عقيدة أهل السنة يُدرج فيه كل ما يختص بالعقيدةِ الصحيحةِ على منهجِ أهلِ السُنةِ والجماعةِ. |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
تنزيه الله عن حلول الحوادث لا يتعارض مع ايماننا بصفات الله الفعلية الاختيارية كلها
تنبيه مهم مع اعتقادنا بأن الله سبحانه قديم بصفاته وأنه لا تحله الحوادث بمعنى أنه سبحانه منزه عن أن تحدث صفة متجددة لم تكن كما سبق بيانه فهذا لا يتنافى مع اثبات صفات الله الفعلية الاختيارية التي تثبت في القرآن والسنة كالنزول والإستواء والضحك والمجيء والرضا والمحبة وغيرها من صفات الله الثابتة في الكتاب والسنة فيجب مع تنزيهنا لله سبحانه عن حلول الحوداث أن نثبت لله هذه الصفات على ظاهرها ونفوض كيفيتها أي حقيقتها إلى الله فالله تقوم به الأفعال الاختيارية كما دلت عليه النصوص مع تنزيهنا لله عن حلول الحوادث ولا يتعارض ذلك مع ايماننا بجميع صفات الله الفعلية الثابتة كلها بلا تفريق ولا تجسيم ولاتشبيه ليس كمثله شيء وإليكم أقوال العلماء رحمهم الله تعالى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “وإذا قالوا: لا تحله الحوادث؛ أوهموا الناس أن مرادهم أنه لا يكون محلًّا للتغيرات والاستحالات، ونحو ذلك من الأحداث التي تحدث للمخلوقين فتحيلهم وتفسدهم، وهذا معنًى صحيح، ولكن مقصودهم بذلك أنه ليس له فعل اختياري يقوم بنفسه، ولا له كلام ولا فعل يقوم به يتعلق بمشيئته وقدرته، وأنه لا يقدر على استواء أو نزول أو إتيان أو مجيء، وأن المخلوقات التي خلقها لم يكن منه عند خلقها فعلٌ أصلًا، بل عين المخلوقات هي الفعل، ليس هناك فعل ومفعول، وخلق ومخلوق، بل المخلوق عينُ الخلق، والمفعول عين الفعلُ، ونحو ذلك” ويقول ابن أبي العز: “حلول الحوادث بالرب تعالى المنفي في علم الكلام المذموم لم يرد نفيُه ولا إثباته في الكتاب ولا في السنة، وفيه إجمال، فإن أريد بالنفي أنه لا يحلّ في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة أو لا يحدث له وصف متجدّد لم يكن فهذا نفي صحيح، وإن أريد به نفي الصفات الاختيارية من أنه لا يفعل ما يريد، ولا يتكلم بما شاء، ولا أنه يغضب ويرضى لا كأحد من الورى، ولا يوصف بما وصف به نفسه من النزول والاستواء والإتيان كما يليق بجلاله وعظمته، فهذا نفي باطل. وأهل الكلام المذموم يطلقون نفي حلول الحوادث، فيسلّم السني للمتكلم ذلك على أنه نفى عنه سبحانه ما لا يليق بجلاله، فإذا سلّم له هذا النفي ألزمه نفي الصفات الاختيارية وصفات الفعل، وهو غير لازم له، وإنما أتي هذا السني من تسليم هذا النفي المجمل، وإلا فلو استفسر واستفصل لم ينقطع معه
|
#2
|
|||
|
|||
بعض الصفات الفعلية التي وردت في الكتاب والسنة:
صفة النزول: وهي الواردة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له»([3]). صفة المجيء: وهي الصفة الواردة في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22]. صفة الكلام: لم يزل سبحانه ولا يزال متكلمًا متى شاء، قال تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164]، وقال: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان، ولا حجاب يحجبه»([4]). صفة الضحك: وردت هذه الصفة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «يضحك الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة»، قالوا: كيف يا رسول الله؟! قال: «يقتل هذا فيلج الجنة، ثم يتوب الله على الآخر فيهديه إلى الإسلام، ثم يجاهد في سبيل فيستشهد»([5]). صفة الفرح: وردت في قوله صلى الله عليه وسلم: «لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلا وبه مهلكة، ومعه راحلته، عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله قال: أرجع إلى مكاني، فرجع فنام نومة، ثم رفع رأسه، فإذا راحلته عنده»([6]). صفة الغضب: وردت في قوله تعالى: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [الفتح: 6]، ووردت كذلك في حديث الشفاعة الطويل وفيه قول الأنبياء: «إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله»([7]). أقوال السلف في إثبات هذه الصفات: الحديث عن الصفات الفعلية تجلَّى عند السلف بشكل قويٍّ وبارز في مسألة إثبات صفة الكلام، وأنه سبحانه يتكلم متى شاء، ومن لوازم هذه المسألة مسألة القرآن وأنه غير