انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > القرآن الكريم

القرآن الكريم [أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوبٍ أقفالها] .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-09-2014, 03:33 PM
نور الماجد نور الماجد غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي تفسير سورة ( العصر ) : الشيخ زيد البحري

 



( تفسير سورة العصر )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
أما بعد :
فقد قال الله عز وجل { وَالْعَصْرِ{1} إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{3}
هذه السورة يقول عنها الإمام الشافعي رحمه الله " لو لم ينزل الله عز وجل على الناس إلا هذه السورة لكفتهم "
ولعلها السورة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قوله ( لو لم ينزل الله على الناس إلا سورة لكفتهم ) أُبهمت في الحديث ، فلعل الشافعي رحمه الله يفسر هذا الحديث بأن هذه السورة هي سورة العصر
وهي سورة قصيرة في آياتها ولكنها عظيمة في معانيها .
قال تعالى { وَالْعَصْرِ{1}
هنا قَسَم من الله عز وجل بالعصر ، ما هو هذا العصر ؟
العصر هو الزمن ، الدهر ، ويدخل فيه ضمنا كما قال بعض العلماء ما بعد الزوال إلى الغروب ، ويدخل ضمنا أيضا كما قال بعض العلماء صلاة العصر لأنها الصلاة الوسطى .
فأقسم عز وجل بالزمن ، وقسمه عز وجل بالزمن جاء في مواضع متعددة {وَالضُّحَى }الضحى1 ، أقسم بالضحى ، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى }الليل1 أقسم بالليل ، {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى }الليل2 أقسم بالنهار .
لم أقسم عز وجل بالزمن ؟ لكي يبين عز وجل للناس أن الزمن عظيم ، وأن هذه الدنيا لا تمدح إلا إذا جُعلت مطية للآخرة فاستفيد من ليلها ونهارها ، فلا يضيع الإنسان على نفسه الأوقات التي تمر به دون أن يتقرب فيها إلى الله عز وجل ، ولذا لو نظرنا إلى ما بعدها من الآيات لوجدنا أن هذا يؤكد ما قررناه .
والقسم في اللغة تأكيد ، ما الذي بعدها ؟
{ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ{2}
{ إن } هنا مُؤكِدة ، تأكيد ثاني ، أي أن كل إنسان ، لأن [ أل ] التي في الإنسان هنا تدل على العموم المطلق ، لأن علامة العموم المطلق في [ أل ] أن تحْذَف ويصح أن يحل محلها [ كل ] يعني [ كل إنسان لفي خسر ] هكذا حكم الله عز وجل على بني الإنسان أنه في خسارة .
ثم عبَّر هنا بكلمة { في } لأن الإنسان كلما انحط في الضلالة كلما كان في سُفل وذل وانهيار وانحطاط ، بينما لو كان تقيا مؤمنا ما يأتي بكلمة [ في ] وإنما يأتي بكلمة [ على ] التي تدل على العلو والرفعة ، قال تعالى {أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }البقرة5 علوا بهدى الله عز وجل ، ولذلك جمع الله عز وجل بين الفريقين وفرَّق في الكلمتين ، قال تعالى { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى } في الطرف الثاني { أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }سبأ24 .
إذاً من أراد العلو فعليه بطاعة الله ، ومن أراد السُفل والذل فطريقه في معصية الله عز وجل .
ثم استثنى جل وعلا ، قال { إِلَّا }
يقول العلماء " إن الاستثناء معيار العموم ، يعني عمَّم أن الإنسان بجميع أنواعه لفي خسارة ، إلا من ؟
{ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا } هذا هو الوصف الأول
{ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } هذا هو الوصف الثاني .
{ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ } هذا هو الوصف الثالث .
{ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر } هذا هو الوصف الرابع .
قال تعالى { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا } يعني صدقوا ، ولا ينفع الصدق فقط ، لابد من عمل ، وكون الإنسان يؤمن بشيء يدل على أنه تلقى هذا الشيء ،فهذا يدل على فضل العلم ، لأنك لا تصدق بشيء إلا إذا أُخبرت به ، فهذا يدل على العلم ، فكلمة { آمنوا } تدل على العلم ، إذاً الإيمان يُتعلم ؟ نعم ، ولذلك قال بعض الصحابة رضي الله عنه ( تعلمنا القرآن والإيمان ) وقال تعالى { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ }الشورى52 ، فدل على أن الإيمان يُتعلم ، فالإنسان لا يمكن أن يزداد إيمانه إلا بالعلم الشرعي ، ومعلوم أن الإنسان كلما ازداد علما ووفقه الله عز وجل ولم يضله فإنه يكون في نور وهدى وخير وإقبال على الله عز وجل .
