#1
|
|||
|
|||
عقيدة الشيخ عبد القادر الجيلاني سنية
قال الإمام النووي : ما علمنا فيما بلغنا من التفات الناقلين وكرامات الأولياء أكثر مما وصل إلينا من كرامات القطب شيخ بغدادمحيي الدين عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه, كان شيخ السادة الشافعية والسادةالحنابلة ببغداد وانتهت إليه رياسة العلم في وقته, وتخرج بصحبته غير واحد من الأكابر وانتهى إليه أكثر أعيان مشايخ العراق وتتلمذ له خلق لا يحصون عدداً من أرباب المقامات الرفيعة, وانعقد علية إجماع المشايخ والعلماء بالتبجيل والإعظام, والرجوع إلى قولة والمصير إلى حكمه, وأُهرع إليه أهل السلوك - التصوف - من كل فج عميق. وكان جميل الصفات شريف الأخلاق كامل الأدب والمروءة كثير التواضع دائم البشر وافر العلم والعقل شديد الاقتفاء لكلام الشرع وأحكامه معظما لأهل العلم مُكرِّماً لأرباب الدين والسنة, مبغضاً لأهل البدع والأهواء محبا لمريدي الحق مع دوام المجاهد ولزوم المراقبة إلى الموت. وكان له كلام عال في علوم المعارف شديد الغضب إذا انتهكت محارم الله سبحانه وتعالى سخي الكف كريم النفس على أجمل طريقة. وبالجملة لم يكن في زمنه مثله رضي الله عنه. قال الإمام العز بن عبد السلام : إنه لم تتواتر كرامات أحد من المشايخ إلا الشيخ عبد القادر فإن كراماته نقلت بالتواتر. قال الذهبي : الشيخ عبد القادر الشيخ الإمام العالم الزاهد العارف القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء محيي الدين أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جنكي دوست الجيلي الحنبلي شيخ بغداد. قال أبو أسعد عبد الكريم السمعاني: هو إمام الحنابلة وشيخهم في عصره فقيه صالح، كثير الذكر دائم الفكر, وهو شديد الخشية, مجاب الدعوة، أقرب الناس للحق، ولا يرد سائلا ولو بأحد ثوبيه.قال الإمام ابن حجر العسقلاني : كان الشيخ عبد القادر متمسكاً بقوانين الشريعة, يدعو إليها وينفر عن مخالفتها ويشغل الناس فيها مع تمسكه بالعبادة والمجاهدة ومزج ذلك بمخالطة الشاغل عنها غالبا كالأزواج والأولاد, ومن كان هذا سبيله كان أكمل من غيره لأنها صفة صاحب الشريعة صلى الله علية وسلم. قال ابن قدامة المقدسي: دخلنا بغداد سنة إحدى وستين وخمسمائة فإذا الشيخ عبد القادر بها انتهت إليه بها علما وعملا وحالا واستفتاء, وكان يكفي طالب العلم عن قصد غيره من كثرة ما اجتمع فيه من العلوم والصبر على المشتغلين وسعة الصدر. كان ملئ العين وجمع الله فيه أوصافاً جميلة وأحوالاً عزيزة, وما رأيت بعده مثله ولم أسمع عن أحد يحكي من الكرامات أكثر مما يحكى عنه, ولا رأيت احداً يعظمه الناس من أجل الدين أكثر منه. قال ابن رجب الحنبلي : عبد القادر بن أبي صالح الجيلي ثم البغدادي, الزاهد شيخ العصر وقدوة العارفين وسلطان المشايخ وسيد أهل الطريقة, محيي الدين ظهر للناس, وحصل له القبول التام, وانتصر أهل السنة الشريفة بظهوره, وانخذل أهل البدع والأهواء, واشتهرت أحواله وأقواله وكراماته ومكاشفاته, وجاءته الفتاوى من سائر الأقطار, وهابه الخلفاء والوزراء والملوك فمن دونهم. قال الحافظ ابن كثير : الشيخ عبد القادر الجيلي، كان فيه تزهد كثير وله أحوال صالحة ومكاشفات. قال الإمام اليافعي : قطب الأولياء الكرام، شيخ المسلين والإسلام ركن الشريعة وعلم الطريقة, شيخ الشيوخ, قدوة الأولياء العارفين الأكابر أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي قدس سره ونور ضريحه, تحلى بحلي العلوم الشرعية وتجمل بتيجان الفنون الدينية, وتزود