الحلقات والمقدمات والبنود السابقة.

المقـــــــــــــــــــــــــــــــدمات
أ‌- مقدمة السلسلة
ب‌- مقدمة المؤلف
ت‌- مقدمة عامــــــــة
ما قبــــــــــــــــــــــــــل البرامج
• مباحث لغوية
• مناهج البحث العلمي
• هل يجوز استخدام المنهج الاستقرائي فى استخراج الأحكام من القرآن وصحيح السنة؟
• هل نستند إلى أساليب العرب فى فهم النصوص؟
البرامـــــــــــــــــــــــــــــــــج
1) حقائق بين يدي البرنامج
2) الشروط الواجب توافرها فى بنود البرنامج
3) كيفية قرأءة النصوص
4) وجوب الأخذ بظاهر اللفظ دون تأويل أو تبديل
حلقــات الســـلســــلة
(1) العموم والخصوص فى بيان الرسول عليه السلام.
(2) القول السديد فى الإطلاق والتقييد
(3) بيان الرسول عليه السلام فى معرفة الناسخ من المنسوخ
(4) بحث فى الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي
(5) القول المبين فى أفعال خير المرسلين
(6) أدلة الأصحاب لاستخراج الأحكام
(7) تدريب الطالب لحل إشكال ما يظن به التعارض
(8) برنامج استخراج الأحكام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الأحاديث
(1) " عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيبًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ" [البخاري: كِتَاب الْعِلْمِ؛ بَاب مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ]
(2)"عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ"[سنن ابن ماجه: كِتَاب الْمُقَدِّمَةِ؛ بَاب اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ]
التوقيع


يقول إلهنا رُدُّوا إِلَىّ إذا اختلفتم
وقائلُهم يقولُ:أنا أختارُ إن كثر المقــول
فأىُّ الفريقين أشــــــــــــــــــــــــدُّ قرباً
من البيضـــــــــــــــــاءِ يترُكهـــا الرســـــــولُ
دكتور كامل محمد
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-04-2019, 09:26 PM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى، ثم أما بعد:
لقد وقفتُ كثيراً عند قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} ، وقرأتُ قول ربى سبحانه وتعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ }؛ فتيقنتُ أن بيان الرسول عليه السلام موجود لمن طلبة؛ ليبين لنا الذى اختلفنا فيه؛ فهل يمكننا البحث عن هذا البيان؛ لنعلم القولَ الحقَ فيما اختلف فيه العلماء ؟
قلتُ فى نفسى: هذا مطلبٌ بعيد المنال فى هذا العصر؛ وتأكد ذلك عندى عندما قال لى قائل: نحن لم نُرزق من العقل والفهم ما يمكننا من فهم آيات القرآن وأحاديث الرسول عليه السلام......!!
ولكن تذكرتُ قول رسولنا عليه السلام "..... فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ...." [ البخاري :كِتَاب الْحَجِّ؛بَاب الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى]
وقوله عليه السلام: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ"[سنن أبي داود: كِتَاب الْعِلْمِ؛ بَاب فَضْلِ نَشْرِ الْعِلْمِ][ صحيح وضعيف سنن أبي داود (8/ 160) تحقيق الألباني : صحيح ابن ماجة ( 230 )]
وقوله عليه السلام: "إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" [ سنن أبي داود: كِتَاب الْمَلَاحِمِ؛ بَاب مَا يُذْكَرُ فِي قَرْنِ الْمِائَةِ][ صحيح وضعيف سنن أبي داود (9/ 291): تحقيق الألباني: صحيح] فعاد إلى الأمل فى البحث عن بيان الرسول عليه السلام؛ فجلستُ سنوات طوال، أُقلب فى صفحات كتب الأحاديث، وكتب الأصول، وأجلس فى مدرجات كلية الشريعة بجامعة الأزهر ومدرجات المعهد العالى للدراسات الإسلامية بالزمالك بالقاهرة؛ أستمع إلى عالم أو أُسَائِل أستاذاً.......!
نعم؛ علمتُ أن الأمر ليس يسيراً ولكن وعد ربى جل وعلا بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} وقوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} أقول إن وعد ربى سبحانه جعلنى أُشَمِّر عن ساعد الجد للبحث عن هذا البيان.
وتذكرتُ قول ربى عزَّ وجلَّ: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} وقوله سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا } وقوله سبحانه {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}؛ فقلتُ لقائلى: لولا أن في وسعنا الفهم لأحكام القرآن؛ ما أمرنا ربى سبحان بتدبره، ولولا أن في وسعنا الفهم لأقوال النبي عليه السلام؛ ما أمره ربى بالبيان، ولا أمرنا بطاعته، فهل يعقل أن تضيق عقولنا عن فهم ما افترض الله تعالى علينا تدبره والأخذ به؛ وتتسع عقولنا لفهم مختصرات المذاهب، وما ضمن لنا الله سبحانه وتعالى العون على فهم تلك المختصرات، كما ضمن لنا فهم كلامه أنه سبحانه لا يكلفنا إلا وسعنا.
إن الله عزوجل لا يأمرنا بشئ إلا وقد سبب لنا طرق الوصول إليه وسهلها وبينها، {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}
إن معرفة أحكام الآيات والأحاديث التي أمرنا بقبولها بَيِّنَة لمن طلبها؛ وأما ما لم نؤمر باتباعه من أصحاب المختصرات والمتون ـ رحمهم الله سبحانه وتعالى ـ فلا سبيل إلى القطع بأن فهمه ممكن لنا.
إننا إن بحثنا فى سنن الرسول عليه السلام؛ فسنجد المنهاج الذى وعدنا الله به؛ لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} وقوله تعالى : {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} فلا يعقل أن نرد الخلاف لله والرسول ثم نختلف مرة أخرى !
ترى لو كنا هنالك خلف أسوار المدينة، أو خارج الحرم المكى؛ وقد استجاب الصحابة للرسول عليه السلام؛ وبَلَّغُوا إلَيْنَا جميع الأحاديث؛ أقول: تُرى ماذا كنا فاعلين؟
فلنعِش تلك الأيام، ونجمع الآيات وسنن الرسول عليه السلام، ونتبع بيان الرسول صلى الله عليه وسلم لنا فى قراءة وفهم النصوص حتى لا نختلف!!
وليضع كل طالب علم منهاجاً لاستقاء الأحكام من تلك النصوص؛ مستلهماً هدى الرسول عليه السلام، وبحيث تكون بنود هذا المنهاج مطردة وصادقة ولا تتخلف أبداً مهما كان المستخدم لها !!!
هذا ما أردتُ الدعوة إليه، والسعى إلى السير فيه، وقد عاهدتُ نفسى، وأعاهد من يُقَدِّرُ له ربى بالإطلاع عليه:أن لا أستشهدُ إلا بآية محكمة، أو حديثٌ صحيح، وبالبيان الذى بينه رسولنا عليه السلام.
ربى
اللهم إن هذا جهدى، وما أردتُ إلا الخير .... اللهم إن أصبتُ فبرحمتك وفضلك .... وإن أخطأتُ فإنك غفورٌ رحيم.
القاهرة
20 جمادى الأولى 1440
20 يناير 2019
التوقيع


يقول إلهنا رُدُّوا إِلَىّ إذا اختلفتم
وقائلُهم يقولُ:أنا أختارُ إن كثر المقــول
فأىُّ الفريقين أشــــــــــــــــــــــــدُّ قرباً
من البيضـــــــــــــــــاءِ يترُكهـــا الرســـــــولُ
دكتور كامل محمد
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-04-2019, 09:28 PM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

مقدمات عامـــــــــــــــــــــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى أنعم علينا بحفظ الذكر فقال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر: 9] والْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قال فى كتابه: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أرسله ربُنا جلَّ وعلا ليبين للناس ما أنزله الله إلينا فقال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: 44]
وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النحل: 64]
وصلى وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .
أما بعد
يقول الله سبحانه وتعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122](ملحق 1)
وندبنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على التفقه فى الدين وطلب العلم فقال عليه السلام: "مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"(1) وقال عليه السلام: "وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ"(2)
ولقد أمر رسولُنا عليه السلام الصحابةَ بالتبليغ عنه، وأَمَرَ أمَّتَه بالإستماع إلى الصحابة، والتبليغ عنهم، فقال عليه السلام: "تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ وَيُسْمَعُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْكُمْ"(3) وقد التزم الصحابة رضوان الله عليهم والْتَزَمَتْ الأمةُ بأمر الرسول عليه السلام؛ فمن شهد بلَّغ من غاب حتى وصلت إلينا جميع أقوال الرسول عليه السلام.
فصــــــــــل
أخبرنا عليه السلام بأن المُبَلَّغ فى أى زمان قد يكون أفقه وأوعى من المستمع الأول؛ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "..... فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ...."(4)
وقال عليه السلام: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ"(5)؛ فصلِ اللهم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تَبِع هداه إلى يوم الدين.
فصـــــــــــــــــــــــــــــــل
رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ؛ فرُبَّ مسلم فى آخر الزمان يكون أوعى للنص من المُبَلِّغ الأول؛ فقال عليه السلام: رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ لِمَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ و رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ؛ نعم، رُبَّ صحابى يُبَلِّغ صحابى آخر يكون أوعى للنص من المُبَلِّغ الأول؛ و رُبَّ صحابى يُبَلِّغ تابعى فيكون هذا التابعى أوعى للنص من الصحابى؛ و رُبَّ مسلم فى آخر الزمان يكون أوعى للنص من المُبَلِّغ الأول ...... هكذا قال الرسول عليه السلام لصحابته عليهم رضوان الله رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ.
وأخبر عليه السلام أن ربى سبحانه يبعث من هؤلاء المُبَلَّغِين من يجدد للأمة أمر دينها ففى الحديث "إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا"(6)
فصـــــــــــــــــــــــــــــــل
نصوص القرآن وصحيح السنة تكفى ما بيننا وما يَجدُّ من أحداث؛ فجميع آيات الأحكام، مع الرصيد الهائل من الأحاديث الصحيحة؛ لا شك أنها تكفى ما بيننا، وما يَجِدُّ من أحداث بوعد الله سبحانه لنا: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]
الأمر إذاً يسير؛ يقول سبحانه وتعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32]
ويقول تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119]
ويقول سبحانه وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]
ويقول عليه السلام ".... فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"(7)
فجميع ما بيننا وما يُسْتَجَدُّ لن يخرجَ عن:
• أمر من الله ورسوله نفعل منه ما استطعنا.
• نهى فَصَلَهُ الله سبحانه وتعالى علينا الانتهاء عنه.
• عفوٌ من الله لنا مباح فعله وتركه بنص قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29]
فيجب على المسلم أن يعرف الأوامر التى أمره الله بها ويفعل منها ما يستطيع لقوله عليه السلام: "....وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"(7) ويجب على المسلم أن ينتهى عمَّا فُصِّلَ له تحريمه فقد وعدنا ربنا جلَّ وعلا بأن يُفَصِّل لنا المحرمات تفصيلاً لا لبس فيه؛ فقال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام : 119] وقال عليه السلام:"...فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ"(7)
وما عدا الأوامر وما فُصِّلَ لنا تحريمه فهو عفو مباح؛ لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة : 29] ولقوله عليه السلام فيما يرويه أبو الدرداء ويرفعه: " ما أحل الله في كتابه فهو حلال و ما حرم فهو حرام و ما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}"(8)
فصـــــــــــــــــــــــــــــــل
يجب علينا ردّ النزاع إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء: 59] فلنبدأ بطاعة الله سبحانه وطاعة الرسول عليه السلام وأولى الأمر.
فإن اختلفنا ....إن اختلف أبوبكر رضى الله عنه والفاروق عمر رضى الله عنه فيسبى أبو بكر نساء المرتدين ويردهن عمر(9) ؛ وإن اختلف علىّ وعثمان رضى الله عنهما فى المتعة فى الحج(10) ؛ إن اختلف الإمام مالك والشافعى رحمهما الله فى زكاة الغنم(11).
أقول إن نختلف فالرد يجب أن يكون لله والرسول؛ فَلْنَرُدّ الإختلاف كما أمرنا الله سبحانه وتعالى.
لاشك أن الصحابة رضى الله عنهم لم يعرفوا كل الأحاديث، وكان كل صحابى يضع لنفسه منهاجاً يسير عليه فى استخراج أو استنباط الأحكام فى حياة الرسول عليه السلام، وبعد موته عليه السلام.
فصـــــــــــــــــل
لا بد أن يكون هناك طريقة واضحة بَيَّنها الرسولُ عليه السلام تُجنبنا الإختلاف
يقول تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]
وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ } [النحل: 64]
إذن لا بد أن يكون هناك منهج أو برنامج أو طريقة واضحة بَيَّنها الرسولُ عليه السلام تُجنبنا الإختلاف { الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ }
المشكلة أو قل القضية الآن أصبحت فى البحث بِجِد عن هذه البرامج فى نصوص الكتاب وصحيح السنة؛ حتى لا نختلف!
إنه من المتعارف عليه فى الأبحاث العلمية فى كافة المجالات أن يكون هناك بروتوكول بين يدى الرسالة أو البحث الذى يقدمه الطالب قبل البدء فى بحثه؛ إن هذا البرتوكول هو عقد بين الطالب ولجنة متابعة البحث ومناقشته.
فيجب أن يكون هناك بروتوكول أو عقد بيننا وبين الفقيه، يلتزم به الفقيه فى استخراج الأحكام والفتاوى فيأمن الزيغ، ونأمن نحن مجاملة الفقيه لقريب أو صديق. فما هو البرنامج الذى نتبعه الآن حتى نستخرج الأحكام دون أن نختلف، مستعينين بهدى الرسول عليه السلام فى ذلك؛ فلقد تركنا عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا"(12)
إن سلسلة مناهج الوصول ما هى إلا منهاج أو بروتوكول مقترح ليكون عقداً بين الجمهور وبين الفقهاء.
إن الغاية المتوخاة من هذه السلسلة التوصل إلى المنهاج الصادق الذى بينه لنا الرسول عليه السلام؛ والذى يمكننا من استخراج الأحكام الشرعية العملية من القرآن وصحيح السنة؛ بطريقة تجنبنا الإختلاف.
هذا والله من وراء القصد وهو سبحانه وتعالى الهادى لسواء السبيل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الملاحق
(ملحق 1)
قال فى معجم الفروق اللغوية لأبى هلال الحسن العسكري (المتوفى: نحو 395ه) 1328: الفرق بين الطائفة والجماعة: أن الطائفة في الاصل الجماعة التي من شأنها الطوف في البلاد للسفر ......... و الطائفة في الشريعة قد تكون إسما لواحد قال الله عزوجل: { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] ولا خلاف في أن إثنين إذا اقتتلا كان حكمهما هذا الحكم وروي في قوله عزوجل:{ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِين} [ النور: 2] أنه أراد واحداً وقال يجوز قبول الواحد بدلالة قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] أي ليحذروا فأوجب العمل في خبر الطائفة، وقد تكون الطائفة واحدا . أ.ه.
لقد فرض الله سبحانه وتعالى على كل جماعة مجتمعة في قرية أو مدينة أن ينفر منها طائفة للتفقه فى الدين؛ فهذا النفار فرض على الجماعة كلها حتى يقوم بها بعضهم فيسقط عن الباقين.
وقد فعل ذلك الصحابة رضى الله عنهم " فعَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَتَيْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِيمًا رَفِيقًا فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّا قَدْ اشْتَهَيْنَا أَهْلَنَا أَوْ قَدْ اشْتَقْنَا سَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا فَأَخْبَرْنَاهُ قَالَ ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أَحْفَظُهَا أَوْ لَا أَحْفَظُهَا وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ" [البخاري: كِتَاب الْأَذَانِ؛ بَاب الْأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ ......]
قال عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) فى كتابه أسد الغابة في معرفة الصحابة:" مالك بْن الحويرث بْن أشيم الليثي ....... وهو من أهل البصرة، قدم علَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شببة من قومه، فعلمهم الصلاة، وأمره بتعليم قومهم إذا رجعوا إليهم......... وَتُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الأحاديث
(1) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْيَحْصَبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُا إِيَّاكُمْ وَأَحَادِيثَ إِلَّا حَدِيثًا كَانَ فِي عَهْدِ عُمَرَ فَإِنَّ عُمَرَ كَانَ يُخِيفُ النَّاسَ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّمَا أَنَا خَازِنٌ فَمَنْ أَعْطَيْتُهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَيُبَارَكُ لَهُ فِيهِ وَمَنْ أَعْطَيْتُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَشَرَهٍ كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ [ مسلم: كِتَاب الزَّكَاةِ؛ بَاب النَّهْيِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ]
(2)" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ" [مسلم: كِتَاب الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ؛ بَاب فَضْلِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَعَلَى الذِّكْرِ]
(3)" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ وَيُسْمَعُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْكُمْ" [ سنن أبي داود: كِتَاب الْعِلْمِ؛ بَاب فَضْلِ نَشْرِ الْعِلْمِ] [صحيح وضعيف سنن أبي داود: تحقيق الألباني :صحيح] [صحيح ابن حبان: كتاب العلم؛ ذكر الإخبار عن سماع المسلمين السنن خلف عن سلف][ التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: تعليق الشيخ الألباني: صحيح]
(4) "عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ قُلْنَا بَلَى قَالَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ قُلْنَا بَلَى قَالَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" [البخاري: كِتَاب الْحَجِّ؛بَاب الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى]
(5) " عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ " [سنن أبي داود: كِتَاب الْعِلْمِ؛ بَاب فَضْلِ نَشْرِ الْعِلْمِ][ صحيح وضعيف سنن أبي داود (8/ 160) تحقيق الألباني : صحيح ابن ماجة ( 230 )]
(6) ".....عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" [سنن أبي داود: كِتَاب الْمَلَاحِمِ؛ بَاب مَا يُذْكَرُ فِي قَرْنِ الْمِائَةِ][ صحيح وضعيف سنن أبي داود (9/ 291) تحقيق الألباني : صحيح ، الصحيحة ( 599 ) // صحيح الجامع الصغير ( 1874 )]
(7)" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" [البخاري: كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَاب الِاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
(8) " عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، رفع الحديث قال : « ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عافية ، فاقبلوا من الله العافية ، فإن الله لم يكن نسيا » ثم تلا هذه الآية ( وما كان ربك نسيا) « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه » [المستدرك على الصحيحين للحاكم: كتاب التفسير؛ تفسير سورة مريم] [قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 325 : أخرجه الدارقطني في " سننه " ( 2 / 137 / 12 ) و الحاكم ( 2 / 375 ) و عنه البيهقي ( 10 / 12 ) ........و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و قال البزار : " إسناده صالح "]
(9)" عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وأبي بَكْرٍ فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ نَهَى عَنْ بيعهنَّ" [صحيح ابن حبان: كتاب العتق؛باب أم الولد صحيح] [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان؛ تعليق الشيخ الألباني: صحيح ]
(10)"عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ اجْتَمَعَ عَلِيٌّ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِعُسْفَانَ فَكَانَ عُثْمَانُ يَنْهَى عَنْ الْمُتْعَةِ أَوْ الْعُمْرَةِ فَقَالَ عَلِيٌّ مَا تُرِيدُ إِلَى أَمْرٍ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْهَى عَنْهُ فَقَالَ عُثْمَانُ دَعْنَا مِنْكَ فَقَالَ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدَعَكَ فَلَمَّا أَنْ رَأَى عَلِيٌّ ذَلِكَ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا" [مسلم: كِتَاب الْحَجِّ؛ بَاب جَوَازِ التَّمَتُّعِ]
(11) "لَا خِلَافَ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي السَّائِمَةِ وَهِيَ الَّتِي تَرْعَى إذَا تَوَفَّرَتْ فِيهَا الشُّرُوطُ وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْلُوفَةِ فِي الْحَوْلِ، أَوْ بَعْضِهِ وَالْعَامِلَةِ فِي حَرْثٍ، أَوْ حَمْلٍ وَنَحْوِهِمَا فَمَذْهَبُنَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِمَا أَيْضًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لَنَا عُمُومُ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ" [شرح مختصر خليل للخرشي: بَابٌ الزَّكَاةُ: بَابٌ تَجِبُ زَكَاةُ نِصَابِ النَّعَمِ][الكتاب: شرح مختصر خليل للخرشي لمحمد بن عبد الله الخرشي المالكي أبو عبد الله (المتوفى: 1101هـ)]
(12) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ" [سنن ابن ماجه : كِتَاب الْمُقَدِّمَةِ ؛ بَاب اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ][ صحيح وضعيف سنن ابن ماجة : تحقيق الألباني : صحيح]


التوقيع


يقول إلهنا رُدُّوا إِلَىّ إذا اختلفتم
وقائلُهم يقولُ:أنا أختارُ إن كثر المقــول
فأىُّ الفريقين أشــــــــــــــــــــــــدُّ قرباً
من البيضـــــــــــــــــاءِ يترُكهـــا الرســـــــولُ
دكتور كامل محمد
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-04-2019, 09:30 PM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي


حقائق بين يدي البحث


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله القائل فى كتابه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ}، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أرسله ربنا جلَّ وعلا ليبين لنا ما أنزله الله الينا فقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } وصلى وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .
أما بعد:
فقد أَكْتمَلَ الدِين، فلا يوجد حدث أو فعل ليس له حكم فى القرآن والسنة، وأمرنا سبحانه بتبليغ هذا الدين.
لقد أمرنا الله سبحانه باستعمال العقل والحواس، فلم نجد فرق بين أوامر القرآن وأوامر الرسول عليه السلام، فطاعة الرسول عليه السلام مطلقة ولا يستطيع بشر مهما كان أن يقيد ما أطلقه ربى سبحانه وتعالى، وأيضاً أحاديث رسولنا عليه السلام فى مرتبة واحدة فلا فرق بين أحاديث الآحاد و الحديث المتواتر لأمره سبحانه لنا بقبول نذارة النافر للتفقه فى الدين.
لا اختلاف فى الشريعة، فالأحكام لم تنزل دفعة واحدة، والصحابةُ والتابعون وتابعو التابعين لا يعرفون جميع الأحكام ولا جميع الأحاديث، فاجتهدوا وقالوا بالرأى عندما لا يجدوا حديث فى المسألة، فكان كل صحابى أو تابعى أو فقية يضع لنفسه منهاج يَسِيرُ عليه، ولم تناقش أو تدرس تلك المناهج، فاختلفوا ولكن قد من الله علينا بتدوين السنة وتحقق وعد ربى بحفظ الذكر؛ فيجب علينا أن لا نُقِرّ الإختلاف.
وإن شاء ربى سوف تناقش تلك الحقائق فى الفصول الآتية:
(1) لقد أَكْمَلَ الله سبحانه وتَعَالَى لنا الدِين.
(2) لا يوجد حدث أو فعل ليس له حكم فى القرآن والسنة.
(3) الأمرُ بتبليغ أقوال الرسول عليه السلام عامٌّ لجميع المسلمين.
(4) لقد أمرنا الله سبحانه باستعمال العقل والحواس.
(5) لا فرق بين أوامر القرآن وأوامر الرسول عليه السلام.
(6) أحاديث الآحاد و الحديث المتواتر فى مرتبة واحدة.
(7) لا اختلاف فى الشريعة.
(8) لم تنزل الأحكام دفعة واحدة.
(9) الصحابةُ والتابعون وتابعو التابعين لا يعرفون جميع الأحكام ولا جميع الأحاديث.
(10) كل صحابى أو تابعى أو فقية كان يضع لنفسه منهاج يَسِيرُ عليه.
(11) يجب علينا أن لا نُقِرّ الإختلاف.

