منتديات الحور العين

منتديات الحور العين (http://www.hor3en.com/vb/index.php)
-   وسائل تحصيل العلم الشرعي (http://www.hor3en.com/vb/forumdisplay.php?f=119)
-   -   (( التكرار : هو طريقة السلف في العلم والحفظ )) (http://www.hor3en.com/vb/showthread.php?t=96750)

أمّ مُصْعب الخير 06-19-2011 07:17 AM

(( التكرار : هو طريقة السلف في العلم والحفظ ))
 
[I][CENTER][B][SIZE=5] [CENTER][FONT=traditional arabic]بسم الله الرحمن الرحيم[/FONT][/CENTER]





[FONT=traditional arabic]جَاء في تَرجمة أحمدَ بنِ الفُرَاتِ ( أبي مسعودٍ الرَّازي ) : أنَّه كان يُكرِّرُ كلَّ حَديثٍ [U]خمسَ مائةِ مَرَّةٍ[/U] .(1) وقَالَ له رَجلٌ : إنَّا نَنْسى الحديثَ ؟ فقال [COLOR=#943634]: [/COLOR][COLOR=#c00000]أيُّكمْ يرْجِعُ في حِفظِ حديثٍ وَاحدٍ [U]خمس مائة مرَّة[/U][/COLOR][U][COLOR=#365f91]ٍ[/COLOR][/U] ؟! قَالوا : وَمَنْ يَقوَى عَلَى هَذَا ؟ فَقَال : [COLOR=#c00000]لِذاكَ لا تحفظون[/COLOR] (2) .[/FONT]

[FONT=traditional arabic]وفي ترجمة (أبي بَكرٍ الأَبْهَريِّ المالكيِّ ) قال : [COLOR=#c00000]قَرَأتُ مُخْتَصَرَ ابنِ عبد الحكم [U]خمسمائة مرة[/U] (والأَسَديةَ ) [U]خمساً وسبعين[/U] مرة ، و( المُوَطَّأَ ) كذلك ، و(المَبْسُوطَ) [U]ثلاثين مرة[/U] ومختصرَ ابنِ البرقي [U]سبعين مرة[/U][/COLOR] .(3) [/FONT]

[FONT=traditional arabic]هذا وأمثالُه - ممَّا سَنورِدُه إنْ شَاءَ الله - يُبَيِّنُ اِحْتِفاءَ السَّلفِ والمتقدِّمين بـ( التَّكْرَارِ ) بِوَصْفِهِ طَريقَاً من طُرُقِ تَحصِيلِ العِلْمِ ، وسَبِيلاً قَويماً لتَثْبِيتِهِ وعَدمِ نِسْيَانه ، والتَّكرَارُ – أيُّهَا الموفَّق -: عِبَارةٌ عَنْ تَكريرِ المَحْفُوظِ والمَقروءِ وإِعادَتِهِ وطُولِ تَرديده ؛ بُغْيَة ضَبْطِهِ وتَرسِيخِهِ ، كَأنْ تَعْمِدَ إلى حِزبٍ من القُرآنِ ، أو إلى حَدِيثٍ ، أو صَفْحةٍ من المتُونِ فَتَقُومَ بحِفْظِهَا ، ثُمَّ بتِكْرَارِها التَّكرارَ الكَثِيرَ ( [COLOR=black]50 ، 100 ، 200 ، ...[/COLOR]) ، فإِنَّكَ إنْ فَعَلتَ ذَلكَ اِشْتَدَ مَتنُ مَحْفُوظِك ، فَلا تُتعبُك كَثْرةُ المرَاجَعَةِ ولا تُرْهِقُكَ السُّرْعَةُ في التَّفَلت ، وصَارَ مَحْفوظكَ – في كلِّ وَقْتٍ- قَريبَ الاستِحْضَارِ ، سَهْلَ المرَاجَعَة .[/FONT]

