عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 01-04-2012, 11:27 PM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

القاعدة الخامسة
** كن حازما في غير قسوة وطغيان .. لينا في غير تساهل واستهوان **

أكثر الآباء والأمهات يجمعون في تعاملهم مع أبنائهم بين الحزم واللين
والشأن في هذا الباب ليس في مجرد الجمع بين الحزم واللين
ولكن في طريقة الحزم وطريقة اللين .. ووقت استعمال كل منهما

فكثيرا ما ينجرف الحزم بالآباء إلى القسوة والجفاء .. والانتصار للنفس والسخرية والاستهزاء
وكثيرا ما يدفعهم اللين إلى التساهل مع البنين .. بطريقة مضيعة لمصالح الدنيا والدين

والجمع المقصود هنا هو الجمع الشرعي التربوي

حزم بلا قسوة ولا طغيان .. ولين بلا تساهل ولا استهوان
حزم ممزوج بالحنان .. ولين محاط بأسوار من الأمان

تأملوا أرشدكم الله في هذا المشهد

طفل بريء يلعب بالكرة .. ويركلها هنا وهناك
فقال له أبوه : لا تقذفها لئلا تكسر شيئا .. فاستمر في ركلها واللعب بها
فكرر عليه الأب مقولته .. فغلب عليه نهمه للكرة وولعه بها واستمر في ركلها
وفجأة ركلها ركلة عنيفة .. فاتجهت الكرة مباشرة إلى الصف العلوي من [النيش]
فكسرته ووقع بكل ما عليه آخذا في طريقه الطبقات السفلى .. ومهشما لأثمن الأكواب والكؤوس

ما هو التصرف التقليدي من الأبوين في مثل هذا الموقف ؟!

مبدئيا كده ... الواد ده هيتقطع !!
غير السب والشتم واللعن والصراخ .. والدعاء عليه في بعض الأحيان
وربما تفاقم الأمر إلى سب أمه والتطاول عليها .. لأنها نسيت إغلاق باب [النيش]
أو لأنها تحاول حماية طفلها من بطش الأب وضربه الشديد

هذا هو واقع كثير من الآباء للأسف الشديد

وبعد معرفة التصرف التقليدي يأتي السؤال التقليدي
ما هو التصرف الصحيح في هذا الموقف ؟!

قبل أن أجيب على هذا السؤال المهم .. أريد أن أسأل سؤالا آخر

ما هو الغرض من رد فعل الأبوين تجاه الطفل في هذا الموقف ؟!

الجواب :
رد فعل الأبوين تجاه الابن في مثل هذا الموقف له أحد غرضين لا ثالث لهما

الأول : إخراج شحنة الغضب المشتعلة في صدورهما والانتصار للنفس وشفاء غيظها من الولد
الثاني : تأديب الولد وتعريفه بخطأه لعدم تكراره مرة أخرى

وهذان الغرضان لا يجتمعان أبدا
ذلك أن تأديب الولد في مثل هذا الموقف وإخراج شحنة الغضب وشفاء الغليل
بضربه وسبه ولعنه والصراخ فيه مخالف لما قرره علماء الشرع وعلماء النفس قاطبة

لأن هذا عند الفقهاء وعلماء النفس ليس تأديبا تربويا .. ولكنه تعزير انتقامي
وقد أجمع أهل العلم على أن الطفل يضرب تأديبا لا تعزيرا
فليس الغرض من ضرب الطفل هو الإيلام والانتقام
بل الغرض هو التأديب والتعليم والإفهام

كضرب الزوج لزوجه

بعض الأزواج يعمل بقوله تعالى في سورة النساء : وَاضْرِبُوهُنَّ
من غير نظر لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر الطويل الذي رواه مسلم
فاضربوهن ضربا غير مُبَرح

وبعضهم يعمل بهذا الحديث من غير نظر لفهم السلف له
قال عطاء : قلت لابن عباس ما الضرب غير المبرح ؟ قال : بالسواك ونحوه

فإن قال قائل : وما الفائدة إذن من هذا الضرب ؟
فالجواب : أن الغرض الشرعي من هذا الضرب هو الإيلام المعنوي لا الحسي
لأنه ضرب تأديبي .. لا تعزيري انتقامي

وهذا هو نفس الغرض الشرعي الصحيح من ضرب الأطفال

وهنا نرجع لسؤالنا الأول
ما هو التصرف الصحيح في هذا الموقف ؟!

والجواب بناء على ما تقدم
أن التصرف الصحيح في مثل هذا الموقف ألا يتعرض الأبوان أو أحدهما للطفل مطلقا في وقت غضبهما
لأن التعرض له في هذا الوقت لن يكون إلا انتصارا للنفس وإخراجا للغيظ وشفاء للغليل
وسيذهب الغرض التأديبي في ثنايا هذه الانفعالات الشديدة

ووقت التأديب الصحيح في هذه الحالة يكون بعد سكون عاصفة الغضب وذهاب أمواج الانتقام
بأحد أنواع التأديب السبعة التي سنتكلم عليها لاحقا إن شاء الله .. لا بالضرب وحده
كالتأديب بالوعظ والتأديب بالتوبيخ والتأديب بالهجر والتأديب بالحرمان
والتأديب بالطرد والتأديب بالحبس والتأديب بالضرب
وتحديد النوع المستعمل يكون بحسب الموقف وحالة الطفل وقت التأديب

هذا هو الحزم في غير قسوة

إذا طلب طفلك شراء لعبة ما .. وأنت لا تملك ثمنها أو لا تريد شرائها .. فقل له : لا
فإذا ألح عليك في ذلك .. فقل له : لا واعرض عليه بعض البدائل المتاحة
فإذا زاد إلحاحه وبكى .. فاجمع بين الحزم واللين :

حزم في صورة الإصرار على الرفض وعدم الضعف أمام بكائه
ولين في صورة مراعاة طفولته ورحمة دموعه والتعبير عن ذلك برفق وحب وحنان

لا يضعف أمام بكائه لئلا يتخذه الطفل بعد ذلك وسيلة مستمرة للوصول إلى ما يريد
ولا يقسو عليه حال بكائه لئلا ينبت في عمقه بذرة بغض الأبوين وعقوقهما بعد عمر مديد

ذلك أن فهم الطفل ووعيه بوجهة نظر الأبوين في رفض طلبه سطحي بلا مراء
والحزم في هذا السياق يربي الطفل على التعايش مع غيره بمبدأ الأخذ والعطاء
فلا يكون أنانيا لاعتياده على الأخذ دائما .. ولا يكون مسرفا لاعتياده على العطاء دائما

ومهما طال بكاء الطفل مع الحزم واللين على النحو السابق فلا ضير في ذلك
لأن البكاء عند الأطفال نوبات عصبية .. تبدأ وتأخذ وقتها وتنتهي
وإذا تعود على عدم جدوى البكاء في الوصول لرغباته بحث عن وسائل أخرى غير البكاء
وهنا تأتي فرصة الآباء
وهذه الفرصة تتمثل في الأخذ بيد الطفل إلى الوسائل المشكلة لشخصيته للوصول من خلالها لما يريد

كوصوله لما يريد عن طريق الدعاء .. فتوجيه الطفل للدعاء يعلق قلبه بالله رب العالمينمع الحرص على تلبية رغباته من خلال هذا الباب قدر الإمكان


وكوصوله لما يريد عن طريق مساعدة أمه في ترتيب البيت
وهذا ينمي فيه ما سبق التنبيه عليه في مبدأ الأخذ والعطاء
التوقيع

[C

رد مع اقتباس