انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-10-2016, 08:09 PM
عبدالله الأحد عبدالله الأحد غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي تفسير كلمة التوحيد

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله

تفسير شهادة أن لا إله إلا الله، هذه الشهادة أعظم كلمة قالها مكلَّف ولا شيء أعظم منها؛ وذلك لأن معناها هو الذي قامت عليه الأرض والسماوات، وما تعبَّد المتعبدون إلا لتحقيقها ولامتثالها. شهادة أن لا إله إلا الله. الشهادة: · تارة تكون شهادة حضور وبصر. · وتارة تكون شهادة علم. يعني يشهد على شيء حضرَه ورآه أو يشهد على شيء علمه. هذان نوعان بمعنى الشهادة، فإذا قال قائل: أشهد. فيحتمل أنه سيأتي بشيء رآه أو بشيء علمه. وأشهد أن لا إله إلا الله هذه شهادة علمية، ولهذا في قوله: أشهد. العلم. والشهادة في اللغة وفي الشرع وفي تفاسير السلف لآي القرآن التي فيها لفظ (شَهِدَ) قوله: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة ُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[آل عمران:18]، وكقوله: ﴿مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾[الزخرف:86] (شَهِدَ) تتضمن أشياء: الأول الاعتقاد بما سينطق به: الاعتقاد بما شهده؛ شهد أن لا إلـه إلاَّ الله؛ يعني اعتقد بقلبه معنى هذه الكلمة، وهذا فيه العلم وفيه اليقين؛ لأن الشهادة فيها الاعتقاد، والاعتقاد لا يسمى اعتقادا إلاَّ إذا كان ثمَّ علم ويقين.الثاني التكلم بها ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة ُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ﴾[آل عمران:18]، صار اعتقادا وصار أيضا إعلاما ونطقا بها.والثالث الإخبار بذلك والإعلام به: فيَنطقه بلسانه من جهة الواجب، وأيضا لا يسمى شاهدا حتى يخبر غيره بما شهد. هذا من جهة الشهادة. فإذن يكون أشهد أن لا إله إلاَّ الله معناها: أعتقد وأتكلم وأُعلم وأخبر بأن لا إله إلا الله، فافترقت -إذن- عن حال الاعتقاد، وافترقت -إذن- عن حال القول، وافترت -إذن- عن حال الإخبار المجرد عن الاعتقاد، فلا بد من الثلاثة مجتمعة. ولهذا نقول في الإيمان أنه اعتقاد الجنان وقول اللسان وعمل الجوارح والأركان. لا إله إلاَّ الله هذه هي كلمة التوحيد وهي مشتملة من حيث الألفاظ على أربعة ألفاظ: الأول: لا، الثاني: إله.الثالث: إلاَّ. الرابع لفظ الجلالة: الله.أمَّا (لا) هنا فهي النافية للجنس؛ تنفي جنس استحقاق الألوهية عن أحد إلاَّ الله جل وعلا, يعني في ذا السياق. وإذا أتى بعد النفي (إلاَّ) -وهي أداة الاستثناء- صارت تفيد معنىً زائدا وهو الحصر والقصر. فيكون المعنى: الإلـهية الحقة أو الإلـه الحق هو الله بالحصر والقصر، ليس ثمَّ إلـه حق إلاَّ هو دون من سواه. وكلمة (إلـه)من جهة الوزن فِعَال، قالوا: فعال تأتي أحيانا بمعنى فاعِل وتأتي أحيانا بمعنى مفعول.وننظر هنا فنجد كلمة (ألَهَ) في اللغة بمعنى عَبَدَ. وقال بعض اللغويين أَلَهَ, يألَهُ فلان إذا تحيَّر، وسُمي عندهم الإلـه إلـها؛ لأنّ الألباب تحيَّرت في كنه وصفه وكنه حقيقته. وهذا القول ليس بجيد. بل الصواب كلمة إلـه فِعَال بمعنى مفعول يعني المعبود فإله مهناها المعبود، ويدل على ذلك ما جاء في قراءة ابن عباس أنه قرأ في سورة الأعراف ﴿أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وإلـهَتَك﴾[الأعراف:127] كان ابن عباس يقرؤها هكذا (وَيَذَرَكَ وإلـهَتَك)، قال: لأن فرعون كان يُعبد ولم يكن يَعبد فصوب القراءةبـ(وَيَذَرَكَ وإلـهَتَك) بمعنى وعبادتك، وقراءتنا وهي قراءة السبعة (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) يعني المتقدمين. فهذا معناه أن ابن عباس فهم الإلهة معنى العبادة، قد قال الراجز في شعره المعروف الذي ذكرته لكم من قبل:
لله درّ الغانيات المـُــدّهِ
سبّحن واسترجعن من تألهي