[FONT=traditional arabic]أيُّهَا القَارئُ :[/FONT]
[FONT=traditional arabic]إنَّ مَا وَصَفتُهُ لَكَ ليس بِدْعَاً مِنَ القَولِ ، أو مِثَاليَّاتٍ مِن الخَيَال ، بلْ هَذَا مَا عَليهِ السَّلَفُ المتقدِّمون والخَلَفُ الحَاذِقُونَ في الحِفظِ وَالمطَالعة ، وأَنَا أذكُرُ لك من أقوالهم وأحوَالهِمْ مَا يَكُونُ لَكَ في دَربِك سِرَاجاً ودَليلاً :[/FONT]
[FONT=traditional arabic]فَقَد رَوَى الخَطِيبُ البَغْدِاديِّ ( في الجَامع 1/238 ) عَنْ عَلقَمةَ قَالَ : [COLOR=#c00000]اطِيلُوا ذِكرَ الحَديثِ لا يَدْرُس . [/COLOR][/FONT]
[FONT=traditional arabic]وقال عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ: سمعتُ يحيى بنَ مَعِينٍ يقولُ: [COLOR=#c00000]لَو لم نَكتُب ( [/COLOR][COLOR=black]وفي لفظٍ[/COLOR][COLOR=#c00000]: نَسْمَع ) الحَديثَ [U]خمسينَ مَرَّةً[/U] مَا عَرَفنَاه[/COLOR] . ( 4 )[/FONT]

[FONT=traditional arabic]وجَاءَ في تَرْجمة الإمَامِ أبي إسْحَاق الشِّيرَازيِّ أنَّهُ قَالَ : "[COLOR=#c00000]كُنتُ أُعيدُ كلَّ قِيَاسٍ [U]أَلفَ مَرَّةٍ[/U]، فَإذَا فَرغْتُ منه أَخذْتُ قيَاساً آخَرَ وهَكَذَا ، وكُنتُ أُعيدُ كُلَّ درسٍ [U]أَلفَ مَرَّةٍ[/U] فإذا كَانَ في المسْأَلةِ بيتٌ يُسْتَشْهدُ به حَفظتُ القَصِيدةَ[/COLOR] " ( 5 ) [COLOR=#c00000]. وكَانَ أبو إسْحَاق يُعيدُ الدَّرْسَ في بِدَايَتِه [U]مِائَةَ مَرَّةٍ[/U] [/COLOR].( كما في المنتظم لابن الجوزي 4/489) .[/FONT]

