انا لله وانا اليه راجعون... نسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة لوالد ووالدة المشرف العام ( أبو سيف ) لوفاتهما رحمهما الله ... نسأل الله تعالى أن يتغمدهما بواسع رحمته . اللهم آمـــين

العودة   منتديات الحور العين > .:: المنتديات العامة ::. > التاريخ والسير والتراجم

التاريخ والسير والتراجم السيرة النبوية ، والتاريخ والحضارات ، وسير الأعلام وتراجمهم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-30-2013, 05:27 PM
نور الماجد نور الماجد غير متواجد حالياً
عضو فعال
 




افتراضي ( سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ) ( 10 ) : الشيخ زيد البحري

 

سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ( 10 )
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

أما بعد ، فيا عباد الله :
مازال الحديث يتدفق عن سيرة ذلكم الرجل العظيم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام
وكان الحديث قد توقف بنا في الجمعة السالفة من أن خالد بن سفيان الهذلي جمع للنبي صلى الله عليه وسلم جمعا غفيرة في عرفات ، فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم " عبد الله بن أنيس الجهني " وقال : ائت له فاقتله .
فقال : صفه لي يا رسول الله
فقال النبي صلى الله عليه وسلم فإنك إذا رأيته شعرت بقشعريرة في جسدك
فانطلق عبد الله فأتى إليه وهو في بطن " عرنة "
فلما رآه كان عبد الله يقول : " لا أشعر بقشعريرة في بدني لو رأيت أي شيء أراه "
فيقول : فلما رأيته أصابتني تلك القشعريرة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم .
فأتيته فقلت : لعلك تجمع لهذا الرجل فإني مشارك لك "
فيقول : " فلما تمكنت منه قتلته ، فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورآني "
وقبل أن يتحدث عبد الله قال عليه الصلاة والسلام : (( أفلح هذا الوجه ))
ثم دخل عليه الصلاة والسلام إلى بيته ، وأتى بعصا ، وأعطاه إياها فقال : (( هذه بيني وبينك ))
فخرج بها عبد الله ، فلما رآها الصحابة الكرام رضي الله عنهم قالوا : " ما هذه العصا يا عبد الله ؟"
فقال : أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقالوا له : ارجع فاسأله : لم أعطاك هذه العصا ؟
فلما رجع فقال : (( هذه علامة بيني وبينك يوم القيامة ))
فكان عبد الله يجعلها في سيفه متى ما انتقل أو حارب ، حتى إنه أمر بان تُجعل معه في كفنه .
أخرج هذه الرواية الإمام أحمد وأبو داود ، وقد حسنها الحافظ بن حجر رحمه الله .
الشاهد من هذا :
أن هذيلا لما وقع ما وقع لخالد بن سفيان أرادت أن تثأر له ، فحصل ما يُسٍمى بـ " سرية الرجيع " :
سرية الرجيع :
هي سرية أتت قبيلتان من مضر، وذلك بإيعاز من هذيل نظير جُعل جعلته هذيل لهاتين القبيلتين ، من أجل أن تأتي هاتان القبيلتان إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتحرضه من أجل أن يبعث بعثا في بني هذيل من أجل أن يعلموهم الإسلام .
فأتت هاتان القبيلتان ، وعرضت للنبي صلى الله عليه وسلم هذا العرض ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغلها من فرصة ، فبعث عشرة من صحابته ، وأمَّر عليه : " عاصم بن ثابت " فانطلقوا .
حتى إذا كانوا بين " عسفان ومكة " مكان بين المدينة ومكة هجمت عليهم هذيل، وطوقوهم ، وحاصروهم ، وأعطوهم الأمان على أن ينزلوا ، وألا يصابوا بأذى .
فأبى عاصم رضي الله عنه أن ينزل على ذمة كافر ، فقاوم رضي الله عنه حتى قُتل في سبعة من أصحابه .
