عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-13-2009, 11:51 PM
أم أيمن أم أيمن غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

فضل سورة الفاتحة



هذه السورةُ , سورةُ الفاتحةِ , فضلُها عظيمٌ .ففي الحديثِ : عن أبى سعيدٍ بنِالمعلَّى أنَّه قال :
(دعاني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنا أصلِّي فلم أُجِبهُ , فلمَّا فرغتُ مِنْ صلاتي أَتيته , فقال : ما منعكَ أنْ تجيبني ؟ قال : قلت : يارسولَ اللهِ كنتُ فى الصلاةِ , قال : ألم يقل الله عز وجل)يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ(منالآية(24) الأنفال
ومعنى ذلك , أنه كان فى حياتِهعليه الصلاةُ والسلامُ , إجابةُ المصلي له إذا دعاه واجبة . إذا دَعى الرسولُ أحدامن أصحابه وهو يصلي , يتركُ الصلاةَ ويجيبه .والله تعالى أعلى واعلم .
ثم قالَ النبيُّ عليه الصلاةُوالسلامُ لأبى سعيدٍ : لأعلمَنَّكّ سورةً , هى أعظمُ سورةٍ فى القرآنِ الكريمِ , قال : قبلَ أنْ تخرجَ منَ المسجدِ . قالَ وأخذَ بيدي نحوَ البابِ , فلمَّا أرادَ أنيخرجَ قلتُ : يا رسولَ اللهِ لقد قلتَ لأعلمنَّك سورةً هى أعظمُ سورةٍ فى القرآنِالكريمِ قال: نعم : ) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (هى السبعُ المثاني , والقرآنُ العظيم الذى أوتيتُه .
وقد وصفها الله تعالى بالصلاة. عن أبى هريرة رضي الله عنه , عنالنبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (قال الله تعالى : قسمت الصلاة بينيوبين عبدي نصفين).
والمرادبالصلاة هنا الفاتحة ,أطلق الصلاةعلى الفاتحة ؛ لأنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ؛كما قال عليه الصلاةوالسلام . فأطلق الصلاة وأراد القراءة كما أطلق القراءة وأراد الصلاة فى قوله)وَقُرْآنَ الْفَجْرِإِنَّقُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا(الإسراء78
فالمراد بالقراءة هنا : الصلاةفأطلق الصلاة على القراءة , وأطلق القراءة على الصلاة .
(قسمتُالصلاة بيني وبين عبدي نصفين ؛فإذا قال العبدالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , قال الله تعالى : حمدني عبدي . فإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , قال الله تعالى : أثنى عليَّ عبدي . فإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ , قال : مجَّدني عبدي , أو قال : فوَّض إليَّعبدي
فإذا قال : إِيَّاكَنَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ , قال الله : هذا بينيوبين عبدي , ولعبدي ما سأل . فإذا قال : اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ , قال الله تعالى : هذا لعبديولعبدي ما سأل ) . فسبحان الله العزيز الحكيم الذي قدّر كل شيء. وقد سئل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لماذا يقف بعد كل آية من آيات سورة الفاتحة فأجاب لأستمتع برد ربي.
وسورة الفاتحة تعلمنا كيف نتعامل مع الله فأولها ثناء على الله تعالى )الحمد لله رب العالمين( وآخرها دعاء لله بالهداية )إهدنا الصراط المستقيم( ولو قسمنا حروف سورة الفاتحة لوجدنا أن نصف عدد حروفها ثناء (63 حرف من الحمد لله الى اياك نستعين) ونصف عدد حروفها دعاء (63 حرف من (اهدنا الصراط) الى(ولا الضآلين) وكأنها اثبات للحديث القدسي (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين....
وفى الحديث أيضا , أنه بينما جبريلعند النبي صلى الله عليه وسلم , إذ سمع صوتا فوقه , فرفع جبريل بصره ثم قال : هذاباب من السماء فُتح لم يفتح قبل هذا اليوم . وهذا ملك نزل لم ينزل قبل هذا اليوم . فقال الملك : يا محمد أبشر بنورين قد أوتيتَهما ؛ فاتحة الكتاب , وخواتيم البقرةلا تقرأ بحرف منهما إلا أوتيتَه .