الصفة الثانية {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }
العمل الصالح داخل ضمن الإيمان ، لكن الله عز وجل أفرد العمل الصالح بالذكر من باب الاهتمام به ، ما هو العمل الصالح ؟
هو الذي أخلص العبد فيه لله عز وجل ، وكان هذا العمل على مقتضى سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم – سبحان الله – إذا عمل الإنسان العمل الصالح يكافئه الله عز وجل بصلاح حاله في دنياه قبل أخراه ، ما رأينا إنسانا يعمل صالحا إلا أصلح الله عز وجل له حاله وشأنه في حياته ، ففي أخراه من باب أولى ، وهذا يدل على فضل العمل الصالح ، وأن الإنسان يقتطف ثماره في دنياه قبل أخراه .
الصفة الثالثة { وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ }
آمنت وتعلمت وعملت العمل الصالح ، سُررت به ، هذا نعيم ولذة ،ما الواجب عليك ؟ عليك أن تنقل هذا النعيم الذي شعرت به إلى أخوانك الآخرين ، لا تكن أنانيا ، ولذا قال تعالى { وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ } والحق : هو العمل الصالح ، هو الإيمان ، فهو حق لأنه آتٍ من الله عز وجل وهو الحق ، يعني الراسخ القوي الذي من سلكه فلن تزل قدمه بإذن الله عز وجل لا في هذه الدنيا ولا على الصراط الذي يوضع على متن جهنم .
{ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ } يعني يوصي بعضهم بعضا ، وفي هذا دليل على النصيحة ، فإذا رأيت من أخيك المسلم ما يخالف شرع الله عز وجل فإن عليك أن تناصحه ، وعليه أن يقبل منك .
ويدل هذا على أن الصالحين يجب أن يتواصوا بالخير لأن أهل الفسق والفجور يتواصون على الشر ، ولذلك الفاسق يحب أن يعمل غيره مثلما يعمل حتى يشاركه ، ولذا أهل الباطل لما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ( قولوا كلمة تسودون بها العرب والعجم ، قالوا نقول ألف كلمة ، قال قولوا " لا إله إلا الله " ) لكنهم علموا بمقتضاها ، فماذا قالوا {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ }ص6 يريده محمد منا ، والآخرون ماذا قالوا ؟ { لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ }نوح23 ، يتواصون بالباطل ، ألا يجدر بأهل الحق أن يتواصوا على الحق وعلى العمل به ؟
الصفة الرابعة { وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ }
نقل هذا النعيم وهو العمل الصالح إلى غيرك ، ربما تؤذى ، ربما تشتم ، ربما تُضرب ، ربما يؤخذ مالك ، لكن لابد من الصبر ، فالطريق ليس ممهدا ، فعليك أن تصبر لأنه في سبيل الله عز وجل ، وهذا يدل على أن الصراع قائم بين أهل الحق والباطل إلى قيام الساعة ، فلا يستغرب أحد أن يفعل أهل الباطل ما يفعلون في زمننا هذا أو ما سيكون في الزمن الآتي ، لكن ماذا علينا نحن ؟
أن نتواصى فيما بيننا على الحق وأن ننقل هذا الحق وأن نصبر على الأذى فيه ، ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله " إن من تمسك بهذه الصفات الأربع المذكورة في هذه السورة صار عالما ربانيا " من هو العالم الرباني ؟ هو من علم العلم الشرعي وعمل به ودعا إليه وصبر على تحمل الأذى في الدعوة إليه " وهي المسائل الأربع التي ذكرها الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهَّاب رحمة الله عليه ، قال ( اعلم رحمك الله أنه يجب عليك تعلم أربع مسائل ، ذكر العلم والعمل والدعوة والصبر )
فأنت يا ابن آدم محكوم عليك بالخسارة إلا إن أنقذك الله عز وجل ، وسبيل الإنقاذ العلم الشرعي ثم العمل الصالح ثم الدعوة إلى هذا العمل الصالح ثم الصبر على تحمل الأذى .
هذا هو الوجه الذي ذكره معظم العلماء في تفسير هذه السورة ، ولهم تفسير آخر ، لكن هذا التفسير أشهر وأوضح وهو الذي يليق بهذه السورة العظيمة .
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح ، والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
[/COLOR]
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 12:40 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.