عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 01-27-2011, 01:36 PM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

وقال الشيخ :
الباب الأول:
في ذِكْر البلوغ وبَيان حَدِّه
يثبت في حقّ الغلام بأحد ثلاثةأشياء:
الاحتلام ، أو كمال خمس عشرة سنة ،أو نبات الشعرالخشن حول القُبُل.
ويثبت في حق المرأة بأحد خمسة أشياء: الثلاثة التي ذكرناها،والحيض، والحبل.
فمتى وجد أحد هذه الأشياء في حقّ المرأة، فلتعلم أنَّ قلمالتكليف حينئذٍ قد جرى، وأنَّ العقاب على ترك الواجبات قد توجّه، فلهذه الفائدةبينّا حدَّ البلوغ.
ابتدأ الشيخ رحمه الله تعالى بهذا الباب لأن البلوغ بداية التكليف ، وهو سيتكلم الآن عن الأحكام الشرعية ، فبين الشرط أولًا أي أن المكلف لا يجب عليه شيء إلا إذا بلغ . فأراد رحمه الله أن يبين حد البلوغ في الشرع ، فقال رحمه الله : يثبت في حق الغلام بثلاثة أشياء ، والمقصود بالغلام هنا الذكر ، لماذا ذكر الغلام هنا مع أن الكتاب بعنوان أحكام النساء ؟ ذكره لأنه ربما درس تلك الأحكام المذكورة في هذا الكتاب امرأة كبيرة لها أبناء ، فأراد أن يعلمها كيف تعرف سن بلوغ الذكر ( فائدة : الولد يطلق على الذكر والأنثى ) ، وأن المرأة إذا بلغت فإنها ستتعامل مع الذكور ، فالمعاملة معه قبل البلوغ ليست كالمعاملة معه بعد البلوغ . قال : يثبت البلوغ في حق الغلام بأحد ثلاثة أشياء : الاحتلام أو كمال خمس عشرة سنة أو نبات الشعر الخشن حول القبل .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ثم بعد العشر إلى سن البلوغ يسمى مراهقة . فعندنا الإنسان يمر بعدة مراحل وهذا كلام ينبغي أن يُحفظ ويُعرف .
المرحلة الأولى : الاجتنان ،أي حال كونه جنينًا ،
والمرحلة الثانية : الطفولة ،
والمرحلة الثالثة : التمييز ،
والمرحلة الرابعة : المراهقة ،
والمرحلة الخامسة : البلوغ ،
والمرحلة السادسة : الرجولة ،
والمرحلة السابعة : الكهولة ،
والمرحلة الثامنة : الشيخوخة . هذه أحوال ثمانية يمر بها الإنسان في حياته . فكل مرحلة لها أحكام خاصة .
يقول ابن القيم : ومن بعد العشر إلى سن البلوغ بسمى مراهقًا ومناهزًا للاحتلام أي قريب من الاحتلام ، فإن بلغ خمسة عشر سنة عرض له حال آخر ، يحصل معه الاحتلام وظهور الشعر الخشن نحو القبل ، وخشونة في الصوت ،وانفراق أرنبة الأنف . والذي اعتبره الشارع من ذلك أمرين : الاحتلام والإنبات . إذا لم يحصل احتلام ولم يحصل نبات الشعر الخشن حتى بلغ خمسة عشر عامًا ؟ نحكم له بالبلوغ وان لم يحتلم في هذا السن وان لم ينبت الشعر الخشن حول العانة .
فيوجد بلوغ حقيقي ، وبلوغ حكمي . أما البلوغ الحقيقي فببلوغ أحد العلامتين ، وأما البلوغ الحكمي إذا بلغ خمسة عشر سنة ولم يحدث له هذين الشيئين نحكم ببلوغه ، فيجب عليه الوجبات ، وتحرم عليه المحرمات تحريمًا مؤكدًا ووجوبا لازمًا . هذا على الرأي الراجح ، وفي المسألة اختلاف ، هو أن العلماء رحمهم الله اختلفوا في السن الذي يحكم فيه على الصبي بالبلوغ . فذهب الأوزاعي وأحمد والشافعي وأبو يوسف وأحمد من أصحاب أبي حنيفة إلى أنه خمسة عشر عاما، وأما الإمام مالك فعن أصحابه ثلاثة أقوال ، أحدهما إذ لم تظهر عليه هذه العلمات أي الاحتلام والإنبات يحكم ببلوغه إذا بلغ سبعة عشرة سنة ، والقول الثاني عند أصحاب مالك : ثمانية عشرة سنة ، والقول الثالث يوافق فيه الجمهور أي خمسة عشرة سنة . وعن أبي حنيفة روايتان أحدهما سبعة عشرة سنة ، والثانية ثماني عشرة سنة ، والجارية تبلغ عنده إذا بلغت سبع عشرة سنة ، هذا إذ لم تظهر العلامات أما لو ظهرت في أي سن فهو بالغ حقيقةً . وذهب داود الظاهري وأصحابه ومن أشهرهم ابن حزم قالوا :هذا التحديد بالسنين لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ، فالعبرة بالاحتلام ، فعندهم لو بلغ الرجل ثلاثين عامًا ولم يحتلم ولم ينبت الشعر الخشن حول عانته لا يحكم له بالبلوغ . وهذا القول يعارضه ما احتج به الجمهور ، فإن الجمهور احتجوا بحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد القتال عرض عليه الذكور للقتال ، فكان صلى الله عليه وسلم يجيز بعضهم ويرد الآخرين ، وقد عرض عليه بعضهم وعمره أربع عشرة سنة فلم يجزه، وأجاز بعضهم وعمره خمسة عشر سنة ، وهذا الحديث متفق على صحته . أي أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أجاز من بلغ هذا السن وهو خمسةعشرة سنة ، ولا يجوز ما كان أقل من ذلك.
