عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-12-2007, 06:52 PM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي "الزواج"رساله للشيخ العلامه ابن عثيمين عليه رحمه الله.

 

(الزواج)
لفضيلة الشيخ ابن عثيمين
إن الحمد لله نحمده ونستعينه و نستغفره و نتوب اليه و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له و اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له و اشهد أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه و سلم تسليما كثيرا.


أما بعد: فإنني مسرور بما تيسر لي من المشاركة في الموسم الثقافي للمحاضرات في كليتي الشريعة و اللغة العربية بالقصيم لما أرجوه من الفائدة التي تحصل لي و لمن سمع محاضرتي أو قرأها إن شاء الله تعالى و اسأل الله تعالى أن يجعل عملنا جميعا خالصا لوجهه موافقا لمرضاته.

و لكنني أحب أن أقدم كلمة قبل الدخول في صميم المحاضرة تكون مناسبة – إن شاء الله – و هي أنكم تعرفون أيهاالاخوة.. و أيها المشايخ إن الإسلام في عصرنا هذا محارب من جهات متعددة
.1من جهة الأفكار 2- من جهة الأخلاق 3- من جهة العقائد.

و أنه كلما شُنَّت الغارات وقويت فانه يجب أن يكون لها مضاد يقابلها بل يكون اعلى منها فإذا لم يكن ذلك فان معناه القضاء على الإسلام.

وهذا أمر في أعناق أهل العلم وأهل الدين، يجب عليهم أن يبذلوا الجهد ما استطاعوا بان يمنعوا هذه التيارات التي جاءتنا من كل جانب و التي أصبح الإنسان فيها بل الحليم حيران لا يدري كيف يتصرف ؟ولقد كنا نسمع كثيرا أن أعداء المسلمين يقولون: إنه يجب التركيز على – المملكة العربية السعودية – لكونها مهد الإسلام و قبلة المسلمين و قدوتهم، ولهذاتجدهم يشنون الغارات الشرسة و المكايد المحكمة و يكرسون جهودهم لحرب هذه المملكة وإذا لم يقم أهل هذه المملكة من علماء ومن مخلصين بإيصاد الباب أمام هؤلاء فسوف تحصل الفتنة والشر والبلاء وسوف يجوسون خلال الديار و سوف تجدون أمورا تنكرونها غايةالإنكار.
و الذي يجب علينا أمام هذه التيارات أيها الإخوة هو:

1- توحيد الدعوة
2- توحيد الجهد
3- الا نجعل بيننا مكانا لموطئ قدم من الأعداء

ولكني أقول بالحقيقة أننا نعمل على ذلك كل منا كأنما يعمل وحده لانجد اثنين الا ما شاء الله على هدف واحد أو بعبارة أصح على طريق واحد و إن كان الهدف متحدا.

لذلك أرى أن من واجب علماء هذه المملكة سواء في الرياض أو في الحجاز أو في القصيم أو في غيرها من مناطق المملكة أن يجتمعوا على كلمة واحدة و أنيدرسوا الموضوع بجدٍّ لأنه خطير جداً فيما أرى، يدرسوه دراسة وافية لا فيما يتصلب وسائل الإعلام و لا فيما يتصل بوسائل الثقافة و مناهج المدارس و مقرراتها و لافيما يكون بين عامة الناس من الانحراف و الانصراف عن أصول دينهم و فروعه.
ونحن نجد أن كثيرا من طلاب العلم مشغولون بغير ما هم مكلّفون به بطلب الدنيا والإقبال عليها و الالتفاف حولها و هذا في الحقيقة يضعِّف دعوتهم إلى الخير، يضعِّف قبولها أمام العامة أيضا فان لسلوك العالم خطرا بالغا في تأثيره على من حوله فإذاكان العامة لا يجدون من أهل العلم الا التكالب على الدنيا كما يتكالب عليها السوقة من عامة الناس فإنهم لن يثقوا أبداً بما عندهم من الإرشادات و العلوم.

كذلك أيها الاخوة بالنسبة لولاة الأمور يجب علينا مناصحتهم.(( النبي صلي الله عليه وسل مقال: ((الدين النصيحة )) ثلاثة مرات قالوا: لمن يا رسول الله ؟ قال: (( لله ولكتابه و لرسوله و لائمة المسلمين و عامتهم ))[1[
فالواجب علينا مناصحة ولاة الأمور و الا نعتمد على رجل أو رجلين أو ثلاثة أو أربعة، يناصحون ولاة الأمور،فولاة الأمور إذا كثر ناصحوهم و عرفوا الحق من كل جانب و جاءتهم النصيحة من كل وجه فإنهم لا بد أن يلتفتوا إلى ذلك و أن يسلكوا المنهج الذي نسأل الله تعالى أن يوفقهم له، وهو منهج النبي صلي الله عليه وسلم ظاهرا و باطنا.

