عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10-25-2008, 10:37 PM
أم حبيبة السلفية أم حبيبة السلفية غير متواجد حالياً
« عَفَا الله عنها »
 




Islam الإسلام يحض على الإقراض

الإسلام يحض على الإقراض









فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخل رجل الجنة فرأى مكتوبا على بابها: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر».


(أخرجه البيهقي في السنن والطبراني في الكبير، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة 3407).



فلم يكتف الإسلام بوضع قواعد لتوثيق المال المقرَض يأتمن بها صاحب المال ويطمئن في إقراضها، وإنما حض عليه وحرَّض المؤمنين على دفعه؛ حيث وعد الله لهم الإثابة عليه، وجعله قربة يتقرب به العبد إليه.



كما بيّن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم جزاء القائم به من الثواب وعون الله والتيسير له في الدارين.


هذا كله لما في القرض من الرفق بالمحتاجين والرحمة بهم وتفريج كربهم.



من ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على مسلم في الدنيا يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».



وقد تتابعت آثار من الصحابة في الدلالة على أن الإقراض مرتين للمحتاج خير من التصدق عليه بالمال المقرَض مرة، أو كالصدقة بها عليه.



منها ما روي عن ابن عباس أنه قال: (لأن أُقرِض مرتين أحب إليّ من أن أعطيه مرة).



ومنها ما روي عن ابن مسعود أنه قال: (لأن أُقرض مرتين أحب إليّ من أن أتصدق).



ومنها قول أبي الدرداء: (لأن أقرض دينارين مرتين أحب إليّ من أن أتصدق بهما؛ لأني أقرضهما فيرجعان إليّ فأتصدق بهما فيكون لي أجرهما مرتين).



كما روي مثل ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين.



وكان سليمان بن أذنان يقرض علقمة ألف درهم إلى عطائه، فلما خرج عطاؤه تقاضاها عنه واشتد عليه فقضاه.

وكأن علقمة غضب، فمكث أشهراً، فقال: أقرضني ألف درهم إلى عطائي.

فقال: نعم وكرامة ! يا أم علقمة ! هلمي تلك الخريطة المختومة التي عندك.

فجاءت بها، فقال: أما والله إنها لدراهمك التي قضيتني ما حركت منها درهماً واحداً.

قال: فلله أبوك ! ما حملك على ما فعلت بي؟ قال: ما سمعت منك: قال: ما سمعت مني؟ قال سمعتك تذكر عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ما من مسلم يقرض مسلماً قرضاً مرتين إلا كان كصدقتهما مرة»


قال: (أي علقمة) كذلك أنبأني ابن مسعود.







وجوب رد القرض




دلت النصوص القرآنية على وجوب رد القرض؛ وذلك في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58]، والقرض أمانةعند المقترض يجب عليه ردها إلى صاحبها.



وفي قوله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [البقرة: 245]؛ حيث ألزم سبحانه وتعالى على نفسه أن يأجر كل من أقرض بالإنفاق في سبيله.


هذا، والأجر كما سبق في مواضع ستة من القرآن ليس بالمثل فقط ولكن بأضعاف ما قدمه المقرض.



وقد دلت نصوص من الحديث أيضاً على هذا الوجوب، مع وجوب المبادرة إلى القضاء بعد الموت.



عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نفس المؤمن معلقة بديْنِهِ حتى يُقضى عنه».



وعن أبي بردة بن أبي موسى رضي الله عنهما عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أعظم الذنوب عند الله يلقاه بها عبده بعد الكبائر التي نهى عنها، أن يموت رجل وعليه دين لا يدع له قضاء».



عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي على رجل مات وعليه دين، فأُتي بميت فقال: «أعليه دين؟» قالوا: نعم ! ديناران، قال: «صلوا على صاحبكم»، فقال أبو قتادة: هما عليّ يا رسول الله ! فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم



فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم قال: «أنا أوْلى بكل مؤمن من نفسه؛ فمن ترك دينًا فعليّ قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته».



عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله ! أرأيت إن قُتلت في سبيل الله تُكفَّر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم ! إن قُتِلْتَ في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر»، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف قلتَ؟» قال: أرأيت إن قُتِلْتَ في سبيل الله أتكفَّر عنّي خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم ! وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلا الدَّيْن؛ فإن جبريل قال لي ذلك».








ما يلزم رده



لا يجوز عند الحنفية أن يرد المقترض إلا مثل ما اقترض من المثليّات، وهو المكيل والموزون والمعدود.


فلا يجوز عندهم رد القيميّات وهي الحيوانات وعروض التجارة؛ لأنه لا يجوز عندهم إقراض القيميّات أصلاً، وحديث أبي رافع رد عليهم، وهو: عن أبي رافع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً، فقدمت عليه إبل من الصدقة، فأمره أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً، فقال: «أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء».







أما المالكية: فجاز عندهم أن يرد المقترض مثل ما اقترض أو عينه، ما دام على صفته.






وقال الحنابلة: إذا كان المال المقرض مقوماً يكون فيه وجهان:



أحدهما: يجب على المقترض رد قيمته يوم القبض؛ لأنه لا مثل له، فيضمن قيمته كحال الإتلاف والغصب.



والثاني: يجب عليه رد مثله كما تقدم في الحديث.



هذا كله إذا كان مثل المال المقرض الذي يقضي به ثابتاً على سعره يوم القضاء، لم يتغير بالغلاء أو الرخصة؛






فكيف إذا تغير سعره، أو كان نقوداً ترك التعامل بها؟



اختلف قول الحنفية في المال المقرَض الذي تغير سعره، فقال أبو حنيفة: يلزم المقترض رد مثله. ولا عبرة بغلائه أو رخصه.



وقال أبو يوسف: يلزمه رد قيمته يوم القبض، وعليه الفتوى.



وقال محمد: يلزمه رد القيمة في آخر يوم غلت فيه سعره.



وهو ما عليه الفتوى في الفلوس التي كسدت بعد الرواج.



أما الإمام مالك و الليث بن سعد و الشافعي فإنهم قالوا: إن المقترض لا يرد إلا مثل ما اقترض، غلا سعره أو رخص.



وكذلك قال أحمد: إذا كان المقرَض فلوساً تُرِك التعامل بها رد المقترض قيمتها يوم الأخذ، وأما رخص السعر أو غلاؤه فليس ذلك مما يمنع رد مثلها.




فخلاصة القول في ذلك أن المقترض يرد ما اقترض ولا عبرة بتغير السعر..









حسن القضاء




إلحاقاً بما تقدم نريد أن نبين هنا:



أن الزيادة من المقترض إذا لم تكن مشروطة فإنها تعتبر في الشرع من باب حسن القضاء.



وهو جائز عند الجمهور، بل هو مستحب؛لحديث أبي رافع المتقدم، ولحديث أبي هريرة.



قال أبو هريرة: كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حق فأغلظ له، فهمّ به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لصاحب الحق مقالاً»فقال لهم: «اشتروا له سنا فأعطوه إياه» ،فقالوا: إنَّا لا نجد إلا سنا هو خير من سناه ،فقال: «اشتروا له فأعطوه إياه؛ فإن من خيركم - أو إن خيركم - أحسنكم قضاء».



قال مالك _ رحمه الله : إن كانت الزيادة في العدد لم تجز، وإن كانت في الصفة جازت.



ويرد عليه حديث جابر، قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وكان لي عليه دين، فقضاني وزادني).



حيث صرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم زاده.



وثبت في رواية البخاري أن الزيادة كانت قيراطاً.





رد مع اقتباس