عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 09-29-2012, 02:39 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

لماذا تضررت الأحزاب الإسلامية؟

السلام عليكم ورحمة الله.


أحبتي الكرام لا زلنا مستمرين مع قصة الرجال الثلاثة. في الواقع أعلم أن كثيرين قد يقولون: ما الفائدة من الاستمرار في القصة بل وفي السلسلة كلها وقد تحول الربيع العربي إلى خريف ومات الأمل في تطبيق الشريعة؟




أقول إخواني وبالله التوفيق: بل نحن الآن أحوج ما نكون إلى الحديث عن هذا الموضوع. قال الله تعالى: ((وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا)). وها نحن نرى كيد المتآمرين على الإسلام يضر الحركات الإسلامية في دينها ودنياها. إذن، فبنص الآية، هناك مشكلة لدينا نحن العاملين للإسلام في الصبر وفي التقوى. لم يصبر الكثيرون على سلوك طريق النبي وتحمل عواقبها، ولم يحصلوا التقوى المطلوبة في التعامل مع الواقع وامتثال أمر الله في منهج النهوض بالأمة. ولهذا ضرنا كيد الكائدين جدا.




يا إخواني تعلمنا من كتاب ربنا ومن الأمثلة المتكررة في التاريخ الماضي والواقع المعاصر أن كيد الكفار والمنافقين لا يخيف ((إن كيد الشيطان كان ضعيفا))...أنا لست خائفا من مكر أمريكا والصهاينة وعملائهما في بلاد المسلمين ولا من الجيوش العميلة والمجالس العسكرية وغيرها...فالله قد حقر أمر هؤلاء في القرآن كثيرا...((ومكر أولئك هو يبور))، ((فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم))، ((ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله))، ((وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون))، ((إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون))...هذا مع أن لديهم مئات مراكز التخطيط الاستراتيجي، وآلاف العلماء في علوم النفس والاجتماع والسياسة والإعلام والحرب لا هم لهم إلا المكر بنا، وآلاف المحطات والإذاعات والمجلات والبرامج التي تهدف إلى هدم إسلامنا...ومع ذلك كله فلا والله لا يهمني كيدهم...لأن الله تعالى وهن من شأنهم وحقر من جهودهم وأمرنا بألا نخاف منها: ((فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين))، ((فلا تخشوا الناس واخشون))




إذن من ماذا الخوف؟ من أننا فقدنا معية الله! نعم، عموم الحركات الإسلامية فقدت معية الله. فأقل مكر حينئذ يؤذيها...قال تعالى ((ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون))...ولا والله ما اتقى كثير منا الله في هذه الفترة الحرجة من حياة الأمة ولا أحسن اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم...فخسر معية الله.




قال تعالى: ((ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا))...وقد رأينا للكافرين علينا ألف سبيل، ولا يخلف الله وعده، فأين الخلل إذن؟ في إيماننا! إنما الوعد للمؤمنين...وكثير منا ضعف إيمانه بوعد الله وتعلق بالأسباب الأرضية وقدم التنازلات الذريعة واستطال طريق النبي وحرق المراحل واستعجل قطف الثمار وركن إلى الذين ظلموا...فكان ما كان من تردٍّ وفشل... ((وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون () يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا))...تعلقنا بالأسباب الأرضية الدنيوية الظاهرة وتركنا ما نضمن أن ينجز الله به وعده لنا.




