عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 08-16-2008, 03:30 AM
الفاررة الي الله الفاررة الي الله غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

هلاك الكفار ونجاة المؤمنين أو نصرهم في المعارك

إن قصة نوح وموسى عليهما السلام نموذج رفيع للتدليل على أن من أنواع التمكين هلاك الكفار ونجاة المؤمنين، وقصة نوح مع قومه منهج عظيم للدعاة إلى الله, وقصته مليئة بالدروس والعبر، ومما يكسبها أهمية خاصة ما تميزت به، ومن ذلك:

1- أن نوحًا عليه السلام أول رسول إلى البشر، وكل أول له خصوصيته وميزته.

2- امتداد الزمن الذي قضاه في دعوة قومه (950 سنة).

3- كونه من أولى العزم الذين ذكروا في القرآن.

4- ورد اسمه كثيرًا في القرآن الكريم حيث بلغ (43) مرة في (29) سورة من سور القرآن، أي في ربع سور القرآن تقريبًا، مع ورود سورة باسمه في القرآن.

وأما قصة موسى عليه السلام مع فرعون، فتبين ضراوة الصراع بين الحق والباطل, والهدى والضلال، والإيمان والكفر، والنور والظلام, وتسلط الأضواء على استكبار فرعون وتجبره واستعباده عباد الله واستضعافهم واتخاذهم خدمًا وحشمًا وعبيدًا، وكيف أراد الله لبنى إسرائيل أن يرد إليهم حريتهم المسلوبة وكرامتهم المغصوبة, ومجدهم الضائع وعزهم المفقود، إن من يقف أمام إرادة الله فهو عاجز ضعيف، وهو فاشل مهزوم, وإن أعداء الله أينما كانوا هم إلى هزيمة وخسارة وهوان، وتبين لنا كيف انتقم الله من فرعون ونصر وليه موسى عليه السلام وقومه.

وأما قصة طالوت، فتوضح مرحلة مرت بها أمة بنى إسرائيل، فبعد أن وقعوا في المعاصي، وانحرفوا عن منهج الله وسلط الله عليهم الأعداء وأصاب بني إسرائيل ذل وخيم، ومرارة أليمة، وهزيمة عظيمة, وأرادوا أن يغيروا واقعهم المهين، وأن يبدلوا ذلهم عزة وهزيمتهم نصرًا، وعلموا أن السبيل لذلك هو الجهاد والقتال، فطلبوا من نبيهم أن يختار لهم ملكًا يتولى أمورهم، ويقودهم إلى العزة والنصر، ويقاتل لهم أعداءهم، في سبيل الله، فوقع خيار الله على طالوت ليكون ملكًا عليهم، ومن ثم يقودهم إلى النصر والعزة والتحرير، فاعترض الملأ على نبيهم قائلين: *أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ"، فبين لهم نبيهم أن الله اصطفاه عليهم، والله حكيم خبير، وإن الله زاده بسطة في العلم والجسم، وتسلم طالوت قيادة بنى إسرائيل وكانت قصة طالوت مع بنى إسرائيل من أروع القصص القرآني في بيان سنن الله في النهوض بالأمم المستضعفة، وما هي السمات والصفات المطلوبة للقيادة التي تتصدى لمثل هذه الأعمال العظيمة لتقوية الشعوب والنهوض بها نحو المعالي، وفق منهج رباني ووسائل عملية وتربوية عميقة على معاني الطاعة والثبات والتضحية والفداء من أجل العقيدة الصحيحة.

وفي سيرة النبي e نجد هذا النوع من التمكين -ألا وهو النصر على الأعداء- واضحًا، فبعد أن هاجر e إلى المدينة قدّر ظرفه وزمانه ومكانه وجهز قوات جهادية حققت أهدافها القريبة والبعيدة، معتمدًا على الله في ذلك، شارعًا في الأخذ بالأسباب التي أمره الله بها، فترك لنا معالم نيرّة في مغازيه الميمونة, ودروسًا عظيمة في كيفية تحقيق النصر على الأعداء والتمكين لدين الله تعالى، بدأ بالسرايا، فحققت أهدافها، ومضى يحاصر قوى البغي والكفر والضلال حتى فتحت مكة، ومن ثم وحدت جزيرة العرب, وأثناء ذلك كان يوجه الضربات المحكمة إلى الوثنية في كل مكان وإلى اليهود الذين نقضوا العهود, وإلى ملوك الأرض يدعوهم للإسلام، فترك البناء متينًا. وقام الخلفاء الراشدون من بعده ليتوسعوا بالإسلام شرقًا وغربًا، وهكذا توالت الأجيال لحمل الرسالة ولأداء الأمانة، وكان تاريخ أمتنا مليئًا بهذا النوع من التمكين، ففي عهد صلاح الدين كانت موقعة حطين على يديه وكان فتح القدس، وفي عهد يوسف بن تاشفين كانت معركة الزلاّقة، وفي عهد محمد الفاتح كان فتح القسطنطينية، وأما في العصر الحديث، فالملحمة الجهادية بين الروس والأفغان انتهت بهزيمة الإلحاد، والمعارك بين الإسلام والنصرانية في جنوب السودان فتحت للمسلمين أبواب الشهادة والعزة والنصر والتمكين، والصراع بين اليهود والمسلمين في فلسطين بين الكر والفر، وهكذا نجد دائمًا عون الله لأهل التوحيد والإيمان على مر العصور وكر الدهور وتوالى الأزمان.

رد مع اقتباس