03-21-2009, 06:20 PM
|
|
هل للأم عيد؟
هل للأم عيد؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
فإن فضل الأم عظـيم ومكانتها عظيمة، فضلها الله سبحانه وبين مكانتها في كتابه الكريم فقال في شأن الوالدين { وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً } [ الإسراء / 23 ].
وصح في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من قال: أبوك».
فللأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر لأن الأم تنفرد بالحمل ثم الوضع ثم الرضاع، بل وحتى الأم المشركة فإن الشرع المطهر الحكيم رغَّب بوصلها: فعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: «قدمتْ عليَّ أمِّي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: قدمتْ عليَّ أمِّي وهي راغبة أفأصل أمي؟ قال: نعم صِلِي أمَّك» [رواه البخاري].
وصح في [الأدب المفرد للبخاري] أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لا أعلم عملا يقرب إلى الله مثل بر الوالدة"
وكل هذه النصوص تدل دلالة واضحة على فضل الأم ووجوب برها ولا يختص ذلك بزمان، بل الواجب برها في كل وقت دون تخصيص يوم معين للبر.
هذا هو تكريم الإسلام للأم وبيان فضلها ومكانتها، أما في المجتمعات غير الإسلامية فلا نجد للأم شأناً ولا مكانة، فالأسرة مفككة والزوجان منفصلان، والأبناء بعيدون عن أبيهم وأمهم، فلذلك ابتدع بعضهم عيداً للأم يكون يوما في السنة يحتفل فيه الأبناء بأمهم ويهدونها الهدايا زاعمين أن هذا تكريما لها وتقديراً لمكانتها.
كم عيد في الإسلام ؟
ليس في الإسلام إلا عيدين اثنين لا ثالث لهما: عيد الفطر وعيد الأضحى، فعن أنس بن مالك قال: «كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال : كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما : يوم الفطر ، ويوم الأضحى» [رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني]
ولا يجوز لإنسان أن يبتدع عيداً لم يشرعه الشارع الحكيم، فإن فعل فهو داخل في ما صح في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد»
أي مردود عليه غير مقبول عند الله سبحانه.
إن الغرب أهملوا الأم وقصروا في حقها، أرادوا أن يكفروا عن خطيئتهم فجعلوا للأم يوما واحداً في السنة يتذكرونها ويكرمونها في هذا اليوم فقط، فما بال المسلمين يسيرون وراء الغرب في كل شيء ويقلدونهم في كل شيء، ألم يسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، ذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: فمن» [متفق عليه].
والمعنى فمن المراد إلا هؤلاء، وقد وقع ما أخبر عند الصادق الصدوق فقلد كثير من المسلمين اليهود والنصارى في كثير من الأمور، ومنها هذه الأعياد المحدثة.
فالواجب على كل مسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به و أن يقتصر على ما شرعه الله لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه، والواجب أيضا للمسلم ألا يكون إمعة يتبع كل قول بل ينبغي أن يكون ذا شخصية سوية متميزة متمسكة بشرع الله حتى يكون متبوعاً لا تابعاً.
كلمة مضيئة:
علينا جميعاً أن نقدر للأم قدرها ونعرف مكانتها وفضلها، وأن نرعاها ونعتني بها، ونقوم بطاعتها في غير معصية في كل زمان ومكان، ولا ننقص قدرها بالاحتفال بها يوماً واحداً في السنة، فإن في ذلك تنقيصاً من شأنها بل إهانة لها، حيث لا تكرم إلا يوما واحداً في السنة، أهكذا يفعل بمن حملت ووضعت وأرضعت:
لأمك حق لو علمـــت كثيــــر كثيرك يا هذا لديه يسير
فكم ليلة باتت بثقلك تشتكـي لها من جواها أنة وزفير
وفي الوضع لو تدري عليها مشقة فمن غصص منها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها وما حجرها إلا لديك سرير
وتفديك مما تشتكيه بنفســها ومن ثديها شرب لديك نمير
وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها حنانا وإشفاقا وأنت صغير
فآها لــذي عقـــل ويتع الهـوى وآهاً لأعمى القلب وهو بصير
فدونك فارغب في عميم دعائها فأنت لما تدعو إليه فقير
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن حكم الاحتفال بما يسمى عيد الأم ؟
فأجاب:
إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدع حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح وربما يكون منشؤها من غير المسلمين أيضا فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالى، والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام وهي عيد الفطر، وعيد الأضحى وعيد الأسبوع (يوم الجمعة) وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة، وكل أعياد أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله سبحانه وتعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [صحيح البخاري].
أي: مردود عليه غير مقبول عند الله وفي لفظ: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد»
وإذا تبين ذلك فإنه لا يجوز في العيد الذي ذكر في السؤال والمسمى عيد الأم ، لا يجوز فيه إحداث شيء من شعائر العيد كإظهار الفرح والسرور وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حده الله تعالى لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه، والذي ينبغي للمسلم أيضا ألا يكون إمعة يتبع كل ناعق بل ينبغي أن يُكوِّن شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى حتى يكون متبوعاً لا تابعاً ، وحتى يكون أسوة لا متأسياً لأن شريعة الله والحمد لله كاملة من جميع الوجوه كما قال تعالى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ } [المائدة/ 3].
والأم أحق من أن يحتفى بها يوماً واحداً في السنة بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها وأن يعتنوا بها وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله عز وجل في كل زمان ومكان.
.
فتاوى إسلامية (124 / 1 ) ومجموع الفتاوى 301 / 2
نسأل الله سبحانه الحسنى وصفاته العلى أن يرد المسلمين إليه ردا جميلا وأن يوفقنا جميعا لإتباع شرعه، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|