عرض مشاركة واحدة
  #45  
قديم 04-14-2009, 03:24 AM
ابو عبيد الله ابو عبيد الله غير متواجد حالياً
الفقير إلى ربه
 




افتراضي

قيام زبير اليامي

قال سيد التابعين سعيد بن جبير ـ رحمه الله: " لو اخترت عبداً لله أكون في مسالخه [أي جلده] لاخترت زبيراً الياميّ ".
وقال شعبة: " ما رأيت رجلاً خيراً وأفضل من زبير ".

ذاك هو زبير اليامي مضرب أهل الكوفة في طول التهجد والقيام قال سفيان بن عيينة: " كانوا يقولون في ذلك الزمان: أطول أهل الكوفة تهجداً طلحة [وهو ابن مصرف] وزبيراً وعبد الجبار بن وائل ".

ذاك هو زبير اليامي الصابر على شدة السهر ولألواء الماء البارد حتى يقوم الليل قاصداً الله عز وجل.
فقد قام ـ رحمه الله وطيب ثراه ـ ذات ليلة للتهجد فعمد إلى مطهرة له قد كان يتوضأ منها فغمس يده في الماء فوجد الماء بارداً شديداً كاد أن يجمد من شدة برده فذكر الزمهرير ويده في المطهرة فلم يخرجها منها حتى أصبح.
فجاءت الجارية وهو على تلك الحال فقالت: ما شأنك يا سيدي اليوم لم تصل كما كنت تصليّ، وأنت هاهنا قاعد على هذه الحال؟

قال: ويحك، إني أدخلت يدي في المطهرة فاشتد علي برد الماء فذكرت به الزمهرير، فوالله ما شعرت ببرده حتى
وقفت عليّ. أنظري ألا تحدثي بها أحداً ما دمت حيَّا.

ويحسن ظنيِّ أننَي في فنائه وهل أحد في كنهه يجد البردا فأبشر يا عبد الله بمحو الخطايا ورفع الدرجات متى قمت لله عز وجل في ظلمة ليل بهيم ذي برد شديد تسبغ فيه الوضوء صابراً على شدته، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟

قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط. فذلكم الرباط
).
في حبكم يهون ما قد ألقى يسعد بالنعيم من لا يشقى

فإسباغ الوضوء في البرد لاسيما في الليل يَطَّلِع الله عليه ويرضى به ويباهي به الملائكة.

ففي مسند الإمام احمد عن عقبة بن عامر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( رجلان من أمتي يقوم أحدهما من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عقد فيتوضأ فإذا وضأ يديه انحلت عقدة، وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة وإذا مسح رأسه انحلت عقدة، وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة فيقول الرب عز وجل للذي وراء الحجاب: انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه يسألني ما سألني عبدي هذا فهو له ).

وكان ـ رحمة الله عليه ـ يجعل الليل ثلاثة أثلاث بينه وبين بنيه، وكان ربما نادى أحدهما فيقول: قم
إلى جزئك فيكسل فيتم جزءه، وربما كسل الآخر فيتم ثلثيهما .

لله درك من مرب ومؤدب، وذا هو مقام الأنبياء، تقهر نفسك ثم تدعو غيرك إلى قهر نفسه، ويا حبذا لو كان هذا مع الأبناء. فقد قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ ... [التحريم:6].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ).

لقد كان ـ رحمه الله ـ قائماً بالفعل آمراً به، ومعيناً عليه.
ما كل من وصف الدواء يستعمله ولا كل من وصف التقى ذو تقى

وقال سفيان بن عيينة: " كان زبير يحي الليل صلاة فإذا طلع الفجر قعد في مصلاهُ يقول: سبحان الملك القدوس رب الملائكة والروح، يردِّد هذا التسبيح ".
رحم الله زبيراً فقد كان للخير مريداً، ولغيره مذكراً مفيداً.

يتبع ان شاء ربى
رد مع اقتباس