انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المجتمع المسلم ::. > واحــة الأســـرة المسلمــة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-25-2010, 08:29 AM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




Tamayoz حلاوة وصعوبة الاختيار

 

حلاوة وصعوبة الاختيار




حلم كل شاب فتاةٌ تملك عليه لبّه، تغذي فضوله ويسكن إليها، تشاركه همومَه وتسانده في آلامه، وتحلق معه في أحلامه.
وحلم كل فتاة شابٌ يملأ عليها وجدانها وكيانها، تستند إليه إن جار الزمان، وتتفاخر به إن جادت الأيام، ويكون منه الولد فيتم الله لها نعمة الأمومة.
ولقد عبر القرآن الكريم عن الحاجة الماسَّة لكلا الطرفين بأن وصف كل واحد منهما أنَّه غطاء ولباس للآخر:
{أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِّيَامِ الرَّفثُ إِلَى نِسَآئِكُم هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُم وَأَنتُم لِبَاسٌ لَّهُنَّ..... } الآية (البقرة:187).
وهذا الاحتياج احتياج جميل يشعر به الطرفان، فيشعران بحلاوته ويتعرضان له كثيراً و يتداولانه في سهراتهم ويتناولانه وكأنّه فاكهة من فواكه الحديث التي لا تملّ.
ومع هذه الحلاوة لسنة الزواج وهذا الجمال الذي تكتسيه، فإنَّ الإنسان ما إن يصل إلى قرار اختيار شريكه حتى يجد في ذلك صعوبة كبيرة ومشقة بالغة وأسئلة كثيرة.
فيسأل الشاب نفسه أسئلة كثيرة...
هل هذه هي الفتاة التي ستملأ بيتي سعادةً وهناء وحباً وصفاء؟
أم هي كباقي النساء اللواتي لا يعرفن أصول الحياة الزوجية ودقائقها، وهل أحسنت الاختيار في اتخاذ القرار أم أنني جانبت الصواب؟
وتسأل الفتاة نفسها أسئلة كثيرة...
هل هذا هو فارس الأحلام الذي أنتظر؟ وهل هو الركن الشديد الذي آوي إليه؟ وهل هو عماد البيت السعيد والعيش الرغيد؟
أم هو كباقي الرجال يريد زوجة فحسب، ولا يلتفت إلى شعور زوجته ولا إلى اهتماماتها، فهو لم يقرأ ولو مرة واحدة كيف تبنى الأسرة وكيف تشاد المودة بين الزوجين.
وتتوارد الأسئلة على الطرفين من أنفسهما تارة ومن الأطراف المحيطة تارة أخرى، حتى إنَّ بعض النّاس يفضلون إنهاء فترة الخطبة بسرعة جراء كثرة التدخلات والاقتراحات والتعريضات.
والإسلام حدد الحد الأدنى من الصفات التي ينبغي أن يتصف بها كلا الزوجين من خلال كثير من الأحاديث والآيات.


1- الحد الأدنى من الصفات المقبولة في الزوج:

• الرجل الصالح:
قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُم وَالصَّالِحِينَ مِن عِبَادِكُم وَإِمَائِكُم إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (النور:32). قال القرطبي: الصلاح في هذه الآية هو الإيمان.

• الدين والخلق:
عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"إِذَا خَطَبَ إِلَيكُم مَن تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلا تَفعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ" (جامع الترمذي وحسنه الألباني).
ومعنى الدين في الحديث: ديانة الرجل أي تمسكه بأمور دينه، وخلقه: أي معاشرته.
وفي هذا الحديث لطيفة مهمة وهي أنَّه صلى الله عليه وسلم قرن بين الدين والخلق، لأنَّ بعض الناس من أولياء الفتاة ينظرون غالباً بعين واحدة هي عين الدين أو عين الخلق، فلا بد من اجتماعهما حتى يحقق الرجل الحد الأدنى من الصفات المقبولة للزواج، لأنَّ الدين بلا خلق كالجسد العاري والخلق بلا دين كالجسد الأجوف.
نظرة عوراء: إنَّ الخطأ الذي يرتكبه كثير من الآباء والأولياء هو النظرة العوراء لمن أراد أن يخطب ابنتهم، فقد ينظرون إلى تمسكه بدينه دون النظر إلى معاملاته وأخلاقه، وقد ينبهرون بدماثته ولسانه المعسول دون النظر إلى دينه، فإذا بهم بعد ذلك يعضون أصابعهم ندامة.

• الباءة:
فعَن عَبدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قالَ: قالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "يَا مَعشَرَ الشَّبَابِ مَن استَطَاعَ مِنكُم البَاءَةَ فَليَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلفَرْجِ وَمَن لَم يَستَطِعْ فعلَيهِ بِالصَّومِ فإِنَّهُ لهُ وِجَاءٌ" (متفق عليه).
ومعنى الباءة: القدرة على النكاح والقدرة على مؤنة النكاح، ويدخل ضمن الباءة أن يكون له كسب أو أنّه قادر على الكسب، فمن كان غير قادر على النكاح ولا على مؤنته، وغير قادر على الكسب أو ليس له كسب أصلاً، فإنّه لا يتحقق فيه الحد الأدنى من الصفات المقبولة التي حددها الإسلام للشاب المقدم على الزواج.

• السلامة من العيوب المنفرة والأمراض المخيفة والمعدية:
يتكلم الفقهاء عادة عن حق الزوجين في أن يطلب الواحد منهما الطلاق إذا ثبت أنّ شريكه قد أصيب بمرض مزمن أو عيب منفر.
وعلى هذا فإنّ أحد الخاطِبَين إذا وجد أو اكتشف في الطرف الآخر شيئاً من العيوب المنفرة أو الأمراض المعدية، فإنّ الإسلام يوجهه إلى عدم الإقدام على الزواج، وإقدامه على الزواج هو دلالة على الرضا، فإذا علمت الزوجة بِعلَّة زوجها قبل العقد أو رضيت بها بمجرد علمها بعد العقد، فإنّ الرضا يعتبر إسقاطاً لحقها في طلب التفريق.
ومن الملاحظ أنَّ الفقر وقلة ذات اليد لا تدخل في الحدود الدنيا لصفات المقدمين على الزواج باستثناء ما ذكر من الباءة، وذلك للأسباب التالية:
• أنّ مسألة الرزق بيد الله سبحانه وتعالى.
• أنّ الزواج سبب للرزق، والدليل قوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُم وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُم وَإِمَائِكُم إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (النور:32).
وحديث الترمذي عَن أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثلاثَةٌ حقٌّ علَى اللَّهِ عَونهُمْ: المُجَاهدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يرِيدُ الأَداءَ والنَّاكِحُ الذِي يُرِيدُ العَفَافَ" (قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وحسنه الألباني).

2- الحد الأدنى من الصفات المقبولة في الزوجة:

• الصلاح: أي الإيمان.
• الدين: وهو مقدار تمسكها بدينها.
فعَن أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تُنكَحُ المَرْأَةُ لأَربَعٍ لِمالِهَا ولِحَسبِهَا وجَمالِهَا ولِدِينهَا فاظفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ ترِبَتْ يَدَاكَ" (متفق عليه، واللفظ للبخاري، وفي رواية مسلم: ولجمالها).
فهمٌ خاطئ: يفهم بعض المسلمين من هذا الحديث أنَّ المسلم ما ينبغي له أن يبحث عن الجميلة أو ذات الحسب أو ذات المال، وهذا فهم خاطئ تداركه ابن حجر رحمه الله تعالى بأنَّ المعنى أنَّه لو تعارضت الصفات مع بعضها فإنَّه ينبغي أن تُقدّم ذات الدين، وأمّا إذا لم تتعارض فيستحب الجمع بين هذه الصفات, قال في فتح الباري وهو يشرح هذا الحديث: «ويؤخذ منه أنَّ الشريف النّسيب يستحب له أن يتزوج نسيبة إلاَّ إن تعارض نسيبة غير ديِّنة وغير نسيبة ديِّنة فتقدَّم ذات الدين، وهكذا في كل الصفات...
قوله: (وجمالها) يؤخذ منه استحباب تزوج الجميلة إلاّ إن تعارض الجميلة غير الديِّنة وغير الجميلة الديِّنة، نعم لو تساوتا في الدين فالجميلة أولى» (فتح الباري 14/330).

• السلامة من العيوب المنفرة والأمراض المخيفة والمعدية:
انظر ما ذكر في سلامة الزوج من العيوب والأمراض.
إضاءة: إنّ إجراء الفحوص الطبية قبل عقد الزواج ليست مسألة شكلية أو روتينية، بل هي مسألة من صميم فقه الأسرة المسلمة التي تكشف أمام الزوجين المعالم الصحيحة لأسرة سعيدة.
إلقاء الحمل الثقيل: ومع كل ذلك يبقى القرار صعباً، وغالباً ما ترى المتزوجين وأهليهم يرغبون بمن يحمل عنهم قرار الإحجام أو الإقدام، ونتيجة لذلك يقعون فريسة سهلة بأيدي الدجالين والمشعوذين وقارئي الأكف والأبراج، وهذا مما لا يرضاه الشرع، حتى إذا حدث خلل ما حملوا من نصحهم بالزواج المسؤولية.
والحقيقة أنّ الطرفان يريدان من يرجح لهما قرارهما، والدليل على ذلك أنّ الطرفان لو اقتنعا ببعضهما ثم جاء من يقول لهما إنَّ صلاة الاستخارة تمنعكما من الإقدام على الزواج لما رأيت أحداً يأبه لذلك بل إنِّه يقول إنَّ صلاة الاستخارة لم يتحقق مقصدها...
إنَّ صلاة الاستخارة هي المرحلة النهائية في قرار الاختيار، والمرحلة الأولى في قرار الإقدام على الزواج، وذلك بعد السؤال والتمحيص ومقارنة الايجابيات بالسلبيات، ومن الضروري أن نؤكد هنا أنَّ صلاة الاستخارة عبادة شخصية وأنِّه لا علاقة لها بالرؤى.
ارتقاء الصفات: هذه هي الحدود الدنيا التي وضعها الإسلام للمقدمين على الزواج وهو بذلك عبَّد الأرضية ووضع لبنات الاتفاق الأولى التي يمكن لكلا الزوجين أن يسيرا عليها ويحققا انسجاماً فيما بينهما.
ولكن الإسلام ترك الباب مفتوحاً أمام الطرفين لاختيار ما يناسبهما ويحلو لهما من صفات راقية وميزات سامية في الشاب أو الفتاة، وهذا من حرية الحركة التي تركها الإسلام في سلم تطور المجتمعات، كأن تحب الفتاة بأن يكون زوجها متعلماً أو تاجراً أو غير ذلك، وهذا ليس عيباً، وكأن يحب الشاب في الفتاة كونها متعلمة أو تملك حرفة شريفة (كالخياطة مثلاً)، والإسلام فتح الباب لذلك شريطة أن لا يتعارض مع الصفات الأساسية، قال ابن حجر رحمه الله تعالى: «ويلتحق بالحسنة الذات الحسنة الصفات، ومن ذلك أن تكون خفيفة الصداق» (فتح الباري 14/330).
ومن هذه الصفات:
• أن تكون متعلمة.
• أن تكون صاحبة مهنة شريفة بشروطها الإسلامية
• أن تكون محبة للصمت أكثر من الكلام.
• أن تكون ذات قدرة عالية على إدارة شؤون البيت...
دنو الصفات: وقد يُغرَّر بالفتاة كما قد يُغرَّر بالشاب في بعض الصفات التي تشكل الحد الأدنى من الصفات المقبولة، وليس هذا معناه عدم المضي قدما في إتمام الزواج، ولكن دنو هذه الصفات قد يثمر مشاكلَ بدلا من السعادة وتعباً بدلاً من الراحة، فلا بد من تلافي هذه الصفات شيئا فشيئا من قبل الزوجين.
إضاءة: الفرق بيِّنٌ وشاسعٌ بين المتمسك بدينه وبين المتزمت.






التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"

التعديل الأخير تم بواسطة أم البراء ; 04-27-2010 الساعة 07:16 PM سبب آخر: تكبير الخط
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-25-2010, 08:30 AM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

ثمرات زواج الفتاة من الزوج الصالح ديناً وخلقاً

وهي الوصية التي أوصى بها خير البرية أمته حينما قال:
"... إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ" (1).
فماذا تجني الفتاة وماذا يجني أهلها من الزواج بالرجل الصالح؟
إن ثمرات مثل هذا الزواج المبارك عديدة لكن أوجز إليكم أهمها:

- أول تلك الثمرات: تحقيق الاستقرار الإيماني والعبادي للفتاة، وقد يشمل ذلك أهلها والأخذ بأيديهم إلى طريق الجنان والرضوان بكل لطف وأدب ومحبة، بعيداً عن التشنج والتصرفات الرعناء، لأنه يدرك أن زوجته هي من أقرب أهله إليه وأن الله جل وعلا قد نادى عباده المؤمنين بالنداء والوصية الخالدة التي قال فيها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]، يحبب إليها ربها من خلال تذكيره المستمر لها بنعمه عليهم وعطائه لهم، يحبب إليها رسولها من خلال تذكيرها بسيرته وما بذل في سبيل أن يصل إليها هذا الدين، فتؤمن به وكيف أن الله أنقذها من النار به، يحبب إليها شريعة ربها فيبين لها الحجاب وما يترتب عليه من فوائد لها ولمجتمعها، يبين لها أنه ما من أمر أمر الله به إلا وفي اتباعه الخير، وما من نهي نهانا الله عنه إلا وفي تركه الخير، يأخذ بيدها للترقي في سلم الرضوان، فيشجعها على حفظ كتاب الله وعلى تدارس سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويفقهها في دينها ويحثها على حضور مجالس الخير، فيكون بيتهم بيت عجيب لا تكاد تفارقه الملائكة، وما لها لا تفارقه وقد خلا من كل ما ينفر الملائكة من البيوت، فبيتهم قد خلا من الصور المعلقة ومن الموسيقى والغناء ومن فحش القنوات ومن رائحة التدخين العفنة، فلا تجد فيه إلا راكعاً أو ساجداً أو للقرآن تالياً أو لساناً لذكر الله مردداً ورائحة بخور الطيب تعبق فيه، بيت خلا من كلمات الفحش والبذاءة لتحل محلها كلمات الحب والأدب.

- ثاني تلك الثمرات: أن الفتاة تكسب زوجاً إذا دخل عليها دخل بساماً ضحاكاً، ليس عابساً ولا متجهماً لأنه يعرف أن تلك هي سنة قدوته صلى الله عليه وسلم الذي وصفته بها زوجه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بقولها: "كَانَ أَلْيَن النَّاس، وَأَكْرَم النَّاس، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ رِجَالكُمْ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ بَسَّامًا" (2) أي كثير التبسم.

- ثالث تلك الثمرات: أن الفتاة تكسب زوجاً لا يتركها وهم البيت والأولاد وحدها، بل يساعدها في شؤون المنزل بقدر ما يسمح له وقته، لأنه يعلم أن هذا دأب رسوله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري عَنْ الْأَسْوَدِ قَالَ: "سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ، قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ" (3).

- رابع تلك الثمرات: أن الفتاة باختيارها الزوج الصالح تكون بإذن الله قد وفقت في اختيار حياة صالحة مستقرة، لأن الشاب الصالح يجعل نصب عينيه وصية خير الورى له حينما أوصى الأمة بأجمعها فقال: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ" (4).
ولله در الحسن البصري حين سأله رجل فقال: «يخطب ابنتي الكثيرون فمن أزوجها؟ قال: زوجها ممن يتقي الله فيها فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها».

الزوج الصالح لا يبغض زوجته لأتفه الأسباب لأن رسوله وحبيبه أوصى فقال: "لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ" (5)، وهذا هو ذروة الاستقرار الأسري الذي تنشده الفتاة وينشده أهلها، فكم من أسرة كره فيها الزوج زوجته لأتفه الأسباب فانتهت حياتهم بالطلاق.

الزوج الصالح يكون شفوقاً عطوفاً على أهله لأن نصب عينيه قوله صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي" (6)...
ولا يتصور أحد بأن بيوت الصالحين هي بيوت جد وبكاء لا مجال فيها للعب ولا للضحك ولا للأنس، لا، فهذا خير من وطئ الثرى يسابق زوجته ولكن ليس على الكورنيش أو أمام الناس، لا، ولكن يسابقها في مكان خال لا يراهم فيه إلا الله فيعظم لهم الأجر والمثوبة ويرضى عنهم، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا "أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ قَالَتْ فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَيَّ فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي فَقَالَ: هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ" (7).

الرجل الصالح يقدر جانب محبة اللهو في امرأته لاسيما إن كانت صغيرة السن، لأن من هو خير منه وخير من البرية بأجمعها كان يستر زوجه عائشة رضي الله عنها وعن أبيها لتنظر إلى الحبشة وهم يلعبون، ولكن هل كان يتركها تنظر ذلك في مجامع الأسواق والمنتزهات العامة؟ هل كانت تنظر إليه وهي كاشفة وجهها متعطرة متزينة تزاحم الرجال بأكتافها؟ لا ولكن اسمعوا كيف كان ذلك: تقول أمنا أم المؤمنين: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَأَنَا جَارِيَةٌ فَاقْدِرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْعَرِبَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ" (8).

الرجل الصالح يعطي لزوجته وقتاً يجلس إليها فيه ويسمع منها، ولكم في قصته صلوات ربي وسلامه عليه مع السيدة عائشة رضي الله عنها وعن أبيها يوم أن جلس يستمع إليها وهي تقص عليه قصة أم زرع الطويلة نسبياً دون كلل أو ملل، ثم يختمها بكلمات تجعل الحب يتفجر أنهاراً في قلب زوجته.

الرجل الصالح يعرف معنى قوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228]، فتجده يسارع إلى أداء حقوق المرأة كما يطلب منها حقوقه، تجده يتزين ويتعطر ويهتم بمنظره وشكله كما يحب من زوجته أن تتزين و تتعطر له.

والثمرات التي تجنيها الفتاة من الزوج الصالح هي وأهلها أكثر من أن تحصى، {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: 32].
فاتقوا الله عباد الله، واحرصوا أن تنكحوا من تحت أيديكم من النساء إلى الصالحين من الرجال، فإن في ذلك سعادة لهن ولكم في الدنيا وفي الآخرة.

أيها الأحبة في الله، قد يقول قائل أننا نتحدث في الخيال بعيداً عن الواقع، فكم من فتيات تزوجن من رجال صالحين كان مصيرهن الطلاق، فأقول له يا أخي الحبيب لا بد وأن يكون في زماننا هذا من يجتهد أن يطبق شريعة الله وسنة رسوله في حياته، وقد يكونوا قلة ولكنهم موجودون، ثم إن الصلاح لا يعني عدم الطلاق، فقد وقع الطلاق من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم من خير القرون كما وصفهم بذلك من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وأقول مع الأسف أن من أكثر ما يفسد بيوت الصالحين في هذا الزمان استجابة الفتاة لضغوط والديها أو جاراتها أو زميلاتها أو المجتمع ممن ينظرون إلى الدين بأنه كبت وتعقيد وحرمان من بهجة الحياة، فتتمرد الفتاة مطالبة زوجها بالتخلي عن مبادئه والذوبان في مستنقع حياة جاهلية، فيكون الزوج بين خيارين: إما أن يضحي بمبادئه ودينه، وإما أن يضحي بها.

وفي المجتمع يوجد أزواج رضخوا لتلك الضغوط، واختاروا الفانية على الباقية فضحوا بمبادئهم، ولكن منهم من عرف أنه لن ينفعه غداً إلا ما يقدم من العمل فضحى بالمرأة، وفي المجتمع غيرها كثير، ثم يجب أن يعرف بأنه ليس كل من أطلق لحيته وقصر ثوبه يمثل الدين تمثيلاً حقيقياً، فمنهم الجاهل الذي لم يفقه دينه وسنة نبيه حق الفهم، ومنهم من التبست عليه الأمور في ظل الفتن العصرية المائجة فلم يعرف ما موقف الدين منها.. وهكذا فهم شريحة من شرائح المجتمع تحتوي على نماذج عديدة، لكن العاقل لا أظن إلا أنه يجزم بأن زواج الفتاة من صاحب الدين والخلق خير من زواجها من غيره، لأنه على الأقل لديه مبادئ وأسس يمكن في حالة الاختلاف الاحتكام معه إليها.

________________________________

(1) الترمذي، "كتاب النكاح"، حديث (1004).
(2) ابن حجر، "فتح الباري"، شرح الحديث (5579) "كان في مهنة أهله..".
(3) البخاري، "كتاب الآذان"، حديث (635).
(4) البخاري، كتاب "أحاديث الأنبياء"، حديث (3084).
(5) مسلم، "كتاب الرضاع"، حديث (2672).
(6) الترمذي، "كتاب المناقب"، حديث (3830).
(7) أبو داود، "الجهاد"، حديث (2214).
(8) مسلم، كتاب "صلاة العيدين"، حديث (1480).

التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-27-2010, 07:18 PM
أم البراء أم البراء غير متواجد حالياً
.:: لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ::.
 




افتراضي

جزاكِ الله خيراً أختى الحبيبة على مواضيعكِ القيمة
يُنقل لقسم الأسرة المسلمة
ويُرجى منكِ وضع المواضيع فى القسم المناسب لها..بارك الله فيكِ ونفع بكِ
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 04-28-2010, 06:01 AM
أم مُعاذ أم مُعاذ غير متواجد حالياً
لا تنسوني من الدعاء أن يرْزُقْنِي الله الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى وَحُسْنَ الخَاتِمَة
 




افتراضي

جزاكِ الله خيراً أختى على مواضيعكِ القيمة
التوقيع

توفيت امنا هجرة الي الله السلفية
اللهم اغفر لامتك هالة بنت يحيى اللهم ابدلها دارا خيرا من دارها واهلا خيرا من اهلها وادخلها الجنة واعذها من عذاب القبر ومن عذاب النار .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 04-28-2010, 01:04 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم البراء مشاهدة المشاركة
جزاكِ الله خيراً أختى الحبيبة على مواضيعكِ القيمة

ويُرجى منكِ وضع المواضيع فى القسم المناسب لها..بارك الله فيكِ ونفع بكِ

وخيــــــــــــــــــــرا جزاك حبيبتي ام البراء
ان شاء الله تعالي سيراعي ذلك مستقبلاااااااا
بـــــــــــــارك الله فيك
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 04-28-2010, 01:11 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم مُعاذ مشاهدة المشاركة
جزاكِ الله خيراً أختى على مواضيعكِ القيمة
وخيرا جزاك ونفع بكــــــ
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 04-28-2010, 07:37 PM
ام الفرسان السلفية ام الفرسان السلفية غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 04-28-2010, 07:49 PM
أم حفصة السلفية أم حفصة السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله تعالى وأسكنها الفردوس الأعلى
 




افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام الفرسان السلفية مشاهدة المشاركة

وخيــــــــــــــرا جزاك ونفع بك
التوقيع

اسألكم الدعاء لي بالشفاء التام الذي لا يُغادر سقما عاجلآ غير آجلا من حيث لا احتسب
...
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ
...
"حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله.انا الي ربنا راغبون"
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الاختيار, حلاوة, وصعوبة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 07:12 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.