[FONT=traditional arabic]وَقَدْ قَالَ ابنُ بَشْكُوَال ( في الصلة 1/146 ) في ترجمة أبي بَكرٍ غَالبِ بنِ عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ عَطِيةَ الغرناطي (ت:518) - والدِ ابنِ عَطِيَّة المفَسِّرِ - : " [COLOR=#c00000]وَقَرأتُ بخطِّ بعضِ أصْحَابِنَا أنَّه سَمِعَ أبَا بكر بنِ عّطِيَّةَ يَذكُرُ أنَّهُ كَرَّرَ صَحِيحَ البُخَاريِّ [U]سَبعَ مِائةِ مَرَّةٍ[/U][/COLOR] " ا.هـ[/FONT]
[FONT=traditional arabic]وكَانَ الحَسن بنُ ذي النُّونِ أبو المَفَاخِرِ النَّيْسَابُوري ( المنسوبُ للمُعْتَزِلَةِ ) (ت : 545 هـ) يقولُ : [COLOR=#c00000]الشَّيءُ إذَا لم يُعَدْ [U]سَبعينَ مَرَّةً[/U] لا يَسْتَقرُّ[/COLOR] . ا.هـ ( 6 ) . وهَذَا عَلَى وَجْهِ التَّقْريبِ [COLOR=#c00000]فَقَدْ جَاءَ عَنْهُ أنَّهُ : كَانَ يُعيدُ الدَّرْسَ [U]خَمسينَ مرةً[/U][/COLOR] ( 7 )[/FONT]
[FONT=traditional arabic]وقَال الذَّهَبيُّ ( في السِّيرِ 23 /115 ) في ترجمة ابن العَجَميِّ (ت : 642هـ ) : "[/FONT][COLOR=#c00000][FONT=traditional arabic]يُقالُ: أَلْقَى ( المُهَذَّبَ ) دُرُوسَاً [U]خمسَاً وعِشْرينَ مَرَّةً[/U] [/FONT][/COLOR][FONT=traditional arabic]" ا.هـ . [/FONT]
[FONT=traditional arabic]وَقَالَ السَّخَاوي ( في الضِّياءِ اللامع 2/418 ) في ترجمة عَبدِ الَّلطيف الكِرمَانيِّ الحَنَفِي : " [COLOR=#c00000]وممن أَخَذَ عَنْهُ الزينُ قاسم والشَّمسُ الأمشاطي وحَكى لي عنه أنه سمعه يقول: طَالعت (المحيط ) للبرهاني [U]مائة مرة[/U][/COLOR] ." والمحيط البرهاني في الفقه النعماني للإمام المرغيناني في فقه الحنفية .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]وجَاءَ عن بكر بنِ محمدِ بن أبي الفَضْلِ الأَنْصَاريِّ [COLOR=#c00000]: أنَّه رُبما كَانَ في ابتداءِ طَلَبِهِ يُكرِّرُ المسْألةَ [U]أربعَ مائة مَرَّةٍ[/U][/COLOR] .( 8 ) . وسُئِلَ يوماً عن مسألةٍ غريبةٍ فَقَالَ : [COLOR=#c00000]كَرَّرتُ هَذهِ المسْألةَ لَيلةً في بُرجٍ من حِصْنِ بُخَارَى [U]أربَعَ مائة مرة[/U][/COLOR] .( 9 ) ، [/FONT]
[COLOR=#c00000][FONT=traditional arabic]وُنقِلَ عن ابنِ هِشَامٍ أنَّهُ قَرَأَ الألفِيَّةَ [U]ألفَ مَرَّةٍ[/U][/FONT][/COLOR][FONT=traditional arabic] .( 10 ) [/FONT]

[FONT=traditional arabic]وقدْ كَانَ لصَحِيحِ البُخَاريِّ ومُسْلمٍ عِنَايَةٌ فَائِقَةٌ عندَهُم في التَّكرَارِ ، فقد كَرَّرَهُ بعضُهُم [U]مئةَ مَرَّةٍ[/U] ، [U]وستين مَرَّةً[/U] و[U]ثلاثين مَرَّةً[/U]...، ولَعلَّ التَّكرارَ عندَهم مُنْصَبٌ عَلَى أُمَّاتِ الكُتُبِ في كُلِّ فَنِّ كالأحاديثِ والألفيَّةِ والمتُون المعتَمَدة ، دونَ سائرِ الكُُتبِ التي إما تقرأ مع الاستظهار وإما تقرأ فقط .[/FONT]

[FONT=traditional arabic]وكَانُوا يَرَونَ أنَّ إعادةَ النَّظَرِ والتَّكرَارِ تُوقِفُ المَرءَ عَلَى مَا لم يَطَّلِعْ عَلَيهِ سَابقاً ، لا في المطَالَعَة ولا في الحِفْظِ . قَالَ المزَنِيُّ – رحمه الله - : [COLOR=#c00000]قَرأتُ ( الرِّسَالةَ ) خمسَ مِائة مَرَّةٍ، مَا مِنْ مَرَّةٍ إلا واسْتَفدتُ مِنْهَا فَائِدَةً جَديدَةً. وقَالَ أيضاً: أَنَا أَنْظُرُ في ( الرِّسَالةِ ) من خمسينَ سَنَة ، مَا أعْلمُ أنِّي نَظَرتُ فِيهَا مَرَّةً إلا استفدتُ مِنْهَا شَيئاً لم أكُنْ عَرَفْتُهُ[/COLOR] ( 11 ) . [/FONT]