الحقيقة الأولى
لقد أَكْمَلَ اللهُ سبحانه وتَعَالَى لنا الدِين؛فلا زيادة عليه ولا نقصان على ما أكمله ربى سبحانه وتعالى.
قال الله سبحانه وتعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } [المائدة : 3]
لقد نزلت تلك الآية عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ(1) ولَمْ يَنْزِل بَعْد هَذِهِ الْآيَة شَيْء مِنْ الْحَلَال وَالْحَرَام(2)
الحقيقة الثانية
لا يوجد ولن يوجد حدث أو فعل فى أى زمان، أو فى أى مكان، وليس له حكم فى القرآن والسنة.
إن حاجات الإنسان الإجتماعية والفسيولوجية، والبيولوجية ......؛ لم، ولن تتغير، لقد كانت موجودة فى عصر الرسول عليه السلام، وأحكمت الشريعة فقه هذه الحاجات، وسنت لها التشريعات؛ وربى جل وعلا يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، ورسولنا عليه السلام يقول: "قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ"(3)؛ فما هو الحدث أو الفعل الذى يمكن أن يوجد فى أى زمان، أو فى أى مكان، وليس له حكم فى القرآن والسنة؛ وما معنى قول القائل النصوص متناهية والأحداث غير متناهية؟
إن جميعُ الأفعال التي تقع فى الوجودِ لن تعدوا:
• أمرٌ من الله ورسوله، نفعل منه ما نستطيع؛ يقول عليه السلام "...وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (4) فمن ذا الذى يستطيع أن يفرض علينا فرضاً لم يفرضه الله ورسوله؛ ألم يقل سبحانه:{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } [الشورى: 21]، ألم يقل سبحانه: { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: 12]
• نهىٌ فَصَّلَهُ اللهُ سبحانه وتعالى، علينا اجتنابه، قال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119] ويقول عليه السلام "... فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ"(4) ؛فهل يمكن لبشر أن يحرم شيئاً لم يُفَصَّل لنا تحريمه؟
• وباقى ما فى الكون من أشياء وأحداث فعفوٌ من الله، مباحٌ لنا فعلُه وتركُه؛ بنص قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] وقوله تعالى:{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ } [لقمان: 20]
ويقول عليه السلام "... فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (4)
فيجب على المسلم أن يعرف الأوامر التى أمره الله بها ويفعل منها ما يستطيع، يقول عليه السلام: ".... وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ "
و يجب على المسلم أن ينتهى عمَّا فُصِّلَ له تحريمه، فقد وعدنا ربنا جلَّ وعلا بأن يُفَصِّل لنا المحرمات تفصيلاً لا لبس فيه فقال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام : 119] و يقول عليه السلام: " فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ "
وما عدا الأوامر وما فُصِّلَ لنا تحريمه فهو عفو مباح؛ يقول عليه السلام " ما أحل الله في كتابه فهو حلال و ما حرم فهو حرام و ما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}"(5)
الحقيقة الثالثة
الأمرُ بتبليغ أقوال الرسول عليه السلام عامٌّ لجميع المسلمين وليس حِكْراً على فئة معينة من المسلمين.
فالرسول عليه السلام فى حجة الوداع أَمَرَ عموم المسلمين، الجاهل والعالم، الصغير والكبير، الرجل والمرأة ".... فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ...."(6) وكان..... والتزم الصحابة رضى الله عنهم بهذا الأمر وبّلَّغُوا الغائبَ ؛ بلَّغوا الغائبَ عن المكان فى كافّة بقاع الأرض، وبلَّغوا الغائب عن الزمان؛ فبلَّغوا من بعدهم من الأجيال. يقول عليه السلام: ".... فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ..." (6)
ويقول عليه السلام: "تَسْمَعُونَ ويُسْمَعُ مِنْكُمْ ويُسْمَعُ مِمَّنْ يَسْمَعُ مِنْكُمْ"(7)
فكأن القضية إذن اتباع الأحاديث. هذا أمرُ اللهِ سبحانه وتعالى وأمر الرسولِ عليه السلام.
الحقيقة الرابعة
لقد أمرنا الله سبحانه باستعمال العقل والحواس؛ فقال تعالى: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ}[السجدة 9] وقال سبحانه وتعالى:{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ() وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ() وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:8-10]
لقد امْتَنَّ الله علينا بما أعطانا من العقل والحواس وذَمَّ سبحانه وتعالى من لم ينتفع بهما فقال تعالى:{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعاف 179]
وقال تعالى:{ وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك 10]
الحقيقة الخامسة
لا فرق بين أوامر القرآن وأوامر الرسول عليه السلام فى وجوب الطاعة، وكذلك لا فرق بين ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه وبين ما نهى عنه الرسول عليه السلام فى وجوب الطاعة.
يقول اللـه سبحنه وتعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32]
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) } [الأنفال: 20 - 22]
وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ(54) } [النور: 54]
وقال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ(33) } [محمد: 33]
وقال عز وجل} : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً}[الأحزاب:36].
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]
ويقول تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]
ويقول الله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }[النساء:80]؛ ولا خلاف في أنه لا فرق بين وجوب طاعة قولِ الله عز وجل: {وَأَقِيمُواْ الصَّـلاَةَ}[النور:56]، وبين وجوب طاعة الرسول عليه السلام في كيفية إقامة الصلاة.
ويقول عليه السلام:" ...... أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ"(8)
إن طاعة الرسول عليه السلام مطلقة، فما بال أقوام قَيَّدُوا تلك الطاعة بقيود ما أنزل الله بها من سلطان، فهل توجد آية، أو حديث صحيح يُقَيِّدُ تلك الطاعة؟
الحقيقة السادسة
أحاديث الآحاد و الحديث المتواتر فى مرتبة واحدة فى وجوب الطاعة.
فالقرآن لم يفرق بينهم، قال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة : 122] والطائفة تعنى الواحد أو أكثر فى لغة العرب(ملحق 1).
الحقيقة السابعة
لا اختلاف فى الشريعة
فليس في الفقه الإسلامى قولان مختلفان لشيئ واحد؛ بحيث يقول فقيه هذا حلال، ويقول فقيه آخر هذا حرام لنفس الشيئ؛ أو يقول أحدهما هذا فرض ويقول الآخر هذا ليس بفرض.
الحقيقة الثامنة
لم تنزل الأحكام دفعة واحدة ولكنها نزلت خلال 23 عاماً، وبالتالى لم تتغير عادات المسلمين فجأة؛ فالجميع ثابت على تقاليد المجتمع وأعرافه حتى يأتى حكم ينقله عمَّا كان عليه؛ كشرب الخمر(9) وعدم الوقوف بعرفة(10)
فالصحابى قد يروى ما شاهده من فعل الرسول عليه السلام قبل التشريع، وقد يروى صحابى آخر حكم الرسول عليه السلام بعد التشريع؛ فابن عباس يقول أنه شاهد الرسول عليه السلام يشرب واقفاً(12) وكذلك علىٌّ رضى الله عنه(13) وأَنَسٍ يروى عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا(14) ، و عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يقول أنه رأى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ"(15) وأبو أيوب يروى قول النبى عليه السلام " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا"(16)
وقد يذكر الصحابى حديث فيه حكم معين ويذكر صحابى آخر حديث فيه حكم زائد عمّا رواه الصحابى الأول.
فقد روى أبو سعيد الْخُدْرِيِّ حديث "إِنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ"(17) وهذا الحديث لم يذكر حكم الإكسال، فتروى السيدة عائشة حديث أعمّ من ذلك "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ"(18)
الرسول عليه السلام لم يجمع المسلمين كل يوم ليقص عليهم الأحكام؛ ولكنه عليه السلام يأمر بالشيئ أو ينهى عن شيئ فيسمعه من كان حاضراً من الصحابة؛ وبالتالى لم يعرف من لم يكن حاضراً هذا الأمر أو النهى فيظل على ما كان قبل تشريع هذا الحكم الجديد.
فقد يروى الصحابى حديث منسوخ لأنه لم يبلغه الناسخ، ويروى صحابى آخر الحديث المتأخر والذى فيه نسخ الحكم المتقدم.
وقد يروى عدد من الصحابة عدة أحاديث بأحكام مختلفة لنفس الشيئ.
دُوِّنَتْ السنةُ والحمد لله وبلَّغ الصحابة جميع الأحاديث، وحفظ ربنا جلَّ وعلا الذكر ووصلتنا جميع الأحاديث والحمد لله.
الحقيقة التاسعة
الصحابةُ رضى الله عنهم، والتابعون، وتابعو التابعين، و جميع الأئمة عليهم رضوان الله (قبل تدوين السنة) لا يعرفون جميع الأحكام ولا جميع الأحاديث.
فبعد أن من الله علينا ودونت السنة وحفظ الله لنا الذكر؛ فلا نأخذ بآراء الصحابة، ولا بأفعالهم، ولكن يجب ألّا نأخذ إلا بروايتهم عن الرسول عليه السلام، وكذلك لا نأخذ بآراء التابعين ولا الأئمة عليهم رضوان الله؛ ولكن نأخذ بما نقلوه الينا من نصوص القرآن وصحيح السنة.
إن الصحابة عليهم رضوان الله كانوا فى شغل دائم، وما كان يجلس مع الرسول عليه السلام إلا العدد القليل فى كل وقت؛ فما كان كل الصحابة يعرفون جميع الأحكام، ولا كل الأحاديث؛ وبعد موت الرسول عليه السلام تفرق الصحابة فى البلاد وأصبح فى كل بلد مجموعة من الأحاديث ليست موجودة فى البلد الآخر؛ وعليه لم يتمكن التابعون من معرفة جميع الأحاديث ، فلم تكن السنة مدونة فى تلك الآونة، فكان الصحابى أو التابعى أو العالم تعرض علية المسألة؛ فيبحث فى القرآن والسنة؛ فإن كان معه نصٌّ حكم به، وإن لم يجد سأل من كان فى بلدته، فإن لم يجد، اجتهد وقال برأيه، وليس فى وسعه أكثر من ذلك مع اليقين بأن هناك فى بلد آخر عند فقيه آخر يوجد حديث فى تلك القضية؛ هذا لوعد ربى جلَّ وعلا بحفظ الذكر {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] ويقول عليه السلام: "..... إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ.."(19)
الحقيقة العاشرة
كل صحابى أو تابعى أو فقية كان يضع لنفسه منهاج يَسِيرُ عليه، ولم تُناقش تلك المناهج، ولم يدونها العلماء؛ وأول من تنبه إلى هذا الإمام الشافعى رحمه الله؛ فكتب رسالته المشهورة فى أصول الفقه، وشرح فيها كيفية استخراج الأحكام عندما يعزّ على الفقيه الحديث الصحيح؛ ولطالما قال هو وباقى الأئمة رضى الله عنهم "إذا صح الحديث فهو مذهبى"(ملحق 2)
الحقيقة الحادية عشر
وبناءً على ماسبق؛ يجب علينا أن لا نُقِرّ الإختلاف
يقول الله سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء : 59]
نعم، نطيع أولى الأمر فيما اتفقوا عليه؛ فإن تنازعوا فى شيئ: إن اختلف أبو بكر وعمر رضى الله عنهما؛ إن اختلف ابن عمر وابن عباس رضى الله عنهم؛ إن اختلف مالك والشافعى رضى الله عنهما ؛ أقول: إن اختلف العلماء فقد فَرَضَ ربُّنا سبحانه وتعالى علينا أن نرجع إلى آيات القرآن وصحيح سنن الرسول عليه السلام.
إن كان هذا؛ فلابد أن يكون الرسول عليه السلام قد بيَّن لنا كيفية هذا الردّ حتى لا نختلف! فيجب البحث عن هذه الكيفية؛ فلو تركنا كل فقيه أو عالم يقرأ آيات القرآن والأحاديث ويفهمها بطريقته الخاصة حتى لو كانت تتفق مع أساليب العرب؛ لاختلفنا مرة أُخرى وليس هذا أَمْرُ ربِنا لنا، ولا وعدُ ربِنا لنا بأن يزول الاختلاف!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الملاحق
(ملحق 1)
الفرق بين الطائفة والجماعة
قال فى معجم الفروق اللغوية لأبى هلال الحسن العسكري (المتوفى: نحو 395ه): أن الطائفة في الاصل الجماعة التي من شأنها الطوف في البلاد للسفر ......... و الطائفة في الشريعة قد تكون إسما لواحد قال الله عزوجل " {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] ولا خلاف في أن إثنين إذا اقتتلا كان حكمهما هذا الحكم وروي في قوله عزوجل: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] أنه أراد واحدا وقال يجوز قبول الواحد بدلالة قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] أي ليحذروا فأوجب العمل في خبر الطائفة، وقد تكون الطائفة واحدا.أ.ه.
(ملحق 2)
أقوال الأئمة في وجوب اتِّباعِ السُّنَّةِ
وتَركِ أقوالِهم المخالفَةِ لَها
الإمام ابو حنيفة
قال ابن عابدين فى "الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (1/ 67)" ....وَنَظِيرُ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ بِيرِيّ فِي أَوَّلِ شَرْحِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ عَنْ شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ، وَنَصُّهُ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ وَكَانَ عَلَى خِلَافِ الْمَذْهَبِ عُمِلَ بِالْحَدِيثِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ وَلَا يَخْرُجُ مُقَلِّدُهُ عَنْ كَوْنِهِ حَنَفِيًّا بِالْعَمَلِ بِهِ، فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي. وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ. اهـ.
وفى كتاب الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر- (ص: 145) ".......سَمِعتُ ابا حنيفَة يَقُول لايحل لِمَنْ يُفْتِي مِنْ كُتُبِي أَنْ يُفْتِيَ حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ قُلْتُ"
الإمام مالك بن أنس رحمه الله.
قال ابن أبى حاتم فى كتابه الجرح والتعديل (1/ 31) فى باب ما ذكر من اتباع مالك لأثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزوعه عن فتواه عند ما حُدِّث عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه:" حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمِّي يَقُولُ سَمِعْتُ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، قَالَ فَتَرَكْتُهُ حَتَّى خَفَّ النَّاسُ فَقُلْتُ لَهُ: عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ سنة، فقال: وماهي؟ قلت حدثنا الليث ابن سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدَلِّكُ بِخِنْصَرِهِ مَا بَيْنَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ.فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حَسَنٌ، وَمَا سَمِعْتُ بِهِ قَطُّ إِلا السَّاعَةَ. ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يسأل فيأمر بتخليل الاصابع"
3- الشافعي رحمه الله:
وأما الإمام الشافعي رحمه الله؛ فالنقول عنه في ذلك كثرة:
يقول ابن حزم فى الإحكام في أصول الأحكام (6/ 118) "....هذا وهم يقرون أن الفقهاء الذين قلدوا مبطلون للتقليد وأنهم قد نهوا أصحابهم عن تقليدهم وكان أشدهم في ذلك الشافعي فإنه رحمه الله بلغ من التأكيد في اتباع صحاح الآثار والأخذ بما أوجبته الحجة حيث لم يبلغ غيره وتبرأ من يقلد جملة وأعلن بذلك نفعه الله به وأعظم أجره فلقد كان سببا إلى خير كثير"
قال النووى فى كتابه المجموع شرح المهذب (1/ 63):"صَحَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ إذَا وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِي خِلَافَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُولُوا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعُوا قَوْلِي: وَرُوِيَ عَنْهُ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ خِلَافَ قَوْلِي فَاعْمَلُوا بِالْحَدِيثِ وَاتْرُكُوا قَوْلِي أَوْ قَالَ فَهُوَ مَذْهَبِي وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ: وَقَدْ عَمِلَ بِهَذَا أَصْحَابُنَا فِي مَسْأَلَةِ التَّثْوِيبِ وَاشْتِرَاطِ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْرَامِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ ... .....وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا إذَا رَأَوْا مَسْأَلَةً فِيهَا حَدِيثٌ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ خِلَافُهُ عَمِلُوا بِالْحَدِيثِ وَأَفْتَوْا بِهِ قَائِلِينَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مَا وَافَقَ الْحَدِيثَ".
4- أحمد بن حنبل رحمه الله:
قال ابن القيم فى إعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 139):"وَقَدْ فَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَالِاتِّبَاعِ فَقَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعَتْهُ يَقُولُ: الِاتِّبَاعُ أَنْ يَتْبَعَ الرَّجُلُ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ هُوَ مِنْ بَعْدُ فِي التَّابِعِينَ مُخَيَّرٌ، وَقَالَ أَيْضًا: لَا تُقَلِّدْنِي وَلَا تُقَلِّدْ مَالِكًا وَلَا الثَّوْرِيَّ وَلَا الْأَوْزَاعِيَّ، وَخُذْ مِنْ حَيْثُ أَخَذُوا وَقَالَ: مِنْ قِلَّةِ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يُقَلِّدَ دِينَهُ الرِّجَالَ.
قال الفُلَّاني فى كتابه إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار (ص 99): "فَتعين على المتمسكين بمذاهبهم أَن يفتوا بِالْكتاب وَالسّنة وأقوال الْعلمَاء ليعلموا بذلك مَا هُوَ مَذْهَب لإمامهم وَمَا لَيْسَ مذهبا لإمامهم؛ خلاف مَا لهج بِهِ الْمُتَأَخّرُونَ من فُقَهَاء الْمذَاهب الْأَرْبَعَة من اقتصارهم على المختصرات الخالية عَن الدَّلِيل وإعراضهم كل الْإِعْرَاض عَن كتب الحَدِيث وَالْخلاف وأصول الحَدِيث وَالْفِقْه فهم على هَذَا اجهل النَّاس لمذاهب أئمتهم جهلا مركبا لِأَن الآراء الَّتِي يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا مَذَاهِب أئمتهم بَعْضهَا مُخَالف للْكتاب اَوْ السّنة أَو الْإِجْمَاع وَالْأَئِمَّة بريئون من كل مَا يُخَالف الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى مَا من أحد إِلَّا وَتذهب عَلَيْهِ سنة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتعزب عَنهُ وَقد جمع ابْن دَقِيق الْعِيد رَحمَه الله تَعَالَى الْمسَائِل الَّتِي خَالف مَذْهَب كل وَاحِد من الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة الحَدِيث الصَّحِيح انفرادا واجتماعا فِي مُجَلد ضخم وَذكر فِي أَوله أَن نِسْبَة هَذِه الْمسَائِل إِلَى الْأَئِمَّة الْمُجْتَهدين حرَام وَأَنه يجب على الْفُقَهَاء المقلدين لَهُم مَعْرفَتهَا لِئَلَّا يعزوها إِلَيْهِم فيكذبوا عَلَيْهِم هَكَذَا نَقله عَنهُ تِلْمِيذه الأدفوي نقلته من تذكرة الشَّيْخ عِيسَى الثعالبي الْجَعْفَرِي الجزائري منشأ الْمَكِّيّ وَفَاة رَحمَه الله تَعَالَى".
ولذلك كله كان أتباع الأئمة لا يأخذون بأقوال أئمتهم كلها؛ بل قد تركوا كثيراً منها لمَّا ظهر لهم مخالفتها للسنة:
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فى الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (1/ 447): "قلت فَهَل فِي الاسْتِسْقَاء صَلَاة قَالَ لَا صَلَاة فِي الاسْتِسْقَاء إِنَّمَا فِيهِ الدُّعَاء قلت وَلَا ترى بِأَن يجمع فِيهِ للصَّلَاة ويجهر الإِمَام بِالْقِرَاءَةِ قَالَ لَا أرى ذَلِك إِنَّمَا بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خرج فَدَعَا وبلغنا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه صعد الْمِنْبَر فَدَعَا واستسقى وَلم يبلغنَا فِي ذَلِك صَلَاة إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا شاذا لَا يُؤْخَذ بِهِ قلت فَهَل يسْتَحبّ أَن يقلب الإِمَام أَو أحد من الْقَوْم رِدَاءَهُ فِي ذَلِك قَالَ لَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن أرى أَن يُصَلِّي الإِمَام فِي الاسْتِسْقَاء نَحوا من صَلَاة الْعِيد يبْدَأ بِالصَّلَاةِ قبل الْخطْبَة وَلَا يكبر فِيهَا كَمَا يكبر فِي الْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُ بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلى فِي الاسْتِسْقَاء وبلغنا عَن ابْن عَبَّاس أَنه أَمر بذلك ويقلب رِدَاءَهُ فِي ذَلِك وَقَلبه أَن يَجْعَل الْجَانِب الْأَيْسَر على الْأَيْمن والأيمن على الْأَيْسَر وَإِنَّمَا تتبع فِي هَذِه السّنة والْآثَار الْمَعْرُوفَة وَلَيْسَ يجب ذَلِك على من خلف الإِمَام"
قال زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري (المتوفى: 970هـ) فى كتابه البحر الرائق شرح كنز الدقائق (17/ 359):فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ جَازَ لِلْمَشَايِخِ الْإِفْتَاءُ بِغَيْرِ قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مَعَ أَنَّهُمْ مُقَلِّدُونَ ؟ قُلْتُ : قَدْ أَشْكَلَ عَلَيَّ ذَلِكَ مُدَّةً طَوِيلَةً وَلَمْ أَرَ فِيهِ جَوَابًا إلَّا مَا فَهِمْته الْآنَ مِنْ كَلَامِهِمْ ، وَهُوَ أَنَّهُمْ نَقَلُوا عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَ بِقَوْلِنَا حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ قُلْنَا حَتَّى نُقِلَ فِي السِّرَاجِيَّةِ أَنَّ هَذَا سَبَبُ مُخَالَفَةِ عصام بن يوسف البَلْخي لِلْإِمَامِ ، وَكَانَ يُفْتِي بِخِلَافِ قَوْلِهِ كَثِيرًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ الدَّلِيلَ ، وَكَانَ يَظْهَرُ لَهُ دَلِيلٌ غَيْرُهُ فَيُفْتِيَ بِهِ "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأحــــــــــــــــاديث
(1)" عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا قَالَ أَيُّ آيَةٍ قَالَ: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا } قَالَ عُمَرُ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ" [البخاري: كِتَاب الْإِيمَانِ ؛ بَاب زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ]
(2)قال ابن جرير الطبرى فى تفسيره جامع البيان: (..............لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شيء من الفرائض، ولا تحليل شيء ولا تحريمه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعش بعد نزول هذه الآية إلا إحدى وثمانين ليلة.)
(2) وقال ابن حجر فى الفتح: .... وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَجَّة الْوَدَاع الَّتِي هِيَ آخِر عَهْد الْبَعْثَة حِين تَمَّتْ الشَّرِيعَة وَأَرْكَانهَا . وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ جَزَمَ السُّدِّيّ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْزِل بَعْد هَذِهِ الْآيَة شَيْء مِنْ الْحَلَال وَالْحَرَام .أ.ه.
(3) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ" [سنن ابن ماجه : كِتَاب الْمُقَدِّمَةِ ؛ بَاب اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ][ صحيح وضعيف سنن ابن ماجة : تحقيق الألباني : صحيح]
(4) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ [البخاري: كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَاب الِاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
(4) كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ" [مسلم: كِتَاب الْفَضَائِلِ؛ بَاب تَوْقِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْكِ إِكْثَارِ سُؤَالِهِ عَمَّا لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ وَمَا لَا يَقَعُ وَنَحْوِ ذَلِكَ]
(4)عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّمْنِ وَالْجُبْنِ وَالْفِرَاءِ قَالَ: "الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ" [سنن ابن ماجه: كِتَاب الْأَطْعِمَةِ؛بَاب أَكْلِ الْجُبْنِ وَالسَّمْنِ] [تحقيق الألباني :حسن؛ غاية المرام ( 2 و 3 ) ، المشكاة ( 4228 ) صحيح وضعيف سنن ابن ماجة (7/ 367)]
(4)عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ وَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلَالٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ وَتَلَا { قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ [سنن أبي داود: كِتَاب الْأَطْعِمَةِ؛ بَاب مَا لَمْ يُذْكَرْ تَحْرِيمُهُ] [تحقيق الألباني :صحيح الإسناد صحيح وضعيف سنن أبي داود (8/ 300)]
(4)«الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه» [تحقيق الألباني : حسن؛ غاية المرام 3195]

