(4)
( العاقلة و حرصها على طلب العلم و السؤال في الدين )
جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول اللَّه ، ذهب الرجال بحديثك - أي سمعوه وتعلموه - فاجعل لنا من نفسك يومًا نأتي فيه تعلمنا مما علمك اللَّه ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( اجتمعن يوم كذا وكذا )) فاجتمعن ، فجاء صلى الله عليه و سلم فعلمهن مما علمه اللَّه و هذه بعض أسئلة نسائية :
- عن أسماء بنت أبي بكر قالت : جاءت امرأة إلى النبي s فقالت : يا رسول الله ، إن ابنتي أصابتها الحصبة فَتَمَرَّقَ شعرُها - تقصف وسقط - وإني زَوَّجتها ، أفَأَصِلُ فيه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (( لعن
اللَّه الواصلة والموصولة )) يعني صاحبه الشعر والتي تصل لها .
- امرأة أخرى تسأل عن كيفية غسل الشعر عند الاغتسال ، فتقول : يا رسول اللَّه ، إني امرأة أشد ضفر رأسي - أجعله ضفائر - أفأنقضه للجنابة ؟ يعني أأفُكُّهُ ؟ قال : (( إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي على سائر جسدك ، فإذا أنت قد طهرت )).
وسألتني إحدى النساء ؛ ماذا تفعل لكي تمسح برأسها أثناء الوضوء لأنها لو مسحت برأسها مدبرة مقبلة بيدها يتفرق شعرها ويسبب لها مشقة ؟
وأجبتها بما ذكره الشوكاني في (( نيل الأوطار )) : عن الربيع بنت معوذ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
توضأ عندها ومسح برأسه ، فمسح الرأس كله من فوق الشعر ، كل ناحية لمنصب الشعر ، لا يحرك الشعر عن هيئته([1]). وفي هذا بلا شك تيسير عظيم .
- وها هي أم سُلَيم رضي الله عنها تسأل النبي صلى الله عليه و سلم : يا رسول اللَّه ، إن اللَّه لا يستحي من الحق ، فهل على المرأة غسل إذا هي احتلمت ؟ قال : (( نعم ، إذا رأت الماء )) . متفق عليه .
ومن عظيم الأسئلة التي وُجهت للنبي وتحمل الدلالة على الفقه والحس الديني ، هذا السؤال : وفيه أن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها أتت النبي فقالت : يا رسول الله ، إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين ، كلهن يقلن بقولي ، وعلى مثل رأيي ، إن اللَّه بعثك إلى الرجال والنساء ، فآمنا بك واتبعناك ، ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات ( في الخدر وهو الستر ) قواعد بيوت ، وإن الرجال فُضّلوا بالجُمُعات ، وشهود الجنائز والجهاد ، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم ، وربَّينا أولادهم ، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله ؟ فالتفت رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم إلى أصحابه فقال: (( هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه؟ )) فقالوا : بلى يا رسول اللَّه ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم: (( انصرفي يا أسماء ، وأعلمي من وراءك من النساء أن حُسن تَبَعُّل - أي معاشرة - إحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته ، واتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت )) . فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر استبشارًا بما قال لها عليه الصلاة والسلام.\
لماذا فرحت أسماء رضي الله عنها ؟
لأنها رأت فضل الله عز وجل وهو القائل : {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}[ يونس: 58].
فالأجر الذي تناله المرأة في ترتيب مسكنها وتربية أولادها، ورعاية بيت زوجها وماله يعدل أجر المجاهد في جهاده ويعدل شهود الرجل الجُمَع والجماعات ، كما تبين من الحديث .
وأخرى من العاقلات تطلب العلم وتستفسر عن حقوق الزوج وعدم غشه :
فعن سلمى بنت قيس وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه و سلم قد صلت معه القبلتين ،وكانت إحدى نساء بني عدي بن النجار ،قالت : جئت رسول الله صلى الله عليه و سلمفبايعته في نسوة من الأنصار ، فلما شرط علينا أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصي في معروف ، قال : (( ولا تغششن أزواجكن )) ، قالت: فبايعناه ، ثم انصرفنا ، فقلت لامرأة منهن : ارجعي فسلي رسول الله صلى الله عليه و سلم ما غش أزواجنا ؟ قال : (( تأخذ ماله فتحابي به غيره .
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر - وهو أحد رواة الحديث - أن عدد شيوخه وأساتذته من النساء كان بضعا وثمانين أستاذة.