ومن فضائلها : أنها رُقْيةٌوشِفاء , كما فى الحديثعن أبيسعيدٍ الخدريِّأنه قال :كنا في سفر , فمررناعلى قومٍ فلم يضيِّفونا . فأتتنا امرأة منهم فقالت : إن سيدَّنا سليم , (تعني مريض؛كانوا يطلقون السلامة والعافية على المريض من باب التفاؤل ) , إن سيدنا سليم قدلُدِغ ؛ ( يعنى عقرب لدغته) , فهل منكم من راقٍ ؟ فقام معها رجل منَّا ,ما كنا نظنأنه يُحسِنُ الرُّقية , فرقاهُ فشُفي كأنما نشِط من عقال , فجعل لناثلاثين شاةً وسقانا لبنا . فقلنا للرجل الذىرقاه : ماذا قرأت عليه ؟ قال : الحمد لله رب العالمين . فقلنا لا تُحدِثوا فى هذةالشياه شيئا حتى تسألوا رسول اللهصلَّى اللهعليه وسلم .. فقال : وما يدريك أنهارقية. ثم قال : اقتسموا واضربوا ليمعكم بسهم .فمن فضائل الفاتحة أنها رقية وشفاء .
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله:
" فاتِحَة الْكِتاب وأُمُّ القرآن، والسبعُ المثانى، والشفاءُ التام، والدواءُ النافع، والرُّقيةُ التامة، ومفتاح الغِنَى والفلاح، وحافظةُ القوة، ودافعةُ الهم والغم والخوف والحزن، لمن عرف مقدارَها ،وأعطاها حقها، وأحسنَ تنزيلها على دائه، وعَرَفَ وجهَ الاستشفاء والتداوى بها، والسرَّ الذى لأجله كانت كذلك.
ولا تجدُ باباً من أبواب المعارف الإلهية، وأعمالِ القلوب وأدويتها مِن عللها وأسقامها، إلا وفى فاتحة الكتاب مفتاحُه، وموضعُ الدلالة عليه، ولا منزلاً من منازل السائرين إلى ربِّ العالمين إلا وبدايتُه ونهايتُه فيها.
هذا.. وإنها المفتاح الأعظم لكنوز الأرض، كما أنها المفتاحُ لكنوز الجَنَّة، ولكن ليس كل واحد يُحسن الفتح بهذا المفتاح، ولو أنَّ طُلابَ الكنوز وقفوا على سر هذه السورة، وتحقَّقُوا بمعانيها، وركَّبوا لهذا المفتاح أسناناً، وأحسنُوا الفتح به، لوصلوا إلى تناول الكُنوزِ من غير معاوِق، ولا ممانع. ولم نقل هذا مجازفةً ولا استعارةً؛، بل حقيقةً، ولكنْ لله تعالى حكمةٌ بالغة فى إخفاء هذا السر عن نفوس أكثر العالَمين".*
وقال ابن القيم أيضارحمه اللهولقد أقمتُ بمكة سنين , تعتريني الأمراضولا أجد طبيبا ولا دواءً , فكنت أعالج نفسي بقراءة الفاتحة , فأجد لذلك نفعا عظيما . وكنت أنصح به بعض الناس , فكان بعضهم يبرأ بإذن الله عزَّ وجلَّ .
قال رحمه الله : لكن هذةالرُّقيةَ , وسائرَ الأذكار والأدعية حتى تحقق النتائج وتؤتى الثمار إنما تحتاج إلى قبول المحل لها , وقوة الفاعلالمؤثر . قوة الفاعل المؤثر : هو الراقي , أن يكون الراقي شديدالتوكل على الله ,حسن الظن بالله عز وجل , متعلقٌ قلبه بالله سبحانه وتعالى . وأنيكون المريض عنده حسن ظن بالله , وتفاؤل بأن الله سيجعل له فى هذه الرقية الشفاء .
فإذا كان المحل صالحا للقبول , وكان الفاعل قويا مؤثرا , برئ المريض بإذن الله عز وجل .
هذا ما جاء فى أسماء هذةالسورة وفضلها .

وإلى هنانكتفي بهذا القدر ,فما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ أو زلل أو نسيان فمنى ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه .
نسأل الله العظيم ,رب العرش العظيم , أنيجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا, ونور صدورنا, وجلاء أحزاننا , وذهاب همومناوغمومنا . اللهم ذكِّرنا منه ما نُسِّينا , وعلِّمنا منه ما جهلنا, وشفِّعه فينا, واجعله حجة لنا لا علينا, وارزقنا تلاوته آناء الليل , وأطراف النهار لعلك ترضى عنا .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين ,وصلى الله وسلم وبارك على نبينامحمد , وعلى آله وصحبه أجمعين
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لاإاله الا أنت نستغفرك ونتوب اليك
رد مع اقتباس