(4)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ [صحيح مسلم: كِتَاب الْحَجِّ ؛ بَاب فَرْضِ الْحَجِّ مَرَّةً فِي الْعُمُر]
(5)"ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] " . [السلسلة الصحيحة - مختصرة (5/ 325) 2256 - ( صحيح )]
(6)"عَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ أَلَا تَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ لِمَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ فَكَانَ كَذَلِكَ قَالَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ حُرِّقَ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ حِينَ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ أَشْرِفُوا عَلَى أَبِي بَكْرَةَ فَقَالُوا هَذَا أَبُو بَكْرَةَ يَرَاكَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَحَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَوْ دَخَلُوا عَلَيَّ مَا بَهَشْتُ بِقَصَبَةٍ [البخاري: كِتَاب الْفِتَنِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ]
(6) "عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ قُلْنَا بَلَى قَالَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ قُلْنَا بَلَى قَالَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" [البخاري: كِتَاب الْحَجِّ؛بَاب الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى]
(7) عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ وَيُسْمَعُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْكُمْ" [ سنن أبي داود: كِتَاب الْعِلْمِ؛ بَاب فَضْلِ نَشْرِ الْعِلْمِ] [صحيح وضعيف سنن أبي داود:تحقيق الألباني :صحيح]
(8)"عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ ‏"‏ يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ" [سنن ابن ماجه: كِتَاب الْمُقَدِّمَةِ ؛ بَاب تَعْظِيمِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ عَارَضَهُ][ صحيح وضعيف سنن ابن ماجة؛ تحقيق الألباني :صحيح][ ذكره السيوطى فى الجامع الصغير 3021 ورمز له بالصحة]
(9) عَنْ جَابِرٍ قَالَ صَبَّحَ أُنَاسٌ غَدَاةَ أُحُدٍ الْخَمْرَ فَقُتِلُوا مِنْ يَوْمِهِمْ جَمِيعًا شُهَدَاءَ وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا" [ البخاري: كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ؛ باب قَوْلِهِ { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ }]
قال ابن حجر فى فتح الباري: ذَكَرَ حَدِيث جَابِر فِي الَّذِينَ صَبَّحُوا الْخَمْر ثُمَّ قُتِلُوا بِأُحُدٍ وَذَلِكَ قَبْل تَحْرِيمهَا ، وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَة قَبْل التَّحْرِيم .
(10) عَنْ جُبَيْر بْن مُطْعِم قَالَ:" أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ فَقُلْتُ وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمِنْ الْحُمْسِ فَمَا شَأْنُهُ هَاهُنَا وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُعَدُّ مِنْ الْحُمْسِ[ مسلم: كِتَاب الْحَجِّ؛ بَاب فِي الْوُقُوفِ و قَوْله تَعَالَى { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ }] قَاْل النووى فى شرح مسلم : قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : كَانَ هَذَا فِي حَجّه قَبْل الْهِجْرَة ، وَكَانَ جُبَيْر حِينَئِذٍ كَافِرًا ، وَأَسْلَمَ يَوْم الْفَتْح ، وَقِيلَ يَوْم خَيْبَر ، فَتَعَجَّبَ مِنْ وُقُوف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ . وَاَللَّه أَعْلَم [مسلم: كِتَاب الْحَجِّ؛ بَاب فِي الْوُقُوفِ و قَوْله تَعَالَى: { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ }]
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ ثُمَّ يَقِفَ بِهَا ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ } [البخاري: كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ؛ بَاب { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ }]
(12) فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "شَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ" [البخاري: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ؛ بَاب الشُّرْبِ قَائِمًا]
(13) فعَنْ النَّزَّالِ قَالَ: " أَتَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى بَابِ الرَّحَبَةِ فَشَرِبَ قَائِمًا فَقَالَ إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهُوَ قَائِمٌ وَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ" [البخاري: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ؛ بَاب الشُّرْبِ قَائِمًا]
وعَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ " أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَرِبَهُ؛ زَادَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَلَى بَعِيرِهِ" [البخاري: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ؛ بَاب مَنْ شَرِبَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ]
(14) وعَنْ أَنَسٍ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا " [مسلم: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ؛ بَاب كَرَاهِيَةِ الشُّرْبِ قَائِمًا]
وعَنْ أَنَسٍ "عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا" قَالَ قَتَادَةُ فَقُلْنَا فَالْأَكْلُ فَقَالَ ذَاكَ أَشَرُّ أَوْ أَخْبَثُ [مسلم: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ؛ بَاب كَرَاهِيَةِ الشُّرْبِ قَائِمًا]
(15) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: "ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ حَفْصَةَ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ" [ البخاري: كِتَاب الْوُضُوءِ ؛ بَاب التَّبَرُّزِ فِي الْبُيُوتِ]
(16) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا" [البخاري: كِتَاب الْوُضُوءِ؛ بَاب لَا تُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ إِلَّا عِنْدَ الْبِنَاءِ جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِ]
(17) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " إِنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" [ مسلم: كِتَاب الْحَيْضِ؛ بَاب إِنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ]
(18) عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ رَهْطٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّونَ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إِلَّا مِنْ الدَّفْقِ أَوْ مِنْ الْمَاءِ وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ بَلْ إِذَا خَالَطَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى فَأَنَا أَشْفِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ فَقُمْتُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأُذِنَ لِي فَقُلْتُ لَهَا يَا أُمَّاهْ أَوْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ وَإِنِّي أَسْتَحْيِيكِ فَقَالَتْ لَا تَسْتَحْيِي أَنْ تَسْأَلَنِي عَمَّا كُنْتَ سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ قُلْتُ فَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ قَالَتْ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ" [ مسلم: كِتَاب الْحَيْضِ؛ بَاب نَسْخِ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ]
(19) "عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ" [ البخاري: كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَاب أَجْرِ الْحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ]

التوقيع


يقول إلهنا رُدُّوا إِلَىّ إذا اختلفتم
وقائلُهم يقولُ:أنا أختارُ إن كثر المقــول
فأىُّ الفريقين أشــــــــــــــــــــــــدُّ قرباً
من البيضـــــــــــــــــاءِ يترُكهـــا الرســـــــولُ
دكتور كامل محمد
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-04-2019, 09:31 PM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي


حقائق بين يدي البحث


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله القائل فى كتابه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ}، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أرسله ربنا جلَّ وعلا ليبين لنا ما أنزله الله الينا فقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } وصلى وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .
أما بعد:
فقد أَكْتمَلَ الدِين، فلا يوجد حدث أو فعل ليس له حكم فى القرآن والسنة، وأمرنا سبحانه بتبليغ هذا الدين.
لقد أمرنا الله سبحانه باستعمال العقل والحواس، فلم نجد فرق بين أوامر القرآن وأوامر الرسول عليه السلام، فطاعة الرسول عليه السلام مطلقة ولا يستطيع بشر مهما كان أن يقيد ما أطلقه ربى سبحانه وتعالى، وأيضاً أحاديث رسولنا عليه السلام فى مرتبة واحدة فلا فرق بين أحاديث الآحاد و الحديث المتواتر لأمره سبحانه لنا بقبول نذارة النافر للتفقه فى الدين.
لا اختلاف فى الشريعة، فالأحكام لم تنزل دفعة واحدة، والصحابةُ والتابعون وتابعو التابعين لا يعرفون جميع الأحكام ولا جميع الأحاديث، فاجتهدوا وقالوا بالرأى عندما لا يجدوا حديث فى المسألة، فكان كل صحابى أو تابعى أو فقية يضع لنفسه منهاج يَسِيرُ عليه، ولم تناقش أو تدرس تلك المناهج، فاختلفوا ولكن قد من الله علينا بتدوين السنة وتحقق وعد ربى بحفظ الذكر؛ فيجب علينا أن لا نُقِرّ الإختلاف.
وإن شاء ربى سوف تناقش تلك الحقائق فى الفصول الآتية:
(1) لقد أَكْمَلَ الله سبحانه وتَعَالَى لنا الدِين.
(2) لا يوجد حدث أو فعل ليس له حكم فى القرآن والسنة.
(3) الأمرُ بتبليغ أقوال الرسول عليه السلام عامٌّ لجميع المسلمين.
(4) لقد أمرنا الله سبحانه باستعمال العقل والحواس.
(5) لا فرق بين أوامر القرآن وأوامر الرسول عليه السلام.
(6) أحاديث الآحاد و الحديث المتواتر فى مرتبة واحدة.
(7) لا اختلاف فى الشريعة.
(8) لم تنزل الأحكام دفعة واحدة.
(9) الصحابةُ والتابعون وتابعو التابعين لا يعرفون جميع الأحكام ولا جميع الأحاديث.
(10) كل صحابى أو تابعى أو فقية كان يضع لنفسه منهاج يَسِيرُ عليه.
(11) يجب علينا أن لا نُقِرّ الإختلاف.