بأحسن الآداب وأشرف الأخلاق, قام بنص الكتاب والسنة خطيبا على الأشهاد, ودعا الخلق إلى الله سبحانه وتعالى فأسرعوا إلى الانقياد, وأبرز جواهر التوحيد من بحار علوم تلاطمت أمواجها, وأبرأ النفوس من أسقامها وشفى الخواطر من أوهامها وكم رد إلى الله عاصياً, تتلمذ له خلق كثير من الفقهاء. قال الشعراني : طريقته التوحيد وصفاً وحكما وحالا وتحقيقه الشرع ظاهرا وباطناً. قال أحمد الرفاعي : الشيخ عبد القادر من يستطيع وصف مناقبه, ومن يبلغ مبلغة, ذاك رجل بحر الشريعة عن يمينه, وبحر الحقيقة عن يساره من أيهما شاء اقترف, لا ثاني له في وقتنا هذا. قال الشيخ بقا بن بطو : كانت قوة الشيخ عبد القادر الجيلاني في طريقته إلى ربة كقوى جميع أهل الطريق شدة ولزوما وكانت طريقته التوحيد وصفا وحكما وحالاً. قال ابن السمعاني عنه: إمام الحنابلة وشيخهم في عصره، فقيه صالح، ديِّن خيِّر، كثير الذكر، دائم الفكر، سريع الدمعة. قال عنه محيي الدين ابن عربي: وبلغني أن عبد القادر الجيلي كان عدلاً قطب وقته. قال الشيخ ابن تيمية: والشيخ عبد القادر من أعظم مشائخ زمانهم أمراً بالتزام الشرع، والأمر والنهي، وتقديمه على الذوق والقدر، ومن أعظم المشائخ أمراً بترك الهوى والإرادة النفسية. عقيدة الشيخ عبد القادر الجيلاني السنية كانت معتقد الشيخ هو معتقد أهل السنة معتقد السلف في إثبات صفات الرب عز وجل كما هو مذهب المحدثين فننقل طرفا منها من كتبه قال الشيخ: ((أما معرفة الصانع عز وجل بالآيات والدلالات على وجه الاختصار، فهي أن يعرف ويتيقن أنه واحد فرد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " لا شبيه له ولا نظير، ولا عون ولا شريك، ولا ظهير، ولا وزير، ولا ند ولا مشير له، ليس بجسم فيمس ولا بجوهر فيحس، ولا عرض فيقضى، ولا ذي تركيب أو آلة وتأليف، وماهية وتحديد، وهو الله للسماء رافع وللأرض واضع .... الخ)) [الغنية ص 71/ 2]. وقال أيضا: ((وهو بجهة العلو مستو، على العرش محتو على الملك محيط علمه بالأشياء)) [الغنية ص 71/ 1]. وقال: ((له يدان وكلتا يديه يمين)) [الغنية ص 72/ 1]. وقال: ((وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل، وأنه استواء الذات على العرش لا على معنى القعود والمماسة كما قالت المجسمة والكرامية، ولا على معنى العلو والرفعة كما قالت الأشعرية، ولا معنى الاستيلاء والغلبة كما قالت المعتزلة، لأن الشرع لم يرد بذلك ولا نقل عن أحد من الصحابة والتابعين من السلف الصالح من أصحاب الحديث ذلك، بل المنقول عنهم حمله على الإطلاق)) [الغنية ص 73/ 1]. وقال أيضا: ((وأنه تعالى ينزل في كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف شاء وكما شاء، فيغفر لمن أذنب وأخطأ وأجرم وعصى لمن يختار من عباده ويشاء تبارك العلي الأعلى، لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى، لا بمعنى نزول الرحمة وثوابه على ما ادعته المعتزلة والأشعرية)) [الغنية ص 74/ 1]. القطف الداني في بيان عقيدة الإمام الرباني عبد القادر الجيلاني رضي الله تعالى عنه يقول رضي الله عنه في كتابه الغنية الصفحة 54 قضى بالفناء على جميع الأنام فقال (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) وهو بجهة العلو مستو على العرش , محتو على الملك محيط علمه بالأشياء ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ) ...... _ حتى قال رضي الله عنه في الصفحة 56 -57 _ وهو منزه عن مشابهة خلقه ولا يخلو من علمه مكان ولا يجوز وصفه انه في كل مكان بل يقال : إنه في السماء على العرش كما قال جل ثناؤه (الرحمن على العرش استوى )وقوله (ثم استوى على العرش الرحمن )وقال تعالى ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )والنبي صلى الله عليه وسلم حكم بإسلام الأمة لما قال لها "أين الله؟ فأشارت إلى السماء " وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( لما خلق الله الخلق كتب كتابا على نفسه وهو عنده فوق العرش : إن رحمتي غلبت غضبي ) وفي لفظ آخر ( لما قضى الله سبحانه الخلق كتب على نفسه في كتاب هو عنده فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي ) وينبغي إطلاق صفة الإستواء من غير تأويل وأنه استواء الذات على العرش لا على معنى القعود والمماسة كما قالت المجسمة والكرامية , ولا على معنى العلو والرفعة كما قالت الأشعرية , ولا على معنى الاستيلاء والغلبة كما قالت المعتزلة لأن الشرع لم يرد بذلك ولا نقل عن أحد من الصحابة والتابعين من السلف الصالح من أصحاب الحديث ذلك بل المنقول عنهم حمله على الإطلاق وقد روى عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل (الرحمن على العرش استوى ) قالت : الكيف غير معقول , والإستواء غير مجهول , والإقرار به واجب , والجحود به كفر ..... _ إلى أن قال رضي الله عنه _ وقال أحمد رحمه الله في رواية عنه في موضع آخر : نحن نؤمن بأن الله عز وجل على العرش كيف شاء وكما شاء , بلا حد ولا صفة يبلغها واصف أو يحده حاد , لما روي عن سعيد بن المسيب عن كعب الاحبار قال : قال الله تعالى في التوراة : أنا الله فوق عبادي , وعرشي فوق جميع خلقي , وأنا على عرشي عليه أدبر عبادي ولا يخفى علي شيء من عبادي . وكونه عز وجل على العرش مذكور في كل كتاب أنزل على كل نبي أرسل بلا كيف , ولأن الله تعالى فيما لم يزل موصوف بالعلو والقدرة , والاستيلاء والغلبة على جميع خلقه من العرش وغيره , ....... " وأود أن أشير إلى فصل مهم في الكتاب وهو "في علامات أهل البدع" يقول الإمام الجيلاني رضي الله عنه : في نفس الكتاب 1/80 (فصل) واعلم أن لأهل البدعة علامات يعرفون بها ,فعلامة أهل البدعة الوقيعة في أهل الأثر , وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل الأثر بالحشوية , ويريدون إبطال الأثر وعلامة القدرية تسميتهم أهل الأثر مجبرة , وعلامة الجهمية تسمية أهل السنة مشبهة , وعلامة الرافضة تسميتهم أهل الأثر نواصب ,وكل ذلك عصبية وغياظ لأهل السنة ولا إسم لهم إلا إسم واحد أصحاب الحديث , ولا يلتصق بهم ما لقبهم به أهل البدع ,كما لا يلتصق بالنبي صلى الله عليه وسلم تسمية كفار مكة ساحرا وشاعرا ومجنونا ومفتونا وكاهنا ولم يكن إسمه عند الله وعند ملائكته وعند إنسه وجنه وسائر خلقه إلا رسولا نبيا بريا من العاهات كلها , "انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا "
|
#2
|
|||
|
|||
كلمات ذهبيّة لعبد القادر الجيلاني في توحيد الدعاء والعبادة وان دعاء غير الله شرك ـ قال الشيخ عبد القادر الجيلاني: « يا من يشكو الخلق مصائبه، ايش ينفعك شكواك إلى الخلق لا ينفعونك ولا يضرونك وإذا اعتمدت عليهم وأشركت في باب الحق عز وجل يبعدونك، وفي سخطه يوقعونك ... أنت يا جاهل تدعي العلم، تطلب الخلاص من الشدائد بشكواك الخلق .. ويلك أما تستحيي أن تطلب من غير الله وهو أقرب إليك من غيره من كتــاب الفتح الرباني والفيض الرحماني ص117-118،159،373 قال في الفتح الرباني ص 151 أخلصوا لا تشركوا وحدوا الله عز وجل عن بابه لا تبرحوا سلوه لا تسالوا غيره