السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد فقط في مشاركتي هذه أن أضفي شيئا من الواقعية على الموضوعات الشيقة التي يكتبها الدكتور أشرف في قسم الطب النفسي
هذه قصة لمريض نفسي
قابلته بنفسي , لست أنسج خيالا ولست من هواة كتابة القصص ولكنها فعلا حدثت معي
وها هي القصة
.................................................. .................................................. .......................
ذات يوم دق جرس بيتي , ففتحت الباب فإذا بجارتي تقف أمامي.
سلمت علي ثم سألتني الهاتف تريد أن تتصل منه
فدخلت أتيت بالموبايل وأعطيتها اياه. واستغربت في نفسي !!! مالها ؟ لماذا لا تتصل من بيتها ؟ ثم قلت ربما ليس معها رصيد أو ان باب الشقة أغلق وليس معها مفتاح.
مرت دقائق ثم دقت الجرس واعطتني الموبايل
بعد قليل دق الهاتف وتكلمت فتاه تريد أن تكلم من اتصل من هذا الهاتف من قليل, فهمت انها تريد جارتنا فأخذت الهاتف وخرجت فوجدتها تقف عند السلم , قلت لها سيتصل بك الآن فتاة تريدك فأخذت الهاتف وبعد قليل أعادته الي.
زاد استغرابي وقلت لابد أن أطمأن هي جارتي أعاملها كأمي قد تكون في مأزق وتستحي أن تسألني مساعدتها.
قلت لها : مالك ؟؟ أهناك شيء يضايقك ؟
قالت : نعم, أحمد تعبان شوية.
قلت : ماله ؟
قالت (باللفظ الواحد):مكسر الشقة ومش مخليني أدخل
وقفت مذهولا لثوان ,ثم قلت : تسمحيلي أدخله ؟
قالت : بلاش صاحبه معاه
قلتلها بس خليني أدخل أتكلم معاه
فوافقت وقالت أفتحلك الباب أم تضرب الجرس ؟
قلت : لاء خليه هوه اللي يدخلني أحسن
ضربت الجرس, ففتح لي صديقه ابتسمت له وقلت : أحمد هنا ؟ قال :آه تعالا أدخل
دخلت المنزل فإذا هو شبه مهدم كل شيئ مكسر والشيء الذي لم يكسر ليس في مكانه , وصوت القرآن يملاء البيت.
وجدته يقف في البلكونه ممسكا للمصحف , ولما رآني أقبل إلي وقال: تعالا يا محمد أقعد انت عارف انا بحبك وبحترمك أقعد هحكيلك الحوار عامل ازاي؟
جلست بجانبه وقلت له ايه يا أحمد خير؟
قال: أمي وأبي
قلت مالهم؟؟؟
قال : يهود...........!!!!!!!!!
قلت: عرفت منين ؟
قال : دول صهاينة , دول مش مسلمين , ده بيحرفوا القرآن وبيعملوا أعمال وبيتلاعبو بآيات ربنا
ثم أضاف : انت لو قاعد معاك شارون في البيت تسيبه ولا تقتله ؟ دول لازم يتقتلوا.
قلت: طب يهود ازاي بقى ؟
قال :انت مش مصدقني ؟ طب استنى هجيبلك الأدلة
ذهب ورجع ليه بعدد من المصاحف والكتيبات الصغيرة
قال: امسك المصحف ده ,ده بتاع أمي .....افتح أول صفحه فيه
مسكت المصحف وفتحت أول صفحه , فوجدت أن كلمة بسم من بسم الله الرحمن الرحيم قد قطعت
قال : شفت ؟؟؟؟ الله الرحمن الرحيم ....انها تعبد زوجها تسميه الله الرحمن الرحيم
فنظرت جيدا في الورقة , فإذا بقليل من الزيت أو شيء مثل ذلك سقط بين الورقتين فالتصقتا ولما أرادت أن تفتح المصحف قطت بسم وليس فقط بسم هي التي قطعت ولكن أماكن أخرى في الصفحه
فقلت له ذلك,
فسكت قليلا ثم قال : طب اقرأ المكتوب فوق في الصفحه كده ؟ ايه خواتيم البقرة الحشر آل عمران ايه ده بقى ؟
كل دي أعمال بتعملهالي , هما بيروحو يسافروا برة يقابلو اليهود ويعملولي أعمال ويرجعو ويتباركو بيا علشان اسمي أحمد
قلت : يا أحمد أعمال ايه خواتيم سورة البقرة من الآيات ذوات الفضل في القرآن , دول بنقرأهم في أذكار المساء, على كده يبقى أنا بعمل أعمال أنا كمان !!!!