يعني من عبادتي. فإذن يكون الإله هو المعبود، لا إلـه يعني لا معبود، إلا الله، هنا لا معبود، لا النافية للجنس كما تعلمون تحتاج إلى اسم وخبر؛ لأنها تعمل عمل إنَّ؛
عَمَلَ إِنَّ اجْعَلْ لِلا في نَكِرَه
............................

فأين خبر لا النافية للجنس؟ كثير الناس من المنتسبين للعلم قدَّرُوا الخبر: لاإله موجود إلا الله.وهذا يحتاج إلى مقدمة قبله وهو أن المتكلمين الأشاعرة والمعتزلة ومن ورثوا علوم اليونان قالوا: إن كلمة (إلـه) هي بمعنى فاعل؛ لأن فِعَال تأتي بمعنى مفعول أو فاعل، فقالوا هي بمعنى آلِـهْ والآلِـهُ هو القادر، ففسروا الإلـه بأنه القادر الاختراع، ولهذا تجد في عقائد الأشاعرة ما هو مسطور في شرح العقيدة السَّنوسية التي تسمى عندهم بأم البراهين قال مانصه فيها: الإله هو المستغني عما سواه المفتقر إليه كل ما عداه. قال فمعنى لا اله إلا الله لا مستغنيا عما سواه و لا مفتقرا إليه كل ما عداه إلا الله، ففسروا الألوهية بالربوبية، وفسروا الإلـه بالقادر على الاختراع أو بالمستغني عما سواه المفتقر إليه كل ماعداه.وبالتالي يقدرون الخبرموجود لا إله موجود؛ يعني لا قادر على الاختراع والخلق موجود إلا الله, لا مستغنيا عما سواه ولا مفتقرا إليه كل ما عداه موجود إلا الله؛ لأن الخلق جميعا محتاجون إلى غيرهم.وهذا الذي قالوه هو الذي فتح باب الشرك في المسلمين؛ لأنهم ظنوا أن التوحيد هو إفراد الله بالربوبية، فإذا اعتقد أن القادر على الاختراع هو الله وحده صار موحدا، إذا اعتقد أن المستغني عما سواه والمفتقر إليه كل ما عداه هو الله وحده صار عندهم موحدا، وهذا من أبطل الباطل أين حال مشركي قريش الذين قال جل وعلا فيهم ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾[العنكبوت:61] وفي آية أخرى﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ﴾[الزخرف:9]،ونحو ذلك من الآيات وهي كثيرة كقوله ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31)فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ﴾[يونس:31-32] الآيات من سورة يونس, هذا معلوم أن مشركي قريش لم يكونوا ينازعون في الربوبية. فإذن صارت هذه الكلمة دالة على غير ما أراد أولئك وهو ما ذكرناه آنفا من أن معنى لا إله يعني لا معبود، فيكون الخبر:إما أن يكون تقديره موجود، فيكون المعنى لا معبود إلا الله،وهذا باطل لأننا نرى أن المعبودات كثيرة فقد قال جل وعلا مخبرا على قول الكفار﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾[ص:5] فالمعبودات كثيرة والمعبودات موجودة، فإذن تقدير الخبر بموجود غلط.

من المعلوم أنّ المتقرر في علم العربية أن خبر لا النافية للجنس يكثر حذفه في لغة العرب وفي نصوص الكتاب والسنة؛ ذلك أن خبر لا النافية للجنس يُحذف إذا كان المقام يدل عليه، وإذا كان السامع يعلم ما المقصود من ذلك. وقد قال ابن مالك في آخر باب لا النافية للجنس حينما ساق هذه المسألة:ِ يعني باب لا النافية للجنس
وَشَاعَ فِي ذَا الْبَابِ إِسْقَاطُ الخَبَر
إِذَا الْمُرَادُ مَعْ سُقُوطِهِ ظَهَــر

