( وقد توسع من تأخر عن القرون الثلاثة الفاضلة في غالب الأمور التي أنكرها أئمة التابعين وأتباعهم ، ولم يقتنعوا بذلك حتى مزجوا مسائل الديانة بكلام اليونان ، وجعلوا كلام الفلاسفة أصلا يردون إليه ما خالفه من الآثار بالتأويل ، ولو كان مستكرها ، ثم لم يكتفوا بذلك حتى زعموا أن الذي رتبوه ، هو أشرف العلوم وأولاها بالتحصيل ، وأن من لم يستعمل ما اصطلحوا عليه فهو عامي جاهل ، فالسعيد من تمسك بما كان عليه السلف ، واجتنب ما أحدثه الخلف ) (1) .
ويقول أبو القاسم اللالكائي : (فلم تزل الكلمة مجتمعة ، والجماعة متوافرة على عهد الصحابة الأول ، ومن بعدهم من السلف الصالحين ، حتى نبغت نابغة في أول إمارة المروانية ، تنازع في القدر وتتكلم فيه ، حتى سئل عبد الله بن عمر ، فروى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر بإثبات القدر والإيمان به ، وحذر من خلافه ، وأن ابن عمر ممن تكلم بهذا أو اعتقده بريء منه وهم براء منه ، وكذلك عرض على ابن عباس وأبي سعيد الخدري وغيرهما ، فقالا له مثل مقالته ) (2) .
__________
(1) بن حجر :فتح الباري 13/253 .
(2) للالكائي : أبو القاسم هبة الله بن الحسن ، (1402) ، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة ، تحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان ، الرياض ، دار طيبة 1/16.
|