انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين


كلام من القلب للقلب, متى سنتوب..؟! دعوة لترقيق القلب وتزكية النفس

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-16-2010, 06:49 AM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




3agek13 واستعينوا بالصبـــــــــــــر

 


{ واستعينوا بالصبر ...}

وصفة إلهية لا يقدّر جدواها إلا من جرّبها ولفترة طويلة من الصبر ،
يعرف فيها ما الصبر ، وما نتائجه ، وما أدواته ، ومن أين يُستقى ،
وكم مخزونه وإمداداته .

وصف رب العزة تلك الوصفة لعباده المؤمنين لقوة تأثيرها ونجاعة ونجاح دوائها ،

يمنحها لمن يطلبها بصدق، ويستعين بها بعزم،
ويتيقن من مقدرة المُمِد بالمدد سبحانه، ورحمته، وصِدق وعده،
ومعيته لعباده المتمسكين بحبله، الخاضعين لأمره، المعتمدين عليه وحده .

إن درجات الصبر مختلفة،
فقد يصبر الإنسان في مواضع صعبة جداً،
ولا يستطيع الصبر في مواضع أقل بكثير جداً في درجة صعوبتها،
وهذا يحدده في اعتقادي الغاية والهدف المنشود من الصبر،

ودرجة إيمان وتمسك الإنسان بتلك الغاية.

فالمؤمن قد يصبر على أشد الأذى، وامتهان الكرامة، وضياع الحقوق،

ويواجه أشد المعاناة أثناء صبره، وليس ذلك الصبر صبر الضعف والإستكانة أو الإستسلام،
بل العكس، ذلك الصبر هو السلاح الذي يقهر به أعداءه، ويستعين به للنصر عليهم،
صبر المثابرة والإقدام والعمل والإصرار من أجل غاية
لن تكون أبداً مساوية لكرامته مهما غلت أو علت،
ولا يساوي قدرها وفرحتها أي معاناة.
ذلك الهدف الذي يرخص له كل غالي،
ويهون لأجله كل عذاب ومعاناة لن يكون إلا رضا المولى العزيز والإله العظيم،
ونصرة دينه، وتحقيق حكمه، وتغليب أمره.



والموافقة بين القول والعمل، والإعتقاد والسلوك، ليس بالأمر الهين،
فقد تخور قوى الإنسان، وقد يضعف صبره أمام الضرورات والضغوط
وتنكسر نفسه مهما قويت ومهما نبلت غاياته ومقاصده،
ويأتي الوقت الذي يضع لنفسه الأعذار والأسباب
التي ستكون مقنعة وكافية للتخلي عن مبدأه ومساره،
إلا في حالة واحدة فقط، هي الحالة الوحيدة التي لا يعدد ولا حتى يُثـَنـّـي فيها المؤمن الممتثل لربه الخيار،
ولا يُرجـِع فيها التفكير، ولا يقبل فيها المساومة والنقاش أبداً،

ذلك هو أمر الله له، وشراؤه منه نفسه،
واستعماله لعلو دينه وتحكيم شرعه،
فمتى اتضح الهدف، فلا يعود هناك أمر إلا أمر الله،
ولا حكم إلا حكمه،
ولا ماضٍ إلا إرادة العلي العظيم، أحكم الحاكمين.

وفي مثال لمراتب الناس عند إصابتهم بأقدار الله،

علّق ابن قيم الجوزية في كتابه
(طريق الهجرتين وباب السعادتين)،

على تعريف ابو العباس لمنازل الناس في الصبر:

قال أبو العباس:
" وهو من منازل العوام أيضاً، لأن الصبر حبس النفس على مكروه،

وعقل اللسان عن الشكوى، ومكابدة الغُصص في تحمله،

وانتظار الفرج عند عاقبته،

وهذا في طريق الخاصة تجلد ومناوأة وجرأة ومنازعة،

فإن حاصله: يرجع إلى كتمان الشكوى في تحمل الأذى بالبلوى.

