عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-01-2008, 11:25 AM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي

شروط الإجازة في القرآن الكريم:
1- حفظُ القرآن الكريم كاملاً ، حفظاً مُتقناً ؛ وذلك لأن رجال السند قد وَصَلَنا القرآن عن طريقهم ، وكل واحدِ منهم قرأ على شيخه غيباً من حفظه ، من مشايخنا إلى رسول الله  فالسند مسلسل بالقراءة عن ظهر قلب.
ومن يقرأُ من المصحف في هذه الأيام دون أن يحفظ غيباً ، ثم يريد إجازة في القرآن... فقد خالف هيئة التلقي التي وصلنا القرآن بها ، وهي: التسلسل بالقراءة عن ظهر [ قلب ] ، مع الضبط والإتقان في التجويد.
فالقراءة بالنظر في المصحف ، وإن كانت مضبوطة مع التجويد ، لكن ينقصها التلقي عن ظهر [ قلب ] ، حتى يبقى جميع السند مسلسلاً بهذه الصفة .
ومن قرأ من المصحف نظراً مع التجويد الكامل ، ثم أراد منا إجازةً... فلا بأس أن نعطيه ( شهادة في تجويد القرآن ) نبين فيها بأن فلاناً قد قرأ القرآن الكريم كلهُ نظراً من المصحف مع التجويد الكامل والضبط التام ، نشهد له بذلك ، ونسأل الله تعالى أن يوفقه لحفظ القرآن عن ظهر قلبٍ ليتلقى عن ظهر قلب.
وذلك حتى نميز بين من تلقى عن ظهر قلبٍ ، وبين من قرأ نظراً من المصحف ، وليبقى للإجازة ميزتها وقدرها.
2- حفظ منظومة (( المقدمة الجزرية )) في التجويد ، وفهم شرحها ؛ وذلك لأن نقل القرآن قد كان ضمن ضوابط وقيود معينة ، من حيث مخارج الحروف وصفاتها مفردة ومجتمعة ، لهذا تحتم على طالب الإجازة معرفة هذه الضوابط وحفظها ، وقد جرت عادة القراء على حفظ منظومة (( المقدمة الجزرية )) في التجويد ، لإمام القراء ابن الجزري – رحمه الله تعالى – لكونها حوت معظم أحكام التجويد ، ، ثم تحتم عليهم معرفة معانيها وفهم شرحها ؛ لتكون مرجعاً لهم تحفظُ تلاوتهم من اللحن ، فتلتقي الروايةُ مع الدراية.
3- قراءة القرآن كاملاً ، حرفاً حرفا ، من أول الفاتحة إلى آخر الناس ، مع مراعاة جميع أحكام التجويد من حيث المخارج والصفات ، وغير ذلك مما هو معلوم.
وما يفعله بعضهم من قراءة أحد الطلاب عليه شيئاً من القرآن ثم يجيزه.. فهذا لا يصح في القرآن ، إلا إذا نص ( بأن فلاناً قرأ من كذا إلى كذا وأجزته بذلك ).
أما أن يقرأ بعض القرآن ثم يجيزه بجميع القرآن وهو لا يعلمُ عن قراءته باقي القرآن شيئاً... فهذا لا يصحُ ؛ لأن في القرآن ألفاظاً لم ترد إلا مرة واحدةً ، وضبطها يحتاج لانتباه وتيقظ.
انظر إلى أداء الإشمام والروم في كلمة  تَأمَنَّا  بسورة يوسف.
وانظر إلى أداء الإمالة الكبرى في كلمة ُ مَجريهَا  بسورة هود.
وانظر إلى أداء التسهيل في كلمة  أَعجَمِيٌ  بسورة فصلت.
فهذه بعض الألفاظ التي لم تتكرر في القرآن ، كيف يشهدُ الشيخُ للطالب بأن أداءه صحيحٌ لهذه الكلمات وهو لم يسمعها منه ولم يضبطها له؟
والله تعالى يقول:  سَتُكتبُ شَهَدَتُهُم و يُسئلونَ  [ الزخرف : 19 ].
4- تدريب المجيز المجاز على الإقراء ؛ لأن القراءة شيءٌ ، والإقراء شيءٌ آخر ، كما تقدم معنا سابقاً.
فكم ممن يُحسنُ القراءة ولا يُحسن الإقراء ، فينبغي للمجيز أن يدرب طالبهُ على الإقراء ، وذلك بأن يأتي بطالب جديد في التلاوة ويأمر المجيز المجاز بأن يستخرج أخطاء هذا الطالب أمامه ويُدقق له في قراءته ويصححا له نحو الهيئة التي تلقاها من مجيزه ، فإن استطاع ذلك.. فهو أهلٌ لأن يقرئ غيره ، وإن لم يستطع ذلك... فلا يحق للمجيز أن يأذن له بأن يُقرئَ حتى يصير أهلاً للإقراء ، وإلا.. سنرى انحرافاً في أداء القرآن والتجويد ، سببه عدم الأهلية للإقراء.
ولا تنس أن الإجازة تتضمن شهادة المجيز للمجاز بأن قراءته صارت صحيحةً ، والإذن له بأن يُقرئَ غيرهُ.
وأنت تعجبُ من بعض الإخوة المجيزين ، عندما يُجيزون بعض الطلاب بمجرد سرد القرآن الكريم كاملاً ، وحفظه (( الجزرية )) وقراءة شرحها ، فيكتبُ له: ( أجزته بأن يقرأ ويُقرئَ في أي مكان نزل ، وفي [ أي ] قطر حل ، ويُقرئَ من شاء ومتى شاء وفي الوقت الذي يشاء ) ، والطالب المجاز لا يستطيع أن يُقرئَ غيره ، ولا يستطيع أن يصحح خطأ غيره ، بل لا يستطيع أن يستكشف الخطأ أين هو. فهل هذا جائز؟
وما دام أن أُستاذهُ لم يعرف مقدرته في الإقراء... فكيف يأذن له بالإقراء؟
إذا علمت ذلك.. ظهر لك السبب في أن بعض المُجازين قراءتهم غير منضبطة ومليئة بالأخطاء ، مع أنهم يحملون ( إجازة في القرآن الكريم )‍!
وإذا أردت أن تعرف قيمة التدريب لمن يريد التعليم أو الإقراء أو إبلاغ الدعوة... فانظر كيف أمر الله تعالى سيدنا موسى بإلقاء العصا ثم أخذها عندما ناداه بالواد المقدس، ثم بعد ذلك أمره بإلقائها وأخذاه أمام فرعون ، قال الإمام القرطبي:
( قوله تعالى :  قال ألقها يا موسى  لما أراد الله أن يدربه في تلقي النبوة وتكاليفها.. أمره بإلقاء العصا  فألقاها  موسى ، فقلب الله أوصافها وأعراضها ، وكانت عصا ذات شُعبتين فصارت الشعبتان لها فماً ، وصارت حيةً تسعى ؛ أي : تنتقلُ وتمشي وتلتقمُ الحجارة... ثم قال: فأخذها بيده فصارت عصا كما كانت أول مرة ، وهي سيرتها الأولى ، وإنما أظهر له هذه الآية لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون.. ) .
فانظر إلى الذين يقفزون إلى كراسي الوعظ والإرشاد وإلى التدريس والإقراء ، دون تدريب سابق ، وتجربة وخبرة ، كيف يخالفون منهج الله تعالى في الدعوة إلى دينه ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
رد مع اقتباس