[FONT=traditional arabic]وكان التَّكرَارُ عندَهم إِمَّا بالعَدِّ وإمَّا بالزَّمَنِ ، وكُلُّ طَريقةٍ لَهَا مَزِيَّةٌ .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]قَال ابنُ الأثيرِ في المَثَلِ السَّائِرِ 1/46 : " [COLOR=#c00000]وكُنتُ جَرَّدتُ من الأَخْبَارِ النَّبَويَّةِ كِتَابَاً يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلاثةِ آلافِ خَبرٍ كُلُّهَا تَدخُلُ في الاسْتِعمَالِ، [U]ومَا زِلتُ أُوَاظِبُ عَلَى مُطَالَعَتِهِ مُدَّةً تَزيدُ عَلَى عَشْر سنين ، فَكنتُ أنهي مُطَالعتَه في كلِّ أسبوعٍ مَرَّةً حَتَّى دَارَ على نَاظِري وخَاطِري ما يزيدُ على خمسِ مائةِ مَرَّة ٍ[/U]، وصَارَ محفوظاً لا يَشُذُّ عَني منهُ شَيءٌ[/COLOR] " .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]وهذا الذي ذَكَره ابنُ الأثير : أنه لا يَشُذُّ عنه منه شيءٌ = هو مَزِيةُ التَّكرَارِ وفَائِدَتُه ، فإنَّ الشّيءَ إذا أُعيدَ مَرَّاتٍ كثيرةٍ صَارَ النِّسيانُ فيه قليلٌ ، والخَطأُ فيه نَادرٌ . وأنتَ تَرى ذلك في شُؤُونِكَ كُلِّهَا ، فالطَّريقُ الذي تَسلُكُهُ في اليومِ مَرَّاتٍ تجد أنَّك قد خَبَرتَه وعَرَفتَه ، بتَفَاصِيلِه ودَقَائِقِه .[/FONT]

[FONT=traditional arabic]والتَّكرارُ – أيضاً - دَأبُ كثيرٍ من الفُضَلاءِ المعَاصِرينَ ، بل هُوَ المعتَمَدُ في بَعضِ الأَقْطَارِ كَمَا هو مُشتهٌر عن الشَّنَاقِطَةِ ، وَأَخبَارُهم في هذا تَطُولُ . ( 12 ) [/FONT]


[FONT=traditional arabic]أيُّهَا المبَاركُ :[/FONT]
[FONT=traditional arabic]هذا الذي وَصَفتُـهُ لكَ هو الأصلَحُ لغَالبِ طَلَبةِ العلمِ والمهتَمِّينَ به ، وأمَّا من رَزَقه الله ذَاكِرةً قَويَّةً مَتِينةً بحيثُ يحفظُ سَريعاً ويَنْسى بَطِيئاً فَهَذا نَادِرٌ لا يُقَاسُ عَليه ، وقَليلٌ لا يُنَبَّه عَلَيه ، وأمَّا جُلُّ الناسِ فالتَّكرارُ لهم هو : الأصلح . بَلْ قد يُقالُ : طُول تَرديد العلم وتكراره يَحتَاجُه سَرِيعُ الحِفظِ أيضاً، وهذا ظَاهرُ صنيعِ حُفَّاظِ المسلمين ، كالبُخَاري وغيره .[/FONT]

