المحاضرة الرابعة / تفسير سورة الفاتحة
محاور سورة الفاتحة
· العقيدة: )الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين(.
· العبادة:)إياك نعبد وإياك نستعين (.
· مناهج الحياة:)(إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضآلين (.
وكل ما يأتي في كل سور وآيات القرآن هو شرح لهذه المحاور الثلاث.
تشتمل سورة الفاتحة على أساسيات الدين ومنها:
· شكر نعم الله (الحمد لله).
· والاخلاص لله )إياك نعبد واياك نستعين(.
· الصحبة الصالحة )صراط الذين أنعمت عليهم (.
· أسماء الله الحسنى وصفاته وفي هذه السورة خمسة أسماء من أسماء الله -تعالى- الله، الرب، الرحمن، الرحيم، المالك.
· الاستقامة )إهدنا الصراط المستقيم ( .
· الآخرة )مالك يوم الدين ( ويوم الدين هو يوم الحساب.
· أهمية الدعاء.
وحدة الأمة (نعبد، نستعين) ورد الدعاء بصيغة الجمع مما يدل على الوحدة ولم يرد بصيغة الافراد.
إشاراتها :
ـ { بـسم الله }: إشارة إلى الذات الإلهية .
ـ { الرحمن الرحيم }: إشارة إلى صفة من الصفات الخاصة بالله تعالى .
ـ { الحمـد لله }: إشارة إلى استحباب زيادة الشكر والحمد لله تعالى دائماً وأبداً .
ـ { رب العالمين }: إشارة إلى التوحيد حيث أنه تعالى خالق كل شيء .
ـ { الرحمن الرحيم }: إشارة إلى الصفات من غير تكرار .
ـ { مالك يوم الدين }: إشارة إلى الآخرة والمعاد وإشارة إلى معنى الملك وهو من صفات الجلال .
ـ { إياك نعبد }: إشارة إلى العبادة مع الإخلاص مع الاعتقاد أنه لا يستحق العبادة بحق سواه
ـ { إهدنا الصــراط }: إشارة إلى إكثار الدعاء والالتجاء والسؤال لأن الدعاء مخ العبادة .
ـ { صراط الذين أنعمت عليهم }: إشارة إلى فريقين أحدهما حقت عليه الهداية والآخر حقت عليه الضلالة.
علومها :
تشتمل السبع المثاني على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين :
1 - علم الأصول وعقائده : كمعرفة الله وصفاته وإليها الإشارة في قوله تعالى : { رب العالمين الرحمن الرحيم } وكمعرفة النبوات في قوله { الذين أنعمت عليهم } وكمعرفة المعاد وذلك في قوله تعالى : { مالك يوم الدين } .
2 - علم الفروع وأسسه وهي العبادات في قوله تعالى : { إياك نعبد } .
3- علم ما به يتحصل الكمال وهو علم الأخلاق وذلك في قوله : { وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم } .
4 - علم القصص والأخبار ومنه معرفة أخبار الأمم الغابرة السعداء منهم ومن شقي والعياذ بالله وإليه الإشارة في قوله تعالى : { أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} .
وهناك بعض العلماء من قسم علوم القرآن إلى ثلاثة أنواع :
قال الزركشي رضي الله عنه علوم القرآن ثلاثة : توحيد وأحكام وتذكير , وسميت فاتحة الكتاب أم الكتاب والسبع المثاني لأن فيها الأقسام الثلاثة معا .
فالتوحيد في قوله تعالى : { مالك يوم الدين }.
والأحكام في قوله تعالى : { إياك نعبد وإياك نستعين } .
والتذكير في قوله تعالى : { إهدنا الصراط المستقيم }.
وقد ابتدع بعض الناس في هذه السورة بدعة، فصاروا يختمون بها الدعاء، ويبتدئون بها الخُطب ويقرؤونها عند بعض المناسبات ، وهذا غلط: نجده مثلاً إذا دعا، قال لمن حوله: "الفاتحة"، يعني اقرؤوا الفاتحة؛ وبعض الناس يبتدئ بها في خطبه، وهذا أيضاً غلط؛ لأن العبادات مبناها على التوقيف، والاتِّباع لا الأبتداع.
