عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 05-14-2012, 09:56 PM
أمة الواحد الأحد أمة الواحد الأحد غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الأخت الفاضلة: أم عبد الله .

بارك الله فيكِ وجزاكِ الله خيراً على هذا المجهود الرائع .



وكنت أبحث الآن عن مواد للشيخ إياد قينيبي, ووجدت تفريغ حضرتك لبعض هذه السلسلة.

وقد قمت بالأمس بتفريغ الحلقة العاشرة , ورأيت أن ألحقها في موضوعك , حتى لا تعيدي كتابتها مرة أخرى, توفيراً للوقت والمجهود ,

وتقبل الله مني ومنكِ :


الحلقة العاشرة:




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

إخوتى الكرام :
لازلنا في سلسلة ( نُصرةًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًََََََََََََ للشريعة ) ...

ذكرنا في الحلقة الماضية أن من يحمل مشروعاً إسلاميا ً- إن استلم الحكم - فلا مناص له
من إعلان السيادة المطلقة الكاملة المنفردة للشريعة ( ومن اللحظة الأولى ) .

وذكرنا أن هذا لا يعني بالضرورة إتيانه بالواجبات كلها , وإلغاء للمنكرات كلها دفعةً واحدة , لكن مادام القانون إسلامياً محضاً , والدولة تُطبق ما تقدر عليه , فالشريعة مطبقة , وذكرنا أمثلة عملية للنقلة الكبيرة التي يحدثها إعلان سيادة الشريعة , ثم وعدتكم بإستخلاص دروس مهمة.

تعالوا أحبتي الكرام نستعرض بعض هذه الدروس :


أولاً: -
-----

لاحظنا أن إعلان سيادة الشريعة يؤثر في كل شيئ في المجتمع , فالمجتمع يصبح مبنياً على العبودية المطلقة لله ؛
فبهذا الإعلان فإن أعمالاً كانت تُجرم في ظل القوانين الوضعية أصبحت مسموحة , وأخرى كانت مسموحة أصبحت جرائم ,

أيضاً فإن أشخاص وأملاك فقدت حصانتها , وأخرى اكتسبتها , وقضايا كانت رابحة تخسر , وأخرى كانت خاسرة تربح . اتفاقياتٌ تُلغى وأخرى تُبرم .
كل هذا بإعلان تطبيق الشريعة ومن اللحظة الأولى,
حتى وإن لم تستطع الدولة إنفاذ هذه الأحكام مرةَ واحدة فإن تسميتها وتوصيفها الشرعي يبقى ذا أثرٍ كبير .
فرقٌ كبير بين أن يعرف الفرد أنه يفعل شيئاً محضوضاً عليه وتشجعه الدولة , وبين أن يفعل شيئاً ممنوعاً يستوجب العقوبة , حتى وإن تأخرت المثوبة والعقوبة إلى حين قدرة الدولة واستطاعتها , فتوصيف الأفعال يبقى ذا أثرٍ كبيرٍ في سلوك المجتمع .

ثانياً:-
------

لاحظنا أن البديل عن إعلان سيادة الشريعة هو أن تحكم الدولة الإسلامية بالقانون الوضعي الجاهلي.
فعندما نقول: إسلاميون في الحكم ؛ فهم دولة وليس لهم أن يقفوا موقف المحايد من التصرفات والأشخاص والقضايا , فإما أن يحكموا بالإسلام , وإما أن يحكموا بالقوانين الوضعية الجاهلية .
( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون ). ولبيان ذلك أكثر برجاء مراجعة الحلقة الثالثة وهي بعنوان:
( المعنى الخطير للتدرج ).

فيا من تطالبون بعدم إعلان سيادة الشريعة من اللحظة الأولى , إعرفوا ما يؤدي إليه ذلك ؛ وهو أن تصبح الدولة الإسلامية حارسةً للقوانين الوضعية , منفذة لها ومعاقبة لمن يخالفها , ومثيبة للعاصي, ومعاقبة للمطيع . فماذا بقي لها من اسم ( اسلامية ) حينئذٍ , فهل تقبلون للدولة الإسلامية أن تفعل ذلك ولو ليومٍ واحد يا أصحاب التدرج .