استعينوا به لا تستعينوا بغيره توكلوا عليه لا تتوكلوا على غيره قال ينبغي لكل مسلم موحد الا يتكل الا على الله ولا يستغيث الا بالله ولا يعتقد التصرف الا لله غاية الامالي 2 - 376 [الجن 18]. فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ـx وقال « لا تدعو مع الله أحداً كما قال ـ وقال لولده عند مرض موته « لا تخف أحداً ولا ترجه، وأوكل الحوائج كلها إلى الله، واطلبها منه، ولا تثق بأحد سوى الله عز وجل، ولا يعتمد إلا عليه سبحانه، التوحيد، وجماع الكل التوحيد » [الفتح الرباني والفيض الرحماني 117 – 118 و159 184 و373]. قال في كتابه الغنية وقال بعضهم: لا أعرف شيئًا أضر على المريدين والطالبين من الطمع، ولا أخرب لقلوبهم ولا أذل لهم ولا أظلم لقلوبهم ولا أبعد لهم ولا أشد تشتيتًا لهمهم من الطمع، إنما كان ذلك كذلك لأنه أشرك بالله عز وجل حيث طمع في م خلوف مثله لا يملك ضرًا ولا نفعًا ولا عطاء ولا منعًا، فجعل ملك الملك المملوكة، فأنى يكون له ورع، فلا يتحقق ورعه حتى ينسب الأشياء إلى مالكها عز وجل، فيطلبها منه ولا يطلبها من غيره. عقيدته في القرآن أنه كلام الله حقيقة غير مخلوق لا عبارة ولا حكاية قال الشيخ عبد القادر الجيلاني في الغنية "ونعتقد أن القرآن كلام الله وكتابه وخطابه ووحيه الذي نزل به جبريل على رسوله صلى الله عليه وسلام كما قال عزّ وجلّ : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ اْلأَمِينُ {193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ {194} بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ). هو الذي بلغه رسوله صلى الله عليه وسلم أمته امتثالا لأمر رب العالمين يقول تعالى: (يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآأُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَيَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) رأى الشيخ أن القرآن كلام الله تعالى وهو غير مـخلوق كيفما قرئ وتلي وكتب، وكيفما تصرفت به قراءة قارئ، ولفظ لافظ، وحفظ حافظ، هو كلام الله وصفة من صفات ذاته، غير محدث ولا مبدل ولا مغير ولا مؤلف ولا منقوص ولا مصنوع ولا مزاد فيه، منه بدأ تنزيله وإليه يعود حكمه. إلى أن قال "فمن زعم أنه مـخلوق أو عبارته أو التلاوة غير المتلو، أو قال: لفظي بالقرأن مـخلوق فهو كافر بالله العظيم، ولا يخالط ولايؤاكل ولايناكح ولايجاور، بل يهجر ويهان، ولا يصلى خلفه، ولا تقبل شهادته، ولا تصح ولايته في نكاح وليه، ولايصلى عليه إذا مات، فإن ظفر به استتيب ثلاثا كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل."” قوله في الصحابة وقال سيدي الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله: "وأفضل الأربعة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليّ رضى الله تعالى عنهم. ولهؤلاء الأربعة الخلافة بعد النبي ﷺ ثلاثون سنة، وَلِي منهم أبو بكر رضي الله عنه سنتين وشيئاً، وعمر رضي الله عنه عشراً، وعثمان رضي الله عنه اثنتَي عشرة، وعليّ رضي الله عنه سِتًّا، ثم وَلِيها معاوية رضي الله عنه تسعَ عشرة سنةً؛ وكان قبل ذلك ولَّاه عمر الإمارةَ على أهل الشام عشرين سنة.. وأما قتاله رضي الله عنه لطلحة والزبير وعائشة ومعاوية فقد نصَّ الإمام أحمد رحمه الله على الإمساك عن ذلك، وجميع ما شجر بينهم من منازعة ومنافرة وخصومة، لأنَّ الله تعالى يُزيل ذلك مِن بينهم يوم القيامة، كما قال عز وجل: (وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ ٤٧)".