الحقيقة الأولى
لقد أَكْمَلَ اللهُ سبحانه وتَعَالَى لنا الدِين؛فلا زيادة عليه ولا نقصان على ما أكمله ربى سبحانه وتعالى.
قال الله سبحانه وتعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } [المائدة : 3]
لقد نزلت تلك الآية عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ(1) ولَمْ يَنْزِل بَعْد هَذِهِ الْآيَة شَيْء مِنْ الْحَلَال وَالْحَرَام(2)
الحقيقة الثانية
لا يوجد ولن يوجد حدث أو فعل فى أى زمان، أو فى أى مكان، وليس له حكم فى القرآن والسنة.
إن حاجات الإنسان الإجتماعية والفسيولوجية، والبيولوجية ......؛ لم، ولن تتغير، لقد كانت موجودة فى عصر الرسول عليه السلام، وأحكمت الشريعة فقه هذه الحاجات، وسنت لها التشريعات؛ وربى جل وعلا يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، ورسولنا عليه السلام يقول: "قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ"(3)؛ فما هو الحدث أو الفعل الذى يمكن أن يوجد فى أى زمان، أو فى أى مكان، وليس له حكم فى القرآن والسنة؛ وما معنى قول القائل النصوص متناهية والأحداث غير متناهية؟
إن جميعُ الأفعال التي تقع فى الوجودِ لن تعدوا:
• أمرٌ من الله ورسوله، نفعل منه ما نستطيع؛ يقول عليه السلام "...وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (4) فمن ذا الذى يستطيع أن يفرض علينا فرضاً لم يفرضه الله ورسوله؛ ألم يقل سبحانه:{ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } [الشورى: 21]، ألم يقل سبحانه: { وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: 12]
• نهىٌ فَصَّلَهُ اللهُ سبحانه وتعالى، علينا اجتنابه، قال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119] ويقول عليه السلام "... فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ"(4) ؛فهل يمكن لبشر أن يحرم شيئاً لم يُفَصَّل لنا تحريمه؟
• وباقى ما فى الكون من أشياء وأحداث فعفوٌ من الله، مباحٌ لنا فعلُه وتركُه؛ بنص قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] وقوله تعالى:{أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ } [لقمان: 20]
ويقول عليه السلام "... فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" (4)
فيجب على المسلم أن يعرف الأوامر التى أمره الله بها ويفعل منها ما يستطيع، يقول عليه السلام: ".... وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ "
و يجب على المسلم أن ينتهى عمَّا فُصِّلَ له تحريمه، فقد وعدنا ربنا جلَّ وعلا بأن يُفَصِّل لنا المحرمات تفصيلاً لا لبس فيه فقال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام : 119] و يقول عليه السلام: " فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ "
وما عدا الأوامر وما فُصِّلَ لنا تحريمه فهو عفو مباح؛ يقول عليه السلام " ما أحل الله في كتابه فهو حلال و ما حرم فهو حرام و ما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}"(5)
الحقيقة الثالثة
الأمرُ بتبليغ أقوال الرسول عليه السلام عامٌّ لجميع المسلمين وليس حِكْراً على فئة معينة من المسلمين.
فالرسول عليه السلام فى حجة الوداع أَمَرَ عموم المسلمين، الجاهل والعالم، الصغير والكبير، الرجل والمرأة ".... فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ...."(6) وكان..... والتزم الصحابة رضى الله عنهم بهذا الأمر وبّلَّغُوا الغائبَ ؛ بلَّغوا الغائبَ عن المكان فى كافّة بقاع الأرض، وبلَّغوا الغائب عن الزمان؛ فبلَّغوا من بعدهم من الأجيال. يقول عليه السلام: ".... فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ..." (6)
ويقول عليه السلام: "تَسْمَعُونَ ويُسْمَعُ مِنْكُمْ ويُسْمَعُ مِمَّنْ يَسْمَعُ مِنْكُمْ"(7)
فكأن القضية إذن اتباع الأحاديث. هذا أمرُ اللهِ سبحانه وتعالى وأمر الرسولِ عليه السلام.
الحقيقة الرابعة
لقد أمرنا الله سبحانه باستعمال العقل والحواس؛ فقال تعالى: {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ}[السجدة 9] وقال سبحانه وتعالى:{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ() وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ() وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:8-10]
لقد امْتَنَّ الله علينا بما أعطانا من العقل والحواس وذَمَّ سبحانه وتعالى من لم ينتفع بهما فقال تعالى:{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعاف 179]
وقال تعالى:{ وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك 10]
الحقيقة الخامسة
لا فرق بين أوامر القرآن وأوامر الرسول عليه السلام فى وجوب الطاعة، وكذلك لا فرق بين ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه وبين ما نهى عنه الرسول عليه السلام فى وجوب الطاعة.
يقول اللـه سبحنه وتعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32]
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21) } [الأنفال: 20 - 22]
وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ(54) } [النور: 54]
وقال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ(33) } [محمد: 33]
وقال عز وجل} : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً}[الأحزاب:36].
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]
ويقول تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]
ويقول الله تعالى: {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }[النساء:80]؛ ولا خلاف في أنه لا فرق بين وجوب طاعة قولِ الله عز وجل: {وَأَقِيمُواْ الصَّـلاَةَ}[النور:56]، وبين وجوب طاعة الرسول عليه السلام في كيفية إقامة الصلاة.
ويقول عليه السلام:" ...... أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ"(8)
إن طاعة الرسول عليه السلام مطلقة، فما بال أقوام قَيَّدُوا تلك الطاعة بقيود ما أنزل الله بها من سلطان، فهل توجد آية، أو حديث صحيح يُقَيِّدُ تلك الطاعة؟
الحقيقة السادسة
أحاديث الآحاد و الحديث المتواتر فى مرتبة واحدة فى وجوب الطاعة.
فالقرآن لم يفرق بينهم، قال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة : 122] والطائفة تعنى الواحد أو أكثر فى لغة العرب(ملحق 1).
الحقيقة السابعة
لا اختلاف فى الشريعة
فليس في الفقه الإسلامى قولان مختلفان لشيئ واحد؛ بحيث يقول فقيه هذا حلال، ويقول فقيه آخر هذا حرام لنفس الشيئ؛ أو يقول أحدهما هذا فرض ويقول الآخر هذا ليس بفرض.
الحقيقة الثامنة
لم تنزل الأحكام دفعة واحدة ولكنها نزلت خلال 23 عاماً، وبالتالى لم تتغير عادات المسلمين فجأة؛ فالجميع ثابت على تقاليد المجتمع وأعرافه حتى يأتى حكم ينقله عمَّا كان عليه؛ كشرب الخمر(9) وعدم الوقوف بعرفة(10)
فالصحابى قد يروى ما شاهده من فعل الرسول عليه السلام قبل التشريع، وقد يروى صحابى آخر حكم الرسول عليه السلام بعد التشريع؛ فابن عباس يقول أنه شاهد الرسول عليه السلام يشرب واقفاً(12) وكذلك علىٌّ رضى الله عنه(13) وأَنَسٍ يروى عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا(14) ، و عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يقول أنه رأى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ"(15) وأبو أيوب يروى قول النبى عليه السلام " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا"(16)
وقد يذكر الصحابى حديث فيه حكم معين ويذكر صحابى آخر حديث فيه حكم زائد عمّا رواه الصحابى الأول.
فقد روى أبو سعيد الْخُدْرِيِّ حديث "إِنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ"(17) وهذا الحديث لم يذكر حكم الإكسال، فتروى السيدة عائشة حديث أعمّ من ذلك "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ"(18)
الرسول عليه السلام لم يجمع المسلمين كل يوم ليقص عليهم الأحكام؛ ولكنه عليه السلام يأمر بالشيئ أو ينهى عن شيئ فيسمعه من كان حاضراً من الصحابة؛ وبالتالى لم يعرف من لم يكن حاضراً هذا الأمر أو النهى فيظل على ما كان قبل تشريع هذا الحكم الجديد.
فقد يروى الصحابى حديث منسوخ لأنه لم يبلغه الناسخ، ويروى صحابى آخر الحديث المتأخر والذى فيه نسخ الحكم المتقدم.
وقد يروى عدد من الصحابة عدة أحاديث بأحكام مختلفة لنفس الشيئ.
دُوِّنَتْ السنةُ والحمد لله وبلَّغ الصحابة جميع الأحاديث، وحفظ ربنا جلَّ وعلا الذكر ووصلتنا جميع الأحاديث والحمد لله.
الحقيقة التاسعة
الصحابةُ رضى الله عنهم، والتابعون، وتابعو التابعين، و جميع الأئمة عليهم رضوان الله (قبل تدوين السنة) لا يعرفون جميع الأحكام ولا جميع الأحاديث.
فبعد أن من الله علينا ودونت السنة وحفظ الله لنا الذكر؛ فلا نأخذ بآراء الصحابة، ولا بأفعالهم، ولكن يجب ألّا نأخذ إلا بروايتهم عن الرسول عليه السلام، وكذلك لا نأخذ بآراء التابعين ولا الأئمة عليهم رضوان الله؛ ولكن نأخذ بما نقلوه الينا من نصوص القرآن وصحيح السنة.
إن الصحابة عليهم رضوان الله كانوا فى شغل دائم، وما كان يجلس مع الرسول عليه السلام إلا العدد القليل فى كل وقت؛ فما كان كل الصحابة يعرفون جميع الأحكام، ولا كل الأحاديث؛ وبعد موت الرسول عليه السلام تفرق الصحابة فى البلاد وأصبح فى كل بلد مجموعة من الأحاديث ليست موجودة فى البلد الآخر؛ وعليه لم يتمكن التابعون من معرفة جميع الأحاديث ، فلم تكن السنة مدونة فى تلك الآونة، فكان الصحابى أو التابعى أو العالم تعرض علية المسألة؛ فيبحث فى القرآن والسنة؛ فإن كان معه نصٌّ حكم به، وإن لم يجد سأل من كان فى بلدته، فإن لم يجد، اجتهد وقال برأيه، وليس فى وسعه أكثر من ذلك مع اليقين بأن هناك فى بلد آخر عند فقيه آخر يوجد حديث فى تلك القضية؛ هذا لوعد ربى جلَّ وعلا بحفظ الذكر {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] ويقول عليه السلام: "..... إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ.."(19)
الحقيقة العاشرة
كل صحابى أو تابعى أو فقية كان يضع لنفسه منهاج يَسِيرُ عليه، ولم تُناقش تلك المناهج، ولم يدونها العلماء؛ وأول من تنبه إلى هذا الإمام الشافعى رحمه الله؛ فكتب رسالته المشهورة فى أصول الفقه، وشرح فيها كيفية استخراج الأحكام عندما يعزّ على الفقيه الحديث الصحيح؛ ولطالما قال هو وباقى الأئمة رضى الله عنهم "إذا صح الحديث فهو مذهبى"(ملحق 2)
الحقيقة الحادية عشر
وبناءً على ماسبق؛ يجب علينا أن لا نُقِرّ الإختلاف
يقول الله سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء : 59]
نعم، نطيع أولى الأمر فيما اتفقوا عليه؛ فإن تنازعوا فى شيئ: إن اختلف أبو بكر وعمر رضى الله عنهما؛ إن اختلف ابن عمر وابن عباس رضى الله عنهم؛ إن اختلف مالك والشافعى رضى الله عنهما ؛ أقول: إن اختلف العلماء فقد فَرَضَ ربُّنا سبحانه وتعالى علينا أن نرجع إلى آيات القرآن وصحيح سنن الرسول عليه السلام.
إن كان هذا؛ فلابد أن يكون الرسول عليه السلام قد بيَّن لنا كيفية هذا الردّ حتى لا نختلف! فيجب البحث عن هذه الكيفية؛ فلو تركنا كل فقيه أو عالم يقرأ آيات القرآن والأحاديث ويفهمها بطريقته الخاصة حتى لو كانت تتفق مع أساليب العرب؛ لاختلفنا مرة أُخرى وليس هذا أَمْرُ ربِنا لنا، ولا وعدُ ربِنا لنا بأن يزول الاختلاف!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
الملاحق
(ملحق 1)
الفرق بين الطائفة والجماعة
قال فى معجم الفروق اللغوية لأبى هلال الحسن العسكري (المتوفى: نحو 395ه): أن الطائفة في الاصل الجماعة التي من شأنها الطوف في البلاد للسفر ......... و الطائفة في الشريعة قد تكون إسما لواحد قال الله عزوجل " {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] ولا خلاف في أن إثنين إذا اقتتلا كان حكمهما هذا الحكم وروي في قوله عزوجل: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] أنه أراد واحدا وقال يجوز قبول الواحد بدلالة قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] أي ليحذروا فأوجب العمل في خبر الطائفة، وقد تكون الطائفة واحدا.أ.ه.
(ملحق 2)
أقوال الأئمة في وجوب اتِّباعِ السُّنَّةِ
وتَركِ أقوالِهم المخالفَةِ لَها
الإمام ابو حنيفة
قال ابن عابدين فى "الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (1/ 67)" ....وَنَظِيرُ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ بِيرِيّ فِي أَوَّلِ شَرْحِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ عَنْ شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ، وَنَصُّهُ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ وَكَانَ عَلَى خِلَافِ الْمَذْهَبِ عُمِلَ بِالْحَدِيثِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ وَلَا يَخْرُجُ مُقَلِّدُهُ عَنْ كَوْنِهِ حَنَفِيًّا بِالْعَمَلِ بِهِ، فَقَدْ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي. وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ. اهـ.
وفى كتاب الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء لابن عبد البر- (ص: 145) ".......سَمِعتُ ابا حنيفَة يَقُول لايحل لِمَنْ يُفْتِي مِنْ كُتُبِي أَنْ يُفْتِيَ حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ قُلْتُ"
الإمام مالك بن أنس رحمه الله.
قال ابن أبى حاتم فى كتابه الجرح والتعديل (1/ 31) فى باب ما ذكر من اتباع مالك لأثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزوعه عن فتواه عند ما حُدِّث عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه:" حدثنا عبد الرحمن نا أحمد بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمِّي يَقُولُ سَمِعْتُ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ تَخْلِيلِ أَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ فَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ، قَالَ فَتَرَكْتُهُ حَتَّى خَفَّ النَّاسُ فَقُلْتُ لَهُ: عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ سنة، فقال: وماهي؟ قلت حدثنا الليث ابن سَعْدٍ وَابْنُ لَهِيعَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو الْمَعَافِرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدَلِّكُ بِخِنْصَرِهِ مَا بَيْنَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ.فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ حَسَنٌ، وَمَا سَمِعْتُ بِهِ قَطُّ إِلا السَّاعَةَ. ثُمَّ سَمِعْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ يسأل فيأمر بتخليل الاصابع"
3- الشافعي رحمه الله:
وأما الإمام الشافعي رحمه الله؛ فالنقول عنه في ذلك كثرة:
يقول ابن حزم فى الإحكام في أصول الأحكام (6/ 118) "....هذا وهم يقرون أن الفقهاء الذين قلدوا مبطلون للتقليد وأنهم قد نهوا أصحابهم عن تقليدهم وكان أشدهم في ذلك الشافعي فإنه رحمه الله بلغ من التأكيد في اتباع صحاح الآثار والأخذ بما أوجبته الحجة حيث لم يبلغ غيره وتبرأ من يقلد جملة وأعلن بذلك نفعه الله به وأعظم أجره فلقد كان سببا إلى خير كثير"
قال النووى فى كتابه المجموع شرح المهذب (1/ 63):"صَحَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ إذَا وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِي خِلَافَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُولُوا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعُوا قَوْلِي: وَرُوِيَ عَنْهُ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ خِلَافَ قَوْلِي فَاعْمَلُوا بِالْحَدِيثِ وَاتْرُكُوا قَوْلِي أَوْ قَالَ فَهُوَ مَذْهَبِي وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ: وَقَدْ عَمِلَ بِهَذَا أَصْحَابُنَا فِي مَسْأَلَةِ التَّثْوِيبِ وَاشْتِرَاطِ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْرَامِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ ... .....وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا إذَا رَأَوْا مَسْأَلَةً فِيهَا حَدِيثٌ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ خِلَافُهُ عَمِلُوا بِالْحَدِيثِ وَأَفْتَوْا بِهِ قَائِلِينَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مَا وَافَقَ الْحَدِيثَ".
4- أحمد بن حنبل رحمه الله:
قال ابن القيم فى إعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 139):"وَقَدْ فَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَ التَّقْلِيدِ وَالِاتِّبَاعِ فَقَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعَتْهُ يَقُولُ: الِاتِّبَاعُ أَنْ يَتْبَعَ الرَّجُلُ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ هُوَ مِنْ بَعْدُ فِي التَّابِعِينَ مُخَيَّرٌ، وَقَالَ أَيْضًا: لَا تُقَلِّدْنِي وَلَا تُقَلِّدْ مَالِكًا وَلَا الثَّوْرِيَّ وَلَا الْأَوْزَاعِيَّ، وَخُذْ مِنْ حَيْثُ أَخَذُوا وَقَالَ: مِنْ قِلَّةِ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يُقَلِّدَ دِينَهُ الرِّجَالَ.
قال الفُلَّاني فى كتابه إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار (ص 99): "فَتعين على المتمسكين بمذاهبهم أَن يفتوا بِالْكتاب وَالسّنة وأقوال الْعلمَاء ليعلموا بذلك مَا هُوَ مَذْهَب لإمامهم وَمَا لَيْسَ مذهبا لإمامهم؛ خلاف مَا لهج بِهِ الْمُتَأَخّرُونَ من فُقَهَاء الْمذَاهب الْأَرْبَعَة من اقتصارهم على المختصرات الخالية عَن الدَّلِيل وإعراضهم كل الْإِعْرَاض عَن كتب الحَدِيث وَالْخلاف وأصول الحَدِيث وَالْفِقْه فهم على هَذَا اجهل النَّاس لمذاهب أئمتهم جهلا مركبا لِأَن الآراء الَّتِي يَعْتَقِدُونَ أَنَّهَا مَذَاهِب أئمتهم بَعْضهَا مُخَالف للْكتاب اَوْ السّنة أَو الْإِجْمَاع وَالْأَئِمَّة بريئون من كل مَا يُخَالف الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى مَا من أحد إِلَّا وَتذهب عَلَيْهِ سنة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتعزب عَنهُ وَقد جمع ابْن دَقِيق الْعِيد رَحمَه الله تَعَالَى الْمسَائِل الَّتِي خَالف مَذْهَب كل وَاحِد من الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة الحَدِيث الصَّحِيح انفرادا واجتماعا فِي مُجَلد ضخم وَذكر فِي أَوله أَن نِسْبَة هَذِه الْمسَائِل إِلَى الْأَئِمَّة الْمُجْتَهدين حرَام وَأَنه يجب على الْفُقَهَاء المقلدين لَهُم مَعْرفَتهَا لِئَلَّا يعزوها إِلَيْهِم فيكذبوا عَلَيْهِم هَكَذَا نَقله عَنهُ تِلْمِيذه الأدفوي نقلته من تذكرة الشَّيْخ عِيسَى الثعالبي الْجَعْفَرِي الجزائري منشأ الْمَكِّيّ وَفَاة رَحمَه الله تَعَالَى".
ولذلك كله كان أتباع الأئمة لا يأخذون بأقوال أئمتهم كلها؛ بل قد تركوا كثيراً منها لمَّا ظهر لهم مخالفتها للسنة:
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فى الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (1/ 447): "قلت فَهَل فِي الاسْتِسْقَاء صَلَاة قَالَ لَا صَلَاة فِي الاسْتِسْقَاء إِنَّمَا فِيهِ الدُّعَاء قلت وَلَا ترى بِأَن يجمع فِيهِ للصَّلَاة ويجهر الإِمَام بِالْقِرَاءَةِ قَالَ لَا أرى ذَلِك إِنَّمَا بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه خرج فَدَعَا وبلغنا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه صعد الْمِنْبَر فَدَعَا واستسقى وَلم يبلغنَا فِي ذَلِك صَلَاة إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا شاذا لَا يُؤْخَذ بِهِ قلت فَهَل يسْتَحبّ أَن يقلب الإِمَام أَو أحد من الْقَوْم رِدَاءَهُ فِي ذَلِك قَالَ لَا وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَقَالَ مُحَمَّد بن الْحسن أرى أَن يُصَلِّي الإِمَام فِي الاسْتِسْقَاء نَحوا من صَلَاة الْعِيد يبْدَأ بِالصَّلَاةِ قبل الْخطْبَة وَلَا يكبر فِيهَا كَمَا يكبر فِي الْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُ بلغنَا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه صلى فِي الاسْتِسْقَاء وبلغنا عَن ابْن عَبَّاس أَنه أَمر بذلك ويقلب رِدَاءَهُ فِي ذَلِك وَقَلبه أَن يَجْعَل الْجَانِب الْأَيْسَر على الْأَيْمن والأيمن على الْأَيْسَر وَإِنَّمَا تتبع فِي هَذِه السّنة والْآثَار الْمَعْرُوفَة وَلَيْسَ يجب ذَلِك على من خلف الإِمَام"
قال زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري (المتوفى: 970هـ) فى كتابه البحر الرائق شرح كنز الدقائق (17/ 359):فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ جَازَ لِلْمَشَايِخِ الْإِفْتَاءُ بِغَيْرِ قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ مَعَ أَنَّهُمْ مُقَلِّدُونَ ؟ قُلْتُ : قَدْ أَشْكَلَ عَلَيَّ ذَلِكَ مُدَّةً طَوِيلَةً وَلَمْ أَرَ فِيهِ جَوَابًا إلَّا مَا فَهِمْته الْآنَ مِنْ كَلَامِهِمْ ، وَهُوَ أَنَّهُمْ نَقَلُوا عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَ بِقَوْلِنَا حَتَّى يَعْلَمَ مِنْ أَيْنَ قُلْنَا حَتَّى نُقِلَ فِي السِّرَاجِيَّةِ أَنَّ هَذَا سَبَبُ مُخَالَفَةِ عصام بن يوسف البَلْخي لِلْإِمَامِ ، وَكَانَ يُفْتِي بِخِلَافِ قَوْلِهِ كَثِيرًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ الدَّلِيلَ ، وَكَانَ يَظْهَرُ لَهُ دَلِيلٌ غَيْرُهُ فَيُفْتِيَ بِهِ "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأحــــــــــــــــاديث
(1)" عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا قَالَ أَيُّ آيَةٍ قَالَ: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا } قَالَ عُمَرُ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ" [البخاري: كِتَاب الْإِيمَانِ ؛ بَاب زِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَنُقْصَانِهِ]
(2)قال ابن جرير الطبرى فى تفسيره جامع البيان: (..............لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شيء من الفرائض، ولا تحليل شيء ولا تحريمه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعش بعد نزول هذه الآية إلا إحدى وثمانين ليلة.)
(2) وقال ابن حجر فى الفتح: .... وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَجَّة الْوَدَاع الَّتِي هِيَ آخِر عَهْد الْبَعْثَة حِين تَمَّتْ الشَّرِيعَة وَأَرْكَانهَا . وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ جَزَمَ السُّدِّيّ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْزِل بَعْد هَذِهِ الْآيَة شَيْء مِنْ الْحَلَال وَالْحَرَام .أ.ه.
(3) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ" [سنن ابن ماجه : كِتَاب الْمُقَدِّمَةِ ؛ بَاب اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ][ صحيح وضعيف سنن ابن ماجة : تحقيق الألباني : صحيح]
(4) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ [البخاري: كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَاب الِاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]
(4) كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ" [مسلم: كِتَاب الْفَضَائِلِ؛ بَاب تَوْقِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْكِ إِكْثَارِ سُؤَالِهِ عَمَّا لَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ وَمَا لَا يَقَعُ وَنَحْوِ ذَلِكَ]
(4)عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّمْنِ وَالْجُبْنِ وَالْفِرَاءِ قَالَ: "الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ" [سنن ابن ماجه: كِتَاب الْأَطْعِمَةِ؛بَاب أَكْلِ الْجُبْنِ وَالسَّمْنِ] [تحقيق الألباني :حسن؛ غاية المرام ( 2 و 3 ) ، المشكاة ( 4228 ) صحيح وضعيف سنن ابن ماجة (7/ 367)]
(4)عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ وَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلَالٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ وَتَلَا { قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ [سنن أبي داود: كِتَاب الْأَطْعِمَةِ؛ بَاب مَا لَمْ يُذْكَرْ تَحْرِيمُهُ] [تحقيق الألباني :صحيح الإسناد صحيح وضعيف سنن أبي داود (8/ 300)]
(4)«الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا عنه» [تحقيق الألباني : حسن؛ غاية المرام 3195]

(4)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ [صحيح مسلم: كِتَاب الْحَجِّ ؛ بَاب فَرْضِ الْحَجِّ مَرَّةً فِي الْعُمُر]
(5)"ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] " . [السلسلة الصحيحة - مختصرة (5/ 325) 2256 - ( صحيح )]
(6)"عَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ أَلَا تَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ لِمَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ فَكَانَ كَذَلِكَ قَالَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ حُرِّقَ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ حِينَ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ أَشْرِفُوا عَلَى أَبِي بَكْرَةَ فَقَالُوا هَذَا أَبُو بَكْرَةَ يَرَاكَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَحَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَوْ دَخَلُوا عَلَيَّ مَا بَهَشْتُ بِقَصَبَةٍ [البخاري: كِتَاب الْفِتَنِ؛ بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ]
(6) "عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ قُلْنَا بَلَى قَالَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ أَلَيْسَ ذُو الْحَجَّةِ قُلْنَا بَلَى قَالَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" [البخاري: كِتَاب الْحَجِّ؛بَاب الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى]
(7) عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَسْمَعُونَ وَيُسْمَعُ مِنْكُمْ وَيُسْمَعُ مِمَّنْ سَمِعَ مِنْكُمْ" [ سنن أبي داود: كِتَاب الْعِلْمِ؛ بَاب فَضْلِ نَشْرِ الْعِلْمِ] [صحيح وضعيف سنن أبي داود:تحقيق الألباني :صحيح]
(8)"عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ ‏"‏ يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلاَ وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ" [سنن ابن ماجه: كِتَاب الْمُقَدِّمَةِ ؛ بَاب تَعْظِيمِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ عَارَضَهُ][ صحيح وضعيف سنن ابن ماجة؛ تحقيق الألباني :صحيح][ ذكره السيوطى فى الجامع الصغير 3021 ورمز له بالصحة]
(9) عَنْ جَابِرٍ قَالَ صَبَّحَ أُنَاسٌ غَدَاةَ أُحُدٍ الْخَمْرَ فَقُتِلُوا مِنْ يَوْمِهِمْ جَمِيعًا شُهَدَاءَ وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا" [ البخاري: كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ؛ باب قَوْلِهِ { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ }]
قال ابن حجر فى فتح الباري: ذَكَرَ حَدِيث جَابِر فِي الَّذِينَ صَبَّحُوا الْخَمْر ثُمَّ قُتِلُوا بِأُحُدٍ وَذَلِكَ قَبْل تَحْرِيمهَا ، وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَة قَبْل التَّحْرِيم .
(10) عَنْ جُبَيْر بْن مُطْعِم قَالَ:" أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ فَقُلْتُ وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمِنْ الْحُمْسِ فَمَا شَأْنُهُ هَاهُنَا وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُعَدُّ مِنْ الْحُمْسِ[ مسلم: كِتَاب الْحَجِّ؛ بَاب فِي الْوُقُوفِ و قَوْله تَعَالَى { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ }] قَاْل النووى فى شرح مسلم : قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : كَانَ هَذَا فِي حَجّه قَبْل الْهِجْرَة ، وَكَانَ جُبَيْر حِينَئِذٍ كَافِرًا ، وَأَسْلَمَ يَوْم الْفَتْح ، وَقِيلَ يَوْم خَيْبَر ، فَتَعَجَّبَ مِنْ وُقُوف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ . وَاَللَّه أَعْلَم [مسلم: كِتَاب الْحَجِّ؛ بَاب فِي الْوُقُوفِ و قَوْله تَعَالَى: { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ }]
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْحُمْسَ وَكَانَ سَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ ثُمَّ يَقِفَ بِهَا ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ } [البخاري: كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ؛ بَاب { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ }]
(12) فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "شَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ" [البخاري: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ؛ بَاب الشُّرْبِ قَائِمًا]
(13) فعَنْ النَّزَّالِ قَالَ: " أَتَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى بَابِ الرَّحَبَةِ فَشَرِبَ قَائِمًا فَقَالَ إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهُوَ قَائِمٌ وَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ" [البخاري: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ؛ بَاب الشُّرْبِ قَائِمًا]
وعَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ " أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَرِبَهُ؛ زَادَ مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَلَى بَعِيرِهِ" [البخاري: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ؛ بَاب مَنْ شَرِبَ وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ]
(14) وعَنْ أَنَسٍ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا " [مسلم: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ؛ بَاب كَرَاهِيَةِ الشُّرْبِ قَائِمًا]
وعَنْ أَنَسٍ "عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ قَائِمًا" قَالَ قَتَادَةُ فَقُلْنَا فَالْأَكْلُ فَقَالَ ذَاكَ أَشَرُّ أَوْ أَخْبَثُ [مسلم: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ؛ بَاب كَرَاهِيَةِ الشُّرْبِ قَائِمًا]
(15) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: "ارْتَقَيْتُ فَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ حَفْصَةَ لِبَعْضِ حَاجَتِي فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْضِي حَاجَتَهُ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ مُسْتَقْبِلَ الشَّأْمِ" [ البخاري: كِتَاب الْوُضُوءِ ؛ بَاب التَّبَرُّزِ فِي الْبُيُوتِ]
(16) عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلَا يَسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا" [البخاري: كِتَاب الْوُضُوءِ؛ بَاب لَا تُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ إِلَّا عِنْدَ الْبِنَاءِ جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِ]
(17) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " إِنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" [ مسلم: كِتَاب الْحَيْضِ؛ بَاب إِنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ]
(18) عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ رَهْطٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّونَ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إِلَّا مِنْ الدَّفْقِ أَوْ مِنْ الْمَاءِ وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ بَلْ إِذَا خَالَطَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى فَأَنَا أَشْفِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ فَقُمْتُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأُذِنَ لِي فَقُلْتُ لَهَا يَا أُمَّاهْ أَوْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ وَإِنِّي أَسْتَحْيِيكِ فَقَالَتْ لَا تَسْتَحْيِي أَنْ تَسْأَلَنِي عَمَّا كُنْتَ سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ قُلْتُ فَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ قَالَتْ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ" [ مسلم: كِتَاب الْحَيْضِ؛ بَاب نَسْخِ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ]
(19) "عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ" [ البخاري: كِتَاب الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَاب أَجْرِ الْحَاكِمِ إِذَا اجْتَهَدَ فَأَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ]

التوقيع


يقول إلهنا رُدُّوا إِلَىّ إذا اختلفتم
وقائلُهم يقولُ:أنا أختارُ إن كثر المقــول
فأىُّ الفريقين أشــــــــــــــــــــــــدُّ قرباً
من البيضـــــــــــــــــاءِ يترُكهـــا الرســـــــولُ
دكتور كامل محمد
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-04-2019, 09:33 PM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي


الشروط الواجب توافرها فى بنود البرنامج

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وكفى وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى.
أما بعد:
فإن أى بند فى برامج الوصول يجب أن يكون مستمداً من القرآن وصحيح السنة، ويتفق وهَدْى الرسول عليه السلام وبيانه، ويجب أن يتفق وأولويات العقل.
يجب أن تصاغ قواعد هذه البرامج بطريقة تجنبنا الإختلاف، ويجب أن تتصف بنوده بالموضوعية ولا تتأثر بذاتية الباحث، ويجب أن تتصف بـالعموم والإطراد، و الصدق والثبات، وأن تكون تلك البنود حاكمة لا محكوماً عليها كما تحدث عن هذا الشاطبى رحمه الله(ملحق 1).
وإن شاء الله سبحانه وتعالى سوف تناقش تلك النقاط فى البنود التالية.
(1) بنود هذه البرامج يجب أن تكون مستمدة من القرآن وصحيح السنة
(2) بنود هذه البرامج يجب أن تتفق وهَدْى الرسول عليه السلام، وبيانه لنا؛ يقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]
ويقول تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ } [النحل: 64]
(3) بنود هذه البرامج يجب أن تتفق وأولويات العقل التى لا يختلف عليها العقلاء منا؛ كما لا يخالف عاقلٌ فى أن الجزء أصغر من الكل.
(4) يجب أن تصاغ قواعد هذه البرامج بطريقة تجنبنا الإختلاف. فرسولنا عليه السلام تركنا عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا(1)، والرسول عليه السلام بين لنا ما أُنْزِل إلينا، فلابد أن يزول الإختلاف بالرجوع إلى القرآن والسنة؛ فبنود هذا البرنامج يجب أن تستمد من الأسس التى بينها رسولنا عليه السلام.
(5) يجب أن تكون القواعد موضوعية، لا تتأثر بذاتية الباحث؛ إن كثيراً ممن تكلم في الأصول لم ينظروا إلى قواعدهم فى الأصول نظرة موضوعية مجردة، بل نظروا إليها نظرة ذاتية مقيدة بمذاهب أئمتهم واتجاهاتهم، أو بمن سبقهم من العلماء، بمعنى أن أئمتهم كانت لهم آراء لم يفصحوا في كثير منها عن مستندهم فيها، فجاء بعض علماء المذهب فألبسوها أصولاً تناسبها ، فما لم يُعْلِن المجتهدُ بنفسه عن برنامجه فى استخراج الأحكام؛ فإن وضع منهج له من خلال تصرفه يكون أمرًا ظنيًا يدخله الكثير من الاحتمالات.
(6) بنود هذه البرامج يجب أن تتصف بـ )ملحق 1)
• العموم والإطراد.
• الثبات.
• أن تكون تلك البنود حاكمة لا محكوماً عليها.
فكل بند من بنود البرنامج يجب أن يجرى به العمل بصورة دائمة و مُطَّرِدَةٌ ؛ فإن لم يَطَّرِدْ فليس ببند يعتمد عليه. فَتُرى إن قلنا أن الأمر للوجوب فى العبادات وللندب فى المعاملات (ملحق 2) فما تبعة ذلك؟ نكون قد خصصنا قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} بدون دليل.
إننا لن نجد حداً واضحاً لمعرفة ما إذا كان هذا الأمر المعين للوجوب أو الندب أو الإباحة؛ وهل هذا النهى للكراهية أم للتحريم؛ فإن اعتمدنا مثل هذه البنود فسوف نختلف اختلافاً شديداً(ملحق 2).
ولكن إن قلنا حُكم الأوامر الوجوب ما لم يأتِ بيان من نصٍّ أو إجماع أو ضرورة عقل تخرجه عن الوجوب؛ فسوف لا نختلف، ونكون قد أعذرنا إلى ربنا سبحانه، وأطعنا الله ورسوله.
يقول تعالى:{ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } [النساء 141]
فإن استنتجنا بند يقول: "إن الله سبحانه وتعالى لن يجعل فى مقدرة أى كافر سبيلاً على أى مسلم" على أن هذه الآية خبر مجرد.
فهذا البند يكون غير مُطَّرِد؛ لوقوع سبيل الكافر على المؤمن كثيراً بأسره وإذلاله؛ فلا يستمر القول بهذا البند.
وإن قلنا: " إن الله سبحانه وتعالى يأمُرُنا بألّا نجعل للكافر على المؤمن سبيلا" أى أن الآية أمرُ فى صورة الخبر؛ فهنا يَطَّرِد البند ويكون صادقاً.
فالبند إذا أدى القول بحمله على عمومه إلى ما لا يمكن شرعاً أو عقلاً فهو غير مُطَّرِد فلا يجوز العمل به.
إن المرجعية عند التنازع هى الرد إلى الله والرسول؛ فالأمر للوجوب والنهى للتحريم ما لم يوجد نص آخر ينقل الأمر أو النهى إلى مرتبة أخرى.
أقول إن اعتمدنا هذا البند فى استنباط الأحكام فلن يختلف اثنان لوعد ربنا جل وعلا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ} [النساء: 59]
لقد تركنا الرسول عليه السلام عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا(1)
إن اللغة الذى نزل بها القرآن فرقت بين الأمر والندب والإباحة فلكلٍ اسلوب خاص به.
فالواجب أن نطيع أوامر الله ورسوله؛ فهى للوجوب. ودع عنك طيب النفس، وما اعتادت عليه، فالحق أحق أن يتبع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
الملاحق
(ملحق 1)
الشاطبى رحمه الله وهو مالكى المذهب ومن شيوخ علماء المقاصد يقول: من العلم ما هو من صلب العلم ....... وهو ما كان قطعياً أو راجعاً إلى أصل قطعي والشريعة ... منزلة على هذا الوجه ولذلك كانت محفوظة في أصولها وفروعها كما قال الله تعالى { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } .......
ولهذا القسم خواص ثلاث بهن يمتاز عن غيره
• إحداها العموم والإضطراد ....
• والثانية الثبوت من غير زوال ........
• والثالثة كون العلم حاكما لا محكوما عليه
فإذاً كل علم حصل له هذه الخواص الثلاث فهو من صلب العلم [ الموافقات: الجزء الأول؛ المقدمة التاسعة]
(ملحق 2)
(أ) المحصول لأبى عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ) الكلام في الأوامر والنواهي؛ القسم الأول في المباحث اللفظية .
المسألة الأولى قال الأصوليون صيغة إفعل مستعملة في خمسى عشر وجها الأول الإيجاب كقوله تعالى أقيموا الصلاة الثاني الندب كقوله تعالى فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وأحسنوا ويقرب منه التأديب كقوله عليه الصلاة والسلام كل فما يليك فإن الأدب مندوب إليه وإن كان قد جعله بعضهم قسما مغايرا للمندوب
(ب) المستصفى لأبى حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: 505هـ) الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ؛ النَّظَرُ الثَّانِي فِي صِيغَة الْأَمْر
.......وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ قَوْلَهُ : " افْعَلْ " هَلْ يَدُلُّ عَلَى الْأَمْرِ بِمُجَرَّدِ صِيغَتِهِ إذَا تَجَرَّدَ عَنْ الْقَرَائِنِ ؟ فَإِنَّهُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى أَوْجُهٍ ، مِنْهَا الْوُجُوبُ كَقَوْلِهِ : { أَقِمْ الصَّلَاةَ } ، وَالنَّدْبُ ، كَقَوْلِهِ : { فَكَاتِبُوهُمْ } ، وَالْإِرْشَادُ كَقَوْلِهِ : { ، وَاسْتَشْهِدُوا } وَالْإِبَاحَةُ كَقَوْلِهِ { فَاصْطَادُوا } ، وَالتَّأْدِيبُ كَقَوْلِهِ لِابْنِ عَبَّاسٍ كُلْ مِمَّا يَلِيكَ ، وَالِامْتِنَانُ كَقَوْلِهِ : { كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ }
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأحـــــــــــــــــــــــاديث
(1)" عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ يَقُولُ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ [سنن ابن ماجه: كِتَاب الْمُقَدِّمَةِ؛ بَاب اتِّبَاعِ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ][صحيح وضعيف سنن ابن ماجة : تحقيق الألباني : صحيح]
و عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي أنه سمع العرباض بن سارية ، قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فقلنا : يا رسول الله إن هذا لموعظة مودع فإذا تعهد إلينا ، قال : « قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين من بعدي وعليكم بالطاعة وإن كان عبدا حبشيا عضوا عليها بالنواجذ » . فكان أسد بن وداعة يزيد في هذا الحديث « فإن المؤمن كالجمل الأنف حيث ما قيد انقاد » [المستدرك على الصحيحين للحاكم: كتاب العلم؛ وأما حديث عبد الله بن مسعود] [قال الألبانى رحمه الله: فى سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (2/ 610) " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد ".
أخرجه ابن ماجه (43) والحاكم (1 / 96) وأحمد (4 / 126) من طريق عبد الرحمن بن عمرو السلمي أنه سمع العرباض بن سارية يقول: " وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال ... " فذكره.
قلتُ (الألبانى): وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات معروفون غير عبد الرحمن ابن عمرو هذا، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات "، وروى عنه جماعة من الثقات، وصحح له الترمذي وابن حبان والحاكم كما في " التهذيب "، وقد أخرج ابن حبان (102) هذا الحديث من طريق أخرى عن عبد الرحمن بن عمرو مقرونا بحجر بن حجر الكلاعي عن العرباض به، دون قوله: " فإنما المؤمن ... ". وكذلك أخرجه من الوجه الأول المخلص في " سبعة مجالس " (ق 51 / 1) وعنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (11/ 265 / 2) واللالكائي في " شرح السنة " (228 / 1 - كواكب 576) والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (10 / 104 / 2) وكذا أبو نعيم في " المستخرج على صحيح مسلم " (1 / 3 / 1) وقال: " حديث جيد من صحيح حديث الشاميين ". وأخرج طرفه الأول الخطيب في " الفقيه والمتفقه " (ق 106 / 1) ].



التوقيع


يقول إلهنا رُدُّوا إِلَىّ إذا اختلفتم
وقائلُهم يقولُ:أنا أختارُ إن كثر المقــول
فأىُّ الفريقين أشــــــــــــــــــــــــدُّ قرباً
من البيضـــــــــــــــــاءِ يترُكهـــا الرســـــــولُ
دكتور كامل محمد
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-04-2019, 09:35 PM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

البرنامــــــــــج
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذى َنَزَّل عَلَيْنا الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ، فقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} وقال تعالى: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله ربنا جلَّ وعلا ليبين لنا ما أنزله الله إلينا، ويبين لنا الذى اختلفنا فيه، فقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} وقال تعالى {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النحل: 64] وصلى وسلّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .
أما بعد
لقد اتبعنا فى قراءة النصوص وفهمها بيان الرسول عليه السلام، وليس مطلق الفهم العربى؛ وحملنا الألفاظ فى النصوص على المعنى الشرعى، وفسرناها بطريقة ميسرة يفهمها عامة الناس.
حَمَلنا النص على ظاهره، وعلى عمومه وإطلاقه، ولم نُحَمِّله بأكثر مما فيه.
علمنا أن خطاب الرسول عليه السلام لفرد واحد هو خطاب لنا جميعاً، وكذلك علمنا أن الخطاب الموجه للرسول عليه السلام هو خطاب عام لجميع المسلمين.
وعلمنا أن كُلِّ كَلَامٍ تَامٍّ له حكمه الخاص به.
تيقنا أن الدين قد أَكْتمَل، فلا يوجد حدث أو فعل ليس له حكم فى القرآن والسنة.
وعلمنا أن الله سبحانه أمرنا بتبليغ هذا الدين، وأمرنا سبحانه باستعمال العقل والحواس، فلم نجد فرق بين أوامر القرآن وأوامر الرسول عليه السلام، فطاعة الرسول عليه السلام مطلقة ولا يستطيع بشر مهما كان أن يقيد ما أطلقه ربى سبحانه وتعالى، وأيضاً أحاديث رسولنا عليه السلام فى مرتبة واحدة فلا فرق بين أحاديث الآحاد و الحديث المتواتر لأمره سبحانه لنا بقبول نذارة النافر للتفقه فى الدين.
تيقنا أن لا اختلاف فى الشريعة، وأن الأحكام لم تنزل دفعة واحدة، ولكنها نزلت خلال 23 عاماً، وبالتالى لم تتغير عادات المسلمين فجأة فالجميع ثابت على تقاليد المجتمع وأعرافه حتى يأتى حكم ينقله عمَّا كان عليه ، فكان كل صحابى يروى ماسمعه من الرسول عليه السلام أو ماشاهده من فعله عليه السلام؛ فالصحابى قد يروى ما شاهده من فعل الرسول عليه السلام قبل التشريع، وقد يروى صحابى آخر حكم الرسول عليه السلام بعد التشريع؛ وقد يذكر الصحابى حديث فيه حكم معين ويذكر صحابى آخر حديث فيه حكم زائد عمّا رواه الصحابى الأول.
وعلى ذلك قد تتعارض الأقوال، والأفعال، وإقرارات الرسول عليه السلام؛ فكيف نجمع بينهم مستلهمين هدى النبى عليه السلام؟
هذا ماأردته من هذا البرنامج والله من وراء القصد، وهو سبحانه الهادى سواء السبيل.
إن العهدَ بينى وبين القارئ الكريم فى هذا البرنامج أن لا أستشهد إلا بآياتٍ محكماتٍ وبأحاديثٍ صحيحاتٍ، أو أوائل حسٍ ومبادئ عقلٍ(ملحق 1) لا يختلف عليها من بنى الإنسان اثنان، كما لا يختلف عاقلٌ أن الأثنين أكبر من الواحد؛ هذا، والله من وراء القصد وهو الهادى إلى سواء السبيل.
إن النصوص التى يطبق عليها البرنامج هى: آيات الأحكام وصحيح السنة فقط.
التوقيع


يقول إلهنا رُدُّوا إِلَىّ إذا اختلفتم
وقائلُهم يقولُ:أنا أختارُ إن كثر المقــول
فأىُّ الفريقين أشــــــــــــــــــــــــدُّ قرباً
من البيضـــــــــــــــــاءِ يترُكهـــا الرســـــــولُ
دكتور كامل محمد
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-04-2019, 09:40 PM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

بنــــــــــــود عامــــة
مقدمة
إن قضية البرامج تكمن فى بندٍ واحد فقط.......! العمل بجميع النصوص ..... الطاعة المطلقة لأوامر ربى سبحانه وتعالى وأوامر الرسول عليه السلام دون أَيَّةُ قيود؛ فنفعل من النصوص ما يخرجنا عن عهدة التكليف بيقين.
ننفيذ النص فور وصوله إلينا؛ ولا نسأل عن علة النص، فلا نسأل لماذا حُرِّمَ هذا وأُبِيحَ ذاك، ولا نُجْرى العِلَّةَ إذا ذُكِرَت إلا فى النص الذى وردت فيه فقط.
إن لكل مسألة دليلها الخاص؛ فلا يجوز أن نستند إلى القواعد العامة فى استنباط حكم خاص إلا عند عدم وجود نص خاص بالمسألة؛ وعلى ذلك لا يجوز استنتاج قواعد عامة بالإستقراء ثم نستخدمها لاستنباط حكم مسألة خاصة.
وإن شاء ربى سوف تناقش تلك المقدمة فى الفصول الآتية:
(1) الطاعة المطلقة لله والرسول.
(2) تنفيذ النص فور وصوله إلينا دون تردد.
(3) لا نسأل عن عِلَّةِ النصِّ، ولا الحكمة منه، فلا نسأل لماذا حُرِّمَ هذا وأُبِيحَ ذاك.
(4) لا نُجْرى العِلَّةَ إذا ذُكِرَت إلا فى النص الذى وردت فيه فقط.
(5) لكل مسألة دليلها الخاص بها.
(6) لا نستند إلى القواعد العامة إلا عند عدم وجود نَصّ خَاصّ.
(7) لا يجوز استنتاج قواعد عامة ثم نستخدمها كدليل لمسألة خاصة.

