#1
|
|||
|
|||
انفجار الجرح .. بقلم / مهاجر
وانفجر الجرح داميا هذه المرة ، بعد أن نجح النظام في ذكاء شرير في شق صفوف معارضة هي من البداية منشقة ، ولو فكريا ، فليس ثم رأس جامع ولو تحت راية علمانية ، فضلا عن أن تكون شرعية ، فليس ثم إلا رءوس قد قفزت فجأة بمختلف أطيافها الفكرية لتقطف ثمرة حركة شعبية لم يكن لها يد في حدوثها بل قد تأخر كثير منها عن التأييد ابتداء فلما بدأت الثمرة في التولد سارع الجميع إلى التأييد بل والقيادة ! ، ثم بدأ بعضهم في التراجع الآن فخطاب النظام بالأمس مقنع جدا ! ، ولا زال البعض متمسكا لا سيما مع تأييد واشنطن الواضح وضغطها على النظام وعلى المؤسسة العسكرية لتضغط بدورها ، فيبدو أنها قد باعت النظام وانتهى الأمر توطئة لنظام ليبرالي جديد يضمن لشعوب المنطقة قدرا معقولا من الحرية الفكرية على ما فيها من تجاوز فهو يفتح الباب لكل صوت ولو على خلاف الشرع فقيمة الحرية المطلقة قيمة مقدسة في الفكر الغربي ، ويضمن لها في نفس الوقت تمام الهيمنة على مصر تحديدا لثقلها وحساسية موقعها بالنسبة إلى كيان يهود المحرك الرئيس للسياسة الأمريكية ، وهكذا تتلون الأقوال بتلون الظروف ، فتقوى أصوات وتضعف أخرى ، وتظل ثالثة متربصة حتى حين لتنضم إلى الرابح من هذا النزال المرير ، فكل يريد تحقيق مآربه ، ولو على أشلاء ودماء الموحدين الذين اندفعوا في تلقائية وسلامة نية للدفاع عن حقوق إنسانية مشروعة ، كلنا يفتقدها ، فلا يمكن توجيه اللوم إليهم بالنظر بعين القدر والكون ، ولكن ذلك لا يعني إغفال النظر بعين الوحي والشرع فلم تخرج الجماهير ، على ما فيها من خير ظاهر خلافا لما يحاول النظام ترويجه من وصفهم بأنهم حفنة من الهمج والمخربين بل واللصوص والبلطجية حتى أعطى ذلك انطباعا كما قال بعض الفضلا من الدعاة على شاشة العربية بأن شعب مصر المسلم المعروف بتدينه الشديد ما هو إلا شوية حرامية استغلت الفتنة لتنهب الممتلكات العامة والخاصة ، ومع ذلك لم تخرج تلك الجماهير غضبة لدينها الذي انتهك مرارا ، ولم تخرج لنصرة مسلم مضطهد في الجوار القريب أو البعيد ، وإنما خرجت لتلبية مطالب مشروعة بل وضرورية لكل إنسان فالحرية معنى تتوق إليه النفوس لا سيما في ظل ما نعانيه من قهر وظلم وفساد بلغ حدا لا يمكن السكوت عليه شرعا وعقلا وقل ما شئت من معايير الحكم ، ولكنها مع ذلك ، وبمقتضى سنة الرب ، جل وعلا ، في الأمة الخاتمة لا يمكن أن تكون محركا رئيسا لطاقات الموحدين ، فلم يخرجهم الرب ، جل وعلا ، ليعقدوا ألوية الولاء والبراء ابتداء لحاجاتهم الدنيوية ، ولو ضرورية ، فذلك محل ثان لا أول ، فأول محال الولاء والبراء في قلوب الموحدين : دين رب العالمين ، جل وعلا ، وقد انتهكت حرماته في كل بلاد المسلمين تقريبا ، من لدن سقوط الخلافة الجامعة وظهور العلمانية السافرة ، ولم يتحرك له أحد تحرك الجماهير الغاضبة في الثورتين الأخيرتين ، فالمنظور الشرعي قد غاب ابتداء وانتهاء ، مع التنويه بالخير الظاهر في المحتجين ، كما تقدم ، ولكن الأمر لم يصل إلى حد الإعداد الجيد بالتزام السنة الشرعية في التغيير ، وملاحظة السنة الكونية التي تقضي بالتباين في الأحكام فرعا على التباين في الأوصاف ، فنقل تجربة الثورة الأولى التي أغرى نجاحها السريع ، جموع المحتجين في مصر ، لينقلوها بحذافيرها ، مع اختلاف الظرف ، فلمصر من الخصوصية ما يباين غيرها ، وللنظام فيها خبرة أكبر في إدارة مثل هذه الأزمات ، فقد أحكم سيطرته على المؤسسات المؤثرة في صناعة القرار ، بإذن الرب ، جل وعلا ، كالجيش الذي وقف محايدا ، ولو في الظاهر ! ، فقد تواردت الأنباء ، والله أعلم بالحقيقة ، أنه قد أفسح ممرات لتلك الجموع القادمة على ظهور الخيل والجمال مسلحة بالسياط والسيوف إلى ميدان التحرير ، ومع ذلك يدعي أحد المسئولين بأنها تخص بعض المحتجين فقد جاءوا للتظاهر على ظهورها ولعلهم لم يجدوا وسيلة نقل أخرى ! ، فالنظام قد خرج من قلب هذه المؤسسة ، فيصعب ، والله أعلم ، أن تتخلى عنه وقد كان رأسا بارزا فيها ، رغم كل الضغوط الأمريكية فرئيس أركانها يهاتف رئيس أركان الجيش المصري ، ولعله ، والله أعلم ، كان يحضه على إسقاط النظام الحالي ، فقد انتهى أمره ، كما تقدم ، بالنسبة إلى الإدارة الأمريكية ، وبدأت الاتصالات مع قيادة المعارضة ! ، ولم يخطئ النظام بدوره خطأ النظام في الثورة التونسية ، فقد استفز الجيش بعد أن فقد أعصابه سريعا لقلة خبرته في معالجة هذه الثورات ! ، فأمره في عجلة واضحة وغباء ظاهر بإطلاق النار على جموع الشعب ، ثم أقال رئيس أركانه ، فاصطدم معه ، وهو القوة الرئيسة ، فكان ما كان من هروبه بعد أن فقد كل قوة تدعمه ، والحال عندنا في مصر مختلف فلم يتعرض النظام للجيش فنجح في احتوائه ، وحافظ الجيش على صورته في نظر الشعب ثم تحرك ، أو لم يتحرك إن شئت الدقة ! ، ليدفع عن جموع المتظاهرين جحافل المسلحين المحترفين ، فاكتفى باحتجاز من تقبض الجماهير عليه في أماكن آمنة في مجمع التحرير ! ، فهم ، على كل حال ، رجال الحكومة التي يدين بالولاء لها فــ : |
الكلمات الدلالية (Tags) |
.., /, مهاجر, الجرح, انفجار, بقلم |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|