كذلك بالنسبة للعامة نجد أكثر المساجد – مع الأسف – غالب أئمتها جهال لا يرشدون و لا ينصحون ولا يتكلمون وكان الناس قبل وقتنا الحاضر و قبل أن تفتح عليهم الدنيا، يأخذ إمامهم و إن لم يكن من طلبة العلم بعض الكتب المعتمدة، فيقرؤها على المصلين و ينتفعون بها، أما اليوم فغالب المساجد لا يُقرا فيها شئ و لا يوجِّه الإمام جماعته إلى ما ينفعهم و لهذا تجد عزوف العامة عن المسائل الدينية كثيراً جدا و هذا كله بتقصير من أهل العلم وبتقصير ممن يهمهم هذا الأمر، فعلينا أيها الاخوة إن نجتمع و أن نوحِّد جهودنا و أن نناصح ولاة أمورنا و أن نبذل الجهد في نصح عامة المسلمين في المساجد و الطرقات وغيرها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
و شئ آخر مهم جدا وهو العزلة بين الشباب والشيوخ هذه العزلة التي أصبح الشباب فيها حيران لا يهتدون سبيلا كل هذا في الحقيقة من تقصير كبار السن وعدم التفات بعضهم إلى الشباب مطلقا حتى إنهم لا يصغون لهم وانقالوا رشدا و هذا من الخطأ فالواجب علينا أن نكون مع هؤلاء الشباب وان ننظر ما هم عليه و أن نلاحظ ما حولهم مما يؤثر عليهم و ما السبب الذي أوجب لهم هذا العزوف والانصراف عن الإقبال على دينهم ؟ حتى إذا عرفنا الداء أمكننا أن نقوم بإعطاء الدواء.
و أما كوننا إذا سمعنا ما لا ينبغي عن بعضهم أعرضنا عن الجميع ثم نبذناهم و جعلنا نسبهم في كل مكان و لا نبالي بشأنهم و ننظر إليهم بعين الاحتقارفهذا مما يوجب الشر العظيم من بُعد الشباب عن الشيوخ و عن أهل العلم و الدين حتى تقودهم الشياطين إلى ما تريد.

فعلينا أيها الاخوة أن نراعي هذه المسأله الخطيره وان نلقي لها بالا و نحسب لها حسابا.

و على المدرسين خصوصا: أن يجتهدوا في تثقيف الطلبة تثقيفا دينيا و أن يرغبوهم فيما جاء به النبي صلي الله عليه وسلم من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وان يبصروهم بالدين على حقيقته و أن يكشفوا لهم الأحكام الشرعية كشفا واضحا مع بيان أسرار الشريعة وحكمتها لأني أرى أن التعليم و لا سيما الجامعي فيه بعض النقص و ذلك أن بعض المدرسين يلقي الدرس جافَّا أي إنهم (لا يبينون للطلبة دليل حكم المسالة و لاحكمته) و واقع المؤمن أن ينقاد إلى أمر الله و رسوله سواء علم الحكمة أم لا. قال تعالى{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}(الأحزاب- 36) ولكنه إذا عرف الحكمة ازداد اطمئنانا و تطبيقا ورغبة في الشريعة و لهذا أحث إخواني المدرسين على أن يلقوا العلم إلى الطلبة دسما حيا محركا للقلوب مهذبا للنفوس ينشرح به الصدر و تطمئن اليه النفس.
و الآن ارجع إلى صميم المحاضرة:
لقد كان موضوع محاضرتي هذه(( عقد النكاح و آثاره وما يترتب عليه و غير ذلك من بعض ما يتعلق به((

و اخترت هذا الموضوع لأهميته و جهل كثير من الناس بكثير من أحكامه، ولما يتصل به من المشكلات الاجتماعيةالتي يتمنى كل مخلص و ناصح لدينه و أمته أن ييسر حلها، فان المشكلات كلما طرقت وألقيت الأضواء عليها تيسر حلها و إذا تناساها الناس و أغمضوا عيونهم بقيت كما هي أوزادت غموضا و إشكالا.
وقد عقدت لهذا الموضوع عشرة فصول:

الفصل الاول: في معنى النكاح لغة وشرعا
الفصل الثاني: في حكم النكاح
الفصل الثالث: في شروط النكاح
الفصل الرابع: في أوصاف المرأة التي ينبغي نكاحها
الفصل الخامس: في المحرمات في النكاح
الفصل السادس: في العدد المباح في النكاح
الفصل السابع: في الحكمة من النكاح
الفصل الثامن: في الآثار المترتبة على النكاح و منها:
1-المهر. 2- النفقة. 3-الصلة بين الأصهار. 4- المحرمية. 5-الميراث
الفصل التاسع: في حكم الطلاق وما يراعى فيه.

الفصل العاشر: فيما يترتب على الطلاق



--------------------------------------------------------------------------------

[1] رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان انه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون – رقم ( 55)
رد مع اقتباس