البنــــــــــــــــــــــــــــد الأول

الطاعـــة المطلقة لله سبحانه وتعالى والرســول عليه السلام
إن آيات الأحكام وصحيح السنة حكــمـها واحــــــــــــــــــد في وجوب الطاعــــــــــــــــة؛ لقول اللـه سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}[الأنفال: 20]
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]
وقوله عز وجل} : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً}[الاحزاب 36]
وقوله تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء 59]
وقَالُ تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } [الحشر: 7]
ويقول الله سبحانه و تعالى : }وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}[النجم 3،4].
ويقول عليه السلام: " فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ"(1)
فصح بهذه النصوص أن القرآن وصحيح السنة:
شيئٌ واحد في أنهما من عند اللـه تعالى{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى}
وحكمها واحد في وجوب الطاعة {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}
ولا تعارض بينهما {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} .
البنــــــــــــــــــــــــــــد الثانى يجب تنفيذ الأوامر واجتناب النواهى فور وصولها إلينا دون تأخير؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] فلَمَّا نَزَلَ قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِي يَا بَنِي فِهْرٍ يَا بَنِي .....الحديث (2) ولَمَّا اسْتَوَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ اجْلِسُوا فَسَمِعَ ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَجَلَسَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ(3) وأيضاً عن أبي سعيد بن المعلى - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ فَدَعَانِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أُجِبْهُ، ثُّمَّ أَتَيْتُه، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: "أَلمْ يَقُلِ الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ}(4) ففي هذا الحديث ما يدل على أن الأمر للفور؛ لأنه صلى الله عليه وسلم عاتب أبا سعيد على عدم المسارعة إلى إجابته عليه السلام. وعندما سمع الصحابة منادى الرسول علىه السلام يقول " أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ" فعلى الفور التزم الصحابة بالأمر وأهرقوها حتى جَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ(5)
البنــــــــــــــــــــــــــــد الثالث
لا نسأل عن علة النص، ولا نسأل لماذا حُرِّمَ هذا وأُبِيحَ ذاك؛ فيجب تنفيذ الأوامِرِ، واجتناب النواهى بدون نِقَاشٍ.
فأنس رضى الله عنه يقول نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ(6)
وكان من شروط الهجرة؛ أن المهاجر لا يَسْأَل رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ(7)
وهذا نهى مطلق التزم به الصحابة رضوان الله عليهم فى حياة الرسول عليه السلام وبعد موته؛ فيجب علينا التمسك بهذا النهى.
يقول تعالى:{ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ } [الأنبياء: 23]
ويقول تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]
لا تسأل لماذا حُرِّمَ هذا وأُبِيحَ ذاك؛ فهذا تطاول لا يليق من البشر للبشر؛ فكيف نسأل رب البشر الذى نهانا عن هذا فقال تعالى: { لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ }
إننا إن نتكهن بحكمة التحريم والتحليل نكون قد سلكنا طريقاً وَعِرَة ودخلنا فى بحرٍ لُجِّيٌّ ليس له نهاية.
وانظر إلى قوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}[البقرة:249].
إنها ابتلاءات واختبارات ؛ أمرنا تعالى أن لا نسأل عما يفعل سبحانه، فكيف نتكهن بحكمةِ أوامره. إنك أن تتكهن بحكمة الأمر، فلن تُعدم آخر يرد عليك تكهنك، ويأتى بحكمة ثانية وثالثة. فكن عبداً لله تعالى؛ تفعل ما يأمرك به وتنتهى عما نهاك عنه.
لقد كان البحث عن علة النهي عن أكل لحم الحمر الأهلية سببًا لاختلاف الصحابة، فمن قائل: حرمت لأنها كانت تأكل العذرة، ومن قائل: لأنها لم تخمس، وقائل: إنه خشي فناء الظهر، وقال بعضهم حرمت البتة بدون نظر إلى العلل(8) هذا والرسول عليه السلام بينهم؛ ما سأل أحدٌ الرسولَ عليه السلام عن السبب ولكنهم التزموا بالنهى وكأن كلام الصحابة من باب الترف الفقهى، وبالطبع كان الصحابة رضى الله عنهم ملتزمين بالنهى العام عن السؤال.
ومُعَاذَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللهِ تلميذة عائشة رضى الله عنها تسأل عن الحكمة فى قضاء الحائض الصوم دون الصلاة " مَا بَالُ الْحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟" ولم تُقِرَّها أم المؤمنين عليها وضوان الله على سؤالها ولم تجبها وتأمرها بتنفيذ الأمر كما هو(9)
وابْنُ مَسْعُودٍ يجَلَسَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ عندما سمع رسول الله عليه السلام يقول يوم الجمعة اجْلِسُوا(3)
فابن مسعود رضى الله عنه لم يفكر لماذا قال الرسول عليه السلام "اجلسوا" ولكنه نفذ الأمر فوراً بدون تفكير!
البنــــــــــــــــــــــــــــد الرابع
لا نُجْرى العِلَّةَ إذا ذُكِرَت إلا فى النص الذى وردت فيه فقط.
يقول الله سحانه وتعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ } [الحشر: 7] إنَّ عِلَّةَ تقسيمِ المالِ على هذه الصورة هى ألَّا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ من الصحابة رضى الله عنهم؛ ومع هذا فالرسول عليه السلام لم يطرد تلك العلة فى تقسيم أية غنائم أو أموال أخرى.
يقول تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَآءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} [المائدة:91] والرسول عليه السلام لم يطرد علل تحريم الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ فى أشياء أخرى؛ مثل كسب المال فهو أَصَدُ عن ذكر الله تعالى، وعن الصلاة من الخمر والميسر، وليس ذلك محرماً؛ وقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أصحابه رضي الله عنهم إذ يقول لهم: "فَوَاللَّهِ لَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا"(10)
ويقول تعالى:{فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً} [النساء:160]
فالعلةُ فى تحريم الطيبات الظلمُ؛ ولم يطرد عليه السلام تلك العلة فيما أُحِلَ لنا من طيبات؛ فلم يحرم عليه السلام الطيبات على من ظلم منا.
ويقول تعالى لموسى عليه السلام: {إِنِّي أَنَاْ رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى }[طه:12]. فالرسول عليه السلام لم يطرد عِلَّة الكون بالواد المقدس طوى فينا؛ فلم يأمرنا بخلع نعالنا فى أى مكان مقدس.
البنــــــــــــــــــــــــــــد الخامس
لكل مسألة دليلها الخاص بها
يقول سبحانه وتعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: 12] [تفسير الطبري (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا) يقول: وكلّ شيء بيناه بياناً شافياً] وقال تعالى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 32]
إن من المتفق عليه من جميع علماء الشريعة أن الفقه هو: المعرفة بالأحكام العملية من الأدلة التفصيلية (ملحق 2).
إن لكل مسألة حكمها الخاص بها؛ فانظر لقوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ } [البقرة: 173]
إن جميع وجوه الإنتفاع بالشيئ المحرم منهىٌ عنها؛ فإذا حَرَّمَتْ الشريعةُ عيناً ما، فحرام ملكه، وبيعه والتصرف فيه، وأكله، وجميع الأفعال التى تقبلها تلك العين؛ إلا أن يأتي نصٌّ بتخصيص شئ من ذلك (ملحق 3) .
قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ } [البقرة: 173]
وقال رسول الله عليه السلام عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ(11)
وقال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]
لقد حَرَّمَ ربى جلَّ وعلا الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ، وَحَرَّمَ الرِّبَا، وحُرِّمَ لبس الحلة الحرير للرجال؛ ومع ذلك فالأحكام المرتبطة بالتحريم مختلفة لا تجمعها قاعدة واحدة.
لقد خصَّت الشريعة الميتة بأحكام أُخرى، ولم تحرِّم جميع وجوه الإنتفاع بها! فوجوه الإنتفاع بالميتة كثيرة والشريعة أَقَرَّتْ بالنسبة للمَيْتة الإنتفاع بها إلا:
البيع "حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ"(11)
والأكل"إِنَّمَاحَرُمَ أَكْلُهَا"(12)
والادهان بشحومها(11)
والإِهاب والعصب"لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ"(13)
فيباح الإنتفاع بالميتة إلا ما حرم باسمه من بيعها والادهان بشحومها "جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ"(11) ومن الأكل والعصب والإِهاب؛ ثم استثنت الشريعة الإِهاب إذا دبغ "فَإِنَّ دِبَاغَهَا ذَكَاتُهَا"(14) فيكون الإِهابُ حلالاً بعد الدبغ.
وفى الربا لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ(15)
وفى الخمر قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ(16)
وفى قصة حلة عطارد؛ يحرم الرسول عليه السلام لبس الحلة من الحرير على الرجال، ويبيح ملكها، وبيعها، وباقى وجوه التصرف فيها(17)
وعلى هذا فلا يجوز الإستناد إلى النصوص العامة؛ فإن لكل مسألة حكمها الخاص بها.

البنــــــــــــــــــــــــــــد السادس
لا نستند إلى القواعد العامة إلا عند عدم وجود نَصّ خَاصّ، كما بين ذلك رسولنا عليه السلام؛ فالشَّيْء الْخَاصّ الَّذِي لَمْ يَرِد فِيهِ نَصّ خَاصّ يدخل تَحْت حُكْم نصٍّ عام؛ فعندما سُئِلَ عليه السلام عن الحمر قال: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ الْجَامِعَةَ الْفَاذَّةَ { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }(18)
فالرسول عليه السلام ما ينطق عن الهوى؛ {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4] فعندما لم يوحى إليه عليه السلام نص خاصّ بالحُمُر؛ أدخل حكم الحُمُر تحت حكم نصٌ عامٌ.
وعليه فلا ندخل أى شيئ تحت الحكم العام إلا إذا لم يوجد للقضية حكم خاصّ بها.
البنــــــــــــــــــــــــــــد السابع
لا يجوز استنتاج قواعد عامة بالاستقراء، ثم نستخدمها كدليل لمسألة خاصة.
ما الجدوي من تجميع الأحكام الجزئية فى قاعدة واحدة؟ ثم إذا سَأَلَنا مستفتٍ عن حكمٍ لمسألةٍ ما، استشهد بالحكم التفصيلى الجزئى لتلك القضية! وهل يستطيع عالم أن يستخدم تلك القاعدة فى الحكم على مسألة لها حكم خاص بها؟
إن القاعدة التى استنتجناها بالاستقراء النّاقص لا يجوز أن تستخدم إلا فى المسائل أو القضايا المستخدمة فى استخراج القاعدة؛ لأن باقى المسائل قد تكون من المستثنيات.
ففى القرآن والسنة نصوص خاصة وقواعد عامة فهل بإمكان البشر أن يزيدوا قاعدة عامة أخرى، أو يزيدوا نصّاً خاصّاً لمسألة فرعية؟
إن الرسول عليه السلام قال فى قصة الْحُمُرِ "مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِي الْحُمُرِ شَيْءٌ"(18)
إن البند أو القاعدة حتى نثق بها لابد وأن تكون عامة ومطردة؛ فهل تلك القواعد التى استنتجناها بالاستقراء مطردة وعامة؟
التوقيع


يقول إلهنا رُدُّوا إِلَىّ إذا اختلفتم
وقائلُهم يقولُ:أنا أختارُ إن كثر المقــول
فأىُّ الفريقين أشــــــــــــــــــــــــدُّ قرباً
من البيضـــــــــــــــــاءِ يترُكهـــا الرســـــــولُ
دكتور كامل محمد
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 02-04-2019, 09:43 PM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

بنـــــــــــود خاصة
مقدمة
أحكام الشريعة تنقسم ثلاثة أقسام:
• فروض: لا بد من اعتقادها، والعمل بها على قدر الإستطاعة.
• حرام: لا بد من اجتنابه إلا فى حالة الإضطرار.
• حلال: مباح فعله ومباح تركه(19)
قال الله عزوجل: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا } [البقرة: 29]
وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]
وقال تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119]
وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7]
فصح بهذه الآيات أن كل شئ في الأرض، وكل عمل فمباح حلال، إلا ما أُمرنا به فهو فرضٌ واجب، وإلا ما فصل الله سبحانه وتعالى لنا تحريمه في القرآن، أو بكلام النبي صلى الله عليه وسلم المبلغ عن ربه عز وجل، والمبين لما أنزل عليه.
فالفروض لا تكون إلا بأوامر، والمحرمات لا تكون إلا بنهى مفصل.
والسنن تنقسم ثلاثة أقسام:
• السنة القوليه: وأمثلتها كثيرة، وعليها مدار كتب الحديث.
• السنة الفعلية: وأفعال رسولنا عليه السلام أكثر من أقواله أضعافاً كثيرة، وهى تشمل جميع أفعال النبي صلى الله عليه وسلم.
• السنة التقريرية: وهى أكثر من السنة القولية والفعلية، فإن ما رآه رسولنا عليه السلام أو علمه من أفعال الصحابة وتروكهم لا يحصى.
فيكون أمامنا الآن فيما وصل إلينا من آيات الأحكام وصحيح السنة:
• نصوص القرآن وصحيح الأحاديث (أوامر ونواهى القرآن والسنة).
• أفعال الرسول عليه السلام.
• إقرارُهُ صلى الله عليه وسلم على ما رآه أو عَلِمَه ولم ينكره.
فكيف نستقى الأحكام من تلك المجموعات الثلاث، التى وعدنا ربنا سبحانه وتعالى بحفظها لنا؟
إن مدار الأحكام على آيات القرآن وأقوال رسولنا عليه السلام؛ فننظر أولاً فى نصوص القرآن وأقوال الرسول عليه السلام، ثم ننظر فى السنة الفعلية والتقريرية.
إن هذه البرامج ما هى إلا بنود مقترحة لكيفية استخراج الأحكام من القرآن والسنة بالبيان الذى بينه لنا الرسول عليه السلام؛ فقد تركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك(20).
هذا، وقد جعلتُ لتلك البرامج عدة مداخل حتى يستوعبها طالب العلم المبتدئ؛ وقد قسمتُ البرامج الرئيسية إلى عدة برامج فرعية على النحو التالى:
(1) نصوص القرآن وأقوال الرسول عليه السلام والتى لا يوجد لها مخالف ولا معارض.
(2) النصوص التى يظن أنها مختلفة ولكنها غير متعارضة.
(3) النصوص التى يظن أنها متعارضة.
(4) السنه الفعلية وكيف نستخرج منها الأحكام.
(5) تعارض الأقوال والأفعال.
(6) السنة التقريرية وكيف تساعد فى تقرير الأحكام.
وإن شاء الله تُنَاقش تلك البنود فى الورقات التالية.
أولاً نصوص القرآن وأقوال الرسول عليه السلام والتى لا يوجد لها مخالف ولا معارض
نقرأ النص بالطريقة التى بينها لنا رسولنا عليه السلام.
فإذا كان النص مفهوماً بَيِّنَاً فعلينا العمل به فور وروده، أو فور مجيئ سببه أو وقتة إن كان له سبب أو له وقت محدد؛ حتى يبلغنا نسخه، أو تخصيصه، أو نقله من رتبته إلى رتبة أخرى.
وإذا كان النص مجملاً؛ فلا يلزمنا إلا التصديق به؛ فنقول: سمعنا وأطعنا، كقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا }[المزمل: 20] وكذلك قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وهذه الآيات مكية، ولم تُحَدَّد أنصبة الزكاة ومقاديرها إلا فى المدينة فى السنة الثانية من الهجرة؛ فكان على الصحابة عليهم رضوان الله التصديق والإيمان بها مجملة؛ حتى جاءهم البيان بتفاصيل أحكام الزكاة.

ثانياً: النصوص التى يظن أنها مختلفة ولكنها غير متعارضة
(أ‌) قد يكون أحد النصين مطلق والآخر مقيد؛ فنفعل ما يخرجنا من عهدة التكليف بيقين والذى فيه طاعة للنصين ولا نلتفت إلى السابق أو التالى منهما. (ملحق 4)
(ب‌) وقد يكون بين النصوص عموم وخصوص ولكنها غير متعارضة؛ فقد يأتى قول عام وأقوال كثيرة خاصّة؛ فيكون أحد النصوص يأمر ببعض الأشياء المأمور بها فى نص آخر؛ أو أحد النصوص ينهى عن بعض الأشياء المنهى عنها فى نص آخر؛ فلا تعارض هنا؛ فننفذ جميع النصوص (ملحق 5)
(ت‌) وقد تأتى أقوال كثيرة بخصوص شيئ معين؛ فقد يأتى نص بحكم مَّا في قضية معيَّنة، ويأتى نص آخر بحكم آخر في تلك القضية بعينها؛ فليس فى ذلك تعارض ولكنهما جميعاً مقبولان ومأخوذ بهما (ملحق 6)

ثالثاً: النصوص التى يظن أنها متعارضة
نبحث أولاً عن وجود نسخ؛ ولا بد من أن يكون هذا النسخ بنصٍ بَيِّنٍ واضح أو إجماع؛ مع باقى شروط النسخ (ملحق 7)
فإن لم نتيقن من وجود نسخ :
(1) نحاول أولاً الجمع بين تلك النصوص المتعارضة، ولا ننظر إلى التاريخ (ملحق 8).
(2) إن لم نستطع، ووجدنا بين النصين عموم وخصوص؛ استثنينا الأخص من الأعم ولا ننظر إلى تاريخ النصين (ملحق 9).
(3) فإن تيقينا من عدم وجود نسخ، ولم نستطع الجمع بينهما، و لم نجد بينهما عموم وخصوص؛ نظرنا فى تاريخ النصين:
(4) فإن أمكن التَّمْيِيزُ بَيْنَ السَّابِقِ وَالتَّالِي أخذنا بالنص الأخير ، وهذا أيضاً يعتبر نسخ (ملحق 10 ).
(5) وَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ التَّمْيِيزُ:
• فإن كان أحد النصَّين موافقاً لما كنا عليه، أخذنا بالنص الناقل لنا عمَّا كنا عليه؛ لأن الأصل فى التشريع أن ينقلنا من حالة إلى أخرى، والعودة إلى الحالة السابقة بحاجة إلى بيان جديد. (ملحق 11)
• وإن كان أحد النصَّين به حكم زائد عن النص الآخر، أخذنا بالنص الذى فيه حكم زائد، فكأنه تشريع جديد، لا يجوز تركه إلا بنص آخر أو إجماع.(ملحق 12،13)
مدخــــــــــــــــــــــــــــل آخر
ننظر فى جميع النصوص التى لها علاقة بالمسألة قيد البحث:
ــــ فإن وجدنا نصوص متفقة وليس لها ما يعارضها؛ تُنَفَّذ وتُقْرَأ بالبيان الذى بَيَّنَه الرسول عليه السلام.
ــــ وإن وجدنا نصوص متعارضة أو ظاهرها الإختلاف ولكنها غير متعارضة ؛ فننفذ جميع النصوص لقوله تعالى :{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النور: 54]
كيفية تنفيذ جميع النصوص
ــــ إن كانت النصوص ظاهرها الإختلاف ولكنها غير متعارضة أو غير متدافعة:
• إن وجدنا نص مطلق ونص مقيد لنفس المسألة؛ أخذنا بالنص الذى يخرجنا من عهدة التكليف (ملحق 4)
• وإن وجدنا نص عام ونص خاص؛ فنلتزم بالنص العام فنكون قد نفذنا (ملحق 5)
• وإن وجدنا نص جاء بحكم مَّا في قضية معيَّنة، ونص جاء بحكم آخر في تلك القضية بعينها؛ فنلتزم بالنصين ونطيعما معاً (ملحق 6)
ــــ وإن كانت النصوص متعارضة:
فإن كان التعارض بين النصين غير تام وبينهما عموم وخصوص؛ استثنينا الخاص من العام، فنكون قد نفذنا النصين(ملحق 9)
وإن كان التعارض تام بحثنا أولاً عن النسخ بشروطه (ملحق 7)
فإن لم نجد نسخ وكان أحد النصين فيه حكم زائد؛ أخذنا بالحكم الزائد فنكون قد أطعنا الله والرسول ونفذنا النصين(ملحق 12) (كيف نعرف الحكم الزائد ....ملحق 13)، ، وإن كان أحد النصين ينقلنا عمّا كنا عليه؛ فنأخذ بالنص الناقل لنا (ملحق 11)
مدخــــــــــــــــــــــــــــل آخر
النص :
• إذا جاء مخالف للإباحة الأصلية { هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا } ؛ فهذا تشريع جديد وليس نسخاً كقوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ } [النور: 30]، وكقوله عليه السلام " لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ " [البخاري: كِتَاب الْوُضُوءِ؛بَاب الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ] وهذا لا إشكال فيه، فكأنه استثناء من الإباحة الأصلية.
• وإن جاء مخالف لقول سابق (تشريع سابق) ولا يمكن الجمع بينهما (لا يمكن استثناء أحدهما من الآخر) فهو نسخ للحكم السابق وهذا لا إشكال فيه؛ فنأخذ بالحكم الأخير الناسخ (ملحق 7)
• وإن جاء مخالف لفعل سابق للرسول عليه السلام وكان هذا الفعل موافق للإباحة الأصلية أو موافق لما كان عليه المسلمون قبل التشريع؛ فهذا تشريع جديد وليس نسخاً
• وإن جاء مخالف لفعل سابق ؛ وكان هذا الفعل موافق لتشريع سابق ؛ كان هذا القول نسخاً للتشريع السابق.
• وقد تأتى أقوال كثيرة بخصوص شيئ معين؛ وهذه لا إشكال فيها، فننفذ جميع الأقوال (ملحق 6)
• وقد يأتى قول عام وأقوال كثيرة خاصّة؛ فإن كانت مختلفة استثنينا الخاص من العام (ملحق 9) ، وإن كانت متفقة نفذنا جميع الأقوال (ملحق 5)
رابعاً:السنه الفعلية وكيف نستخرج الأحكام منها
إن أفعال رسولنا عليه السلام لن تخرج عن:
• أفعالٌ موافقة للإباحة الأصلية وما كنا عليه من أعراف وعادات قبل التشريع؛ ولم يأتى تشريع جديد ينقلنا عن هذه الإباحة؛ فهذه الأفعال مباحة ولا إشكال فى هذا.
• و أفعالٌ قد تكون موافقة لتشريع جديد؛ فتكون تلك الأفعال بياناً لهذا التشريع؛ ويكون حكم تلك الأفعال هو حكم ذلك التشريع. فمن ذلك قوله عليه السلام: صلوا كما رأيتموني أصلي(21)، و لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ(22).
• و أفعالٌ قد تكون تنفيذاً لحد من الحدود؛ وهذه الأفعال لا شك فى وجوبها؛ كجلده عليه السلام شارب الخمر فقد أمر عليه السلام بجلد شارب الخمر ثم كان فعله بياناً للجلد الذي أمر به(23)
• و أفعالٌ قد تكون فى معنى الأمر فيكون حكمها الوجوب. كإزالته عليه السلام ابن عباس عن يساره، ورده إلى يمينه، فهذا وإن كان فعلاً فهو أمرٌ لابن عباس للوقوف عن يمينه، ونهي له عن الوقوف عن يساره(24).
• وقد تتعارض الأفعال مع ألأقوال فيكون لها أحكام خاصة.
• وما عدا ذلك من أفعال الرسول عليه السلام فهى للإتساء فقط وليست للوجوب.
خامساً: تعارض الأقوال والأفعال
إذا كان الفعل قبل القول:
فالقول يُبْطِل الفعلَ، ويبين أن حكم ذلك الفعل قد ارتفع، وأصبح الحكم للقول فالرسول عليه السلام كان يَلْبَسُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ثم قال لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا(25) وكان يصلى عليه السلام إلى سهوة فيها تصاوير ثم قال لعائشة عليها رضوان الله أخريه عنى(26).
وإذا كان الفعل بعد القول:
إن كان بينهما تعارض تام؛ فالفعل يبين أن حكم ذلك القول قد ارتفع، وأصبح الفعل مباحاً؛ لأن حكم أفعال الرسول عليه السلام الإتساء وليست فرضاً . لأن حكم أفعال الرسول عليه السلام الإتّساء وليست فرضاً؛ كما أمر عليه السلام بالقيام للجنازة ونهى عن الجلوس حتى توضع؛ ثم قعد رسول الله عليه السلام بعد ذلك؛ فالقول بالقيام وعدم الجلوس قد ارتفع وأصبح الجلوس مباحاً(29)وكأمره عليه السلام للمأمومين أن يصلوا جلوساً إذا صلى الإمام جالساً(30)؛ ثم صلى عليه السلام في مرضه الذي مات فيه جالساً والناس وراءه قياماً ولم ينكر عليه السلام ذلك(31)فهذا نسخ لايجاب الجلوس عن المأموم خاصة، فإن شاء صلى جالسا، وإن شاء قائماً.
وإن لم يكن بينهما تعارض تام فالفعل يخصص القول حيث أنه لا عموم فى الأفعال؛ فكأنه استثناء لحالة الفعل من عموم القول. فحينئذ نخص تلك الحالة من عموم القول؛ فلقد صح أن المرأة تقطع الصلاة(27)، ولكن عائشة رضى الله عنها ذكرت أن رسول الله عليه السلام كان يصلي وهي بين يديه معترضة كاعتراض الجنازة، فتكره أن تقعد فتؤذي رسول الله عليه السلام فتظل كما هي(28).
إن هذا الفعل كان بعد النهي، لأنها أخبرت أنها لو قعدت لآذت رسول الله عليه السلام بذلك، فنستثنى الاضطجاع من قطع المرأة الصلاة على سائر أحوالها.

