الموضوع: الجنة تنادى
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-13-2008, 06:34 AM
سلسبيله هارون سلسبيله هارون غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




Islam الجنة تنادى

 

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ..


وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..

﴿ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً ﴾ .. ﴿ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً ﴾..



أما بعد :


فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ..
وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ..
وشرَّ الأمور محدثاتها ..
وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ..

كلٌ يسبح في السماوات *** العلا والأرض للمتفرد الخلَّاق
ولوجهه عنت الوجوه وسبَّح*** الملكوت من زهر ومن أشواك
يا بادئ الحياة من عدم*** ويا منشي الحياة وباسط الأرزاق
لك وحدك اللهم جال تفكري*** وهواك ملئ قلبي الخفاق


بقلم الداعية الجليل خالد الراشد


أحبتي حاضرين وحاضرات ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
حياكم الله وبياكم ..
أنا وإياكم في ضيافة الرحمن الرحيم.. فهذا بيته ..الذي أذن أَن يُرفَع ويُذكر فيه اسمه ..
فله الحمد كله ، وله الشكر كله ، وبيده الخير كله ، وإليه يرجع الأمر كله علانيته وسره..
عنوان ليلتنا هذه المباركة :

"الجنة تنادي "

نعم أحبتي ..
إنها ليست جنة ..
ولكنها جنان ..
فلقد جاءت أم حارثة رضي الله عنها تسأل عن حارثة رضي الله عنه بعد مقتله ، قالت : يا رسول الله أين حارثة في النار فأبكيه ، أم في الجنة فاأفرح له ؟! ..
فقال الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه :

( أهبلت يا أم حارثة !! إنها ليست جنة ..إنها ليست جنة ولكنها جنان ، وإن حارثة أصاب الفردوس الأعلى ) ..
أحبتي ..
ذكر الجنة حياة للقلوب ، ونسيان الجنة موت للقلوب ..
فأردت من موضوعي الليلة في هذه الأيام والليالي المباركة ..
تحريك القلوب ..
وتشويق النفوس ..
ورفع الهمم لطلب أعلى الدرجات وعدم الرضا بالدنيات ..
فهيا ننطلق أنا وإياكم في رحاب أبواب الجنة التي تفتحت أبوابها ..
اعلموا رعاكم الله ..
مهما جال في خواطركم ..
أو تردد في أذهانكم ..
فإنَّ في الجنة ما هو أعلى منه وأتم ..
صرح بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم تصريحاً فقال :

( قال الله : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ..
مصداق ذلك قوله تبارك تعالى في كتابه :
﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ ..

فيا أيها المشتاقون ..فيا أيها المشتاقون ..
مهما كان جمال الوصف فلا يعدُّ شيئاً بجانب الحقيقة الساطعة التي طبعها الله عليها – أي طبع الجنة عليها - لأنَّ الله تعالى ..
إنما وصفها لنا على قدر عقولنا ..
وصوّرها على حسب تصورنا وفهمنا..
يقول ابن القيم رحمه الله : وكيف يقدر العقل القاصر الضعيف قدر ..
جنةٍ ..
غرسها الرحمن بيده ..
وجعلها جزاءً لأحبابه ..
وملأها برضوانه ورحمته ..
وزيَّنها وأتقنها بعظيم قدرته ..
ووصف نعيمها بالفوز العظيم ..
ووصف مُلكها بالمُلك الكبير ..



قال الله : ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً ، عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ﴾ ..
تأمل وتدبَّر معي من الذي سقاهم !!

﴿ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ، إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً ﴾ ..

هذه هي أيام بذل الثمن في الوصول إلى تلك الدرجات وتلك الجنان ..
والله إنه لنعيمٌ لا يستطيع الخيال له تصويرا ..
ولا يستطيع اللسان عنه تعبيرا ..
وليس الخبر كالمعاينة..

فانتظر ﴿ َإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ﴾ ..
إنها..
الجَنّة ، ودَارُ السَّلَام ، ودَارُ الخُلد ، ودَار المُقَامَة ، ودَارُ الحَيَوَان ..
إنها ..
جَنَّةُ المَأْوَى ، والمَقَامُ الأَمِين ، وجَنَّاتُ عَدْنٍ ، وجَنَّاتُ النَعِيْم ..
إنها ..
﴿ مَقْعَدُ صِدْقٍ عِنْدَ مَليكٍ مُقْتَدِر ﴾ ..
إنها ..
الفِرْدَوْس .. وما أدراك ما الفردوس !!..


ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

(
إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس ..فإنه أعلى الجنة ، وأوسط الجنة ، ومنه تُفجّر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ) ..

فإذا أردت أيها المشتاق أن تكون من أهل الفردوس فاسمع أوصافهم كما جاء في سورة المؤمنون :
بسم الله الرحمن الرحيم :

﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ ، فإذا اتصفوا بتلك الصفات فماذا لهم ؟!:


﴿ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ، الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ ..

اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا يا أرحم الراحمين ..

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشدّ كوكب دريّ في السماء إضاءة ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتفلون ، ولا يتمخطون ، أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك ، ومجامرهم الأُلُوَّة ، أزواجهم الحور العين ، على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم عليه السلام )

متفق عليه ..

وعن كعب رضي الله عنه قال : ما نظر الله إلى الجنة إلا قال : طيبي لأهلك...فتزداد ضعفاً حتى يدخلها أهلها ..

اسمع أيها المشتاق .. اسمع أيها المشتاق وزد شوقاً واستبشاراً..

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إن أبواب الجنة هكذا بعضها فوق بعض ، ثم قرأ قوله تعالى ﴿ حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ فإذا هم عندها بشجرة في أصلها عينان تجريان ، فيشربون من أحداهما فلا يترك في بطونهم قذىً ولا أذىً إلا رمته ، ويغتسلون من الأخرى فتجري عليهم نضرة النعيم فلا تشعث رؤوسهم ولا تخضل أبشارهم بعد هذا أبداً، ثم قرأ قوله تعالى

﴿ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ ..فيدخل الرجل وهو يعرف منزله ويتلقاهم الولدان ، فيستبشرون برؤيتهم كما يستبشر الأهل بالحميم يقدم من بعد غياب ، فينطلقون إلى أزواجهم فيخبرونهم – يخبرون الأزواج بقدوم الأحباب - فتقول : أنت رأيته ؟! فيقوم إلى الباب فيدخل إلى بيته فيتكأ على سريره فينظر إلى أساس بيته فإذا هو قد أُسس على اللؤلؤ ، ثم ينظر في أخضر وأحمر وأصفر ، ثم يرفع رأسه إلى سماء بيته فلولا أنه خلق له لاكتمع بصره – أي ذهب بصره من ذلك الجمال – فيقول:

﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ ..

فيا حبذا الجنة واقترابها .. طيبةٌ وبارد شرابها ...
اسمع أيها المستبشر.. واسمع أيها المشتاق ..


إن الله جلت قدرته أعد في الجنة غرفاً شفافة يُرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، متألقة كأنها النجوم بلغت حدَّ الكمال في السعة والتمكين ..

قصورها من ذهب لا يشاكله ذهب الدنيا ولا يماثله لأنه جوهر شفاف في غاية الصفاء..
وحصباء أرضها الياقوت والجوهر..

وترابها المسك والزعفران ..

مفروشة بالفُرش الناعمة من السندس والأطاليس والاستبرق في غاية الرقة والنعومة ..

تتشقق في أرجائها الأنهار ، وتجري في وسطها الغدران ..

قال تعالى :

﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ﴾ ..

وروى الترمذي في جامعه عن علي رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(إنَّ في الجنة لغرفاً يُرى ظاهرها من بطونها ، وبطونها من ظهورها )
، فقام إعرابي فقال : يا رسول الله لمن هذه الغرف ؟!، قال :
( لمن طيّب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى بالليل والناس نيام )..
فهذا هو الثمن فادفعوه ما دمنا في زمن الإمكان ..

أما أعظم نعيم في الجنان فهو ..

التمتع بالنظر إلى وجه الرحمن ..

وهذا مؤكد في السنة و في آيات القرآن ..

قال تعالى :
﴿ وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ،لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ ..

{ فالحسنى } : هي الجنة ..
و{ الزيادة } : هي النظر إلى وجهه الكريم ..

يتبع بإذن الله


--------------------
رد مع اقتباس