وقد آلمني ما سمعته من أحد الدعاة وهو يقول لمستمعيه في المسجد :
( ما تظنوش إن الإسلاميين إذا وصلوا للحكم حيغيروا كل حاجة مرة واحدة ؛ يمكن مفيش حاجة من القوانين حتتغير أول سنتين تلاتة ,
لكن الناس حتبقى نضيفة )

وهذا كما ترون يا إخواني كلام خطيييييير للغاية , يدل على عدم وعي لمعنى أن تكون في الحكم , أو على تجويز أن يسوس المسلمون المجتمع بقوانين جاهلية وضعية .
إن لم يتغير شيئ من القوانين فستبقى الأماكن التي تمارس فيها المحرمات قانونية كما كانت في القانون الوضعي وتستحق من الدولة الحماية والرعاية ضد من يريدون إنكار منكرها . فهل يُتصور أن تعين الدولة الإسلامية في النهاية حراساً ملتحين على أبواب الخمارات والنوادي الليلية ( ما لكم كيف تحكمون )
فيا من تدافعون عن التدرج , إعرفوا عن ماذا تدافعون .

ثالثاُ :
--------


أما الفائدة الثالثة من الأمثلة التي ضربناها في الحلقة السابقة , وهي أن الحق واحد والباطل متشعب ؛ فإن لم يلتزم الدعاة بإعلان سيادة الشريعة , فإنهم سيتخبطون في البديل عن ذلك لأنهم فقدوا البوصلة بالتنازل عن الحق ( فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون)

فترى هذا الداعية يقول: قد لا نغير شيئاً من القوانين في أول سنتين أول ثلاثة .
وآخر يقدرها بأشهر , والثالث بمدة أكثر أو أقل . وآخر يقول : سنبدأ بأحكام الشريعة التي يتقبلها الشعب ونؤخر ما لا يتقبلها .
وآخر : يقول نبدأ بالأحكام المتعلقة بالأخلاق والسلوك ونؤخر الحدود .
وآخر ايضاً يقول: نقوي الإقتصاد ثم نطبق الشريعة.
وهكذا أصبحت المسألة خاضعة لتقديرات البشر, وهي أهم مسألة ؛ ألا وهي غبودية الله بتطبيق شرعه والخلافة في الأرض- أصبحت خاضعة للأهواء والتخمينات والتخريصات والظنون ( وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغنى من الحق شيئاً )
فهل يظن بالله تعالى أن يترك هذه المسألة المصيرية – مسألة العبودية لله بتطبيق شرعه -
أن يتركها لظنون البشر هكذا , فالحق واحد ( وهو في إعلان السيادة المطلقة التامة للشريعة من اللحظة الأولى ) ومن تخلى عن ذلك دخل في تشعبات و متاهات وتخبطات الباطل .


رابعاً:-
---------


إعلان السيادة للشريعة من اللحظة الأولى هو: ( عقدٌ بين الحاكم والمحكوم), وهو ملزمٌ للطرفين يمنع أياً منهما من التلاعب , وبه تسقط الحصانات الزائفة حتى عن الحكام لأنهم إن زاغوا عن تبعات هذا الإعلان فإن على الشعب أن يحاسبهم ويقيس أفعالهم على هذه المسطرة الواضحة (مسطرة الشريعة ) فالعاملون للإسلام ليسوا معصومين؛ فإن وصلوا للحكم , فما الذي يضمن أن لا تصيبهم لوثة السلطة والأبهة التي أصابت من شغل المناصب قبلهم ,
وهل هذا معقول ؟؟؟!!! نعم معقول , فلا عصمة لأحد فإن كنا نرى تنازلات قُدمت من البعض , وهذا وهم لم يصلوا بعد للحكم ,
فما الحال عندما تذاق حلاوة الألقاب والمشي على السجاد الأحمر .

ونحن مأمورون بأن نأخذ بظواهر الناس في الخير والشر, ولا يغنينا أن يقول قائل نيتي طيبة , أما النوايا فأمرها إلى الله عزوجل .
لذلك فنحن لا نقبل أبداً بالعبارات المائعة الرمادية التي تستخدم هذه الأيام بديلاً عن عبارة تحكيم الشريعة ومن اللحظة الأولى,

ومن هذه العبارات :
-------------------

*أجندة واضحة للتدرج في تطبيق الشريعة.
*سنطبق ما يتوافق مع روح الشريعة .
*فلان لديه توجه نحو تطبيق الشريعة .
*سنسن القوانين بما يحقق مقاصد الشريعة.
*الحزب الفلاني سيسعى بخطواتٍ حثيثة إلى تطبيق الشربعة .
*عليه أن يكون لديه نية جازمة لتطبيق الشريعة.
*جدية في الوصول بالمجتمع إلى تطبيق الشريعة .