إذا ظهر المراد مع حذف الخبر فإنك تحذف الخبر لأن الكلام الأنسب أن يكون مختصرا, كما قال عليه الصلاة والسلام «لاَ عَدْوَىَ، ولاَ طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَةَ، وَلاَ هَامَةَ وَلاَ صَفَرَ، وَلاَ نَوْءَ، وَلاَ غُول» أين الخبر؟ كلها محذوفات لأنها معلومة لدى السامع. فإذن الخبر هنا معلوم وهو أن الخبر موجودا يعني يقدر بموجود لأن الآلـهة عُبدت مع الله موجودة، فيقدر الخبر بقولك (بحق) أو (حقٌّ)، لا إله بحق يعني لا معبود بحق أو لا معبود حق إلا الله، إن قدرت الظرف فلا بأس، أو قدرت كلمة مفردة حق لا بأس. لا معبود حق إلا الله، هذا كلمة التوحيد، فيكون إذن كل من عبد غير الله جل وعلا عُبد نعم؛ ولكن هل عبد بالحق أو عُبد بالباطل والظلم والطغيان والتعدي؟ عُبد بالباطل والظلم والطغيان والتعدي، وهذا يفهمه العربي من سماع كلمة لا إلـه إلاَّ الله.ولهذا بئس قوم -كما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله-: بئس قوم أبو جهل أعلم منهم بـ: لا إلـه إلاَّ الله يفهم هذه الكلمة وأبى أن يقولها، ولو كانت كما يزعم كثير من أهل هذا العصر وما قبله لقالوها بسهولة ولم يدروا ما تحتها من المعاني؛ لكن يعلم أن معناها لا معبود حق إلاَّ الله، وأن عبادة غيره إنما هي بالظلم ولن يُقر بالظلم على نفسه، وبالبغي ولن يقر بأنه باغ متعد، وبالتعدي والعدوان، وهذا هو حقيقة معنى لا إلـه إلاَّ الله. وفيها الجمع بين النفي والإثبات كما سيأتي في بيان آية الزخرف ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26)إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾[الزخرف:26-27].قال الإمام رحمه الله (وقول الله تعالى﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾[الإسراء: 57]) هذه الآية تفسير للتوحيد، وذلك أننا عرّفنا التوحيد بأنه إفراد الله بالعبادة وهو توحيد الإلـهية، وهذه الآية اشتملت على الثناء على خاصة عباد الله لأنهم وحدوا الله بالإلـهية، وهذه مناسبة الآية للباب فقد وصفهم الله جل وعلا (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ) و(يَدْعُونَ) بمعنى يعبدون لأن الدعاء هو العبادة والدعاء نوعان كما سيأتي تفصيله:· دعاء مسألة.· ودعاء عبادة.قال هنا (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ) يعني يعبدون، (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) (الْوَسِيلَةَ) هي القصد والحاجة؛ يعني أن حاجاتهم يبتغونها إلى ربهم ذي الربوبية الذي يملك الإجابة، وفي قول الله جل وعلا في سورة المائدة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[المائدة:35] سئل ابن عباس رضي الله عنهما -وهي من مسائل نافع بن الأزرق المعروفة- سئل عن قوله (الْوَسِيلَةَ) في قوله (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) ما معنى الوسيلة؟ قال: الوسيلة الحاجة. فقالا: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، ألم تسمعا إلى قول الشاعر -وهو عنتر- يخاطب امرأة:
إنَّ الرجال لهم إليك وسيلة
أن يأخذوك تكحلي وتخضبي

