الموضوع: الجسد والتراب
عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 01-18-2008, 12:24 AM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي







السؤال الأول
*******************


وطالما اتفقنا أخى الحبيب أن الإجابة لن تكون بمقاييس الدنيا التى تحسبها ،، فلتتأمل الآن فيها ثانية ولتراجع نفسك ، فلو لم تعمل لهذه الإجابة من الآن فلن تجيب ، ويومها بالطبع لن يجدى النحيب .

**************************

وهو سؤال محدد موجز ،، وكذلك إجابته ،، ولكن من الذى يجيب عنه ؟؟
هل سيجيب عنه من تزينت بطاقته الشخصية الدنيوية بكلمة [ الديانة : مسلم ] ؟؟؟

لا والله ، فليس كل مايدعى المرء صحيحا وإن كان زاعما ...
ولكن :
لن يجيب وقتها إلا [ المؤمن الصادق ] .

سيقول : [ ربى الله ] .

سيقول ماكان يقوله فى الدنيا .
سيكون جوابه على نظير ومثيل صنيعه فى الأيام الخوالى .

يقول [ ربى الله ] لأنه :
ماكان يعبد إلا الله ..
لم يفوض أمره فى يوم إلا إلى ربه .
لم يراقب إلا الله .
أحب فى الله ، وأبغض فى الله .
والى فى الله ، وتبرأ وعادى فى الله .
ماسأل غير الله .
مااستعاذ إلا بربه . ومااستعان بسواه _ سبحانه _ .
أعطى لله ، وكذلك منع أيضا لله .
ماتوكل إلا على ربه ، ومالجأ إلا إليه سبحانه .
كانت مراقبته لله فى السر والعلانية سواء .
ماكان يدعى الإسلام والإيمان والتقوى أمام الناس ، ثم يعصى ربه فى الخلوات .
وكذلك أيضا ماكان من المجاهرين ربهم بالآثام .


فهذا كان يصلى الصلاة على وقتها ، لأنها فريضة من الله .
كان يصوم شهره حتى يصبح مؤديا لفرائض ربه .
كان لايمتنع وينسيه الشخ والبخل تأدية الزكاة .
إن رزقه الله بما يكفى من مال وصحة للحج لم يتوانى فى تأديته .
وكذلك لم ينسى أن يكون ذا حظ من النوافل والصدقات والقربات .

فهذا يقولها بصدق ويجريها الله على لسانه فيقول :
[ ربــــــــــــــــــــــــــى الله ] .

فالإجابة يومها لن تكون بمقاييس البشر ، وإنما ستكون وفقا لأعمال البشر .

فلسانك الذى كان يقولها نفاقا ورياءا فى الدنيا ، لابد يومها أن يلجم ويخمد فى مكانه ، فلا مكان هنا للمنافقين والمخادعين ، فالتعيس من ظن أنه سيستطيع الكذب هناك .

إذن فالذى يجيبك هو إيمانك الحقيقى ، وعلى قدر الإيمان ستكون الإجابة .

أليس الإيمان هو : تصديق الجنان ، وقول اللسان ، وعمل الأركان ؟؟؟

إذن فما كان فى قلبك فى الدنيا ، وما كنت تدين الله به ، وتصدقه بيقين غير قابل للشك أو التردد ،، هو من سيجيب .
ماكنت تقوله فى الدنيا وينطق به لسانك من خير أو شر ،، هو من سيجيب .
ماكنت تفعله من الخيرات أو المساوىء فى الدنيا ،، أيضا سيكون له دور فى الإجابة .

فستقول يومها [ ربى الله ] ، إذا كنت فى الدنيا قد حَـيـيـتَ ومُـــتَّ عليها ومعتقدك وأفعالك هى : [ الله ربى لاشريك له ولا أشرك بربى أحد ] .






أما الذى يأتى عليه وقت الصلاة ، فيقول : ( عندى أعمال ، والعمل عبادة )
فهذا لسان حاله كأنه يقول : ( وماذا سأستفيد من هذه الصلاة الآن )
فهل هذا حقا فعل مايدل على عبوديته لله وحده ؟؟ أم أنه قدم دليل وبرهان عبوديته للدرهم والدينار ؟؟
فهذا إن لم يتب قبل موته ، لايلوم سوى نفسه التى صارت به إلى الشقاء والتعاسة .

وكذلك الذى يبارز الله بكل ذنب دون حرج من عباد الله ولا استحياء من الله ، وإن خاطبته وعنفته ، يقول : ( سوف أتوب فيما بعد ) .
فهذا حاله وكأنه اطلع على الغيب فاطمأن واستراح باله ، وعلم متى سيموت ، وضمن التوبة قبل الغرغرة . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلىّ العظيم .
فهل هذا عبد الله بالعبودية التى يزعمها ، أم أنه عبد شهواته وملذاته ؟؟
فهل هذا يستحق أن يكون من الفائزين بالإجابة ؟؟

وهذه التى خلعت الحجاب والجلباب ، واكتست السافر من الثياب .. وانطلقت فى الشوارع ووقفت على كل باب ، وفى كل خطوة خطتها افتتن بها الرجال والشباب ...
وكلما خاطبتها أو نصحتها ، أو حتى سمعت هى مايرغب فى العفاف زعمت بأن هذا تعسير وتشديد لا حاجة لها به ..
فهل هذه كانت أمة لله وحده ؟؟
وهل فى صدق قال قلبها ولسانها وقالت جوارحها : [ ربى الله ] ؟؟؟؟

فهؤلاء وأمثالهم ، ليس لديهم مايقولون فى نهاية الأمر إلا كلمة واحدة ، وكأنهم قد اتفقوا عليها وسنوا بها قانونا وشرعوا بها شريعة منفردة ، ألا وهى :

[ ربك رب قلوب ] ،، [ أنا قلبى أبيض ] .

ليس عندهم سوى هذا . يقولونها صبحا وعشية ..

ونحن نقول :

[ هل تبيض القلوب بمعصية من بين إصبعين من أصابعه القلوب ] _ سبحانه وتعالى _ ؟؟؟؟

كيف يداوم المرء على معصية ربه ، ثم يزعم كاذبا بياض قلبه ونقاء سريرته وحسن طويته ؟؟
إنما المعاصى تنكت فى القلوب نكتة بعد نكتة ، حتى يكتسى القلب بالسواد ويتشح بالظلام .

فهل من يخالف فى الدنيا ربه ، ويتبع هواه ، يمكن أن يقول بكل ثبات : [ ربى الله ] ؟؟؟

فاللهم عفوك ومغفرتك ، اللهم ارزقنا الثبات .
اللهم لاحول ولا قوة إلا بك سبحانك .





التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 01-20-2008 الساعة 02:54 AM
رد مع اقتباس