*ستكون الدولة ذات مرجعية شرعية .


هذه العبارات كلها هلامية مائعة تهربية, حتى وإن استخدمت فيها كلمات الجدية والحزم والعزم والصدق , ولكنها تبقى مائعة هلامية غير مقبولة .

لأن يا إخواني تطبيق الشريعة عقدٌ ... فهل تقبل أن تكتب مع مالك شقة عقد إيجار صيغته: اتفق الطرفان على أن يدفع المستأجر 500 دينار شهريا مقابل أن يكون لدى المؤجِّر توجه واضح نحو تأجيره الشقة؟!
هل تقبل في عقد زواجك أن يُكتب: اتفق الطرفان على أن يدفع الرجل المهر مقابل أن يكون لدى ولي المرأة نية جازمة لتزويجه إياها؟!
هل تقبل بذلك؟؟؟!!! هل تُغني عندك النوايا حينئذٍ؟؟؟!!!
كذلك ؛ فإن تطبيق الشريعة عقدٌ بين الحاكم والمحكوم . فالمحكوم يبذل الطاعة والولاء ويتعبد لله بطاعة هذا الحاكم مقابل أن يلتزم الحاكم بتطبيق الشريعة , ثم هو قبل ذلك وفوق ذلك عقدٌ عبودية وخضوع مع الله عزوجل بتطبيق شرعه تعالى , ولاتنفع فيه مثل هذه العبارات الهلامية ,و إن كنت لاتقبل مثل هذه العبارات في عقد زواج أو استئجار فمن باب أولى ألا تقبلها في أخطر ما تعيش من أجله وهو العبودية لله تعالى بتطبيق شرعه.

كلمة تطبيق الشريعة هي كلمة منضبطة يمكن قياسها , أما عبارات التوجه, والتدرج , والنية , والرؤية , والمرجعية , كلها كلمات ليست منضبطة, ولا يمكن قياسها ,

فإذا استلم من يرفعون هذه الشعارات الحكم في يوم من الأيام ثم قست قلوبهم وأصابتهم لوثة الكرسي وأردوا مداهنة الغرب –لاخوفاً على شعبهم بل خوفاً على كراسيهم – فكيف سيحاسبهم شعبهم؟؟؟
فنجد أنهم إن فرطوا في أوامر الشريعة وطالبهم البعض بتنفيذها , فما الذي يمنع هؤلاء الحكام الإسلامييين من أن يقولوا نحن لدينا توجه حقيقي ونية صادقة في تطبيق الشريعة لكن في تقديرنا أن الشعب غير مهيئ, والمرحلة لا تناسب ونرى من المصلحة أن لانطبق هذه الجزئية من الشريعة الآن
ونحن مازلنا نتدرج في تطبيق الشريعة حسب أجندة واضحة , وفي أجندتنا أن علينا البقاء عند هذه المرحلة للأشهر القليلة القادمة , فإذا طرأ هذا الإنحراف على الحكام الإسلاميين وبرروا بمثل هذه المبررات , فما الذي يمنعهم؟ خاصةً وأن عقدهم مع شعوبهم كان هلامياً من البداية ... فسنجد أنفسنا ندخل حينئذٍ في معركة الحكم على النوايا والإختلاف في تقدير الوضع يسمح أو لا يسمح وما إلى ذلك .

ملخص النقاط الأربعة السابقة:
-------------------------

1- إعلان سيادة الشريعة يُحدِث إنقلاب في موازين ومفاهيم وقوانين المجتمع من اللحظة الأولى.
2- البديل عن هذا الإعلان هو أن تحكم الدولة بالقانون الوضعي الجاهلي.
3- من تخلى عن إعلان سيادة الشريعة فسيدخل في متاهات الباطل المتشعب.
4- إعلان سيادة الشريعة عقدٌ لا تقبل فيه العبارات الهلامية .

خلاصة الحلقة:-
----------------

إعلان تطبيق الشريعة من اللحظة الأولى هو الحق الأوحد وهو المفهوم المنضبط المحدد المقيس شرعاً والذي يحاسب عليه كل من الحاكم والمحكوم, وما عداه حكم جاهلية وباطل متشعب , ومفاهيم غير منضبطة ولا محددة وتؤدي إلى إنحراف الحاكم والمحكوم
رد مع اقتباس