[FONT=traditional arabic]وتَكرارُ المحفوظِ يُعين على ضَبطِه وثَبَاته ، ويُعين – أيضاً – عِندَ المراجعة ؛ لأنَّ الإنسانَ قد تَعتَرضُه الأَعمالُ فيبتعدُ عن مَحفوظَاتِه ، فإنْ كانَ قد أَدامَ تكرارها في أوَّلِ حِفظهِ سَهُلَ عليه استِرجَاعُها ، وقدْ رأيتُ من أصحَابِ الحفظِ السَّريعِ مَنْ يُعاني في المرَاجَعةِ كالمعَانَاةِ في أوَّل الحفظ بل أشدُّ ، حتى إنَّ بعضهم : يخيل إليه أنه مَا مرَّ على حافِظَته منه شيء .[/FONT]

[FONT=traditional arabic]فمن ترك التكرار زاهداً به ، معتقداً أنَّ الحفظَ السَّريعَ كَافٍ في رُسُوخِ المحفُوظِ فَهَذَا يُسْرِعُ إليه النِّسيانُ ، وتصعُب عليه المراجَعةُ ، ولو ظنَّ أوَّلَ أمْرِهِ أنَّه مُتقنٌ ، كَحَال العَجُوزِ التي ذَكَرَ خَبَرَها ابنُ الجَوزِيِّ فَقَالَ : " [COLOR=#c00000]وحَكَى لنَا الحَسَنُ - يعني ابنَ أبي بَكر النَّيسَابُوري- أنَّ فَقِيهاً أعَادَ الدَّرسَ في بَيتِهَ [U]مِرَاراً كثيرة[/U] ، فقالت لَهُ عَجُوزٌ في بيته : قد والله حفظتُه أنا ، فقال : أَعِيدِيهِ فأعادته، فَلَمَّا كانَ بَعدَ أيَّامٍ ، قال : يا عجوزُ أعيدي ذلك الدَّرسَ ، فقالت: ما أحفظُه ، قال : أَنَا أُكرِّر لئلا يُصيبني مَا أَصَابَك[/COLOR] " ( 13 ) . [/FONT]
[FONT=traditional arabic]وقد رَأينا من طُلابِ العِلمِ من يَقِفُ عن التَّعَلُمِ والطَّلَبِ بعدَ طُولِ سَيرٍ ، فإذا سألتَه قال : لم أُحَصلْ شَيْئاً ، ولا يَبقَى من حِفظي شيءٌ ؛ لأنَّه أَدمنَ الحِفْظَ السَّرِيعَ وأُولِعَ بِهِ ، فَصَارَ كالمُنْبَتِّ ... ، وبعضُهم يَنسى العلمَ ، ويرجعُ شِبهَ عَاميٍّ في سَنَةٍ إنْ هو شَغَلَتهُ الشَّوَاغِلُ عن حفظه وقراءته ؛ والعِلَّةُ : الحفظُ السريعُ .[/FONT]

[FONT=traditional arabic]وهَذا مما يُفَسِّرُ لك – أيُّهَا الموَفَّقُ – أمرين هَامَّين : أحدها : انتشَارُ الثَّقَافةِ السَّطْحيةِ ، وغِيابُ العلمِ المؤَثَّلِ الصَّميمِ ، فإنَّ السَيرَ عََلى التُؤَدةِ يَقطعُ الهِمَمَ ، ويُتعبُ العَجُولَ ، والثَّاني : نُدرةُ العًالم الموسُوعي ، إذِ الطَّالبُ يفني العمرَ في الفَنِّ والفَنَّينِ علَّه أنْ يستَبقِي حِفظَه ، ويُلِمَّ بأطرَافه ، فإنْ رَامَ الغَوصَ والتَّعَدُدَ أتعَبَه بناءُه الوَاهنُ وأسَاسُه المتَصَدِّعُ . وهذا هو الذي جعل سلَفَنَا – والله أعلم – ينهَجُون هذا المسْلَك ، ويأخذون به .[/FONT]