وتحقيقه: الخروج عن الشكوى بالتلذذ بالبلوى والإستبشار بإختيار المولى.

وقيل أنه على ثلاثة مقامات، مُرَتبة بعضها فوق بعض:

** فالأول التصبر، وهو تحمل مشقة وتجرع غصة والثبات على ما يجري من الحكم،

وهذا هو التصبر لله، وهو صبر العوام.

** والثاني الصبر، وهو نوع سهولة تخفف عن المُبتلى بعض الثقل،

وتسهل عليه صعوبة المراد، وهو الصبر لله، وهو صبر المريدين.

**والثالث الاصطبار، وهو التلذذ بالبلوى والإستبشار بإختيار المولى،

وهذا هو الصبر على الله، وهو صبر العارفين"

ثم رد ابن القيم على هذا التعريف، وسأقتطف منه التالي:
والكلام على هذا من وجوه:

الوجه الأول:
أن يقال: الصبر نصف الدين،

فإن الإيمان نصفان : نصفٌ صبر، ونصفٌ شكر،
{إن في ذلك لآيات لكل صبارٍ شكور}،
فمنازل الإيمان كلها بين الصبر والشكر. والذي يوضح هذا:

الوجه الثاني:
وهو أن العبد لا يخلو قط من أن يكون في نعمة أو بلية،
فإن كان في نعمة ففرضها الشكر والصبر.
أما الشكر فهو قيدها وثباتها والكفيل بمزيدها،
وأما الصبر فعن مباشرة الأسباب التي تسلبها،
وعلى القيام بالأسباب التي تحفظها،
فهو أحوج إلى الصبر من حاجة المبتلى.
ومن هنا يُعلم سر مسألة الغني الشاكر والفقير الصابر،
وأن كلاً منهما محتاج إلى الشكر والصبر،
وأنه قد يكون صبر الغني أكمل من صبر الفقير،
كما قد يكون شكر الفقير أكمل،
فأفضلهما أعظمهما شكراً وصبراً....
وإن كان في بلية ففرضها الصبر والشكر أيضاً:
أما الصبر فظاهر، وأما الشكر فالقيام بحق الله عليه في تلك البلية..

الوجه الثالث:
أن الله سبحانه ذكر الصبر في كتابه في نحو تسعين موضعاً،
فمرة أمر به،
ومرة أثنى على أهله،
ومرة أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبشر به أهله،
ومرة جعله شرطاً في حصول النصر والكفاية،
ومرة أخبر أنه مع أهله وأثنى به على صفوته من العالمين وهم أنبياؤه ورسله
{فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل}،
وهذا يدل على أن الصبر من أجلّ مقامات الإيمان،
وأن أخص الناس بالله وأولاهم به أشدهم قياماً وتحققاً به،
وأن الخاصة أحوج إليه من العامة.

الوجه الرابع:
أن الصبر سبب في حصول كل كمال،
فأكمل الخلق أصبرهم، فإن كمال العبد بالعزيمة والثبات....
قال النبي صلى الله عليه وسلم
"ما أُعطي أحدٌ عطاءً خيراً وأوسع من الصبر"

الوجه الخامس:
قوله:
"الصبر حبس النفس على مكروه وعقل اللسان عن الشكوى،
ومكابدة الغُصص في تحمله، وانتظار الفرج عند عاقبته"
فيقال: هذا أحد أقسام الصبر، وهو الصبر على البلاء،
وأما الصبر على الطاعة فقد يعرض فيه ذلك أو بعضه،
وقد لا يعرض فيه، بل يتحلى بها ويأتي بها محبةً ورضا...
وأما الصبر عن المعصية فقد يعرض فيه ذلك أو بعضه،
وقد لا يعرض فيه، لتمكن الصابر من قهر داعيها وغلبته.

