وحجتهم في ذلك اعتقادهم الخاطئ أن النصوص القرآنية والنبوية في الغيبيات أو باب والصفات موهمة للتشبيه والجسمية ، ومعانها من المتشابهات ودون المحكمات ، وبقى الحال على هذا الفهم عند كثير من الناس حتى الآن ، فأغلبهم يخطئون في فهم عقيدة الإمام مالك بن أنس رحمه الله ، عندما سأله سائل وقال له : يا أبا عبد الله : { الرحمن على العرش استوى } (1) ، كيف استوى ؟! فقال : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، فإنى أخاف أن تكون ضالا وأمر به فأخرج ) (2) .
حيث ظنوا أن مالكا دعا إلى عدم التعرض للآيات بتفسير معناها ، وإيجاب تفويض العلم بالألفاظ إلى الله ، وأمر عقيدة السلف التي قررها الإمام مالك ليس كذلك ، فمعتقد الإمام مالك هو تفويض العلم بالكيفية إلى الله فقط ، أما المعنى فهو معلوم ظاهر من لغة العرب ومراد من مفهوم الآية ،
وهذا واضح بين في كلامه حيث قال : الاستواء غير مجهول ، أي معلوم المعنى ، والكيف غير معقول أي مجهول للعقل البشرى بسبب عجزه عن إدراكه ، ومن ثم لو قلنا كما قال الخلف من الأ شعرية بأن مالكا فوض العلم بالمعنى لا الكيفية ، فهذا يجعل السلف كالأعاجم والأميين الذين لايعلمون الكتاب إلا أمانى ، كما ورد في قوله تعالى : { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون } (3) .
المطلب الثالث : رؤية سلفية في فهم المعنى والكيفية وعلاقته بالمحكم والمتشابه .
__________
(1) ه:5 .
(2) للالكائي : أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري ، 1402هـ ، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة ، تحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان ، الرياض ، دار طيبة 3/398 .
(3) لبقرة:78.
|