وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا
قال تعالى " إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10) " سورة الإسراء
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن هذا القرآن العظيم الذي هو أعظم الكتب السماوية ، وأجمعها لجميع العلوم ، وآخرها عهدا برب العالمين جل وعلا ، يهدي للطريقة التي هي أقوم وأسد وأعدل وأصوب
فهذا القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبينه محمد صلى الله عليه وسلم يرشد ويسدد من اهتدى به لأقوم السبل ، وذلك السبيل هو دين الله الذي بعث به أنبياءه وهو الإسلام
فالله تعالى يمدح كتابه العزيز المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن ، بأنه الهادي لأقوم الطرق ، وهذا الطرق القويم والصرط المستقيم هو توحيد الله والإيمان برسله
قال ابن زيد ، في قوله ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) قال : التي هي أصوب ، هو الصواب وهو الحق; والمخالف هو الباطل . وقرأ قول الله تعالى ( فيها كتب قيمة ) قال : فيها الحق ليس فيها عوج . وقرأ ( ولم يجعل له عوجا قيما ) يقول : قيما مستقيما .
( ويبشر المؤمنين ) الذين يؤمنون بالله ورسوله ( الذين يعملون الصالحات ) ويعملون بما أمرهم الله به ، وينتهون عما نهاهم عنه ( أن لهم أجرا كبيرا ) ثوابا عظيما ، وجزاء جزيلا يوم القيامة ، وذلك هو الجنة التي أعدها الله تعالى لمن رضي عمله
(وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة) ويتوعد الذين لا يصدقون باليوم الأخر، ولا يقرون بالثواب والعقاب ( أعتدنا لهم عذابا أليما ) يوم القيامة ، وهو عذاب جهنم ، كما قال تعالى : ( فبشرهم بعذاب أليم ) [ آل عمران : 21 ] .
كفى بكتابكم يا قوم نورا *** فشقوا السُّبْلَ ، واخترقوا الظَّلاما
كتاب الله لولا أن هدانا *** لما وضح السبيل ولا استبانا
نظام الدين والدنيا وماذا *** يكونُ الناس إن فقدوا النظاما ؟
وما نفع الحياة لكل حَيٍّ *** إذا ما أصبحت داءً عقاما ؟
كفى بكتابكم يا قوم طباً *** لمن يشكو من الأمم السَّقاما
كتاب يملأ الدنيا حياةً *** وَيَنْشُرُ في جوانبها السَّلاما
سعادتنا في نهجه واتباعه **** وأسلوبه كالشهد عذب مسلسل
ويدعو إلى الإحسان والبر والهدى *** هو العروة الوثقى لمن كان يعقلُ
ألا إنه القرآن دستور ربنا *** فأكرم به ذاك الكتابُ المفصَّلُ
هنيئاً لمن قد جاء يسعى بنوره *** وطوبى لمن في الحشر أقبل يعملُ
إذا فخر الإنسان يوماً برتبةٍ *** فحفَّاظه بالفخر أولى وأفضلُ
فطوبى لحفاظ الكتاب فإنهم *** مع الصفوة الأبرار في الروض ترفلُ
فمن كان يرجوا أن يفوز بجنة *** فجنته في فهمه إذ يرتل
وعش في ظلال الذكر تحت لوائه *** ملاذ لنا في النائبات ومعقِلُ
تباركت يا ربي لك الملك كله *** فما شئت يا مولاي في الملك تفعل
أعنا على حفظ الكتاب وفهمه *** فإياك نستهدي وإياك نسأل
يخبر الله تعالى في هذه الآية عن شرف القرآن وجلالته وأنه يهدي لأقوم وأعدل وأعلى العقائد والأعمال والأخلاق، فمن اهتدى بما يدعو إليه القرآن؛ كان أكمل الناس وأقومهم وأهداهم في جميع أموره.
وهذه الآية الكريمة أجمل الله جل وعلا فيها جميع ما في القرآن من الهدى إلى خير الطرق وأعدلها وأصوبها ، فلو تتبعنا تفصيلها على وجه الكمال لأتينا على جميع القرآن العظيم لشمولها لجميع ما فيه من الهدى إلى خيري الدنيا والآخرة
و الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وآله وأصحابه أجمعين
تفسير القرآن العظيم ابن كثير
تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)
تفسير الطبري
أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
تفسير السعدي
قصيدة:أهاب الحق فاستبقوا كراما - الشاعر أحمد محرم
الملحمة القرآنية الشعريـة