) بسم الله الرحمن الرحيم (
اختلف العلماء فيها؛ فمنهم من يقول: إنها آية من الفاتحة، ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة؛ لأنها من الفاتحة.
ومنهم من يقول: إنها ليست من الفاتحة؛ ولكنها آية مستقلة من كتاب الله.
وقد اختلف العلماء في هذا المعنى على ثلاثة أقوال:
(الأول) ليست بآية من الفاتحة ولا غيرها؛ وهو قول مالك.
(الثاني) أنها آية من كل سورة؛ وهو قول عبد الله بن المبارك.
(الثالث) قال الشافعي: هي آية في الفاتحة؛ وتردد قوله في سائر السور؛ فمرة قال: هي آية من كل سورة، ومرة قال: ليست بآية إلا في الفاتحة وحدها.
ولا خلاف بينهم في أنها آية من القرآن في سورة النمل. النمل)قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّيأُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِاللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ (300
والقرآن لا يثبت بالنظر والاستدلال، وإنما يثبت بالنقل المتواتر القطعي .
فاتفق العلماء على أن البسملة جزءآية من سورة النمل , واختلفوا فى البسملة فى أوائل السور, هل هى آية من كل سورة ؟أم أنها آية مستقلة فى أوائل السور ؟
كان النبي عليه الصلاة والسلام لا يعرف انتهاء السورة , حتى ينزل عليه جبريل ببسم الله الرحمن الرحيم , إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم , تكون هذهبداية سورة جديدة .
والراجح أن البسملة آية من سورةالفاتحة , وآية مستقلة فى أوائل كل سورة , لقول الله تعالى)وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَالْعَظِيمَ (الحجر 87
والسبع المثاني هى الفاتحة ؛ فالفاتحة سبع آيات , الذين قالوا :{ بسمالله الرحمن الرحيم } آية منها, وهذا هو الراجح ,كما فى صحيح ابن خزيمة , عن أمسلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم عدَّ بسم الله الرحمن الرحيمآية من الفاتحة . والذين لم يجعلوهاآية من الفاتحة قالوا : الآية السادسة)صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم هذه آية, )غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ(هىالآية السابعة .
قال العلماء: بسم الله الرحمن الرحيم قسم من ربنا أنزله عند رأس كل سورة، يقسم لعباده إن هذا الذي وضعت لكم يا عبادي في هذه السورة حق، وإني أفي لكم بجميع ما ضمنت في هذه السورة من وعدي ولطفي وبري.
و قال أبو بكر الوراق رحمه الله :بسم الله الرحمن الرحيم روضة من رياض الجنة.
و روى الطبراني : لا يدخل أحد الجنة إلا بجوار بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله تعالى لفلان ابن فلان ادخلوه جنة عالية قطوفها دانية.
بسم الله الرحمن الرحيم هي أربع كلمات و الذنوب أربعة : ذنوب بالليل و ذنوب بالنهار و ذنوب بالسر وذنوب بالعلانية. فمن ذكرها على الإخلاص والصفاء غفر الله له الذنوب والجفاء.
عدد حروف البسملة تسعة عشر حرفا و عدد خزنة جهنم تسعة عشر .
قال تعالى : "عليها تسعة عشر" سورة المدثر
عن عبد الله بن مسعود قال: من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ليجعل الله تعالى له بكل حرف منها جنة من كل واحد. فالبسملة تسعة عشر حرفا على عدد ملائكة أهل النار الذين قال الله فيهم: عليها تسعة عشر وهم يقولون في كل أفعالهم: بسم الله الرحمن الرحيم فمن هنالك هي قوتهم، وببسم الله استضلعوا.
