انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات العامة ::. > التاريخ والسير والتراجم

التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-29-2009, 05:45 PM
النوراني النوراني غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي بَنَان الطنطاوي؟ قتيلةُ الإسلام التي لا يعرفها أحد؟!

 

بَنَان الطنطاوي؟ قتيلةُ الإسلام التي لا يعرفها أحد؟!

(1943م - 1360هـ / 1401هـ - 1981م )

هي أمِّي في الإسلام وأُخْتي ، وباعثة أشجاني في تلك الأيام وحُزْني !

هي خالتي في الثبات على الحق وعمَّتي ، ومُثيرةُ أحزاني وآلامي ولوعتي !

هي فخري في اليقين وقدوتي ، وجالبة أسقامي وآهاتي وحسْرتي !

بالله ماذا أقول عن امرأة ضُرِبتْ بجهادها الأمثال ؟ وسارتْ بصلاحها وجميل هدْيها الأجيال ؟

حتى صارتْ قدوةً لبنات جنسها في الدعوة إلى الله وقوْلِ الحق ، وأصبحتْ أُسْوة للجميع في اعْتلاء عرش الثبات واليقين والصدق .

هي نزيف أكباد الموحِّدين ، ودموع عيون المؤمنين!

هي حرقة القلب ، وفقيدة الإخلاص والحب .

هي بائعة الدنيا بالدين ، وناشرة أعلام التضحية في ربوع المؤمنين .

قد شاء الله لها أن يتمزَّق جسدها وهي لم تتجاوز بضعًا وثلاثين من الأعوام ! لكنه أحيا ذكرها في سالف الأوقات وغابر الأيام .

هي بَنَان ؟ وما أدراك ما بَنَان ؟ بهجة العيون وعبير الأزمان .

هي الفتاة العفيفة ، والمرأة الشريفة ، والسيدة المصونة ، وجوهرة الإخلاص المكنونة .

هي ربَّةُ الآداب والأخلاق ، وتاج الفضائل ونسائم الإشراق.

هي أُنْشودة الكمال في احتمال الأذَى وتجرُّعِ كُئوس المرار .

هي قَصِيدُ الاتصال بيننا وبين السلف الصالح في الصبر على النكبات ومجابهة الأشرار !

هي تلك الصابرة على شقائها وشقاء زوجها ! هي تلك المقتولة في غير أرضها، والمضرَّجةُ في دمائها ! هي هذه المدفونة في بلاد بعيدة غير بلادها !

عاشتْ بين أهلها وكأنها عنهم غريبة ! تُراقبها سهام المنايا وهي منها حيث شاء الله قريبة .

كانت تتبسَّم للزمان وهي لا تدري أن اسمها قد خرج في قائمة شهداء تلك الأمَّة ؟!

وربما ضحكتْ وهي لا تعلم ماذا تُخْفيه لها غاربات الأيام المدْلَهِمَّة !

لم تنتظر قرّة ً للعين أو سَنَدًا *** و إنما هو حتْفُ الروح تَنْتظرُ !
لكل ميلاد أُنثى فرحةٌ و رضا *** و ما لميلادها سَعْدٌ و لا بِشَرُ!!
هناك- والجسد الذاوي يفوح شَذَىً- *** لم يبق إلاَّ جمال الطُّهْر والظَّفَرُ
في كل لفْتةِ حُزْنٍ نورُ موعظةٍ *** أليس في سِيرة [الأطْهار] مُدَّكَرُ ؟
في ذمة الله يا مَنْ فاح مرقدها *** عِطْرًا، وطِبْتِ وطاب القبرُ والمدَرُ
*******
كانت إذا أسبل الليل رداء ظلامه على الأنام ، ورقدتْ عيون الناس تَسْبَح في بحور الأحلام ! قامت هي لإحياء الليل بالصلاة وقرآءة القرآن ، وجهرتْ بتراتيل المناجاة وتسبيح الرحمن .



تقول عنها ابنتها هادية : ( كانت أمي - رحمها الله تعالى- تُكْثِر من قراءة القرآن، وتكثر من الدعاء، وكانت تقرأ بفهمٍ وتدبُّر، وخشوعٍ وتأثُّر، وكنّا نراها أحياناً وهي مستغرقة في تلاوة القرآن، فنرى الدموع تفيض من عينيها على خَدّيها وصدرها...)

فآهٍ لو رأيتَها وهي غريبة الأوطان ، بعيدة المكان ، ضعيفة الأركان ، وحيدة الخِلاَّن ، وقد اقتحم بيتها جماعة من الأشرار يريدون زوجها المجاهد ليقتلوه أمام عينها!

فآهٍ لو رأيتَهم وهم يَتَدَافعونها ، ويصرخون في وجهها ويُوبِّخُونها !

بل آهٍ لو رأيتَها وهي ترفع عقيرتها بالاستغاثة من هؤلاء المجرمين ، ولا أحدٌ يسمع صوتها سوى رب العالمين !

بل آهٍ لو أبصرتَها وقد أخرج بعض هؤلاء المجرمين مسدسه الناري ! وأشْهَرَه في وجهها، وهي تبكي ودموعها جامدة على خدَّها !

فكيف لو شاهدتَها وقد أطلق عليها ذلك المجرم خمسَ رصاصاتٍ متتابعات في صدرها ونحْرها ورأسها !؟

بالله كيف لو أبصرتَها وقد سقطتْ هامدة تفور أودية الدماء من جسمها الضعيف ! وليس هناك أحدٌ يُوقِف عنها ذلك النزيف

فكيف لو رأيتَها وقد جعل قاتلها يَطَأُ جسدها النازف بقدميه الغليظتين ! وهي تصارع الموت حتى لفظتْ حرارة أنفاسها الأخيرة ! دون أن يكون معها من يبكي عليها من أهلها في تلك الأوقات المريرة ؟!
وما نقموا منها : إلا أنها آمنت بالله ورسوله ثم اسْتَمْسكتْ بعُرَى الإيمان ! وصَدَعتْ بما عَلِمَتْه من الحق في وجوه أهل الطغيان !

وجاهدتْ في الله حق جهاده حتى أتاها من ربها اليقين ، و غابت عن أرض الكفاح إلا أن صورة جهادها لا تزال جاثمة في صدور المؤمنين.

رحلتْ بنانُ تاركةً دنيا العذاب بجميع مَنْ فيها ، وغربت أحزانُ قلبها في تلك الحياة كما غربتْ شموسُ أيامها وبدورُ لياليها .

ولقاؤنا بها – إن شاء الله – في جناتٍ ونَهَر ، في مقعد صِدْقٍ عند مليكٍ مُقتَدِر .

اسمها ونشأتها



هي المناضلة الكبيرة ، والمجاهدة الشريفة ، والداعية العظيمة : أم أيمن بَنَان بنت الشيخ الداعية الكبير : علي الطنطاوي . المولودة عام: (1943م - 1360هـ ).

وأبوها: هو العلامة الأديب المشهور، الذي طاف الأرض في سبيل الدعوة ، وذاع ذكره وشاع ، حتى ملأ البقاع والأسماع ، وطارتْ مقالاته في الصحف السيَّارة ، وجَّرَتْ كتبه مجرى الليل والنهار ، هذا مع الشجاعة والبسالة ، والنضال ومواصلة الأعمال . حتى قضى نحبه راضيًا عن ربه محتسبًا .

نشأت الفتاة في بيت أبيها حيث العلم والأدب والحكمة والتربية الحسنة، فرضَعتْ أخلاق الإسلام ، ونهلتْ من معارف الشريعة ، ورفَلَتْ في حُلَل الوقار والكمال، وتربَّتْ على جميل القِيَم وشريف الخصال.

وكان أبوها لم يُرْزق بولد ذَكَر ! بل كان رزَقه الله خمسًا من الإناث ، وكانت بَنَان هي أحبهنَّ إلى قلبه ، فكان يفرح لفرحها، وربما يغضب لغضبها !
ما كان يستطيع أن يراها حزينة تبكي ! حتى يداعبها ويُسرِّي عنها الكآبة والحزن .
فكانت دقَّات قلبها تدقُّ على قلب أبيها ! وزفرات أنفاسها تستمد نشاطها ما شاء الله من حنان والدها ومُرَبِّيها.

وتمرُّ الأيام ، وتكرُّ الأعوام إلى أنْ كبرتْ الفتاة وصارتْ في أوْجِ الشباب والنُضْرة .
وهنا يقوم أبوها بتزويجها من تلميذه الشيخ المجاهد الصابر الشاكر عصام العطار، ذلك الشاب الصالح التي كانت تربطه به علاقة قوية.