[FONT=traditional arabic]والتَّكرارُ وإنْ كَانتْ تَصْحَبُه بَعضُ السَّآمةِ ويُلازِمُه التَّرَيثُ ، فإنَّه أَبقَى في الذِّهنِ ، وأثبت في الحافظة . ولَئِنْ أسرَعَ المرءُ في الحفظ ليَتَأخَّرنَّ في المراجعة ويتعبَ ، كما ثَبَتَ ذلك في التجربة ،فإنَّ الحفظَ السَّريعَ يُوهمُ الإنسانَ بـ( كثْرةِ التَّحصِيلِ ) وأنَّـه به يَخْتَصرُ العلمَ ، ويُدركُ بالزَّمنِ اليسير ، فإذا عَادَ الطَّالبُ إلى هَذا الحفظِ وَجَدَ أرْضَاً قاعاً ، وبناءاً مُتَصَدِّعَاً . وفي المثل : رُبَّ عَجَلَةٍ تَهَبُ رَيْثَاً ( 14 ) ، فإذا جمَعَ المرء بينَ التَرديدِ والتَّكرارِ وبين المراجعة المستمرَّة - ولا بُدَّ- فهو المؤَمَّلُ والغَاية .[/FONT]


[FONT=traditional arabic]وقد كنتُ في أَوَّلِ طَلبي للعلم أجِدُ مَشَقةً في بَقَاءِ الحفظِ ودَوَامِهِ مع حَافظَتي الجيِّدةِ ، فَلمَّا عرفتُ هذا المسلكَ ، واقْتَعَدتُ هَذهِ الطَّريقةِ يَسَّرَ الله لي ما كنت إليه أصبو ، وفيه آملُ ، ورأيتُ أنَّ البَونَ شَاسِعٌ، والشُّقةَ كبيرةٌ . [/FONT]

[FONT=traditional arabic]وقد جَرَّبَ التكرارَ عشراتُ الطُلاب في حِفظِهم للقُرآنِ ممن أعرفُهم فوجدوا فيه الغَايَة ، واستغْنوا – بَعونِ الله- ثمَّ به عن كُلِّ طَريقةٍ وكُلِّ ( دَوْرَة ) ...[/FONT]
[FONT=traditional arabic]وقد جَّربَه الفَقِيرُ إلى الله في القُرآنِ وفي المتُونِ والمنْظُومَاتِ والقَصَائِدِ فلم أرَ قطُّ أَحسنَ منه ، ولا أشدَّ تثبيتاً ... كيفَ لا ؟! وأنتَ تُعيدُ الوجهَ من القرآن ، أو الصَّفْحةَ من العِلمَ مائةَ مَرَّةٍ ؟ أَفَتَرَى ذلك يَعدلُ من أَخذَهُ في عُجَالَتِه ، وَنَقَشَهُ من سَاعَتِه ؟! .[/FONT]

[FONT=traditional arabic]فهَذِهِ – أيُّها القارئ – نصيحةُ أخٍ قد جرَّب الطريقةَ وحَلَبَ شَطْرَهَا ( 15 ) ، فاشدُدْ عليها يَدَكَ ، واعزِم عَلَى الأخذِ بها بقُوَّةٍ ، وإنْ أتعَبَك هذا الطريقُ فلا تنسَ أنَّهُ طَريقُ من قَبْلَكَ ، وأنَّهُ ( [COLOR=#c00000]لا يُستَطاعُ العلم بَراحةِ الجسْمِ[/COLOR] ) ، ومن لَزمَ الصَّبرَ أفلحَ ، وصَبرُ ساعةٍ أدومُ للراحةِ . [/FONT]
[FONT=traditional arabic]قَالَ الشَّاعرُ :[/FONT]

[CENTER][FONT=traditional arabic]وقَلَّ مَنْ جَدَّ في أَمْرٍ يُطالِبُهُ ... فاستَصْحَبَ الصَّبْرَ إِلاَّ فاز بالظَّفَر ( 16 )[/FONT][/CENTER]

[FONT=traditional arabic]وقال : ( 17 )[/FONT]

