|
#1
|
|||
|
|||
هل هذا عدم صبر ؟!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
......... شيخنا الفاضل قد يمر بنا احدى المحن ويحتاج الإنسان من يُثبته ويؤيده فتحكي الموضوع الذي يمر بك لمن تحسبه على خير وتثق فيه ولكن ليس من باب الشكوى ولكن فقط لكي تثبت وتتيقن أنك على صواب وقد يكون الموضوع ابتلاء من الله عزوجل فتصبر عليه وتضطر إن سُئلت عن الموضوع أن تقول ماحدث من ابتلاء ولكن ليس من باب الشكوى ، ويكون الحديث أيضا شكرا لله على منه وفضله عليك بهذا وحمدا له سبحانه وتعالى . فهل ذكرك لما حدث يعتبر من الشكوى وعدم الصبر على الإبتلاء ؟ نرجو الإفادة شيخنا الفاضل وجزاكم الله خيرا وبارك فيكم التعديل الأخير تم بواسطة مع الله ; 08-11-2008 الساعة 02:15 AM |
#2
|
|||
|
|||
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد ...
فقال البخاري رحمه الله في كتاب المرضى من صحيحه : باب قول المريض إني وجع أو وا رأساه أو اشتد بي الوجع وقول أيوب عليه السلام : { أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين } قال ابن بطال رحمه الله في شرحه على صحيح البخاري : ( قال الطبرى: اختلف العلماء فى هذا الباب ، فقالت طائفة : لا أحد من بنى آدم إلا وهو يألم من الوجع ويشتكى المرض ؛ لأن نفوس بنى آدم بنيت على الجزع من ذلك والألم ، فغير قادر أحد على تغييرها عما خلقها الله بارئها ، ولا كلف أحد أن يكون بخلاف الجبلة التى جبل عليها ، وإنما كلف العبد فى حالة المصيبة أن يفعل ماله إلى ترك فعله سبيل ، وذلك ترك البكاء على الرزية والتأوه من المرض والبلية. فمن تأوه من مرضه أو بكى من مصيبة تحدث عليه أو فعل نظيرًا لذلك فقد خرج من معانى أهل الصبر ودخل فى معانى أهل الجزع ، وممن روى ذلك عنه مجاهد وطاوس ، قال مجاهد: يكتب على المريض ماتكلم به حتى الأنين وقال ليث: قلت لطلحة بن مصرف: إن طاوسًا كره الأنين فى المرض ، فما سمع لطلحة أنين حتى مات. واعتلوا لقولهم بإجماع على كراهة شكوى العبد ربه على ضر ينزل به أو أشتد تحدث به ، وشكواه ذلك إنما هو ذكره للناس ما امتحنه به ربه عز وجل على وجه الضجر به ، قالوا: فالمتوجع المتأوه فى معنى ذكراه للناس متضجرًا به أو أكثر منه به. وقال آخرون : ليس الذى قال هؤلاء بشىء ، وقالوا: إنما الشاكى ربه تعالى من أخبر عما أصابه من الضر والبلاء متسخطًا قضاء الله فيه ، فأما من أخبر به إخوانه ليدعو له بالشفاء والعافية - وإن ترك الاستراحة إلى الأنين والتأوه - فليس ذلك بشاك ربه ، وقد شكا الألم والوجع المؤذي النبي عليه السلام وأصحابه ، وجماعة من القدوة ممن ذكرهم البخارى فى هذا الباب وغيرهم ، روي عن الحسن البصرى أنه دخل عليه أصحابه وهو يشتكى ضرسه فقال : رب مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين ، وهذا القول أولى بالصواب لما يشهد له من فعل النبى وأصحابه ، وأيضًا فإن الأنين من ألم العلة والتأوه قد يغلبان الإنسان ولايطيق كفهما عنه ، ولا يجوز إضافة موأخذة العبد به إلى الله تعالي ؛ لأنه قد أخبر أنه لا يكلف نفسًا إلا وسعها ، وليس فى وسع ابن آدم ترك الاستراحة إلى الأنين عند الوجع يشتد به والألم ينزل به فيؤمر به أو ينهى عن خلافه ) انتهى وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في بيان أحكام هذا الباب : ( قال القرطبي : اختلف الناس في هذا الباب ، والتحقيق أن الألم لا يقدر أحد على رفعه ، والنفوس مجبولة على وجدان ذلك فلا يستطاع تغييرها عما جبلت عليه ، وإنما كلف العبد أن لا يقع منه في حال المصيبة ما له سبيل إلى تركه كالمبالغة في التأوه والجزع الزائد كأن من فعل ذلك خرج عن معاني أهل الصبر ، وأما مجرد التشكي فليس مذموما حتى يحصل التسخط للمقدور ، وقد اتفقوا على كراهة شكوى العبد ربه ، وشكواه إنما هو ذكره للناس على سبيل التضجر ، والله أعلم . وروى أحمد في " الزهد " عن طاوس أنه قال : أنين المريض شكوى ، وجزم أبو الطيب وابن الصباغ وجماعة من الشافعية أن أنين المريض وتأوهه مكروه ، وتعقبه