عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 11-09-2007, 04:09 PM
المثني المثني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 




افتراضي

(
مراحل النصرانية)

المرحلة الأولى :
منزلة من عند الله جاء بها عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام :

- هي رسالة أنزلها الله تعالى على عبده ورسوله عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام إلى بني إسرائيل بعد أن انحرفوا وزاغوا عن شريعة موسى عليه السلام ، وغلبت عليهم النزعات المادية . وافترقوا بسبب ذلك إلى فرق شتى ، فمنهم من يؤمن بأن غاية الإنسان هي الحياة الدنيا ، حيث لا يوم آخر ، ولا جنة ولا نار ، ومنهم من يعتقد أن الثواب والعقاب إنما يكونان في الدنيا فقط ، وأن الصالحين منهم يوم القيامة سيشتركون في ملك المسيح الذي يأتي لينقذ الناس ، ليصبحوا ملوك العالم وقضاته . كما شاع فيهم تقديم القرابين والنذور للهيكل رجاء الحصول على المغفرة ، وفشا الاعتقاد بأن رضا الرهبان ودعاءهم يضمن لهم الغفران . لذا فسدت عقيدتهم وأخلاقهم ، فكانت رسالته ودعوته عليه الصلاة والسلام داعية إلى توحيد الله تعالى حيث لا رب غيره ولا معبود سواه ، وأنه لا واسطة بين المخلوق والخالق سوى عمل الإنسان نفسه ، وهي رسالة قائمة على الدعوة للزهد في الدنيا ، والإيمان باليوم الآخر وأحواله ، ولذا فإن عيسى عليه الصلاة والسلام كان موحداً على دين الإسلام ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين .

- المبلغ : عيسى ابن مريم عليه السلام ، أمه البتول مريم ابنة عمران أحد عظماء بني إسرائيل ، نذرتها أمها أن تحمل بها لخدمة المسجد ، وكفلها زكريا أحد أنبياء بني إسرائيل وزوج خالتها ، فكانت عابدة قانتة لله تعالى ، حملت به من غير زوج بقدرة الله تعالى ، وولدته عليه السلام في مدينة بيت لحم بفلسطين ، وأنطقه الله تعالى في المهد دليلاً على براءة أمه من بهتان بني إسرائيل لها بالزنا ، فجاء ميلاده حدثاً عجيباً على هذا النحو ليلقي بذلك درساً على بني إسرائيل الذين غرقوا في الماديات ، وفي ربط الأسباب بالمسببات ، ليعلموا بأن الله تعالى على كل شيء قدير .

- بعث عيسى عليه السلام نبياً إلى بني إسرائيل ، مؤيداً من الله تعالى بعدد من المعجزات الدالة على نبوته ، فكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون طيراً بإذن الله . ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله .

-كما كان يخبر الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم بإذن الله .


-وقد أيده الله هو وحوارييه بمائدة من السماء أنزلها عليهم لتكون عيداً لأولهم وآخرهم .



- آمن بدعوة المسيح عليه السلام الكثير ولكنه اصطفى منهم اثني عشر حوارياً كما هم مذكورون في إنجيل متى .

- وهناك الرسل السبعون الذين يقال بأن المسيح عليه السلام اختارهم ليعلموا النصرانية في القرى المجاورة
المرحلة الثانية :

- ويسميها مؤرخو الكنيسة بالعصر الرسولي ، وينقسم هذا العصر إلى قسمين :

التبشير وبداية الانحراف ، والاضطهاد الذي يستمر حتى بداية العهد الذهبي للنصارى .

•التبشير وبداية الانحراف

•بعدما رفع المسيح عليه السلام ، واشتد الإيذاء والتنكيل بأتباعه وحوارييه بوجه خاص ؛ وعذب سائر الرسل ، وحدثت فتنة عظيمة لأتباع المسيح عليه الصلاة والسلام حتى كادت النصرانية أن تفنى .

وفي أثناء هذه المرحلة دخل في دين النصارى شقي النصرانية ومبدلها شاءول اليهودي - وهذا اسمه العبراني أما اسمه الروماني فهو بولس - ، وكان دخوله في دين النصرانية محل شك وريبة من حواريي عيسى - عليه السلام - وذلك لما كان يدعوا إليه من آراء ومذاهب شاذة ، ولما كان عليه قبل تنصره من أذى النصارى وتعذيبهم ،

وكان لبُّ دعوة بولس يدور حول القول بألوهية المسيح - عليه السلام – وأنه المخلص للبشر من خطاياهم ، وعلى ذلك فلا حاجة للعمل بالشريعة ( التوراة ) ، ومما دعا إليه بولس أيضا عالمية دعوة عيسى – عليه السلام – وأنها ليست مختصة ببني إسرائيل ، وبذلك أدخل بولس تغييراً عظيماً على دين النصارى ما دفع كثيراً من الباحثين كمايكل هارت صاحب كتاب المائة الأوائل إلى القول : ( إن مؤسس الديانة المسيحية بشكلها وتركيبتها الحالية هو بولس وليس المسيح …!) إلا أن هذا التغيير العقائدي الذي أدخله بولس على النصرانية قد قوبل بمجابهة شديدة من دعاة التوحيد ولا سيما حواريي عيسى – عليه السلام – الذين نفروا من بولس وآرائه ، وحذروا الناس منه ، ومن يقرأ رسائل بولس واتهامه لمخالفيه ورميه لهم بأقبح السباب يعلم عظم ما بينهما من خلاف ، والذي استمر بينهما وبين أتباعهم من بعدهم عقوداً متتالية ، حتى جاء ما يسمى بعهد الرخاء النصراني والذي تحول فيه دين النصارى من دين مضطهد ، يتوارى أتباعه ويتخفون من بطش الرومان وجبروتهم إلى دين رسمي ، وذلك بعد أن اعتنقه ملك الرومان قسطنطين الأول أو الأكبر الذي حكم من سنة 306 إلى سنة 337م . وقد اعتنق قسطنطين النصرانية في عام 312م فكان أول من تنصر من ملوك الروم .
- عانت الدعوة النصرانية أشدَّ المعاناة من سلسلة الاضطهادات والتنكيل على أيدي اليهود الذين كانت لهم السيطرة الدينية، ومن الرومان الذين كانت لهم السيطرة والحكم، ولذلك فإن نصيب النصارى في فلسطين ومصر كان أشد من غيرهم، حيث اتخذ التعذيب والقتل أشكالاً عديدة؛ مابين الحمل على الخُشْبِ، والنشر بالمناشير، إلى التمشيط مابين اللحم والعظم، والإحراق بالنار.
-
من أعنف الاضطهادات وأشدها:
1- اضطهاد نيرون سنة 64م الذي قُتل فيه بطرس وبولس.
2- واضطهاد دمتيانوس سنة 90م وفيه كتب يوحنا إنجيله(*) في أفسس باللغة اليونانية.
3- واضطهاد تراجان سنة 106م وفيه أمر الإمبراطور بإبادة النصارى وحرق كتبهم، فحدثت مذابح مُروِّعة قُتل فيها يعقوب البار أسقف(*) أورشليم.
4- ومن أشدها قسوة وأعنفها اضطهادُ الإمبراطور دقلديانوس 284م الذي صمم على أن لا يكف عن قتل النصارى حتى تصل الدماء إلى ركبة فرسه، وقد نفذ تصميمه؛ وهدم الكنائس(*) وأحرق الكتب، وأذاقهم من العذاب صنوفاً وألواناً، مما دفع النصارى من أقباط مصر إلى اتخاذ يوم 29 أغسطس 284م بداية لتقويمهم تخليداً لذكرى ضحاياهم.

- هكذا استمر الاضطهاد يتصاعد إلى أن استسلم الإمبراطور جالير لفكرة التسامح مع النصارى لكنه مات بعدها، ليعتلي قسطنطين عرش الإمبراطورية.
- سعى قسطنطين بما لأبيه من علاقات حسنة مع النصارى إلى استمالة تأييدهم له لفتح الجزء الشرقي من الإمبراطورية حيث يكثر عددهم، فأعلن مرسوم ميلان الذي يقضي بمنحهم الحرية(*) في الدعوة والترخيص لديانتهم ومساواتها بغيرها من ديانات(*) الإمبراطورية الرومانية، وشيَّد لهم الكنائس، وبذلك انتهت أسوأ مراحل التاريخ النصراني قسوة، التي ضاع فيها إنجيل عيسى عليه الصلاة والسلام، وقُتل الحواريون(*) والرسل، وبدأ الانحراف والانسلاخ عن شريعة التوراة(*)، ليبدأ النصارى عهداً جديداً من تأليه المسيح(*) عليه الصلاة والسلام وظهور اسم المسيحية(*).
لم تكن عقيدة التثليث معروفة في عصر الحواريين تقول دائرة المعارف الفرنسية: "وإن تلاميذ المسيح(*) الأوّلين الذين عرفوا شخصه وسمعوا قوله كانوا أبعد الناس عن اعتقاد أنه أحد الأركان الثلاثة المكوِّنة لذات الخالق، وما كان بطرس حواريه يعتبره أكثر من رجل يوحي إليه من عند الله". وتستشهد على ذلك بأقوال قدماء المؤرخين مثل جوستن ماراستر من القرن الثاني الميلادي حيث يصرح بأنه كان في زمنه في الكنيسة(*) مؤمنون يعتقدون أن عيسى هو المسيح، ويعتبرونه إنساناً بحتاً، وأنه كان أرقى من غيره من الناس، وحدث بعد ذلك أنه كلما تنصَّر عدد من الوثنيين(*) ظهرت عقائد جديدة لم تكن من قبل.
التوقيع

إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ * فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ
وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها * فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا * فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ
وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا* شَبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ
رد مع اقتباس