وإذن الرسول صلى الله عليه وسلم في القتال في هذا السن دون ما هو أقل منه يدل على أن هذا السن هو سن التكليف . وترك الناس هكذا بدون ضابط يؤدي لتضيع حدود الله وإلى تضييع شرع الله سبحانه وتعالى .
الخلاصة في هذا أن الولد الذكر إذا احتلم ونبت الشعر الخشن حول عانته يبلغ حقيقةً ، وإن لم يحصل له ذلك حُكم ببلوغه إذا بلغ خمسة عشر عامًا .
والمقصود بالشعر هنا هو الشعر الخشن ، أما الشعر الناعم الخفيف الذي يشبه شعر البدن لا يعد من البلوغ .
قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ } وقال تعالى : { وإذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِن } ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن داود وأحمد وغيرهما : " رفع القلم عن ثلاثة ، الصبي حتى يحتلم ، والمجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ " . وهناك بعض العلماء يرى أن نبات الشعر الناعم وهو المعروف بالزغب يكون منبئًا بأن الصبي قد بلغ . وممن ذهب إلى ذلك بعض العلماء سوى أحمد ومالك والشافعي في أحد قولين ، إلا أن الزغب الذي ينبت حول عانة الذكر أو حول عانة البنت أنه منبئ بالبلوغ خلاف الجمهور . والصواب هو ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى حيث قال : الشعر الخشن حول القبل ، فقيده بالخشن ، وأما من قال بالزغب أي بالشعر الناعم فقد استدلوا من الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم لماحكمسعد بن معاذفيبنيقريظة، حكم بأن تقتلمقاتلتهم ، وتسبى ذراريهم ، وأمر أن يكشف عن مؤازرتهم ، فمن أنبت ، فهو منالمقاتلة، ومن لم ينبت ، ألحقوهبالذرية .
وقالعطية القرظي : عرضتعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومقريظة، فشكوا في ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينظر إلي، هل أنبت بعد ، فنظروا إلي ، فلم يجدوني أنبت بعد ، فألحقوني بالذرية.واستمر على هذا العمل الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وكتبعمررضي الله عنه إلى عامله، أن لا تأخذ الجزية إلا من من جرت عليه المواسي .
قال الشيخ رحمه الله تعالى : ويثبت في حق المرأة بأحد خمسة أشياء: الثلاثة التي ذكرناها،والحيض، والحبل . فمتى وجد أحد هذه الأشياء في حقّ المرأة، فلتعلم أنَّ قلمالتكليف حينئذٍ قد جرى، وأنَّ العقاب على ترك الواجبات قد توجّه، فلهذه الفائدةبينّا حدَّ البلوغ.
انتهى كلام الشيخ في هذا الباب رحمة الله تعالى عليه .
قال البغدادي رحمه الله كما في المغني : وأما الحيض فهو علم على البلوغ لا نعلم فيه خلافا ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار " ، والمقصود بالحيض هنا هي التي بلغت سن المحيض ، والحمل أيضًا من علامات البلوغ ، فالولد لا يجمع إلا بماء الرجل وماء المرأة ، وماء المرأة لا يكون إلا بالبلوغ ، والرجل كذلك . فكان الحبل من علامات بلوغ المرأة . قال الله تعالى :{ فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب } وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فمتى حملت حكم لها بالبلوغ في الوقت التي حملت فيه
قد يقول قائل: إن الحمل يكون بعد الإنزال ، وقد مضى أن الإنزال من علامات البلوغ فلم حكمنا على الحبل بأنه من علامات البلوغ وتركنا العلامة السابقة وهي الإنزال ؟ والرد على هذا بأن الإنزال قد لا يلحظ . فالعلم بالإنزال قد يغيب عن المرأة فلا تعلم إلا بالحبل أي قد يتم الحمل وهي نائمة لا تشعر بالإنزال .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : فإن تيقن البلوغ جرى عليه قلم التكليف . أنتهى الباب الأول
تابع
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس