لمصلحة من تُشوه دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ؟! [ ردا على د.خالد منتصر ]

[عبد الملك بن عطية]

 

الحمدُ لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعدُ

فقد وصلتني رسالة من أحد أحبتي على هاتفي النقال : اقرأ مقال خالد منتصر في المصري اليوم وحبذا لو قمتَ بتفنيد أباطيله .

فلا تزال دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية تنتشر وتقوى ، ولا يزال خصومها وأعداؤها يحاولون النيل منها ، وكثير منهم يستعمل قاعدة ( الغاية تبرر الوسيلة ! ) .
الكاتب "خالد منتصر" في "المصري اليوم" بتاريخ ٢٨/ ٨/ ٢٠١٠ كتب مقالة بعنوان "الوهابية تشوه الإسلام" ، لم يبلغ فيها شيئا من النقد العلمي ، بل اقتصر على ذِكر أن الوهابية تقول كذا ، ويقولون كذا ، ويفتون بكذا ، وهذا الأسلوب ليس علميا ألبتة ، فإن لم تكن تعرض قول من يخالفك ، وتتعرض له بصورة علمية ، فلا معنى لكلامك ولا فائدة .
والكاتب ليس من أهل الاختصاص الشرعي ، ومع هذا لا يكف عن الخوض في الدين ، وهو أمر في غاية الخطورة لو يدري ، فقد يرد حقا وهو لا يدري ، أو يقبل باطلا وهو لا يشعر ، لأن مرجعيته في محاكمة ما يقرأ أو يسمع ليست مرجعية شرعية ، إذ ليس يملك من الآلة ما يؤهله للنظر والتمييز .
وليت الأمر انتهى عند هذا الحد ، يل تعداه إلى كثير من التدليس وما هو أكثر ، بصورة عجيبة تُبين لقارئ الأسطر القادمة – إن شاء الله – الافتقار إلى الأمانة العلمية .

بدأ ( خالد منتصر ) مقاله بزعم – أو نقل زعم – أن الدعوة نشأت في أحضان الاستعمار البريطاني ، ودليله على هذا مذكرات لكاتب يُسمى " همفر " ، منشورة على الانترنت .
الـ " همفر " هو شخصية وهمية ، شخصية لا يستطيع أحد أن يخبرنا من هو ، سوى أن له مذكرات منشورة ، يزعم فيها علاقة بينه وبين الشيخ الإمام " محمد بن عبد الوهاب " .. فهل هذا من المنهج العلمي أن يُعتمد على كاتب مجهول في الحكم على دعوة إسلامية إصلاحية ، وتُلصق بها تلك التهم الكبيرة !

ومن جعل الغراب له دليلاً .. يَمُرُّ به على جِيَفِ الكلاب

هذا يوضح لك مدى الرغبة في إلصاق أي شيء بهذه الدعوة ، لما يرون من قوتها ، وانتشارها السريع الواضح ، لقبولها عند عامة الناس ، فهي دعوة توافق الفطرة ، تدعو الناس إلى الرجوع إلى الإسلام الصافي النقي ، الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم ، وترك ما أُحدث بعدهم في الدين . وتدعو الناس إلى توحيد رب العباد وترك الشرك ، واتباع النبي صلى الله عليه وسلم وتقديم قوله على قول أي أحد . فهذه " فِطْرَتَ اللهِ التي فطر الناس عليها " !
وللمزيد ، يمكنكم تحميل كتاب ( أكذوبة مذكرات همفر ) للشيخ سليمان الخراشي .

ثم يقول ( خالد منتصر ) إن هذا الفكر غزا مصر بأموال ( البترودولار ) ، ولا أدري إن كان أعدَّ جوابا يومَ يلقى الله إذا يُسأل عن مثل هذا الطعن في الدعاة إلى الله ، وأنهم ( عملاء ) يدعون إلى هذا الفكر مقابل الأموال ! ولو نظر متأمل لرأى أن منابر نشر الفكر العلماني والليبرالي أضعاف أضعاف المنابر التي يمتلكها أصحاب الدعوة الإصلاحية ، ومع هذا تنتشر الدعوة بصورة تُفزعهم وتُرعبهم ، فما تفسير هذا ؟!

يقول – هداه الله – عن هذه الدعوة إنها (ضد الأديان والعقائد الأخرى) ، فهل الأستاذ (مؤيد للأديان والعقائد الأخرى) ؟!
لقد جاء ألإسلام مضادا لكل عقيدة باطلة على الأرض ، وأعلنها كتاب الله واضحة صريحة : " ومن يبتغِ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " ، فأين تذهبون ؟! وماذا تريدون ؟!

ويستمر – هداه الله – قائلا : (ويكفى أن نقرأ فتوى وجوب هدم الكنائس (فتوى لجنة الإفتاء السعودية برئاسة عبدالعزيز آل الشيخ) .
قلتُ : الفتوى ليست في وجوب هدم الكنائس ، هذا تدليس ، إنما هي في حكم بناء الكنائس في جزيرة العرب ، وحكم الكنائس المُحدثة في أرض الإسلام ، والبون شاسع بين الفتوى وما زعمه ( خالد منتصر ) ، فلماذا هذا التدليس ؟!
جاء في صدر الفتوى : فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، على ما ورد إلى سماحة المفتي العام ، من عدد من المستفتين بشأن حكم بناء المعابد الكفرية في جزيرة العرب ، مثل : بناء الكنائس للنصارى ... .
ولقراءة الفتوى كاملة : http://islamqa.com/ar/ref/120185
وقارئ الفتوى يتبين له أنها قامت على الاستدلال بالسنة والإجماع !

ويستمر هداه الله : (وتحريم البدء بإلقاء السلام على النصارى (ابن العثيمين ٢١-٩-٢٠٠٥)) .
والحقيقة أن ( خالد منتصر ) كان ينبغي أن يكتب اعتراضه هكذا :
وتحريم البدء بإلقاء السلام على النصارى ( حديث في صحيح مسلم ) !
روى مسلم (2167) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام " فاعتراض ( خالد منتصر ) الآن هو اعتراض على أمر النبي صلى الله عليه وسلم لا على الوهابيين !!
للمزيد : http://islamqa.com/ar/ref/42235

ويستمر في ذِكر ما يعيب به " الوهابيين " : (وعدم تهنئتهم بأعيادهم) أي عدم تهنئة الكفار بأعيادهم .
وتهنئة الكفار بأعيادهم محرم باتفاق أهل العلم ، كما نقل ذلك ابن القيم - يرحمه الله - في كتاب ( أحكام أهل الذمة ) حيث قال : وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ... ا.هـ
فهل ( خالد منتصر ) يعترض على ما اتفقت عليه الأمة ويريد الخروج على هذا الاتفاق ، فيكون هو الذي يخالف اتفاق المسلمين ووحدتهم ؟!
أم أن الإمام ابن القيم – توفي751هـ - هو من " الوهابيين " أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب - توفي1206هـ - ؟!

يُتبع إن شاء الله .