إذا كان الفعل مخالف للقول ولا ندرى أيهما كان قبل الآخر:
• أخذنا بالذى ينقلنا عمَّا كنا عليه؛ لأن الأصل فى التشريع أن ينقلنا من حالة إلى أخرى، والعودة إلى الحالة السابقة بحاجة إلى بيان جديد.
• أو بالذى فيه حكم زائد عما كنا عليه فكأنه تشريع جديد.
كما في نهيه عليه السلام عن الشرب قائماً(32)، وروي عنه عليه السلام أنه شرب قائما(33).
وفي نهيه عليه السلام عن الاستلقاء ووضع رجل على رجل(34)، وروي عنه أنه عليه السلام رئي مضطجعاً في المسجد وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى(35)
فنأخذ بما ينقلنا عما كنا عليه وهو النهي في كلا الموضوعين، لأن الأصل إباحة الاضطجاع على كل حال والاستلقاء كما نشاء، وإباحة الشرب على كل حال، فقد تيقنا أننا نقلنا عن هذه الاباحة إلى نهي عن كلا الامرين بلا شك في ذلك، ثم لا ندري هل نسخ ذلك النهي أو لا ؟ ولا يحل لمسلم أن يترك شيئا هو على يقين من أنه قد لزمه، لشئ لا يدري أهو ناسخ أم لا ؟ واليقين لا يبطل بالشك.
وهكذا حديث رسول الله عليه السلام: كل مما يليك(36) مع ما قد صح من تتبعه الدباء من نواحي القصعة(37)
لا يجوز أن يقال في شئ فعله عليه السلام أنه خصوص له إلا بنص في ذلك.
مثل وصاله عليه السلام في الصوم، فلما كان الوصال يخص رسول الله عليه السلام قال: » إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إِنِّي أَظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ«(38)
ومثل قوله لعائشة رضى الله عنها عندما قالت له: أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي"(39)
فما جاء فيه بيان فهو خصاصُّ به عليه السلام، وما لم يأت فيه نصٌّ فلنا أن نتأسى به عليه السلام،
لقد غضب عليه السلام على من خصص أفعاله عليه السلام دون بيان(40)؛ وكل شئ أغضب رسول الله عليه السلام فهو حرام، فعندما سأل عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عن القُبْلَة للصائم قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَلْ هَذِهِ لِأُمِّ سَلَمَةَ؛ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَه (40) وعندما قال رجل لرسول الله عليه السلام إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ وعندما قال له الرسول عليه السلام وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصِّيَامَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ فيقول الرجل يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي (40)

سادساً: السنة التقريرية وكيف تساعد فى تقرير الأحكام
السنة التقريرية أكثر من السنة القولية والفعلية، فإن ما رآه رسولنا عليه السلام أو عَلِمَه من أفعال الصحابة، وأقوالهم، لا يحصى.
إن سكوت النبي صلى الله عليه وسلم على ما رآه أو عَلِمَه من أفعال الصحابة لا يدل على استحبابه، أو سنيته، وإنما يدل على جواز هذا الفعل في مثل هذه الحال فحسب؛ لأنه عليه السلام لم يصدر منه أى قول بالاستحباب أو الندب أو الكراهية؛ بل سكت عليه السلام على ما رآه أو عَلِمَه.
وبهذا يظهر الفرق بين إقرار النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، ففعله يدل على الندب مطلقًا، بخلاف تقريره المجرد من الثناء والاستحسان، فهو لا يدل إلا على رفع الحظر.
هذا من حيث الإجمال؛ ولكن في بعض ما يقره صلى الله عليه وسلم تفصيل:
رسولنا عليه السلام لا يعلم الغيب؛ يقول تعالى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ } [الأنعام: 50]
و يقول تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} [هود: 31]
و يقول تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59]
و يقول تعالى: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188]
وعلى هذا يكون قول الصحابى: كنا نفعل هذا والرسول بيننا؛ لا يدل على شيئ إلا إذا تيقنا أن رسولنا عليه السلام شاهد هذا الفعل أو علمه وأقره؛ فجابر رضى الله عنه يقول: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ(41)؛ وفى رواية عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ما يدل على أنه عيه السلام ما كان اطلع على ذلك إذ يقول عليه السلام "أَوَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ"(42) فهذا الاستفهام يشعر بأنه ما كان اطلع عليه السلام على فعلهم ذلك، ففي هذا الخبر أنهم فعلوا العزله، ولم يعلم به عليه السلام حتى سألوه عنه، وفى رواية لمسلم قال عليه السلام ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ(43)
وَرِفَاعَةُ بْنِ رَافِعٍ يقول فى عدم الغسل من الإكسال: إنَّا كُنَّا لَنَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَا نَغْتَسِلُ(44)؛ وعمر رضى الله عنه يقول له: أَفَسَأَلْتُمْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ ؟(44) وعَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تروى حديث النبى عليه السلام " إذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ ، فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ "(44)
والقول فى الإقرار كالقول فى الأفعال؛ فالصحابة رضى الله عنهم كانت حركاتهم وسكناتهم مرتبطة بالتشريع، وبأوامر ونواهى القرآن والسنة؛ فننهج فى الإقرارات نفس النهج الذى نتبعه فى الأقوال والأفعال؛ فعَبْدُ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يقول: كُنْتُ أَعْلَمُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأَرْضَ تُكْرَى(45)؛ وجَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يروى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ(46).
وجابر رضى الله عنه يقول: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ(41)؛ وفى رواية أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ما يدل على أنه عيه السلام ما كان اطلع إذ يقول عليه السلام "أَوَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ"(42) وتروى جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ قول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد سُئِل عليه السلام عن العزل "ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ"(43) وقد يكون الإقرار منسوخاً كما فى حديث " الماء من الماء"(44) وفى حديث "كنا نبيع أمهات الأولاد"(47)؛ وفى أحاديث العزل وفى قصة الصحابى الذى صلى الركعتين بعد الصبح وأقره الرسول عليه السلام(48) وجاء النهى عن الصلاة بد الصبح وبعد العصر (49) ؛وقد تتعارض الإقرارات، وقد تتعارض الإقرارات مع الأقوال أو الأفعال؛ فنحاول الجمع بينهما؛ فإن لم نستطع بحثنا عن الناسخ منهما؛ فإن لم نجد أخذنا بالناقل لنا عمَّا كنا عليه، أو بالحكم الزائد عمَّا كنا عليه.
التوقيع


يقول إلهنا رُدُّوا إِلَىّ إذا اختلفتم
وقائلُهم يقولُ:أنا أختارُ إن كثر المقــول
فأىُّ الفريقين أشــــــــــــــــــــــــدُّ قرباً
من البيضـــــــــــــــــاءِ يترُكهـــا الرســـــــولُ
دكتور كامل محمد
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 02-04-2019, 09:46 PM
كامل محمد محمد محمد عامر كامل محمد محمد محمد عامر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

الملاحق
(ملحق 1) لقد أمرنا الله سبحانه باستعمال العقل والحواس؛ فقال تعالى:{ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ}[السجدة 9] وقال سبحانه وتعالى:{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ() وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ() وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:8-10]
لقد امْتَنَّ الله علينا بما أعطانا من العقل والحواس وذَمَّ سبحانه وتعالى من لم ينتفع بهما فقال تعالى:{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعاف 179]
وقال تعالى:{ وَقَالُواْ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}[الملك 10]
(ملحق 2)
إنه من المتفق عليه من جميع علماء الشريعة أن الفقه هو: المعرفة بالأحكام العملية من الأدلة التفصيلية.
إن الشريعة الاسلامية وضعت دليلاً تفصيلياً لكل حدث؛ هذا ما لا يختلف عليه المسلمون.
يقول تعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [الأعراف: 52]
ويقول تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء: 12]
ويقول تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55]
ويقول تعالى: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 32]
ويقول تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 174]
ويقول تعالى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24]
ويقول تعالى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [الروم: 28]
ويقول تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119]
وعلى النقيض تماماً فالمشرع الذى وضع القانون الرومانى أو اللاتينى يضع تصوراً معيناً ثم يضع تحته الفروع أو الجزئيات المرتبطة به؛ فنظرية تجميع الجزئيات مع ما لها من فوائد جَمَّة لا يمكن أن تستخدم لاستخراج الأحكام فلكل جزئية دليلها الخاص بها.
تعريف الفقه
هو العلم المشتمل على الأحكام الشرعية العملية التي طريقها الاجتهاد أو المكتسبة من أدلتها التفصيلية [عَبْد الباقي الزَّرَقاني فى شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني]
معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية [محمد بن صالح العثيمين فى شرح مختصر الأصول من علم الأصول]
«العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية» [ عياض بن نامي السلمي فى أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله]
الْفِقْه: الْعلم بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة الفرعية عَن أدلتها التفصيلية بالاستدلال [ تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي فى رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب]
الفقه العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية [ حسن بن عمر بن عبد الله السيناوني المالكي الأصل الجامع لإيضاح الدرر المنظومة في سلك جمع الجوامع]
الفقه: العلم بالأحكام الشرعية العملية، المكتسب من أدلتها التفصيلية [ ولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي فى الغيث الهامع شرح جمع الجوامع]
الْفِقْهَ هُوَ الْعِلْمُ بِالأْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْفَرْعِيَّةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُسْتَمَدَّةِ مِنْ الأْدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ. [الموسوعة الفقهية الكويتية صادر عن: وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت]

الفقه هو:
• المعرفة بأحكام القرآن وناسخها ومنسوخها
• والمعرفة بأحكام كلام رسول الله عليه السلام ناسخه ومنسوخه وما صح نقله مما لم يصح
• ومعرفة ما أجمع العلماء عليه، وما اختلفوا فيه.
• وكيف يرد الاختلاف إلى القرآن وكلام الرسول عليه السلام. [الأحكام لابن حزم (5/ 694)]