تابع البقية ...

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-30-2009, 11:51 AM
(أم عبد الرحمن) (أم عبد الرحمن) غير متواجد حالياً
نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل
 




افتراضي

متابعين وجزاكم الله خيرا
التوقيع

[C

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-30-2009, 03:21 PM
النوراني النوراني غير متواجد حالياً
عضو جديد
 




افتراضي

جهادها وصبرها على البلاء

كان زوجها عصام العطار هو المراقب العام الثاني لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، وقد ضيّق عليه النظام السوري في أعقاب استيلاء حكومة البعث على السلطة: 8/3/63مـ
فكان عصام مرصودًا دائمًا من قِبَل النِّظَام السوري واللبناني في حركاته وسكناته، وكم كانوا يَطْرُقون بيته في ظلمات الليالي، ويسوقونه إلى غياهب السجون والمعتقلات !

وكانت كل هاتيك الأحداث الجسام تدور على مَرْأىً من زوجته بنان ومسمع! فكانت تتجرَّع مع زوجها ويْلات الأيام والاضطهاد، وتكتوي بنار اللوعة التي تَفْرِي الأكباد ! وكم كانت تعيش في خوف وقلقل في كل ساعة ؟ وهي ثابتة الجأْش مقيمة على الابتهال والطاعة ، فلم تكن كغيرها من النسوة اللاتي يصرخن ويَنْدبْن ويَلْطمنَ إذا مسهنَّ السوء والبأساء ؟
كلا ! بل كانت تضرب بجميل صبرها الأمثال ، وتتجشَّم الخوض فيما يحجم عنه كثير من الرجال ! لم تُضْعِف من عزيمة زوجها ، ولا تنكَّبتْ عن مؤازرته في محنته العصيبة البائسة ! فكانت تضمد جروحه ، وتُخَفِّف آلامه ، وتُداوي بروعة كلامها أسقامَه، وتسعى جاهدة للنهوض به إلى ما يُرضي الله والرسول في كل لحظة !

يقول د/ أحمد البراء بن عمر الأميري في مقال له بعنوان : « المرأة التي أبكتْ الرجال» : ( في سجل ذكرياتي مواقف عديدة كان للمرأة دور البطولة فيها، وبعض هذه المواقف لا يزال حاضراً في ذهني حتى كأنه واقع اللحظة.
منها: موقف عايشته شخصياً مع الأخت بنان بنت علي الطنطاوي -رحمها الله- بعد ما اعتقل زوجها، موقفٌ جعلني أفهم معنى المقولة الشهيرة: « وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة!»
ففي عام 1964م، كنتُ طالباً في جامعة دمشق أَدْرُسُ في كُلّيتيْ الشريعة والآداب «قسم اللغة الإنجليزية» ، فذهبت لزيارة والدي الشاعر الكبير الراحل عمر بهاء الدين الأميري في بيروت التي كان يمضي فيها بعض الوقت، كان بيت الأستاذ عصام العطار –المراقب العام للإخوان المسلمين آنذاك– قريباً من البيت الذي استأجره أبي، وكانا يلتقيان دائماً.
كان جمال عبد الناصر حاكماً لمصر آنذاك، وكانت سلطتُه وشعبيّتهُ في لبنان كبيرتين، وعِداؤه للإخوان المسلمين، وسَجْنُه لهم، وتعذيبُهم، وقتلُهم، وإعدام قياداتهم معروف. وكان للسفارة المصرية، واستخباراتها صولةٌ وجولة في لبنان، فتمَّ اعتقال والدي أمام عينيَّ، واعتقالُ الأستاذ عصام العطار في نفس الوقت.
مكثتُ في بيروت أيامًا، كان خلالها والدي والأستاذ العطار في السّجن، وكنتُ في صحبة زوجته السيدة بنان الطنطاوي وهي من مواليد عام 1941م وكان عمرها -آنذاك- ثلاثاً وعشرين سنة، كنتُ معها طوال الوقت؛ لأنّ لنا مصلحةً واحدة؛ أذهب معها لمقابلة المحامين، وبعض الشخصيات من أجل الإفراج عن المعتقليْن.

في خلال هذه الأيام رأيتُ من قوة شخصيّة السيدة بنان، ولباقتها، وحُسْن تصرُّفها، وحكمةِ حديثها، ما يدعو إلى الإعجاب.
استطعنا أخذَ موعدٍ لزيارة والدي وزوجِها في السّجن لبضع دقائق.
لم يزل المشهد ماثلاً أمام عينيّ: كنتُ أقف على يسار الأخت بنان أمام والدي، وهي أمام زوجها، وكلاهما خلف شبك الحديد داخل السجن، كان والدي يُطمئنُني ويعطيني بعض النصائح، فسمعَ وسمعتُ الأخت بنان تقول لزوجها: « يا عصام، أنا والأولاد بخير وسلامة، فلا تقلقْ علينا، كنْ قوياً كما عرفتُكَ دائماً، ولا تُرِ هؤلاء الأنذالَ من نفسك إلا القوة والصلابة واستعلاءَ الحق على الباطل.»
فبكى أبي عندما سمع هذه الكلمات من شابةٍ في مقتبل العمر، كان قلقُ زوجها عليها وعلى أسرته، أكبر من قلقها عليه وهو في السّجن! )

ثم قال د/ الأميري : ( وبعد خروجنا من السجن وركوب السيارة أجهشَتْ بنانُ بالبكاء ! وعلمتُ أنّها إنّما كانت تتجلّد وتتصبّر؛ لِتُري زوجها من نفسها خيرًا، ولتربط على قلبه في موقف هو أشدّ ما يكون حاجة إلى من يربط على قلبه لا من يمزّقه ...).

قلت: فانظر إلى هذا المثال النادر من النساء في زمن الغربة الثانية !

أيُّ قلب كان يسكن صدر تلك المرأة الشريفة ؟ وأيُّ صبرٍ وجلَدٍ وعزيمة جعلها تنتصر على شديد أحزانها ، وتكتم عزيز دموعها حتى عن زوجها !

وكم كانت تُكاتب زوجها وهو في سجنه ومنْفاه، وتحثُّه على الثبات على الحق، وعدم الخضوع لرغبات أهل الفساد، وتُذكِّره بما أعدَّه الله للصابرين والشاكرين، وتُطْمئنه على أهله وولده ؟

وكانت قد أرسلت إليه مرة رسالة تقول له فيها:
« لا تحزن ولا تفكِّر فيَّ، ولا في أهلك، ولا في مالك، ولا في ولدك، ولكن فكِّر في دينك وواجبك ودعوتك؛ فإننا –والله- لا نطلب منك شيئًا يخصُّنا، وإنما نطلبك في الموقف السليم الكريم الذي يبيِّض وجهك، ويرضي ربك الكريم، يوم تقف بين يديْه حيثما كنت، وأينما كنت، أما نحن فالله معنا، ويكتب لنا الخير، وهو أعلم وأدرى سبحانه وأحكم.».

وأرسلتْ إليه مرة أخرى رسالة تقول فيها: ( نحن لا نحتاج منك لأي شيء خاص بنا، ولا نطالبك إلا بالموقف السليم الكريم الذي يرضي الله عز وجل، وبمتابعة جهادك الخالص في سبيل الله، حيثما كنتَ وعلى أي حال كنت، واللهمعك «يا عصام» وما يكتبه الله لنا هو الخير ).

ولمـَّا قرَّرتْ الحكومة السورية طرد زوجها من البلاد ، سافر إلى بروكسل ، وهناك أصيب عصام بالشلل ! فكان يعاني من مرارة الغربة مع عذاب المرض !
فكانت زوجته بنان ترسل إليه الرسائل تُبشِّره فيها بجزاء الصابرين ، وتُواسيه على ما هو فيه من البلاء المبين .
فكانت تقول له : ( لا تحزن يا عصام.. إنك إنْ عجزتَ عن السير سرتَ بأقدامنا.. وإن عجزتَ عن الكتابة كتبتَ بأيدينا.. تابع طريقك الإسلامي المستقل المميز الذي شكَّلتَه وآمنتَ به، فنحن معك على الدوام، نأكل معك ـ وإن اضطررنا ـ الخبزَ اليابس، وننام معك تحت خيمة من الخيام ! ).

تابع البقية ....
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لا, أحد؟!, التي, الإسلام, الطنطاوي؟, بَنَان, يعرفها, قتيلةُ


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 12:36 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.