Untitled-2
 

 
 
 
العودة   منتديات الحور العين > .:: المجتمع المسلم ::. > رَوْضَــــةُ الأَخَــــوَاتِ
 
 

رَوْضَــــةُ الأَخَــــوَاتِ خاصٌّ بالأَخواتِ فقط ! ويُمنع مُشاركة الرجال نهائياً! .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 08-28-2012, 03:28 AM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

النصيحة التاسعة
العفوُ سجيةٌ نَبِيلةٌ والاعْتِرافُ بالخَطأِ فَضِيلةٌ
كل بني آدم خطّاء ، وخير سبل النجاة من الخطأ الاعتراف به والندم على فعله ، والأنفس أحضرت الشح ، وطلب التعالي وعدم الانصياع للغير .
وعليه : فربما وقع من زوجك في يوم من الأيام زلة وخطيئة في حقك بفعل أو قول ، فلا تبادريه بالتأنيب والتعنيف ،
وتجردي لسانك عليه كالسيف،
بل قابلي الخطأ بالغفران والإحسان،
وكوني ممن أثنى الله عليهم وقال: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِي) [آل عمران:134] .
ألا تريدين أن تكوني من أحباب الله ؟! .
فعليك بجادة العفو، فهي سبيل الكرام من عقلاء بني آدم، فإن تيقنتي خطأه فلا تقابلي الخطأ بمثله بالصد والهجران، والتكبر والتعالي، وجمع مصيبتين عليه :
1- مصيبة الخطأ .
2- ومصيبة الانكسار بالاعتذار .
فيكفيه عقوبةً اعترافه بالأولى، وبادريه بالعفو عن الثانية.
ولك أن تصرّحي له: بخطئه وعفوك عنه، وقولي له: مع أنك أخطأت عليّ وقلت كذا أو فعلتَ كذا،
ولكن : سامحك الله وغفر لك ، وحقك عندي يحتم عليّ العفو عنك، ونحو هذا الكلام.
وإن كان الخطأ منكِ فخير الخطائين التوابون، فبادري بالاعتذار عن خطيئتك، وقبليه سريعاً بين عينيه، ويدك بيديه وتأسفي من قولك وصنيعك،
ولا يناديك الشيطان إلى التمهل صيانة لنفسك وعزتها! ، فتأخرك في طلب العفو والصفح يزيد من توقد نار الغضب في قلبه كلما طال الوقت!،
ثم قد يغلب عليه الانتصار للنفس، ويتعذر على غِلظ غضبه قبول الاعتذار، فبادريه مباشرة بوجه المحب الخجول، وعديه بعدم تكرار الخطأ،
فإن مثل هذا الخلق النبيل، والتصرف الجميل يفوت على الكثير من الزوجات، ويولد معقد المشكلات، ومن كمال حال الأزواج الاتفاق على التجاوز عن الأخطاء،
والعفو للزلات، وتعويد النفس أن كلاً من الطرفين عزيز الجناب، رفيع المقام: لا ينقصه اعتذاره من صاحبه شيئاً بل يزيده إجلالاً واحتراماً ومحبة.
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 08-28-2012, 03:46 AM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

النصيحة العاشرة
هَلْ تَعْرِفِينَ مَا عَلَيكِ ومَا عَلَيه ؟
سؤال مهم ، يجب عليكما معرفة المتقرر في جوابه من ثلاث جهات مهمات :
[ 1 ] الجهة الشرعية .
[ 2 ] الجهة العرفية .
[ 3 ] الجهة الاتفاقية .
[ 1 ] فأما الجهة الشرعية :
فقد فرض الشرع عليه أموراً وعليك أموراً وعليكما أموراً على وجه السواء ، وقد اعتنى بذلك علماء الشريعة في أبواب
(عِشرة النساء) من كتب الفقه ، وفصلوه أتم تفصيل ، وإني أختصر ذلك فأقول :

[ أ ] حقوق الزوج على زوجته(1) ، وهي كثير ومنها :
1- أن تقوم بخدمته بالمعروف ،
عن الحصين بن محصن رضي الله عنه قال: إن عمة له أتت النبي صل الله عليه وسلم في حاجة، ففرغت من حاجتها،
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:
( أذات زوج أنت؟ ) ، قالت: نعم،
قال: ( كيف أنت له؟ ) قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه،
قال: ( فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك ) رواه الإمام أحمد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
( فعليها أن تخدمه الخدمة المعروفة من مثلها لمثله، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة ) .
2- أن تطيعه في غير معصية الله، وتقدم الكلام عن هذا الباب ،
وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
( إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ) رواه الإمام أحمد .
3- أن لا تصوم نفلاً وهو حاضر إلا بإذنه ،
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال:
( لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ) رواه البخاري .
وفي هذا الحديث إشارة إلى أصلٍ أسريّ يسعى الشارع إلى تحقيقه وهو جاهزية المرأة لزوجها في كلّ حال، وأن لا تشغل عنه بغيره إلا بإذنه .
4- أن تحافظ على ماله وممتلكاته ،
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم في خطبته عام حجة الوداع يقول:
( لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها ) ،
قيل: يا رسول الله، ولا الطعام؟ ، قال : (ذاك أفضل أموالنا)
رواه الإمام أحمد والترمذي .
وتقدم الإشارة إلى هذا الحق المقبول الذي لا تجحده العقول.
5- أن لا تدخل أحداً في بيته إلا بإذنه ،
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
(ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ) رواه البخاري .
6- أن تشكر نعمته ولا تجحد نعمته وإحسانه ، وتقدم الكلام على هذا عند التحذير من كفران العشير .

[ ب ] حقوق الزوجة على زوجها ، وهي كثير ومنها .
1- الصداق – أي المهر - ، فهو حق المرأة على زوجها ، سواء دفعه مقدماً أو أبقاه كله أو بعضه في الذمة ،
فلا يجوز له جحده ولا الامتناع عن دفعه لها ،
وقد قال الله تعالى :(وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) .
2- الإمساك بالمعروف والتسريح بإحسان ،
كما قال الله تعالى : (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)
فلا يجوز للرجل الضرر بالمرأة فهو بين الخيارين إما أن يعيش معها بالمعروف والعشرة الزوجية السعيدة أو يفارقها بإحسان وسلام، فالمرأة بطبعها ضعيفة رقيقة،
ولهذا قال النبي صل الله عليه وسلم : ( إنهن عوانٌ بين أيديكم ) أي أسيرات،
وهذا جاء مساق التشبيه لا حكايةً لحقيقة الحال لضعفها وحاجتها إلى زوجها.
3- النفقة والطعام والكسوة، من غير تقتير ولا إسراف ،
فعن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما في خطبة الوداع قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
(ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) رواه مسلم .
4- أن يعلمها الخير ويأمرها به ،
قال الله تعالى : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاة وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَـاقِبَةُ لِلتَّقْوَى )،
وقال النبي صل الله عليه وسلم :
( ما من رجل يسترعيه الله على رعية فيموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) متفق عليه ،
وأعظم الغش أن لا يعلم الرجل أهله الخير، ولا يأمرهم بمعروف، ولا ينهاهم عن منكر.
5- حق الخلع ،
قال الله تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ )
فللمرأة حق طلب الفصال إن ساءت العشرة عليها وتعذر عليها البقاء مع الزوج لضعف دينٍ أو سوء أخلاق،
أو تقصير بيّن في النفقة أو السكنى ،
أما من غير سببٍ يوجب ذلك فهذا لا يجوز بل يعد كبيرة من كبائر الذنوب،
وذلك لصريح النهي من النبي صل الله عليه وسلم.
فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول اللهصل الله عليه وسلم قال :
« أيُّما امرأة سألت زوْجها الطلاق ، من غير بأس : فحرام عليها رائحةُ الجنة » أخرجه أبو داود والترمذي.

[ ج ] الحقوق المشتركة بينهما، ومنها :
1- الوفاء بشروط العقد ، والمسلمون على شروطهم ،
وقد قال النبي صل الله عليه وسلم :
( أحقُّ ما أوْفيتم من الشروط : ما استَحلَلْتُمْ به الفروجَ ) متفق عليه ،
فإذا اشترط الرجل أو المرأة شرطاً مباحاً فيجب الوفاء به ، إلا أن يتنازل المشترط عن شرطه .
2- حق الاستمتاع ،
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال :
( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح )
متفق عليه .
3- السريّة الأسرية ، كما تقدم فلا يبوح أحدٌ منهما بأسرار صاحبه وخاصة من أمور العشرة الزوجية،
وقد قال رسولَ اللَّه صل الله عليه وسلم :
( إِنَّ من أعظمِ الأمانة عندَ الله يوم القيامةَ : الرَّجُلُ يُفْضي إِلى امرأته وتُفْضي إِليه ، ثم ينشُرُ سِرَّها ) رواه مسلم ،
وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنها كانت عند رسول الله صل الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده،
فقال: ( لعل رجلاً يقول ما فعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها )،
فأرم القوم، فقلت: إي والله يا رسول الله، إنهم ليفعلون وإنهن ليفعلن،
قال: ( فلا تفعلوا، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون ) رواه الإمام أحمد .
4- التوارث،
فكل من الطرفين حقُ التوارث من الآخر، ولا يُحجب الزوجان، فهما : يرثان فرضاً، ولا يحجبان من الميراث حجب حرمان، والله تعالى يقول في كتابه الكريم :
(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)[النساء:12].
5- تربية الأولاد، من الحقوق المشتركة بين الزوجين.

[ 2 ] أما الجهة العرفية :
للعرف قوته، وللعادة حكمها، وما رآه الناس حسناً فهو حسن ما لم يعارض أمراً أو نهياً شرعياً(1)،
وعليه فقد جرت عادات الناس على بعض الآداب والتصرفات التي لا يليق به ولا بكِ اختراقها ومخالفتها
صيانة لجنابكما من شماتة الشامتين،
وأمثلة ذلك كثيرة جداً تختلف من زمن إلى زمن، ومن مكان إلى مكان، ومن قبيلة إلى قبيلة، فقد يكون مما يفعل في الماضي من أمور تعد من القبائح صار الناس يعتبرونها اليوم من الأخلاق السامية!،
وكذا قد يعد بعض تصرفات الأزواج مع أزواجهم في القرى من الإجرام بينما يعتبر في المدن من الإكرام!،
وكذا قد يكون بعض التصرفات عند قبيلةٍ ممنوعاً، وعند قبيلة أخرى مقرا ومتبوعاً.
فانظري ما عليه أبناء زمانك ومكانك وقبيلتك من العادات النبيلة فالتزميه ولا تخالفيه بحجية حرية التصرف ونحو ذلك، ولعل من ذلك مما كادت العادات الرفيعة تتفق عليه :
1- تجنب نداؤه باسمه مجرداً، فمن الأدب مناداته بكنيته أو بأيِّ لفظٍ يحب أن يسمعه منكِ كـ : يا قلبي ، ويا حياتي ، ونحوه .
2- توقي رفع الصوت عليه، فمن سوء الأدب رفع الصوت في مخاطبته أو معاتبته ويزداد الأمر قبحاً إذا كان بمحضر الغير.
3- عدم السير أمامه من غير حاجة، فالأدب أن تمشي بجانبه أو متأخرة عنه قليلاً احتراماً له وإجلالا.
4- عدم تكليفه بشراء حاجاتك النسائية الخاصة، فهو وإن كان مباحاً في الأصل إلا أن عامة عُرْف الناس تواطأ على كراهته.
5- سلوك الهدوء في البيت عند حلول الضيوف،
فجرت عادة أكثر الضيوف على مقت ظهور الأصوات من داخل البيت، وخاصة حين إعداد ضيافتهم، وأصوات الأواني في المطبخ!.
6- مناداته بالصوت من بين الرجال!، فصوتك وإن لم يكن بعورة عند الرجال على الصحيح، ولكن عادة الناس جرت على مقت ذلك، والتعارف على التصفيق أو طرق الباب ونحوه، فهذا أكثر أدباً.
7- تكليفه بحمل الطفل من غير حاجةٍ أثناء السير خارج المنزل، فهو وإن كان لا محظور شرعيٍ فيه إلا أن عادة الناس جرت على مقت ذلك من الرجال مع النساء.
وعلى مثل هذا فقيسي من الأخلاق والطباع المرضية ، فالتزمي بها ولا تخالفيها ، ومخالفة المألوف من خوارم المروءة .
[ 3 ] أما الجهة الاتفاقية :
فما أجمل أن يكون بين الزوجة وزوجها اتفاق من أول ليلة زواجهم على ما يحب منها فتأتيه، وما يكره فتجتنبه،
والعاقل الوافي:
هو الذي يلتزم بهذا الاتفاق، وقد مشى على هذا جماعة من العقلاء من قديم الزمان وحديثه.
ذكر ابنُ عبد ربِّهِ في "العقد الفريد" أن شريحاً القاضي تزوج بامرأة فلما دخل عليها ومدّ يده إلى ناصيتها .
فقالت : على رسلك أبا أمية كما أنت.
ثم قالت : الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله، إني امرأةٌ غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأزدجر عنه.
وقالت: إنه قد كان لك في قومك منكح(1)، وفي قومي مثل ذلك، ولكن إذا قضى الله أمراً كان، وقد ملكتَ فاصْنَعْ ما أمرَكَ الله به :
( إمْسَاكٌ بِمَعْروفٍ أوْ تَسْريحٍ بإحْسَانٍ)،
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك .
قال شريحٌ : فأخرجتني إلى الخطبة في ذلك الموضع،
فقلت: الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأصلي على النبي وآله وسلم، وبعد :
فإنكِ قد قلتِ كلاماً إن تثبتي عليه يكن ذلك حظك، وإن تدعيه يكن حجة عليك، أحب كذا وأكره كذا، ونحن جميع فلا تفرقي(1)،
وما رأيتِ من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها.
وقالت : شيئاً لم أذكره : كيف محبتك لزيارة الأهل؟ .
قلت : ما أحبُّ أن يملني أصهاري.
قالت : فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك آذن له، ومن تكرهه أمنعه؟.
قلت: بنو فلان قوم صالحون ، وبنو فلان قوم سوء.
قال : فبت بأنعم ليلة، ومكثَتْ معي حولاً لا أرى إلا ما أحب.
فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء، فإذا بعجوز تأمر وتنهى في الدار.
فقلت: من هذه؟ .
قالوا: فلانة ختنتك، فسرِّيَ عنّي ما كنت أجد، فلما جلست أقبلت العجوز، فقالت: السلام عليك أبا أمية.
قلت: وعليك السلام، من أنت؟ .
قالت: أنا فلانة ختنتك .
قلت: قربك الله .
قالت: كيف رأيتَ زوجتَك؟ .
قلت: خير زوجة .
فقالت لي: أبا أمية، إن المرأة لا تكون أسوأ حالاً منها في حالين، إذا ولدت غلاماً أو حظيت عند زوجها،
فإن رابك ريبٌ فعليك بالسوط،
فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم شراً من المرأة المدللة.
قلت: أما والله لقد أدبت فأحسنت الأدب، ورضت فأحسنت الرياضة.
قالت: تحب أن يزورك أختانك؟ .
قلت: متى شاءوا.
قال: فكانت تأتيني في رأس كل حول توصيني تلك الوصية، فمكثت معي عشرين سنة لم أعتب عليها في شيء ..(1) .
فهذه القصة على منوالها ينبغي أن يكون كثير من الأزواج ليلة الزواج ،
فتخبره بما تحب منه ، وماذا تكره ، وهو كذلك يخبرها بما يحب وما يكره، وقد جرّبت هذا فاستفدتُ الكثير، والحمد لله.

(1) الجامعون للحقوق الزوجية كثير ، وهذا النسق مأخوذ من كتاب " أصول الحياة الزوجية" بتصرف.
(1)وذلك لأن بعض العامة قد ينكر بعض التصرفات الزوجية وهي من السنن النبوية،
ومثال كثير ومنه: شرب الزوج بقية سؤر زوجته، والسير بجانب الزوجة أو يدها بيده، وتصريح الزوج باسم زوجته وذكره لها، وتقبيل المرأة لرأس زوجها بمحضر الغير،
ونحو ذلك من الأفعال التي جاءت السنة الصحيحة بفعل النبي صل الله عليه وسلم لها وإقرارها.
(1)أي كان بوسعك أن تجد في قومك زوجة ، وهي كذلك في قومها ، ولكن الله قدّر اجتماعهما بسابق تقديره ، فأوصته بالوصل بمعروف أو التسريح بإحسان .
(1)أي لا تسعي بالفرقة بين أهلنا .
(1) " العقد الفريد " ( 6 / 93-94 ) بتصرف يسير .
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 08-28-2012, 03:47 AM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

تابعونــــــــا في النصيحة الحادية عشر
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 08-28-2012, 02:08 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

جزاكِ الله خيرا أم حفصة
وإن شاء الله لي عودة للقراءة

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 08-28-2012, 06:27 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبد الله
جزاكِ الله خيرا أم حفصة
وإن شاء الله لي عودة للقراءة


ان شاء الله ...
احسن الله اليكِ
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 08-28-2012, 06:56 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

النصيحة الحادية عشرة
كوني داعيةً لا قاضية
قد يكون زوجك مبتلىً بآفة من الأمور المحرمة التي لا توجب المفاصلة بين الأزواج، فإن كان كذلك،
فاعلمي أن من أعظم حقوقه الزوجية عليك:
تكرار مناصحته، وإنقاذه من وحل المعصية التي فُتن بها، فهو أسير معصيته فكوني داعية ولا تكوني قاضية، فلا تقابليه كل يوم بالتعيير والتأفف والزجر والنهر، وإقامة رايات الخصام بالكلام كلّ ليلة!،
بل كوني داعية.
والداعي إلى الله تعالى مأمور بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن،
قال الله تعالى :( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125].
ومأمور باللين والتلطف في الخطاب
كما قال الله تعالى لموسى وهارون : ( فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) [ طه:44 ] .
وقال الله تعالى : ( وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً )[البقرة:83] .
فإن رأيتيه على معصية ، فعليك بعدة أمور :
الأول : الاطلاع بالقراءة والسماع عن حرمة المنكر الذي وقع فيه لمعرفة القدر الأكبر من الأدلة والحجج على حرمته،
لأنك – الآن - المُنْكِرَ والناصح ولابد من كان في مثل حالك أن يكون على قاعدةٍ علميةٍ راسخةٍ .
الثاني : اقتناص الوقت المناسب، والفرص والأساليب لنصحه وموعظته ،
فمن الخطأ أن يكون ذلك وقت تعلقه بمعصيته أو فرط غضبه أو حال اختلاف بينكما، وإنما يكون ذلك منكِ في ساعة فسحة حاله، وصفاء باله، وحسن خاطره،
فتقتربين منه اقتراب الزوجة الحنون بأدب، وتطرحين عليه نصيحتك بأساليب عديدة.
كـ : التدلل بأنك تطلبين منه طلباً ما، وتطلبين الوعد منه بتحقيقه.
أو : تعليق تركه للمعصية على حبه لك، فتقولين: إن كنتَ صادقاً في حبك لي فاترك الأمر الفلاني طاعة لله.
أو : كتابة رسالة ورقية أو عبر الهاتف الجوال تنصحيه عن طريقها مع التقدم بالعبارات الودادية الغرامية التي تهيئ الزوج لقبول الكلام.
أو : إهداؤه مجموعة كتب أو أشرطة من ضمنها ما يتعلق بالمعصية التي يقارفها ،
وقلت ( مجموعة ) حتى لا يستشيط ويكابر إن علم بأنه المعني بهذا الكلام.
الثالث : إن كانت معصيتُه في البيت فحاولي صرفه عنها بإشغاله بأي أمرٍ مستحب أو مباح.
الرابع : لا حرج في الاستعانة بقريب أو قريبة لمناصحته وتذكيره بطريقة غير مباشرة، مع مراعاة عدم معرفته بأن الأمر كان حصل باتفاق معكِ.
الخامس : الصبر عليه ما لم تري كفراً بواحاً ، أو فاحشة قبيحة لا تستقيم العشرة الزوجية معها، وستأتي نصيحة خاصة عن الصبر.
السادس : الإكثار من أقوى سلاح المؤمنين : الدعاء ، فبِهِ يبدل الله حال من يشاء إلى الهدى بعد الضلال، وستأتي نصيحة خاصة بالدعاء وفضيلته.
فهذه الأمور ينبغي على الزوجة الصالحة التمسك بها، وعدم تفويتها، لإصلاح زوجها.
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 08-28-2012, 07:01 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

النصيحة الثانية عشرة
كوني له أمةً يكن لكِ عبداً

والله تعالى يقول : ( هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ )[الرحمن:60]
فالمرأة الصالحة كلما ازدادت لزوجها خدمة وطاعة كلما قابلها بمثل ذلك، والأنفس جُبلت على محبة المحسن إليها،
والزوجة المطيعة الخدومة محسنة إلى زوجها،
فكوني لزوجكِ أمةً يكن لك عبداً كما أوصت بذلك إحدى عاقلات النساء، وأنا أسوق وصيتها كاملة لما فيها من الفوائد عظيمة العوائد، ومنها ما سبق النصح به ومنها ما لم يسبق.
ذكر صاحب كتاب "العقد الفريد" أن امرأة قالت لابنتها ليلة عرسها:
يا بنية : لو تركتُ الوصيةَ لأحدٍ لحسنِ أدبٍ أو لكرم حسبٍ لتركتُها لكِ، ولكنّها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل(1).
يا بنية : إنك قد خلفتِ العُشَّ الذي منه دَرَجْتِ، والموضعَ الذي منه خرجتِ إلى وكرٍ لم تعْرِفِيهِ، وقرينٍ لم تألفيه(2).
كوني له أمة يكن لك عبداً ، واحفظي عني خصالاً عشراً تكن لكِ دركاً وذكراً (3):
أما الأولى والثانية :
[ 1 ] فحسن الصحابة بالقناعة .
[ 2 ] وجميل المعاشرة بالسمع والطاعة .
ففي حسن المصاحبة راحة القلب وفي جميل المعاشرة رضا الرب(1).
والثالثة والرابعة :
[ 3 ] التفقد لموضع عينه .
[ 4 ] والتعاهد لموضع أنفه .
فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك خبيث ريح، واعلمي أن الكحل أحسن الحسن المودود،وأن الماء أطيب الموجود(2).
والخامسة والسادسة :
[ 5 ] فالحفظ لماله .
[ 6 ] والرعاية لحشمه وعياله .
واعلمي أن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على الحشم حسن التدبير(3).
والسابعة والثامنة :
[ 7 ] التعاهد لوقت طعامه .
[ 8 ] والهداء عند منامه .
فحرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة(4) .
والتاسعة والعاشرة :
[ 9 ] لا تفشين له سراً .
[ 10 ] ولا تعصين له أمراً .
فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره(1)، ثم إياكِ والفرح بين يديه إذا كان مهتماً ،
والكآبة بين يديه إن كان فرحاً )(2).
فهذه عشر وصايا جامعة ، هي بمثابة العقد على جيدِ رسالتي هذه لما فيها من النصائح المفيدة، فهي لها ولكِ فالزميها رعاك الله.

(1)أي أنكِ كاملة الخلق والأدب فمثلك قد يقال لا ينصح ولكن اعتذرت بأن النصيحة والوصية ليست للغافل دوماً بل قد تكون معونة للعاقل للثبات على مبادئه الجميلة .

(2)أي خرجتِ إلى بيتٍ غير بيتك الذي نشأت فيه ، وفيه رجلً لم تعرفيه من قبل فأعدّي نفسك لتغير المكان ومن فيه من العادات .

(3) أي منجاةً وموعظةً وذكرى ، تذكريها كلما مرّ بك الزمن خلال معيشتك معه .
(1) وهاتان وصيتان جامعتان لخلقين عظيمين وهما : القناعة ، والطاعة ،
فالقناعة تريحها في حياتها ، وتقطع من قلبها حبال الطمع ، وطلب المحال أو العسير ،
والطاعة مرضاة لله تعالى لأنه فرض الله عليه ، وفي طاعتها لربها بذلك رجاء لبركة محبة زوجها لها .

(2) وسيأتي تتمة لهاتين النصيحتين ، والمراد الظهور لعينه بأجمل صورة ، وأن لا يشم منك إلا أجمل ريح،
وذكرت الكحل فهو من أجمل ما تره العين في المرأة ،
وذكرت الماء فهو أطيب الموجود أي بمداومة الاغتسال به والتطهر حتى لا يشم منها رائحة كريهة .

(3) وتقدم تفسير هذين الخُلُقين العظيم ، وهو حفظ المال ورعاية العيال ، وذكرَت أن طريقة حفظ المال هي حسن التقدير فلا تبذر ولا تسرف ،
وطريقة رعاية العيال حسن التدبير بجميل التربية والتأديب والحفظ والقيام بشؤونهم .

(4) أي أن جوع الرجل يلهب أحشاءه وأعصابه وربما تعدى ذلك إلى الخطأ على زوجته ،
وكذا في حال نومه وهدوئه فتكديره مسبب للغضب ،
فتبادر العاقلة بالطعام لزوجها، وبحفظه حين نومه وإبعاد مسببات الإزعاج عنه .

(1) وهذا من خير ما يوصى به من كتمان السر ،
وتقدم ذكر ذم البوح بأسرار البيت ومن مخاطر ذلك التسبب في مقابلة الزوج للغدر بالغدر ! ،
والجزاء من جنس العمل ،
وكذا عصيان أمر الزوج يسبب غور صدره على زوجته وكرهه لها .

(2) " العقد الفريد " [ 6/83 ] و " محاضرات الأدباء " [ 1/415 ] .
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 08-28-2012, 07:11 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

النصيحة الثالثة عشرة
قد تَكونُ الغيرةُ عادَةً شريرةً
لا يفوت عن علمكِ – رعاك الله – أن من الغيرة ما هو محمود، ومنها ما هو مذموم،
والمحمود منها ما هو واجب، ومنها ما هو مباح،
ومثل الواجب الغيرة على حرمات الله تعالى، وهذا ما يغار عنده الله تعالى، ويغار عنده رسولُه صل الله عليه وسلم والمؤمنون، قال النبي صل الله عليه وسلم :
( والله ما من أحد أغير من الله أن يزنى عبده أو تزني أمته ) الحديث، متفق عليه .
وعندهما عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
( لا أحد أغير من الله ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) الحديث.
وعن عقبة بن عامر الجهنيى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
( غيرتان إحداهما يحبها الله عز وجل والأخرى يبغضها الله : الغيرة في الريبة يحبها الله، والغيرة في غير ريبة يبغضها الله )
الحديث رواه أحمد والطبراني، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" : رجاله ثقات.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
( الغيرة غيرتان غيرة حسنة جميلة يصلح الرجل بها أهله وغيرة تدخله النار ) رواه الضياء في " المختارة " .
والغيرة المباحة : محبة كسب الخير من غير تمنٍّ لزواله عن الغير أو كراهة لنزوله عليه.
فمسارعة الزوجة إلى ما يحب زوجها، وتمنيها أن يكون خيره من نصيبها من الغيرة المباحة من غير إضرار بالغير،
وقد جُبلَ – بنات جنسك - النساءُ على الغيرة،
ولو سلِم أحدٌ من نساء العالمين من الغيرة لصان الله منها نساء المصطفى صل الله عليه وسلم ومع ذلك فقد نقلت عنهن أخبارٌ عجيبة من الغيرة الشديدة عليه صل الله عليه وسلم،
وكل واحدة منهن تسعى إلى أن تكون أفضل أزواجه، ولكن حاشاهن من الظلم والتجني على الغير، بل كانت غيرتهن دليلاً على عظم محبتهن للنبي صل الله عليه وسلم،
وعلى كرم خلقه صل الله عليه وسلم الذي جعل تلك النساء مع كثرتهن يتسابقن إلى حبه والقرب منه،
وإنما المذموم من الغيرة هو ما يصل إلى صورٍ منها:
[ 1 ] الافتراء على الغير وغيبته .
فهذه غيرةٌ فتاكة، أوقعت في الظلم والتجني، والمكر السيئ لا يحيق إلا بأهله ، والظلم ظلمات يوم القيامة ،
والله تعالى يقول : ( ولا تحسبن الله غافلاً عما يفعل الظالمون ) ،
والأدلة في الترهيب من الظلم كثيرة جداً ، وكذا ذكر أختها بما تكره من وصف ، فهذا من الغيبة التي حذر منها النبي صل الله عليه وسلم ،
وقد استعظم النبي صل الله عليه وسلم مقالة ربما قالت المرأة اليوم في صاحبتها أكبر منها ،
فروى أبو داود والترمذي عن عائشة رضي الله عنها : قالت : قلتُ :
( يا رسول الله حَسْبُكَ من صفيّةَ قِصَرها ، قال : لقد قلتِ كلمة لو مُزِجَ بها البحر لَمَزَجَتْهُ).
فقط!؛
قالت عن زوجته الأخرى : قصيرة! في سياق الذم والعيب ! ،
فاستعظم النبي صل الله عليه وسلم جرم هذه الكلمة بأنها من سوئها لو مزجت بماء البحر لغيرته!.
فكيف بتفكّه عمومِ النِّساء بأعراضِ النساء ؟! ،
والله المستعان .
فإياكِ أن تحملك الغيرة على تنقّص الأخريات خاصة إن كنّ من زوجاته أو أخواته أو أمه ، فإن هذا من أعظم أسباب مقت الله ، ومقت الزوج .
[ 2 ] سؤاله طلاق ضرتها .
فهذا أيضاً فرع من الظلم ، وقد ورد بخصوصه الترهيب على لسان النبي صل الله عليه وسلم ،
فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال:
( لا يَحِلُّ لامرأة أن تسألَ طلاقَ أُختها لِتَسْتَفْرغَ صَحْفَتها ، ولَتْنكِح ، فإنما لها ما قُدِّر لها ) .
فلها ما قدّر لها من النفقة والمبيت والمحبة وحسن العشرة ،
فالحذر الحذر من جموح الغيرة إلى طلب طلاق زوجته إن كان متزوجاً .
[ 3 ] الشك في الزوج والتجسس عليه .
وهذه آفة خطّافة حملت الكثير من النساء على التجسس على الأزواج بوسائل عدة من أنواع التجسس والبحث عن الأسرار، وقد قال النبي صل الله عليه وسلم:
(إِيَّاكُم والظَّنَّ ، فإنَّ الظنَّ أكذبُ الحديثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجسَّسُوا، ولا تَنَافسُوا، ولا تحاسَدُوا، ولا تَبَاغضُوا، ولا تَدَابَروا، وكُونوا عبادَ اللهِ إِخوانا كما أمرَكُم، المسلم أخو المسلم، لا يظلِمُهُ، ولا يَخْذُلُهُ،
ولا يَحْقِرُهُ، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا، التقوى هاهنا - ويشير إِلى صدره - بِحَسْب امرئ من الشَّرِّ أن يَحْقِر أخاه المسلمَ، كلُّ المسلمِ على المسلم حَرَام:
دمُهُ، وعِرْضُهُ، ومَالُهُ، إِن الله لا ينظر إِلى أجسادكم، ولا إِلى صُوَرِكم، ولكن ينظر إِلى قلوبكم وأَعمالكم ) متفق عليه .
وهذا الحديث جامع شامل لما يجب أن تتفطن له المرأة ،
وفيه من قواعد العشرة الكثير، خاصة لمن تزوج أكثر من امرأة من الحذر من التحاسد والتباغض والتدابر والظلم والخذلان والاحتقار، والتجني على المال والعرض والدم،
وفيه الحث على الإخوة والتحابب، ومحل الشاهد منه النهي عن التجسس، وعاقبته وخيمة في حال انكشاف أمره للزوج، بل انتهى في غير واقعة إلى الطلاق والافتراق.
قال أبو الأسود لابنته :
[ 1 ] إياك والغيرة ، فإنها مفتاح الطلاق .
[ 2 ] وامسكي عليه الفضلين : فضل النكاح وفضل الكلام .
[ 3 ] وكوني كما قيل:
خذي العفو مني تستديمي مودتي
ولا تنطقي في سورتي حين أغضب(1)

وفي " الأغاني "(2) عنه أنه قال لابنته ليلة البناء :
أي بنية ، النساء كن بوصيتك وتأديبك أحق مني، ولكن لا بد مما لا بد منه.
يا بنية : إن أطيب الطيب الماء ، وأحسن الحسن الدهن، وأحلى الحلاوة الكحل.
يا بنية : لا تكثري مباشرة زوجك فيملك ، ولا تباعدي عنه فيجفوك ويعتلي عليك ، وكوني كما قلت لأمك:
خذي العفو مني تستديمي مودتي
ولا تنطقي في سورتي حين أغضب
قلت : ثم يجدر التنبيه أن المحبة أضرب وأنواع، فليس كلّ حبٍ يكون للزوجة من زوجها، فحب البرّ والصلة للأم وأولي الأرحام،
وحب العطف والرعاية لسائر العيال، وحب الصداقة والصحبة للإخوان والأصدقاء، وحب الألفة والمودة هذا هو نصيبك من حب الزوج.
فلا تخلطي بين أنواع المحبة فتدخلي في طريقٍ غير طريقك، وتطالبي بحقٍ ليس هو من خاصة حقوقك.
فلا يحملك حب الزوج لأمه وأخته وولده وصديقه على فرط الغيرة ، وتنغيص محبته لمن يحب .

(1) " محاضرات الأدباء " [ 1/415 ] ، ونسب الجاحظ في " البيان والتبيين " نحوه لعبدالله بن جعفر ، وفي " جمهرة خطب العرب " ( 2/507 ) نسب القصة إلى أسماء بن خارجة .

(2)" الأغاني " ( 5 / 317) .
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 08-29-2012, 03:58 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

النصيحة الرابعة عشرة
الصبر مفتاح الفرج
و( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ )[الزمر:10]،
فما أُعطيَ ابنُ آدم سجيةً من السجايا أتم ولا أكمل من الصبر، وعليه قوام الدين كله،
سمعت شيخي شيخ الإسلام عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى يقول في قوله تعالى:
( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) .
قال رحمه الله :
( العمل الصالح من الإيمان ولكن الله أفرده لأهميته ، والتواصي بالحق من العمل الصالح ولكن الله أفرده لأهميته ،
والتواصي بالصبر من الحق ولكن الله أفرده لأهميته ،
فدل ذلك على أن ملاك الأمر في الصبر فمن لا صبر عنده لا يؤمن الإيمان الحق ، ولا يعمل الصالحات ، ولا يدعو إلى الله تعالى )(1) .
( فالصبر ضياء ) لحياتك ، وسلوان لما لهمومك وكرباتك، فأنت قد انتقلتِ من بيتٍ حملك على غيرك، وستنتقلين إلى بيتٍ حمله عليك :
فالزوج حمل يحتاج إلى صبر .
والبيت حمل يحتاج إلى صبر .
والأولاد حمل يحتاج إلى صبر .
فأعانك الله تعالى، ومنحك الصبر، فأنت على خير، ورباط طاعة لله ولرسوله صل الله عليه وسلم،
فلا ينفرد بك النصّبُ من غير احتساب الأجر عند الله.
ثم يجدر التنبيه إلى : أنك تحتاجين إلى الصبر مع كلّ حملٍ بمفرده، فإياك وإياك أن تتراكب الأحمال عليك!،
وتزيد المشقة على عاتقيك،
فيطفح الكيل، وتنادين على نفسك بالويل، فعليك بضبط هذه الأحمال بأمرين مهمين :
الأول : ترتيبها .
الثاني : تجزئتها .
أما الترتيب : فحسن إدارتك للوقت من أهم المهمات، ومن أحسن الطرق لاستغلال الأوقات،
فمن ضعف دراية بعض النساء على سبيل المثال: أن يجتمع عليها في الحين والواحد: طبخُ الطعام مع غسل الثياب مع خدمة الزوج مع رعاية الأولاد !! .
فتراها في حيص بيص -كما يقال- تنتقل من مكان إلى مكان، والطعام يحترق، والغسيل يهمل، والطفل يصيح،
والزوج ينادي،
وهذه سهام لو سُلطت على أعقل الناس لانفجر من رأسه بركان!، وحلّ من تحت أقدام صبره الزلزال .
فما لكِ ولهذا التراكم في الأعمال ، فكوني مديرة لوقتكِ أتم الإدارة،
وقدّمِي حق الزوج أولاً، ثم هيئي الأطفال ثانياً، وأشغليهم بما يلهيهم عنكِ في محلٍّ آمن، واجعلي للغسيل وقتاً، وللطبخ وقتاً، ولتنظيف البيت وقتاً، وأعطي كلّ ذي حقٍ حقه.
وليكن الترتيب على حسب الأولوية، وهي موكولة بحسب المقام بين أصحاب الحقوق الزوجية من الزوج والأولاد والبيت، وحقوق النفس، وبقية حقوق الآخرين المستحقة.
وأما التجزئة : فمن الأعمالِ ما لا يُستطاع أن ينجز مرة واحدة، ولو أردتِ إنجازه مرة واحدة لتسبب في تفويت حق الغير من الزوج والأولاد والبيت وغير ذلك،
وعليه فقد تضطرين في بعض الأحيان أن تجزئي العمل الواحد إلى عدة أجزاء في اليوم أو الأسبوع أو الشهر،
فلا تضغطي على نفسك بإشغال الوقت في عملٍ واحد لجهة واحدة،
فإن عامة ما يحتج به الأزواج من انشغال الأزواج عنهم يرجع إلى تقصير المرأة في تجزئة وقتها، وترتيب أعمالها.
إذا أدركتِ ذلك فالعذر مقطوع بتعلل الكثير من النساء في تقصيرهن مع الأزواج بكثرة الأولاد أو ارتباطها بالوظيفة، أو كِبر البيت،
ونحو ذلك فتقصر في حق زوجها!، فهذه الأمور وإن قيل بأنها – ولا بدّ – تأخذ من الجهد وقتاً، إلا أن ترتيب الوقت وتجزئته تحل الإشكال ولا تحرم الزوج من كامل حقه أو أكثره على أقل تقدير.
وقفة مهمة : ومن الصبر – على مرارته – الصبر على الزوج الظالم، فقد تبتلى المرأة بهذا النوع، على صنوف أنواع الظلم من: ضرب، وإهانة، وسلب مال، وجور في القسمة بين النساء، وغير ذلك(1) ،
فما عليها إلا الصبر إن لم يصل الأمر إلى حدٍّ تتعذر المعيشة عنده، ومفاسده لا تنقضي، فليس محتماً عليها أن ترضى بحال الهوان، ولا بحياة الخذلان، والله يغني كلاً منهما من سعته.
ولكن: نصحي يتجه إلى من حصل من زوجها بعض أنواع الظلم فإني أوصيها بالصبر، فلا غرابة أن يُبتلى المسلم بأقرب الناس إليه كأب أو أخ أو ابنٍ أو زوجٍ أو زوجة!،
وهذه سنة الأنبياء والمرسلين وسادات العالمين، وفي آدم وبنيه آية، وفي إبراهيم وأبيه عبرة، وفي نوحٍ وابنه موعظة، وفي آسية زوجة فرعون وزوجها خير برهان،
وفي نبينا محمد صل الله عليه وسلم وقومه تهيئة وسلوان، فلا تعجبي من فساد حال أقرب الناس إليك،
فلك خير سلف من خير الخلق،
فما عليك إلا ما تواصوا به من الصبر والاحتساب،
كما قال موسى عليه السلام وهو يرد على قومه عندما بثوا إليه شكواهم ومبلغ ما حلّ بهم من بلاء من فرعون وقومه فقال:
(قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) [الأعراف:128 ] .
فاصبري على أذى الزوج وخطئه، والعاقبة للصابرين حسنة بإذن الله عز وجل.
وإني عندما أنصح بالصبر لا أنصح بالصبر المصحوب بالعجز، وإنما أنصح بالصبر المحفوف بالكَيْسِ والعزيمة،
والجد على الإصلاح، والمثابرة على التصحيح،
كما كان الأنبياء يصبرون على أذى أقوامهم من جانب، ويبلغون ما أنزل الله تعالى من جانب آخر،
فهذا إبراهيم عليه السلام يكرر على أبيه بأحسن خطاب وأجمل الألقاب : يا أبتِ، يا أبتِ خمس مرات ، فلم يملَّ ولم يكلَّ .
وهذا نبينا محمد صل الله عليه وسلم يكرر على قومه الدعوة،
ويكرر على عمّه أبي طالب الدعوة: يا عم قل لا إله إلا الله ، أكثر من مرة .
وعلى الغلام اليهودي : يا غلام قل لا إله إلا الله ، أكثر من مرة .
كل ذلك من الحرص على هدايته، فكذلك كوني، فاجتهدي في تعديل ما عنده من خطأ بقدر المستطاع بوسائل عدة سبق ذكر بعضها، ولا تملي ولا تعجزي.

(1)وهذه الدرة الثمينة أنقلها سماعاً من شيخنا رحمه الله تعالى ،
وهي فائدة من بين أكثر من ألف فائدة سجلتها عن شيخنا رحمه الله تعالى بسؤالاتي ومسموعاتي منه رحمه الله ، ودونتها في كتابي
" الإيجاز بفوائد وفرائد وفتاوى الإمام ابن باز " يسر الله نشره .

(1) ذكرت في كتابي " بيوت ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب " يسر الله طباعته : صنوفاً من الحرائق الأسرية !
التي عصفت ببيوت بعض المسلمين على وجه الإجمال لا على وجه التفصيل وسرد القصص، لأن البيوت أسرار ، وبث بعض الأمور قد يفتح أبواب الشرور ،
أقول هذا تنبيها على ما يصدر من أقلام وأفواه بعض الفضلاء من ذكر بعض الفضائح الأسرية أو الفردية في الأشرطة أو الكتب بقصد التحذير من خلق مذموم
وما علموا بأنهم قد فتحوا أبواب الشرور على فئام من الخلق لم يكونوا عرفوا هذه الأمور من قبل ، ولهذا فإن التحذير من مساوئ الأخلاق جاء في الوحيين غالباً على وجه الإجمال لا على وجه التفصيل ،
فلا يليق بالداعي إلى الخير أن يذكر تفاصيل فاحشة أو قتل أو خيانة يسمعها من يعقل ومن لا يعقل ، وإنما يُكتفى بالألفاظ المجملة ، فلينتبه .
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 08-29-2012, 04:05 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

النصيحة الخامسة عشرة
الدعاءُ سلاح المؤمن
مخ العبادة الدعاء، وصلة العبد بربه الدعاء، به يكشف الله الضر، ويجيب دعوة المضطرين، ويبدل الأحوال، ويصلح المآل،
فلا ينقطع اتصالك بالله تعالى بالدعاء بصلاح الحال، وتحقيق الطلبات، وتفريج الكربات.
فلا تغفلي أن يكون لك نصيبٌ من دعاء المتقين من قبل كقولهم :
( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً )[الفرقان:74].
فصلاح الزوج والذرية منّةٌ وهبةٌ من الله تعالى يكرم بها من يشاء ويصرفها عمن يشاء، فكم من زوجة تبتلى بزوج لا يرقب الله تعالى فيها،
كما كان شأن التقية الصالحة زوجة فرعون !،
التي قال الله تعالى عنها : ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [التحريم:11].
فعليكِ بالدعاء الدائم لهم بما فيه صلاح الدين والدنيا والآخرة، واقتنصي مواطن الإجابة كحال السجود، وأدبار الصلوات، وآخر الليل، وحين نزول المطر، وفي السفر، ونحو ذلك .
وليكن دعاؤك دعاء الواثق بالإجابة من الله تعالى، ولا يدخل في قلبك اليأس.
ورحمة الله قريب من المحسنين، فلا تتعاظمي شيئاً على الله، وهو على كلّ شيءٍ قدير، فبالدعاء الصادق يغير الله من حالٍ إلى حال، ويصلح النفس والزوج والعيال.
فهذا أبو هريرة رضي الله عنه صاحب رسول الله صل الله عليه وسلم يقول :
كنتُ أدعو أمّي إِلى الإِسلام ، وهي مشركة ، فدعوتُها يوما ، فأَسَمَّعَتْني في رسول الله صل الله عليه وسلم ما أكره ، فأتيتُ رسولَ الله صل الله عليه وسلم وأنا أبكي،
فقلتُ : يا رسول الله ، إِني كنت أدعو أمي إِلى الإِسلام ، فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ، فادع الله تعالى أن يهدي أم أبي هريرة .
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم :
( اللهم اهدِ أمَّ أبي هريرة )، فخرجتُ مُستبشرا بدعوة النبي، فلما جئت فصرتُ إِلى الباب وقَرُبْتُ منه، فإِذا هو مُجاف، فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَميَّ،
فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعتُ خَضْخَضة الماء، فاغْتَسَلتْ ولبسَتْ درعها، وعجِلَتْ عن خمارها، ففتحت الباب،
ثم قالت: يا أبا هريرة، أشهد أن لا إِله إِلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
قال : فرجعتُ إِلى رسول الله صل الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح،
فقلت: يا رسول الله، أبشر فقد استجاب الله دعوتك، وهدى أم أبي هريرة، فحمد الله وقال خيرا، قال: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يُحبِّبَنِي أنا وأمي إِلى عباده المؤمنين، ويحببهم إِلينا،
فقال رسولُ الله صل الله عليه وسلم:
( اللهم حبّبْ عُبيدك هذا - يعني أبا هريرة- وأمه إِلى عبادك المؤمنين ، وحبّبْ إِليهما المؤمنين )(1) .
فما خَلْق من مؤمن يسمع بي ، ولا يراني إِلا أحبّنِي . أخرجه مسلم.
بل بالدعاء يهدي الله تعالى الفئام من الناس ولو كثروا.
روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء الطُّفَيلُ بن عَمْرو الدَّوْسي إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ،
فقال : إنَّ دَوْسا قد هَلَكَتْ ، عَصَتْ وأبَتْ، فادْعُ الله عليهم، فَظَنَّ الناسُ أنه يدعو عليهم،
فقال : ( اللهمَّ اهْدِ دَوْسا ، وائْتِ بهم ) .
جاء في رواية جاء في المدينة ثمانين بيتاً من بيوت الدوسيين.
فتأملي – أختي رعاك الله – كيف هو مفعول الدعاء الصادق بهداية من نحب من الآباء والأمهات والأزواج والزوجات والأبناء والبنات،
فما على المحب الصادق إلا أن يجتهد في الدعاء لله تعالى بأن يهدي من يحب.
والله تعالى يقول في الحديث القدسي الطويل :
( يا عبادي، كُلُّكم ضالّ إلا مَنْ هَدَيتُه ، فاسْتَهدُوني أهْدِكم ) رواه مسلم .
فاجتهدي في الدعاء الصادق من قلبك بصلاح حال الأسرة : الزوج، والأولاد،
وقولي كما قال إبراهيم عليه السلام : ( رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء ) [إبراهيم:40] .
وقولي :( رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) [الأحقاف:15].
وقولي : (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء) [آل عمران:38] .
واعملي بوصية النبي صل الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنه عندما قال لها :
( ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به أن تقولي إذا أصبحت وإذا أمسيت يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ) .
فما ظنّك إن أصلح الله لكِ شأنك كله؟! .
فستنْعَمِينَ بحياةٍ أسريةٍ هنيئةٍ طيبةٍ مع زوجك وأولادك وجيرانك.

(1) وأشهد الله على حبّ أبي هريرة وأمّ أبي هريرة وسائر صحابة الرسول صل الله عليه وسلم .
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator


الساعة الآن 07:51 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.