وإذا كان ما ذكر من الأمور الأربعة إنما يعرض في الصبر على البلية،
فقوله: "إنه في طريق الخاصة تجلد ومناوأة وجرأة ومنازعة"
ليس كذلك، وإنما فيه التجلد، فأين المناوأة والجرأة والمنازعة؟
وأما لوازم الطبيعة –من وجود ألم البلوى- فلا تنقلب ولا تـُعدم،
فلا يصح أن يقال : أن وجود التألم والتجلد عليه
وحبس النفس عن التسخط واللسان عن الشكوى جرأة ومنازعة،
بل هو محض العبودية والإستكانة وامتثال الأمر،
وهو من عبودية الله المفروضة على عبده في البلاء.......
وهل الجرأة والمنازعة إلا في ترك الصبر، وفي التسخط والشكوى.

الوجه السادس:
قوله: " فإن حاصله يرجع إلى كتمان الشكوى،
في تحمل الأذى بالبلوى، والإستبشار باختيار المولى"
فيقال: الذي يمكن الخروج عنه هو الشكوى،
وأما أن يخرج عن ذوق البلوى، فلا يجده ولا يتلذذ به،
فهذا غير ممكن ولا هو في الطبيعة،
وإنما الممكن أن يشاهد العبد في تضاعيف البلاء
لطف صنع الله به وحسن اختياره له وبرّه به في حمله عنه مؤنة حـِمله.....

الوجه السابع:
قوله: " والثاني الصبر، وهو نوع سهولة يخفف عن المبتلى بعض الثقل،
ويسهل عليه صعوبة المراد، وهو الصبر لله، وهو صبر المريدين"
فقد تقدم أن الصبر ثمرة التصبر، وكلاهما إنما يحمد إذا كان لله،
وإنما يكون إذا كان بالله، فما لم يكن به لا يكون،
ومالم لا يكون له لا ينفع ولا يثمر،
فكلاهما لا يحصل للمريد السالك مقصوده إلا أن يكون بالله ولله.
قال تعالى في الصبر به:
"واصبر وما صبرك إلا بالله"،
وقال في الصبر له: "واصبر لحكم ربك"......

الوجه الثامن:
"الثالث الإصطبار، وهو التلذذ بالبلوى والإستبشار باختيار المولى.
وهذا هو الصبر على الله، وهو صبر العارفين."
فيقال: الإصطبار افتعال من الصبر، كالإكتساب والإتخاذ،
وهو مُشعر بزيادة المعنى على الصبر،
كأنه صار سجيةً وملكة،
قال تعالى: "فارتقبهم واصطبر"،
فالإصطبار أبلغ من الصبر.

وإذا عُلم هذا فالتلذذ بالبلوى والإستبشار باختيار الله سبحانه لا يخص الإصطبار،
بل يكون مع الصبر ومع الإصطبار،
ولكن لما كان الإصطبار أبلغ من الصبر وأقوى، كان بهذا التلذذ والإستبشار أولى. والله أعلم.


وإن جاز لي التعليق على كلام الإمام النابغة، فإنني أقول بما قال به أبو العباس:
أن الصبر يرتفع لدى من اختصهم الله بالقيام به ليصل إلى درجة المناوأة والجرأة والمنازعة،
فمع كونهم يؤدونه امتثالاً وعبودية لله،
إلا أنه أيضاً مناوأة لداعي الشيطان الذي يدعوه للتسخط أو الإستسلام،
وهو جرأة أيضاً لإن مغالبة النفس ولجمها عن الشكوى هو إصرار على مواجهة الباطل
وتلك جرأة، وهو كذلك منازعة للأنا وتمركز الشخص حول ذاته ونفسه.



أما القول بالتلذذ بالبلوى، فأقول بما قاله الإمام ابن القيم

أنه ليس من الطبيعة البشرية التلذذ بالبلوى بل العكس الكراهة لها،

وإنما يكون هناك الإستبشار باختيار الله سبحانه،

والإستبشار بما عند الله من الأجر والثواب

وحسن العاقبة والفوز في الدنيا والآخرة،

قال تعالى:
{ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.

منقول
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
بالصبـــــــــــــر, واستعينوا


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 08:19 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.