[CENTER][FONT=traditional arabic]اخلقْ بذي الصبرِ أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرعِ للأبوابِ أن يلجا[/FONT][/CENTER]

[FONT=traditional arabic]وقال الآخَرُ : [/FONT]

[CENTER][FONT=traditional arabic]فالصبرُ مفتاحُ النجاحِ ولم نجدْ ... صعباً بغيرِ الصبرِ يبلغُهُ الأملْ[/FONT][/CENTER]


[CENTER][FONT=traditional arabic]*****************[/FONT][/CENTER]




[CENTER][FONT=traditional arabic]والحمد لله في الأول والآخر ، وصلى الله على النبي المصطفى وسلَّم[/FONT][/CENTER]

[CENTER]وكتبه :
ابن المهلهِل[/CENTER]




[FONT=traditional arabic]ـــــــــــــــــ[/FONT]
[FONT=traditional arabic](1) تهذيب التهذيب 1/58 .ط. المكتبة الشاملة ، وما يأتي أيضاً .[/FONT]
[FONT=traditional arabic](2) تهذيب الكمال للمزي 1/424 .[/FONT]
[FONT=traditional arabic](3) ترتيب المدارك وتقريب المسالك للقاضي عياض 1/427 ، والديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون 1/ 137.[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 4 ) تاريخ دمشق 14/65 ، وسير اعلام النبلاء للذهبي 11/84 ، و4/342[/FONT]
[FONT=traditional arabic](5) سير أعلام النبلاء 18/458 ، وطبقات الشافعية الكبرى 4/115 ، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/38 .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 6 ) المنتظم 5/170 ، ولسان الميزان 1/288 .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 7 ) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة لابن تغري بردي 2/82 .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 8 ) البداية والنهاية 12/227 .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 9 ) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي 9/201 ، وسير أعلام النبلاء 19/416 [/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 10 ) تاريخ الجبرتي 2/150 .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 11 ) تهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/59 .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 12 ) مقال : لماذا الشناقطة يحفظون ؟ لمحمود بن محمد المختار الشنقيطي .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 13 ) الحث على حفظ العلم صـ 44 ــ .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 14 ) يضرب للرجل يشتد حرصه على الحاجة فيخرق فيها ويفارق التؤدة في التماسها فتفوته وتسبقه ، وله قصة . انظر جمهرة الأمثال للعسكري 1/ 482 ، ومجمع الأمثال للميداني 1/294 .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 15 ) مأخوذ من المثل : حَلَبَ الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ ، وهو مستعارٌ من حَلَبَ أَشْطرُ الناقة وذلك إذا حلب خِلْفَين من أخلافها ثم يحلبها الثانية خِلْفَيْن أيضاً . والمعنى : أنه اخْتَبَر الدهْرَ شطري خيره وشره فعرف ما فيه . يضرب فيمن جَرَّبَ الدهر . جمهرة الأمثال للميداني ، رقم : 1033[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 16 ) اختلف في نسبة هذا البيت ، فنسبه ابنُ قتيبة مع أبيات أُخَر لمحمد بن يسير ( الشعر والشعراء 1/194 ) وقد يقال : بشير ، ونسبه غير واحد إلى علي بن أبي طالب كما في المحاسن والمساوئ 1/204 ، والتذكرة الحمدونية 2/25 .[/FONT]
[FONT=traditional arabic]( 17 ) هو لمحمد بن يسير أيضاً كما في الشعر والشعراء 1/194 ، والأغاني 14/43 .




______
[URL="http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=240806"]المصدر[/URL]
[/FONT][/SIZE][/B][/I][/CENTER]

اذكاري حياتي 06-19-2011 10:47 AM

جزاك الله الف عافيه

نسألكم الدعاء 09-03-2011 10:10 PM

موضوع مفيد

جزاك الله خيرا


الساعة الآن 02:29 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.