فبقي ثلاثة فأعطتهم هذيل الأمان مرة أخرى ، فنزل هؤلاء الثلاثة ، لكن سرعان ما غدروا بهم لما نزلوا .
فقاومهم عبد الله بن طارق فقتلوه .
فاقتادوا الاثنين وهما : خبيب ، وزيد بن الدِّثنة
فاقتادوا هذين الاثنين إلى مكة وباعوهما :
فـ " خبيب " رضي الله عنه اشترته بنو الحارث فقتلته نظير ما صنعه خبيب في غزوة بدر لما قتل الحارث .
وأما " زيد بن الدِّثنة "فقد اشتراه " صفوان بن أمية " من أجل أن يثأر لأبيه الذي قُتل بـ " بدر " .
وسميت هذه الغزوة بـ " الرجيع " لوقوعها في هذا المكان ، وهو مكان كان فيه ماء
قال بعض المفسرين – وهناك قول آخر – قال بعض المفسرين : " إن قوله تعالى :{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ }
قال بعضهم إنها نزلت في هؤلاء الصحابة الأخيار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
بعد ذلك أتت غزوة " بئر معونة " :
ففي الشهر ذاته ، وكانت هذه الغزوة ، وهي غزوة الرجيع وقعت في شهر " صفر " في السنة الرابعة من الهجرة .
ففي نفس الشهر أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بعثا من أصحابه إلى بئر معونة للدعوة :
وذلك أن أبا براء وهو " عامر بن مالك " ويلقونه بـ " ملاعب الأسنة " أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فعرض عليه عليه الصلاة والسلام الإسلام لكنه لم يسلم ، لكن كان فيه قرب من الإسلام :
فقال أبو براء هذا : لو أرسلت بعثا إلى قبائل " نجد " من أجل أن يدعوهم إلى الإسلام ، لكان حسنا ، ولكانوا في ذمتي ، وفي جواري.
فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم -كما جاء عند البخاري – أرسل سبعين من القرَّاء ، وكان هؤلاء القراء كما أتت الروايات كانوا يحتطبون بالنهار ، ويبيعون هذا الحطب ، ويتصدقون به على أهل الصفة ، وكانوا يصلون بالليل ، ويتذاكرون القرآن فيما بينهم بالليل .
فأمر عليهم عليه الصلاة والسلام " المنذر بن عمرو الخزرجي " فلما وصلوا إلى البئر أرسلوا " حرام بن ملحان " بكتاب إلى " ابن الطفيل " وهو من بني عامر .
لكن لما أتى إليه هذا الكتاب غدر بهؤلاء القراء ، ليس الغادر هو أبو براء لا
لكن الغادر هو " ابن الطُفَيْل "
فأتى إليه " حرام بن ملحان " بهذا الكتاب ، لكنه دبَّر لقتله ، فأمر رجلا أن يضربه من خلف ظهره .
فلما ضربه صاح " حرام " فقال : " الله أكبر ، فزتُ ، ورب الكعبة "
ثم استنفر ابن الطفيل قومه بني عامر لقتال هؤلاء القراء ، لكنهم امتنعوا من أجل الجوار الذي عقده أبو براء مع النبي صلى الله عليه وسلم .
فاستنفر ابن الطفيل بني سليم فأجابته " عصية ، ورعل ، وذكوان " فأتوا إلى هؤلاء القراء فأجهزوا عليهم .
لكن هناك رجل من هؤلاء القراء ، هو " عمرو بن أمية الضمري " قد تأخر ، فلما تأخر جاءه نبأ أصحابه فرجع فارا إلى المدينة ، وفي طريقه إذا به يلتقي باثنين من بني " كلاب " فقتلهما لظنه أنه سيصيب ثأرا لأصحابه القراء .
لكنه لم يعلم أن هذين الرجلين كانا معهما عهد من النبي صلى الله عليه وسلم
فرجع عمرو بن أمية بالخبر الحزين إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
لكن ما الذي فعله عليه الصلاة والسلام ؟
أراد أن يودي هذين الرجلين ، وأن يدفع دياتهما ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أعطاهما الأمان
فانتهى الأمر على ما هو عليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
بعد غزوة أحد ظهرت طائفة أخرى من المنافقين