(لهم إليك وسيلة) يعني لهم إليك حاجة. ووجه الاستدلال من آية المائدة: أنه قال (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) قدم الجار والمجرور على لفظ (الْوَسِيلَةَ)، وتقديم الجار والمجرور -وحقه التأخير- يفيد للحصر والقصر، وعند عدد من علماء المعاني يفيد الاختصاص. وهذا أو ذاك فوجه الاستدلال ظاهر في أن قوله في آية الإسراء (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ)أن حاجاتهم إنما يبتغونها عند الله، فقد اختص الله عز وجل بذلك فلا يتوجهون إلى غيره، وقد حصروا وقصروا التوجه في الله جل وعلا. وقد جاء بلفظ الربوبية دون لفظ الألوهية يعني قال (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) ولم يقل يبتغون إلى الله الوسيلة؛ لأن إجابة الدعاء والإثابة هي من مفردات الربوبية؛ لأن ربوبية الله على خلقه تقتضي أن يجيب دعاءهم وأن يعطيهم سُؤلهم؛ لأن ذلك من أفراد الربوبية. فإذن ظهر من قوله (يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) أن فيها تفسير التوحيد وهو أن كل حاجة من الحاجات إنما تُنزلها بالله جل وعلا، (يَدْعُونَ)؛ يعبدون وهم إنما يطلبون حاجاتهم من الله جل وعلا، فلا يعبدون بنوع من العبادات ويتوجهون به لغير الله، فإذا نحروا فإنما ينحرون يبتغون إلى ربهم الحاجة، وإذا صلوا فإنما يصلون يبتغون إلى ربهم الحاجة، وإذا استغاثوا فإنما يستغيثون بالله يبتغون إليه الحاجة دونما سواه, إلى آخر مفردات توحيد العبادة. فهذه الآية دالة بظهور على أن قوله (يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ) أنه هو بالتوحيد. وقد استشكل بعض أهل العلم إيراد هذه الآية في هذا الباب، وقال: ما مناسبة هذه الآية لهذا الباب؟ وبما ذكرت لك تتضح المناسبة جليا. قال جل علا (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ)، وهذه حال خاصة عباد الله أنهم جمعوا بين العبادة وبين الخوف وبين الرجاء, فيرجون رحمته ويخافون عذابه، وهم إنما توجهوا إليه وحده دونما سواه، فأنزلوا الخوف والمحبة والدعاء والرغب والرجاء في الله جل وعلا وحده دونما سواه، وهذا هو تفسير التوحيد.قال رحمه الله (وقوله تعالى:﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26)إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ﴾[الزخرف:26-27]) وجه الاستدلال من هذه الآية في قوله (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) هذه الجملة فيها البراءة وفيها الإثبات؛ البراءة مما يعبدون، قال بعض أهل العلم: تبرأ من العبادة والمعبودين قبل أن يتبرأ من العابدين؛ لأنه إذا تبرأ من أولئك فقد بلغ به الحَنَق والكراهة والبغضاء والكفر بتلك العبادة مبلغها الأعظم، وقد جاء تفصيل ذلك في آية الممتحنة كما هو معلوم. إذن مناسبة هذه الآية للباب أن قوله (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ(26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) اشتملت على نفي وإثبات، فهي مساوية لكلمة التوحيد؛ بل هي دِلالة كلمة التوحيد، ففي هذه الآية تفسير شهادة أن لا إلـه إلا الله, ولهذا قال جل وعلا بعدها (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) ما هذه الكلمة ؟ هي قول: لا إلـه إلا الله. كما عليه تفاسير السلف. فإذن قوله عز وجل (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ)هذا فيه النفي الذي نعلمه من قوله (لا إلـه)، فتفسير شهادة أن لا إلـه إلاَّ الله في هذه الآية:· (لا إلـه) معناها (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ).· (إلاَّ الله) معناها (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي).فإذن في آية الزخرف هذه أن إبراهيم عليه السلام شرح لهم معنى كلمة التوحيد بقوله (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ). والبراءة هي: الكفر والبغضاء والمعاداة. تبرأ من عبادة غير الله إذا أبغضها وكفر بها وعاداها، وهذه لابد منها، لا يصح إسلام أحد حتى تقوم هذه البراءة في قلبه؛ لأنه إنّ لم تقم هذه البراءة في قلبه فلا يكون موحدا، البراءة هي أن يكون مبغضا لعبادة غير الله، كافرا بعبادة غير الله، معاديا لعبادة غير الله، كما قال هنا (إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ).أمَّا البراءة من العابدين فإنها من اللوازم وليست من أصل كلمة التوحيد؛ البراءة من العابدين، فقد يعادي وقد لا يعادي وهذه لها مقامات منها ما هو مُكفِّر ومنها ما هو نوع موالاة ولا يصل بصاحبه إلى الكفر. إذن تحصَّل لك أن البراءة التي هي مضمنة ٌ في النفي (لا إله) بُغض لعبادة غير الله، وكفر بعبادة غير الله، وعداوة لعبادة غير الله، وهذا القدر لا يستقيم إسلام أحد حتى يكون في قلبه ذلك.
منتدى الألوكة
التوقيع

اكثروا قراءة الاخلاص وسبحان الله عدد ما خلق سبحان الله ملء ما خلق سبحان الله عدد ما في الأرض والسماء سبحان الله ملء ما في الأرض والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه سبحان الله ملء ما أحصى كتابه،سبحان الله عدد كل شيء سبحان الله ملء كل شيء الحمد لله مثل ذلك وسبحان الله وبحمده عددخلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته واكثروا الصلاة على النبي واكثروا السجود ليلاونهارا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 06:26 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.