وكَلَنا الله إلى أعدائنا فلم يقف مكرنا أمام مكرهم، فنحن دون معية الله أضعف منهم بكثير. ليس لدينا مركز تخطيط استراتيجي واحد وهم عندهم مئات! وليست هناك ولا دولة واحدة إسلامية الحكم وهم عندهم دول، وليس لدينا جيش إسلامي واحد وهم عندهم جيوش. ولو أننا ضمنا معية الله لكاد لنا ومكر لنا وكفانا شرهم. قال تعالى: ((إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا))...ولم يقل (إنهم يكيدون وتكيدون)...وقال تعالى: ((ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين))...ولم يقل: (ويمكرون وتمكرون)...يعلم تعالى أنا أضعف من أن نقف أمام كيدهم ومكرهم.. ((إن الله يدافع عن الذين آمنوا))، ((أليس الله بكاف عباده))...فليس لنا إلا أن نكون من الذين آمنوا ومن عباد الله بحق حتى يكيد لنا ويمكر لنا ويدافع عنا...
الخلل فينا ومنا نحن العاملين للإسلام...فالله لا يخلف الوعد، وكيد الكفار لا يضر المؤمنين، فليس لنا إلا أن نراجع أنفسنا. كثيرون الآن يمضون أوقاتهم في لطميات وتحسرات ويتفننون في لعن وشتم العساكر والمتآمرين ويجعل المشكلة في تآمرهم وكيدهم...لا يا أخي...((يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم))...لو كنا على هدىً فإن هؤلاء الضلال لن يضرونا. فلا تشغل نفسك بضلالهم بل اشغل نفسك باتباع الهدى لئلا يضرك ضلالهم.




كثيرون ينتقصون الشعب وتخاذله عن نصرة الإسلاميين وانخداعه بالإعلام الموتور...لا يا أخي...الخلل فينا. لو أننا انتهجنا منهج النبي في التغيير لأحبنا الله ولو أحبنا الله لوضع لنا القبول في الأرض كما في حديث مسلم...قال تعالى: ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)). وقد رأينا هذا القبول للدعاة والعاملين للإسلام إلى أن تعلقوا بالأسباب الدنيوية وقدموا التنازلات فخسر كثير منهم معية الله ومحبة الشعب له.


أيها العامل للإسلام لا تضيع وقتك ولا تبحث عن شماعة تعلق عليها أخطاءك ودعك من عبارات اليأس والقنوط والإحباط...واجه نفسك، الخلل منك وفيك...((قل هو من عند أنفسكم))...فقدنا معية الله ولهذا ضرنا كيد أعدائنا في الدين والدنيا...

ولهذا كله أقول: نحن الآن أحوج ما نكون إلى الاستمرار في السلسلة، وإلى فهم الشريعة فهما صحيحا، وإلى معرفة منهجية التغيير التي يرتضيها الله تعالى، وإلى معرفة الأسباب التي نحصل بها معية الله لنا في معركتنا مع أعدائنا...فإنَّ قيام الشريعة في قلوب العاملين للإسلام ضروري ليقيمها الله تعالى في واقعهم...كيف؟ بالطريقة التي يدبرها الله لنا...رأينا في الربيع العربي كيف أن الله يقلب الموازين ويعطينا فرصة من حيث لا نحتسب.




أما عندما يكون فهمنا للشريعة مشوها، ونتصور أن لإنسان أن يتحكم فيما يطبقه أو لا يطبقه منها، عندما نتصور أنه يمكن الوصول إلى تطبيقها بوسائل غير شرعية، عندما ينفر من يرى نفسه عاملا للإسلام من بعض أحكامها...عندما نتنازل عن ثوابتها مجانا ومقدما قبل الوصول إلى الحكم...فحينئذ لن يمنحنا الله شرف أن تقام الشريعة على أيدينا..فالدعاة للشريعة ينبغي أن يكونوا ورثة الرسل...((الله أعلم حيث يجعل رسالته))...لا يختار لرسالته إلا كفئا، وكذلك لا يختار لتطبيق شريعته إلا الأكفاء.




إخواني، تعظيم الشريعة في نفوسنا هو أهم أهداف هذه السلسلة...بغض النظر قامت دولة الإسلام في زماننا أو لم تقم. أهم أهداف السلسلة أن نلقى الله بقلب سليم ليس فيه شائبة تجاه شريعته تعالى الذي تعبدنا بالإيمان بها وحبها وفهمها والقناعة بكل تفاصيلها.
كان هذا استطرادا لا بد منه قبل تفكيك رمزية الرجل الثالث.




خلاصة الحلقة: نحتاج فهم الشريعة عبادةً لله تعالى ولنحصل معيته وتقوم دولة الإسلام على أرضنا.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0

رد مع اقتباس