انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات الشرعية ::. > ملتقيات علوم الغاية > الفقه والأحكــام

الفقه والأحكــام يُعنى بنشرِ الأبحاثِ الفقهيةِ والفتاوى الشرعيةِ الموثقة عن علماء أهل السُنةِ المُعتبرين.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-19-2010, 02:04 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




Tamayoz اكبر موسوعة أحكام هامة وفتاوى متعلقة بالحيض والنفاس للشيخ ابن العثيمين

 

</B>

من أحكام الحيض في الصلاة والصيام

س 1: إذا طهرت المرأة بعد الفجر مباشرة هل تمسك وتصوم هذا اليوم؟ ويكون يومها لها، أم عليها قضاء ذلك اليوم؟


جـ: إذا طهرت المرأة بعد طلوع الفجر فللعلماء في إمساكها ذلك اليوم قولان:
القول الأول: إنه يلزمها الإمساك بقية ذلك اليوم ولكنه لا يحسب لها بل يجب عليها القضاء، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ.
والقول الثاني: إنه لا يلزمها أن تمسك بقية ذلك اليوم؛ ْلأنه يوم لا يصح صومها فيه لكونها في أوله حائضة ليست من أهل الصيام، وإذا لم يصح لم يبق للإمساك فائدة، وهذا الزمن زمن غير محترم بالنسبة لها؛ لأنها مأمورة بفطره في أول النهار، بل محرم عليها صومه في أول النهار، والصوم الشرعي هو: «الإمساك عن المفطرات تعبداً لله عز وجل من طلوع الفجر إلى غروب الشمس» وهذا القول كما تراه أرجح من القول بلزوم الإمساك، وعلى كلا القولين يلزمها قضاء هذا اليوم.


س 2: هذا السائل يقول: إذا طهرت الحائض واغتسلت بعد صلاة الفجر وصلت وكملت صوم يومها، فهل يجب عليها قضاؤه؟

جـ: إذا طهرت الحائض قبل طلوع الفجر ولو بدقيقة واحدة ولكن تيقنت الطهر فإنه إذا كان في رمضان فإنه يلزمها الصوم ويكون صومها ذلك اليوم صحيحاً ولا يلزمها قضاؤه؛ لأنها صامت وهي طاهر وإن لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر فلا حرج، كما أن الرجل لو كان جنباً من جماع أو احتلام وتسحر ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر كان صومه صحيحاً.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أمر آخر عند النساء إذا أتاها الحيض وهي قد صامت ذلك اليوم فإن بعض النساء تظن أن الحيض إذا أتاها بعد فطرها قبل أن تصلي العشاء فسد صوم ذلك اليوم، وهذا لا أصل له بل إن الحيض إذا أتاها بعد الغروب ولو بلحظة فإن صومها تام وصحيح.


س 3: هل يجب على النفساء أن تصوم وتصلي إذا طهرت قبل الأربعين؟

جـ: نعم، متى طهرت النفساء قبل الأربعين فإنه يجب عليها أن تصوم إذا كان ذلك في رمضان، ويجب عليها أن تصلي، ويجوز لزوجها أن يجامعها، لأنها طاهر ليس فيها ما يمنع الصوم ولا ما يمنع وجوب الصلاة وإباحة الجماع.



س 4: إذا كانت المرأة عادتها الشهرية ثمانية أيام أو سبعة أيام ثم استمرت معها مرة أو مرتين أكثر من ذلك فما الحكم؟


جـ: إذا كانت عادة هذه المرأة ستة أيام أو سبعة ثم طالت هذه المدة وصارت ثمانية أو تسعة أو عشرة أو أحد عشر يوماً فإنها تبقى لا تصلي حتى تطهر وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يحد حدًّا معيناً في الحيض وقد قال الله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} فمتى كان هذا الدم باقياً فإن المرأة على حالها حتى تطهر وتغتسل ثم تصلي، فإذا جاءها في الشهر الثاني ناقصاً عن ذلك فإنها تغتسل إذا طهرت وإن لم يكن على المدة السابقة، والمهم أن المرأة متى كان الحيض معها موجوداً فإنها لا تصلي سواء كان الحيض موافقاً للعادة السابقة، أو زائداً عنها، أو ناقصاً، وإذا طهرت تصلي.



س 5: المرأة النفساء هل تجلس أربعين يوماً لا تصلي ولا تصوم أم أن العبرة بانقطاع الدم عنها، فمتى انقطع تطهرت وصلت؟ وما هي أقل مدة للطهر؟

جـ: النفساء ليس لها وقت محدود بل متى كان الدم موجوداً جلست لم تصل ولم تصم ولم يجامعها زوجها، وإذا رأت الطهر ولو قبل الأربعين ولو لم تجلس إلا عشرة أيام أو خمسة أيام فإنها تصلي وتصوم ويجامعها زوجها ولا حرج في ذلك. والمهم أن النفاس أمر محسوس تتعلق الأحكام بوجوده أو عدمه، فمتى كان موجوداً ثبتت أحكامه، ومتى تطهرت منه تخلت من أحكامه، لكن لو زاد على الستين يوماً فإنها تكون مستحاضة تجلس ما وافق عادة حيضها فقط ثم تغتسل وتصلي.



س 6: إذا نزل من المرأة في نهار رمضان نقط دم يسيرة، واستمر معها هذا الدم طوال شهر رمضان وهي تصوم، فهل صومها صحيح؟
جـ: نعم، صومها صحيح، وأما هذه النقط فليست بشيء لأنها من العروق، وقد أثِر عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: إن هذه النقط التي تكون كرعاف الأنف ليست بحيض، هكذا يذكر عنه ـ رضي الله عنه ـ.



س 7: إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل الفجر ولم تغتسل إلا بعد الفجر هل يصح صومها أم لا؟
جـ: نعم، يصح صوم المرأة الحائض إذا طهرت قبل الفجر ولم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر، وكذلك النفساء لأنها حينئذ من أهل الصوم، وهي شبيهة بمن عليه جنابة إذا طلع الفجر وهو جُنب فإن صومه يصح لقوله تعالى: {فالان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}، وإذا أذن الله تعالى بالجماع إلى أن يتبين الفجر لزم من ذلك أن لا يكون الاغتسال إلا بعد طلوع الفجر، ولحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ «أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يصبح جنباً من جماع أهله وهو صائم»(1)، أي أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ لا يغتسل عن الجنابة إلا بعد طلوع الصبح.


س 8: إذا أحست المرأة بالدم ولم يخرج قبل الغروب، أو أحست بألم العادة هل يصح صيامها ذلك اليوم أم يجب عليها قضاؤه؟
جـ: إذا أحست المرأة الطاهرة بانتقال الحيض وهي صائمة ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس، أو أحست بألم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس فإن صومها ذلك اليوم صحيح وليس عليها إعادته إذا كان فرضاً، ولا يبطل الثواب به إذا كان نفلاً.


س 9: إذا رأت المرأة دماً ولم تجزم أنه دم حيض فما حكم صيامها ذلك اليوم؟
جـ: صيامها ذلك اليوم صحيح؛ لأن الأصل عدم الحيض حتى يتبين لها أنه حيض.



س 10: أحياناً ترى المرأة أثراً يسيراً للدم أو نقطاً قليلة جداً متفرقة على ساعات اليوم، مرة تراه وقت العادة وهي لم تنزل، ومرة تراه في غير وقت العادة، فما حكم صيامها في كلتا الحالتين؟
جـ: سبق الجواب على مثل هذا السؤال قريباً، لكن بقي أنه إذا كانت هذه النقط في أيام العادة وهي تعتبره من الحيض الذي تعرفه فإنه يكون حيضاً.



س 11: الحائض والنفساء هل تأكلان وتشربان في نهار رمضان؟
جـ: نعم تأكلان وتشربان في نهار رمضان لكن الأولى أن يكون ذلك سرًّا إذا كان عندها أحد من الصبيان في البيت لأن ذلك يوجب إشكالاً عندهم.



س 12: إذا طهرت الحائض أو النفساء وقت العصر هل تلزمها صلاة الظهر مع العصر أم لا يلزمها سوى العصر فقط؟
جـ: القول الراجح في هذه المسألة أنه لا يلزمها إلا العصر فقط، لأنه لا دليل على وجوب صلاة الظهر، والأصل براءة الذمة، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر»(2)، ولم يذكر أنه أدرك الظهر، ولو كان الظهر واجباً لبيّنه النبي صلى الله عليه وسلّم، ولأن المرأة لو حاضت بعد دخول وقت الظهر لم يلزمها إلا قضاء صلاة الظهر دون صلاة العصر مع أن الظهر تجمع إلى العصر، ولا فرق بينها وبين الصورة التي وقع السؤال عنها، وعلى هذا يكون القول الراجح أنه لا يلزمها إلا صلاة العصر فقط لدلالة النص والقياس عليها. وكذلك الشأن فيما لو طهرت قبل خروج وقت العشاء فإنه لا يلزمها إلا صلاة العشاء، ولا تلزمها صلاة المغرب.



س 13: بعض النساء اللاتي يجهضن لا يخلو الحال: إمَّا أن تجهض المرأة قبل تخلُّق الجنين، وإما أن تجهض بعد تخلقه وظهور التخطيط فيه، فما حكم صيامها ذلك اليوم الذي أجهضت فيه وصيام الأيام التي ترى فيها الدم؟
جـ: إذا كان الجنين لم يُخلَّق فإن دمها هذا ليس دم نفاس، وعلى هذا فإنها تصوم وتصلي وصيامها صحيح، وإذا كان الجنين قد خُلّق فإن الدم دم نفاس لا يحل لها أن تصلي فيه، ولا أن تصوم، والقاعدة في هذه المسألة أو الضابط فيها أنه إذا كان الجنين قد خلق فالدم دم نفاس، وإذا لم يخلّق فليس الدم دم نفاس، وإذا كان الدم دم نفاس فإنه يحرم عليها ما يحرم على النفساء، وإذا كان غير دم النفاس فإنه لا يحرم عليها ذلك.



س 14: نزول الدم من الحامل في نهار رمضان هل يؤثر على صومها؟
جـ: إذا خرج دم الحيض والأنثى صائمة فإن صومها يفسد، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم»(3) ولهذا نعده من المفطرات والنفاس مثله، وخروج دم الحيض والنفاس مفسد للصوم، ونزول الدم من الحامل في نهار رمضان إذا كان حيضاً فإنه كحيض غير الحامل أي يؤثر على صومها، وإن لم يكن حيضاً فإنه لا يؤثر، والحيض الذي يمكن أن يقع من الحامل هو أن يكون حيضاً مطرداً لم ينقطع عنها منذ حملت بل كان يأتيها في أوقاتها المعتادة فهذا حيض على القول الراجح يثبت له أحكام الحيض، أما إذا انقطع الدم عنها ثم صارت بعد ذلك ترى دماً ليس هو الدم المعتاد فإن هذا لا يؤثر على صيامها لأنه ليس بحيض.

س 15: إذا رأت المرأة في زمن عادتها يوماً دماً والذي يليه لا ترى الدم طيلة النهار، فماذا عليها أن تفعل؟
جـ: الظاهر أن هذا الطهر أو اليبوسة التي حصلت لها في أيام حيضها تابع للحيض فلا يعتبر طهراً، وعلى هذا فتبقى ممتنعة مما تمتنع منه الحائض، وقال بعض أهل العلم: من كانت ترى يوماً دماً ويوماً نقاءً، فالدم حيض، والنقاء طهر حتى يصل إلى خمسة عشر يوماً فإذا وصل إلى خمسة عشر يوماً صار ما بعده دم استحاضة، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ.


س 16: في الأيام الأخيرة من الحيض وقبل الطهر لا ترى المرأة أثراً للدم، هل تصوم ذلك اليوم وهي لم تر القصة البيضاء أم ماذا تصنع؟
جـ: إذا كان من عادتها ألا ترى القصة البيضاء كما يوجد في بعض النساء فإنها تصوم، وإن كان من عادتها أن ترى القصة البيضاء فإنها لا تصوم حتى ترى القصة البيضاء.



س 17: ما حكم قراءة الحائض والنفساء للقرآن نظراً وحفظاً في حالة الضرورة كأن تكون طالبة أو معلمة؟
جـ: لا حرج على المرأة الحائض أو النفساء في قراءة القرآن إذا كان لحاجة، كالمرأة المعلمة، أو الدارسة التي تقرأ وردها في ليل أو نهار، وأما القراءة أعني قراءة القرآن لطلب الأجر وثواب التلاوة فالأفضل ألا تفعل لأن كثيراً من أهل العلم أو أكثرهم يرون أن الحائض لا يحل لها قراءة القرآن.



س 18: هل يلزم الحائض تغيير ملابسها بعد طهرها مع العلم أنه لم يصبها دم ولا نجاسة؟
جـ: لا يلزمها ذلك؛ لأن الحيض لا ينجس البدن وإنما دم الحيض ينجس ما لاقاه فقط، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلّم النساء إذا أصاب ثيابهن دم حيض أن يغسلنه ويصلين في ثيابهن.



س 19: سائل يسأل، امرأة أفطرت في رمضان سبعة أيام وهي نفساء، ولم تقضِ حتى أتاها رمضان الثاني وطافها من رمضان الثاني سبعة أيام وهي مرضع ولم تقض بحجة مرض عندها، فماذا عليها وقد أوشك دخول رمضان الثالث، أفيدونا أثابكم الله؟
جـ: إذا كانت هذه المرأة كما ذكرت عن نفسها أنها في مرض ولا تستطيع القضاء فإنها متى استطاعت صامته لأنها معذورة حتى ولو جاء رمضان الثاني، أما إذا كان لا عذر لها وإنما تتعلل وتتهاون فإنه لا يجوز لها أن تؤخر قضاء رمضان إلى رمضان الثاني، قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ «كان يكون عليّ الصوم فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان»(4) وعلى هذا فعلى هذه المرأة أن تنظر في نفسها إذا كان لا عذر لها فهي آثمة، وعليها أن تتوب إلى الله، وأن تبادر بقضاء ما في ذمتها من الصيام، وإن كانت معذورة فلا حرج عليها ولو تأخرت سنة أو سنتين.




س 20: بعض النساء يدخل عليهن رمضان الثاني وهن لم يصمن أياماً من رمضان السابق فما الواجب عليهن؟
جـ: الواجب عليهن التوبة إلى الله من هذا العمل، لأنه لا يجوز لمن عليه قضاء رمضان أن يؤخره إلى رمضان الثاني بلا عذر لقول عائشة ـ رضي الله عنه ـ: «كان يكون عليّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان»، وهذا يدل على أنه لا يمكن تأخيره إلى ما بعد رمضان الثاني، فعليها أن تتوب إلى الله ـ عز وجل ـ مما صنعت وأن تقضي الأيام التي تركتها بعد رمضان الثاني.



س 21: إذا حاضت المرأة الساعة الواحدة ظهراً مثلاً وهي لم تصل بعد صلاة الظهر هل يلزمها قضاء تلك الصلاة بعد الطهر؟
جـ: في هذا خلاف بين العلماء، فمنهم من قال: إنه لا يلزمها أن تقضي هذه الصلاة؛ لأنها لم تفرّط ولم تأثم حيث إنه يجوز لها أن تؤخر الصلاة إلى آخر وقتها، ومنهم من قال: إنه يلزمها القضاء أي قضاء تلك الصلاة لعموم قوله صلى الله عليه وسلّم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة»(5) والاحتياط لها أن تقضيها لأنها صلاة واحدة لا مشقة في قضائها.



س 22: إذا رأت الحامل دماً قبل الولادة بيوم أو يومين فهل تترك الصوم والصلاة من أجله أم ماذا؟
جـ: إذا رأت الحامل الدم قبل الولادة بيوم أو يومين ومعها طلق فإنه نفاس تترك من أجله الصلاة والصيام، وإذا لم يكن معه طلق فإنه دم فساد لا عبرة فيه ولا يمنعها من صيام ولا صلاة.



س 23: ما رأيك في تناول حبوب منع الدورة الشهرية من أجل الصيام مع الناس؟
جـ: أنا أحذِّر من هذا، وذلك لأن هذه الحبوب فيها مضرة عظيمة، ثبت عندي ذلك عن طريق الأطباء، ويقال للمرأة: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فاقنعي بما كتب الله ـ عز وجل ـ وصومي حيث لا مانع، وإذا وجد المانع فافطري رضاءً بما قدَّر الله ـ عز وجل ـ.


س 24: يقول السائل: امرأة بعد شهرين من النفاس وبعد أن طهرت بدأت تجد بعض النقاط الصغيرة من الدم. فهل تفطر ولا تصلي؟ أم ماذا تفعل؟
جـ: مشاكل النساء في الحيض والنفاس بحر لا ساحل له، ومن أسبابه استعمال هذه الحبوب المانعة للحمل والمانعة للحيض، وما كان الناس يعرفون مثل هذه الإشكالات الكثيرة، صحيح أن الإشكال مازال موجوداً من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلّم بل منذ وجد النساء، ولكن كثرته على هذا الوجه الذي يقف الإنسان حيران في حل مشاكله أمر يؤسف له، ولكن القاعدة العامة أن المرأة إذا طهرت ورأت الطهر المتيقن في الحيض وفي النفاس وأعني الطهر في الحيض خروج القصة البيضاء، وهو ماء أبيض تعرفه النساء فما بعد الطهر من كدرة، أو صفرة، أو نقطة، أو رطوبة، فهذا كله ليس بحيض، فلا يمنع من الصلاة، ولا يمنع من الصيام، ولا يمنع من جماع الرجل لزوجته، لأنه ليس بحيض. قالت أم عطية: «كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً». أخرجه البخاري(6)، وزاد أبو داود (7)«بعد الطهر» وسنده صحيح. وعلى هذا نقول: كل ما حدث بعد الطهر المتيقن من هذه الأشياء فإنها لا تضر المرأة ولا تمنعها من صلاتها وصيامها ومباشرة زوجها إياها. ولكن يجب أن لا تتعجل حتى ترى الطهر، لأن بعض النساء إذا جف الدم عنها بادرت واغتسلت قبل أن ترى الطهر، ولهذا كان نساء الصحابة يبعثن إلى أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ بالكرسف يعني القطن فيه الدم فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء(8).



س 25: بعض النساء يستمر معهن الدم وأحياناً ينقطع يوماً أو يومين ثم يعود، فما الحكم في هذه الحالة بالنسبة للصوم والصلاة وسائر العبادات؟
جـ: المعروف عند كثير من أهل العلم أن المرأة إذا كان لها عادة وانقضت عادتها فإنها تغتسل وتصلي وتصوم وما تراه بعد يومين أو ثلاثة ليس بحيض؛ لأن أقل الطهر عند هؤلاء العلماء ثلاثة عشر يوماً، وقال بعض أهل العلم: إنها متى رأت الدم فهو حيض ومتى طهرت منه فهي طاهر، وإن لم يكن بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً.




س 26: أيهما أفضل للمرأة أن تصلي في ليالي رمضان في بيتها أم في المسجد وخصوصاً إذا كان فيه مواعظ وتذكير، وما توجيهك للنساء اللاتي يصلين في المساجد؟
جـ: الأفضل أن تصلي في بيتها لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلّم: «وبيوتهن خير لهن»(9) ولأن خروج النساء لا يسلم من فتنة في كثير من الأحيان، فكون المرأة تبقى في بيتها خير لها من أن تخرج للصلاة في المسجد، والمواعظ والحديث يمكن أن تحصل عليها بواسطة الشريط، وتوجيهي للاتي يصلين في المسجد أن يخرجن من بيوتهن غير متبرجات بزينة ولا متطيبات


.
س 27: ما حكم ذوق الطعام في نهار رمضان والمرأة صائمة؟
جـ: حكمه لا بأس به لدعاء الحاجة إليه، ولكنها تلفظ ما ذاقته.


س 28: امرأة أصيبت في حادثة وكانت في بداية الحمل فأسقطت الجنين إثر نزيف حاد فهل يجوز لها أن تفطر أم تواصل الصيام وإذا أفطرت فهل عليها إثم؟
جـ: نقول إن الحامل لا تحيض كما قال الإمام أحمد «إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الحيض» والحيض كما قال أهل العلم خلقه الله تبارك وتعالى لحكمة: غذاء الجنين في بطن أمه، فإذا نشأ الحمل انقطع الحيض، لكن بعض النساء قد يستمر بها الحيض على عادته كما كان قبل الحمل، فهذه يحكم بأن حيضها حيض صحيح؛ لأنه استمر بها الحيض ولم يتأثر بالحمل، فيكون هذا الحيض مانعاً لكل ما يمنعه حيض غير الحامل، وموجباً لما يوجبه، ومسقطاً لما يسقطه، والحاصل أن الدم الذي يخرج من الحامل على نوعين: نوع يحكم بأنه حيض وهو الذي استمر بها كما كان قبل الحمل، فمعنى ذلك أن الحمل لم يؤثر عليه فيكون حيضاً، والنوع الثاني: دم طرأ على الحمل طروءاً إما بسبب حادث، أو حمل شيء، أو سقوط من شيء ونحوه فهذه دمها ليس بحيض وإنما هو دم عرق، وعلى هذا فلا يمنعها من الصلاة، ولا من الصوم، بل هي في حكم الطاهرات، ولكن إذا لزم من الحادث أن ينزل الولد أو الحمل الذي في بطنها فإنها على ما قال أهل العلم إن خرج وقد تبين فيه خلق إنسان فإن دمها بعد خروجه يعد نفاساً تترك فيه الصلاة والصوم ويتجنبها زوجها حتى تطهر، وإن خرج الجنين وهو غير مخلَّق فإنه لا يعتبر دم نفاس بل هو دم فساد لا يمنعها من الصلاة، ولا من الصيام، ولا من غيرهما.
قال أهل العلم: وأقل زمن يتبين فيه التخليق واحد وثمانون يوماً؛ لأن الجنين في بطن أمه كما قال عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهو الصادق المصدوق فقال: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك ويؤمر بأربع كلمات، فيكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد»(10) ولا يمكن أن يخلق قبل ذلك والغالب أن التخليق لا يتبين قبل تسعين يوماً كما قال بعض أهل العلم.



س 29: أنا امرأة أسقطت في الشهر الثالث منذ عام، ولم أصلِّ حتى طهرت وقد قيل لي كان عليك أن تصلي فماذا أفعل وأنا لا أعرف عدد الأيام بالتحديد؟

جـ: المعروف عند أهل العلم أن المرأة إذا أسقطت لثلاثة أشهر فإنها لا تصلي؛ لأن المرأة إذا أسقطت جنيناً قد تبين فيه خلق إنسان فإن الدم الذي يخرج منها يكون دم نفاس لا تصلي فيه، قال العلماء: ويمكن أن يتبين خلق الجنين إذا تم له واحد وثمانون يوماً، وهذه أقل من ثلاثة أشهر، فإذا تيقنت أنه سقط الجنين لثلاثة أشهر فإن الذي أصابها يكون دم فساد لا تترك الصلاة من أجله، وهذه السائلة عليها أن تتذكر في نفسها فإذا كان الجنين سقط قبل الثمانين يوماً فإنها تقضي الصلاة، وإذا كانت لا تدري كم تركت فإنها تقدر وتتحرى، وتقضي على ما يغلب عليه ظنها أنها لم تُصَلِّه.



س 30: سائلة تقول: إنها منذ وجب عليها الصيام وهي تصوم رمضان ولكنها لا تقضي صيام الأيام التي تفطرها بسبب الدورة الشهرية ولجهلها بعدد الأيام التي أفطرتها فهي تطلب إرشادها إلى ما يجب عليها فعله الان؟
جـ: يؤسفنا أن يقع مثل هذا بين نساء المؤمنين فإن هذا الترك أعني ترك قضاء ما يجب عليها من الصيام إما أن يكون جهلاً، وإما أن يكون تهاوناً وكلاهما مصيبة، لأن الجهل دواؤه العلم والسؤال، وأما التهاون فإن دواءه تقوى الله ـ عز وجل ـ ومراقبته والخوف من عقابه والمبادرة إلى ما فيه رضاه. فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله مما صنعت وأن تستغفر، وأن تتحرى الأيام التي تركتها بقدر استطاعتها فتقضيها، وبهذا تبرأ ذمتها، ونرجو أن يقبل الله توبتها.



س 31: تقول السائلة: ما الحكم إذا حاضت المرأة بعد دخول وقت الصلاة؟ وهل يجب عليها أن تقضيها إذا طهرت؟ وكذلك إذا طهرت قبل خروج وقت الصلاة؟
جـ: أولاً: المرأة إذا حاضت بعد دخول الوقت أي بعد دخول وقت الصلاة فإنه يجب عليها إذا طهرت أن تقضي تلك الصلاة التي حاضت في وقتها إذا لم تصلها قبل أن يأتيها الحيض وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة»(11) فإذا أدركت المرأة من وقت الصلاة مقدار ركعة ثم حاضت قبل أن تصلي فإنها إذا طهرت يلزمها القضاء.
ثانياً: إذا طهرت من الحيض قبل خروج وقت الصلاة فإنه يجب عليها قضاء تلك الصلاة، فلو طهرت قبل أن تطلع الشمس بمقدار ركعة وجب عليها قضاء صلاة الفجر، ولو طهرت قبل غروب الشمس بمقدار ركعة وجبت عليها صلاة العصر، ولو طهرت قبل منتصف الليل بمقدار ركعة وجب عليها قضاء صلاة العشاء، فإن طهرت بعد منتصف الليل لم يجب عليها صلاة العشاء، وعليها أن تصلي الفجر إذا جاء وقتها، قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ: {فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً} أي فرضاً مؤقتاً بوقت محدود لا يجوز للإنسان أن يخرج الصلاة عن وقتها، ولا أن يبدأ بها قبل وقتها.





س 32: دخلت عليَّ العادة الشهرية أثناء الصلاة ماذا أفعل؟ وهل أقضي الصلاة عن مدة الحيض؟
جـ: إذا حدث الحيض بعد دخول وقت الصلاة كأن حاضت بعد الزوال بنصف ساعة مثلاً، فإنها بعد أن تطهر من الحيض تقضي هذه الصلاة التي دخل وقتها وهي طاهرة لقوله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً}.
ولا تقضي الصلاة عن وقت الحيض لقوله صلى الله عليه وسلّم في الحديث الطويل: «أليست إذا حاضت لم تصل ولم تصم»(12). وأجمع أهل العلم أنها لا تقضي الصلاة التي فاتتها أثناء مدة الحيض، أما إذا طهرت وكان باقياً من الوقت مقدار ركعة فأكثر فإنها تصلي ذلك الوقت الذي طهرت فيه لقوله صلى الله عليه وسلّم: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر»(13). فإذا طهرت وقت العصر، أو قبل طلوع الشمس وكان باقياً على غروب الشمس، أو طلوعها مقدار ركعة، فإنها تصلي العصر في المسألة الأولى والفجر في المسألة الثانية.



س 33: شخص يقول: أفيدكم أن لي والدة تبلغ من العمر خمسة وستين عاماً ولها مدة تسع عشرة سنة وهي لم تأتِ بأطفال، والان معها نزيف دم لها مدة ثلاث سنوات وهو مرض يبدو أتاها في تلكم الفترة ولأنها ستستقبل الصيام كيف تنصحونها لو تكرمتم؟ وكيف تتصرف مثلها لو سمحتم؟
جـ: مثل هذه المرأة التي أصابها نزيف الدم حكمها أن تترك الصلاة والصوم مدة عادتها السابقة قبل هذا الحدث الذي أصابها، فإذا كان من عادتها أن الحيض يأتيها من أول كل شهر لمدة ستة أيام مثلاً فإنها تجلس من أول كل شهر مدة ستة أيام لا تصلي ولا تصوم، فإذا انقضت اغتسلت وصلت وصامت، وكيفية الصلاة لهذه وأمثالها أنها تغسل فرجها غسلاً تامًّا وتعصبه وتتوضأ وتفعل ذلك بعد دخول وقت صلاة الفريضة، وكذلك تفعله إذا أرادت أن تتنفل في غير أوقات فرائض ،وفي هذه الحالة ومن أجل المشقة عليها يجوز لها أن تجمع صلاة الظهر مع العصر وصلاة المغرب مع العشاء حتى يكون عملها هذا واحداً للصلاتين: صلاة الظهر والعصر، وواحداً للصلاتين: صلاة المغرب والعشاء، وواحداً لصلاة الفجر، بدلاً من أن تعمل ذلك خمس مرات تعمله ثلاث مرات. وأعيده مرة ثانية أقول: عندما تريد الطهارة تغسل فرجها وتعصبه بخرقة أو شبهها حتى يخف الخارج، ثم تتوضأ وتصلي، تصلي الظهر أربعاً، والعصر أربعاً، والمغرب ثلاثاً، والعشاء أربعاً، والفجر ركعتين أي أنها لا تقصر كما يتوهمه بعض العامة ولكن يجوز لها أن تجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صلاتي المغرب والعشاء، الظهر مع العصر إمَّا تأخيراً أو تقديماً، وكذلك المغرب مع العشاء إما تقديماً أو تأخيراً ،وإذا أرادت أن تتنفل بهذا الوضوء فلا حرج عليها.



س 34: ما حكم وجود المرأة في المسجد الحرام وهي حائض لاستماع الأحاديث والخطب؟
جـ: لا يجوز للمرأة الحائض أن تمكث في المسجد الحرام ولا غيره من المساجد، ولكن يجوز لها أن تمر بالمسجد وتأخذ الحاجة منه وما أشبه ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم لعائشة حين أمرها أن تأتي بالخُمْرَة(14) فقالت: إنها في المسجد وإني حائض. فقال: «إن حيضتك ليس في يدك»(15). فإذا مرت الحائض في المسجد وهي آمنة من أن ينزل دم على المسجد فلا حرج عليها، أما إن كانت تريد أن تدخل وتجلس فهذا لا يجوز، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر النساء في صلاة العيد أن يخرجن إلى مصلى العيد العواتق وذوات الخدور والحيض إلا أنه أمر أن يعتزل الحيض المصلى(16)، فدل ذلك على أن الحائض لا يجوز لها أن تمكث في المسجد لاستماع الخطبة أو استماع الدرس والأحاديث.



(1) البخاري كتاب الصوم باب اغتسال الصائم 1931 ومسلم كتاب الصوم باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (75) (1109).

(2) البخاري كتاب مواقيت الصلاة باب من أدرك من الفجر ركعة 579 ومسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة 163-680.

(3) البخاري كتاب الصوم باب الحيض تترك الصوم والصلاة 1951.

(4) البخاري كتاب الصوم باب متى يقضي قضاء رمضان 1950 ومسلم كتاب الصيام باب في جواز تأخير قضاء رمضان 151،1146.

(5) تقدم تخريجه.


(6) كتاب الحيض باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض 326.

(7) كتاب الطهارة باب في المرأة ترى الصفرة والكدرة بعد الطهر 307.

(8) أخرجه البخاري معلقا كتاب الحيض باب إقبال الحيض وإدباره.

(9) رواه أبو داوود كتاب الصلاة باب ما جاء في خروج النساء إلى المساجد 567.

(10) رواه البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب خلق آدم وذريته 3332 ومسلم كتاب القدر باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه (1) (2643).

(11) تقدم تخريجه .

(12) تقدم تخريجه.

(13) تقدم تخريجه.

(14) الخمرة: هي السجادة يسجد عليها المصلي وسميت خمرة لأنها تخمر الوجه أي تغطيه.

(15) مسلم كتاب الحيض باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله (11) (298).

(16) البخاري كتاب العيدين باب خروج النساء والحيض 974 ومسلم كتاب العيدين باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى (10) (890).


من أحكام الطهارة في الصلاة

س 35: هل السائل الذي ينزل من المرأة، أبيض كان أم أصفر طاهر أم نجس؟ وهل يجب فيه الوضوء مع العلم بأنه ينزل مستمراً؟ وما الحكم إذا كان متقطعاً خاصة أن غالبية النساء لاسيما المتعلمات يعتبرن ذلك رطوبة طبيعية لا يلزم منه الوضوء؟

جـ: الظاهر لي بعد البحث أن السائل الخارج من المرأة إذا كان لا يخرج من المثانة وإنما يخرج من الرحم فهو طاهر، ولكنه ينقض الوضوء وإن كان طاهراً، لأنه لا يشترط للناقض للوضوء أن يكون نجساً فها هي الريح تخرج من الدبر وليس لها جرم ومع ذلك تنقض الوضوء. وعلى هذا إذا خرج من المرأة وهي على وضوء فإنه ينقض الوضوء وعليها تجديده.
فإن كان مستمرًّا فإنه لا ينقض الوضوء، ولكن تتوضأ للصلاة إذا دخل وقتها وتصلي في هذا الوقت الذي تتوضأ فيه فروضاً ونوافل، وتقرأ القرآن، وتفعل ما شاءت مما يباح لها، كما قال أهل العلم نحو هذا في من به سلس البول. هذا هو حكم السائل من جهة الطهارة فهو طاهر، ومن جهة نقضه للوضوء فهو ناقض للوضوء إلا أن يكون مستمرًّا عليها، فإن كان مستمرًّا فإنه لا ينقض الوضوء، لكن على المرأة ألا تتوضأ للصلاة إلا بعد دخول الوقت وأن تتحفظ.
أما إن كان منقطعاً وكان من عادته أن ينقطع في أوقات الصلاة فإنها تؤخر الصلاة إلى الوقت الذي ينقطع فيه ما لم تخش خروج الوقت. فإن خشيت خروج الوقت فإنها تتوضأ وتتلجم (تتحفظ) وتصلي.
ولا فرق بين القليل والكثير لأنه كله خارج من السبيل فيكون ناقضاً قليله وكثيره، بخلاف الذي يخرج من بقية البدن كالدم والقيء فإنه لا ينقض الوضوء لا قليله ولا كثيره.
وأما اعتقاد بعض النساء أنه لا ينقض الوضوء فهذا لا أعلم له أصلاً إلا قولاً لابن حزم ـ رحمه الله ـ فإنه يقول: «أن هذا لا ينقض الوضوء» ولكنه لم يذكر لهذا دليلاً، ولو كان له دليل من الكتاب والسنة أو أقوال الصحابة لكان حجة. وعلى المرأة أن تتقي الله وتحرص على طهارتها، فإن الصلاة لا تقبل بغير طهارة ولو صلت مائة مرة، بل إن بعض العلماء يقول أن الذي يصلي بلا طهارة يكفر؛ لأن هذا من باب الاستهزاء بآيات الله ـ سبحانه وتعالى ـ.



س 36: إذا توضأت المرأة التي ينزل منها السائل مستمرًّا لصلاة فرض هل يصح لها أن تصلي ما شاءت من النوافل أو قراءة القرآن بوضوء ذلك الفرض إلى حين الفرض الثاني؟
جـ: إذا توضأت لصلاة الفريضة من أول الوقت فلها أن تصلي ما شاءت من فروض ونوافل وقراءة قرآن إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى.



س 37: هل يصح أن تصلي تلك المرأة صلاة الضحى بوضوء الفجر؟
جـ: لا يصح ذلك لأن صلاة الضحى مؤقتة فلابد من الوضوء لها بعد دخول وقتها لأن هذه كالمستحاضة وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلّم المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة.
* ووقت الظهر: من زوال الشمس إلى وقت العصر.
* ووقت العصر: من خروج وقت الظهر إلى اصفرار الشمس، والضرورة إلى غروب الشمس.
* ووقت المغرب: من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر.
* ووقت العشاء: من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل.


س 38: هل يصح أن تصلي هذه المرأة قيام الليل إذا انقضى نصف الليل بوضوء العشاء؟
جـ: لا، إذا انقضى نصف الليل وجب عليها أن تجدد الوضوء، وقيل: لا يلزمها أن تجدد الوضوء وهو الراجح.



س 39: ما هو آخر وقت العشاء (أي صلاتها)؟ وكيف يمكن معرفتها؟
جـ: آخر وقت العشاء منتصف الليل، ويعرف ذلك بأن يقسم مابين غروب الشمس وطلوع الفجر نصفين، فالنصف الأول ينتهي به وقت العشاء، ويبقى نصف الليل الاخر ليس وقتاً بل برزخ بين العشاء والفجر.


س 40: إذا توضأت من ينزل منها ذلك السائل متقطعاً وبعد انتهائها من الوضوء وقبل صلاتها نزل مرة أخرى، ماذا عليها؟
جـ: إذا كان متقطعاً فلتنتظر حتى يأتي الوقت الذي ينقطع فيه. أما إذا كان ليس له حال بينة، حيناً ينزل وحيناً لا، فهي تتوضأ بعد دخول الوقت وتصلي ولا شيء عليها.




س 41: ماذا يلزم لما يصيب البدن أو اللباس من ذلك السائل؟
جـ: إذا كان طاهراً فإنه لا يلزمها شيء، وإذا كان نجساً وهو الذي يخرج من المثانة فإنه يجب عليها أن تغسله.



س 42: بالنسبة للوضوء من ذلك السائل هل يكتفى بغسل أعضاء الوضوء فقط؟
جـ: نعم يكتفى بذلك فيما إذا كان طاهراً وهو الذي يخرج من الرحم لا من المثانة.



س 43: ما العلة في أنه لم ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلّم حديث يدل على نقض الوضوء بذلك السائل، مع أن الصحابيات كن يحرصن على الاستفتاء في أمور دينهن؟
جـ: لأن السائل لا يأتي كل امرأة.



س 44: من كانت من النساء لا تتوضأ لجهلها بالحكم ماذا عليها؟
جـ: عليها أن تتوب إلى الله ـ عز وجل ـ وتسأل أهل العلم بذلك.


س 45: هناك من ينسب إليك القول بعدم الوضوء من ذلك السائل؟
جـ: الذي ينسب عني هذا القول غير صادق، والظاهر أنه فهم من قولي أنه طاهر أنه لا ينقض الوضوء.



س 46: ما حكم الكدرة التي تنزل من المرأة قبل الحيض بيوم أو أكثر أو أقل، وقد يكون النازل على شكل خيط رقيق أسود أو بني أو نحو ذلك وما الحكم لو كانت بعد الحيض؟
جـ: هذا إذا كانت من مقدمات الحيض فهي حيض، ويعرف ذلك بالأوجاع والمغص الذي يأتي الحائض عادة. أما الكدرة بعد الحيض فهي تنتظر حتى تزول؛ لأن الكدرة المتصلة بالحيض حيض، لقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ «لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء»(17). والله أعلم.



(17) تقدم تخريجه.



مكتبة الفتاوى : كتب الفتاوى : 60 سؤالاً في أحكام الحيض والنفاس </B>

من أحكام الحيض في الحج والاعتمار

س 47: كيف تصلي الحائض ركعتي الإحرام؟ وهل يجوز للمرأة الحائض ترديد آي الذكر الحكيم في سرها أم لا؟

جـ: أولاً: ينبغي أن نعلم أن الإحرام ليس له صلاة فإنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه شرع لأمته صلاة للإحرام لا بقوله ولا بفعله ولا بإقراره.
ثانياً: إن هذه المرأة الحائض التي حاضت قبل أن تحرم يمكنها أن تحرم وهي حائض لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر أسماء بنت عميس امراة أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ حين نفست في ذي الحليفة أمرها أن تغتسل وتستثفر بثوب وتحرم(18) وهكذا الحائض أيضاً وتبقى على إحرامها حتى تطهر، ثم تطوف بالبيت وتسعى.
وأما قوله في السؤال: هل لها أن تقرأ القرآن؟ فنعم الحائض لها الحق أن تقرأ القرآن عند الحاجة، أو المصلحة، أمَّا بدون حاجة ولا مصلحة إنما تريد أن تقرأه تعبداً وتقرباً إلى الله فالأحسن ألا تقرأه.


س 48: سافرت امرأة إلى الحج وجاءتها العادة الشهرية منذ خمسة أيام من تاريخ سفرها وبعد وصولها إلى الميقات اغتسلت وعقدت الإحرام وهي لم تطهر من العادة وحين وصولها إلى مكة المكرمة ظلت خارج الحرم ولم تفعل شيئاً من شعائر الحج أو العمرة ومكثت يومين في منى ثم طهرت واغتسلت وأدت جميع مناسك العمرة وهي طاهر ثم عاد الدم إليها وهي في طواف الإفاضة للحج إلا أنها استحت وأكملت مناسك الحج ولم تخبر وليها إلا بعد وصولها إلى بلدها فما حكم ذلك؟
جـ: الحكم في هذا أن الدم الذي أصابها في طواف الإفاضة إذا كان هو دم الحيض الذي تعرفه بطبيعته وأوجاعه فإن طواف الإفاضة لم يصح ويلزمها أن تعود إلى مكة لتطوف طواف الإفاضة فتحرم بعمرة من الميقات وتؤدي العمرة بطواف وسعي وتقصر ثم طواف الإفاضة، أما إذا كان هذا الدم ليس دم الحيض الدم الطبيعي المعروف وإنما نشأ من شدة الزحام أو الروعة أو ما شابه ذلك فإن طوافها يصح عند من لا يشترط الطهارة للطواف فإن لم يمكنها الرجوع في المسألة الأولى بحيث تكون في بلاد بعيدة فحجها صحيح لأنها لا تستطيع أكثر مما صنعت.




س 49: قدمت امرأة محرمة بعمرة وبعد وصولها إلى مكة حاضت ومحرمها مضطر إلى السفر فوراً، وليس لها أحد بمكة فما الحكم؟
جـ: تسافر معه وتبقى على إحرامها، ثم ترجع إذا طهرت وهذا إذا كانت في المملكة لأن الرجوع سهل ولا يحتاج إلى تعب ولا إلى جواز سفر ونحوه، أما إذا كانت أجنبية ويشق عليها الرجوع فإنها تتحفظ وتطوف وتسعى وتقصر وتنهي عمرتها في نفس السفر لأن طوافها حينئذٍ صار ضرورة والضرورة تبيح المحظور.


س 50: ما حكم المرأة المسلمة التي حاضت في أيام حجها أيجزئها ذلك الحج؟
جـ: هذا لا يمكن الإجابة عنه حتى يُعرف متى حاضت وذلك لأن بعض أفعال الحج لا يمنع الحيض منه، وبعضها يمنع منه، فالطواف لا يمكن أن تطوف إلا وهي طاهرة وما سواه من المناسك يمكن فعله مع الحيض.


س 51: تقول السائلة: لقد قمت بأداء فريضة الحج العام الماضي وأديت جميع شعائر الحج ما عدا طواف الإفاضة وطواف الوداع حيث منعني منهما عذر شرعي فرجعت إلى بيتي في المدينة المنورة على أن أعود في يوم من الأيام لأطوف طواف الإفاضة وطواف الوداع وبجهل مني بأمور الدين فقد تحللت من كل شيء وفعلت كل شيء يحرم أثناء الإحرام وسألت عن رجوعي لأطوف فقيل لي لا يصح لك أن تطوفي فقد أفسدت وعليك الإعادة أي إعادة الحج مرة أخرى في العام المقبل مع ذبح بقرة أو ناقة فهل هذا صحيح؟ وهل هناك حل آخر فما هو؟ وهل فسد حجي؟ وهل عليَّ إعادته؟ أفيدوني عمَّا يجب فعله بارك الله فيكم.
جـ: هذا أيضاً من البلاء الذي يحصل من الفتوى بغير علم. وأنت في هذه الحالة يجب عليك أن ترجعي إلى مكة وتطوفي طواف الإفاضة فقط، أما طواف الوداع فليس عليك طواف وداع مادمت كنت حائضاً عند الخروج من مكة وذلك لأن الحائض لا يلزمها طواف الوداع لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: «أمر الناس أن يكون عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض»(19)، وفي رواية لأبي داود: «أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف»(20). ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم لما أخبر أن صفية طافت طواف الإفاضة قال: «فلتنفر إذاً»(21) ودلَّ هذا أن طواف الوداع يسقط عن الحائض أما طواف الإفاضة فلابد لك منه. ولما كانت تحللت من كل شيء جاهلة فإن هذا لا يضرك لأن الجاهل الذي يفعل شيئاً من محظورات الإحرام لا شيء عليه لقوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} (البقرة: 286). قال الله تعالى: «قد فعلت»(22). وقوله: {ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم}. (الأحزاب: 5). فجميع المحظورات التي منعها الله تعالى على المحرم إذا فعلها جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه، لكن متى زال عذره وجب عليه أن يقلع عما تلبس به.




س 52: المرأة النفساء إذا بدأ نفاسها يوم التروية وأكملت أركان الحج عدا الطواف والسعي إلا أنها لاحظت أنها طهرت مبدئياً بعد عشرة أيام فهل تتطهر وتغتسل وتؤدي الركن الباقي الذي هو طواف الحج؟
جـ: لا يجوز لها أن تغتسل وتطوف حتى تتيقن الطهر والذي يُفهم من السؤال حين قالت (مبدئيًّا) أنها لم تر الطهر كاملاً فلابد أن ترى الطهر كاملاً فمتى طهرت اغتسلت وأدت الطواف والسعي، وإن سعت قبل الطواف لا حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم سئل في الحج عمن سعى قبل أن يطوف فقال: «لا حرج»(23).




س 53: امرأة أحرمت بالحج من السيل وهي حائض ولما وصلت إلى مكة ذهبت إلى جدة لحاجة لها وطهرت في جدة واغتسلت ومشطت شعرها ثم أتمت حجها فهل حجها صحيح وهل يلزمها شيء؟
جـ: حجها صحيح ولا شيء عليها.



س 54: سائلة: أنا ذاهبة للعمرة ومررت بالميقات وأنا حائض فلم أحرم وبقيت في مكة حتى طهرت فأحرمت من مكة فهل هذا جائز أم ماذا أفعل وما يجب عليَّ؟
جـ: هذا العمل ليس بجائز، والمرأة التي تريد العمرة لا يجوز لها مجاوزة الميقات إلا بإحرام حتى لو كانت حائضاً، فإنها تحرم وهي حائض وينعقد إحرامها ويصح. والدليل لذلك أن أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ ولدت، والنبي صلى الله عليه وسلّم نازل في ذي الحليفة يريد حجة الوداع فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم كيف أصنع؟ قال: «اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي»(24) ودم الحيض كدم النفاس فنقول للمرأة الحائض إذا مرت بالميقات وهي تريد العمرة أو الحج نقول لها: اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي، والاستثفار معناه أنها تشد على فرجها خرقة وتربطها ثم تحرم سواء بالحج أو بالعمرة ولكنها إذا أحرمت ووصلت إلى مكة لا تأتي إلى البيت ولا تطوف به حتى تطهر ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم لعائشة حين حاضت في أثناء العمرة قال لها: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي في البيت حتى تطهري»(25) هذه رواية البخاري ومسلم، وفي صحيح البخاري أيضاً ذكرت عائشة أنها لما طهرت طافت بالبيت وبالصفا والمروة(26) فدل هذا على أن المرأة إذا أحرمت بالحج أو العمرة وهي حائض، أو أتاها الحيض قبل الطواف فإنها لا تطوف ولا تسعى حتى تطهر وتغتسل، أما لو طافت وهي طاهرة وبعد أن انتهت من الطواف جاءها الحيض فإنها تستمر وتسعى ولو كان عليها الحيض وتقص من رأسها وتنهي عمرتها لأن السعي بين الصفا والمروة لا يشترط له الطهارة.



س 55: يقول السائل: لقد قدمت من ينبع للعمرة أنا وأهلي ولكن حين وصولي إلى جدة أصبحت زوجتي حائضاً ولكني أكملت العمرة بمفردي دون زوجتي فما الحكم بالنسبة لزوجتي؟
جـ: الحكم بالنسبة لزوجتك أن تبقى حتى تطهر ثم تقضي عمرتها، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لما حاضت صفية رضي الله عنها قال: «أحابستنا هي؟» قالوا: إنها قد أفاضت. قال: «فلتنفر إذن»(27) فقوله صلى الله عليه وسلّم «أحابستنا هي» دليل على أنه يجب على المرأة أن تبقى إذا حاضت قبل طواف الإفاضة حتى تطهر ثم تطوف وكذلك طواف العمرة مثل طواف الإفاضة لأنه ركن من العمرة فإذا حاضت المعتمرة قبل الطواف انتظرت حتى تطهر ثم تطوف.



س 56: هل المسعى من الحرم؟ وهل تقربه الحائض؟ وهل يجب على من دخل الحرم من المسعى أن يصلي تحية المسجد؟
جـ: الذي يظهر أن المسعى ليس من المسجد ولذلك جعلوا جداراً فاصلاً بينهما لكنه جدار قصير ولا شك أن هذا خير للناس، لأنه لو أدخل في المسجد وجعل منه لكانت المرأة إذا حاضت بين الطواف والسعي امتنع عليها أن تسعى، والذي أفتي به أنها إذا حاضت بعد الطواف وقبل السعي فإنها تسعى لأن المسعى لا يعتبر من المسجد، وأما تحية المسجد فقد يقال: إن الإنسان إذا سعى بعد الطواف ثم عاد إلى المسجد فإنه يصليها ولو ترك تحية المسجد فلا شيء عليه، والأفضل أن ينتهز الفرصة ويصلي ركعتين لما في الصلاة في هذا المكان من الفضل.



س 57: تقول السائلة: قد حججت وجاءتني الدورة الشهرية فاستحييت أن أخبر أحداً ودخلت الحرم فصليت وطفت وسعيت فماذا عليّ علماً بأنها جاءت بعد النفاس؟
جـ: لا يحل للمرأة إذا كانت حائضاً أو نفساء أن تصلي سواء في مكة أو في بلدها أو في أي مكان، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم في المرأة: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم»(28). وقد أجمع المسلمون على أنه لا يحل لحائض أن تصوم، ولا يحل لها أن تصلي، وعلى هذه المرأة التي فعلت ذلك عليها أن تتوب إلى الله وأن تستغفر مما وقع منها، وأما طوافها حال الحيض فهو غير صحيح، وأما سعيها فصحيح؛ لأن القول الراجح جواز تقديم السعي على الطواف في الحج، وعلى هذا فيجب عليها أن تعيد الطواف؛ لأن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج، ولا يتم التحلل الثاني إلا به وبناء عليه فإن هذه المرأة لا يباشرها زوجها إن كانت متزوجة حتى تطوف ولا يعقد عليها النكاح إن كانت غير متزوجة حتى تطوف والله تعالى أعلم.



س 58: إذا حاضت المرأة يوم عرفة فماذا تصنع؟
جـ: إذا حاضت المرأة يوم عرفة فإنها تستمر في الحج وتفعل ما يفعل الناس، ولا تطوف بالبيت حتى تطهر.




س 59: إذا حاضت المرأة بعد رمي جمرة العقبة وقبل طواف الإفاضة وهي مرتبطة وزوجها مع رفقة فماذا عليها أن تفعل مع العلم أنه لا يمكنها العودة بعد سفرها؟
جـ: إذا لم يمكنها العودة فإنها تتحفظ ثم تطوف للضرورة ولا شيء عليها وتكمل بقية أعمال الحج.


س 60: إذا طهرت النفساء قبل الأربعين فهل يصح حجها؟ وإذا لم تر الطهر فماذا تصنع مع العلم أنها ناوية الحج؟


جـ: إذا طهرت النفساء قبل الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتفعل كل ما تفعله الطاهرات حتى الطواف لأن النفاس لا حد لأقله.
أما إذا لم تر الطهر فإن حجها صحيح أيضاً لكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم منع الحائض من الطواف بالبيت(29) والنفاس مثل الحيض في هذا.



(18) رواه مسلم كتاب الحج باب حج النبي صلى الله عليه وسلم (2137).

(19) أخرجه البخاري كتاب الحج باب طواف الوداع 1755 ومسلم كتاب الحج باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض 380، 1328.

(20) أخرجه أبو داوود كتاب المناسك باب الوداع 2002.

(21) أخرجه البخاري كتاب الحيض باب المرأة تحيض بعد الإفاضة 328 ومسلم كتاب الحج الباب السابق 382-1211.

(22) أخرجه مسلم كتاب الإيمان باب بيان تجاوز الله تعالى عن حديث النفس 200-126.

(23) رواه أبو داوود كتاب المناسك باب فيمن قدم شيئا قبل شيء في حجه 2015.

(24) تقدم تخريجه.

(25) رواه البخاري كتاب الحج باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت 1650 ومسلم كتاب الحج بيان وجوب الإحرام 120-1211.

(26) البخاري كتاب العمرة باب عمرة التنعيم 1785.

(27) تقدم تخريجه.

(28) تقدم تخريجه.

(29) تقدم تخريجه.

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله الأنصاري ; 12-19-2010 الساعة 02:25 PM سبب آخر: اعادة ترتيب الموضوع
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-19-2010, 02:29 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

رسالة في الدماء الطبيعية للنساء
الفصل الأول
في معنى الحيض وحكمته

الحيض لغة : سيلان الشيء وجريانه.
وفي الشرع : دم يحدث للأنثى بمقتضى الطبيعة ، بدون سبب ، في أوقات معلومة .

فهو دم طبيعي ليس له سبب من مرض أو جرح أو سقوط أو ولادة . وبما أنه دم طبيعي فإنه يختلف بحسب حال الأنثى وبيئتها وجوِّها ، ولذلك تختلف فيه النساء اختلافا متبايناً ظاهراً .

والحكمة فيه أنه لما كان الجنين في بطن أمه لا يمكن أن يتغذى بما يتغذى به من كان خارج البطن ، ولا يمكن لأرحم الخلق به أن يوصل إليه شيء من الغذاء ، حينئذٍ جعل الله تعالى في الأنثى إفرازات دموية يتغذى بها الجنين في بطن أمه بدون حاجة إلى أكل وهضم تنفذ إلى جسمه من طريق السرة حيث يتخلل الدم عروقه فيتغذى به ، فتبارك الله أحسن الخالقين . فهذه هي الحكمة من هذا الحيض ، ولذلك إذا حملت المرأة انقطع الحيض عنها ، فلا تحيض إلا نادراً ، وكذلك المراضع يقلُّ من تحيضُ منهن لا سيما في أول زمن الإرضاع.
الفصل الثاني
في زمن الحيض ومدته

الكلام في هذا الفصل في مقامين :
المقام الأول : في السن الذي يتأتي فيه الحيض .
المقام الثاني : في مدة الحيض.

فأما المقام الأول : فالسن الذي يغلب فيه الحيض هو ما بين اثنتي عشرة سنة إلى خمسين سنة ، وربما حاضت الأنثى قبل ذلك أو بعده بحسب حالها وبيئتها وجوها .

وقد اختلف العلماء رحمهم الله : هل للسن الذي يتأتي فيه الحيض حد معين بحيث لا تحيض الأنثى قبله ولا بعده ؟ وأن ما يأتيها قبله أو بعده فهو دم فساد لا حيض؟ اختلف العلماء في ذلك . قال الدارمي بعد أن ذَكَرَ الاختلافات : كل هذا عندي خطأ ؛ لأن المرجع في جميع ذلك إلى الوجود ، فأي قدر وجد في أي حال وسن وجب جعله حيضاً . والله أعلم ([2]) .

وهذا الذي قاله الدارمي هو الصواب ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه ، فمتى رأت الأنثى الحيض فهي حائض وإن كانت دون تسع سنين أو فوق خمسين سنة ، وذلك لأن أحكام الحيض علقها الله ورسوله على وجوده ، ولم يحدد الله ورسوله لذلك سناً معينة، فوجب الرجوع فيه إلى الوجود الذي عُلقت الأحكام عليه ، وتحديده بسن معين يحتاج إلى دليل من الكتاب أو السنة ولا دليل في ذلك .

وأما المقام الثاني : وهو مدة الحيض أي مقدار زمنه .

فقد اختلف فيه العلماء اختلافاً كثيراً على نحو ستة أقوال أو سبعة . قال ابن المنذر : وقالت طائفة:( ليس لأقل الحيض ولا لأكثره حد بالأيام ) . قلت: وهذا القول كقول الدارمي السابق وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه،وهو الصواب لأنه يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار .

فالدليل الأول : قوله تعالى : (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)([3]) . فجعل الله غاية المنع هي الطهر ، ولم يجعل الغاية مضي يوم وليلة ولا ثلاثة أيام ولا خمسة عشر يوماً ، فدل هذا على أن علة الحكم هي الحيض وجوداً وعدماً ، فمتى وجد الحيض ثبت الحكم ، ومتى طهرت منه زالت أحكامه .

الدليل الثاني : ما ثبت في صحيح مسلم ([4]) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة وقد حاضت وهي محرمة بالعمرة : ( افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) . قالت : فلما كان يوم النحر طهرت .( الحديث) . وفي صحيح البخاري ([5]) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : ( انتظري فإذا طهرت فاخرجي إلى التنعيم ) . فجعل النبي صلى الله عليه وسلم غاية المنع الطهر ولم يجعل الغاية زمناً معيناً ، فدل هذا على أن الحكم يتعلق بالحيض وجوداً وعدماً .

الدليل الثالث: أن هذه التقديرات والتفصيلات التي ذكرها من ذكرها من الفقهاء في هذه المسألة ليست موجودة في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن الحاجة بل الضرورة داعية إلى بيانها ، فلو كانت مما يجب على العباد فهمه والتعبد لله به لبينها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بياناً ظاهراً لكل أحد ، لأهمية الأحكام المترتبة على ذلك من الصلاة والصيام والنكاح والطلاق والإرث وغيرها من الأحكام ، كما بين الله ورسوله عدد الصلوات وأوقاتها وركوعها وسجودها ، و الزكاة : أموالها وأنصباءها ومقدارها ومصرفها ، والصيام : مدته وزمنه، والحج وما دون ذلك ، حتى آداب الأكل والشرب والنوم والجماع والجلوس ودخول البيت والخروج منه وآداب قضاء الحاجة ، حتى عدد مسحات الاستجمار إلى غير ذلك من دقيق الأمور وجليلها ، مما أكمل الله به الدين ، وأتم به النعمة على المؤمنين ، كما قال تعالى:( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ) ([6]) وقال تعالى:(مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْء) ([7]) .

فلما لم توجد هذه التقديرات والتفصيلات في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم تبين أن لا تعويل عليها ، وإنما التعويل على مسمى الحيض الذي علقت عليه الأحكام الشرعية وجوداً وعدماً . وهذا الدليل ـ أعني أن عدم ذكر الحكم في الكتاب والسنة ، دليل على عدم اعتباره ـ ينفعك في هذه المسألة وغيرها من مسائل العلم ؛ لأن الأحكام الشرعية لا تثبت إلا بدليل من الشرع من كتاب الله ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، أو إجماع معلوم ، أو قياس صحيح . قال شيخ الإسلام ابن تيميه في قاعدة له : ( ومن ذلك اسم الحيض علق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنة ، ولم يقدر لا أقله ولا أكثره ، ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى الأمة بذلك واحتياجهم إليه ، واللغة لا تفرق بين قدر وقدر، فمن قدر في ذلك حداً فقد خالف الكتاب والسنة ). انتهي كلامه ([8]) .

الدليل الرابع : الاعتبار . أي القياس ُ الصحيح المطرد ، وذلك أن الله تعالى علل الحيض بكونه أذى، فمتى وجد الحيض فالأذى موجود، لا فرق بين اليوم الثاني واليوم الأول ، ولا بين الرابع و الثالث، ولا فرق بين اليوم السادس عشر والخامس عشر ، ولا بين الثامن عشر والسابع عشر ، فالحيض هو الحيض ، والأذى هو الأذى .

فالعلة موجودة في اليومين على حد سواء ، فكيف يصح التفريق في الحكم بين اليومين مع تساويهما في العلة ؟! أليس هذا خلاف القياس الصحيح ؟! أو ليس القياس الصحيح تساوى اليومين في الحكم لتساويهما في العلة ؟ ! .

الدليل الخامس: اختلاف أقوال المحددين واضطرابها ، فإن ذلك يدل على أن ليس في المسألة دليل يجُب المصير إليه ، وإنما هي أحكام اجتهادية مُعرضة ٌ للخطأ والصواب ، ليس أحدها أولى بالاتباع من الآخر ، والمرجع عند النزاع إلى الكتاب والسُنة .

فإذا تبين قوة القول أنه لا حد لأقل الحيض ولا لأكثره وأنه القول الراجح ، فاعلم أن كل ما رأته المرأة من دم طبيعي ليس له سبب من جرح و نحوه فهو دم الحيض من غير تقدير بزمن أو سن إلا أن يكون مستمراً على المرأة لا ينقطع أبداً أو ينقطع مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر ، فيكون استحاضة ، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان الاستحاضة وأحكامها.

قال شيخ الإسلام ابن تيميه: ( والأصل في كل ما يخرج من الرحم انه حيض، حتى يقوم دليل على أنه استحاضة ) ([9]) . وقال أيضاً ( فما وقع من دم فهو حيض، إذ لم يعلم انه دم عرق أو جرح ) .ا هـ ([10]) .

وهذا القول كما أنه هو الراجح من حيث الدليل ، فهو أيضاً أقرب فهماً وإدراكاً وأيسر عملاً وتطبيقاً ، مما ذكره المحددون ، وما كان كذلك فهو أولي بالقول لموافقته لروح الدين الإسلامي وقاعدته ، وهي اليسر والسهولة . قال الله تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ([11]). وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن الدين يسر ، ولن يشادَّ الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا وقاربوا وابشروا ) رواه البخاري ([12]) .وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه ما خير بين أمرين إلا أختار أيسرهما ما لم يكن إثما(ً[13]) .

حيض الحامل
الغالب الكثير أن الأنثى إذا حملت انقطع الدم عنها ،قال الإمام أحمد رحمه الله: ( إنما تعرف النساء الحمل بإنقطاع الدم ). فإذا رأت الحامل الدم فإن كان قبل الوضع بزمن يسير كاليومين أو الثلاثة ومعه طلق فهو نفاس ، وإن كان قبل الوضع بزمن كثير أو قبل الوضع بزمن يسير لكن ليس معه طلق فليس بنفاس ، لكن هل يكون حيضاً تثبت له أحكام الحيض أو يكون دم فساد لا يحكم له بأحكام الحيض ؟ في هذا خلاف بين أهل العلم .

والصواب أنه حيض إذا كان على الوجه المعتاد في حيضها ؛ لأن الأصل فيما يصيب المرأة من الدم أنه حيض، إذا لم يكن له سبب يمنع من كونه حيضاً ، وليس في الكتاب والسنة ما يمنع حيض الحامل .

وهذا هو مذهب مالك والشافعي ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيميه ، قال في الاختيارات ص ( 30) وحكاه البيهقي رواية عن أحمد ، بل حكي أنه رجع إليه ا. هـ . وعلى هذا فيثبت لحيض الحامل ما يثبت لحيض غير الحامل إلا في مسألتين :

المسألة الأولى : الطلاق، فيحرم طلاق من تلزمها عدة حال الحيض في غير الحامل ، ولا يحرم في الحامل ، لأن الطلاق في الحيض في غير الحامل مخالف لقوله تعالى : ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ )([14]) . أما طلاق الحامل حال الحيض فلا يخالفه ، لأن من طلق الحامل فقد طلقها لعدتها ، سواء كانت حائضاً أم طاهراً ، لأن عدتها بالحمل ، ولذلك لا يحرم عليه طلاقها بعد الجماع بخلاف غيرها .

المسألة الثانية : أن حيض الحامل لا تنقضي به عدة بخلاف حيض غيرها ؛ لأن عدة الحامل لا تنقضي إلا بوضع الحمل ، سواءٌ كانت تحيض أم لا ، لقوله تعالى : ( وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) ([15]) .


الفصل الثالث
في الطوارئ على الحيض

الطوارئ على الحيض أنواع :

النوع الأول : زيادة أو نقص ، مثل أن تكون عادة المرأة ستة أيام ، فيستمر بها الدم إلى سبعة ، أو تكون عادتها سبعة أيام ، فتطهر لستة .

النوع الثاني : تقدم أو تأخر ، مثل أن تكون عادتها في آخر الشهر فترى الحيض في أوله ، أو تكون عادتها في أوله فتراه في آخره .

وقد اختلف أهل العلم في حكم هذين النوعين ، والصواب أنها متى رأت الدم فهي حائض ، ومتى طهرت منه فهي طاهر سواء زادت في عادتها أو نقصت ، وسواء تقدمت أم تأخرت ، وسبق ذكر الدليل على ذلك في الفصل قبله ، حيث علق الشارع أحكام الحيض بوجوده .

وهذا مذهب الشافعي ، واختيار شيخ الإسلام ابن تيميه . وقواه صاحب المغني فيه ونصره وقال ([16]) : ( ولو كانت العادة معتبرة على الوجه المذكور في المذهب لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ولما وسعه تأخير بيانه، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقته، وأزواجه وغيرهن من النساء يحتجن إلى بيان ذلك في كل وقت ، فلم يكن ليغفل بيانه ، وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم ذكر العادة ولا بيانها إلا في حق المستحاضة لا غير )ا هـ .

النوع الثالث: صفرةٌ أو كدرةٌ ، بحيث تري الدم أصفر ، كماء الجروح ، أو متكدر بين الصفرة والسواد ، فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلاً به قبل الطهر فهو حيض تثبت له أحكام الحيض ، وإن كان بعد الطهر فليس بحيض، لقول أم عطية رضي الله عنها : ( كنا لا نعد الصفرة والكدره بعد الطهر شيئاً) . رواه أبو داوود بسند صحيح ([17]) . ورواه أيضاً البخاري بدون قولها ( بعد الطهر ) ([18]) . لكنه ترجم له بقوله : باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض . قال في شرحه فتح البارى : ( يشير بذلك للجمع بين حديث عائشة المتقدم في قولها : (حتى ترين القصة البيضاء) ، وبين حديث أم عطية المذكور في الباب، بأن ذلك أي حديث عائشة محمول على ما إذا رأت الصفرة والكدرة في أيام الحيض ، وأما في غيرها فعلي ما قالت أم عطية ). ا هـ .

وحديث عائشة الذي أشار إليه هو ما علقه البخاري جازماً به قبل هذا الباب ، أن النساء كن يبعثن إليها بالدرجة ( شيء تحتشي به المرأة لتعرف هل بقي من أثر الحيض شيء) فيها الكرسف ( القطن) فيه الصفرة فتقول:( لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء) ([19]) . والقصة البيضاء ماء أبيض يدفعه الرحم عند انقطاع الحيض .

النوع الرابع:تقطّعٌ في الحيض،بحيث ترى يوماً دماً ويوماً نقاءً ونحو ذلك،فهذان حالان :

الحال الأول:أن يكون هذا مع الأنثى دائماً كل وقتها،فهذا دم استحاضة يثبت لمن تراه حكم الاستحاضة .

الحال الثاني: ألا يكون مستمراً مع الأنثى بل يأتيها بعض الوقت ويكون لها وقت طهر صحيح . فقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذا النقاء . هل يكون طهراً أو ينسحب عليه أحكام الحيض ؟.

فمذهب الشافعي في أصح قوليه أنه ينسحب عليه أحكام الحيض فيكون حيضاً ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه وصاحب الفائق ([20]) ومذهب أبي حنيفة ، وذلك لأن القصة البيضاء لا ترى فيه ، ولأنه لو جعل طهراً لكان ما قبله حيضه ، وما بعده حيضة ، ولا قائل به ، وإلا لأنقضت العدة بالقرء بخمسة أيام ولأنه لو جعل طهراً لحصل به حرج ومشقة بالاغتسال وغيره كل يومين ، والحرج منتف في هذه الشريعة ولله الحمد .

والمشهور من مذهب الحنابلة أن الدم حيض والنقاء طهر إلا أن يتجاوز مجموعهما أكثر الحيض فيكون الدم المتجاوز استحاضة . وقال في المغني ([21]) : يتوجه أن انقطاع الدم متي نقص عن اليوم فليس بطهر ، بناء على الرواية التي حكيناها في النفاس ، أنها لا تلتفت لما دون اليوم وهو الصحيح ـ إن شاء الله ـ لأن الدم يجري مرة وينقطع أخرى ، وفي إيجاب الغسل على تطهر ساعة بعد ساعة حرج ينتفي ، لقوله تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ([22]) . قال : ( فعلى هذا لا يكون انقطاع الدم أقل من يوم طهراً ، إلا أن ترى ما يدل عليه ، مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها ، أو ترى القصة البيضاء ) أ.هـ .

فيكون قول صاحب المغني هذا وسطاً بين القولين . والله أعلم بالصواب .

النوع الخامس : جفاف في الدم بحيث تري الأنثى مجرد رطوبة ، فهذا إن كان في أثناء الحيض أو متصلاً به قبل الطهر فهذا حيض ، وإن كان بعد الطهر فليس بحيض ، لأن غاية حاله أن يلحق بالصفرة والكدرة وهذا حكمها .

الفصل الرابع
في أحكام الحيض

للحيض أحكام كثيرة تزيد علي العشرين ، نذكر منها ما نراه كثير الحاجة ، فمن ذلك :

الأول الصلاة : فيحرم على الحائض الصلاة فرضها ونفلها ولا تصح منها ، وكذلك لا تجب عليها الصلاة إلا أن تدرك من وقتها مقدار ركعة كاملة ، فتجب عليها الصلاة حينئذ ٍ ، سواء أدركت ذلك من أول الوقت أو من آخره .

مثال ذلك من أوله : امرأة حاضت بعد غروب الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا طهرت قضاء صلاة المغرب لأنها أدركت من وقتها قدر ركعة قبل أن تحيض .

ومثال ذلك من آخره : امرأة طهرت من الحيض قبل طلوع الشمس بمقدار ركعة فيجب عليها إذا تطهرت قضاء صلاة الفجر ؛ لأنها أدركت من وقتها جزءاً يتسع لركعة .

أما إذا أدركت الحائض من الوقت جزءاً لا يتسع لركعة كاملة ، مثل أن تحيض في المثال الأول بعد الغروب بلحظة أو تطهر في المثال الثاني قبل طلوع الشمس بلحظة ، فإن الصلاة لا تجب عليها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة )متفق عليه ([23]) .فإن مفهومه أن من أدرك أقل من ركعة لم يكن مدركاً للصلاة .

* وإذا أدركت ركعة من وقت صلاة العصر فهل تجب عليها صلاة الظهر مع العصر ؟ أو أدركت ركعة من وقت صلاة العشاء الآخرة فهل تجب عليها صلاة المغرب مع العشاء ؟

في هذا خلاف بين العلماء ، والصواب أنه لا يجب عليها إلا ما أدركت وقته ، وهي صلاة العصر والعشاء الآخرة فقط لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك ركعة من العصر من قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ) متفق عليه ([24]) ، لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : فقد أدرك الظهر والعصر ، ولم يذكر وجوب الظهر عليه ، والأصل براءة الذمة ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك حكاه عنهما في شرح المهذب ([25]) .

· وأما الذكر والتكبير والتسبيح والتحميد ، والتسمية على الأكل وغيره ، وقراءة الحديث والفقه والدعاء والتأمين عليه واستماع القرآن فلا يحرم عليها شيء من ذلك ، فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكئ في حجر عائشة ( رضي الله عنها ) وهي حائض فيقرا القرآن ([26]) .

وفي الصحيحين أيضاً عن أم عطية ( رضي الله عنها ) أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( يخرج العواتق وذوات الخدور والحُيض يعني إلى صلاة العيدين ـ وليشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزل الحُيض المصلى ) ([27]) .

*فأما قراءة الحائض القرآن الكريم بنفسها ، فإن كان نظراً بالعين أو تأملاً بالقلب بدون نطق باللسان فلا بأس بذلك ، مثل أن يوضع المصحف أو اللوح فتنظر إلى الآيات وتقرأها بقلبها ، قال النووي في شرح المهذب ([28]) : جائز بلا خلاف . وأما إن كانت قراءتها نطقاً باللسان فجمهور العلماء على أنه ممنوع وغير جائز .

وقال البخاري وابن جرير الطبري ، وابن المنذر : هو جائز ، وحكي عن مالك وعن الشافعي في القول القديم حكاه عنهما في فتح الباري ([29]). وذكر البخاري تعليقاً عن إبراهيم النخعي لا بأس أن تقرأ الآية .

وقال شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتاوى مجموعة ابن قاسم ([30]) : ( ليس في منعها من القرآن سنة أصلاً فإن قوله لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن ) حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث ([31]) . وقد كان النساء يحضن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو كانت القراءة محرمة عليهن كالصلاة ، لكان هذا مما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وتعلمه أمهات المؤمنين وكان ذلك مما ينقلونه في الناس ، فلما لم ينقل أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نهياً لم يجز أن تجعل حراماً ، مع العلم أنه لم ينه عن ذلك ، وإذا لم ينه عنه مع كثرة الحيض في زمنه علم انه ليس بمحرم ) ا هـ .

* والذي ينبغي بعد أن عرفنا نزاع أهل العلم هل يقال : الأولى للحائض ألا تقرأ القرآن الكريم نطقاً باللسان إلا عند الحاجة لذلك ، مثل أن تكون معلمة تحتاج إلى تلقين المتعلمات ، أو في حال الاختبار فتحتاج المتعلمة إلى قراءة القرآن لاختبارها أو نحو ذلك .

الحكم الثاني : الصيام :

فيحرم على الحائض الصيام فرضه ونفله ، ولا يصح منها لكن يجب عليها قضاء الفرض منه لحديث عائشة رضي الله عنها ( كان يصيبنا ذلك ـ تعني الحيض ـ فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) متفق عليه ([32]) ، وإذا حاضت وهي صائمة بطل صيامها ولو كان ذلك قبيل الغروب بلحظة ، ووجب عليها قضاء ذلك اليوم إن كان فرضاً .

أما إذا أحست بانتقال الحيض قبل الغروب لكن لم يخرج إلا بعد الغروب فإن صومها تام ولا يبطل على القول الصحيح ، لأن الدم في باطن الجوف لا حكم له ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل هل عليها غسل؟ قال:(نعم إذا هي رأت الماء ) ([33]) . فعلق الحكم برؤية المني لا بانتقاله ، فكذلك الحيض لا تثبت أحكامه إلا برؤيته خارجاً لا بانتقاله .وإذا طلع الفجر وهي حائض لم يصح منها صيام ذلك اليوم ولو طهرت بعد طلوع الفجر بلحظة .

وإذا طهرت قبيل الفجر فصامت صح صومها ، وإن لم تغتسل إلا بعد الفجر. كالجنب إذا نوى الصيام وهو جنب ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر فإن صومه صحيح ، لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصوم في رمضان ) متفق عليه ([34]) .

الحكم الثالث : الطواف بالبيت:

فيحرم عليها الطواف بالبيت ، فرضه ونفله ، ولا يصح منها لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت:(افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري) ([35])

واما بقية الأفعال كالسعي بين الصفا والمروه ، والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ومنى ، ورمي الجمار وغيرها من مناسك الحج والعمرة فليست حراما ً عليها، وعلى هذا فلو طافت الأنثى وهي طاهر ثم خرج الحيض بعد الطواف مباشرةً ، أو في أثناء السعي فلا حرج في ذلك .

الحكم الرابع : سقوط طواف الوداع عنها :

فإذا أكملت الأنثى مناسك الحج والعمرة ، ثم حاضت قبل الخروج إلى بلدها واستمر بها الحيض إلى خروجها ، فإنها تخرج بلا وداع لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : (أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت ، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض ) متفق عليه ([36]).

*ولا يستحب للحائض عند الوداع أن تأتي إلى باب المسجد الحرام وتدعو ، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم والعبادات مبنية على الوارد بل الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي خلاف ذلك ، ففي قصة صفية ـ رضي الله عنها ـ حين حاضت بعد طواف الإفاضة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: ( فلتنفر إذاً) متفق عليه ([37]) . ولم يأمر بالحضور إلى باب المسجد ولو كان ذلك مشروعاً لبينه .

وأما طواف الحج والعمرة فلا يسقط عنها بل تطوف إذا طهرت.

الحكم الخامس : المكث في المسجد :

فيحرم على الحائض أن تمكث في المسجد حتى مصلى العيد يحرم عليها أن تمكث فيه ، لحديث أم عطية ـ رضي الله عنها ـ أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( يخرج العَوَاتِقُ وذوات الخدور والحُيض) . وفيه : ( يعتزل الحُيض المُصلى) متفق عليه([38]) .

الحكم السادس: الجماع :

فيحرم على زوجها أن يجامعها ويحرم عليها تمكينه من ذلك .لقوله تعالى : (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) ([39]) . والمراد بالمحيض زمان الحيض ومكانه وهو الفرج . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح ) ، يعني الجماع . رواه مسلم ([40]) .

ولأن المسلمين أجمعوا على تحريم وطء الحائض في فرجها . فلا يحل لا مرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يُقدم على هذا الأمر المُنكر الذي دل على المنع منه كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين . فيكون ممن شاق الله ورسوله واتبع غير سبيل المسلمين ، قال في المجموع شرح المهذب ص 374 ج 2 : قال الشافعي : ( من فعل ذلك فقد أتى كبيرة ). قال أصحابنا وغيرهم : ( من استحل وطء الحائض حُكم بكفره ) ا هـ . كلام النووي .

وقد أبيح له ولله الحمد ما يكسر به شهوته دون الجماع ، كالتقبيل والضم والمباشرة فيما دون الفرج ، لكن الأولى ألا يباشر فيما بين السرة والركبة إلا من وراء حائل ، لقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ : كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض . متفق عليه ([41]) .

الحكم السابع : الطلاق:

فيحرم على الزوج طلاق الحائض حال حيضها ، لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) ([42]) . أي في حال يستقبلن به عدة معلومة حين الطلاق ، ولا يكون ذلك إلا إذا طلقها حاملا ً أو طاهراً من غير جماع ، لأنها إذا طلقت حال الحيض لم تستقبل العدة حيث أن الحيضة التي طلقت فيها لا تُحسَبُ من العدة ، وإذا طُلقت طاهراً بعد الجماع لم تكن العدة التي تستقبلها معلومة حيث أنه لا يعلم هل حملت من هذا الجماع ، فتعتد بالحمل ، أو لم تحمل فتعتد بالحيض ، فلما لم يحصل اليقين من نوع العدة حرُم عليه الطلاق حتى يتبين الأمر .

فطلاق الحائض حال حيضها حرام ٌ للآية السابقة ، ولما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فأخبر عمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ( مُره فليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك بعد ، وإن شاء طلق قبل أن يمس ، فتلك العدة التى أمر الله أن تُطلق لها النساء ) ([43]) .

فلو طلق الرجل امرأته وهي حائض فهو آثم ، وعليه أن يتوب إلى الله تعالى ، وأن يرد المرأة إلى عصمته ليطلقها طلاقاً شرعياً موافقاً لأمر الله ورسوله ، فيتركها بعد ردها حتى تطهر من الحيضة التى طلقها فيها ، ثم تحيض مرةً أخرى ثم إذا طهرت إن شاء أبقاها وإن شاء طلقها قبل أن يجامعها .

ويستثني من تحريم الطلاق في الحيض ثلاث مسائل :

الأولى : كان الطلاق قبل أن يخلو بها ، أو يمسها فلا بأس أن يطلقها وهي حائض . لأنه لا عدة عليها حينئذ ، فلا يكون طلاقها مخالفاً لقوله تعالى : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) ([44]) .

الثانية : إذا كان الحيض في حال الحمل ، وسبق بيان سبب ذلك .

الثالثة : إذا كان الطلاق على عوض ، فإنه لا بأس أن يطلقها وهي حائض .

مثل أن يكون بين الزوجين نزاع وسوء عشرة فيأخذ الزوج عوضاً ليطلقها ، فيجوز ولو كانت حائضاً . لحديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن إمراة ثابت ابن قيس بن شماس جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ( يا رسول الله ، إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكن أكره الكفر في الإسلام ) . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أتردين عليه حديقته؟ ) قالت:نعم.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أقبل الحديقة وطلقها تطليقه ). رواه البخاري ([45]) . ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل كانت حائضاً أو طاهراً،ولأن هذا الطلاق افتداء من المرأة عن نفسها فجاز عند الحاجة إليه على أي حال كان.

قال في المغني معللاً جواز الخلع حال الحيض ص 52 ج 7ط م : ( لأن المنع من الطلاق في الحيض من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة ، والخلع لإزالة الضرر الذي يلحقها بسوء العشرة والمقام مع من تكرهه وتبغضه ، وذلك أعظم من ضرر طول العدة ، فجاز دفع أعلاهما بأدناهما،ولذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم المختلعة عن حالها).ا.هـ. كلامه .

وأما عقد النكاح على المرأة وهي حائض فلا بأس به ؛ لأن الأصل الحل ، ولا دليل على المنع منه ، لكن إدخال الزوج عليها وهي حائض ينظر فيه ، فإن كان يؤَمن من أن يطأها فلا بأس ، وإلا فلا يدخل عليها حتى تطهر خوفاً من الوقوع في الممنوع .

الحكم الثامن : اعتبار عدة الطلاق به ـ أي الحيض ـ :

فإذا طلق الرجل زوجته بعد أن مسها أو خلا بها وجب عليها أن تعتد بثلاث حيض كاملة ، إن كانت من ذوات الحيض ، ولم تكن حاملاً لقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) ([46]) .أي ثلاث حيض . فإن كانت حاملاً فعدتها إلى وضع الحمل كله . سواءٌ طالت المدة أو قصرت ، لقوله تعالي:( وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) ([47]). وإن كانت من غير ذوات الحيض كالصغيرة التى لم يبدأ بها الحيض والآيسة من الحيض لكبر أو عملية استأصلت رحمها أو غير ذلك مما لا ترجو معه رجوع الحيض ، فعدتها ثلاثة اشهر لقول الله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) ([48]) . وإن كانت من ذوات الحيض لكن أرتفع حيضها لسبب معلوم كالمرض والرضاع ؛ فإنها تبقي في العدة وإن طالت المدة حتى يعود الحيض فتعتد به، فإن زال السبب ولم يعد الحيض بأن برئت من المرض أو انتهت من الرضاع وبقي الحيض مرتفعاً ؛ فإنها تعتد بسنةٍ كاملة من زوال السبب ، هذا هو القول الصحيح ، الذي ينطبق على القواعد الشرعية ، فإنه إذا زال السبب ولم يعد الحيض صارت كمن ارتفع حيضها لغير سبب معلوم ، وإذا ارتفع حيضها لغير سبب معلوم ، فإنها تعتد لسنةٍ كاملة ٍ تسعة اشهر للحمل احتياطاً لأنها غالب الحمل ، وثلاثة أشهر للعدة .

* أما إذا كان الطلاق بعد العقد وقبل المسيس والخلوة فليس فيه عدة إطلاقاً ، لا بحيض ولا غيره لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ) ([49]) .

الحكم التاسع : الحكم ببراءة الرحم :

أي بخلوه من الحمل،وهذا يحتاج إليه كلما أحتيج إلى الحكم ببراءة الرحم وله مسائل :

منها : إذا مات شخص عن امرأة يرثه حملها ، وهي ذات زوج ، فإن زوجها لا يطأها حتى تحيض، أو يتبين حملها ، فإن تبين حملها ، حكمنا بإرثه ، لحكمنا بوجوده حين موت موروثه، وإن حاضت حكمنا بعدم إرثه لحكمنا ببراءة الرحم بالحيض .

الحكم العاشر: وجوب الغسل :

فيجب على الحائض إذا طهرت أن تغتسل بتطهر جميع البدن ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : ( فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة ، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي )رواه البخاري ([50]).

*وأقل واجب في الغسل أن تعم به جميع بدنها حتى ما تحت الشعر، والأفضل أن يكون على صفة ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث سألته أسماء بنت شكل عن غسل المحيض فقال صلى الله عليه وسلم : ( تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر فتحسن الطهور ، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى تبلغ شئون رأسها ، ثم تصب عليها الماء ثم تأخذ فرصة ممسكةً ـ أي قطعة قماش فيها مسك فتطهر بها ـ فقالت أسماء : كيف تطهر بها ؟ فقال : سبحان الله فقالت عائشة لها : تتبعين أثر الدم ) .رواه مسلم ([51]) .

*ولا يجب نقض شعر الرأس ، إلا أن يكون مشدوداً بقوة بحيث يخشى ألا يصل الماء إلى أصوله ، لما في صحيح مسلم ([52]) . من حديث أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ( إني امرأة أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة ؟وفي رواية للحيضة والجنابة ؟ فقال : لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين ). وإذا طهرت الحائض في أثناء وقت الصلاة وجب عليها أن تبادر بالاغتسال لتدرك أداء الصلاة في وقتها ، فإن كانت في سفر وليس عنها ماء أو كان عندها ماء ولكن تخاف الضرر باستعماله ، أو كانت مريضة يضرها الماء فإنها تتيمم بدلاً عن الاغتسال حتى يزول المانع ثم تغتسل . وإن بعض النساء تطهر في أثناء وقت الصلاة ، وتؤخر الاغتسال إلى وقت آخر تقول: أنه لا يمكنها كمال التطهر في هذا الوقت ، ولكن هذا ليس بحجة ولا عذر لأنها يمكنها أن تقتصر على أقل الواجب في الغسل ، وتؤدي الصلاة في وقتها ، ثم إذا حصل لها وقت سعة تطهرت التطهر الكامل .

الفصل الخامس
في الاستحاضة واحكامها

الاستحاضة :استمرار الدم على المرأة بحيث لا ينقطع عنها أبدا أو ينقطع عنها مدة يسيرة كاليوم واليومين في الشهر .

فدليل الحالة الأولى التي لا ينقطع الدم فيها أبداً ما ثبت في صحيح البخاري عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : ( قالت فاطمة بنت أبى حبيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، إني لا اطهر( [53]) . وفي رواية أستحاض فلا أطهر ) ([54]).

ودليل الحالة الثانية : التي لا ينقطع الدم فيها إلا يسيراً حديث حمنة بنت جحش حيث جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت:(يا رسول الله ،إني أستحاض حيضة كبيرة شديدة). الحديث رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وصححه ، ونُقل عن الإمام أحمد تصحيحه وعن البخاري تحسينه ([55])
أحوال المستحاضة
للمستحاضة ثلاث حالات

الحالة الأولى : أن يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضه ، فهذه ترجع إلى مدة حيضها المعلوم السابق فتجلس فيها ويثبت لها أحكام الحيض ، وما عداها استحاضة ، يثبت لها أحكام المستحاضة .

مثال ذلك : امرأة كان يأتيها الحيض ستة أيام من أول كل شهر ، ثم طرأت عليها الاستحاضة فصار الدم يأتيها باستمرار ، فيكون حيضها ستة أيام من أول كل شهر ، وماعداها استحاضة لحديث عائشة ـ رضي الله عنهاـ (أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت:يا رسول الله إني أستحاض فلا أطهر أفادع الصلاة ؟ قال : لا إن ذلك عرق ، ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي ) رواه البخاري ([56]). وفي صحيح مسلم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حبيبة بنت جحش : ( أمكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي ) ([57]). فعلى هذا تجلس المستحاضة التي لها حيض معلوم قدرحيضها ثم تغتسل وتصلي ولا تبالي بالدم حينئذ .

الحالة الثانية : أن لا يكون لها حيض معلوم قبل الاستحاضة بأن تكون الاستحاضة مستمرة بها من أول ما رأت الدم من أول أمرها فهذه تعمل بالتمييز فيكون حيضها ما تميز بسواد أو غلظة أو رائحة يثبت له أحكام الحيض،وماعداه إستحاضة يثبت له أحكام الاستحاضة

مثال ذلك : امرأة رأت الدم في أول ما رأته ، واستمر عليها لكن تراه عشرة أيام اسود وباقي الشهر أحمر . تراه عشرة أيام غليظاً وباقي الشهر رقيقاً . أو تراه عشرة أيام له رائحة الحيض وباقي الشهر لا الرائحة له ، فحيضها هو الأسود في المثال الأول ، والغليظ في المثال الثاني ، وذو الرائحة في المثال الثالث، وما عدا ذلك فهو استحاضة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : (إذا كان دم الحيضة فإنه أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فامسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئ وصلي فإنما هو عرق ) رواه أبو داوود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم ([58]) . وهذا الحديث وإن كان في سنده ومتنه نظر فقد عمل به آهل العلم رحمهم الله ، وهو أولى من ردها إلى عادة غالب النساء .

الحالة الثالثة : ألا يكون لها حيض معلوم ولا تمييز صالح بأن تكون الاستحاضة مستمرة من أول ما رأت الدم ودمها على صفة واحدة أو على صفات مضطربة لا يمكن أن تكون حيضاً ، فهذه تعمل بعادة غالب النساء ، فيكون حيضها ستة أيام أو سبعة من كل شهر يبتدئ من أول المدة التي رأت فيها الدم ، وما عداه استحاضة .

مثال ذلك : أن ترى الدم أول ما تراه في الخامس من الشهر ويستمر عليها من غير أن يكون فيه تمييز صالح للحيض لا بلون ولا غيره فيكون حيضها من كل شهر ستة أيام أو سبعة تبتدئ من اليوم الخامس من كل شهر ، لحديث حمنة بنت جحش ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت:( يا رسول الله : إني استحاض حيضة كبيرة ًَ شديدة ً فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصيام ، فقال : أنعتُ لك ِ ، أصف لك استعمال ـ الكرسف ـوهو القطن ـ تضعينه على الفرج فإنه يذهب الدم ، قالت: هو أكثر من ذلك . وفيه قال : إنما هذا ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة في علم الله تعالى، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي أربعاً وعشرين أو ثلاثاً وعشرين ليلة وايامها وصومي) . الحديث رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وصححه، ونقل عن أحمد أنه صححه ، وعن البخاري أنه حسنه ([59]) . وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ستة أيام أو سبعة ) ليس للتخيير وإنما هو للاجتهاد فتنظر فيما هو اقرب إلى حالها ممن يشابهها خلقةً ويقاربها سناً ورحماً وفيما هو اقرب للحيض من دمها، ونحو ذلك من الاعتبارات ، فإن كان الأقرب أن يكون ستة جعلته ستة ، وإن كان الأقرب أن يكون سبعة جعلته سبعةً .

حال من تشبه المستحاضة

قد يحدث للمرأة سبب يوجب نزيف الدم من فرجها كعملية في الرحم أو فيما دونه وهذه على نوعين :

النوع الأول : أن يعلم أنها لا يمكن أن تحيض بعد العملية مثل أن تكون العملية استئصال الرحم بالكلية أو سده بحيث لا ينزل منه الدم ، فهذه المرأة لا يثبت لها أحكام المستحاضه ، وإنما حكمها حكم من تري صفرة أو كدرة أو رطوبة بعد الطهر ، فلا تترك الصلاة ولا الصيام ولا يمتنع جماعها ولا يجب غسل من هذا الدم ، ولكن يلزمها عند الصلاة غسل الدم ، وأن تعصب على الفرج خرقه ،ونحوها لتمنع خروج الدم ، ثم تتوضأ للصلاة ، ولا تتوضأ لها إلا بعد دخول وقتها إن كان لها وقت كالصلوات الخمس ، وإلا فعند إرادة فعل الصلاة كالنوافل المطلقة .

النوع الثاني : ألا يعلم إمتناع حيضها بعد العملية بل يمكن أن تحيض، فهذه حكمها حكم المستحاضة . ويدل لما ذكر قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت حبيش : ( إنما ذلك عرق وليس بحيضة ، فإذا أقبلت الحيضة فأتركي الصلاة ) ([60]) .فإن قوله ( فإذا أقبلت الحيضة ) يفيد أن حكم المستحاضة فيمن لها حيض ممكن ذو إقبال وإدبار ، أما من ليس لها حيض ممكن فدمها دم عرق بكل حال .

أحكام الاستحاضة

عرفنا مما سبق متى يكون الدم حيضاً ومتى يكون استحاضه ، فمتى كان حيضاً ثبتت له أحكام الحيض ، ومتى كان استحاضة ثبتت له أحكام الاستحاضة.وقد سبق ذكر المهم من أحكام الحيض.

وأما أحكام الاستحاضة ، فكأحكام الطهر، فلا فرق بين المستحاضة وبين الطاهرات إلا فيما يلي:

الأول:وجوب الوضوء عليها كل صلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبى حبيش : ( ثم توضئي لكل صلاة ) رواه البخاري في باب غسل الدم ([61]) . معنى ذلك إنها لا تتوضأ للصلاة المؤقتة إلا بعد دخول وقتها . أما إذا كانت الصلاة غير مؤقتة فإنها تتوضأ لها عند إرادة فعلها .

الثاني : أنها إذا أرادت الوضوء فإنها تغسل أثر الدم ، وتعصبِ على الفرج خرقه على قطن ليستمسك الدم لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحمنة : ( أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم ، قالت : فإنه أكثر من ذلك ، قال : فاتخذي ثوباً قالت : هو اكثر من ذلك . قال : فتلجمي). الحديث ([62]) ، ولا يضرها ما خرج بعد ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : ( اجتنبي الصلاة أيام حيضك ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة ، ثم صلي، وإن قطر الدم على الحصير ) رواه أحمد وابن ماجه ([63]) .

الثالث: الجماع : فقد اختلف العلماء في جوازه إذا لم يخف العنت بتركه ، والصواب جوازه مطلقاً لأن نساء كثيرات يبلغن العشر أو أكثر استحضن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يمنع الله ولا رسوله من جماعهن . بل في قوله تعالى : (فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) ([64]) .دليل على أنه لا يحب اعتزالهن فيما سواه ، ولأن الصلاة تجوز منها ، فالجماع أهون . وقياس جماعها على جماع الحائض غير صحيح ، لأنهما لا يستويان حتى عند القائلين بالتحريم ، والقياس لا يصح مع الفارق .

الفصل السادس
في النفاس وحكمه

النفاس : دم يرخيه الرحم بسبب الولادة ، إما معها أو بعدها أو قبلها بيومين أو ثلاثة مع الطلق .

وقال شيخ الإسلام ابن تيميه : ( ما تراه حين تشرع في الطلق هو نفاس ولم يقيده بيومين أو ثلاثة ، ومراده طلق يعقبه ولاده وإلا فليس بنفاس ). واختلف العلماء هل له حد في أقله أو أكثره ؟ قال الشيخ تقي الدين في رسالته في الأسماء التي علق الشارع الأحكام بها ص 37 : ( والنفاس لا حد لأقله ولا لأكثره فلو قدر ان امرأة رأت الدم أكثر من أربعين أو ستين أو سبعين وانقطع فهو نفاس لكن إن اتصل فهو دم فساد وحينئذ فالحد أربعون فإنه منتهى الغالب جاءت به الآثار ) ا هـ .

قلت : وعلى هذا فإذا زاد دمها على الأربعين ، وكان لها عادة بانقطاعه بعد أو ظهرت فيه أمارات قرب الانقطاع انتظرت حتى ينقطع وإلا اغتسلت عند تمام الأربعين ، لأنه الغالب إلا أن يصادف زمن حيضها فتجلس حتى ينتهي زمن الحيض ، فإذا انقطع بعد ذلك فينبغي أن يكون كالعادة لها فتعمل بحسبه في المستقبل ، وإن استمر فهي مستحاضة ، ترجع إلى أحكام المستحاضة السابقة ، ولو طهرت بإنقطاع الدم عنها فهي طاهر ولو قبل الأربعين ، فتغتسل وتصلي وتصوم ويجامعها زوجها ، إلا أن يكون الانقطاع أقل من يوم فلا حكم له ، قاله في المغني .

ولا يثبت النفاس إلا إذا وضعت ما تبين فيه خلق إنسان ، فلو وضعت سقطاً صغيراً لم يتبين فيه خلق إنسان فليس دمها دم نفاس ،بل هو دم عرق فيكون حكمها حكم المستحاضة، وأقل مدة تبين فيها خلق إنسان ثمانون يوماً من ابتداء الحمل وغالبها تسعون يوماً ، قال المجد ابن تيميه : فمتى رأت دماً على طلق قبلها لم تلتفت إليه وبعدها تمسك عن الصلاة والصيام ، ثم إن انكشف الأمر بعد الوضع على خلاف الظاهر رجعت فاستدركت ، وإن لم ينكشف الأمر استمر حكم الظاهر فلا إعادة . نقله عنه في شرح الإقناع.

أحكام النفاس

أحكام النفاس كأحكام الحيض سواء بسواء ، إلا فيما يأتي :

الأول:العدة، فتعتبر بالطلاق دون النفاس،لأنه إن كان الطلاق قبل وضع الحمل انقضت العدة بوضعه لا بالنفاس،وإن كان الطلاق بعد الوضع انتظرت رجوع الحيض كما سبق .

الثاني : مدة الإيلاء : يحسب منها مدة الحيض ولا يحسب منها مدة النفاس .

والايلاء : أن يحلف الرجل على ترك جماع امرأته أبداً أو مدة تزيد على أربعة اشهر ، فإذا حلف وطالبته بالجماع جعل له مدة أربعة اشهر من حلفه ، فإذا تمت أجبر على الجماع أو الفراق بطلب الزوجة ، فهذه المدة إذا مر بالمرأة نفاس لم يحسب على الزوج، وزيد على الشهور الأربعة بقدر مدته ، بخلاف الحيض فإن مدته تحسب على الزوج .

الثالث: البلوغ ، يحصل بالحيض ولا يحصل بالنفاس ، لأن المرأة لا يمكن أن تحمل حتى تنزل فيكون حصول البلوغ بالإنزال السابق للحمل .

الرابع : أن دم الحيض إذا انقطع ثم عاد في العادة فهو حيض يقيناً ، مثل أن تكون عادتها ثمانية أيام ، فتري الحيض أربعة أيام ثم ينقطع يومين ثم يعود في السابع والثامن فهذا العائد حيضاً يقيناً يثبت له أحكام الحيض ، وأما دم نفاس ، إذا انقطع قبل الأربعين ثم عاد في الأربعين فهو مشكوك فيه فيجب عليها أن تصلي وتصوم الفرض المؤقت في وقته ويحرم عليها ما يحرم على الحائض غير الواجبات ، وتقضي بعد طهرها ما فعلته في هذا الدم مما يجب على الحائض قضاؤه ، هذا هو المشهور عند الفقهاء من الحنابلة ، والصواب أن الدم إذا عاودها في زمن يمكن أن يكون نفاساً فهو نفاس ، وإلا فهو حيض إلا أن يستمر عليها فيكون استحاضة ، وهذا قريب مما نقله في المغني ([65]) عن الإمام مالك حيث قال : وقال مالك:(إن رأت الدم بعد يومين أو ثلاثة يعني من انقطاعه فهو نفاس وإلا فهو حيض ) ا. هـ. وهو مقتضي اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه وليس في الدماء شيء مشكوك فيه بحسب الواقع ، ولكن الشك أمر نسبي يختلف فيه الناس بحسب علومهم وأفهامهم ، والكتاب والسنة فيهما تبيان كل شيء ، ولم يوجب الله سبحانه على أحد أن يصوم مرتين ، أو يطوف مرتين ، إلا أن يكون في الأول خلل لا يمكن تداركه إلا بالقضاء ، أما حيث فعل العبد ما يقدر عليه من التكليف بحسب استطاعته فقد برئت ذمته كما قال تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا ) ([66]) وقال : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ([66]) .

الفرق الخامس بين الحيض والنفاس : أنه في الحيض إذا طهرت قبل العادة جاز لزوجها ان يجامعها بدون كراهة . وأما في النفاس إذا طهرت قبل الأربعين فيكره لزوجها جماعها على المشهور في المذهب ، والصواب أنه لا يكره له جماعها . وهو قول جمهور العلماء ؛ لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل شرعي ، وليس في هذه المسالة سوى ما ذكره الإمام أحمد عن عثمان بن أبى العاص أنها أتته قبل الأربعين ، فقال : لا تقربيني . وهذا لا يستلزم الكراهة لأنه قد يكون منه على سبيل الاحتياط خوفاً من أنها لم تتيقن الطهر ، أو من أن يتحرك الدم بسبب الجماع ، أو لغير ذلك من الأسباب .والله أعلم .

الفصل السابع
في استعمال ما يمنع الحيض أو يجلبه
وما يمنع الحمل أو يسقطه

*استعمال المرأة ما يمنع حيضها جائز بشرطين :

الأول:ألا يخشى الضرر عليها ، فإن خشي الضرر عليها من ذلك فلا يجوز لقوله تعالى:( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)([68]) . (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)([69]) .

الثاني : أن يكون ذلك بإذن الزوج إن كان له تعلق به مثل أن تكون معتدة منه على وجه تجب عليه نفقتها ، فتستعمل ما يمنع الحيض لتطول المدة وتزداد عليه نفقتها ، فلا يجوز لها أن تستعمل ما يمنع الحيض حينئذ إلا بإذنه، وكذلك إن ثبت أن منع الحيض يمنع الحمل فلا بد من إذن الزوج ، وحيث ثبت الجواز فالأولى عدم استعماله ، إلا لحاجة ؛ لأن ترك الطبيعة على ما هي عليه أقرب إلى اعتدال الصحة فالسلامة .

* واما استعمال ما يجلب الحيض فجائز بشرطين أيضاً :

الأول : ألا تتحيل به على إسقاط واجب ، مثل أن تستعمله قرب رمضان ، من أجل أن تفطر أو لتسقط به الصلاة ، ونحو ذلك .

الثاني : أن يكون ذلك بإذن الزوج ، لأن حصول الحيض يمنعه من كمال الاستمتاع ، فلا يجوز استعمال ما يمنع حقه إلا برضاه ، وإن كانت مطلقة فإن فيه تعجيل إسقاط حق الزوج من الرجعة إن كان له رجعة .

*وأما استعمال ما يمنع الحمل فعلي نوعين :

الأول : أن يمنعه منعاً مستمراً فهذا لا يجوز ، لأنه يقطع الحمل فيقل النسل ، وهو خلاف مقصود الشارع ، من تكثير الأمة الإسلامية ، ولأنه لا يؤمن أن يموت أولادها الموجودون فتبقي أرملة لا أولاد لها .

الثاني : أن يمنعه منعاً مؤقتاً ، مثل أن تكون المرأة كثيرة الحمل ، والحمل يرهقها ، فتحب أن تنظم حملها كل سنتين مرة أو نحو ذلك فهذا جائز، بشرط أن يأذن به زوجها وألا يكون به ضرر عليها ، ودليله أن الصحابة كانوا يعزلون عن نسائهم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل ألا تحمل نساؤهم ، فلم ينهوا عن ذلك . والعزل أن يجامع زوجته وينزع عند الإنزال فينزل خارج الفرج .

*وأما استعمال ما يسقط الحمل على نوعين :

الأول : أن يقصد من إسقاطه إتلافه ، فهذا إن كان بعد نفخ الروح فيه فهو حرام ، بلا ريب ، لأنه قتل نفسٍ محرمة ٍ بغير حق وقتل النفس المحرمة حرام بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وإن كان قبل نفخ الروح فيه فقد اختلف العلماء في جوازه ، فمنهم من أجازه ومنهم من منعه، ومنهم من قال : يجوز ما لم يكن علقة، أي ما لم يمض عليه أربعون يوماً ، ومنهم من قال : يجوز ما لم يتبين فيه خلق إنسان .

والاحوط المنع من إسقاطه إلا لحاجة كأن تكون الأم مريضة لا تتحمل الحمل ونحو ذلك ، فيجوز إسقاطه حينئذ ٍ إلا إن مضى عليه زمن يمكن أن يتبين فيه خلق إنسان فيمنع . والله أعلم .

الثاني : ألا يقصد من إتلافه بأن تكون محاولة إسقاطه عند انتهاء مدة الحمل وقرب الوضع فهذا جائز ، بشرط ألا يكون في ذلك ضرر على الأم ، ولا على الولد،وألا يحتاج الأمر إلى عملية فإن احتاج إلى عملية فله حالات أربع :

الأولي : أن تكون الام حية والحمل حياً ، فلا تجوز العملية إلا للضرورة ، بأن تتعسر ولادتها فتحتاج إلى عملية ، وذلك لأن الجسم أمانة عند العبد، فلا يتصرف فيه بما يخشى منه إلا لمصلحة كبرى ؛ ولأنه ربما يظن ألا ضرر في العملية فيحصل الضرر .

الثانية:أن تكون الأم ميته والحمل ميتاً، فلا يجوز إجراء العملية لإخراجه لعدم الفائدة

الثالثة : أن تكون الأم حية والحمل ميتاً ، فيجوز إجراء العملية لإخراجه ، إلا أن يخشي الضرر على الأم لأن الظاهر ـ والله أعلم ـ أن الحمل إذا مات لا يكاد يخرج بدون العملية ، فاستمراره في بطنها يمنعها من الحمل المستقبل ، ويشق عليها ، وربما تبقي أيماً إذا كانت معتدة من زوج سابق .

الرابعة : أن تكون الأم ميتة والحمل حياً ، فإن كان لا ترجى حياته لم يجز إجراء العملية . وإن كان ترجى حياته ، فإن كان قد خرج بعضه شُق بطن الأم لإخراج باقيه ، وإن لم يخرج منه شيء ، فقد قال أصحابنا رحمهم الله : لا يشق بطن الأم لإخراج الحمل ، لأن ذلك مثله ، والصواب أنه يشق البطن إن لم يمكن إخراجه بدونه ، وهذا اختيار ابن هبيرة ، قال في الإنصاف ([70]) : وهو أولى .

قلت : ولا سيما في وقتنا هذا فإن إجراء العملية ليس بمثله ، لأنه يشق البطن ثم يخاط؛ ولأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت ، ولأن إنقاذ المعصوم من الهلكة واجب ، والحمل إنسان معصوم فوجب إنقاذه . والله أعلم .

تنبيه : في الحالات التي يجوز فيها إسقاط الحمل فيما سبق لا بد من إذن من له الحمل في ذلك كالزوج .

وإلى هنا انتهى ما أردنا كتابته في هذا الموضوع الهام ، وقد اقتصرنا فيه على أصول المسائل وضوابطها وإلا ففروعها وجزئياتها وما يحدث للنساء من ذلك بحر لا ساحل له ، ولكن البصير يستطيع أن يرد الفروع إلى أصولها والجزئيات على كلياتها وضوابطها ، ويقيس الأشياء بنظائرها .

وليعلم المفتى بأنه واسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ ما جاءت به رسله ، وبيانه للخلق،وانه مسئول عما في الكتاب والسنة ، فإنهما المصدران اللذان كلف العبد فهمهما، والعمل بهما ، وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو خطأ يجب رده على قائله ، ولا يجوز العمل به ، وإن كان قائله قد يكون معذوراً مجتهداً فيؤجر على اجتهاده لكن غيره العالم بخطئه لا يجوز له قبوله .

ويجب على المفتي أن يخلص النية لله تعالى ، ويستعين به في كل حادثة تقع به ، ويسأله تعالى الثبات والتوفيق للصواب . ويجب عليه أن يكون موضع اعتباره ما جاء في الكتاب والسنة ، فينظر ويبحث في ذلك أو فيما يستعان به من كلام أهل العلم على فهمهما .

وإنه كثيراً ما تحدث مسألة من المسائل ، فيبحث عنها الإنسان فيما يقدر عليه من كلام أهل العلم ، ثم لا يجد ما يطمئن إليه في حكمها ، وربما لا يجد لها ذكراً بالكلية ، فإذا رجع إلى الكتاب والسنة ، تبين له حكمها قريباً ظاهراً وذلك بحسب الإخلاص والعلم والفهم .

*ويجب على المفتي أن يتريث في الحكم عند الإشكال وألا يتعجل ، فكم من حكم تعجل فيه ، ثم تبين له بعد النظر القريب ، أنه مخطئ فيه ، فيندم على ذلك ، وربما لا يستطيع أن يدرك ما أفتي به .

* والمفتي إذا عرف الناس منه التأني والتثبت وثقوا بقوله واعتبروه ، وإذا رأوه متسرعاً ، والمتسرع كثير الخطأ ، لم يكن عندهم ثقة فيما يفتي به فيكون بتسرعه وخطئه قد حرم نفسه وحرم غيره ما عنده من علم وصواب .

نسأل الله تعالى أن يهدينا وإخواننا المسلمين صراطه المستقيم ، وأن يتولانا بعنايته ، ويحفظنا من الزلل برعايته ، إنه جواد كريم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

تم بقلم الفقير إلى الله : محمد الصالح العثيمين في ضحى يوم الجمعة الموافق 14 شعبان 1392هـ .

----------------------------------
[2]) ) ((المجموع شرح المهذب )) ( 1/ 386).
([3] ) (البقرة: الآية222).
([4] ) رواه مسلم ،كتاب الحج ( 1211) .
([5] ) رواه البخاري، كتاب العمرة ( 1787) .
(([6] النحل: الآية89
([7] ) يوسف: الآية111
([8] ) ص ( 35) من رسالة في الأسماء التي علق الشارع الأحكام بها .
([9] ) المصدر السابق ص ( 36) .
([10] ) المصدر السابق ص ( 38) .
([11] ) الحج: الآية78
([12] ) ( صحيح البخاري ) كتاب الايمان ( 39) .
([13] ) انظر حديث عائشة في صحيح البخاري ، كتاب الأدب ( 6126) وصحيح مسلم كتاب الفضائل ( 2327 ) .
([14] ) الطلاق: الآية1
([15] ) الطلاق: الآية4
([16] ) المغني ( 1/ 353) .
([17] ) رواه أبو داوود كتاب الطهارة ( 307).
([18] ) صحيح البخاري كتاب الحيض( 326).
([19] ) صحيح البخاري كتاب الحيض ، ( 19) باب إقبال المحيض وإدباره .
([20] ) نقل عنهما في الإنصاف .
([21] ) المغني ص ( 355) .
([22] ) الحج: الآية78 .
([23] ) رواه البخاري ، كتاب مواقيت الصلاة (580)، ومسلم ، كتاب المساجد ( 607).
([24] ) رواه البخاري ، كتاب مواقيت الصلاة (579)، ومسلم ، كتاب المساجد ( 608).
([25] ) شرح المهذب ( 3/70).
([26] ) صحيح البخاري كتاب الحيض ( 297) ، ومسلم كتاب الحيض ( 301).
([27] ) رواه البخاري كتاب الحيض ( 324) ، ومسلم كتاب صلاة العيدين ( 890).
([28] ) شرح المهذب ( 2/372).
([29] ) فتح الباري ( 1/408).
([30] ) (191/26).
([31] ) رواه الترمذي، كتاب الطهارة ( 131) .
([32] ) رواه البخاري ، كتاب الحيض ( 321) ، ومسلم كتاب الحيض ( 335) .
([33] ) رواه البخاري كتاب الغسل ( 282) ، ومسلم كتاب الحيض ( 313) .
([34] )رواه البخاري كتاب الصوم ( 1925 ، 1926) ، ومسلم كتاب الصيام ( 1109).
([35] ) رواه مسلم في كتاب الحج ( 1211).
([36] ) رواه البخاري ، كتاب الحج ( 1755) ، ومسلم كتاب الحج ( 1328) .
([37] ) رواه البخاري ، كتاب الحج ( 1762) ، ومسلم كتاب الحج ( 1211م) .
[38]) ) سبق تخريجه ص 25 هامش 3.
([39] ) البقرة: الآية222.
([40] ) رواه مسلم كتاب الحيض ( 302).
([41] ) رواه البخاري ، كتاب الحيض ( 300) ، ومسلم كتاب الحيض ( 293) .
([42] ) الطلاق: الآية1.
([43] ) رواه البخاري ، كتاب الطلاق( 5251) ، ومسلم كتاب الطلاق ( 1471) .
([44] ) الطلاق: الآية، 1.
([45] ) رواه البخاري ، كتاب الطلاق( 5273).
([46] ) البقرة: الآية ،228 .
([47] ) الطلاق: الآية،4.
([48] ) الطلاق: الآية ،4.
([49] ) الأحزاب: الآية،49.
([50] ) رواه البخاري كتاب الحيض ( 306).
([51] ) صحيح مسلم كتاب الحيض ( 332).
([52] ) صحيح مسلم كتاب الحيض ( 332).
([53] ) رواه البخاري كتاب الحيض ( 306).
([54] ) رواه البخاري كتاب الحيض ( 325).
([55] ) رواه أبو داوود ، كتاب الطهارة (287) والترمذي ، كتاب الطهارة ( 128) وأحمد ( 6/381 /382).
([56] ) سبق تخريجه ص 42 هامش 1 .
([57] ) رواه مسلم ، كتاب الحيض ( 334).
([58] ) رواه أبو داوود ، كتاب الطهارة ( 286) والنسائي في كتاب الطهارة (216) وكتاب الحيض (363) ، والحاكم (1/174)، قال في التلخيص: على شرط مسلم
([59] ) سبق تخريجه ص 43 هامش 1 .
([60] ) رواه البخاري كتاب الحيض ( 306).
([61] ) رواه البخاري ، كتاب الوضوء(287).
([62] ) رواه أبو داوود ، كتاب الطهارة (287) والترمذي ، كتاب الطهارة (128)، وأحمد (6/382).
([63] ) رواه أحمد (6/42)، وابن ماجه ، كتاب الطهارة (624).
([64] ) البقرة: الآية222.
([65] ) المغني ( 1/ 349).
([66] ) البقرة: الآية286.
([67] ) التغابن: الآية.16
([68] ) البقرة: الآية،195.
([69] ) النساء: الآية،29.
([70] ) الإنصاف ( 2/ 556) .
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للشيخ, متعلقة, أحكام, موسوعة, العثيمين, ابن, اكثر, بالحيض, هامة, وفتاوى


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 09:09 AM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.