فإن في غزوة بدر لما انتصر المسلمون ظهرت طائفة بني قينقاع من اليهود ، وجرى ما جرى وتحدثت عنها .
ثم لما انتهت غزوة أحد ظهر غضب طائفة أخرى من اليهود " وهم بنو النضير "
وكان عداؤهم قد ظهر إلى حد ما بعد غزوة بدر إن كنتم تذكرون : فإنهم أووا أبا سفيان في غزوة " السويق " من أجل أن يحدث حدثا في المدينة ، وقد تُحدث عن غزوة " السويق "
ثم إنهم لم يقتصروا على ذلك فإنهم بمؤامرة ومظاهرة بعد بدر مع المشركين تأمروا معه على قتل النبي صلى الله عليه وسلم لكنهم لم يظفروا بذلك .
ولم يكتفوا بذلك : بل إن كعب بن الأشرف وهو من رؤسائهم ذهب بعد بدر يؤلب قريشا على النبي صلى الله عليه وسلم .
بل إنه كان شاعرا ويتشبب بشعره نساء المسلمين ، فجرى له ما جرى كما سبق .
الشاهد من ذلك :
أن المصالحة والمعاهدة التي عُقدت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود أيام قدومه إلى المدينة ، كان من بين هذه المصالحة أن يشاركوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يكون عليه من التكاليف المادية.
فأتى إليهم من أجل أن يستعين بهم في دية هذين الرجلين ، فكمَّنوا له كمينا
فإنه عليه الصلاة والسلام جعلوه يستند إلى جدار ، وتآمروا مع بعضهم أن يقذفوه بصخرة من أعلى الجدار حتى يُجهزوا عليه ، لكن الوحي أتاه وأخبره فانطلق عليه الصلاة والسلام إلى المدينة وجمع من جمع ممن أصحابه حتى أتى إليهم وحاصرهم حتى أجلاهم :
أجلى الطائفة الكبرى إلى الشام ، وذهبت طائفة أخرى إلى خيبر
فأنزل الله عز وجل سورة تتحدث عن غزوة بني النضير، وهي " سورة الحشر "
وذلك لأن ما صنعته يهود بني النضير إنما هو رجاء أن تمنعهم حصونهم الحصينة ، قال عز وجل : ((هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ( يعني الشام ) مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم )) ــــــــ كيف ؟
فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أجلاهم قال : (( احملوا معكم ما تريدون إلا السلاح ))
فكان بعضهم يأتي إلى بيته ، وينقض جداره من أجل أن يأخذ خشبه ، ومن أجل أن يأخذ أبوابه ، فقال عز وجل : ((يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ{2} وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاء لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ{3} ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ))
وفي أثناء الحصار قام بعض الصحابة بحرق بعض نخيلهم من أجل أن يدخلوا الرعب في نفوسهم ، فقال عز وجل :((مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ ( يعني من شجرة كريمة ) أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا ))
لأن اليهود عيرتهم ، قالوا : أنتم مفسدون في الأرض : كيف تحرقون الأشجار ؟
فأنزل الله عز وجل هذه الآية تطمئن الصحابة ، وتسليهم على ما صنعوا :
((مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ ))
الغنائم صارت فيئا للنبي صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله سنة كاملة ، وما بقي يجعله عدة في سبيل الله ، فقال عز وجل :((وَمَا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{6} مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ))إلى آخر الآية
ثم قام عليه الصلاة والسلام بتقسيم الأراضي على المهاجرين لفقرهم ، ولم يعطِ من الأنصار أحدا إلا اثنين لفقرهما أعطاهما من هذه الأراضي .
فماذا قال عز وجل بعد هذا الحديث عن الفيء ؟
