عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 09-20-2008, 06:28 AM
ابو عبيد الله ابو عبيد الله غير متواجد حالياً
الفقير إلى ربه
 




افتراضي

قيام الحسن البصري

هو سيد أهل زمانه علماً وعملاً، أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن، حليف الخوف والحزن، أليف الهم والشجن، عديم النوم والوسن، الواعظ اللَّسِن.
كان رحمه الله جامعاً عالماً رفيعاً فقيهاً ثقة حجة مأموناً عابداً ناسكاً.
وقد قيل ليونس بن عبيد: هل رأيت أحداً يعمل بعمل الحسن البصري؟!
فقال: والله ما رأيت من يقول بقوله فكيف أرى من يعمل بعمله ؟!
نعم ....... فكلمات حية خرجت من قلب حي ، أحيا الله بها قلوب كثير من العباد، وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة.
يقول الحسن البصرى رحمه الله :
" إن لله عز وجل عباداً قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة، حوائجهم خفيفة، وأنفسهم عفيفة صبروا أياما قصاراً ، ثم تعقب راحة طويلة، أما الليل فَمُصَّافَّةً أقدامهم، تسيل دموعهم على خدودهم يجأرون: ربنا، ربنا، وأما النهار فحلماء علماء، بررة أتقياء كأنهم القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى، وما بالقوم من مرض، ولقد خالط القوم من ذكر الآخرة أمر عظيم ".

ثم يقول رحمه الله: " لقد صحبت أقواماً يبيتون لربهم في سواد هذا الليل سجداً وقياماً، يقومون هذا الليل على أطرافهم، تسيل دموعهم على خدودهم، فمرة ركعاً ومرة سجداً، يناجون ربهم في فكاك رقابهم، لم يملوا طول السهر لما خالط قلوبهم من حسن الرجاء في يوم المرجع والمآب، فأصبح القوم لما أصابهم من النصب لله في أبدانهم فرحين، وبما يأملون من حسن ثوابه مستبشرين، فرحم الله امرءا نافسهم في مثل هذه الأعمال، ولم يرضى لنفسه من نفسه بالتقصير في أمره، واليسير من فعله، فإن الدنيا عن أهلها منقطعة ، والأعمال على أهلها مردودة، ثم يبكى حتى يبل لحيته بالدموع "
ولم يكن الحسن لأهل الخير والفضل وصَّافاً فحسب، وإنما كان به موصوفاً، يقول عنه مطر الوراق: لما ظهر الحسن جاء كأنما كان في الآخرة فهو يخبر عما عاين ـ
ومن طول حزنه تكاد إذا رأيته حسبته حديث عهد بمصيبة، وشتان بين قلب محزون وآخر لاهٍ غافلٍ عما خلق له ـ
وَرَد عن الحسن أنه قال: يا ابن آدم والله إن قرأت القرآن ثم آمنت به ليطولَنَّ في الدنيا حزنك وليشتدَّن في الدنيا خوفك وليكثرن في الدنيا بكاؤك.
عاش الحسن رحمه الله زاهداً فيما في أيدي الناس، ولقد دخل عليه أصحابه ذات يوم يعودونه من المرض فما كان في البيت شيء، لافراش ولا بساط ولا وسادة ولا حصيرة إلا سرير مرمول هو عليه.
وصدق الله تعالى إذ يقول:
{ أََصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً }(الفرقان: من الآية24)
يتبع ان شاء ربى
رد مع اقتباس