روى الشعبي والأعمش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب باسمك اللهم حتى أمر أن يكتب بسم الله فكتبها؛ فلما نزلت: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن كتب بسم الله الرحمن فلما نزلت: إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم كتبها.
ومعنى بسم الله ، أي بالله. ومعنى (بالله) أي بخلقه وتقديره يوصل إلى ما يوصل إليه.
وقال بعضهم: معنى قوله (بسم الله) يعني بدأت بعون الله وتوفيقه وبركته؛ وهذا تعليم من الله تعالى عباده، ليذكروا اسمه عند افتتاح القراءة وغيرها، حتى يكون الافتتاح ببركة الله جل وعز.
الجارُّ و المجرورُ في قولهبسممتعلقٌبمحذوفٍ يمكنُ تقديرُهُ فعلا , و يمكنُ تقديرُه اسما . و في كلا الحالتين يمكنُتقديمُ المقدَّرِ و تأخيرُه , فإذا قلت في ابتداءِ قراءتِي مثلابسمالله ,كان التقديرُبسمِ الله أقرأ) , أو (بسمِ اللهِقراءتي) , أو (أقرأُ بسمِالله) , أو (قراءتيبسم الله . و بكلٍّ من التقديرين جاءَ القرءانُ الكريمُ .
فقالَ اللهُ تعالى)اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِيخَلَقَ (العلق1
و قالَ تعالى )وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِاللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ(هود41
وقال بعض العلماء: إن بسم الله الرحمن الرحيم تضمنت جميع الشرع، لأنها تدل على الذات وعلى الصفات؛ وهذا صحيح.
وقال علي بن الحسين في تفسير قوله تعالى: وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا قال معناه: إذا قلت: بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهُ, لفظُ الجلالةِ , علمٌ على ذاتِ الربِّ سبحانَهُ و تعالى وهو المألوه المعبود, المستحق لإفراده بالعبادة, لما اتصف به من صفات الألوهية وهي صفات الكمال. اسم الله رب العالمين لا يسمى به غيره؛قالَ العلماءُ : إنه الاسمُ الأعظمُ , و هو أصلُ الأسماءِ الحسنى كلِّها , وكلُّها توابعُ له , بها كلُّها يُوصَفُ , و لا يُوصَفُ شيءٌ منها بهِ , فتقولُ كماقالَ اللهُ عزَّ و جلَّ)هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُالْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ(الحشر22
)هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّاهُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُالْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ(الحشر23
)وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَىفَادْعُوهُ بِهَا (الأعراف180
و في الصحيحِ عنالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلمَ قال(للهِ تسعةٌ و تسعونَاسماً , لا يحفظُها أحدٌ إلا دخلَ الجنَّةَ).
و لقد اختُلِفَ في هذا الاسمِ , لفظِالجلالةِ الله , هل هو جامدٌ أو مشتقٌ . و رجَّح شيخُنا الهرَّاسُ رحمَهُ اللهُ أنهمشتقٌ مِن أَلِهَ يَأْلَهُ إلَهَةً .
فاللهُ بمعنى الإلهِ ؛ أي : المعبود , و هذا معنى قولِنا : لا إلهَ إلا الله؛ أي : لا معبودَ بحقٍّ إلا الله.
و البسمَلةُ و هيبسمِ اللهِ , تُشرعُفي بعضِ المواضعِ على وجه الشرطيَّةِ , و تشرعُ في بعضِها على وجهِ الاستحبابِ . فذكرُ اسمِ الله عزَّ و جلَّ شرطٌ في موضعين : عندَالوضوءِ وعندالذبحِ
أمَّا عندَ الوضوءِ , فقدْ قالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه و آلهِ وسلَّمَ(لا صَلاةَ لمن لا وضوءَ لهُ , و لا وضوءَلمن لم يذكرْ اسمَ اللهِ عليه) .
فقولُه(ولاوضوءَ لمن لم يذكر اسمَ اللهِ عليه , كقولِهلا صلاةَلمن لا وضوءَ له .