النووي فقال : هذا ضعيف أو باطل ، فإن المكروه ما ثبت فيه نهي مقصود ، وهذا لم يثبت فيه ذلك . ثم احتج بحديث عائشة في الباب ، ثم قال : فلعلهم أرادوا بالكراهة خلاف الأولى ، فإنه لا شك أن اشتغاله بالذكر أولى ا هـ ولعلهم أخذوه بالمعنى من كون كثرة الشكوى تدل على ضعف اليقين ، وتشعر بالتسخط للقضاء ، وتورث شماتة الأعداء ، وأما إخبار المريض صديقه أو طبيبه عن حاله فلا بأس به اتفاقا . ) انتهى قال الفقير إلى عفو ربه : ثم استدل البخاري رحمه الله على ما قرره في هذا التبويب بجملة من الاحاديث ، منها حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك ، فمسسته بيدي فقلت : إنك لتوعك وعكا شديدا ، قال : أجل ، كما يوعك رجلان منكم ، قال : لك أجران ؟ قال : نعم ، ما من مسلم يصيبه أذى ، مرض فما سواه ، إلا حط الله سيئاته كما تحط الشجرة ورقها ) ومنها حديث القاسم بن محمد وفيه : أن عائشة رضي الله عنها لما قالت : وا رأساه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : بل أنا وا رأساه . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في بيان فوائد هذا الحديث : ( وفيه أن ذكر الوجع ليس بشكاية ، فكم من ساكت وهو ساخط ، وكم من شاك وهو راض ، فالمعول في ذلك على عمل القلب لا على نطق اللسان ، والله أعلم . ) انتهى وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع فتواه (3/253) : ( وفي حديث أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا { من عشق فعف وكتم وصبر ثم مات فهو شهيد } وأبو يحيى في حديثه نظر ؛ لكن المعنى الذي ذكر فيه دل عليه الكتاب والسنة ، فإن الله أمره بالتقوى والصبر ، فمن التقوى أن يعف عن كل ما حرم الله ، من نظر بعين ومن لفظ بلسان ومن حركة بيد ورجل والصبر أن يصبر عن شكوى ما به إلى غير الله ، فإن هذا هو الصبر الجميل ، وأما الكتمان فيراد به شيئان : " أحدهما " : أن يكتم بثه وألمه ولا يشكو إلى غير الله ، فمتى شكا إلى غير الله نقص صبره وهذا أعلى الكتمانين ؛ لكن هذا لا يصبر عليه كل أحد ؛ بل كثير من الناس يشكو ما به ، وهذا على وجهين : فإن شكا ذلك إلى طبيب يعرف طب النفوس ليعالج نفسه بعلاج الإيمان ، فهو بمنزلة المستفتي وهذا حسن ، وإن شكا إلى من يعينه على المحرم فهذا حرام ، وإن شكا إلى غيره لما في الشكوى من الراحة ، كما أن المصاب يشتكي مصيبته إلى الناس ، من غير أن يقصد تعلم ما ينفعه ولا الاستعانة على معصية ، فهذا ينقص صبره ، لكن لا يأثم مطلقا إلا إذا اقترن به ما يحرم ، كالمصاب الذي يتسخط . و" الثاني " : أن يكتم ذلك فلا يتحدث به مع الناس ؛ لما في ذلك من إظهار السوء والفاحشة ...) إلى آخر كلامه رحمه الله وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حينما سئل عن ( الصبر الجميل و ( الصفح الجميل ) و ( الهجر الجميل ) وما أقسام التقوى والصبر الذي عليه الناس : الحمد لله . أما بعد : فإن الله أمر نبيه بالهجر الجميل والصفح الجميل والصبر الجميل ، " فالهجر الجميل " هجر بلا أذى و " الصفح الجميل " صفح بلا عتاب ، و " الصبر الجميل " صبر بلا شكوى ، قال يعقوب عليه الصلاة والسلام { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله } مع قوله : { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } فالشكوى إلى الله لا تنافي الصبر الجميل ، ويروى عن موسى عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول : " اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان " ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : { اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي اللهم إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟ أم إلى عدو ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي غير أن عافيتك هي أوسع لي . أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي سخطك أو يحل علي غضبك لك العتبى حتى ترضى } . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ في صلاة الفجر : { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله } ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف ، بخلاف الشكوى إلى المخلوق ، قرئ على الإمام أحمد في مرض موته أن طاوسا كره أنين المريض وقال : إنه شكوى ، فما أن حتى مات . وذلك أن المشتكي طالب بلسان الحال إما إزالة ما يضره أو حصول ما ينفعه ، والعبد مأمور أن يسأل ربه دون خلقه كما قال تعالى : { فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب } { وقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس : إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله } . ولا بد للإنسان من شيئين : طاعته بفعل المأمور وترك المحظور ، وصبره على ما يصيبه من القضاء المقدور . فالأول هو التقوى والثاني هو الصبر . قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا } إلى قوله : { وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط } وقال تعالى : { بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين } وقال تعالى : { لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور } وقد قال يوسف : { أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين } . ولهذا كان الشيخ عبد القادر ونحوه من المشايخ المستقيمين يوصون في عامة كلامهم بهذين الأصلين : المسارعة إلى فعل المأمور والتقاعد عن فعل المحظور والصبر والرضا بالأمر المقدور ) مجموع الفتاوى (2/429) قال الفقير إلى عفو ربه : إذا تقرر هذا عُلم أن الشكوى تجري عليها الأحكام الخمسة ، فأما الشكوى إلى العلماء بقصد تعلم ما ينفع ودفع ما يضر فواجبة أو مستحبة ، وأما الشكوى للجهلاء بقصد الاستعانة بهم على المحرم ، أو بقصد التسخط على أقدار الله فحرام ، وأما الشكوى للمخلوق بقصد طلب الراحة فهذا ينقص صبره ، لكن لا يأثم مطلقا إلا إذا اقترن به ما يحرمكما قال شيخ الإسلام ، لما فيها من طلب المشتكي بلسان حاله لرفع ما يضر وتحصيل ما يسر ، والعباد مأمورون بسؤال الله دون خلقه ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله " وأما الشكوى بالأفعال الجبلية كالأنين والتأوه عند الألم ونحوه فخلاف الأولى ، لأن اشتغاله بالذكر أولى كما قال النووي رحمه الله . هذا والله تعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب . |
#3
|
|||
|
|||
الله المستعان
جزاكم الله خير الجزاء وبارك فيكم ونفع بكم شيخنا الفاضل
ولي فقط استفسار على هذه النقطة [quote] وأما الشكوى للمخلوق بقصد طلب الراحة فهذا ينقص صبره ،/quote] الأمر لم يكن شكوى ولكن من باب الإستشارة وللتأكد أنك على الحق قد لايكون سؤال لعالم ولكن لمن نحسبه على خير فهل يدخل في الشكوى ؟! وهل مجرد القول أني كنت في ابتلاء ولكنه كان من فضل الله علي ومنه ، أو مجرد الكلام عن الإبتلاء أيضا من الشكوى ؟ معذرة شيخنا على اثقالكم ولكن التبس الأمر علي |
#4
|
|||
|
|||
الحمد لله ثم أما بعد ... فكما أن الشكوى لأهل العلم بقصد تعلم ما ينفع ودفع ما يضر ليست من الشكوى المذمومة فاستشارة أهل الفضل والمشورة بهذا القصد لها نفس الحكم ، وهذا ظاهر من قول شيخ الإسلام في الكلام السابق : (فإن شكا ذلك إلى طبيب يعرف طب النفوس ليعالج نفسه بعلاج الإيمان ، فهو بمنزلة المستفتي وهذا حسن ) . وأما حكاية الابتلاء والكلام فيه فيختلف حكمه باختلاف القصد : فإن كان بقصد التسخط على قدر الله ونحوه كما ذكر آنفا فهذا حرام ، وإن كان بقصد التحدث بنعمة الله على المُبتلى في رفع البلاء ودفعه ، مع حمده تعالى على إنزال البلاء ووضعه فلا بأس في ذلك ، بل إن المرء يُثاب على ذلك ، هذا والله تعالى أعلى وأعلم . |
#5
|
|||
|
|||
الله المستعان
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
جزاكم الله خير الجزاء شيخنا الفاضل وبارك فيكم وزادكم علما |
#6
|
|||
|
|||
جزاكم الله خيرا نرجو ان يجعلنا الله من الصابرين الشاكرين
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|