(ملحق 3)
{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ...}
الفعل قد يوصف بالإطلاق والتقييد و فاعل الفعل ومفعوله قد يوصف بالعموم والخصوص؛ فالفعل (حَرَّمَ) مطلق ليس به أية قيود وانظر إلى حديث مسلم "أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا" فالفعل (نهى) مقيد بالوقوف وليس مطلق النهى عن الشرب فالنهى مقيد بالوقوف.
أما مفعول الفعل (حَرَّمَ) فهو عامّ يشمل جميع وجوه الإنتفاع بالشيئ المحرم فإذا حَرَّمَتْ الشريعةُ شيئاً فحرام ملكه وبيعه والتصرف فيه وأكله على عموم تحريمه الا أن يأتي نص بتخصيص شئ من ذلك .
(ملحق 4)
إن الشيئ المتفق عليه وجوب العمل بجميع النصوص من القرآن وصحيح الأحاديث؛ فإذا وجدنا نَصَّيْن لنفس القضية أحدهما مطلق والآخر مقيد؛ أخذنا بما يخرجنا عن عهدة التكليف بيقين.
لقد تيقنا أن الأمر بطاعة الرسول عليه السلام مطلقة، وهو عليه السلام لا ينطق عن الهوى، وتيقنا أن لا اختلاف ولا تعارض فى نصوص القرآن والسنة، وأنه يجب قبول خبر الواحد وعليه يجب قبول زيادة الواحد العدل؛ فكيف نستخرج الحكم الزائد فى مسألة المطلق والمقيد؟
المثـــــــــــــــــــــــال الأول
"عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَمْ يَجِدْ إِزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ" [البخاري: كِتَاب اللِّبَاسِ؛ بَاب السَّرَاوِيلِ]
" عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ أَوْ وَرْسٍ وَقَالَ مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ" [البخاري: كِتَاب اللِّبَاسِ؛ بَاب النِّعَالِ السِّبْتِيَّةِ وَغَيْرِهَا]
النص الأول: ".... مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّين..." (مطلق خُفَّين: أى خُفَّين مقطوعة أو غير مقطوعة )
النص الثانى: "... فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ......." (الأمر هنا مقيد: الخُفَّين يجب قطعهما أسفل من الكعبين )
فالنص الأول يحتوى حكم واحد فقط فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ
والنص الثانى يشمل أمرين: الأمر الأول فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، والأمر الثانى وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ؛ فهنا حكم زائد وهو القطع أسفل من الكعبين.
أنا مأمور بفعل الأمر مرة واحدة؛ فيجب تنفيد الأمر بطريقة تخرجنى من عهدة التكليف.
إننا إن أخذنا بالأمر الأول ولبسنا خفين غير مقطوعين نكون قد خالفنا الأمر الثانى، وإن أخذنا بالأمر الثانى نكون قد أطعنا الأمرين.
ولك أن تقول إن الحديث الثانى به حكم زائد عن الحديث الأول ففيه أمرٌ بقطع الخفين أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ فيجب العمل بهذه الزيادة.
المثـــــــــــــــــــــــــال الثانى
قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ } [البقرة : 180]
الحديث الأول " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ" [البخاري: كِتَاب الْوَصَايَا]
الحديث الثانى "عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ" [مسلم: كِتَاب الْوَصِيَّةِ؛ بَاب]
فى الآية الكريمة الأمر بالوصية؛ قال أبو جعفر: يعني بقوله تعالى ذكره:"كُتب عليكم"، فُرض عليكم، أيها المؤمنون، الوصية = إذا حضر أحدكم الموتُ إن تَرَك خَيرًا - والخير: المال = للوالدين والأقربين الذين لا يرثونه.
النص الأول يشمل أمرين( الوصية فرض لمن يريد ولمن لا يريد):
فالأمر الأول: من لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ ففرض عليه الوصية.
والأمر الثانى: من لَهُ شَيْءٌ ولا يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ ففرض عليه أيضاً الوصية.
النص الثانى يشمل أمر واحد فقط : من لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ ففرض عليه الوصية.
إذا أخذنا بالحديث الأول نكون قد عملنا بالحديثين (نوصى؛ سواء كنا نريد أو لانريد)
وإذا أخذنا بالحديث الثانى كنا قد خالفنا الحديث الأول؛ الذى أوجب الوصية لمن يريد ولمن لا يريد.
ولك أن تقول إن الحديث الأول به حكم زائد عن الحديث الثانى فالأمر فيه بالوصية لمن يريد ولمن لا يريد فيجب العمل بهذه الزيادة وهى وجوب الوصية لمن لا يريد.
المثـــــــــــــال الثالث
النص الأول: ".... حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ..." (مطلق)
النص الثانى: ".. إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا.... " (مقيد)
الآية الأولى تشمل نهيين:
تحريم الدم المسفوح وتحريم الدم غير المسفوح. والآية الثانية تشمل نهى واحد فقط: تحريم الدم المسفوح.
فإذا أخذنا بالآية الأولى نكون قد أطعنا الآيتين، وإذا أخذنا بالآية الثانية نكون قد خالفنا الآية الأولى.
وأيضاً فالآية الأولى بها حكم زائد عن الآية الثانية فيجب العمل بهذه الزيادة وهى تحريم الدم غير المسفوح.
مدخل ثالث أيضاً؛ ففى قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا........ } [الأنعام : 145] هذه الآية لم تذكر حكم الدم غير المسفوح؛ فلو لم تكن غير هذه الآية ما حُرِّم غير الدم المسفوح، ولكن ربي جلَّ وعلا فى ثلاث سور من القرآن حرَّم مطلق الدم: المسفوح وغير المسفوح. فحتى نخرج من عهدة التكليف يجب علينا أن ننتهى عن جميع ما نهى الله عنه ونحرم مطلق الدم.
قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ } [البقرة : 173]
و قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ } [المائدة : 3]
و قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } [النحل : 115]
وأيضاً فإن سورة الانعام مكية وسورة البقرة والمائدة مدنيتان.
(ملحق 5)
أحد النصين يأمر ببعض الأشياء المأمور بها فى النص الآخر؛ أو أحد النصين ينهى عن بعض الأشياء المنهى عنها فى النص الآخر؛ فلا تعارض هنا فننفذ جميع النصوص؛ وبِلُغَةِ علماء الأصول فإن أفراد العام لا تخصصه .
المثـــــــــــــــــــــــــال الأول
(1) قال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى }[الإسراء 32]
(2) وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قَالَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ" [مسلم كتاب الإيمان باب كون الشرك أقبح الذنوب]
فليس ذكر امرأة الجار معارضاً لعموم النهي عن الزنى، فالزنى كله حرام؛ مع امرأة الجار ومع أية امرأة
المثــــــــــــــــــــــــال الثانى
(1) فى البخارى فى حديث أبى بكر رضى الله عنه".... وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ..." [البخاري: كِتَاب الزَّكَاةِ؛ بَاب زَكَاةِ الْغَنَمِ]
(2) وفى سنن أبي داود من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنه "... وَفِي الْغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ...." [سنن أبي داود: كِتَاب الزَّكَاةِ؛ بَاب فِي زَكَاةِ السَّائِمَةِ] [صحيح وضعيف سنن أبي داود - (4 / 68)حقيق الألباني :صحيح]
فالغنم السائمة هى بعض الغنم ففى هذه زكاة وفى تلك زكاة، فليس في حديث السائمة نهي عن أن يزكي غير السائمة، ولا أمر بها فحكمها مطلوب من غير حديث السائمة فنذكى السائمة وغير السائمة.
المثـــــــــــــــــــــال الثالث
(1) قال تعالى: {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:236]
(2) وقال تعالى:{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ }[البقرة:241]
فالمطلقة غير الممسوسة فى الآية الأولى داخلة في جملة المطلقات فى الآية الثانية؛ فليس فى الأمر بتمتيع المطلقة غير الممسوسة نهي عن تمتيع الممسوسة، ولا أمر به؛ فحكمها فحكمها موجود فى الآية الثانية.
(ملحق 6)
النص الأول جاء بحكم مَّا في قضية معيَّنة، والنص الثانى جاء بحكم آخر في تلك القضية بعينها.
فليس فى ذلك تعارض؛ ولكنهما جميعاً مقبولان ومأخوذ بهما.
المثـــــــــــــــــــــال الأول
(1) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا" [مسلم: كتاب النكاح بَاب تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا فِي النِّكَاحِ]
قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23) وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } [النساء:24]
فكان نهي النبيِّ عليه السلام مضافاً إلى ما نهى الله عنه في هذه الآية؛ فليس بين النصين تعارض ولكنهما جميعاً مأخوذ بهما.
المثــــــــــــــــــــال الثانى
اغتساله صلى الله عليه وسلم بين وطئه المرأتين من نسائه رضي الله عنهنَّ، وتركه الاغتسال بينهما حتى يغتسل من آخرهن غسلاً واحداً.
" عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كان يَطُوفُ عَلَى جَمِيعِ نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ ثُمَّ يغتسل غسلاً واحداً" [صحيح ابن حبان: كتاب الطهارة؛ باب أحكام الجنب][ التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان؛ تعليق الشيخ الألباني: صحيح]
"عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ قَالَ قُلْتُ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا قَالَ هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ وَأَطْهَرُ" [ سنن أبي داود: كِتَاب الطَّهَارَةِ؛ بَاب الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ]
(ملحق 7)
إن النسخ فى اللغة يعنى الإزالة:
• فجائز أن تزال الآية ويرتفع حكمها.
• وجائز أن تزال الآية ويبقى حكمها.
• وجائز أن يبطل حكم الآية ويبقى لفظها.
• وجائز أن تُنْسى الآيةَ كليةً.
وكل هذه الوجوه لا يمكن معرفتها إلا عن طريق بيان الرسول عليه السلام.
لابد إذن فى النسخ من نص واضح بَيِّن، بأن هذا الحكم أو تلك الآية منسوخة.
وكذلك الأمر فى السنة؛ فقد ينسخ الحديث بحديث آخر متأخر عنه مع بيان الرسول عليه السلام بذلك.
كيفية البيــــــــــــــــــــان
(1) أَنْ يَكُونَ لفظ الرسول عليه السلام صريحاً فى النسخ؛ كقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "... نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضْحَى بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا ...." [موطأ مالك: كِتَاب الضَّحَايَا؛بَاب ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ]
(2)أن يَكُونَ لَفْظُ الصَّحَابِيِّ رضى الله عنه صريحاً فى النسخ؛ نَحْوُ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَرَنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجِنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ "فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: شَهِدْتُ جَنَازَةً فِي بَنِي سَلِمَةَ فَقُمْتُ فَقَالَ لِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ: اجْلِسْ فَإِنِّي سَأُخْبِرُكَ فِي هَذَا بثبتٍ: حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا بِرَحْبَةِ الْكُوفَةِ يَقُولُ لِلنَّاسِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجَنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وأمر بالجلوس" [صحيح ابن حبان: كتاب الجنائز وما يتعلق بها مقدما أو مؤخرا؛ فصل في القيام للجنازة] [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: تعليق الشيخ الألباني: صحيح]
ونحو قول جابر رضى الله عنه "كَانَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ""[سنن أبي داود : كِتَاب الطَّهَارَةِ؛ بَاب فِي تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ] [تحقيق الألباني :صحيح ، صحيح أبي داود]
ونحو ما رواه ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ وقَالَ الزُّهْرِيُّ وَكَانَ الْفِطْرُ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ "عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ قَالَ وَكَانَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّبِعُونَ الْأَحْدَثَ فَالْأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ ..... قَالَ سُفْيَانُ لَا أَدْرِي مِنْ قَوْلِ مَنْ هُوَ يَعْنِي وَكَانَ يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..... قَالَ الزُّهْرِيُّ وَكَانَ الْفِطْرُ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ ..... قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَكَانُوا يَتَّبِعُونَ الْأَحْدَثَ فَالْأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ وَيَرَوْنَهُ النَّاسِخَ الْمُحْكَمَ" [مسلم: كِتَاب الصِّيَامِ؛ بَاب جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ....]
ومثل ما روى روي أنه عليه السلام رخص في الحجامة للصائم، والرخصة لا تكون إلا بعد نهي "وعن أبى سعيد الخدرى: " رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فى القبلة للصائم , والحجامة" [قال الألبانى بعد ان ساق طرق الحديث: فالحديث بهذه الطرق صحيح لا شك فيه , وهو نص فى النسخ][إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (4/ 75)]
" وعن أبي سعيد الخدري قال : رخص للصائم في الحجامة والقبلة" [صحيح ابن خزيمة: كتاب الصيام؛ جماع أبواب الأفعال اللواتي تفطر الصائم]
(3) يقين بتأخر أحد النصين عن الآخر مع عدم القدرة على الجمع بينهما
"......وَكَانَ صَحَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَّبِعُونَ الْأَحْدَثَ فَالْأَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ....." [مسلم: كِتَاب الصِّيَامِ؛ بَاب جَوَازِ الصَّوْمِ وَالْفِطْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ....]
نَحْوَ مَا رَوَاهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي" [البخاري: كِتَاب الْغُسْلِ ؛ بَاب غَسْلِ مَا يُصِيبُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ]
و قَدْ سَأَلَ الزُّهْرِيُّ عُرْوَةَ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - حَدَّثَتْهُ "..... أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَا يَغْتَسِلُ. وَذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، ثُمَّ اغْتَسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالْغُسْلِ"[صحيح ابن حبان : كتاب الطهارة ؛ باب الغسل، ذِكْرُ الْوَقْتِ الَّذِي نُسِخَ فِيهِ هَذَا الْفِعْلُ ] [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان تعليق الشيخ الألباني:صحيح لغيره]
(ملحق 8)
الجمع بين الاحاديث
مثـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــال
"..... سَمِعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ عِمْرَانُ فَلَا أَدْرِي أَذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ وَيَخُونُونَ وَلَا يُؤْتَمَنُونَ وَيَنْذُرُونَ وَلَا يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ" [البخاري: كِتَاب الْمَنَاقِبِ؛ بَاب فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ رَآهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَصْحَابِهِ]
" عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا" [ مسلم: كِتَاب الْأَقْضِيَةِ ؛ بَاب بَيَانِ خَيْرِ الشُّهُودِ]
قال فى قاموس اللغة العربية المعاصر استشهد على رأيه بكذا : دلَّل عليه ، أكّده ، جاء بشاهد عليه.
وفى شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (12/ 3844) " قالوا: والجمع بينهما أن الذم في ذلك لمن بادر بالشهادة في حق من هو عالم بها قبل أن يسألها له صاحبها، وأما المدح فهو لمن كانت عنده شهادة لأحد لا يعلم بها فيخبره بها ليستشهده عند القاضي....."
وفى مطالع الأنوار على صحاح الآثار (6/ 82) " قوله: "يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ" قيل: بالباطل الذي لم يشهدوا عليه ولا كان. وقيل: يحلفون كذبًا ولا يستحلفون، كما قاله في رواية أخرى: "تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ" واليمين تسمى شهادة، ومنه: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6]"
(ملحق 9)
أمثلة لنصين بينهما عموم وخصوص فواجب أن نعمل بالنصين؛ ولن يكون هذا إلا بأن يُستثنى الأخص من الأعم؛ فيستعمل الأخص كما هو، ويستعمل الأعم فى ما عدا ما أخرجنا منه بالاستثناء؛ يدل على ذلك قول النبى عليه السلام لأَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عندما دعاه النبى عليه السلام وهو يصلى (ولم يستجب أبو سعيد لعموم النهى عن الكلام فى الصلاة): "مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}" فَهَذَا مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِشَارَةٌ إِلَى العمل بجميع النصوص واستثناء الأخصّ من الأعمّ ‏‏ ‏فآية سورة الأنفال أخصّ من آية سورة البقرة. ‏
وأيضا عندما أخذ ابو السنابل فى قصة سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ بعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } [البقرة : 234] لم يقره عليه السلام على ذلك؛ واستثنى عليه السلام أُولَاتُ الْأَحْمَالِ من عموم النساء المتوفى عنهن أزواجهن {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق : 4]
المثــــــــــــــــــــــــــــال الأول
(الأمر بِالسُّكُوتِ" فى الصلاة، الاسْتَجِابةُ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ)
(1) عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ:"كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا أَخَاهُ فِي حَاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:‏{‏حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ‏}‏ [البقرة:238] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ" [البخاري:كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ؛ بَاب { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ }]
(2) قال تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الْأَنْفَالِ: 24]
فى حديث زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ فى الصلاة وفى الآية أمرٌ بإجابة الرسول مطلقاً فى كل وقت [تفسير القرطبي: اسْتَجِيبُوا" أَجِيبُوا]
(3) عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كُنْتُ أُصَلِّي فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَانِي فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}"[البخارى: كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ]
المثــــــــــــــــــــــــــال الثانى
"عن عبد الله بن مسعود أن سبيعة بنت الحارث وضعتحملها بعد وفاة زوجها بخمس عشرة ليلة، فدخل عليها أبو السنابل، فقال: كأنك تحدِّثين نفسك بالباءة؟ ما لك ذلك حتى ينقضي أبعد الأجلين، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما قال أبو السنابل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم "كذب أبو السنابل، إذا أتاك أحد ترضينه؛ فأتيني به، أو قال: فأنبئيني " فأخبرها أن عدتها قد انقضت. [سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (7/ 810) قال الالبانى وأخرجه أحمد أيضاً، وإسناده صحيح، قال الهيثمي (5/3) :"ورجاله رجال الصحيح "]
"عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قال حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الْأَسْلَمِيَّةِ فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ وَهُوَ فِي بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَقَالَ لَهَا مَا لِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً لَعَلَّكِ تَرْجِينَ النِّكَاحَ إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَالَتْ سُبَيْعَةُ فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَتَزَوَّجَ حِينَ وَضَعَتْ وَإِنْ كَانَتْ فِي دَمِهَا غَيْرَ أَنْ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَطْهُرَ" [مسلم:كِتَاب الطَّلَاقِ؛ بَاب انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَغَيْرِهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ]
المثــــــــــــــــــــال الثالث
(وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا، لا قَطْعَ إِلاَّ فِي رُبُعِ دِينارٍ فَصَاعِداً)
أمر الله عز وجل بقطع يد السارق والسارقة جملة قال الله عز وجل: { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]
وقال عليه السلام : «لا قَطْعَ إِلاَّ فِي رُبُعِ دِينارٍ فَصَاعِداً»[مسلم: كتاب الحدود؛ باب حد السرقة] فوجب استثناء سارق أقل من ربع دينار من القطع، وبقي سارق ما عدا ذلك على وجوب القطع عليه.
المثـــــــــــــــــــال الرابع
(النهى عن نكاح المشركات، إباحة زواج الكتابيات)
قال تعالى:{وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة:221]
وقال تعالى:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5]
فأباح الله سبحانه وتعالى المحصنات من نساء أهل الكتاب بالزواج فكن بذلك مستثنيات من جملة المشركات، وبقي سائر المشركات على التحريم.
المثــــــــــــــــــــال الخامس
(1) قال عليه السلام:«....... دِماؤُكُمْ وَأَمْوَالُكُمْ وَأَعْرَاضُكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ.......» [البخارى: كتاب الحج؛ باب الخطبة أيام منى]
(2) وأمر الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه صلى الله عليه و سلم بقتل من ارتد بعد إسلامه، أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفساً "عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُثْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانِهِ فَعَلَيْهِ الرَّجْمُ أَوْ قَتَلَ عَمْدًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ أَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ إِسْلَامِهِ فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ" [سنن النسائي: كِتَاب تَحْرِيمِ الدَّمِ ؛ الْحُكْمُ فِي الْمُرْتَدِّ][ صحيح وضعيف سنن النسائي: تحقيق الألباني : صحيح]
وأمر عليه السلام بأخذ أموال معينة في الزكاة والنفقات والكفارات، فكان هذا وغيره مما هو مذكور فى الأحاديث الصحيحة مستثنى من جملة تحريم الدماء والأموال والأعراض، وبقي سائرها على التحريم.
المثــــــــــــــــــــال السادس
(1) قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ" [البخاري: كِتَاب الْجُمُعَةِ؛ بَاب الْإِنْصَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَإِذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا وَقَالَ سَلْمَانُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الْإِمَامُ]
(2) قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }[النساء:86]
المعهود والأصل فى الخطبة إباحة الكلام،كما كان الكلام مباحاً فى الصلاة؛ثم جاء النهي عن الكلام في الخطبة، فكان هذا النهي زيادة على معهود الأصل، وما كنا عليه قبل النهى، فحرم علينا الكلام في الخطبة. ثم جاء الأمر بِرَدِّ السلام وإفشائه، فكان ردُّ السلام وإفشاؤه أخصَّ من النهي عن الكلام، فبين النصين عموم وخصوص، فوجب استثناء الأخص من الأعم، فننتهى عن الكلام إلا رد السلام.
وأما رد السلام فى الصلاة ففيه نصٌّ؛ فلا نرد السلام فى الصلاة. " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا نُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ وَنَأْمُرُ بِحَاجَتِنَا فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ قَدْ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ" [سنن أبي داود: كِتَاب الصَّلَاةِ؛ بَاب رَدِّ السَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ][ صحيح وضعيف سنن أبي داود (2/ 424): تحقيق الألباني : حسن صحيح] فأشبهت هذه القضية قضية أبى سعيد وأبى بن كعب.
المثـــــــــــــــــــــال السابع
من رَقَدَ عَنْ الصَّلَاةِ يُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا
النَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ و بَعْدَ الصُّبْحِ
(1) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} " [مسلم: كتاب المساجد؛ باب قضاء الصلاة الفائتة]
(2) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَعَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ" [مسلم كتاب صلاة المسافرين باب الاوقات المنهى عن الصلاة فيها]
أَيْ بَعْدَ صَلَاة الصُّبْح لحديث البخارى" ..... وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ...."[البخاري: كِتَاب الْحَجِّ؛ بَاب حَجِّ النِّسَاءِ]
ـــ هناك نهى عام لجميع المسلمين فى جميع الأزمنة أن لا يصلون أى صلاة بعد أداء صلاة العصر والصبح.
ـــ وهناك أمرٌ خاص لمن نام عن صلاة أو نسيها أن َيُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا فى أى وقت فأشبهت أيضا قضية أبى سعيد.
ـــ فنستثنى الأمر الخاص من النهى العام.
ـــ وأيضاً فقد انتقل الوقت بالنسبة إليه؛ فهى شريعة زائدة عن معهود الأصل الذى كنا عليه.
المثــــــــــــــــــــال الثامن
(1) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ" [مسلم كتاب: الحج؛ بَاب وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَسُقُوطِهِ عَنْ الْحَائِضِ]
(2) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:" رُخِّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ إِذَا أَفَاضَتْ" [البخارى: كتاب الحج؛ بَاب إِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ]
ـــ فالحديث الأول ينهى جميع الحجاج أن لا ينصرفوا من مكة حتى يطوفوا طواف الوداع؛ والحديث الثانى يبيح للحائض أن تنصرف بعد الإفاضة ولا تطوف طواف الوداع.
ـــ فنستثنى الحديث الثانى من الحديث الأول؛ فلا ينفر أحد حتى يطوف بالبيت، إلا الحائض فتنصرف بدون طواف الوداع. ولهذا عنون مسلم فى صحيحه الباب بقوله [بَاب وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَسُقُوطِهِ عَنْ الْحَائِضِ]
(ملحق 10)
أمثلة لنصين بينهما تعارض تام وقد أمكن التمييز بين السابق والتالى منهما فنأخذ بالنص الأخير؛ وهذا نسخ.
المثال الأول
(تعارض قول وقول وقد تيقينا بالآخر منهما؛ وهذا نسخ إِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا؛ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وأمر بالجلوس)
(1) " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ" [مسلم: كِتَاب الْجَنَائِزِ؛ بَاب الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ]
(2) " عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا وَاقِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ: شَهِدْتُ جَنَازَةً فِي بَنِي سَلِمَةَ فَقُمْتُ فَقَالَ لِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ: اجْلِسْ فَإِنِّي سَأُخْبِرُكَ فِي هَذَا بثبتٍ: حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا بِرَحْبَةِ الْكُوفَةِ يَقُولُ لِلنَّاسِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجَنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وأمر بالجلوس"[صحيح ابن حبان:كتاب الجنائز وما يتعلق بها مقدما أو مؤخرا؛فصل في القيام للجنازة] [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان:تعليق الشيخ الألباني: صحيح - ((أحكام الجنائز)) (100 ـ 101)].
المثــــــــــــــال الثانى
(نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضْحَى بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا)
" عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا فَقَالَ انْظُرُوا أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ لُحُومِ الْأَضْحَى فَقَالُوا هُوَ مِنْهَا فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا فَقَالُوا إِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَكَ أَمْرٌ فَخَرَجَ أَبُو سَعِيدٍ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَأُخْبِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضْحَى بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ الِانْتِبَاذِ فَانْتَبِذُوا وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا يَعْنِي لَا تَقُولُوا سُوءًا" [موطأ مالك: كِتَاب الضَّحَايَا؛بَاب ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ]
المثــــــــــــــــال الثالث
(كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَا يَغْتَسِلُ وَذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ثُمَّ اغْتَسَلَ بعد ذلك وأمر الناس بالغسل)
(1) "عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ عُرْوَةَ عَنِ الَّذِي يُجَامِعُ وَلَا يُنزل؟ قَالَ: عَلَى النَّاسِ أَنْ يأخذوا بالآخِرِ فالآخر مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَا يَغْتَسِلُ وَذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ ثُمَّ اغْتَسَلَ بعد ذلك وأمر الناس بالغسل"[صحيح ابن حبان: كتاب الطهارة؛ باب الغسل] [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان: تعليق الشيخ الألباني؛ صحيح لغيره]
(2) "عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّ الْفُتْيَا الَّتِي كَانُوا يَفْتُونَ أَنَّ الْمَاءَ مِنْ الْمَاءِ كَانَتْ رُخْصَةً رَخَّصَهَا رَسُولُ اللَّهِ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَمَرَ بِالِاغْتِسَالِ بَعْدُ [سنن أبي داود: كِتَاب الطَّهَارَةِ؛بَاب فِي الْإِكْسَالِ][تعليق الشيخ الألباني: صحيح ـ ((صحيح أبي داود)) (209)].
(3) " عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ رَهْطٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّونَ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إِلَّا مِنْ الدَّفْقِ أَوْ مِنْ الْمَاءِ وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ بَلْ إِذَا خَالَطَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ قَالَ قَالَ أَبُو مُوسَى فَأَنَا أَشْفِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ فَقُمْتُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَأُذِنَ لِي فَقُلْتُ لَهَا يَا أُمَّاهْ أَوْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَيْءٍ وَإِنِّي أَسْتَحْيِيكِ فَقَالَتْ لَا تَسْتَحْيِي أَنْ تَسْأَلَنِي عَمَّا كُنْتَ سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ الَّتِي وَلَدَتْكَ فَإِنَّمَا أَنَا أُمُّكَ قُلْتُ فَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ قَالَتْ عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ" [مسلم: كِتَاب الْحَيْضِ؛ بَاب نَسْخِ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ]
(4) وفى حديث أبى هريرة أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَفِي حَدِيثِ مَطَرٍ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ" [مسلم: كِتَاب الْحَيْضِ؛ بَاب نَسْخِ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ]
(ملحق 11)
أمثلة لِنصَّيْنِ بينهما تعارض تام، ولا يمكن التمييز بين السابق والتالى منهما؛ فنأخذ بالنص الذى ينقلنا عمَّا كنا عليه؛ فلا شك أن أى تشريع سواء كان نهياً أو أمراً فهو ناقلٌ لنا عمَّا كنا عليه؛ فإذا جاء نصٌ ينقلنا عن الحالة التى كنا عليها، و جاء نصٌّ آخر موافق لما كنا عليه، أخذنا بالناقل لنا فنحن على يقين بالتشريع الجديد وعلى شكٍ هل نسخ وعدنا للحالة الأولى أم لا.
وأيضاً إذا تيقنا بنزول تشريع جديد قد نقلنا عما كنا عليه من الإباحة الأصلية أو الأحكام والأعراف التى كانت سائدة قبل الإسلام ؛ فلا يجوز لنا العودة إلى الإباحة الأصلية أو إلى الحالة الأولى التى كنا عليها إلا ببيان واضح.
وعلى هذا فكل النصوص الموافقة لما كنا عليه قبل التشريع الجديد مرفوعة بيقين ؛ إلا إذا تيقنا بأن النص الموافق لما كنا عليه جاء بعد النص الناقل لنا عمَّا كنا عليه؛ ولن يكون هذا إلا ببيان واضح لا شك فيه كقوله عليه السلام: "....نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضْحَى بَعْدَ ثَلَاثٍ فَكُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا ......." [موطأ مالك: كِتَاب الضَّحَايَا؛بَاب ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ]
المثـــــــــــــــــال الأول
(1) (............. عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ مَرْوَانُ وَمِنْ مَسِّ الذَّكَرِ الْوُضُوءُ فَقَالَ عُرْوَةُ مَا عَلِمْتُ هَذَا فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ") [ موطأ مالك: كِتَاب الطَّهَارَةِ ؛بَاب الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ]
(2) (....... وَعَن طلق بن عَليّ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَمَا يَتَوَضَّأُ. قَالَ: «وَهَلْ هُوَ إِلَّا بَضْعَةٌ مِنْهُ» تحقيق الالبانى: صحيح [ مشكاة المصابيح:كتاب الطَّهَارَة ؛بَاب مَا يُوجب الْوضُوء, الْفَصْل الثَّانِي])
(3) " عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَدِمْنَا عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ بَدَوِيٌّ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا تَرَى فِي مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ فَقَالَ هَلْ هُوَ إِلَّا مُضْغَةٌ مِنْهُ أَوْ قَالَ بَضْعَةٌ مِنْهُ" [سنن أبي داود: كِتَاب الطَّهَارَةِ؛ بَاب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ][ صحيح وضعيف سنن أبي داود: تحقيق الألباني:صحيح]
ــــ حديث طلق موافق لما كان الناس عليه قبل ورود الامر بالوضوء من مس الفرج، هذا لا شك فيه، فنأخذ بالحكم الناقل لنا عمّا كنا عليه وهو أمر الرسول الله صلى الله عليه وسلم بالوضوء من مس الفرج.
ـــ وأيضاً كلامه عليه السلام (هل هو الا بضعة منك) دليل بين على أنه كان قبل الامر بالوضوء منه، لانه لو كان بعده لم يقل عليه السلام هذا الكلام، بل كان يبين أن الامر بذلك قد نسخ، كما فعل عليه السلام فى لحوم الأضاحى ونكاح المتعة وترك الوضوء مما مست النار فقوله هذا يدل على أنه لم يكن سلف فيه حكم أصلا وأنه كسائر الاعضاء.
(ملحق 12)
أمثلة لِنصَّيْنِ بينهما تعارض تام، ولا يمكن التمييز بين السابق والتالى منهما؛ فنأخذ بالنص الذى به حكم زائد
المثـــــــــــــــال الأول
(1) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" [مسلم: كتاب الحيض؛ باب الماء من الماء]
(2) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى حديث طويل رواه مسلم عن عائشة رضى الله عنها "....إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ...." [مسلم كتاب الحيض باب نسخ الماء من الماء]صحيح مسلم (2/ 257)
ـــ الحديث الأول يقول لا غسل على من أكسل، والحديث الثانى يوجب الغسل عليه؛ فحديث عائشة رضى الله عنها فيه حكم زائد على حديث أبى سعيد وهو حكم من جامع ولم ينزل.
وإن قلنا بالقاعدة العامة من العمل بجميع النصوص؛ فإن أخذنا بحديث السيدة عائشة رضى الله عنها نكون قد عملنا بالحديثين؛ وإن أخذنا بحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ نكون قد تركنا العمل بحديث السيدة عائشة.
وأيضاً حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ذكر أن الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" ولم يذكر حكم الإكسال؛ فيجب أن نطلبه من نص آخر؛ فكان حديث السيدة عائشة رضى الله عنها يوجب الغسل من الإكسال.
المثــــــــــــــــــــــال الثانى
(1) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ" [البخاري: كِتَاب الزَّكَاةِ؛ بَاب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ]
(2) عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَيْسَ فِي الْعَبْدِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةُ الْفِطْرِ" [مسلم: كِتَاب الزَّكَاةِ؛بَاب لَا زَكَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَفَرَسِهِ]
ـــ حديث ابن عمر يوجب زكاة الفطر على العبد المسلم ولم يذكر حكم العبد الغير مسلم.
ـــ ثم جاء حديث أبى هريرة فيوجب زكاة الفطر على مطلق العبد المسلم وغير المسلم.
ـــ فكأن حديث أبى هريرة به حكم زائد على حَدِيثِ ابن عمر فيجب العمل به.
ـــ وأيضاً إن أخذنا بحديث أبى هريرة نكون قد أخذنا بالحديثين وإن أخذنا بحَدِيثِ ابن عمر نكون قد خالفنا حديث أبى هريرة.
(ملحق 13) لقد تيقنا أن الأمر بطاعة الرسول عليه السلام مطلقة، وهو عليه السلام لا ينطق عن الهوى، وتيقنا أن لا اختلاف ولا تعارض فى نصوص القرآن والسنة، وأنه يجب قبول خبر الواحد وعليه يجب قبول زيادة الواحد العدل؛ فكيف نميز بين الحكم الزائد؟ (ينظر ملحق 1)
التوقيع


يقول إلهنا رُدُّوا إِلَىّ إذا اختلفتم
وقائلُهم يقولُ:أنا أختارُ إن كثر المقــول
فأىُّ الفريقين أشــــــــــــــــــــــــدُّ قرباً
من البيضـــــــــــــــــاءِ يترُكهـــا الرســـــــولُ
دكتور كامل محمد
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 01:05 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.