قال :((لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ))
ما موقف الأنصار ؟
هل وجدوا في نفوسهم شيئا ؟
أبدا ، لما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين ما أعطاهم لم يقع في نفوسهم أي حرج من هذا الفعل .
ولذا أثنى الله عز وجل في سورة الحشر : ((وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ))
قبل أن تحدث غزوة " بني النضير " وقف المنافقون موقفا كعادتهم في غزوة أحد ، وفي غزوة بدر.
في هذه الغزوة أتت طائفة من المنافقين ليهود بني النضير وهم في حصونهم على أن يبقوا ، وألا ينزلوا على حكم النبي صلى الله عليه وسلم ، وسيكونون لهم أعوانا.
لكن ماذا قال عز وجل عنهم ؟
((أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ{11} لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ ))
إلى آخر ما ذكر عز وجل في هذه الغزوة ، إلى درجة أن الله عز وجل وصف حال يهود بني النضير كحال قريش :
((كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ – في سورة الحشر - كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))
ثم وصف عز وجل حال المنافقين في ادعائهم بنصرة اليهود وهم يهود بني النضير وصف حالهم كحال الشيطان مع الإنسان :
قال عز وجل : ((كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ))
وهذا هو حال المنافقين مع يهود بني النضير فإنهم لم يناصروهم
فانتهت هذه الغزوة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
بعد ذلك حصلت غزوة بدر المسماة بغزوة " بدر الموعد "
هناك غزوة بدر الكبرى ، وقد مرت معنا
فإنه في غزوة أحد كما أسلفت في الجمعة الماضية لما انتهت وغادر أبو سفيان أرض المعركة وعد النبي صلى الله عليه وسلم من العام القادم أن يأتي مرة أخرى في بدر ، فوافقه النبي صلى الله عليه وسلم.
فماذا صنع عليه الصلاة والسلام ؟
كوَّن جيشا من أصحابه في ألف وخمسمائة مقاتل ، بينهم عشرة خيالة واتوا إلى بدر في انتظار أبي سفيان في موعده ، وهي تسمى بغزوة " بدر الموعد "
وقد جمع أبو سفيان ألفين من المقاتلين ، معه خمسون فارسا ، فلما وصل أبو سفيان مرّ الظهران ، وهو مكان يبعد عن مكة بأربعين ميلا عاد ، وأمر الجيش أن يعود بحجة أن هذا العام عام قحط .
فكان رجوعه أحدث صدى في القبائل بضعف قريش وباستعادة هيبة الصحابة رضي الله عنهم بعد غزوة أحد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
ثم بعد ذلك تتابعت السرايا التي يرسلها عليه الصلاة والسلام :
ومن بينها :
غزوة " دومة الجندل " :
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أُخبر بأن هناك من يجمع جموعا لقطع الطرق على الناس ، ومن أجل أن يأتوا إلى المدينة ليستغلوا المدينة ، فأرس النبي صلى الله عليه وسلم ألفا بل كان معهم عليه الصلاة والسلام ، وقبل وصولهما إلى دومة الجندل هرب من هرب فغنم النبي صلى الله عليه وسلم أموالهم .
فلما بلغ الخبرُ دومة الجندل تهاربوا فأتى النبي عليه الصلاة والسلام إلى هذا الموقع ، ولم يجد أحدا .
وفي هذا الموقع أقام أياما عليه الصلاة والسلام ، وبعث السرايا إلى مختلف الأنحاء ، وكانت السرايا لا تأتي إلا بالإبل فقط إلا سرية محمد بن مسلمة رضي الله عنه أتت برجل قد أسرته ، فدُعي للإسلام فأسلم فدخل في الإسلام .
ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة .
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه إن ربي كان توابا رحيما .