و كما أنَّ المعنى : لا صلاةَصحيحةً لمن لا وضوءَ له , فإن قولهولا وضوءَ لمنْ لم يذكر اسمَ الله عليه , أيضامعناهُ : لا وضوءَ صحيحا لمن لم يذكرْ اسمَ اللهِ عليه . فالتسميةُ في أولِ الوضوءِشرطٌ في صحةِ الوضوءِ , و كذلكَ التسميةُ عندَ الذَّبحِ شرطٌ في حِلِّ الذبيحةِ ؛لأنَّ اللهَ أمرَ بالأكلِ مما ذُكِرَ اسمُ اللهِ عليه , و نهى عن الأكلِ مما لميذكرْ اسمُ اللهِ عليه فقالَ عزَّ وجلَّ :
)فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ إِنكُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ(الأنعام118
و قالَ: )وَلاَ تَأْكُلُواْمِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّالشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْأَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ(الأنعام121
فالتسميةُ في هذين الموضعينِ شرطٌ , لاتحلُّ الذبيحةُ إذا تُركَتْ التسميةُ عمدا , و لا يصِحُّ الوضوءُ إذا تُركتالتسميةُ عمدا . أمَّا الجاهلُ و النَّاسي عندَ الوضوءِ , و عندَ الذبحِ فنرجواللهَ لهما العافيةَ , لأن اللهَ علَّمَنَا في دعائنا إياهُ أنْ نقولَ)رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا(البقرة286
و قد صحَّ في الحديثِ عن النبيِّصلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ قالَنعم (نعم لن أؤاخذَكم إذا نسيتم أو أخطأتم)
و مما تُشرَعُ عندَهُ التسميةُ على وجهِ الاستحبابِ عندَالأكلِوالشربِ فيُستحبُّ لمنْ أرادَ الأكلَ أنْيذكرَ اسمَ اللهِ , و يستحبُّ لمنْ أرادَ الشربَ أن يذكرَ اسمَ اللهِ ؛ فإنَّالنبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالَ(إنَّ الشيطانَ يستحِلُّالطعامَ ألا يُذكرَ اسمُ اللهِ عليه .(
بمعنى: إنَّ الشيطانَيستحلُّ الطعامَ إذا لمْ يذكرْ اسمُ اللهِ عليه .
و لمَّا أكلَ عمرُ بنِ أبي سَلَمةَ , ربيبُ النبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُمعه , طاشَتْ يدُه في الصَّحْفةِ فقالَ له النبيُّ عليه الصلاةُ و السلامُ(يا غلامُ , سمِّ الله , و كلْ بيمينِك ,وكلْ مما يليكَ) .
و قال عليه الصلاةُ و السلامُإذا نَسيَ أحدُكم أنْ يقولَ عندَ أكلِهِبسمِ اللهِ , فليقلْ عندَ فراغهِ : بسمِ اللهِ في أولِه و آخرِهِ .
و تُستحبُّ التسميةُ عندَإرادةِ التعرِّي ؛فإذا أراد العبد أن يستبدِلثيابَه ,قبلَ أنْ يتعرَّى يقلْبسم الله , حتىلا يراه الشَّيطانُ , فإنَّ اللهَ تعالى قالَ في حقِّ الشيطانِ)إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْحَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ (الأعراف027
فإذا ذكرالعبد اسمَ اللهِقبلَ أن يتعرَّى , جعلَ اللهُ بينَه و بينَ الشيطانِ حجابا مستورا ,كما في الحديثِعن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قالسترُ ما بين عوراتِبني آدم و بينَ الجنِّ أنْ يقولَ أحدُهم : بسمِ اللهِ .