فقال: طيب افتح كده المصحف ده من جوه , يا عم بقولك بيحرفو القرآن بص ؟؟
فنظرت فإذا الأم قد أشارت عند بداية الآيات الأخيرة من سورة البقرة كي تقرأها
فلما قلت له ذلك , قال : طب وصور الناس الغريبة اللي بتحطها في وسط صورها هيه واخواتي ومبتحطش صورتي , قولي ليه بقى ؟ خد امسك كده الكتيب ده افتحه وبص هيا كاتبه ايه؟؟!!!!!
فتحت الكتيب فوجدتها قد كتبت أثرا رائعا عن سيدنا علي رضي الله عنه يقول : آية المرائي : ينشط إذا رآه الناس ويكسل إذا غابو عنه.
قلت ما شاء الله كلام جميل .... ماله الكلام ده يا أحمد ؟
قال :شايف ده ؟ ( وأشار إلى اسم علي ) هذا علي أبوها(يقصد جده من أمه) كان يعمل الأسحار والأعمال للناس وقد سألته أن يعمل لي عمل.
قلت: أبوها مين بس ده سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه
بدأ الشاب بالهدوء بعد أن كان يتكلم بعصبية ويهذي هذيانا عجيبا
ثم إذا فجأة دخل علينا ثلاثة رجال سلموا علي وعلى صديقه ثم عليه وقالو له : تعالا بس معانا شوية
فلما أحس بأنهم جاؤوا كي يعالجوه مما يقوم به بدأ يصيح ويقول ابعدوا عني انا سليم
وكان معهم رجل طويل عريض ضخم أمسك بيده وأثبته كي يعطيه الطبيب إبرة مهدئه كي يستطيعوا اصطحابه إلى المستشفى وخلال ذلك طلب رجل آخر منا الخروج قلت له : أنا طالب في طب هقف اشوف هتعملو ايه
قلت للطبيب ما هذه الإبرة التي أعطيتها اياه ؟
فرد باستغراب : نعم ؟؟
قلت له : عايز أعرف اديتله ايه ؟
قال : مهدئ (Haloperidol)
قلت : وما التشخيص المبدئي ؟؟
قال: اضطراب الوجدان ثنائي القطب(Bipolar disorder)
قلت :في اعتقادك , ما سبب هذه النوبة ؟
قال: قد يكون السبب جينيا
قلت : ليس في أسرته أحد مصاب بهذا المرض
قال : هذا المرض قد يأتي بدون أي مسببات(idiopathic)
تركته وخرجت خارج الشقة لأطمئن الأم
وجدتها تبكي قلت لها : اهدي حضرتك كل حاجه هتبقى تمام, الدكتور اداله حقنه علشان ينقله المستشفى
ثم قلت: منذ متى وهو على هذه الحال ؟
قالت : من يومين , مش عارفه أعمل معاه ايه, النهارده كسر الفازا وقالي هقتلك بيها, وامبارح خرج بالليل معرفش راح فين , سألت صحابه عليه قالولي مشفوهوش نزلو يدورو عليه وانا كمان وملقيناهوش .صحابه روحوا ناموا وانا منمتش لحد لما رجع ...رجع الساعه سبعة الصبح
عدت الى الشقة فوجدت الرجل الضخم يحاول حمله ولكنه يقاومه فتركه حتى هدأ تماما ثم حملوه الى المستشفى, وهو الى الآن فيها , ممنوع من الزيارة, حتى تتم مدة اسبوعين من دخوله
وها أنا أنتظر هذا اليوم حتى أقوم بواجبي تجاه هذا الشاب الذي لم يكن بيني وبينه إلا الابتسامه والسلام
وانا لست أعرض هذه القصة من باب التسلية الوقتية ولكن من التعلم للأطباء المشاركين هنا ولنتعظ جميعا ونعلم قدر هذه النعمه وهي نعمة العقل التي قل من يشكر الله عليها
وختاما : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفي هذا الشاب أن يشفي مرضى المسلمين والسلام