الخطبة الثانية
أما بعد ، فيا عباد الله :
بعد ذلك حصلت غزوة " المريسيع " أو ما تُسنى بغزوة " بني المصطلق " :
وذلك أن بني المصطلق أعانوا قريشا في غزوة أحد ، وكان رئيسهم ، وهو " الحارث " يجمع الجموع من أجل أن يأتي إلى المدينة ،ويقضي على النبي صلى الله عليه وسلم
فماذا صنع عليه الصلاة والسلام ؟
خرج من المدينة في " سبعمائة مقاتل " ومعه " ثلاثون فارسا "
وكانت الدعوة قد بلغت بني المصطلق ، فأتى إليهم النبي عليه الصلاة والسلام ، وهو على مياههم ، ولم يلق كيدا ، ولا مقاومة عليه الصلاة والسلام ، ثم عاد إلى المدينة في هلال رمضان بعد أن غاب عنها " ثمانية وعشرين يوما "
ما الذي جرى في هذه الغزوة؟
وهي غزوة المريسيع وقعت في شهر شعبان من السنة الخامسة من الهجرة
ما الذي جرى فيها ؟
ظهر عداء المنافقين ظهورا بيِّنا ، ولذا أنزل الله عز وجل سورة كاملة تسمى بسورة " المنافقون ".
فإنه لما ظفر النبي صلى الله عليه وسلم ببني المصطلق استشاط المنافقون غيظا إلى درجة أنهم أرادوا أن يحدثوا العصبية القبلية الجاهلية بين الأنصار، لكن الله عز وجل ردَّ كيدهم في نحورهم .
بل إن عبد الله بن أُبي بن سلول وهو رأس المنافقين أمر بأن تُمنع العطايا للنبي صلى الله عليه وسلم حتى يعرقل أمر الدعوة من أجل أن ينفضَّ من حوله ، بل إنه توعَّد النبي صلى الله عليه وسلم إذا رجع إلى المدينة أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم مدعيا أنه هو العزيز وأن النبي صلى الله عله وسلم هو الذليل فأنزل الله عز وجل هذه السورة .
فلما تحدث عبد الله بهذا الحدث سمعه زيد بن أرقم وكان شابا ، فأتى إلى عمه سعد بن عبادة أو إلى عمر على حسب اختلاف الروايات ، فنقل أحدهما الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينزل شيء في أمر المنافقين إلى أن نزلت هذه السورة .
فالنبي صلى الله عليه وسلم دعاه ومن معه فحلفوا بالله أنهم لم يقولوا شيئا
حلفوا بالله أنهم لم يقولوا شيئا ، فأنزل الله عز وجل هذه السورة تفضح أمرهم
أُمروا أن يأتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يستغفر لهم فأبوا .
لكن عبد الله وهو ابن لعبد الله بن أبي بن سلول استأذن من النبي عليه الصلاة والسلام أن يقتل أباه نظير ما صنع ونظير ما قال ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يبرَّ به ، لكنه وقف موقفا حازما ،قال :" والله لا تدخل المدينة حتى يأذن لي النبي عليه الصلاة والسلام لك في الدخول ، فتدخل المدينة وأنت الذليل ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو العزيز"
حتى انحطَّ قدر عبد الله بن أبي بن سلول عند قومه فأنزل الله عز وجل سورة " المنافقون "
{إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ }
إلى أن قال {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ }
إلى أن قال : ((هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ{7} يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ))
والعجب ، والأعظم ، والأدهى ، والأفظع ، والأشد ، والأنكر فيما صنعه المنافقون أنهم أحدثوا حدثا فظيعا في هذه الغزوة ، هذا الحدث لا يتسع المقام لذكره في هذه الجمعة ، لعل الجمعة القادمة تكون محل حديثها عن هذا الحدث الفظيع الذي أحدثه المنافقون في هذه الغزوة.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 

منتديات الحور العين

↑ Grab this Headline Animator

الساعة الآن 11:26 PM.

 


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
.:: جميع الحقوق محفوظة لـ منتدى الحور العين ::.