وكذلكَ تُستحبُّ التسميةُ عندَدخولِالخلاءِ ,قبلَ دخولِ الخلاءِ إذا قال العبد بسمِ اللهِ , لا تراهَ الشياطينُ(بسم ِاللهِ ، اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِنَ الخُبُث والخبائث)
كما تستحب التسمية عندالجِماعِ, لقولِهِ عليه الصلاةُ و السلامُلو أنَّ أحدَكم إذا أرادَ أنْ يأتيَأهلَهُ قالَ : بسمِ الله , اللهم جنِّبْنَا الشيطانَ و جَنِّبْ الشَّيطانَ مارزقْتَنَا , فإنَّهُ إنْ قُدِّرَ بينهما ولَدٌ , لم يكنْ للشيطانِ منهُ نصيبٌ .
كما تُستحبُّ التسميةُ عندَدخولِالبيتِ كما في الحديثِ عن النبيِّ عليه الصلاةُ و السلامُ :
إنَّ الرجلَ إذا دخلَ دارَهُ فذكرَ اسمَاللهِ , و حضرَ طعامُه فذكرَ اسمَ اللهِ . قالَ الشَّيطانُ لأعوانِهِ : لا مبيتَلكم و لا عشاء . فإذا دخلَ فلم يذكرْ اسمَ اللهِ , و حضر طعامُه فلم يذكرْ اسمَاللهِ قالَ الشيطانُ لأعوانِهِ أدركتُمُ العشاءَ و المبيتَ .
فلا يُنْسِينَّا الشيطانُ ذكرَ اللهِ عندَدخولِ البيتِ . عند فتحُ البابَ نقلْ : بسمِ اللهِ , السلامُ عليكم , حتى تهربَالشياطينُ .
كما تُستحبُّ التسميةُ عندَ الخروجِ من البيتِ كما في الحديثِ عن النبيِّ عليهالصلاةُ و السلامُ أنَّهُ قالَ :منْ قالَ (يعني إذا خرجَمن بيتِه) : بسمِ اللهِ , توكلْتُ على اللهِ , و لا حولَ و لا قوةَ إلا باللهِ , يُقالُ له : هُديتَ و كُفيتَ و وقيتَ , و تَنَحَّى عنهُ الشَّيطانُ يومَه ذاكَ .
و في روايةٍ : فيقولُ الشيطانُ لآخرَ كيفَ لكَبرجُلٍ قدْ هُديَ و كُفيَ و وقيَ .
و تُستحبُّ التسميةُ عندَدخولِ المسجدِ و عندَ الخروجِمنهُفإذا دخلْ العبد المسجدَيقدِّمْ الرجلَ اليمنى , ويقُولْ : بسمِ اللهِ اللهمَّ صلِّ على محمدٍ و سلِّم ،اللهمَّ افتحْ لي أبوابَ رحمتِكَ . و إذا خرجْتَ قدِّم رجلَك اليسرى و قلْ : بسمِاللهِ , اللهمَّ صلِّ على محمدٍ و سلِّمْ ، اللهمَّ اغفرْ لي ذُنوبي.
كما تُستحبُّ التسميةُ عندَالرُّقيةِ , فقدْ أمرَ النبيُّ عليه الصلاةُ و السلام ُمَنْ اشتكَى , أنْ يضعَ يدَهُ اليمنى على موضعِ الألمِ و يقولَبسمِ اللهِ , ثلاثا , أعوذُ بعزةِ اللهِ وقدرتِه مِن شرِّ ما أجدُ و أحاذِرُ , سبعا .
و في الحديثِ أنَّجبريلَ أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَيا محمدُ , اشتكيت ؟ قالَ الرسولُ صلَّىاللهُ عليه وسلَّمَ : نعم . قالَ جبريل : بسمِ اللهِ أرقيكَ , مِنْ كُلِّ داءٍيؤذيكَ , و مِنْ شرِّ كلِّ عينٍ و حاسِدٍ , اللهُ يشفيكَ .
فهذهِ بعضُ المواضعِ التي تُستحبُّ فيها التسميةُ .