|
#3
|
|||
|
|||
السؤال
ما رأيك في الشيخ عبد القادر الجيلاني ؟ لقد سمعت بعض القصص السيئة عن عبد الوهاب وكيف خزى الإسلام . ما رأيك فيه ؟ الجواب الحمد لله. الواجب عند الكلام في الناس أن يكون بعلم وعدل . والرجل الذي له في الدين مقامات محمودة ينبغي أن يُعرف له فضله ، ولا يمنع ذلك من تخطئته إن أخطأ . وهذه القاعدة العامة المذكورة تنطبق على الشيخ عبدالقادر الجيلاني وغيره من علماء المسلمين . والشيخ عبدالقادر - رحمه الله - من أئمة الإسلام الذين انتهت إليهم الرئاسة على مسلمي زمانه علما وعملا وإفتاء وغير ذلك من مقامات الدين . وقد كان رحمه الله من أعظم مشايخ زمانه أمرا بالالتزام بالشرع والأمر والنهي وتقديم ذلك على كل شيء . وكان زاهداً واعظا يتوب في مجالسه الخلق الكثير من الناس . وقد أجمل الله ذكره ونشر بين العالمين فضله - رحمه الله رحمة واسعة - . والشيخ عبد القادر كان متبعا لا مبتدعا ، وكان على طريقة السلف الصالح يحث في مؤلفاته على اتباع السلف ، ويأمر أتباعه بذلك . وكان يأمر بترك الابتداع في الدين ، ويصرح بمخالفته للمتكلمين من الأشاعرة ونحوهم . والشيخ موافق لأهل السنة والجماعة - أهل الحق - في جميع مسائل العقيدة من مسائل التوحيد والإيمان والنبوات واليوم الآخر . وقد وقع في مؤلفاته بعض الغلطات والهفوات والبدع التي تنغمر في بحار فضائله . وللتعرف عليها مع بيان وجه الخطأ فيها يمكن مراجعة كتاب ( الشيخ عبدالقادر الجيلاني وآراؤه الاعتقادية والصوفية ) للشيخ الدكتور : سعيد بن مسفر القحطاني :440-476. ثم إنه لايصح أن يجعل رجل من علماء المسلمين فضلا عن غيرهم مصدرا كاملا للحق والصواب ، فيكون ما قاله هو الحق وما خالفه هو الباطل ، لا الشيخ عبدالقادر ولا غيره . ولكن الحق ما وافق الكتاب والسنة مهما يكن القائل به ، وما خالف الكتاب والسنة فإنه ينبغي تركه واجتنابه وإن قاله عبدالقادر الجيلاني أو مالك أو الشافعي أو أحمد أو أي شخص كان . وهنا ملاحظة لا بد من التنبيه عليها وهي أن تزكية الشيخ عبد القادر لا تعني تزكية كل من انتسب إليه فليس كل من انتسب إلى شيخ أو طريقة أو أي أمر يُسلم له ذلك . فكم ممن يظن صحة انتسابه إلى أمر يكون هو من أبعد الناس عنه فيكون ظنه في غير محله ، وكم من مضلل يلبس رداء الزهد والتقوى وهي منه براء . ولذلك فإن الطريقة الصوفية المعروفة اليوم باسم الطريقة القادرية ليست على الطريقة السوية التي كان عليها الشيخ - رحمه الله - ، بل هي طريقة صوفية منحرفة عن هدي الكتاب والسنة ، كثيرة الغلو في الشيخ عبدالقادر ، ولربما زعمت له مقامات لا تجوز إلا لله جل جلاله ، وقد وقع منهم غلو في قبره ، وفي الاستغاثة به ، والمبالغة في أوصافه وكراماته . وبالمقارنة بين أفعال هؤلاء المنتسبين للشيخ مع ما ورد بالكتاب والسنة وما ورد عن السلف الصالحين بل وما ورد عن الشيخ - يرحمه الله - يتبين بُعد الهوة بين الطائفتين، وانحراف الطائفة القادرية عن طريقة شيخها الذي تنتسب إليه وذلك بإدخالهم للكثير من البدع في دين الله مما لم يكن يرتضيه الشيخ رحمه الله . وقد ورد في كلام أهل العلم المعتبرين عد هذه الطائفة من الغلاة كما في كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - في رده على البكري في مسألة الزيارة: 1/228 . وورد في فتاوى الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ ما يدل على وقوعهم في بعض الشركيات . انظر فتاوى ابن إبراهيم: 1/276، 109 ، وفي فتاوى اللجنة الدائمة :2/250-252. والدرر السنية :1/74. وأما عبد الوهاب المذكور في السؤال فلعل المقصود به : الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله - وإذا أردنا التعريف به فإنا لن نجد من يعرفنا بالرجل مثل تعريفه هو بنفسه ؛ وذلك أن الرجل من الناس إذا تباينت كلمات الناس فيه بالمدح أو القدح فإنه يُنظر إلى كلامه في مؤلفاته وكتبه ، وينظر فيما صح من المنقول عنه ، ثم يُوزن ذلك كله بميزان الكتاب والسنة . ومما قاله الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله معرِّفا بنفسه :" أُخبركم أني - ولله الحمد - عقيدتي وديني الذي أدين الله به : مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين ، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة ؛ لكني بينت للناس إخلاص الدين لله ، ونهيتهم عن دعوة الأنبياء والأموات من الصالحين وغيرهم ، وعن إشراكهم في ما يعبد الله به من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه ملك مقرب و لا نبي مرسل ، وهو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم ، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة . وأنا صاحب منصب في قريتي ، مسموع الكلمة ، فأنكر هذا بعض الرؤساء لكونه خالف عادة نشؤوا عليها . وأيضا ألزمت من تحت يدي بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك من فرائض الله ، ونهيتهم عن الربا وشرب المسكر ، وأنواع من المنكرات ،فلم يمكن الرؤساء القدح في هذا وعيبه لكونه مستحسنا عند العوام ، فجعلوا قدحهم وعداوتهم في ما آمر به من التوحيد ، وما نهيتهم عنه من الشرك ، ولبَّسوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه الناس ، وكبرت الفتنة جدا ..." انتهى المقصود منه من الدرر السنية : 1/64-65 ،79-80 . والمنصف إذا اطلع على كتب هذا الرجل علم أنه من الداعين إلى الله على بصيرة ، وأنه قد تحمل الصعوبات والمشاق الكثيرة في سبيل إرجاع الإسلام إلى صورته الصافية النقية ، التي تبدلت كثيرا في عصره . وأنه بسبب مخالفته لأهواء الكبراء والمطاعين ألّب عليه هؤلاء الغوغاء والعامة لتسلم لهم دنياهم ، وتسلم لهم مناصبهم وعوائدهم . وأنا أدعوك أخي السائل أن لا تكون إمعة معتمدا على غيرك فيما تسمع وتعتقد ، وإنما كن طالبا للحق مدافعا عنه مهما يكن القائل به ، وأدعوك إلى مجانبة الباطل والخطأ مهما يكن قائله . وعليه فلو أنك اطلعت على كتاب من كتب الشيخ - رحمه الله - وأرشح لك ( كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ) لعلمت مقدار علم الشيخ ، ومدى أهمية دعوته ، وحجم المغالطات والافتراءات المختلقة عليه. ويمكنك مراجعة بعض المغالطات المفتراة على الشيخ ومعرفة الجواب عنها على هذا الرابط للغة الانجليزية وهذا الرابط للغة العربية . وأهم من ذلك كله أدعوك إلى تدبر القرآن والسنة ، وسؤال الثقات من أهل العلم عن ما أشكل عليك منهما ، واحذر من اتباع الأهواء المختلفة ، والشرك بجميع صوره . فإذا فعلت ذلك فلا عليك إن علمت أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - كان مصيبا أم مخطئا .واعلم أن أعراض المسلمين يحرم الكلام فيها على وجه التنقص ولو كان الكلام حقا ، فكيف إذا كان كلاما غلطا . وفقنا الله وإياك لاتباع الهدى ودين الحق ، وأخذ بنواصينا لما يحب ويرضى . والله أعلم .. اسلام سؤال
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|