مخلوق، وكذلك في إثبات الصفات التي وردت بها الأدلة كالضحك والغضب والرضا وغير ذلك، ونصوص أئمة السلف في إثبات هذه الصفات كثيرة([8])، منها: ما ذكره ابن بطة عن الإمام أحمد أنه قال: «نعبد الله بصفاته كما وصف به نفسه، قد أجمل الصفة لنفسه، ولا نتعدى القرآن والحديث، فنقول كما قال، ونصفه كما وصف نفسه، ولا نتعدى ذلك. نؤمن بالقرآن كله، محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه -تعالى ذكره- صفة من صفاته بشناعة([9]) شنعت، ولا نُزيل ما وصف به نفسه من كلام ونزول وخلوة بعبده يوم القيامة ووضع كنفه عليه، هذا كله يدل على أن الله سبحانه يرى في الآخرة، والتحديد في هذا بدعة»([10]). وما ذكره الإمام أبو بكر الآجري في كتابه الشريعة في (باب الإيمان بأن الله عز وجل يضحك) حيث قال: «اعلموا أن أهل الحق يصفون الله عز وجل بما وصف به نفسه عز وجل، وبما وصف به رسوله صلى الله عليه وسلم، وبما وصفه به الصحابة رضي الله عنهم، وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع، ولا يقال فيه: كيف؟ بل التسليم له والإيمان به أن الله عز وجل يضحك كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته رضي الله عنهم، ولا ينكر هذا إلا من لا يحمد حاله عند أهل الحق»([11]). ثم ساق الأحاديث الدالة على أن الله تعالى يضحك. وذكر أيضًا بابًا في (ذكر السنن التي دلت العقلاء على أن الله عز وجل فوق عرشه فوق سبع سماواته، وعلمه محيط بكل شيء، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء)([12])، ثم ساق الأدلة على ذلك. وذكر بابًا في (التصديق بأن الله عز وجل كلم موسى)([13]). ثم (باب الإيمان والتصديق بأن الله عز وجل ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة)، فقال: «الإيمان بهذا واجب، ولا يسع المسلم العاقل أن يقول: كيف ينزل؟ ولا يرد هذا إلا المعتزلة([14])، وأما أهل الحق فيقولون: الإيمان به واجب بلا كيف»([15]). ومنها أيضًا ما قاله الطحاوي: «ما زال بصفاته قديمًا قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئًا لم يكن قبلهم من صفاته، وكما كان بصفاته أزليًّا كذلك لا يزال عليها أبديًّا، ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق، ولا بإحداث البرية استفاد اسم الباري، له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالقية ولا مخلوق، وكما أنه محيي الموتى بعدما أحياهم استحق هذا الاسم قبل إحيائهم، كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم»([16]). ومنها ما قاله الدارمي: «والله -تعالى وتقدس اسمه- كل أسمائه سواء، لم يزل كذلك، ولا يزال لم تحدث له صفة ولا اسم لم يكن كذلك، كان خالقًا قبل المخلوقين، ورازقًا قبل المرزوقين، وعالًما قبل المعلومين، وسميعًا قبل أن يسمع أصوات المخلوقين، وبصيرًا قبل أن يرى أعيانهم مخلوقة»([17]). وقال ابن عبد البر : «أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسنة، والإيمان بها»([18]). قال ابن تيمية: «وصفه تعالى بالصفات الفعلية مثل الخالق والرازق والباعث والوارث والمحيي والمميت: قديم عند أصحابنا وعامة أهل السنة من المالكية والشافعية والصوفية، ذكره محمد بن إسحاق الكلاباذي، حتى الحنفية والسالمية والكرامية، والخلاف فيه مع المعتزلة والأشعرية»([19]). وقال ابن القيم: «قد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام، وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيمانًا، ولكن -بحمد الله- لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة كلمة واحدة من أولهم إلى آخرهم، لم يسوموها تأويلًا، ولم يحرفوها عن مواضعها تبديلًا، ولم يبدوا لشيء منها إبطالًا، ولا ضربوا لها أمثالًا، ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها، ولم يقل أحد منهم: يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها، بل تلقوها بالقبول والتسليم، وقابلوها بالإيمان والتعظيم، وجعلوا الأمر فيها كلها أمرًا واحدًا، وأجروها على سَنن واحد، ولم يفعلوا كما فعل أهل الأهواء والبدع حيث جعلوها عِضين، وأقروا ببعضها وأنكروا بعضها من غير فرقان مبين، مع أن اللازم لهم فيما أنكروه كاللازم فيما أقروا به وأثبتوه»([20]).
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|