و منَ الجديرِ بالذِّكرِ أنَّهُ ينبغي لمن ذَكرَ اسمَاللهِ , أنْ يقتصرَ على قولهِ : بسمِ اللهِو لا يزيدَ :الرحمنِ الرحيمِ ؛لأنَّ الأذكارَ توقيفيَّةٌ , لا تجوزُ الزيادةُ عليها , و لا النقصُ منها , كما فيالحديثِ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ للبراءِ بنِ عازبٍإذا أويتَ إلى فراشِكَ , فتوضَّأ وضؤكَللصلاةِ , و اضطَجِعْ على شِقِّكَ الأيمنِ ثم قُلْ : اللهمَّ أسلمْتُ نفسي إليكَ , و وجَّهْتُ و جهي إليكَ , و فوَّضتُ أمري إليكَ , و ألجأتُ ظهري إليكَ , رغبةً ورهبةً إليكَ , لا ملجأ و لا مَنْجى مِنك إلا إليكَ , آمنتُ بكتابِك الذي أنزلْت َونبيِّكَ الذي أرسلْتَ , ثمَّ قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : حفظتَهُنَّ ؟ قالَ : نعم يا رسولَ اللهِ . قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : اقرأ عليَّ . فلمَّا انتهىإلى قولِه : و نبيِّكَ الذي أرسلْتَ , قالَ : و رسولِكَ الذي أرسلْتَ . قالَ صلَّىاللهُ عليه وسلَّمَ : لا , و نبيِّكَ الذي أرسلْتَ .
فالبراءُ استبْدلَ لفظَ نبيكَ , بلفظِ رسولِك , قال : ورسولِكَ الذي أرسلتَ لكنَّ الرسولَ صلَّى اللهُ عليه و سلَّم لم يؤيدْهُ علىذلِك.قال صلَّى الله عليه وسلَّمَ : لا, و نبيِّكَ الذي أرسلتَ ؛ أي قلْ : ونبيِّكَ الذي أرسلْتَ.
فالألفاظُ الشرعيةُ تعبديَّةٌتوقيفيَّةٌ , لا تجوزُ الزيادةُ عليها , و لا النَّقصُ مِنها. فإذا أردنا الوضوءَنقولْ : بسمِ اللهِ , لا نقُلْ : بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ . و عندالأكلِ أيضا نقولْ : بسمِ اللهِ , لا نقل : بسمِاللهِ الرحمنِ الرحيمِ,وكذلك عند دخول الخلاء , لأنَّ النبيَّ عليه الصلاةُ و السلامُ قالَ : إذا أرادَأحدُكم الخلاءَ فليقُلْ( بسمِ اللهِ ، اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِنَ الخُبُثِ والخَبائثِ) ,فهلْ يجوزُ منْ حيثُ الروايةِ , أنْ نرويَ نحن ؛ أي أنْنقولَ : قالَ عليه الصلاةُ والسلامُ : إذا دخلَأحدُكم الخلاءَ فليقُلْ بسمِ اللهِالرحمنِ الرحيمِ ،اللهمَّ إنيأعوذُ بكَ مِن الخُبثِ و الخبائثِ؟ لا تجوزُ الروايةُ بالزيادةِ , لأنَّ النبيَّ لم يقلْهكذا . إذنْ هذه الزيادةُ باطلِةٌ . فكما لا تجوزُ الزيادةُ في الروايةِ , لا تجوزُالزيادةُ في العملِ .
وإلى هنانكتفي بهذا القدر ,فما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ أو زلل أو نسيان فمنى ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه .
نسأل الله العظيم ,رب العرش العظيم , أنيجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا, ونور صدورنا, وجلاء أحزاننا , وذهاب همومناوغمومنا . اللهم ذكِّرنا منه ما نُسِّينا , وعلِّمنا منه ما جهلنا, وشفِّعه فينا, واجعله حجة لنا لا علينا, وارزقنا تلاوته آناء الليل , وأطراف النهار لعلك ترضى عنا .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين ,وصلى الله وسلم وبارك على نبينامحمد , وعلى آله وصحبه أجمعين
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لاإاله الا أنت نستغفرك ونتوب اليك